عِرفان
37.5K subscribers
129 photos
68 videos
27 files
224 links
سَفرٌ في معارج الروح، واستنباتٌ للرحمة في صحراء الوجود..
الكتاب والسُّنَّة نوران عاصمان من التيه والحيرة
Download Telegram
لا تكف عن الطمع في ربنا سبحانه وبحمده؛ فإنه لا أكرم منه ولا أرحم منه ولا أحبَّ للإحسان منه.

ولا يكن طمعك دنيويا فحسب، بل اطمع في بعث قلبك وارتقاء همتك، وارتفاع أخلاقك عن الدنايا، وكفايتك به سبحانه استغناءً وحُبًّا!

سبحان من هو رب كل شيء! وعنده خزائن كل شيء، وهو القادر على كل شيء، وهو يحب أن تدعوه، فكيف لا نطمع فيه؟!

سبحانك اللهم سبحانك! لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك.
وِرْدُك وإن قلَّ، وركعتا الاستخارة، وأذكار ‍الصباح والمساء=عِمادُ يومِك وعصَبُ حياتِك الذي يصلك بنفحات الجنة وأنوار العناية.
الصخور الملساء لا تُنبت عُشبًا، والقلوبُ القاحلة من القرآن مفلسةٌ من السكينة والرحمة.

واليوم الذي لم ينبت على أطرافه أذكار ‍الصباح والمساء=مختنق لا تورق فيه بركة..

ما أيسرَ الوصولَ إلى ربنا، ولكن..ما أكثرَ المنقطعين عنه، وهو منهم قريب سبحانه وبحمده!
جلسة أذكار ‍الصباح والمساء؛ جِلسة المسكين الفقير المتعرض لمن بيده ملكوت كل شي، يرجو رحمته وكرمه وبره وعافيته وإحسانه ومغفرته وحفظه ومعيته..ومن تعرَّض للكريم الجميل ربِح.
للأنثى ضعفها الذي يمدها بجمالٍ آسر يجعل منها مهاد السكينة والروح والحياة، إذا نعمت بأنوثتها التي فطرت عليها، وأوت إلى من يفقه هذه الأبجدية الأنثوية، فلا يجعل منها نقشًا مُعقَّدًا في معبد الشقاء، وينحتها نحتًا بسلوكه المسماري الصلد!

وما مُسِخَت الحياة بمثل غياب نبل الرجل ومروءته، فتكون
مساحة الحياة في عين المرأة هي هي مساحة التابوت يحيط جسد الميت، وإن طَعِمَتْ وشَرِبَتْ وكان منها الولد!

نحتاج إلى تلك النفوس الكبيرة التي تحتوي هذا الضعف، وترتفع عن الأخطاء العابرة، وتغضي عن نزق المسكينة التي تحب أن تتنفس ولو ببعض التحامق؛ لتعلم أين هي من هذا الذي وُضِعَتْ في ظله! فلم لا يكون مرتفعا بخلقه حتى يصل إلى حسن ظنها فيه يوم قبلت به شريكا في هذه الحياة؟!

كم يفرحني قول سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما بفقهه ونافذ بصيرته: ما أحب أن استنظف(يعني أستوعب) جميع حقي عليها؛ لأن الله تعالى ذكره يقول:" وللرجال عليهن درجة".

ولقد أعلم أن هنالك من يكره من هي في كنفه، ويغضي
عن ذلك، متعاملا بالفضل والإحسان على خير ما يطيق، رفعةً بنفسه، وارتفاعا إلى حسن ظن الذي أسلمه ابنته فيه.

وددت أن أعلم: ما الجمال في أن يكون المرء دنيئا خسيس الخلق، يتعشق الغدر، ويتلذذ بالأذى كأنه نعت أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله؟!

وهنالك قباحة ذاك الذي يتوكأ على ضعف الأنثى جاءت تشكو إليه، أو تطلب منه النصح، فيضحك عليها بخيالاته، ويستنزف دمعها في كأسه الدنسةِ خمرًا تروي روحه الآسنة، لا يبالي بها، ولا بآلامها، حتى صار كالدهشة أن تجد نبيلا شريف النفس سامي المعدن!
أقصر الطرق إلى حاجتك: أن تشكو إلى الله تعالى حالك وما بك، متعرضا لكرمه وعفوه وإحسانه..اشكُ كل ما يكون بك، واعرض حالك عليه، وقل: بي كذا وكذا، وأرجو كذا وكذا..

ولا يغِبْ عنك مشهد نداءات زكريا وأيوب ويونس وهمهمات الحزن اليعقوبية وهواجس الخوف الموسوية!

وما أجمل أن تصحب هذا كله بالثناء عليه و‍الاستغفار من ذنبك ومعاينة الفقر التام له سبحانه، مع اليقين التام في قدرته على كل شيء، ومحبته سماع الشكوى منك، وأن أمرك كله عليه هينٌ سبحانه وبحمده.
استمتع بمشاهدة فقرك إلى ربك ، وذوق حلاوة انكسارك وقربك!
ربِّ إني على الدوام أُرَجِّي
رحمةً منك! ما لها من نفادِ!

فاعفُ عني ولا تخيب رجائي
واهدني للفلاح يا خيرَ هادِ
الرحمن : هو الذي لا تدفعه الجناية إلى قطع العناية.
سبحانه وبحمده


الشيخ البحياوي حفظه الله
ما رأيت زاهدًا في معرفة نفسه مثل عربيٍّ زهد في معرفة لسانه!


النحو عصب العربية، وملاذ أسرار العباقرة ومخبأ سحرة البيان الذي به يخفضون ويرفعون من شاءوا بمجرد الحذف أو التصريح أو التقديم أو التأخير!
فلا أدري لم يعكف من يعكف الساعات والليالي والسنين يحسن كل شيء-ظنَّ- إلا عربيته ولسانه!

كيف يضل الإنسان عن عبقرية الجمال ويصدِفُ عن تذوق الحياة المتوهجة في الحروف، ويكسل عن خوض مغامرة اكتشاف العلائق بين الكلمات؟!

ما رأيت زاهدًا في معرفة نفسه مثل عربيٍّ زهد في معرفة لسانه!

لقد كان أسرار البلاغة لعبد القاهر انتصارًا للإنسان، وحراسةً لأصل الحياة فيه: البيان!
قال أبو بكر بن عياش : لقي أبو حنيفة من الناس عَنَتاً لقلة مخالطته ، فكانوا يرونه من زهوٍ فيه ، وإنما كان غريزة .
كان الإمام بكر بن عبد الله المزني رحمه الله يدعو بهذا الدعاء لا يدعه
: «اللهم افتح لنا من خزائن رحمتك رحمة لا تعذبنا بعدها أبدا في الدنيا والآخرة، ومن فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا لا تفقرنا بعده إلى أحد سواك أبدا تزيدنا لك بهما شكرا وإليك فاقةً وفقرا وبك عمن سواك غنى وتعففا»
" اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك نصيبًا في كل خيرٍ تقسمه الغداة ، ونورًا تهدي به ، ورحمةً تنشرها، ورزقًا تبسطه، وضُرًّا تكشفه، وبلاءً ترفعه، وفتنة تصرفها " .

من مأثور أدعية التقي المخبت سيدنا أبي عبدالرحمن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، يقوله في الصباح.
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"..قال صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يقول في ‍صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء"
/
يجري هذا الذكر على لسان العبد الفقير وهو يشهد قيومية الرب وقهره وعزه وسلطانه على خلقه، وتدبيره لهذا العالم كله، وعلمه المحيط به= وأنَّ كل شيء تحت سلطانه وقهره وفي قبضته= وأنه القدوس السلام الذي لا يضر مع اسمه شيء قط في الأرض بكل ما فيها من جن وإنس وجماد وحيوان وما نرى وما لا نرى=ولا في السماء بكل ما يكون فيها، ومن الأقضية والأقدار التي تتنزل منها=موقنًا بسمع الله تبارك اسمه، وإحاطة علمه بخلقه جميعا.

فانظر بعض ثمار هذا الذكر المبارك، وانظر نفعَه في حياطة العبد وحفظِه من البلاء كلِّه صغيره وكبيره، مع يُسر لفظه وسهولة القيام به، واحمد الله تعالى على هذه الشريعة المباركة السمحة، وصلِّ على معلِّم الناس الخيرَ، الذي ما كسِل ولا توانى عن إبلاغنا كلَّ خير، وتحذيرنا من كل شر، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
متى تلبس القلب بالمعاصي، وانغمس في الشهوات=كان سريعًا إلى تلقي ال‍شبهة والإصغاء إليها والقبول بها!
فليست تعبر ال‍شبهة سور الصدر فتستقر في الفؤاد لقوتها، بل لضعفه!
وفي ‍التوبة مشهد الفرح الرباني الذي لو أيقن به قلب الشارد لنفض عنه غبار غفلته؛ ليكتب اسمه في ديوان من يفرح بهم رب العالمين!
وهذا مشهد تنكسر عنده الحروف وتبلى الكلمات!
فما أشد حرمانَ من انقطع عن هذا النور، فتثاقل متهاونًا، وجلس على رصيف الوحشة مظلم القلب! "ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون"!
وقد أبصر العارف هذا الجمال، فلم يزل قلبه يلهج مستغفرًا تائبًا، كأنما يجعل قلبه مترددًا على النهل من هذا الكوثر المضيء! أن أكون أنا! نسل الطين وحفنة التراب=أحدَ مَن يفرح بهم أغنى الأغنياء عن عبادة الخلق سبحانه!
الله الله