هذا تسطيح لمفهوم العطاء
وتبسيط ساذج له !
هناك عطاء أثمن قيمة من المال
دعوة في ظهر الغيب عطاء
وذكر في السّجود عطاء
وكظم الغيظ عند الغضب عطاء
والعفو عند المقدرة عطاء
تحمّل أخطاء الآخرين عطاء
حاجتنا لمثل هذا أشدّ من حاجتنا إلى المال
أحياناً لا نريد في لحظة حزن أكثر من ضمّة
ولا نريد في لحظة انكسار أكثر من لمسةٍ حانية
ولا نريد في لحظة حاجة أكثر من دعاء
ولا نريد في لحظة قلق أكثر من اهتمام
الأشياء بقيمتها لا بأثمانها
وأغلى الأشياء في الدّنيا لا أثمان لها
كم هو ثمن ابن بار ؟!
كم هو ثمن دعاء أم ؟!
كم هو ثمن زوجةٍ صالحة ؟!
كم هو ثمن زوجٍ حنون ؟!
كم هو ثمن أبٍ شفيق ؟!
كم هو ثمن صديقٍ وفيّ ؟!
هذه الأشياء لا أثمان لها لأنها لا تُشترى
وبدونها نحن فقراء ولو ملكنا مال العالم أجمع
.
.
الدّرس الخامس :
كُن راقياً في تفكيرك
حتى إن تعلّق الأمر بحذاء
سُرق حذاءٌ لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه
فقال : اللهم إن كان محتاجاً فبارك له فيما أخذ
وإن لم يكن محتاجاً فاجعل هذا آخر ذنبٍ يذنبه !
يا للرّقي يا ابن مسعود، يا للرقيّ !
وكان غاندي الزّعيم الهنديّ الشّهير
يركض خلف القطار ليلحقه
وعندما صعد سقطتْ فردة حذائه
فخلع الأخرى ورماها
فلمّا سُئل : لمَ فعلتَ هذا
قال : أحببتُ أن يجدهما فقيرٌ معاً فينتفع بهما !
يا للرقيّ يا مهاتما، يا للرقيّ
شخصيّاً أتفهم أن يكون الإنسان راقياً
ولو اعتنق ديناً خاطئاً
ولا يمكنني أن أتفهّم كيف يعتنق الإنسان ديناً صحيحاً
ولا يكون راقياً
أدهم شرقاوي
💐
وتبسيط ساذج له !
هناك عطاء أثمن قيمة من المال
دعوة في ظهر الغيب عطاء
وذكر في السّجود عطاء
وكظم الغيظ عند الغضب عطاء
والعفو عند المقدرة عطاء
تحمّل أخطاء الآخرين عطاء
حاجتنا لمثل هذا أشدّ من حاجتنا إلى المال
أحياناً لا نريد في لحظة حزن أكثر من ضمّة
ولا نريد في لحظة انكسار أكثر من لمسةٍ حانية
ولا نريد في لحظة حاجة أكثر من دعاء
ولا نريد في لحظة قلق أكثر من اهتمام
الأشياء بقيمتها لا بأثمانها
وأغلى الأشياء في الدّنيا لا أثمان لها
كم هو ثمن ابن بار ؟!
كم هو ثمن دعاء أم ؟!
كم هو ثمن زوجةٍ صالحة ؟!
كم هو ثمن زوجٍ حنون ؟!
كم هو ثمن أبٍ شفيق ؟!
كم هو ثمن صديقٍ وفيّ ؟!
هذه الأشياء لا أثمان لها لأنها لا تُشترى
وبدونها نحن فقراء ولو ملكنا مال العالم أجمع
.
.
الدّرس الخامس :
كُن راقياً في تفكيرك
حتى إن تعلّق الأمر بحذاء
سُرق حذاءٌ لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه
فقال : اللهم إن كان محتاجاً فبارك له فيما أخذ
وإن لم يكن محتاجاً فاجعل هذا آخر ذنبٍ يذنبه !
يا للرّقي يا ابن مسعود، يا للرقيّ !
وكان غاندي الزّعيم الهنديّ الشّهير
يركض خلف القطار ليلحقه
وعندما صعد سقطتْ فردة حذائه
فخلع الأخرى ورماها
فلمّا سُئل : لمَ فعلتَ هذا
قال : أحببتُ أن يجدهما فقيرٌ معاً فينتفع بهما !
يا للرقيّ يا مهاتما، يا للرقيّ
شخصيّاً أتفهم أن يكون الإنسان راقياً
ولو اعتنق ديناً خاطئاً
ولا يمكنني أن أتفهّم كيف يعتنق الإنسان ديناً صحيحاً
ولا يكون راقياً
أدهم شرقاوي
💐
💐
حديثُ المساء ٢
الرّسام
عاش رسّامٌ فقير في قرية صغيرة
وكان يرسمُ لوحاتٍ في غاية الجَمال
ويبيعها بسعرٍ مرتفع
وفي يومٍ من الأيام أتاه فقيرٌ وقال له :
أنتَ تكسبُ مالاً كثيراً من بيع لوحاتك
لماذا لا تساعد فقراء القرية ؟!
انظر إلى الجزّار في قريتنا
رغم أنّه لا يملك مالاً كثيراً
إلا أنّه يُوزّع على الفقراء لحماً مجانيّاً كلّ يوم
لمْ يردّ عليه الرّسام بحرفٍ واحدٍ
وإنّما اكتفى بالابتسام
خرج الفقيرُ منزعجاً من عند الرّسام
وأشاع في القرية أنّ الرّسام ثريّ وبخيل
فنقم عليه أهل القرية
بعد مدّة مرض الرّسام العجوز
ولم يعره أحد من القرية اهتماماً
ومات وحيداً ...
مرّت الأيام ولاحظ أهل القرية
أنّ الجزّار لم يعد يُوزّع اللحم على الفقراء
وعندما سألوه عن السبب قال :
كان الرّسام يعطيني المال لأُوزّع اللحم على الفقراء
فلمّا مات انقطع المالُ فانقطع اللحمُ !
.
.
الدّرس الأوّل :
لا تكن سطحيّاً
ترى من الأمور ظاهرها فقط
فالبعض نبلاء في الخفاء
ومن فرط النّبل يزهدون أن يعرف الآخرون بنبلهم
لاحظَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أنّ أبا بكرٍ رضي الله عنه يقصد طرف المدينة بعد كلّ صلاة فجر
فتبعه لينظر ماذا يفعل هناك فلعلّ خطباً حصل له
فوجده قد دخل بيتاً
ومكث فيه ساعة ثمّ خرج
وعندما تكرر الأمر علم عمر أنّ أبا بكر لا يصدر عنه إلا خير
فأراد أن يعرف سر أبي بكر
فطرق الباب فإذا هو أمام عجوزٍ عمياء
فسألها : ماذا يفعل هذا الرّجل عندكم ؟
فقالت له : والله يا بُنيّ إنّي لا أعرفه
ولكنّه يحضر كلّ يومٍ فينظّف بيتي
ويطبخ طعامي ويغسل لباسي
وينصرف دون أن يكلّمني
عندها قال عمر قولته الشّهيرة :
أتعبتَ من بعدكَ يا أبا بكر !
.
.
الدّرس الثّاني :
ما لكَ وللنّاس ؟!
يكفي أن تعرف نفسكَ
منذ متى كانت أحكام النّاس عادلة
النّاس إذا أحبّوا شخصاً جعلوا عيوبه مزاياه
وإذا كرهوا شخصاً جعلوا حسناته رزاياه
ويوم أرادوا أن يطردوا آل لوطٍ من قريتهم
ولم يجدوا لهم ذنباً مقنعاً
اتهموهم بالطّهارة !
" فما كان جواب قومه إلا أن قالوا : أخرجوا آل لوطٍ من قريتكم إنّهم أُناس يتطهّرون "
أهذا ذنبٌ يُطرد فيه المرء لأجله من قومه ؟!
النّاس رموا العفيف يوسف عليه السّلام بالزّنا
ورموا المؤمن إبراهيم عليه السّلام بالكفر
ورموا الصّادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلّم بالسّحر والكذب
وإن كان هذا حال الأفّاكين
فعن الصّالحين أيضاً حدّث ولا حرج !
روى البخاريّ من حديث سهل بن سعد السّاعديّ
أنّه مرّ رجلٌ من فقراء المسلمين على النبيّ صلى الله عليه وسلّم
فقال لأصحابه : ما تقولون في هذا ؟!
فقالوا : رجلٌ من فقراء المسلمين
هذا واللهِ حريٌّ إن خطب أن لا يُزوّج
وإن شفع أن لا يُشفّع
ثمّ مرّ رجلٌ آخر من الأشراف
فقال سيّد النّاس : ما تقولون في هذا ؟!
فقالوا : رجلٌ من أشراف القوم
هذا واللهِ حريٌّ إن خطب أن يُزوّج
وإن شفع أن يُشفّع
فأشار النبيّ صلى الله عليه وسلّم بيده إلى الأوّل وقال :
واللهِ هذا خير من ملء الأرض من هذا !
.
.
الدّرس الثّالث :
قالت العربُ قديماً : إرضاء النّاس غاية لا تُدرك
وهذا من أعقل ما قالته العرب
مهما كنتَ محبوباً ستجد من يكرهك
ومهما كنتَ ناجحاً ستجد من يقلل من قيمتك
ومهما كنتَ تقيّاً ستجد من يشكك في تقواك
إذا أحسنتَ إلى زوجتك
قالوا : خروف !
إذا أحسنتَ إلى والديكَ
قالوا : أرنب !
إذا تنازلت عن حقّ لك
قالوا : جبان !
إذا طالبت بحق لك
قالوا : عدوانيّ !
إذا التزمتَ بدينك
قالوا : متزمّت !
إذا التزمتِ بحجابكِ
قالوا : جاهلة بالموضة !
إذا أطعتِ زوجكِ
قالوا : شخصيّتها ضعيفة !
إذا زرتَ صديقاً
قالوا : له مصلحة !
إذا تصدّقت على فقير
قالوا : يُرائي !
إذا دافعت عن شخص
قالوا : يتملّق !
إذا لم تقبل رشوة
قالوا : لا يعرف من أين تُؤكل الكتف !
.
.
الدّرس الرّابع :
الأشياء الجميلة تكون في السّر أجمل
فالنّصيحة على الملأ فضيحة
والعِظة أمام النّاس جارحة
الصّدقة في العلن قد تجرح كرامة
ولكنّ صدقة السّر ترمم حاجة النّاس
فلا تفعل على الملأ معروفاً يمكن فعله في السّر
ولا تخف على حظّك
الورد يُشمُّ عطره ولو لم يتعمّد نثره
والشمس يُشاهد ضوؤها ولو كان الطّقسُ غائماً
والمطر يُرى أثره ولو لم يسقط على كل شخصٍ بعينه
والنّهر مشكور وهو يجري بصمت
والشّجر محمود وهو يُقطفُ غيلة !
أدهم شرقاوي
💐
حديثُ المساء ٢
الرّسام
عاش رسّامٌ فقير في قرية صغيرة
وكان يرسمُ لوحاتٍ في غاية الجَمال
ويبيعها بسعرٍ مرتفع
وفي يومٍ من الأيام أتاه فقيرٌ وقال له :
أنتَ تكسبُ مالاً كثيراً من بيع لوحاتك
لماذا لا تساعد فقراء القرية ؟!
انظر إلى الجزّار في قريتنا
رغم أنّه لا يملك مالاً كثيراً
إلا أنّه يُوزّع على الفقراء لحماً مجانيّاً كلّ يوم
لمْ يردّ عليه الرّسام بحرفٍ واحدٍ
وإنّما اكتفى بالابتسام
خرج الفقيرُ منزعجاً من عند الرّسام
وأشاع في القرية أنّ الرّسام ثريّ وبخيل
فنقم عليه أهل القرية
بعد مدّة مرض الرّسام العجوز
ولم يعره أحد من القرية اهتماماً
ومات وحيداً ...
مرّت الأيام ولاحظ أهل القرية
أنّ الجزّار لم يعد يُوزّع اللحم على الفقراء
وعندما سألوه عن السبب قال :
كان الرّسام يعطيني المال لأُوزّع اللحم على الفقراء
فلمّا مات انقطع المالُ فانقطع اللحمُ !
.
.
الدّرس الأوّل :
لا تكن سطحيّاً
ترى من الأمور ظاهرها فقط
فالبعض نبلاء في الخفاء
ومن فرط النّبل يزهدون أن يعرف الآخرون بنبلهم
لاحظَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أنّ أبا بكرٍ رضي الله عنه يقصد طرف المدينة بعد كلّ صلاة فجر
فتبعه لينظر ماذا يفعل هناك فلعلّ خطباً حصل له
فوجده قد دخل بيتاً
ومكث فيه ساعة ثمّ خرج
وعندما تكرر الأمر علم عمر أنّ أبا بكر لا يصدر عنه إلا خير
فأراد أن يعرف سر أبي بكر
فطرق الباب فإذا هو أمام عجوزٍ عمياء
فسألها : ماذا يفعل هذا الرّجل عندكم ؟
فقالت له : والله يا بُنيّ إنّي لا أعرفه
ولكنّه يحضر كلّ يومٍ فينظّف بيتي
ويطبخ طعامي ويغسل لباسي
وينصرف دون أن يكلّمني
عندها قال عمر قولته الشّهيرة :
أتعبتَ من بعدكَ يا أبا بكر !
.
.
الدّرس الثّاني :
ما لكَ وللنّاس ؟!
يكفي أن تعرف نفسكَ
منذ متى كانت أحكام النّاس عادلة
النّاس إذا أحبّوا شخصاً جعلوا عيوبه مزاياه
وإذا كرهوا شخصاً جعلوا حسناته رزاياه
ويوم أرادوا أن يطردوا آل لوطٍ من قريتهم
ولم يجدوا لهم ذنباً مقنعاً
اتهموهم بالطّهارة !
" فما كان جواب قومه إلا أن قالوا : أخرجوا آل لوطٍ من قريتكم إنّهم أُناس يتطهّرون "
أهذا ذنبٌ يُطرد فيه المرء لأجله من قومه ؟!
النّاس رموا العفيف يوسف عليه السّلام بالزّنا
ورموا المؤمن إبراهيم عليه السّلام بالكفر
ورموا الصّادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلّم بالسّحر والكذب
وإن كان هذا حال الأفّاكين
فعن الصّالحين أيضاً حدّث ولا حرج !
روى البخاريّ من حديث سهل بن سعد السّاعديّ
أنّه مرّ رجلٌ من فقراء المسلمين على النبيّ صلى الله عليه وسلّم
فقال لأصحابه : ما تقولون في هذا ؟!
فقالوا : رجلٌ من فقراء المسلمين
هذا واللهِ حريٌّ إن خطب أن لا يُزوّج
وإن شفع أن لا يُشفّع
ثمّ مرّ رجلٌ آخر من الأشراف
فقال سيّد النّاس : ما تقولون في هذا ؟!
فقالوا : رجلٌ من أشراف القوم
هذا واللهِ حريٌّ إن خطب أن يُزوّج
وإن شفع أن يُشفّع
فأشار النبيّ صلى الله عليه وسلّم بيده إلى الأوّل وقال :
واللهِ هذا خير من ملء الأرض من هذا !
.
.
الدّرس الثّالث :
قالت العربُ قديماً : إرضاء النّاس غاية لا تُدرك
وهذا من أعقل ما قالته العرب
مهما كنتَ محبوباً ستجد من يكرهك
ومهما كنتَ ناجحاً ستجد من يقلل من قيمتك
ومهما كنتَ تقيّاً ستجد من يشكك في تقواك
إذا أحسنتَ إلى زوجتك
قالوا : خروف !
إذا أحسنتَ إلى والديكَ
قالوا : أرنب !
إذا تنازلت عن حقّ لك
قالوا : جبان !
إذا طالبت بحق لك
قالوا : عدوانيّ !
إذا التزمتَ بدينك
قالوا : متزمّت !
إذا التزمتِ بحجابكِ
قالوا : جاهلة بالموضة !
إذا أطعتِ زوجكِ
قالوا : شخصيّتها ضعيفة !
إذا زرتَ صديقاً
قالوا : له مصلحة !
إذا تصدّقت على فقير
قالوا : يُرائي !
إذا دافعت عن شخص
قالوا : يتملّق !
إذا لم تقبل رشوة
قالوا : لا يعرف من أين تُؤكل الكتف !
.
.
الدّرس الرّابع :
الأشياء الجميلة تكون في السّر أجمل
فالنّصيحة على الملأ فضيحة
والعِظة أمام النّاس جارحة
الصّدقة في العلن قد تجرح كرامة
ولكنّ صدقة السّر ترمم حاجة النّاس
فلا تفعل على الملأ معروفاً يمكن فعله في السّر
ولا تخف على حظّك
الورد يُشمُّ عطره ولو لم يتعمّد نثره
والشمس يُشاهد ضوؤها ولو كان الطّقسُ غائماً
والمطر يُرى أثره ولو لم يسقط على كل شخصٍ بعينه
والنّهر مشكور وهو يجري بصمت
والشّجر محمود وهو يُقطفُ غيلة !
أدهم شرقاوي
💐
💐
حديثُ المساء ٣
حكمة عجوز !
في لقاءٍ تلفزيونيّ مع عجوزٍ
أمضتْ مع زوجها خمسين عاماً سعيدة
سُئلت العجوز عن سرّ سعادتها كلّ هذا العمر
هل هي المهارة في إعداد الطّعام ؟
أم الجمال ؟
أم إنجاب الأولاد ؟
فقالت : السّعادة الزّوجيّة بعد توفيق الله بيد الزّوجة
فالمرأة تستطيع أن تجعل بيتها جنّة
وتستطيع أن تجعله جحيماً
لا تقولي المال
فكثيرات من النّساء الغنيّات تعيسات ويهربنَ من أزواجهنّ
ولا تقولي الجمال
فالكثيرات من الفاتنات تطلقن
ولا تقولي المهارة في إعداد الطّعام
فالكثيرات من الطّاهيات الماهرات حياتهنّ لا تُطاق
ولا تقولي الأولاد
فالكثيرات أنجبن وبقينَ تعيساتٍ
فتعجّبت المذيعة وقالت لها : ما هو السّر إذاً
قالت العجوز : عندما يغضب زوجي ويثور
كنتُ ألجأ إلى الصّمت المطبق بكلّ احترام
مع طأطأة الرأس بكل أسف
وإيّاكِ والصمت المصاحب لنظرة السّخرية فالرّجل ذكيّ يفهمها
فقالت لها المذيعة : لماذا لا تخرجين من غرفتكِ ؟
قالت العجوز : إياكِ ، فقد يظنّ أنّكِ لا تريدين سماعه
عليكِ بالصّمت والموافقة على كلّ ما يقول حتى يهدأ
بعد ذلك أقول له : هل انتهيتَ ؟!
ثمّ أخرج لأنّه بحاجة إلى الرّاحة بعد هذا الصّراخ
فأخرجُ وأنهي أعمالي المنزليّة بكلّ هدوء
فقالتْ لها المذيعة : ماذا تفعلين بعدها ؟
هل تلجئين إلى مقاطعته لمدّة أسبوع أو أكثر ؟!
أجابت العجوز : إيّاكِ ، فهذه العادة سلاح ذو حدّين
عندما تقاطعين زوجكِ وهو بحاجة إلى مكالمتكِ سيعتاد على بعدك
وسيصبح عنيداً ويرفع سقف مطالبه
فقالت المذيعة : وماذا تفعلين بعدها ؟
أجابت العجوز : بعد ساعة أصنع له كوباً من العصير أو فنجان قهوة
وأقول له : تفضّل اشربْ !
فيسألني : هل أنتِ غاضبة ؟!
فأقول : لا
فيبدأ بالاعتذار ويسمعني كلاماً جميلاً
قالت لها المذيعة : وهل تُصدّقينه ؟
قالت العجوز : طبعاً، لماذا أصدّقه وهو غاضب ولا أصدّقه وهو هادىء ؟
قالت المذيعة : وكرامتكِ ؟!
فقالت العجوز : كرامتي برضى زوجي والمحافظة على بيتي
أي كرامة يا ابنتي وقد تجرّدتِ أمامه من كلّ ملابسكِ ؟!
.
.
الدّرس الأوّل :
فنّ الحياة هو أن نعرف كيف نحياها
مهم جداً أن يكون عندنا أسباب السّعادة
ولكن الأجمل أن تكون عندنا الإرادة لنسعد !
من جعل اهتمامه النظر في سيّئات شريكه
لن يكون لديه وقت ليرى حسناته
ومن جعل اهتمامه النّظر في حسنات شريكه
لن يكون لديه وقت ليرى سيّئاته
تختلفُ الأمور باختلاف نظرتنا إليها
والنّاس نوعان : نحلٌ وذباب !
النّحل لا يقع إلا على الرّحيق
والذّباب لا يقع إلا على قذارة
الأشخاص " النحل " يبحثون في الآخر عن سبب ليبقوا معه
والأشخاص " الذّباب " يبحثون في الآخر عن سبب ليخاصموه ويفارقوه
الحياة بعقليّة النّحل ممتعة
والحياة بعقليّة الذّباب مضنية
الفرق بينهما كالفرق بين أن يعيش المرء في حديقة أو في مزبلة !
.
.
الدّرس الثّاني :
يقول أحد الحكماء :
كما تترك بعض الأطعمة تبرد قليلا
ليسهل عليكَ تناولها
اتركْ بعض المشاكل تبرد قليلاً
ليسهل عليكَ حلّها !
اختيار التوقيت جزءٌ من الحلّ
لا يمكن جِدال غاضب
فضلاً عن إقناعه أنّه على خطأ
اتركه يهدأ وقد لا تحتاج إلى إقناعه أنّه مُخطىء
البعض حين يستردّون هدوءهم يعودون لأصلهم الطيّب
ويحاولون أن يُصلحوا ما أفسدوا
والبعض عنيدون جداً حتى عندما يهدؤون يتشبّثون بأخطائهم
هؤلاء جدالهم أثناء المشكلة
يفاقم المشكلة وقد يؤدّي إلى مشكلة جديدة
.
.
الدّرس الثّالث :
الرّجل طفلٌ كبير
والأطفال لا تجدي معهم التّناحة !
عليكِ أن تستميليهم لتحصلي على ما تريدين
فلا تكوني صِداميّة ولا مُواجِهة
استميليه كما تستميلين طفلكِ
وبالدّارج وبلا خجل " خذيه على قدر عقله " !
لا يغرّك علمه وثقافته وتديّنه
هذه عوامل تساعدكِ لتعيشي معه حياة هانئة
ولكنّ الرّجال في الطّبع سواء
يكرهون المرأة العنيدة
ويحبّون المرأة الرقيقة التي تنزل عن حقّها
فلا تدعيه يُفقدكِ أنوثتكِ
ثم يكرهكِ لأنّكِ فقدّتها
المرأة على شكل رجل لا يطيقها الرّجال
يرضى الرّجل أن تفقد امرأته أي صفة
ويمكنه أن يتعايش مع هذا النّقص
ولكنّه لا يحتمل امرأة فقدتْ أنوثتها
أنوثتكِ أجمل مستحضرات تجميلكِ
فتشبّثي بها حتى الرّمق الأخير
.
.
الدّرس الرّابع :
صلاح البيت ليس بيد الزّوجة فقط !
بل هي مهمّة الزّوجين معاً
فانزل عن كبريائكَ قليلاً
ولا تكن مدللاً تريدها أن تصالحك كلّ مرّة
الرّجل الحنون الذي يبادر إلى الصلح يأسر المرأة
ولا شيء يفتن المرأة أكثر من رجلٍ حنون !
المرأة أيضاً مهما تثقّفت وتعلّمت وتديّنت تبقى في طبعها امرأة
تسعدها هدية ولو ملكت مال الدّنيا
وتسعدها كلمة حلوة بسيطة ولو كانت تكتب أجمل الأشعار
الحياة شراكة ...
الإثنان فيها يغضبان والإثنان يُصالحان
ليست مهمة الرّجل أن يغضب
ومهمة المرأة أن تُصالحه
عليك أن تنتبه أنّها مخلوق حسّاس
ولكن لكلّ إنسان قدرة على التّحمل
فلا تستفزّها لتخرج أسوأ ما فيها
ثم تحاسبها على هذا السوء الذي أخرجته منها
وتذكّر دوماً أنّ الوردة رقيقة ولكن لديها أشواك
عليكَ
حديثُ المساء ٣
حكمة عجوز !
في لقاءٍ تلفزيونيّ مع عجوزٍ
أمضتْ مع زوجها خمسين عاماً سعيدة
سُئلت العجوز عن سرّ سعادتها كلّ هذا العمر
هل هي المهارة في إعداد الطّعام ؟
أم الجمال ؟
أم إنجاب الأولاد ؟
فقالت : السّعادة الزّوجيّة بعد توفيق الله بيد الزّوجة
فالمرأة تستطيع أن تجعل بيتها جنّة
وتستطيع أن تجعله جحيماً
لا تقولي المال
فكثيرات من النّساء الغنيّات تعيسات ويهربنَ من أزواجهنّ
ولا تقولي الجمال
فالكثيرات من الفاتنات تطلقن
ولا تقولي المهارة في إعداد الطّعام
فالكثيرات من الطّاهيات الماهرات حياتهنّ لا تُطاق
ولا تقولي الأولاد
فالكثيرات أنجبن وبقينَ تعيساتٍ
فتعجّبت المذيعة وقالت لها : ما هو السّر إذاً
قالت العجوز : عندما يغضب زوجي ويثور
كنتُ ألجأ إلى الصّمت المطبق بكلّ احترام
مع طأطأة الرأس بكل أسف
وإيّاكِ والصمت المصاحب لنظرة السّخرية فالرّجل ذكيّ يفهمها
فقالت لها المذيعة : لماذا لا تخرجين من غرفتكِ ؟
قالت العجوز : إياكِ ، فقد يظنّ أنّكِ لا تريدين سماعه
عليكِ بالصّمت والموافقة على كلّ ما يقول حتى يهدأ
بعد ذلك أقول له : هل انتهيتَ ؟!
ثمّ أخرج لأنّه بحاجة إلى الرّاحة بعد هذا الصّراخ
فأخرجُ وأنهي أعمالي المنزليّة بكلّ هدوء
فقالتْ لها المذيعة : ماذا تفعلين بعدها ؟
هل تلجئين إلى مقاطعته لمدّة أسبوع أو أكثر ؟!
أجابت العجوز : إيّاكِ ، فهذه العادة سلاح ذو حدّين
عندما تقاطعين زوجكِ وهو بحاجة إلى مكالمتكِ سيعتاد على بعدك
وسيصبح عنيداً ويرفع سقف مطالبه
فقالت المذيعة : وماذا تفعلين بعدها ؟
أجابت العجوز : بعد ساعة أصنع له كوباً من العصير أو فنجان قهوة
وأقول له : تفضّل اشربْ !
فيسألني : هل أنتِ غاضبة ؟!
فأقول : لا
فيبدأ بالاعتذار ويسمعني كلاماً جميلاً
قالت لها المذيعة : وهل تُصدّقينه ؟
قالت العجوز : طبعاً، لماذا أصدّقه وهو غاضب ولا أصدّقه وهو هادىء ؟
قالت المذيعة : وكرامتكِ ؟!
فقالت العجوز : كرامتي برضى زوجي والمحافظة على بيتي
أي كرامة يا ابنتي وقد تجرّدتِ أمامه من كلّ ملابسكِ ؟!
.
.
الدّرس الأوّل :
فنّ الحياة هو أن نعرف كيف نحياها
مهم جداً أن يكون عندنا أسباب السّعادة
ولكن الأجمل أن تكون عندنا الإرادة لنسعد !
من جعل اهتمامه النظر في سيّئات شريكه
لن يكون لديه وقت ليرى حسناته
ومن جعل اهتمامه النّظر في حسنات شريكه
لن يكون لديه وقت ليرى سيّئاته
تختلفُ الأمور باختلاف نظرتنا إليها
والنّاس نوعان : نحلٌ وذباب !
النّحل لا يقع إلا على الرّحيق
والذّباب لا يقع إلا على قذارة
الأشخاص " النحل " يبحثون في الآخر عن سبب ليبقوا معه
والأشخاص " الذّباب " يبحثون في الآخر عن سبب ليخاصموه ويفارقوه
الحياة بعقليّة النّحل ممتعة
والحياة بعقليّة الذّباب مضنية
الفرق بينهما كالفرق بين أن يعيش المرء في حديقة أو في مزبلة !
.
.
الدّرس الثّاني :
يقول أحد الحكماء :
كما تترك بعض الأطعمة تبرد قليلا
ليسهل عليكَ تناولها
اتركْ بعض المشاكل تبرد قليلاً
ليسهل عليكَ حلّها !
اختيار التوقيت جزءٌ من الحلّ
لا يمكن جِدال غاضب
فضلاً عن إقناعه أنّه على خطأ
اتركه يهدأ وقد لا تحتاج إلى إقناعه أنّه مُخطىء
البعض حين يستردّون هدوءهم يعودون لأصلهم الطيّب
ويحاولون أن يُصلحوا ما أفسدوا
والبعض عنيدون جداً حتى عندما يهدؤون يتشبّثون بأخطائهم
هؤلاء جدالهم أثناء المشكلة
يفاقم المشكلة وقد يؤدّي إلى مشكلة جديدة
.
.
الدّرس الثّالث :
الرّجل طفلٌ كبير
والأطفال لا تجدي معهم التّناحة !
عليكِ أن تستميليهم لتحصلي على ما تريدين
فلا تكوني صِداميّة ولا مُواجِهة
استميليه كما تستميلين طفلكِ
وبالدّارج وبلا خجل " خذيه على قدر عقله " !
لا يغرّك علمه وثقافته وتديّنه
هذه عوامل تساعدكِ لتعيشي معه حياة هانئة
ولكنّ الرّجال في الطّبع سواء
يكرهون المرأة العنيدة
ويحبّون المرأة الرقيقة التي تنزل عن حقّها
فلا تدعيه يُفقدكِ أنوثتكِ
ثم يكرهكِ لأنّكِ فقدّتها
المرأة على شكل رجل لا يطيقها الرّجال
يرضى الرّجل أن تفقد امرأته أي صفة
ويمكنه أن يتعايش مع هذا النّقص
ولكنّه لا يحتمل امرأة فقدتْ أنوثتها
أنوثتكِ أجمل مستحضرات تجميلكِ
فتشبّثي بها حتى الرّمق الأخير
.
.
الدّرس الرّابع :
صلاح البيت ليس بيد الزّوجة فقط !
بل هي مهمّة الزّوجين معاً
فانزل عن كبريائكَ قليلاً
ولا تكن مدللاً تريدها أن تصالحك كلّ مرّة
الرّجل الحنون الذي يبادر إلى الصلح يأسر المرأة
ولا شيء يفتن المرأة أكثر من رجلٍ حنون !
المرأة أيضاً مهما تثقّفت وتعلّمت وتديّنت تبقى في طبعها امرأة
تسعدها هدية ولو ملكت مال الدّنيا
وتسعدها كلمة حلوة بسيطة ولو كانت تكتب أجمل الأشعار
الحياة شراكة ...
الإثنان فيها يغضبان والإثنان يُصالحان
ليست مهمة الرّجل أن يغضب
ومهمة المرأة أن تُصالحه
عليك أن تنتبه أنّها مخلوق حسّاس
ولكن لكلّ إنسان قدرة على التّحمل
فلا تستفزّها لتخرج أسوأ ما فيها
ثم تحاسبها على هذا السوء الذي أخرجته منها
وتذكّر دوماً أنّ الوردة رقيقة ولكن لديها أشواك
عليكَ
أن تعرف كيف تتمتع برائحتها
دون أن يمسّك شوكها !
.
.
الدّرس الخامس :
الخلافات الزّوجيّة شيء طبيعيّ في حياة أي زوجين
تفرضه هموم الحياة اليوميّة
وضغوطها الماديّة والجسديّة
وهذه الخلافات قد تكون مفيدة أحياناً لأنها تكسر روتين الحياة ورتابتها
وهي كالملح في الطّعام !
القليل منه يضبطه والكثير منه يفسده !
فإذا وقع الخِلاف فلنجعله فرصة لإعادة الحياة الزّوجية إلى طريقها الصحيح
هناك كلام حلو لم نقله منذ مدّة هذا وقته
وهناك باقات ورود لم نشترها منذ مدّة هذا وقتها
وهناك حنان لم نخرجه منذ مدّة هذا وقته
البحرُ عندما يثور يلقي بالأعشاب والأسماك الميتة إلى الشّاطىء
ثم يهدأ ويعود أجمل مما كان !
فكونوا في خلافاتكم الزّوجيّة كالبحار
واستمعوا لما قيل لحظة غضب الشريك
في الغضب نكون في قمّة صراحتنا
فلتكن فرصة للتداوي لا لفتح جراح جديدة !
.
.
الدّرس السّادس :
لا بدّ من التجاهل أحياناً
وقد قالت العربُ قديماً : سيّدُ قومه المُتغابي !
ليس بالضرورة أن نقف على كلّ كلمة
وليس بالضرورة أن نكون حادّين عند كل تصرّف
أحياناً تفويت الأشياء أفضل من الوقوف عندها
والعاقل لا يبحثُ عن نصرٍ دوماً
هناك معارك يستوي فيها الرّبح والخسارة
بل إن الخسارة تكون فيها أجمل
إذا كانت هذه الخسارة ستجعلنا نربح بيوتنا
وتذكّروا دوماً أن البيت ليس ساحة حرب
عندما يفشل الزّواج
لا يمكن الحديث عن منتصرٍ ومهزوم
الزّوجان إمّا أن ينتصرا معاً
أو ينهزما معاً
والعاقل يتكلّم إذا كانت نظرته تفي بالغرض
فلا تستخدم سيفك حيث يمكن أن تستخدم سوطك
ولا تستخدم سوطك حيث يمكن أن تستخدم لسانك
وهذا الكلام بالمعنى لا بالحرف
لا شيء يؤذي المرأة أكثر من أن تُضرب
المرأة ليست دابة وأنت لست سائس خيول
أنت زوجٌ وقوّام
قوّام بقلبك لا بيدك
قوّام بحنانك لا بعصاك
كُن لها عبداً تكن لكَ أمة
وكن لها جلاداً تكن لك سيّدة
.
.
الدّرس السّابع :
النّاس طباع
فافهم طبيعة شريكك وحاول أن تتكيّف معه
البيوت النّاجحة ليست كذلك لأنّها قائمة على التّشابه
ولكنّها ناجحة لأنّها قائمة على التّفاهم
سريع الغضب سيبقى كذلك مهما حاولت أن تغيّره
وبطيء الرّضا سيبقى كذلك مهما حاولت أن تغيّره
البخيل سيبقى بخيلاً
والكريم سيبقى كريماً
والشريك ليس ثياباً نخلعها إن لم يعجبنا شيء فيها
هذه ثياب للعمر كلّه
علينا أن نعمل جاهدين أو تبقى ساترة
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
دون أن يمسّك شوكها !
.
.
الدّرس الخامس :
الخلافات الزّوجيّة شيء طبيعيّ في حياة أي زوجين
تفرضه هموم الحياة اليوميّة
وضغوطها الماديّة والجسديّة
وهذه الخلافات قد تكون مفيدة أحياناً لأنها تكسر روتين الحياة ورتابتها
وهي كالملح في الطّعام !
القليل منه يضبطه والكثير منه يفسده !
فإذا وقع الخِلاف فلنجعله فرصة لإعادة الحياة الزّوجية إلى طريقها الصحيح
هناك كلام حلو لم نقله منذ مدّة هذا وقته
وهناك باقات ورود لم نشترها منذ مدّة هذا وقتها
وهناك حنان لم نخرجه منذ مدّة هذا وقته
البحرُ عندما يثور يلقي بالأعشاب والأسماك الميتة إلى الشّاطىء
ثم يهدأ ويعود أجمل مما كان !
فكونوا في خلافاتكم الزّوجيّة كالبحار
واستمعوا لما قيل لحظة غضب الشريك
في الغضب نكون في قمّة صراحتنا
فلتكن فرصة للتداوي لا لفتح جراح جديدة !
.
.
الدّرس السّادس :
لا بدّ من التجاهل أحياناً
وقد قالت العربُ قديماً : سيّدُ قومه المُتغابي !
ليس بالضرورة أن نقف على كلّ كلمة
وليس بالضرورة أن نكون حادّين عند كل تصرّف
أحياناً تفويت الأشياء أفضل من الوقوف عندها
والعاقل لا يبحثُ عن نصرٍ دوماً
هناك معارك يستوي فيها الرّبح والخسارة
بل إن الخسارة تكون فيها أجمل
إذا كانت هذه الخسارة ستجعلنا نربح بيوتنا
وتذكّروا دوماً أن البيت ليس ساحة حرب
عندما يفشل الزّواج
لا يمكن الحديث عن منتصرٍ ومهزوم
الزّوجان إمّا أن ينتصرا معاً
أو ينهزما معاً
والعاقل يتكلّم إذا كانت نظرته تفي بالغرض
فلا تستخدم سيفك حيث يمكن أن تستخدم سوطك
ولا تستخدم سوطك حيث يمكن أن تستخدم لسانك
وهذا الكلام بالمعنى لا بالحرف
لا شيء يؤذي المرأة أكثر من أن تُضرب
المرأة ليست دابة وأنت لست سائس خيول
أنت زوجٌ وقوّام
قوّام بقلبك لا بيدك
قوّام بحنانك لا بعصاك
كُن لها عبداً تكن لكَ أمة
وكن لها جلاداً تكن لك سيّدة
.
.
الدّرس السّابع :
النّاس طباع
فافهم طبيعة شريكك وحاول أن تتكيّف معه
البيوت النّاجحة ليست كذلك لأنّها قائمة على التّشابه
ولكنّها ناجحة لأنّها قائمة على التّفاهم
سريع الغضب سيبقى كذلك مهما حاولت أن تغيّره
وبطيء الرّضا سيبقى كذلك مهما حاولت أن تغيّره
البخيل سيبقى بخيلاً
والكريم سيبقى كريماً
والشريك ليس ثياباً نخلعها إن لم يعجبنا شيء فيها
هذه ثياب للعمر كلّه
علينا أن نعمل جاهدين أو تبقى ساترة
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
💐
حديثُ المساء ٤
خُذ القول ودَع القائل !
يُحكى أن رجلاً وجد أعرابياً عند الماء
فلاحظ الرجل حمل بعيره فسأله عن محتواه،
فقال الأعرابي :
كيس يحتوي على المؤونة
والكيس المقابل يحتوي تراباً ليستقيم الوزن في الجهتين
فقال الرجل:
لمَ لا تستغني عن كيس التراب وتنصف كيس المؤنة في الجهتين فتكون قد خففت الحمل على البعير
فقال الأعرابي صدقت !!
ففعل ما أشار إليه ثم عاد يسأله:
هل أنت شيخ قبيلة أم شيخ دين؟
فقال لا هذا ولا ذاك
بل رجل من عامة الناس،
فقال الأعرابي :
قبحك الله لا هذا ولا ذاك
ثم تشير علي!!
فأعاد حمولة البعير كما كانت
.
.
الدّرس الأوّل :
تواضَعْ !
التي أوقفتْ جيش نبيّ نملة
والذي كان سبباً في هداية أمة هدهد
وانظرْ لتواضع سُليمان وقد ملك الأرض من مشرقها لمغربها
يبتسمُ ضاحكاً من قول نملة
ويستعين بهدهدٍ أحاط بما لم يُحطْ هو به علماً !
.
.
الّدرس الثّاني :
الوضيع إذا قال الحق تعاظم لأنّ الحق يرفعُ أهله
والعظيم إذا قال الباطل تصاغر لأنّ الباطل يحطُّ أهله !
فليكنْ حكمك على القول لا على صاحبه
وناقشْ الفكرة لا الشخص
تافهون أولئك الذين يُشخصنون كلّ حوار
ويُقزّمون كل فكرةٍ لم يرق لهم صاحبها
وعظماء أولئك الذين ينزلون على الحق بغض النظر عن قائله
وانظرْ لسيّد النّاس وقد اتخذ موضعاً للقتال في بدر
وأنزل الجيش منزلاً ظنّه الأفضل
فإذا بالحَباب بن المنذر يسأله :
أهوَ موضع أنزلكَ الله إياه، أم هي الحربُ والمشورة والرأي
فقال له : بل هي الحربُ والمشورة والرأي !
فقال الحَبابُ : ما هذا بمنزل للحرب، أرى أن تكون آبار بدر خلفنا فنشرب ولا يشربون !
فنزل النبيّ صلى الله عليه وسلم عند رأيه
هذا وهو المُؤيّد بالوحي
الذي أمّ الأنبياء ذات إسراء
وصعد إلى السماء السّابعة ذات معراج !
.
.
الدّرس الثّالث :
النّاس بعقولهم وقلوبهم لا بأجسامهم ووجوههم
لقمان الحكيم كان عبداً نوبياً أسود
اشتراه سيّده بثلاثين مثقالاً
وكان سيّده مقامراً يلعب بالنّرد، فقامر مرّة وخسر
فاشترط عليه المقامر الفائز أن يشرب ما بين ضفتي النّهر
أو يفقأ عينيه، ويجدع أنفه، ويقطع أذنيه
ويكفيه من ذلك كلّه أن ينزل عن ماله فداءً
فقال له : أمهلني حتى الغد
وبينما هو مهموم مغموم إذ مرّ به لقمان، وسأله ما به
فأخبره الخبر
فقال له لقمان : اطمئن فإنّي سأخرجك من رهانك هذا
فإذا جاء الغد سَلْه : أَأشربُ ما بين الضّفتين أم المد ؟
فسيقول لك ما بين الضّفتين
فقل له احبسْ عني الماء إذاً كي لا يختلط الماء
فإنّه سيعجز !
فلما كان الغد قال سيّد لقمان لخصمه : أَأشربُ ما بين الضّفتين أم المد ؟
فقال : اشربْ ما بين الضّفتين
فقال له : احبسْ عنّي المد كي لا يختلط الماء
فقال له : لا أستطيع
فقال سيّد لقمان : وأنا لا أشربُ ماءً ليس داخلاً في الرّهان
فقُضي الأمر
وأُعجب سيّد لقمان به، وأعتقه ...
.
.
الدّرس الرّابع :
أحياناً صاحب العقل لا يُسعفه عقله
فيجد ضالته في عقل من دونه
ومن حكمة الله أنّه أحاج النّاس للناس !
فإن كان حلّال مشاكل غيره قد يحتاج من يسعفه بمشكلته
فنحن العاديّون أحوج ما نكون لنُصح غيرنا !
ولنتواضع للحقّ إذا قيل دون أن نلتفت لمكانة قائله
كان في الجاهليّة رجل تقصده العرب من كل حدبٍ وصوب في مشاكلها
وذات يوم جاءه ثلاثة إخوة يطلبون حكمه في قضيّة إرث
فلما وقفوا بين يديه قالوا له :
نحن ثلاثة إخوة مات أبونا عن مال كثير
وعندنا شخص رابع له عضو ذكريّ وعضو أنثويّ
ونحن لا ندري أيرِثُ معنا إرث الرّجال أم يرثُ إرث النّساء !
فقال لهم : دعوني أُقلّب أمركم هذا
ونصبَ لهم خيمةً وأكرمهم كأحسن ما يكون إكرام الضّيوف
وأوكل خادمة تسهر على راحتهم ...
وبدأت الأيام تمضي والحكيم لا يستقرّ على رأي
وبعد أن انقضى شهر جاءت الخادمة إليه وقالت له :
ما أرى إلا أنّك حبستَ ضيوفك ، فلا أنتَ أفتيتهم في أمرهم، ولا صرفتهم إلى أهلهم
فما هو هذا الأمرُ الذي لم تجد فيه حُكماً بعد ؟!
ضحك الحكيم وقال لها : إن كنتُ أنا قد عجزتُ فأنتِ عن هذا الأمر أعجز !
فقالت له : قل لي فإن الله يضع سرّه في أضعف خلقه !
فلم يجد بُدّاً أن يخبرها
فقالت له على الفور : الأمر يسير !
إن كان يبول قائماً كالرّجال ورث إرث الرّجال
وإن كان يبول قاعداً كالنّساء ورث إرث النّساء
فاستحسن الحكيمُ رأيها وقضى به !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
حديثُ المساء ٤
خُذ القول ودَع القائل !
يُحكى أن رجلاً وجد أعرابياً عند الماء
فلاحظ الرجل حمل بعيره فسأله عن محتواه،
فقال الأعرابي :
كيس يحتوي على المؤونة
والكيس المقابل يحتوي تراباً ليستقيم الوزن في الجهتين
فقال الرجل:
لمَ لا تستغني عن كيس التراب وتنصف كيس المؤنة في الجهتين فتكون قد خففت الحمل على البعير
فقال الأعرابي صدقت !!
ففعل ما أشار إليه ثم عاد يسأله:
هل أنت شيخ قبيلة أم شيخ دين؟
فقال لا هذا ولا ذاك
بل رجل من عامة الناس،
فقال الأعرابي :
قبحك الله لا هذا ولا ذاك
ثم تشير علي!!
فأعاد حمولة البعير كما كانت
.
.
الدّرس الأوّل :
تواضَعْ !
التي أوقفتْ جيش نبيّ نملة
والذي كان سبباً في هداية أمة هدهد
وانظرْ لتواضع سُليمان وقد ملك الأرض من مشرقها لمغربها
يبتسمُ ضاحكاً من قول نملة
ويستعين بهدهدٍ أحاط بما لم يُحطْ هو به علماً !
.
.
الّدرس الثّاني :
الوضيع إذا قال الحق تعاظم لأنّ الحق يرفعُ أهله
والعظيم إذا قال الباطل تصاغر لأنّ الباطل يحطُّ أهله !
فليكنْ حكمك على القول لا على صاحبه
وناقشْ الفكرة لا الشخص
تافهون أولئك الذين يُشخصنون كلّ حوار
ويُقزّمون كل فكرةٍ لم يرق لهم صاحبها
وعظماء أولئك الذين ينزلون على الحق بغض النظر عن قائله
وانظرْ لسيّد النّاس وقد اتخذ موضعاً للقتال في بدر
وأنزل الجيش منزلاً ظنّه الأفضل
فإذا بالحَباب بن المنذر يسأله :
أهوَ موضع أنزلكَ الله إياه، أم هي الحربُ والمشورة والرأي
فقال له : بل هي الحربُ والمشورة والرأي !
فقال الحَبابُ : ما هذا بمنزل للحرب، أرى أن تكون آبار بدر خلفنا فنشرب ولا يشربون !
فنزل النبيّ صلى الله عليه وسلم عند رأيه
هذا وهو المُؤيّد بالوحي
الذي أمّ الأنبياء ذات إسراء
وصعد إلى السماء السّابعة ذات معراج !
.
.
الدّرس الثّالث :
النّاس بعقولهم وقلوبهم لا بأجسامهم ووجوههم
لقمان الحكيم كان عبداً نوبياً أسود
اشتراه سيّده بثلاثين مثقالاً
وكان سيّده مقامراً يلعب بالنّرد، فقامر مرّة وخسر
فاشترط عليه المقامر الفائز أن يشرب ما بين ضفتي النّهر
أو يفقأ عينيه، ويجدع أنفه، ويقطع أذنيه
ويكفيه من ذلك كلّه أن ينزل عن ماله فداءً
فقال له : أمهلني حتى الغد
وبينما هو مهموم مغموم إذ مرّ به لقمان، وسأله ما به
فأخبره الخبر
فقال له لقمان : اطمئن فإنّي سأخرجك من رهانك هذا
فإذا جاء الغد سَلْه : أَأشربُ ما بين الضّفتين أم المد ؟
فسيقول لك ما بين الضّفتين
فقل له احبسْ عني الماء إذاً كي لا يختلط الماء
فإنّه سيعجز !
فلما كان الغد قال سيّد لقمان لخصمه : أَأشربُ ما بين الضّفتين أم المد ؟
فقال : اشربْ ما بين الضّفتين
فقال له : احبسْ عنّي المد كي لا يختلط الماء
فقال له : لا أستطيع
فقال سيّد لقمان : وأنا لا أشربُ ماءً ليس داخلاً في الرّهان
فقُضي الأمر
وأُعجب سيّد لقمان به، وأعتقه ...
.
.
الدّرس الرّابع :
أحياناً صاحب العقل لا يُسعفه عقله
فيجد ضالته في عقل من دونه
ومن حكمة الله أنّه أحاج النّاس للناس !
فإن كان حلّال مشاكل غيره قد يحتاج من يسعفه بمشكلته
فنحن العاديّون أحوج ما نكون لنُصح غيرنا !
ولنتواضع للحقّ إذا قيل دون أن نلتفت لمكانة قائله
كان في الجاهليّة رجل تقصده العرب من كل حدبٍ وصوب في مشاكلها
وذات يوم جاءه ثلاثة إخوة يطلبون حكمه في قضيّة إرث
فلما وقفوا بين يديه قالوا له :
نحن ثلاثة إخوة مات أبونا عن مال كثير
وعندنا شخص رابع له عضو ذكريّ وعضو أنثويّ
ونحن لا ندري أيرِثُ معنا إرث الرّجال أم يرثُ إرث النّساء !
فقال لهم : دعوني أُقلّب أمركم هذا
ونصبَ لهم خيمةً وأكرمهم كأحسن ما يكون إكرام الضّيوف
وأوكل خادمة تسهر على راحتهم ...
وبدأت الأيام تمضي والحكيم لا يستقرّ على رأي
وبعد أن انقضى شهر جاءت الخادمة إليه وقالت له :
ما أرى إلا أنّك حبستَ ضيوفك ، فلا أنتَ أفتيتهم في أمرهم، ولا صرفتهم إلى أهلهم
فما هو هذا الأمرُ الذي لم تجد فيه حُكماً بعد ؟!
ضحك الحكيم وقال لها : إن كنتُ أنا قد عجزتُ فأنتِ عن هذا الأمر أعجز !
فقالت له : قل لي فإن الله يضع سرّه في أضعف خلقه !
فلم يجد بُدّاً أن يخبرها
فقالت له على الفور : الأمر يسير !
إن كان يبول قائماً كالرّجال ورث إرث الرّجال
وإن كان يبول قاعداً كالنّساء ورث إرث النّساء
فاستحسن الحكيمُ رأيها وقضى به !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
💐
حديثُ المساء ٥
متى ينقرضُ هؤلاء ؟!
قال رجلٌ ليحيى بن خالد البرمكيّ :
واللهِ لأنتَ أحلمُ من الأحنف
وأحكمُ من معاوية
وأحزمُ من عبد الملك
وأعدلُ من عمر بن عبد العزيز !
فقال له يحيى :
لعُمير غُلام الأحنف أحلمُ منّي
ولسرحون كاتب معاوية أفقه منّي
ولأبو الزّعيزعة صاحب شرطة عبد الملك أحزمُ منّي
ولمزاحمُ قهرمان عمر بن عبد العزيز أعدل منّي
وما تقرّب إليّ من أعطاني فوق حقّي !
.
.
الدّرس الأوّل :
يقول داروين في كتابه " أصل الأنواع " :
البقاء ليس للأقوى، وإنّما للأقدر على التّكيّف !
بغضّ النّظر عن خراريف داروين الكثيرة ، إلا أنّ هذا كلام صحيح
وإلا لما انقرضت الدّيناصورات وبقيت الفئران !
لهذا لن ينقرض هؤلاء لأنّ لهم قدرة عجببة على التّكيّف
يخلعون مبادئهم كما تخلعُ الحيّة جلدها
ويُغيّرون وجوههم كما يُغيّر أحدنا ملابسه !
.
.
الدّرس الثّاني :
المتسوّلون ليسوا أولئك الذين يلبسون ثياباً رثّة ويمدّون أيديهم في الطّرقات
هناك متسوّلون مرموقون !
منهم شعراء كابن هانىء الأندلسيّ الذي قال للخليفة :
ما شئتَ لا ما شاءت الأقدارُ ... فاحكم فأنتَ الواحدُ القهّارُ
وهناك مفتون الدّين في أيديهم كالقماش يُفصّلونه على مقاس من يدفع أكثر
وهناك متسوّلون عندهم قنوات تلفزة
وهناك موظّفون يتسوّلون عند رئيس مجلس الإدارة
وهناك مدرّسون يتسوّلون عند مدير المدرسة
هؤلاء لا يمدّون أيديهم كالمتسوّلين الذين ترونهم في الشّوارع
هؤلاء يمدّون ماء وجوهم !
.
.
الدّرس الثّالث :
من لم يحفظ مكانة غيرك عندك
سيأتي يوم ولن يحفظ مكانتك عند غيرك !
ومن اتخذ الآخرين سُلّماً ليصعد إليك من خلالهم
سيأتي يوم ويتّخذكَ سُلّماً ليصعد إلى غيرك !
هؤلاء كالنّاموس والبقّ طعامهم الألذّ ما كان من دماء الآخرين !
.
.
الدّرس الرّابع :
النّبلاء ليسوا بحاجة لأن يكون الآخرون أقلّ قيمة ليرتفعوا
فكن نبيلاً ولا ترضَ أن يُهان شريف في حضرتك
ولو كان بينك وبينه خصومة !
النّبلاء يعرفون فضل أعدائهم كما يعرفون فضل أصدقائهم !
.
.
الدّرس الخامس :
ليس عيباً أن تكون علاقتك حسنة بمن هم أعلى مرتبةً منك
بدءاً برئيس الدّولة ، مروراً بالوزير، وصاحب الشركة، ومدير المدرسة، ومالك المصنع
ولكن العيب أن تبني علاقتك معهم عن طريق هدم الآخرين !
العيبُ أن تتسلّقَ أكتافهم لتصلَ !
العيبُ أن تُشعلهم لتوقد سيجارتك !
.
.
الدّرس السّادس :
حيثما وُجدت السّلطة بأي أشكالها وُجد المُتزلّفون !
هؤلاء إن وجدوا مكاناً في القُرب فليس لهم مكان في القلب !
وهم في الغالب لا يتقاضون مرتّباتهم وإنّما يتقاضون أثمانهم !
إنّهم أشبه بكلاب الصّيد الذين يحسبون أنفسهم أصدقاء الصّيادين
مع فارقٍ ضئيل أن كلاب الصّيد تقوم بعملها الذي خُلقت له، معتمدة على جهدها لا على تحطيم الآخرين !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
حديثُ المساء ٥
متى ينقرضُ هؤلاء ؟!
قال رجلٌ ليحيى بن خالد البرمكيّ :
واللهِ لأنتَ أحلمُ من الأحنف
وأحكمُ من معاوية
وأحزمُ من عبد الملك
وأعدلُ من عمر بن عبد العزيز !
فقال له يحيى :
لعُمير غُلام الأحنف أحلمُ منّي
ولسرحون كاتب معاوية أفقه منّي
ولأبو الزّعيزعة صاحب شرطة عبد الملك أحزمُ منّي
ولمزاحمُ قهرمان عمر بن عبد العزيز أعدل منّي
وما تقرّب إليّ من أعطاني فوق حقّي !
.
.
الدّرس الأوّل :
يقول داروين في كتابه " أصل الأنواع " :
البقاء ليس للأقوى، وإنّما للأقدر على التّكيّف !
بغضّ النّظر عن خراريف داروين الكثيرة ، إلا أنّ هذا كلام صحيح
وإلا لما انقرضت الدّيناصورات وبقيت الفئران !
لهذا لن ينقرض هؤلاء لأنّ لهم قدرة عجببة على التّكيّف
يخلعون مبادئهم كما تخلعُ الحيّة جلدها
ويُغيّرون وجوههم كما يُغيّر أحدنا ملابسه !
.
.
الدّرس الثّاني :
المتسوّلون ليسوا أولئك الذين يلبسون ثياباً رثّة ويمدّون أيديهم في الطّرقات
هناك متسوّلون مرموقون !
منهم شعراء كابن هانىء الأندلسيّ الذي قال للخليفة :
ما شئتَ لا ما شاءت الأقدارُ ... فاحكم فأنتَ الواحدُ القهّارُ
وهناك مفتون الدّين في أيديهم كالقماش يُفصّلونه على مقاس من يدفع أكثر
وهناك متسوّلون عندهم قنوات تلفزة
وهناك موظّفون يتسوّلون عند رئيس مجلس الإدارة
وهناك مدرّسون يتسوّلون عند مدير المدرسة
هؤلاء لا يمدّون أيديهم كالمتسوّلين الذين ترونهم في الشّوارع
هؤلاء يمدّون ماء وجوهم !
.
.
الدّرس الثّالث :
من لم يحفظ مكانة غيرك عندك
سيأتي يوم ولن يحفظ مكانتك عند غيرك !
ومن اتخذ الآخرين سُلّماً ليصعد إليك من خلالهم
سيأتي يوم ويتّخذكَ سُلّماً ليصعد إلى غيرك !
هؤلاء كالنّاموس والبقّ طعامهم الألذّ ما كان من دماء الآخرين !
.
.
الدّرس الرّابع :
النّبلاء ليسوا بحاجة لأن يكون الآخرون أقلّ قيمة ليرتفعوا
فكن نبيلاً ولا ترضَ أن يُهان شريف في حضرتك
ولو كان بينك وبينه خصومة !
النّبلاء يعرفون فضل أعدائهم كما يعرفون فضل أصدقائهم !
.
.
الدّرس الخامس :
ليس عيباً أن تكون علاقتك حسنة بمن هم أعلى مرتبةً منك
بدءاً برئيس الدّولة ، مروراً بالوزير، وصاحب الشركة، ومدير المدرسة، ومالك المصنع
ولكن العيب أن تبني علاقتك معهم عن طريق هدم الآخرين !
العيبُ أن تتسلّقَ أكتافهم لتصلَ !
العيبُ أن تُشعلهم لتوقد سيجارتك !
.
.
الدّرس السّادس :
حيثما وُجدت السّلطة بأي أشكالها وُجد المُتزلّفون !
هؤلاء إن وجدوا مكاناً في القُرب فليس لهم مكان في القلب !
وهم في الغالب لا يتقاضون مرتّباتهم وإنّما يتقاضون أثمانهم !
إنّهم أشبه بكلاب الصّيد الذين يحسبون أنفسهم أصدقاء الصّيادين
مع فارقٍ ضئيل أن كلاب الصّيد تقوم بعملها الذي خُلقت له، معتمدة على جهدها لا على تحطيم الآخرين !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
💐
حديثُ المساء ٦
خُلفُ الوعدِ خُلق الوغدِ !
رجع الملكُ إلى قصره في ليلةٍ شديدة البرودة
ورأى عند باب القصر حارساً كبيراً في السّن واقفاً بملابس رقيقة
فاقتربَ الملكُ منه وسأله : ألا تشعرُ بالبرد ؟
فردّ الحارس : نعم أشعر بالبرد، ولكنّي لا أملكُ لباساً دافئاً، ولا سبيل لي إلا أن أصبر
فقال له الملك : سأدخلُ إلى القصر الآن وأطلب من أحد خدمي أن يأتيك بلباس يُدفئك
ما إن دخل الملك إلى القصر حتّى نسيَ وعده
وفي الصباح كان الحارسُ قد فارق الحياة وإلى جانبه ورقة كتبَ عليها :
أيها الملك : كنتُ أتحمّل البرد كل ليلةٍ صامداً ، ولكن وعدك لي بالملابس الدّافئة سلب منّي قوّتي وقتلني !
.
.
الدّرس الأوّل :
عندما تعدُ فِ بوعدكَ !
فأنتَ لا تعرف أي أحلام بناها الذين وعدّتهم
فوعدٌ لا تُلقي له بالاً قد يُصبح حياة أحدهم كلّها
المرأة التي تعدها بالزّواج لن تستطيع أن تعيش حياتها كما كانتْ قبل وعدك
وعاطلٌ عن العمل تعده بعمل لن يتكيّف مع بطالته كما كان قبل وعدك
الخُذلان موجع ...
والنّاس يبنون على الوعود أحلاماً وحين تهدم حلم أحد تكون قد هدمت حياته فعلاً !
.
.
الدّرس الثّاني
كان السّموأل يهوديّاً ولكنّه كان شهماً
فضربتْ به العربُ المثل في الوفاء
وكانتْ إذا أرادتْ أن تمدح شخصاً بالوفاء قالت : فلان أوفى من السّموأل !
كان السّموأل صديقاً للشاعر الشهير امرىء القيس
وبعد أن قتل ملك كندة والد امرىء القيس
جمع امرؤ القيس سلاحاً ودروعاً كثيرة وأودعها السّموأل
وذهب إلى قيصر يطلب منه المدد لاسترجاع ملك أبيه
فعاد من عند قيصر صفر اليدين ، ومات بعدها كمداً وحزناً
ولما علم ملك كندة بموت امرىء القيس أرسل إلى السّموأل يطلب أمانة امرىء القيس
فرفض السّموأل وقال له : لا أعطي الأمانة إلا لورثته
فلم يجد ملك كندة بُدّاً أن يحارب السّموأل ليحصل على تركة امرىء القيس
فلما حضر بجيشه دخل السّموأل حصنه المنيع كعادة اليهود وقتذاك إذ كانوا يتّخذون حصوناً
وكان ابن السّموأل خارج الحصن فقبض عليه ملك كندة
وناداه فأطلّ عليه السّموأل من أعلى الحصن
فقال ملك كندة : أعطني تركة امرىء القيس، وأُخلي سبيل ابنك وإلا ذبحته أمام ناظريك
فقال له السّموأل : ضياع ابني أهون عندي من ضياع مروءتي !
فذبح ملك كندة ابن السّموأل وعاد أدراجه
فحفظت العربُ هذا الوفاء المذهل وقالتْ قولتها الشهيرة : أوفى من السّموأل !
.
.
الدّرس الثّالث :
لا تتخذ قراراً وأنتَ في شدّة غضبك
ولا تقطع وعداً وأنتَ في شدّة فرحك
الغضبُ يعمي العقل فتريّث
والفرح يغرقك في نشوته فتمهّل
عندما نغضب لا نفكّر إلا بالانتقام
وكلّ قرار يضرمه الحقد قرار خاطىء
وعندما نفرح لا نُفكّر إلا بالمكافأة
وكلّ قرار في نشوة الفرح قرار مُتسرّع
فامسك زمام نفسك !
.
.
الدّرس الرّابع :
كما عرفت العربُ السّموأل بوفاء العهد
عرفتْ عرقوب بخُلفِه ، فإذا أرادت أن تذمّ أحداً بخلف الوعد قالت :
أكذبُ من عرقوب !
وعرقوب رجلٌ من العماليق كان عنده نخل
فأتاه سائلٌ يسأله صدقة
فقال له عرقوب : إذا أطلقتْ هذه النّخلة فكل طلعها
فلمّا أطلقتْ أتاه حسب الموعد
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير بلحاً
فلما أبلحتْ أتاه حسب الموعد
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير زهواً
فلما زهتْ أتاه حسب الموعد
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير تمراً
فلما أتمرتْ عمد إليها عرقوب في الليل وقطعها ولم يعطِ السّائل شيئاً
فصار عند العرب مثلاً
فدافعْ عن سمعتك
وفاء واحد قد يرفعك رفعة السّموأل
وخلف واحد قد يحطّك حطّ عرقوب
.
.
الدّرس الخامس :
إن لم يأتِ في خلف الوعد سوى أنّه إحدى آيات المنافق لكفى
ومن كان فيه خلف الوعد كان فيه آية من نفاق حتى يدعها
وقد قالت العرب : وعد الحرّ دَين
وقالت : الحرّ إذا وعد وفى
لأنّهم كانوا يعتقدون أن الفارق بين الحرّ والعبد ليس لون البشرة
وإنما لون الأخلاق
فلا تكن حرّاً بهيئتك عبداً بأخلاقك !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
حديثُ المساء ٦
خُلفُ الوعدِ خُلق الوغدِ !
رجع الملكُ إلى قصره في ليلةٍ شديدة البرودة
ورأى عند باب القصر حارساً كبيراً في السّن واقفاً بملابس رقيقة
فاقتربَ الملكُ منه وسأله : ألا تشعرُ بالبرد ؟
فردّ الحارس : نعم أشعر بالبرد، ولكنّي لا أملكُ لباساً دافئاً، ولا سبيل لي إلا أن أصبر
فقال له الملك : سأدخلُ إلى القصر الآن وأطلب من أحد خدمي أن يأتيك بلباس يُدفئك
ما إن دخل الملك إلى القصر حتّى نسيَ وعده
وفي الصباح كان الحارسُ قد فارق الحياة وإلى جانبه ورقة كتبَ عليها :
أيها الملك : كنتُ أتحمّل البرد كل ليلةٍ صامداً ، ولكن وعدك لي بالملابس الدّافئة سلب منّي قوّتي وقتلني !
.
.
الدّرس الأوّل :
عندما تعدُ فِ بوعدكَ !
فأنتَ لا تعرف أي أحلام بناها الذين وعدّتهم
فوعدٌ لا تُلقي له بالاً قد يُصبح حياة أحدهم كلّها
المرأة التي تعدها بالزّواج لن تستطيع أن تعيش حياتها كما كانتْ قبل وعدك
وعاطلٌ عن العمل تعده بعمل لن يتكيّف مع بطالته كما كان قبل وعدك
الخُذلان موجع ...
والنّاس يبنون على الوعود أحلاماً وحين تهدم حلم أحد تكون قد هدمت حياته فعلاً !
.
.
الدّرس الثّاني
كان السّموأل يهوديّاً ولكنّه كان شهماً
فضربتْ به العربُ المثل في الوفاء
وكانتْ إذا أرادتْ أن تمدح شخصاً بالوفاء قالت : فلان أوفى من السّموأل !
كان السّموأل صديقاً للشاعر الشهير امرىء القيس
وبعد أن قتل ملك كندة والد امرىء القيس
جمع امرؤ القيس سلاحاً ودروعاً كثيرة وأودعها السّموأل
وذهب إلى قيصر يطلب منه المدد لاسترجاع ملك أبيه
فعاد من عند قيصر صفر اليدين ، ومات بعدها كمداً وحزناً
ولما علم ملك كندة بموت امرىء القيس أرسل إلى السّموأل يطلب أمانة امرىء القيس
فرفض السّموأل وقال له : لا أعطي الأمانة إلا لورثته
فلم يجد ملك كندة بُدّاً أن يحارب السّموأل ليحصل على تركة امرىء القيس
فلما حضر بجيشه دخل السّموأل حصنه المنيع كعادة اليهود وقتذاك إذ كانوا يتّخذون حصوناً
وكان ابن السّموأل خارج الحصن فقبض عليه ملك كندة
وناداه فأطلّ عليه السّموأل من أعلى الحصن
فقال ملك كندة : أعطني تركة امرىء القيس، وأُخلي سبيل ابنك وإلا ذبحته أمام ناظريك
فقال له السّموأل : ضياع ابني أهون عندي من ضياع مروءتي !
فذبح ملك كندة ابن السّموأل وعاد أدراجه
فحفظت العربُ هذا الوفاء المذهل وقالتْ قولتها الشهيرة : أوفى من السّموأل !
.
.
الدّرس الثّالث :
لا تتخذ قراراً وأنتَ في شدّة غضبك
ولا تقطع وعداً وأنتَ في شدّة فرحك
الغضبُ يعمي العقل فتريّث
والفرح يغرقك في نشوته فتمهّل
عندما نغضب لا نفكّر إلا بالانتقام
وكلّ قرار يضرمه الحقد قرار خاطىء
وعندما نفرح لا نُفكّر إلا بالمكافأة
وكلّ قرار في نشوة الفرح قرار مُتسرّع
فامسك زمام نفسك !
.
.
الدّرس الرّابع :
كما عرفت العربُ السّموأل بوفاء العهد
عرفتْ عرقوب بخُلفِه ، فإذا أرادت أن تذمّ أحداً بخلف الوعد قالت :
أكذبُ من عرقوب !
وعرقوب رجلٌ من العماليق كان عنده نخل
فأتاه سائلٌ يسأله صدقة
فقال له عرقوب : إذا أطلقتْ هذه النّخلة فكل طلعها
فلمّا أطلقتْ أتاه حسب الموعد
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير بلحاً
فلما أبلحتْ أتاه حسب الموعد
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير زهواً
فلما زهتْ أتاه حسب الموعد
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير تمراً
فلما أتمرتْ عمد إليها عرقوب في الليل وقطعها ولم يعطِ السّائل شيئاً
فصار عند العرب مثلاً
فدافعْ عن سمعتك
وفاء واحد قد يرفعك رفعة السّموأل
وخلف واحد قد يحطّك حطّ عرقوب
.
.
الدّرس الخامس :
إن لم يأتِ في خلف الوعد سوى أنّه إحدى آيات المنافق لكفى
ومن كان فيه خلف الوعد كان فيه آية من نفاق حتى يدعها
وقد قالت العرب : وعد الحرّ دَين
وقالت : الحرّ إذا وعد وفى
لأنّهم كانوا يعتقدون أن الفارق بين الحرّ والعبد ليس لون البشرة
وإنما لون الأخلاق
فلا تكن حرّاً بهيئتك عبداً بأخلاقك !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
💐
حديثُ المساء ٧
ازرعْ جميلاً !
وما طردناك من بخل ولا قللِ
لكن خشينا عليك وقفة الخجل
لهذه الأبيات قصة حلوة ...
كان فيما مضى شاب ثري ثراءً عظيماً
وكان والده يعمل بتجارة الجواهر والياقوت
وكان الشاب يؤثر أصدقاءه أيّما إيثار
وهم بدورهم يجلّونه ويحترمونه بشكل لا مثيل له .
ودارت الأيام دورتها، ومات والد الشاب، وافتقرت العائلة .
فبدأ الشاب يبحث عن أصدقاء الماضي
فعلم أن أعز صديق كان يكرمه ويؤثر عليه،
وأكثرهم مودةً وقرباً منه قد أثرى ثراء لا يوصف.
وأصبح من أصحاب القصور والأملاك والأموال.
فتوجه إليه عسى أن يجد عنده عملاً أو سبيلاً لإصلاح حاله .
فلما وصل باب القصر استقبله الخدم والحشم .
فذكر لهم صلته بصاحب الدار وما كان بينهما من مودة قديمة.
فذهب الخدم فأخبروا صديقه بذلك
فنظر إليه ذلك الرجل من خلف ستار
ليرى شخصا رث الثياب عليه آثار الفقر فلم يرض بلقائه .
وأخبر الخدم بأن يخبروه أن صاحب الدار لا يمكنه استقبال أحد .
فخرج الرجل والدهشة تأخذ منه مأخذها ،
وهو يتألم على الصداقة ، كيف ماتت وعلى القيم ،
كيف تذهب بصاحبها بعيداً عن الوفاء..
وتساءل عن الضمير ، كيف يمكن أن يموت
وكيف للمروءة أن لا تجد سبيلها في نفوس البعض.
ومهما يكن من أمر فقد ذهب بعيدا.
وقريباً من دياره صادف ثلاثة من الرجال عليهم أثر الحيرة وكأنهم يبحثون عن شيء .
فقال لهم ما أمر القوم ؟
قالوا له : نبحث عن رجل يدعى فلان ابن فلان وذكروا اسم والده،
فقال لهم إنه أبي ، وقد مات منذ زمن
فحوقل الرجال وتأسفوا، وذكروا أباه بكل خير ،
وقالوا له إن أباك كان يتاجر بالجواهر
وله عندنا قطع نفيسة من المرجان كان قد تركها عندنا أمانة
فاخرجوا كيسا كبيراً قد ملئ مرجانا ، فدفعوه إليه ورحلوا ،
والدهشة تعلوه وهو لا يصدق ما يرى ويسمع ..
ولكن تساءل أين اليوم من يشتري المرجان
فإن عملية بيعه تحتاج إلى أثرياء
والناس في بلدته، ليس فيهم من يملك ثمن قطعة واحدة.
مضى في طريقه وبعد برهة من الوقت
صادف امرأة كبيرة في السن عليها آثار النعمة والخير .
فقالت له يا بني أين أجد مجوهرات للبيع في بلدتكم
فتسمر الرجل في مكانه ليسألها عن أي نوع من المجوهرات تبحث .
فقالت : أريد أحجارا كريمة رائعة الشكل ومهما كان ثمنها.
فسألها: إن كان يعجبها المرجان
فقالت له : نِعمَ المطلب
فأخرج بضع قطع من الكيس فاندهشت المرأة لما رأت .
فابتاعت منه قطعا ، ووعدته بأن تعود لتشتري منه المزيد
وهكذا عادت الحال إلى يسر بعد عسر
وعادت تجارته تنشط بشكل كبير .
فتذكر بعد حين من الزمن ذلك الصديق الذي ما أدى حق الصداقة
فبعث له ببيتين من الشعر بيد صديق جاء فيهما:
صحبتُ قوما لئاما لا وفاء لهم ..
يدعون بين الورى بالمكر والحيل ..
كانوا يجلونني مذ كنت رب غنى ..
وحين أفلستُ عدوني من الجهل ..
فلما قرأ ذلك الصديق هذه الأبيات كتب على ورقة ثلاث أبيات وبعث بها إليه جاء فيها:
أما الثلاثة قد وافوك من قبلي ..
ولم تكن سببا إلا من الحيل ..
أما من ابتاعت المرجان والدتي ..
وأنت أنت أخي بل منتهى أملي
وما طردناك من بخل ومن قلل ..
لكن خشينا عليك وقفة الخجل ...
.
الدّرس الأوّل :
الدّنيا دولاب، والزّمن دوّار !
والحياة كالحرب : يومٌ لكَ ويومٌ عليكَ
أعتى مُلاكم هي الأيام، فكثر أولئك الذي أسقطتهم بالضّربة القاضية !
ممالك زالت، وملوكٌ خُلعوا
وجاه انفضّ، وقصور خربتْ
كثرٌ رأيناهم في قمّة الحياة ثمّ دار الزّمان دورته فإذا هم عند سفحها !
كثرٌ كانوا يُقصدون فصاروا يَقصدون
كثرٌ كانوا يَحكمون فصاروا يُحكمون
الأيّام جندٌ من جنود الله، يرفعُ بها أقوماً ويحطُّ آخرين
فإذا كنتَ في غنى فلا تأمن الفقر
وإذا كنت في فقر فلا تيأس من الغِنى
وإذا كنتَ في صحّة فلا تأمن المرض
وإذا كنت في مرض فلا تيأس من الشّفاء
تعامل مع الغد مغريبٍ لا تعرفه
لا كصديقٍ غائبٍ تنتظره !
.
.
الدّرس الثّاني
المعروف لا يضيع !
وإن ضاع عند النّاس فلن يضيع عند الله !
فسلّف النّاس سلفَ من لا ينتظرُ السّداد
وأحسِنْ إليهم إحسان من لا ينتظر العوض
ولكن كن على ثقة أن الحياة دين سيُوفّى لا محالة
كتاب البرّ الذي تكتبه في حياة أبويك سيقرأه عليك أولادك !
وكتاب العقوق الذي تكتبه
سيأتي يوم ويراجعه لك أبناؤك حرفاً حرفاً !
أعراض النّاس التي تتورّع عنها وأنت قادر عليها
هو عرضك الذي تحميه من النّاس وهم قادرون عليه !
الصّدقة التي تضعها في يد فقير هي التي ستحمي يدك أن تمتدّ للنّاس !
صدّقني، أنتَ تتصدّقُ على نفسك حين تدّخرُ عند الله !
يدٌ تمدّها إلى ضعيف هي يدٌ تُخبّئها للغد إذا ضعفتَ
ومساعدة متعثّر هي مساعدة تُخبّئها للغد إذا تعثّرتَ
المعاملة دَين، والأيام سَداد !
من ظَلم ظُلم، ومن قَتل قُتل !
من أَبكى أُبكي، ومن أَضحك أُضحك !
وحتى إن لم تكن الدّنيا سَداد فهناك آخرة
سيسعدُ صاحب المعروف أن معروفه لم يُوفّ في الدّنيا
وسيتمنّى صاحب الخيانة أن خيانته رُدّتْ له في الدّنيا
.
.
الدّرس الثّال
حديثُ المساء ٧
ازرعْ جميلاً !
وما طردناك من بخل ولا قللِ
لكن خشينا عليك وقفة الخجل
لهذه الأبيات قصة حلوة ...
كان فيما مضى شاب ثري ثراءً عظيماً
وكان والده يعمل بتجارة الجواهر والياقوت
وكان الشاب يؤثر أصدقاءه أيّما إيثار
وهم بدورهم يجلّونه ويحترمونه بشكل لا مثيل له .
ودارت الأيام دورتها، ومات والد الشاب، وافتقرت العائلة .
فبدأ الشاب يبحث عن أصدقاء الماضي
فعلم أن أعز صديق كان يكرمه ويؤثر عليه،
وأكثرهم مودةً وقرباً منه قد أثرى ثراء لا يوصف.
وأصبح من أصحاب القصور والأملاك والأموال.
فتوجه إليه عسى أن يجد عنده عملاً أو سبيلاً لإصلاح حاله .
فلما وصل باب القصر استقبله الخدم والحشم .
فذكر لهم صلته بصاحب الدار وما كان بينهما من مودة قديمة.
فذهب الخدم فأخبروا صديقه بذلك
فنظر إليه ذلك الرجل من خلف ستار
ليرى شخصا رث الثياب عليه آثار الفقر فلم يرض بلقائه .
وأخبر الخدم بأن يخبروه أن صاحب الدار لا يمكنه استقبال أحد .
فخرج الرجل والدهشة تأخذ منه مأخذها ،
وهو يتألم على الصداقة ، كيف ماتت وعلى القيم ،
كيف تذهب بصاحبها بعيداً عن الوفاء..
وتساءل عن الضمير ، كيف يمكن أن يموت
وكيف للمروءة أن لا تجد سبيلها في نفوس البعض.
ومهما يكن من أمر فقد ذهب بعيدا.
وقريباً من دياره صادف ثلاثة من الرجال عليهم أثر الحيرة وكأنهم يبحثون عن شيء .
فقال لهم ما أمر القوم ؟
قالوا له : نبحث عن رجل يدعى فلان ابن فلان وذكروا اسم والده،
فقال لهم إنه أبي ، وقد مات منذ زمن
فحوقل الرجال وتأسفوا، وذكروا أباه بكل خير ،
وقالوا له إن أباك كان يتاجر بالجواهر
وله عندنا قطع نفيسة من المرجان كان قد تركها عندنا أمانة
فاخرجوا كيسا كبيراً قد ملئ مرجانا ، فدفعوه إليه ورحلوا ،
والدهشة تعلوه وهو لا يصدق ما يرى ويسمع ..
ولكن تساءل أين اليوم من يشتري المرجان
فإن عملية بيعه تحتاج إلى أثرياء
والناس في بلدته، ليس فيهم من يملك ثمن قطعة واحدة.
مضى في طريقه وبعد برهة من الوقت
صادف امرأة كبيرة في السن عليها آثار النعمة والخير .
فقالت له يا بني أين أجد مجوهرات للبيع في بلدتكم
فتسمر الرجل في مكانه ليسألها عن أي نوع من المجوهرات تبحث .
فقالت : أريد أحجارا كريمة رائعة الشكل ومهما كان ثمنها.
فسألها: إن كان يعجبها المرجان
فقالت له : نِعمَ المطلب
فأخرج بضع قطع من الكيس فاندهشت المرأة لما رأت .
فابتاعت منه قطعا ، ووعدته بأن تعود لتشتري منه المزيد
وهكذا عادت الحال إلى يسر بعد عسر
وعادت تجارته تنشط بشكل كبير .
فتذكر بعد حين من الزمن ذلك الصديق الذي ما أدى حق الصداقة
فبعث له ببيتين من الشعر بيد صديق جاء فيهما:
صحبتُ قوما لئاما لا وفاء لهم ..
يدعون بين الورى بالمكر والحيل ..
كانوا يجلونني مذ كنت رب غنى ..
وحين أفلستُ عدوني من الجهل ..
فلما قرأ ذلك الصديق هذه الأبيات كتب على ورقة ثلاث أبيات وبعث بها إليه جاء فيها:
أما الثلاثة قد وافوك من قبلي ..
ولم تكن سببا إلا من الحيل ..
أما من ابتاعت المرجان والدتي ..
وأنت أنت أخي بل منتهى أملي
وما طردناك من بخل ومن قلل ..
لكن خشينا عليك وقفة الخجل ...
.
الدّرس الأوّل :
الدّنيا دولاب، والزّمن دوّار !
والحياة كالحرب : يومٌ لكَ ويومٌ عليكَ
أعتى مُلاكم هي الأيام، فكثر أولئك الذي أسقطتهم بالضّربة القاضية !
ممالك زالت، وملوكٌ خُلعوا
وجاه انفضّ، وقصور خربتْ
كثرٌ رأيناهم في قمّة الحياة ثمّ دار الزّمان دورته فإذا هم عند سفحها !
كثرٌ كانوا يُقصدون فصاروا يَقصدون
كثرٌ كانوا يَحكمون فصاروا يُحكمون
الأيّام جندٌ من جنود الله، يرفعُ بها أقوماً ويحطُّ آخرين
فإذا كنتَ في غنى فلا تأمن الفقر
وإذا كنت في فقر فلا تيأس من الغِنى
وإذا كنتَ في صحّة فلا تأمن المرض
وإذا كنت في مرض فلا تيأس من الشّفاء
تعامل مع الغد مغريبٍ لا تعرفه
لا كصديقٍ غائبٍ تنتظره !
.
.
الدّرس الثّاني
المعروف لا يضيع !
وإن ضاع عند النّاس فلن يضيع عند الله !
فسلّف النّاس سلفَ من لا ينتظرُ السّداد
وأحسِنْ إليهم إحسان من لا ينتظر العوض
ولكن كن على ثقة أن الحياة دين سيُوفّى لا محالة
كتاب البرّ الذي تكتبه في حياة أبويك سيقرأه عليك أولادك !
وكتاب العقوق الذي تكتبه
سيأتي يوم ويراجعه لك أبناؤك حرفاً حرفاً !
أعراض النّاس التي تتورّع عنها وأنت قادر عليها
هو عرضك الذي تحميه من النّاس وهم قادرون عليه !
الصّدقة التي تضعها في يد فقير هي التي ستحمي يدك أن تمتدّ للنّاس !
صدّقني، أنتَ تتصدّقُ على نفسك حين تدّخرُ عند الله !
يدٌ تمدّها إلى ضعيف هي يدٌ تُخبّئها للغد إذا ضعفتَ
ومساعدة متعثّر هي مساعدة تُخبّئها للغد إذا تعثّرتَ
المعاملة دَين، والأيام سَداد !
من ظَلم ظُلم، ومن قَتل قُتل !
من أَبكى أُبكي، ومن أَضحك أُضحك !
وحتى إن لم تكن الدّنيا سَداد فهناك آخرة
سيسعدُ صاحب المعروف أن معروفه لم يُوفّ في الدّنيا
وسيتمنّى صاحب الخيانة أن خيانته رُدّتْ له في الدّنيا
.
.
الدّرس الثّال
ث :
الدّنيا دار زراعة لا دار حصاد !
فازرع فيها ما يسرّك أن تحصده غداً
وتذكّر دوماً أنّ الإنسان بقلبه لا بجيبه
وتأسَّ بمن هم خيرٌ منك !
إن كُذّبتَ فقد كُذّب نوح قبلكَ !
وإن عُصيتَ فقد عُصيَ موسى قبلكَ !
وإن ظُلمتَ فقد ظُلم يوسف قبلكَ !
وإن افتقرتَ فقد افتقرَ عيسى قبلكَ !
وإن طُردّتَ فقد طُرد محمد قبلكَ !
وإن كان لكَ ولدٌ عاق فقد سبقَ ابنُ نوحٍ ابنكَ !
وإن كان لكَ أبٌ فاجر فقد سبق أبو إبراهيم أباك !
وإن كان لكَ زوجة عاصية فقد سبقتْ زوجة لوطٍ زوجتكَ !
وإن كان لكِ زوجٌ عاصٍ فقد سبق زوج آسيا زوجكِ !
وإن كان لكَ عم ضال فقد سبق عمّ محمّد عمّك !
ابتلى الله هؤلاء قبلك ليُعلّمك أن الدّنيا امتحان كبير
وأنّ كلّ إنسان آتيه يوم القيامة فرداً
فلا تدع أحداً يقفُ بينكَ وبين الله !
.
.
الدّرس الرّابع :
إذا صنعتَ معروفاً مع إنسان فلا تتذكّره
وإذا صنع إنسان معكَ معروفاً فلا تنساه
أحياناً لا ينتظر منكَ صاحب المعروف سَداداً
ولكن من العيب أن تنسى
لهذا اكتبْ معروفك مع النّاس على الرّمل لتخفيه الريح
واكتبْ معروف النّاس معك على الصّخر لتقرأه دوماً !
.
.
الدّرس الخامس :
لا أحقر من الذي يُبادر النّاس بالإساءة
إلا الذي يردّ المعروف بالإساءة
عقوق أن تُبكي عيناً سهرت الليل تحرسك
وتضرب يداً أفنتْ عمرها ترعاك
عقوق أن تردم بئراً شربتَ منه
وتقطعَ شجرةً أكلتَ منها
ولا ينطبق عليكَ مثل العرب القديم : سمّن كلبكَ يأكلكَ !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
الدّنيا دار زراعة لا دار حصاد !
فازرع فيها ما يسرّك أن تحصده غداً
وتذكّر دوماً أنّ الإنسان بقلبه لا بجيبه
وتأسَّ بمن هم خيرٌ منك !
إن كُذّبتَ فقد كُذّب نوح قبلكَ !
وإن عُصيتَ فقد عُصيَ موسى قبلكَ !
وإن ظُلمتَ فقد ظُلم يوسف قبلكَ !
وإن افتقرتَ فقد افتقرَ عيسى قبلكَ !
وإن طُردّتَ فقد طُرد محمد قبلكَ !
وإن كان لكَ ولدٌ عاق فقد سبقَ ابنُ نوحٍ ابنكَ !
وإن كان لكَ أبٌ فاجر فقد سبق أبو إبراهيم أباك !
وإن كان لكَ زوجة عاصية فقد سبقتْ زوجة لوطٍ زوجتكَ !
وإن كان لكِ زوجٌ عاصٍ فقد سبق زوج آسيا زوجكِ !
وإن كان لكَ عم ضال فقد سبق عمّ محمّد عمّك !
ابتلى الله هؤلاء قبلك ليُعلّمك أن الدّنيا امتحان كبير
وأنّ كلّ إنسان آتيه يوم القيامة فرداً
فلا تدع أحداً يقفُ بينكَ وبين الله !
.
.
الدّرس الرّابع :
إذا صنعتَ معروفاً مع إنسان فلا تتذكّره
وإذا صنع إنسان معكَ معروفاً فلا تنساه
أحياناً لا ينتظر منكَ صاحب المعروف سَداداً
ولكن من العيب أن تنسى
لهذا اكتبْ معروفك مع النّاس على الرّمل لتخفيه الريح
واكتبْ معروف النّاس معك على الصّخر لتقرأه دوماً !
.
.
الدّرس الخامس :
لا أحقر من الذي يُبادر النّاس بالإساءة
إلا الذي يردّ المعروف بالإساءة
عقوق أن تُبكي عيناً سهرت الليل تحرسك
وتضرب يداً أفنتْ عمرها ترعاك
عقوق أن تردم بئراً شربتَ منه
وتقطعَ شجرةً أكلتَ منها
ولا ينطبق عليكَ مثل العرب القديم : سمّن كلبكَ يأكلكَ !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
💐
حديثُ السّبت ٥٥
شجرة الخُلد !
قال عمرُ المختار قبل لحظاتٍ من إعدامه من قبل المحتلين الإيطاليين : " يستطيعُ المدفعُ أن يُسكتَ صوتي ولكنّه لا يستطيعُ أن يُلغي حقّي ، والشيءُ الوحيدُ المؤكد لديّ الآن أنّ حياتي ستكون أطول من حياة شانقي " !
ونبقى مع الإيطاليين ولكن بعيداً عن حبال المشانق، قال الرّوائيّ والفيلسوف الإيطاليّ أمبرتو إيكو : " للاستمرارِ في هذا العالمِ الرّهيبِ يجب أن تنجحَ في شيئين اثنين على الأقل: أن تكتبَ كتابًا، أو أن تُنجب طفلاً " ! عموماً مات إيكو منذ أيام، وقد أحرزَ نجاحاً كبيراً في هذين الأمرين ، فقد كتبَ وأنجبَ ولكنّه لم يستطع الاستمرار !
ليستُ هنا لأنعى إيكو، ولكنّ الشيء بالشّيء يُذكر، لطالما كان الموتُ أكثر ما يشغل الإنسان، وبعيداً عن الموت أو قريباً منه ، شغلت فكرة الخلود البشر حتى قبل وجودهم على هذه الأرض، وكان مما أغرى به إبليسُ آدمَ وهو يُزيّن له شجرة المعصية " هل أدلكَ على شجرة الخُلد وملكٍ لا يبلى "!
وبعد النّزول إلى الأرض استمات البشرُ بحثاً عن حياة أبدية، وأفنى الكيميائيون أعمارهم لإيجاد إكسير الحياة أو ماء الخلود ، ولم يحدث أن جاء زمنٌ لم يحلم الناس فيه أن يعيشوا إلى الأبد ! لهذا جاب الملك السّومريّ جلجامش الأرض بحثاً عن نبتة الخلود بعد وفاة صديقه أنكيدو ، وتقول أسطورة البابليين هذه أنّه لمّا عثر عليها سبقته أفعى إليها وبقي البشر محكومون بالموت ! يبدو من كلّ ما سبق أن فكرة المكوث على ظهر هذا الكوكب هي فكرة جذابة للكثيرين، رغم أني أميلُ إلى رأي الجاهليّ الجميل زهير بن أبي سلمى في مطلع معلقته حين قال :
سئمتُ تكاليفَ الحياةِ ومن يعشْ
ثمانينَ حولاً لا أبا لكَ يسأمِ
لا مناص من الموت إذاً، وستبقى فكرةُ الخلود تدغدغُ أحلام البشر دون جدوى، لأنهم يفهون أنّ الخلود في أن تكون الحياة طويلة، رغم أنّي أرى الخلود في أن تكون الحياة عريضة !
كلّ الذين خلّدهم التاريخ كانوا قد عاشوا لفكرة ما، آمنوا بها حدّ اليقين، لهذا لم يستطع الموت أن يُغيّبهم، كل ما فعله أنه أغتال أجسادهم فقط، أما أرواحهم فما زالت تخفقُ حتى اللحظة أقوى من أرواح كثير من الأحياء! ويبدو لي أنّه ليس من المهم كيف يموتُ الإنسان وإنما كيف يحيا ! أبو بكر مات على فراشه، وعمر وعليّ ماتا مطعونين في صلاة الفجر، وعثمان مذبوحاً على المصحف، وعمر بن عبد العزيز مات مسموماً، وابن تيمية مات مسجونا في قلعة دمشق فوق كتاب الفتاوى، وسيّد مات مشنوقاً في السّجن الحربيّ على مقربة من ظلال القرآن ! كلّ واحد منهم مات بطريقة، ولكنّهم جميعاً عاشوا لله لهذا تخلّدوا !
لا يمكن الخلود دون فكرة ، نبيلة كانت أم وضيعة، وكلّ إنسان قد تخلّد اختار فكرة على شاكلته، وأفنى حياته في سبيلها، قارون عاش لأجل المال، والنمرود عاش لأجل المُلك، وفرعون عاش لأجل
الجاه، وأبو لهب وأبو جهل وعتبة وأمية عاشوا لأجل دين آبائهم، هؤلاء أيضا تخلّدوا لكن هناك فرق بين من يُكتب اسمه في أنصع صفحات التّاريخ، وبين من يُذهبُ به إلى مزبلته !
شجرة الخُلد لا يمكن أن تكون إلا في فكرة، فإذا أردتَ أن تأكل من ثمرها فآمن بفكرة حتى اليقين، عِشْ لها، واعمل بها حتى آخر رمق. لا فكاك من الموت، ولا سبيل للحفاظ على الأجساد، والكائن الوحيد الذي ظل جسده خالداً حتى اللحظة هو إبليس، وتلك لم تكن جائزة بل عقاباً !
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطريّة
http://al-watan.com/mobile/viewnews.aspx?n=059691B8-09E9-483A-A757-F5D137AA6DE9&d=20160227
💐
حديثُ السّبت ٥٥
شجرة الخُلد !
قال عمرُ المختار قبل لحظاتٍ من إعدامه من قبل المحتلين الإيطاليين : " يستطيعُ المدفعُ أن يُسكتَ صوتي ولكنّه لا يستطيعُ أن يُلغي حقّي ، والشيءُ الوحيدُ المؤكد لديّ الآن أنّ حياتي ستكون أطول من حياة شانقي " !
ونبقى مع الإيطاليين ولكن بعيداً عن حبال المشانق، قال الرّوائيّ والفيلسوف الإيطاليّ أمبرتو إيكو : " للاستمرارِ في هذا العالمِ الرّهيبِ يجب أن تنجحَ في شيئين اثنين على الأقل: أن تكتبَ كتابًا، أو أن تُنجب طفلاً " ! عموماً مات إيكو منذ أيام، وقد أحرزَ نجاحاً كبيراً في هذين الأمرين ، فقد كتبَ وأنجبَ ولكنّه لم يستطع الاستمرار !
ليستُ هنا لأنعى إيكو، ولكنّ الشيء بالشّيء يُذكر، لطالما كان الموتُ أكثر ما يشغل الإنسان، وبعيداً عن الموت أو قريباً منه ، شغلت فكرة الخلود البشر حتى قبل وجودهم على هذه الأرض، وكان مما أغرى به إبليسُ آدمَ وهو يُزيّن له شجرة المعصية " هل أدلكَ على شجرة الخُلد وملكٍ لا يبلى "!
وبعد النّزول إلى الأرض استمات البشرُ بحثاً عن حياة أبدية، وأفنى الكيميائيون أعمارهم لإيجاد إكسير الحياة أو ماء الخلود ، ولم يحدث أن جاء زمنٌ لم يحلم الناس فيه أن يعيشوا إلى الأبد ! لهذا جاب الملك السّومريّ جلجامش الأرض بحثاً عن نبتة الخلود بعد وفاة صديقه أنكيدو ، وتقول أسطورة البابليين هذه أنّه لمّا عثر عليها سبقته أفعى إليها وبقي البشر محكومون بالموت ! يبدو من كلّ ما سبق أن فكرة المكوث على ظهر هذا الكوكب هي فكرة جذابة للكثيرين، رغم أني أميلُ إلى رأي الجاهليّ الجميل زهير بن أبي سلمى في مطلع معلقته حين قال :
سئمتُ تكاليفَ الحياةِ ومن يعشْ
ثمانينَ حولاً لا أبا لكَ يسأمِ
لا مناص من الموت إذاً، وستبقى فكرةُ الخلود تدغدغُ أحلام البشر دون جدوى، لأنهم يفهون أنّ الخلود في أن تكون الحياة طويلة، رغم أنّي أرى الخلود في أن تكون الحياة عريضة !
كلّ الذين خلّدهم التاريخ كانوا قد عاشوا لفكرة ما، آمنوا بها حدّ اليقين، لهذا لم يستطع الموت أن يُغيّبهم، كل ما فعله أنه أغتال أجسادهم فقط، أما أرواحهم فما زالت تخفقُ حتى اللحظة أقوى من أرواح كثير من الأحياء! ويبدو لي أنّه ليس من المهم كيف يموتُ الإنسان وإنما كيف يحيا ! أبو بكر مات على فراشه، وعمر وعليّ ماتا مطعونين في صلاة الفجر، وعثمان مذبوحاً على المصحف، وعمر بن عبد العزيز مات مسموماً، وابن تيمية مات مسجونا في قلعة دمشق فوق كتاب الفتاوى، وسيّد مات مشنوقاً في السّجن الحربيّ على مقربة من ظلال القرآن ! كلّ واحد منهم مات بطريقة، ولكنّهم جميعاً عاشوا لله لهذا تخلّدوا !
لا يمكن الخلود دون فكرة ، نبيلة كانت أم وضيعة، وكلّ إنسان قد تخلّد اختار فكرة على شاكلته، وأفنى حياته في سبيلها، قارون عاش لأجل المال، والنمرود عاش لأجل المُلك، وفرعون عاش لأجل
الجاه، وأبو لهب وأبو جهل وعتبة وأمية عاشوا لأجل دين آبائهم، هؤلاء أيضا تخلّدوا لكن هناك فرق بين من يُكتب اسمه في أنصع صفحات التّاريخ، وبين من يُذهبُ به إلى مزبلته !
شجرة الخُلد لا يمكن أن تكون إلا في فكرة، فإذا أردتَ أن تأكل من ثمرها فآمن بفكرة حتى اليقين، عِشْ لها، واعمل بها حتى آخر رمق. لا فكاك من الموت، ولا سبيل للحفاظ على الأجساد، والكائن الوحيد الذي ظل جسده خالداً حتى اللحظة هو إبليس، وتلك لم تكن جائزة بل عقاباً !
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطريّة
http://al-watan.com/mobile/viewnews.aspx?n=059691B8-09E9-483A-A757-F5D137AA6DE9&d=20160227
💐
💐
حديثُ المساء ٨
فكّر أن تتغيّر !
انتقل رجل مع زوجته إلى منزل جديد
وفي صبيحة اليوم الأول وبينما يتناولان وجبة الإفطار
قالت الزوجه مشيرة من خلف زجاج النافذة المطلة على الحديقه المشتركه بينهما وبين جيرانهما
انظر يا عزيزي إن غسيل جارتنا ليس نظيفاً
لا بدّ أنّها تشتري مسحوقاً رخيصاً
ودأبت الزّوجة على إلقاء نفس التعليق في كل مره ترى جارتها تنشر الغسيل
وبعد شهر اندهشت الزوجه عندما رأت الغسيل نظيفاً على حبال جارتها
وقالت لزوجها : انظر .. لقد تعلمت اخيراً كيف تغسل
فأجاب الزوج : عزيزتي لقد نهضتُ مبكراً هذا الصباح ونظفت زجاج النافذة التي تنظرين منها !
.
.
الدّرس الأوّل :
نحن في الغالب لا نرى الأشياء كما هي بل كما نحن !
اللصُّ يرى الأمينَ جباناً
والمتهتكةُ ترى الملتزمةَ معقّدة
والكاذبُ يرى الصّادقَ غشيماً ولا يعرف من أين تُؤكل الكتف !
والمسترجلةُ ترى المحتفظة بأنوثتها ضعيفة
هكذا نحن دوماً نبحثُ في الآخرين عنّا
ونجعل من أنفسنا مقياس ريختر نقيسُ به النّاس
وننسى أنّه ودّت الزّانية لو كل النّساء زنينَ
وودّ السّارقُ لو كلّ الرّجال سرقوا !
ومن المؤلم أنّ أصحاب الفضيلة لو حرصوا على نشر فضائلهم
حِرصَ أصحاب الرّذيلة على نشر رذائلهم لكانت الدّنيا بخير !
.
.
الدّرس الثّاني :
من اشتغلَ بعيوب النّاس نسيَ عيبه
ومن اشتغلَ بعيوبه لن يبقى له وقت لينظر في عيوب النّاس
ولكننا نحن البشر نريد أن نُغيّر العالم ليتلاءم معنا
مع أنّه من الأيسر أن نُغيّر أنفسنا !
هناك خرافة تروى ...
أنّه في يومٍ من الأيام خرج أحد الملوك يتفقّد رعيّته
فدخلتْ شوكة في قدمه
فطلبَ من وزيره أن يفرش شوارع المملكة كلها بالجلد
فقال له الوزير : هذا أمرٌ عسير يا مولاي
ما رأيك أن تضعَ قطعة جلد في أسفل قدمك
وهكذا تصبح كلّ الشّوارع مفروشة بالجّلد
وهكذا وُلدت الأحذية !
تغيير النّفس أسهل من تغيير العالم
أقلّ كلفة، وأبلغ أثراً !
.
.
الدّرس الثالث :
أسهل نشاط إنسانيّ هو انتقاد الآخرين !
مع أنّه لا يُغيّر في واقعنا شيئاً، بل يجعلنا أسوأ !
انتقاد الأغنياء لن يجعلك أكثر مالاً
وانتقاد الدّعاة لن يجعلك أكثر إيماناً
وانتقاد المخطئين لن يجعلك أكثر اتقاناً
فإن لم يكن من سبيل لممارسة غريزة النّقد المدفونة فينا
فليكن النّقد بنّاءً لا هدّاماً
النّقد اللاذع كالجرعة المفرطة من الدّواء
يضرُّ فوق أنّه لا يشفي !
حتى النّصيحة التي لا تأتي على طبقٍ من اللطف لا تقع في القلب !
وعندما قال فرعون : " أنا ربّكم الأعلى "
أرسل الله إليه نبيّاً ليقول له " قولاً ليّناً " !
.
.
الدّرس الرّابع :
أخطاؤك تريكَ صواب الآخرين أخطاءً
فقيّم نفسك في كلّ اختلاف
وتأكّد من صلابة الأرض التي تقفُ عليها
الذين كذّبوا نوحاً حسبوا أنّهم على صواب
والذين رموا إبراهيم في النّار لم يعجبهم أنّه جعل الآلهة إلهاً واحداً
والذين دخلوا البحر وراء موسى ليقتلوه ظنّوا أنّه يريد أن يظهر في الأرض الفساد !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
حديثُ المساء ٨
فكّر أن تتغيّر !
انتقل رجل مع زوجته إلى منزل جديد
وفي صبيحة اليوم الأول وبينما يتناولان وجبة الإفطار
قالت الزوجه مشيرة من خلف زجاج النافذة المطلة على الحديقه المشتركه بينهما وبين جيرانهما
انظر يا عزيزي إن غسيل جارتنا ليس نظيفاً
لا بدّ أنّها تشتري مسحوقاً رخيصاً
ودأبت الزّوجة على إلقاء نفس التعليق في كل مره ترى جارتها تنشر الغسيل
وبعد شهر اندهشت الزوجه عندما رأت الغسيل نظيفاً على حبال جارتها
وقالت لزوجها : انظر .. لقد تعلمت اخيراً كيف تغسل
فأجاب الزوج : عزيزتي لقد نهضتُ مبكراً هذا الصباح ونظفت زجاج النافذة التي تنظرين منها !
.
.
الدّرس الأوّل :
نحن في الغالب لا نرى الأشياء كما هي بل كما نحن !
اللصُّ يرى الأمينَ جباناً
والمتهتكةُ ترى الملتزمةَ معقّدة
والكاذبُ يرى الصّادقَ غشيماً ولا يعرف من أين تُؤكل الكتف !
والمسترجلةُ ترى المحتفظة بأنوثتها ضعيفة
هكذا نحن دوماً نبحثُ في الآخرين عنّا
ونجعل من أنفسنا مقياس ريختر نقيسُ به النّاس
وننسى أنّه ودّت الزّانية لو كل النّساء زنينَ
وودّ السّارقُ لو كلّ الرّجال سرقوا !
ومن المؤلم أنّ أصحاب الفضيلة لو حرصوا على نشر فضائلهم
حِرصَ أصحاب الرّذيلة على نشر رذائلهم لكانت الدّنيا بخير !
.
.
الدّرس الثّاني :
من اشتغلَ بعيوب النّاس نسيَ عيبه
ومن اشتغلَ بعيوبه لن يبقى له وقت لينظر في عيوب النّاس
ولكننا نحن البشر نريد أن نُغيّر العالم ليتلاءم معنا
مع أنّه من الأيسر أن نُغيّر أنفسنا !
هناك خرافة تروى ...
أنّه في يومٍ من الأيام خرج أحد الملوك يتفقّد رعيّته
فدخلتْ شوكة في قدمه
فطلبَ من وزيره أن يفرش شوارع المملكة كلها بالجلد
فقال له الوزير : هذا أمرٌ عسير يا مولاي
ما رأيك أن تضعَ قطعة جلد في أسفل قدمك
وهكذا تصبح كلّ الشّوارع مفروشة بالجّلد
وهكذا وُلدت الأحذية !
تغيير النّفس أسهل من تغيير العالم
أقلّ كلفة، وأبلغ أثراً !
.
.
الدّرس الثالث :
أسهل نشاط إنسانيّ هو انتقاد الآخرين !
مع أنّه لا يُغيّر في واقعنا شيئاً، بل يجعلنا أسوأ !
انتقاد الأغنياء لن يجعلك أكثر مالاً
وانتقاد الدّعاة لن يجعلك أكثر إيماناً
وانتقاد المخطئين لن يجعلك أكثر اتقاناً
فإن لم يكن من سبيل لممارسة غريزة النّقد المدفونة فينا
فليكن النّقد بنّاءً لا هدّاماً
النّقد اللاذع كالجرعة المفرطة من الدّواء
يضرُّ فوق أنّه لا يشفي !
حتى النّصيحة التي لا تأتي على طبقٍ من اللطف لا تقع في القلب !
وعندما قال فرعون : " أنا ربّكم الأعلى "
أرسل الله إليه نبيّاً ليقول له " قولاً ليّناً " !
.
.
الدّرس الرّابع :
أخطاؤك تريكَ صواب الآخرين أخطاءً
فقيّم نفسك في كلّ اختلاف
وتأكّد من صلابة الأرض التي تقفُ عليها
الذين كذّبوا نوحاً حسبوا أنّهم على صواب
والذين رموا إبراهيم في النّار لم يعجبهم أنّه جعل الآلهة إلهاً واحداً
والذين دخلوا البحر وراء موسى ليقتلوه ظنّوا أنّه يريد أن يظهر في الأرض الفساد !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
💐
حديثُ المساء ٩
فنُّ المسافة !
قال أبو جعفر المنصور : بلغني أنّ أسداً لقيَ خنزيراً
فقال له الخنزير : قاتلني !
فقال الأسد : إنّما أنتَ خنزير ولستَ بكفؤٍ لي ولا نظير
ومتى فعلتُ الذي تدعوني إليه وقتلتك
قيل : قتل الأسدُ خنزيراً وليس هذا محطّ فخر
وإن نالني منكَ شيءٌ كان ذلك سُبّةً عليَّ
فقال له الخنزير : إن أنتَ لم تفعل
رجعتُ إلى السّباع وأعلمتهم أنّك جبنتَ عن قتالي
فقال الأسد : احتمالي كذبكَ أيسر عليّ من تلطيخ شاربي بدمكَ !
.
.
الدّرس الأوّل :
ترفّعْ !
إذا كان الإنسان يُعرف بأصدقائه
فإنّه أيضاً يُعرف بأعدائه !
البعض لا يستحقّون شرف أن تعاديهم حتى !
من تفاهتهم إن غلبتهم لن تجد حلاوة النّصر
وإن غلبوك فستكون مرارة الهزيمة مضاعفة !
هناك معارك يبقى النّصرُ فيها باهتاً مهما كان ساحقاً !
نظراً لتواضع الخصم في تلك المعركة
ليس نصراً أن يهزم السّيف عصاً
وليس نصراً أن يسبق عداءٌ مشلولاً
هناك معارك الطريقة الوحيدة لكسبها هي عدم خوضها منذ البداية
وأيّ نصرٍ فيها ليس إلا هزيمة ترتدي زيّ النّصر !
.
.
الدّرس الثّاني
عندما تُنازل خسيساً بأسلوبه تتساوى معه !
فلا تسمح لأحدٍ أن يُنزلك لمستواه
وإن كان لا بُدّ من خوض ذلك النّزال
فلا تدعه يختار لكَ سلاحك
الغايات لا تُبرر الوسائل !
والغايات النبيلة لا تبقى كذلك إذا سعينا لها بوسائل خسيسة !
نقاء السّلاح ضروريّ لنقاء النّصر
فالنّصرُ المُلوّث هزيمة أخرى مهما حاولنا أن نقنع أنفسنا بالعكس !
.
.
الدّرس الثالث :
في الوِفاق لا يمكن معرفة النبلاء
النبلاء يظهرون في الخصومات !
النّاسُ إذا أحبّوا لانوا !
وإذا أُعطوا رضوا !
فإذا خاصمتَ أحداً ولم يتنازل عن نبله
فأصلحْ ما بينك وبينه على الفور
هؤلاء عملة نادرة قلّ التداول بها فلا تضيّعها
.
.
الدّرس الرّابع :
هناك فرق بين التّرفع والتّكبر
التّكبر أن ترى أنّك أفضل من الآخرين لأنك أكثر علماً أو مالاً أو جمالاً
أما التّرفع فهو أن ترى أنّ الخصومة ليست إلا صفحة في كتاب
قرأتها ، وأخذتَ منها درساً، وطويتها
ولا داعي أن ترجع إليها مرّةً أخرى
فترفّع ولا تتكبر
.
.
الدّرس الخامس :
البطولة الحقيقية تجنّب الخصومات لا خوضها
تعامل مع النّاس كما ينصحُ خبراء القيادة
اتركْ مسافة أمانٍ بينك وبين السّيارات الأخرى
مسافة الأمان هذه هي التي تمنع الحوادث
لتصبح حياتك أجمل عليكَ أن تتقن فنّ المسافات
المسافة هي التي حمت الأرض من الاحتراق بالشّمس
لو اقتربتْ أكثر لاحترقتْ
ولو ابتعدتْ أكثر لتجمّدتْ !
والمسافة هي التي جعلتْ القمر يدور في فلكها
فلو اقتربَ أكثر لجذبته !
هندسة المسافة الدقيقة هي التي أنتجتْ كوناً رائعاً
فكن مهندس مسافة ، واحسبْ خطواتك بدقّة !
لا تبتعد أكثر مما يجب
ولا تقترب أكثر مما يجب
فعندما تبتعد أكثر مما يجب سيصبح الاقتراب صعباً حين تحتاجه
وعندما تبتعد أكثر مما يجب سيصبح الابتعاد صعباً حين يُفرض عليك !
أدهم شرقاوي / من كتاب " حديث المساء "
💐
حديثُ المساء ٩
فنُّ المسافة !
قال أبو جعفر المنصور : بلغني أنّ أسداً لقيَ خنزيراً
فقال له الخنزير : قاتلني !
فقال الأسد : إنّما أنتَ خنزير ولستَ بكفؤٍ لي ولا نظير
ومتى فعلتُ الذي تدعوني إليه وقتلتك
قيل : قتل الأسدُ خنزيراً وليس هذا محطّ فخر
وإن نالني منكَ شيءٌ كان ذلك سُبّةً عليَّ
فقال له الخنزير : إن أنتَ لم تفعل
رجعتُ إلى السّباع وأعلمتهم أنّك جبنتَ عن قتالي
فقال الأسد : احتمالي كذبكَ أيسر عليّ من تلطيخ شاربي بدمكَ !
.
.
الدّرس الأوّل :
ترفّعْ !
إذا كان الإنسان يُعرف بأصدقائه
فإنّه أيضاً يُعرف بأعدائه !
البعض لا يستحقّون شرف أن تعاديهم حتى !
من تفاهتهم إن غلبتهم لن تجد حلاوة النّصر
وإن غلبوك فستكون مرارة الهزيمة مضاعفة !
هناك معارك يبقى النّصرُ فيها باهتاً مهما كان ساحقاً !
نظراً لتواضع الخصم في تلك المعركة
ليس نصراً أن يهزم السّيف عصاً
وليس نصراً أن يسبق عداءٌ مشلولاً
هناك معارك الطريقة الوحيدة لكسبها هي عدم خوضها منذ البداية
وأيّ نصرٍ فيها ليس إلا هزيمة ترتدي زيّ النّصر !
.
.
الدّرس الثّاني
عندما تُنازل خسيساً بأسلوبه تتساوى معه !
فلا تسمح لأحدٍ أن يُنزلك لمستواه
وإن كان لا بُدّ من خوض ذلك النّزال
فلا تدعه يختار لكَ سلاحك
الغايات لا تُبرر الوسائل !
والغايات النبيلة لا تبقى كذلك إذا سعينا لها بوسائل خسيسة !
نقاء السّلاح ضروريّ لنقاء النّصر
فالنّصرُ المُلوّث هزيمة أخرى مهما حاولنا أن نقنع أنفسنا بالعكس !
.
.
الدّرس الثالث :
في الوِفاق لا يمكن معرفة النبلاء
النبلاء يظهرون في الخصومات !
النّاسُ إذا أحبّوا لانوا !
وإذا أُعطوا رضوا !
فإذا خاصمتَ أحداً ولم يتنازل عن نبله
فأصلحْ ما بينك وبينه على الفور
هؤلاء عملة نادرة قلّ التداول بها فلا تضيّعها
.
.
الدّرس الرّابع :
هناك فرق بين التّرفع والتّكبر
التّكبر أن ترى أنّك أفضل من الآخرين لأنك أكثر علماً أو مالاً أو جمالاً
أما التّرفع فهو أن ترى أنّ الخصومة ليست إلا صفحة في كتاب
قرأتها ، وأخذتَ منها درساً، وطويتها
ولا داعي أن ترجع إليها مرّةً أخرى
فترفّع ولا تتكبر
.
.
الدّرس الخامس :
البطولة الحقيقية تجنّب الخصومات لا خوضها
تعامل مع النّاس كما ينصحُ خبراء القيادة
اتركْ مسافة أمانٍ بينك وبين السّيارات الأخرى
مسافة الأمان هذه هي التي تمنع الحوادث
لتصبح حياتك أجمل عليكَ أن تتقن فنّ المسافات
المسافة هي التي حمت الأرض من الاحتراق بالشّمس
لو اقتربتْ أكثر لاحترقتْ
ولو ابتعدتْ أكثر لتجمّدتْ !
والمسافة هي التي جعلتْ القمر يدور في فلكها
فلو اقتربَ أكثر لجذبته !
هندسة المسافة الدقيقة هي التي أنتجتْ كوناً رائعاً
فكن مهندس مسافة ، واحسبْ خطواتك بدقّة !
لا تبتعد أكثر مما يجب
ولا تقترب أكثر مما يجب
فعندما تبتعد أكثر مما يجب سيصبح الاقتراب صعباً حين تحتاجه
وعندما تبتعد أكثر مما يجب سيصبح الابتعاد صعباً حين يُفرض عليك !
أدهم شرقاوي / من كتاب " حديث المساء "
💐
💐
حديث المساء ١٠
الدّواء المعجزة !
في عائلة فقيرة مؤلفة من أم وأب ، وولد وبنت صغيرين
مرضَ الصبيُّ مرضاً شديداً
وبعد الفحوص المخبريّة، والتحاليل الطّبيّة تبيّن أنّه يُعاني ورماً في رأسه
وبعد حديثٍ مع الطبيب المعالج
عاد الأب إلى البيت ليخبر أمَّ الصبيّ أنّ ابنها بحالة حرجة
ولا بدّ من إجراء عمليّة جراحيّة باهظة التّكاليف
وأنّ الصّغير لن ينجو دون معجزة
في هذه الأثناء كانت البنت الصغيرة تسترق السمع إلى حديث والديها
فأسرعتْ إلى غرفتها ، وفتحتْ حصّالتها
لتجدَ فيها دولاراً واحداً
أخذت الدّولار وتوجّهت إلى أقرب صيدليّة
ووقفتْ تنتظرُ أن يفرغ الصيدليّ من الحديث مع رجل دخلتْ فوجدته هناك
ولما طال الحديث ، وضعت الطفلة الدولار على الطاولة بغضب
وقالت للصيدليّ : أعطني معجزة !
قال لها الصيدليّ : ألا ترين أنّي مشغول بالحديث مع أخي الذي لم أره منذ سنين
ثم أردف قائلاً : ومن قال لكِ أنّي أبيع المعجزات ؟!
عندها قال لها شقيق الصيدلي باهتمام : حدّثيني عن المعجزة التي تريدينها !
فقالت له ببرءاة : لا أعرف ، قال أبي لأمي إن أخي يحتاج إلى معجزة كي لا يموت
فهل يكفي هذا الدّولار ؟!
قال لها بابتسامة وصوت دافىء : دولار واحد هو ثمن المعجزة بالضبط !
ولكن عليّ أن أرى أخاكِ أولاً
كان هذا الرّجل هو " كارلتن آرميسترونغ " جرّاح الأعصاب الشّهير
ذهب مع البنت إلى بيتها وقابل أبويها
وراجع الفحوص المخبريّة والتحاليل
ثمّ قال لهم : أنا سأُجري له العمليّة في مشفاي
وبالفعل قام الطبيب بإجراء عمليّة ناجحة للصبيّ
ولم يتقاضَ أكثر من الدولار الذي أعطته إياه البنت
ثم علّق الدولار في إطار على أحد جدران عيادته وكتب تحته :
" هذا الدولار ثمن معجزة " !
.
.
الدّرس الأوّل :
إحدى مشاكلنا في هذه الحياة هي أننا كبرنا ونسينا أن نأخذ معنا قلوب الأطفال ونحن نكبر !
تركناها تقسو وتشتدّ
حتّى أصبحت عظاماً صلبة في صدورنا
مجرّد مضخّاتٍ للدم ليس لها غير هذه الوظيفة
أجمل البشر هم الأطفال الكبار
ترى الشّيب قد علا مفرق أحدهم
وقلبه قلب ابن الخامسة
يوجعه منظر مسكين يمدُّ يده إلى النّاس
ويُبكيه منظر مريض قد يئس منه الأطبّاء
ويُفسد عليه يومه خيمة مشرّد لا تقي من البرد
ولا يتلذذ بطعامٍ في يوم علم أنّ فيه إنساناً جائعاً
ولا يهنأ بنوم في يوم رأى فيه إنسانا بلا مأوى
الإحساس بالآخرين هو ما يجعلنا بشراً
لسنا أشجاراً مغروسة بجنب بعض
تتسابق جذورها في باطن الأرض أيّها يأخذ من الغذاء أكثر !
حتى الشّجر الذي يخوض معركة أنانيّة ضارية في باطن الأرض
يفيض فوقها بركاناً من العطاء
يُطعم الجميع دون أن يسأل عن لونٍ أو جنس
ويُظلل الجميع دون أن يسأل عن دين أو معتقد
المعتقدات التي لا تجعلنا أكثر رأفة علينا مراجعتها
أو مراجعة فهمنا لها !
والأفكار التي لا تجعلنا أرقّ قلوباً
علينا أن نُقيّمها
فالأفكار والمعتقدات التي لا تجعلنا أكثر إنسانيّة
ليستْ إلا نفايات فكريّة علينا أن نتخلص منها !
.
.
الدّرس الثّاني :
إيّاكَ أن لا تُبالي بمشكلة مخلوق حلّها عندك
حتى ولو كان هذا المخلوق كلباً !
أجل كلب !!
بغيُّ بني إسرائيل حين أدركها العطش ونزلتْ إلى البئر لتشرب
ثم صعدتْ ووجدتْ كلباً قد أنهكه العطش
خلعت موقها / حذاءها وغرفتْ به الماء وسقته
فشكر الله لها فعلها وأدخلها الجنّة
ورجلٌ رأى غصن شجرة يؤذي النّاس في الطريق
فقطعه ليميط الأذى عنهم
فشكر الله له وأدخله الجنّة
وامرأة دخلتْ النّار في هرّةٍ حبستها
لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض
النّارُ التي يدخلها النّاس بالذنوب الجِسام
دخلتها امرأة في هرّةٍ مسكينة
والجنّة التي يسعى إليها الناس بمشقّة الطّاعات
دخلتها بغيٌّ بسُقيا كلب
ودخلها رجلٌ بقطع غصن
فلا تحقرّنَ من المعروف شيئاً !
.
.
الدّرس الثّالث :
المال أفضل خادمٍ وأسوأ سيّد !
والدّينُ أفضل سيّد وأسوأ خادم !
فلا تجعل سيّدك خادمك
ولا تجعل خادمك سيّدك
المال وسيلة نتحصّل بها على الأشياء الجميلة
وليس غاية نُفسد في سبيلها كلّ جميل
لهذا اجعله دوماً خادمك
حصّله لتسعد به وتُسعد به من حولك
لو بقي المال للأبد لبقي لقارون
ولو بقي الجاه لأحد لبقيَ للنمرود
فأين هما الآن ؟!
في باطن الأرض مع الفقراء والمساكين
وحده هذا الدّين غاية لأنّ فيه رضى الله
وهي الوظيفة التي خُلق لأجلها النّاس
فلا تأكل بدينك
وقد قالت العربُ قديماً : تموتُ الحُرّة ولا تأكل بثدييها
وإن التّرزّق بالدين أشدّ سفاحاً !
لأنّه يجعلك تبيع ما عند الله بما عند النّاس
وهذه أحمق بيعة !
وليس هناك أحمق ممن يبيع دنياه بآخرته
إلا من يبيع آخرته بدنيا غيره !
.
.
الدّرس الرّابع :
تمسكنا بديننا لا يتعارض مع احترام وتقدير تصرفات الآخرين النبيلة
على العكس تماماً
الاعتراف بفضل الآخرين من الدّين
ولو كانوا مُخالفين
فقد فكّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أسر ابنة حاتم الطائي لنبل أبيها
ويوم وقف أسرى بدر بين يديه قال :
لو كان مطعم بن عديّ حيّاً وكلمني في هؤلاء لأطلقتهم له
ومطعم
حديث المساء ١٠
الدّواء المعجزة !
في عائلة فقيرة مؤلفة من أم وأب ، وولد وبنت صغيرين
مرضَ الصبيُّ مرضاً شديداً
وبعد الفحوص المخبريّة، والتحاليل الطّبيّة تبيّن أنّه يُعاني ورماً في رأسه
وبعد حديثٍ مع الطبيب المعالج
عاد الأب إلى البيت ليخبر أمَّ الصبيّ أنّ ابنها بحالة حرجة
ولا بدّ من إجراء عمليّة جراحيّة باهظة التّكاليف
وأنّ الصّغير لن ينجو دون معجزة
في هذه الأثناء كانت البنت الصغيرة تسترق السمع إلى حديث والديها
فأسرعتْ إلى غرفتها ، وفتحتْ حصّالتها
لتجدَ فيها دولاراً واحداً
أخذت الدّولار وتوجّهت إلى أقرب صيدليّة
ووقفتْ تنتظرُ أن يفرغ الصيدليّ من الحديث مع رجل دخلتْ فوجدته هناك
ولما طال الحديث ، وضعت الطفلة الدولار على الطاولة بغضب
وقالت للصيدليّ : أعطني معجزة !
قال لها الصيدليّ : ألا ترين أنّي مشغول بالحديث مع أخي الذي لم أره منذ سنين
ثم أردف قائلاً : ومن قال لكِ أنّي أبيع المعجزات ؟!
عندها قال لها شقيق الصيدلي باهتمام : حدّثيني عن المعجزة التي تريدينها !
فقالت له ببرءاة : لا أعرف ، قال أبي لأمي إن أخي يحتاج إلى معجزة كي لا يموت
فهل يكفي هذا الدّولار ؟!
قال لها بابتسامة وصوت دافىء : دولار واحد هو ثمن المعجزة بالضبط !
ولكن عليّ أن أرى أخاكِ أولاً
كان هذا الرّجل هو " كارلتن آرميسترونغ " جرّاح الأعصاب الشّهير
ذهب مع البنت إلى بيتها وقابل أبويها
وراجع الفحوص المخبريّة والتحاليل
ثمّ قال لهم : أنا سأُجري له العمليّة في مشفاي
وبالفعل قام الطبيب بإجراء عمليّة ناجحة للصبيّ
ولم يتقاضَ أكثر من الدولار الذي أعطته إياه البنت
ثم علّق الدولار في إطار على أحد جدران عيادته وكتب تحته :
" هذا الدولار ثمن معجزة " !
.
.
الدّرس الأوّل :
إحدى مشاكلنا في هذه الحياة هي أننا كبرنا ونسينا أن نأخذ معنا قلوب الأطفال ونحن نكبر !
تركناها تقسو وتشتدّ
حتّى أصبحت عظاماً صلبة في صدورنا
مجرّد مضخّاتٍ للدم ليس لها غير هذه الوظيفة
أجمل البشر هم الأطفال الكبار
ترى الشّيب قد علا مفرق أحدهم
وقلبه قلب ابن الخامسة
يوجعه منظر مسكين يمدُّ يده إلى النّاس
ويُبكيه منظر مريض قد يئس منه الأطبّاء
ويُفسد عليه يومه خيمة مشرّد لا تقي من البرد
ولا يتلذذ بطعامٍ في يوم علم أنّ فيه إنساناً جائعاً
ولا يهنأ بنوم في يوم رأى فيه إنسانا بلا مأوى
الإحساس بالآخرين هو ما يجعلنا بشراً
لسنا أشجاراً مغروسة بجنب بعض
تتسابق جذورها في باطن الأرض أيّها يأخذ من الغذاء أكثر !
حتى الشّجر الذي يخوض معركة أنانيّة ضارية في باطن الأرض
يفيض فوقها بركاناً من العطاء
يُطعم الجميع دون أن يسأل عن لونٍ أو جنس
ويُظلل الجميع دون أن يسأل عن دين أو معتقد
المعتقدات التي لا تجعلنا أكثر رأفة علينا مراجعتها
أو مراجعة فهمنا لها !
والأفكار التي لا تجعلنا أرقّ قلوباً
علينا أن نُقيّمها
فالأفكار والمعتقدات التي لا تجعلنا أكثر إنسانيّة
ليستْ إلا نفايات فكريّة علينا أن نتخلص منها !
.
.
الدّرس الثّاني :
إيّاكَ أن لا تُبالي بمشكلة مخلوق حلّها عندك
حتى ولو كان هذا المخلوق كلباً !
أجل كلب !!
بغيُّ بني إسرائيل حين أدركها العطش ونزلتْ إلى البئر لتشرب
ثم صعدتْ ووجدتْ كلباً قد أنهكه العطش
خلعت موقها / حذاءها وغرفتْ به الماء وسقته
فشكر الله لها فعلها وأدخلها الجنّة
ورجلٌ رأى غصن شجرة يؤذي النّاس في الطريق
فقطعه ليميط الأذى عنهم
فشكر الله له وأدخله الجنّة
وامرأة دخلتْ النّار في هرّةٍ حبستها
لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض
النّارُ التي يدخلها النّاس بالذنوب الجِسام
دخلتها امرأة في هرّةٍ مسكينة
والجنّة التي يسعى إليها الناس بمشقّة الطّاعات
دخلتها بغيٌّ بسُقيا كلب
ودخلها رجلٌ بقطع غصن
فلا تحقرّنَ من المعروف شيئاً !
.
.
الدّرس الثّالث :
المال أفضل خادمٍ وأسوأ سيّد !
والدّينُ أفضل سيّد وأسوأ خادم !
فلا تجعل سيّدك خادمك
ولا تجعل خادمك سيّدك
المال وسيلة نتحصّل بها على الأشياء الجميلة
وليس غاية نُفسد في سبيلها كلّ جميل
لهذا اجعله دوماً خادمك
حصّله لتسعد به وتُسعد به من حولك
لو بقي المال للأبد لبقي لقارون
ولو بقي الجاه لأحد لبقيَ للنمرود
فأين هما الآن ؟!
في باطن الأرض مع الفقراء والمساكين
وحده هذا الدّين غاية لأنّ فيه رضى الله
وهي الوظيفة التي خُلق لأجلها النّاس
فلا تأكل بدينك
وقد قالت العربُ قديماً : تموتُ الحُرّة ولا تأكل بثدييها
وإن التّرزّق بالدين أشدّ سفاحاً !
لأنّه يجعلك تبيع ما عند الله بما عند النّاس
وهذه أحمق بيعة !
وليس هناك أحمق ممن يبيع دنياه بآخرته
إلا من يبيع آخرته بدنيا غيره !
.
.
الدّرس الرّابع :
تمسكنا بديننا لا يتعارض مع احترام وتقدير تصرفات الآخرين النبيلة
على العكس تماماً
الاعتراف بفضل الآخرين من الدّين
ولو كانوا مُخالفين
فقد فكّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أسر ابنة حاتم الطائي لنبل أبيها
ويوم وقف أسرى بدر بين يديه قال :
لو كان مطعم بن عديّ حيّاً وكلمني في هؤلاء لأطلقتهم له
ومطعم
بن عديّ مشرك أنزل النبيّ صلى الله عليه وسلم في جواره يوم رجمه أهل الطائف
النّبيل يُقدّر النبل مهما كانت هوية من فعله
ويقف ضد الخطأ مهما كانت هوية من ارتكبه !
أدهم شرقاوي / من كتاب " حديث المساء "
💐
النّبيل يُقدّر النبل مهما كانت هوية من فعله
ويقف ضد الخطأ مهما كانت هوية من ارتكبه !
أدهم شرقاوي / من كتاب " حديث المساء "
💐
💐
حديثُ السّبت ٥٦
الأحرارُ يقفون مع الحقِّ والعبيدُ يقفون مع القوة لهذا دوماً تجد الأحرارَ مع الضحيّةِ والعبيدَ مع الجلّاد!
هذه العبارةُ واحدةٌ من أجمل ما قرأتُ في حياتي، الطريفُ في الأمر أني قرأتها على شاحنة لنقل الخضار! ولا يقدحُ بجمالِ الأشياء على أيِّ شيءٍ كُتبت، فقد كتبَ كتّابُ الوحي الأوائل الآيات الشريفة على سعف النخل والحجارة، فما نزل من قدرها شيئاً، وقد كُتبت حماقات كثيرة على ورقٍ فاخرٍ وصارتْ روايات ولم يستطع الورقُ الفاخرُ أن يجعلها أدباً! وعلى رأي أجدادنا: ماذا تفعلُ الماشطة بالوجه العكر؟!
وعوداً على ذي بدء، تحديداً عند العبيدِ والأحرار، رفضت الإيطالية جوزيبينا ماريا نيكوليني الأسبوع الماضي أن تحضر إلى ألمانيا لتستلمَ جائزة تكريمٍ لمساهمتها في إنقاذ أرواح كثيرٍ من المهاجرين الذين غرقتْ مراكبهم في عرض البحر، فهي رئيسة بلدية جزيرة لامبيدوزا، وقد علّقتْ معللة سبب رفضها الحضور قائلة: سيكون على ذات المنصة الشاعر السوريّ أدونيس وأنا لا يشرفني أن أصعد على منصة عليها شخص يؤيد قاتل شعبه!
مضى ذلك الزمن الذي يُصنفُ فيه العبيدُ والأحرارُ بحسب لون البشرة، وصارَ ما يميّزُ بينهم المواقف، وقد لقّنت الحرة نيكوليني العبد أدونيس درساً قاسياً على اعتبار أن العبيد يتعلمون! وأدونيس ليس إلا فرداً من عبيد وإماء سفاح القرداحة، فهم كثير.. منهم دريد لحام الذي ارتزق كثيراً بمسرحيات محمد الماغوط، وصدّع رؤوسنا بفساد السلطة في «كأسك يا وطن» و»ضيعة تشرين» ثم لما وقف الناس معه في الذي كان ينتقده، انقلب على نفسه، كمن يقول: لا تفسدوا عليّ عبوديتي!
واتضح أن هجاء السلطة لم يكن إلا بهدف التنفيس عن الناس، وأن البعضَ لا يمكنه أن يخرجَ من تحتِ عباءةِ السلطة كما كان نزار قباني من قبل ينتقدُ الاستخبارات ثمّ يستعين بها على منتقديه!
نتركُ هؤلاء العبيد لما هم فيه وننتقلُ إلى الأحرار، الأسبوع الماضي أيضاً عندما كانت نيكوليني تنسحبُ من ملاقاة أدونيس، كان الطفل التونسي الحُرّ محمد حميدة ينسحبُ من بطولة العالم للشطرنج لأطفال المدارس بعد أن رفض مقابلة طفلٍ اسرائيلي وقال: «لن أواجه قاتل إخوتي في مجرد لعبة، الأصح أن أواجهه على أرض القدس»!
كما أن العبيد والأحرار ليس لهم لون أو جنس أو دين، كذلك ليس لهم عُمر!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطريّة
http://al-watan.com/mobile/viewnews.aspx?n=D4755F1D-53BD-4FE4-96E6-6FCAE9D18FB6&d=20160305
💐
حديثُ السّبت ٥٦
الأحرارُ يقفون مع الحقِّ والعبيدُ يقفون مع القوة لهذا دوماً تجد الأحرارَ مع الضحيّةِ والعبيدَ مع الجلّاد!
هذه العبارةُ واحدةٌ من أجمل ما قرأتُ في حياتي، الطريفُ في الأمر أني قرأتها على شاحنة لنقل الخضار! ولا يقدحُ بجمالِ الأشياء على أيِّ شيءٍ كُتبت، فقد كتبَ كتّابُ الوحي الأوائل الآيات الشريفة على سعف النخل والحجارة، فما نزل من قدرها شيئاً، وقد كُتبت حماقات كثيرة على ورقٍ فاخرٍ وصارتْ روايات ولم يستطع الورقُ الفاخرُ أن يجعلها أدباً! وعلى رأي أجدادنا: ماذا تفعلُ الماشطة بالوجه العكر؟!
وعوداً على ذي بدء، تحديداً عند العبيدِ والأحرار، رفضت الإيطالية جوزيبينا ماريا نيكوليني الأسبوع الماضي أن تحضر إلى ألمانيا لتستلمَ جائزة تكريمٍ لمساهمتها في إنقاذ أرواح كثيرٍ من المهاجرين الذين غرقتْ مراكبهم في عرض البحر، فهي رئيسة بلدية جزيرة لامبيدوزا، وقد علّقتْ معللة سبب رفضها الحضور قائلة: سيكون على ذات المنصة الشاعر السوريّ أدونيس وأنا لا يشرفني أن أصعد على منصة عليها شخص يؤيد قاتل شعبه!
مضى ذلك الزمن الذي يُصنفُ فيه العبيدُ والأحرارُ بحسب لون البشرة، وصارَ ما يميّزُ بينهم المواقف، وقد لقّنت الحرة نيكوليني العبد أدونيس درساً قاسياً على اعتبار أن العبيد يتعلمون! وأدونيس ليس إلا فرداً من عبيد وإماء سفاح القرداحة، فهم كثير.. منهم دريد لحام الذي ارتزق كثيراً بمسرحيات محمد الماغوط، وصدّع رؤوسنا بفساد السلطة في «كأسك يا وطن» و»ضيعة تشرين» ثم لما وقف الناس معه في الذي كان ينتقده، انقلب على نفسه، كمن يقول: لا تفسدوا عليّ عبوديتي!
واتضح أن هجاء السلطة لم يكن إلا بهدف التنفيس عن الناس، وأن البعضَ لا يمكنه أن يخرجَ من تحتِ عباءةِ السلطة كما كان نزار قباني من قبل ينتقدُ الاستخبارات ثمّ يستعين بها على منتقديه!
نتركُ هؤلاء العبيد لما هم فيه وننتقلُ إلى الأحرار، الأسبوع الماضي أيضاً عندما كانت نيكوليني تنسحبُ من ملاقاة أدونيس، كان الطفل التونسي الحُرّ محمد حميدة ينسحبُ من بطولة العالم للشطرنج لأطفال المدارس بعد أن رفض مقابلة طفلٍ اسرائيلي وقال: «لن أواجه قاتل إخوتي في مجرد لعبة، الأصح أن أواجهه على أرض القدس»!
كما أن العبيد والأحرار ليس لهم لون أو جنس أو دين، كذلك ليس لهم عُمر!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطريّة
http://al-watan.com/mobile/viewnews.aspx?n=D4755F1D-53BD-4FE4-96E6-6FCAE9D18FB6&d=20160305
💐
💐
حديثُ المساء ١١
عن البشر الحقيقيين !
دخل الطبيبُ الجرّاح إلى المستشفى لإجراء عمليّة عاجلة لأحد المرضى
وقبل أن يدخل غرفة العمليات صرخ والد المريض بوجهه قائلاً :
لمَ التّأخر ؟ إنّ حياة ابني في خطر، أليس لديك إحساس ؟!
ابتسم الطبيبُ بوجهه ابتسامة فاترة وقال له :
أرجوك أن تهدأ وتدعني أقوم بعملي وسيكون ابنك بخير
فردّ عليه والد المريض : ما أبردكَ يا أخي !
لو كان المريض ابنكَ أكنتَ ستهدأ ؟!
ما أسهل موعظة الآخرين !
تركه الطبيبُ دون أن ينبس ببنت شفة ودخل غرفة العمليّات
خرج الطبيبُ بعد ساعتين وقال لوالد المريض :
إنّ ابنك بخير وسينجو، والآن اعذرني فأنا على موعدٍ آخر
ومضى في طريقه دون أن يسمع سؤالاً آخر
وعندما خرجت الممرضة سألها والد المريض :
ما بال هذا الطبيب المغرور ؟!
فقالت له : لقد توفيَ ولده في حادث سير منذ قليل
ومع ذلك لبّى الاستدعاء عندما علم حالة ابنك الحرجة !
.
.
الدّرس الأوّل :
البعض أرقى كثيراً مما تظن فلا تستبق الأمور
وراء كل مشهدٍ تراه مشهدٌ لا تراه
وفي داخل كلّ شخص تعرفه شخص لا تعرفه
والأشياء تكون أحياناً على عكس ما تبدو
ما يبدو موقفاً في غاية النُبل
قد لا يكون سوى وظيفة !
على الشّخص أن يؤدّي فيها هذا الدّور
وما يبدو عكس ذلك
قد يكون هو التّصرف الوحيد المتاح
على العكس قد يكون نبلاً وأنت لا تراه
وقد قال عمر : ليس الفَطِنُ من يعرف الخير من الشّر
وإنما الفَطِن من يعرف خير الشّرين !
.
.
الدّرس الثّاني :
لا يمكنك أن تفهم تصرفاً ما
إلا إذا فهمتَ العقليّة التي أنتجته
فالنّاس صنيعة تربيتهم وقيمهم وعاداتهم
وقد يكونون أحياناً ضحايا كلّ هذه الأشياء
ليس المطلوب منك أن تبحث عن مبرر لكل سلوك لا يُعجبك
الخطأ يبقى خطأً نهاية المطاف
ولكن عندما نحاول أن نفهم الباعث على السلوك
قد يتحوّل الغضب من شخص ما إلى شفقة عليه
تخيّل مثلاً أنّك وُلدتَ ومتّ في قريش قبل البعثة
وقدّر ما هي احتمالية أن تعبد صنماً
في بيئة تولد فيها وتحشوك بمعتقدات خاطئة
لهذا عندما وقف القرشيّون في وجه الدّعوة الشّريفة بادىء الأمر
إنّما كانوا يقفون مع معتقداتهم وتربيتهم وقيمهم
لهذا من زاوية ما هم ضحايا أكثر منهم جُناة !
وهكذا هم النّاس في كل عصر
كثيرون منهم ضحايا لا جُناة !
.
.
الدّرس الثّالث :
ظروفك لنفسكَ وتصرّفاتك للنّاس !
فلا تدع ظروفك تحكم تصرّفاتك
فالنّاس ليسوا مضطّرين أن يدفعوا ثمن ظروفك
مشاكل بيتك لكَ والنّاس ليسوا فشّة خلق
ومشاكلك المادية لك والنّاس ليسوا أكياس ملاكمة تُفرّغ فيها غضبك
فإذا كانت مشاكلك في البيت فلا تحملها معك إلى العمل
وإذا كانت مشاكلك في العمل فلا تحملها معك إلى البيت
والعصبيّة لا تحلّ المشاكل وإنّما تُعقّدها
والغضبُ يُحوّل النّاس من حولك من متعاطفين إلى لائمين !
.
.
الدّرس الرّابع :
اضبط نفسكَ
النّفسُ عند الغضب كالفرس الجامحة
تلبطُ كلّ من يقترب منها
وتذكّر دوماً أن أغلب المشاكل
حلّها عن طريق العقل لا عن طريق العضلات !
تخاصمت الرّيحُ مرّة مع النوم
فقالت الرّيح للنوم : أنا أقوى منك
فقال لها النوم : بل أنا أقوى !
واتفقا أن يتباريا ...
وصادفا طفلاً جائعاً يحمل رغيفاً
وكانت المباراة أنّ من يأخذ الرغيف من الطفل فهو الأقوى
بدأت الرّيح تعصف بالصبيّ وهو متشبث بالرّغيف
حملته وطرحته أرضاً دون جدوى
وعندما يئستْ منه حان وقت النّوم
ألقى النوم شباكه على الصبيّ
وأخذ منه الرّغيف دون جهد
فلا تكن لكَ عضلات الرّيح
الكثير من المشاكل يحتاج إلى رقّة النوم !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
حديثُ المساء ١١
عن البشر الحقيقيين !
دخل الطبيبُ الجرّاح إلى المستشفى لإجراء عمليّة عاجلة لأحد المرضى
وقبل أن يدخل غرفة العمليات صرخ والد المريض بوجهه قائلاً :
لمَ التّأخر ؟ إنّ حياة ابني في خطر، أليس لديك إحساس ؟!
ابتسم الطبيبُ بوجهه ابتسامة فاترة وقال له :
أرجوك أن تهدأ وتدعني أقوم بعملي وسيكون ابنك بخير
فردّ عليه والد المريض : ما أبردكَ يا أخي !
لو كان المريض ابنكَ أكنتَ ستهدأ ؟!
ما أسهل موعظة الآخرين !
تركه الطبيبُ دون أن ينبس ببنت شفة ودخل غرفة العمليّات
خرج الطبيبُ بعد ساعتين وقال لوالد المريض :
إنّ ابنك بخير وسينجو، والآن اعذرني فأنا على موعدٍ آخر
ومضى في طريقه دون أن يسمع سؤالاً آخر
وعندما خرجت الممرضة سألها والد المريض :
ما بال هذا الطبيب المغرور ؟!
فقالت له : لقد توفيَ ولده في حادث سير منذ قليل
ومع ذلك لبّى الاستدعاء عندما علم حالة ابنك الحرجة !
.
.
الدّرس الأوّل :
البعض أرقى كثيراً مما تظن فلا تستبق الأمور
وراء كل مشهدٍ تراه مشهدٌ لا تراه
وفي داخل كلّ شخص تعرفه شخص لا تعرفه
والأشياء تكون أحياناً على عكس ما تبدو
ما يبدو موقفاً في غاية النُبل
قد لا يكون سوى وظيفة !
على الشّخص أن يؤدّي فيها هذا الدّور
وما يبدو عكس ذلك
قد يكون هو التّصرف الوحيد المتاح
على العكس قد يكون نبلاً وأنت لا تراه
وقد قال عمر : ليس الفَطِنُ من يعرف الخير من الشّر
وإنما الفَطِن من يعرف خير الشّرين !
.
.
الدّرس الثّاني :
لا يمكنك أن تفهم تصرفاً ما
إلا إذا فهمتَ العقليّة التي أنتجته
فالنّاس صنيعة تربيتهم وقيمهم وعاداتهم
وقد يكونون أحياناً ضحايا كلّ هذه الأشياء
ليس المطلوب منك أن تبحث عن مبرر لكل سلوك لا يُعجبك
الخطأ يبقى خطأً نهاية المطاف
ولكن عندما نحاول أن نفهم الباعث على السلوك
قد يتحوّل الغضب من شخص ما إلى شفقة عليه
تخيّل مثلاً أنّك وُلدتَ ومتّ في قريش قبل البعثة
وقدّر ما هي احتمالية أن تعبد صنماً
في بيئة تولد فيها وتحشوك بمعتقدات خاطئة
لهذا عندما وقف القرشيّون في وجه الدّعوة الشّريفة بادىء الأمر
إنّما كانوا يقفون مع معتقداتهم وتربيتهم وقيمهم
لهذا من زاوية ما هم ضحايا أكثر منهم جُناة !
وهكذا هم النّاس في كل عصر
كثيرون منهم ضحايا لا جُناة !
.
.
الدّرس الثّالث :
ظروفك لنفسكَ وتصرّفاتك للنّاس !
فلا تدع ظروفك تحكم تصرّفاتك
فالنّاس ليسوا مضطّرين أن يدفعوا ثمن ظروفك
مشاكل بيتك لكَ والنّاس ليسوا فشّة خلق
ومشاكلك المادية لك والنّاس ليسوا أكياس ملاكمة تُفرّغ فيها غضبك
فإذا كانت مشاكلك في البيت فلا تحملها معك إلى العمل
وإذا كانت مشاكلك في العمل فلا تحملها معك إلى البيت
والعصبيّة لا تحلّ المشاكل وإنّما تُعقّدها
والغضبُ يُحوّل النّاس من حولك من متعاطفين إلى لائمين !
.
.
الدّرس الرّابع :
اضبط نفسكَ
النّفسُ عند الغضب كالفرس الجامحة
تلبطُ كلّ من يقترب منها
وتذكّر دوماً أن أغلب المشاكل
حلّها عن طريق العقل لا عن طريق العضلات !
تخاصمت الرّيحُ مرّة مع النوم
فقالت الرّيح للنوم : أنا أقوى منك
فقال لها النوم : بل أنا أقوى !
واتفقا أن يتباريا ...
وصادفا طفلاً جائعاً يحمل رغيفاً
وكانت المباراة أنّ من يأخذ الرغيف من الطفل فهو الأقوى
بدأت الرّيح تعصف بالصبيّ وهو متشبث بالرّغيف
حملته وطرحته أرضاً دون جدوى
وعندما يئستْ منه حان وقت النّوم
ألقى النوم شباكه على الصبيّ
وأخذ منه الرّغيف دون جهد
فلا تكن لكَ عضلات الرّيح
الكثير من المشاكل يحتاج إلى رقّة النوم !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
💐
حديث المساء ١٢
الخير والشّر !
يُحكى أنّه بينما كانت سفينة في عرض البحر
إذ هبّت عليها عاصفة هوجاء فأغرقتها
ولم ينجُ من ركّابها إلا رجل
أخذتْ تتقاذفه الأمواج حتى ألقته على شاطىء جزيرة مهجورة
مرّتْ عدّة أيامٍ والرّجلُ يقتات مما يجني من ثمار
ويصطاد من أرانب وأسماك
ويشرب من جدولٍ صغيرٍ بنى بجواره كوخاً يقيه حرّ النهار وبرد الليل
وذات يوم أخذ الرّجلُ يتجوّل في الجزيرة ريثما ينضج طعامه
فسرتْ النّار إلى الكوخ وأحرقته
ولما عاد ووجد الكوخ كومة من رماد بدأ يصرخ ويقول :
لماذا يا رب ؟! حتى الكوخ الصغير الذي بنيته أخذته منّي !
ونام ليلته تلك جائعاً ساخطاً
وكم كانت دهشته عظيمة عندما استيقظ صبيحة اليوم التالي
ليرى سفينة تُنزل في الماء قارباً صغيراً لإنقاذه
وعندما أنقذوه سألهم : كيف عرفتم مكاني ؟!
فقالوا له : لقد رأينا الدّخان من بعيد
فعرفنا أنّ شخصاً يطلبُ النّجدة ، فأتينا وأنقذناك !
.
.
الدّرس الأوّل :
الإنسان في الغالب لا يعرف الخير من الشّر
أمور سيئة كثيرة حدثتْ لنا
ثم بعد زمن اكتشفنا أنّ كلّ الخير يكمن في أنّها حدثتْ
وأمور جيّدة كثيرة حدثتْ معنا
ثمّ بعد زمنٍ اكتشفنا أنّ كلّ الشرّ يكمن في أنّها حدثتْ
وقصّة موسى عليه السّلام مع الخضر تُرينا كم أنّ نظرة الإنسان قاصرة
وأنّه فعلاً لا يعرف الخير من الشّر
عندما ركب موسى والخضر عليهما السّلام سفينة الصيّادين الفقراء
قام الخضرُ بخرق السفينة
لا شيء أسوأ عند فقير من أن تُثقبَ سفينته التي هي سبب رزقه
هذا بمنظور البشر
ولكن لولا لطف الله لكان بإمكان الأمور السّيئة أن تكون أسوأ
كان وراءهم ملك يسلب السّفن
ولمّا مرّ عليهم ووجد سفينتهم مثقوبة تركها لهم ومضى في طريقه
بينما أكملوا هم رحلتهم إلى اليابسة
وأصلحوا سفينتهم واستمرّت الحياة !
أيّهما أسوأ ، ساعات قليلة من التّعب وتعود الأمور سيرتها الأولى
أم أن يأخذ الملكُ سفينتهم ويلقيهم في عرض البحر ؟!
يبتلي الله سبحانه بالصّغيرة ليُنجي من الكبيرة !
سبحانه حتى في قدره الصّعب رحمة !
وعندما قتل الخضر عليه السّلام الغلام
كان هذا بمنظور البشر قمّة الشّر والسّوء
هل يوجد أسوأ من أن يفقد الإنسان فلذة كبده
ويدفن بيديه قطعة من قلبه
ولكنّ الله رحيم
يكلِمُ الإنسان في الدّنيا ليداويه في الآخرة
فقد سبق بعلم الله سبحانه أنّ هذا الغلام لو كبر سيفتن أبويه عن دينهما
فأي قدرٍ أصعب ، أن يفقدا ولداً ويصبرا لألم الفقد ويربحا الجنّة
أم أن يخسرا الدّنيا والآخرة معاً
بإمكان الأمور السّيئة دوماً أن تكون أسوأ
وهذا الرّبُ من رحمته جعل في المؤلم من قدره رحمة !
.
.
الدّرس الثّاني :
لا يوجد إنسان لم يذق رغيف المصائب
هذه الدّنيا دار شقاءٍ ومكابدة
وقد جاء في كُتب السّير :
أن ذا القرنين عندما بلغ بابل مرض مرضاً شديداً
فعلم أنّه مرض الموت
وكان وحيد أمّه
فأرسل إليها كبشاً كبيراً وكتب إليها :
أمّاه، احفظي هذا الكبش عندكِ
فإذا أنا متُّ، فاذبحيه، واطبخيه
ثم نادي في النّاس :
من لم تصبه مصيبة فليأكل من طعامنا
ومن أصابته مصيبة فلا يقرب مائدتنا هذه
فلمّا بلغها خبر وفاته
حمدت الله واسترجعتْ ، وعمدتْ إلى تنفيذ وصيّته
ثمّ نادتْ في النّاس كما أمر
ودُهشتْ عندما لم يقرب طعامها أحد
ففهمت الرسالة التي أراد ابنها إيصالها لها
أنّه لا يوجد إنسان إلا وقد كُلِم
ولا عين إلا وقد بكتْ
فقالت : رحمك الله من ولد، لقد كنتَ واعظاً لي في حياتكَ ومماتك !
.
.
الدّرس الثّالث :
البيوت أسرار
والقصر الكبير ليس بالضرورة فيه مشاكل أقلّ من الكوخ الصّغير !
ولكن إذا لم يتحدّث النّاسُ عن مشاكلهم
فهذا لا يعني أنّه ليس لديهم مشاكل
جاءت امرأة إلى شيخٍ تريد الطلاق
فقال لها : ولمَ ؟
فقالتْ : لأنّ زوجي لا يُطاق
فقال لها : سأساعدكِ على نيل الطلاق بشرط
أن تطبخي لي طبخة تجمعين محتوياتها من البيوت !
فوافقت الزّوجة ، وعمدت إلى تنفيذ الشّرط على الفور
ذهبتْ إلى أوّل جارة وأخبرتها أنّها تريدُ قِدْراً للطبخ
وإلى الثانية تطلبُ حفنة أرزّ
وإلى الثالثة تطلب كوب زيت
وإلى الرّابعة تطلب كمشة صنوبر
وهكذا ظلّت تدور من بيتٍ إلى بيتٍ حتى جمعت مكوّنات الطبخة
وخلال خلال تجوالها بين البيوت
كانتْ تشرح للنسوة سبب هذا الطلب الغريب
وتقصّ عليهنّ بعض ما تلاقيه من زوجها
فكانت النساء يبادرن هُنّ الأخريات للحديث عن أخلاق أزواجهنّ
فعلمتْ مُراد الشّيخ
وأنّه أراد أن يقول لها : ما أنتِ إلا واحدة من النّاس !
كلّ البيوت فيها مشاكل
فعلمتْ أنّ هذه الحياة لا تكتمل
وأنّ الإنسان إذا نظر في مصائب الآخرين هانتْ عليه مصيبته
فأمسكتْ عليها زوجها وقررتْ أن تعيش !
.
.
الدّرس الرّابع :
أحياناً لا يكون في البلاء مفازة دنيويّة
قد يكون مجرّد امتحان
ولعلّ البلاءات كلّها اختبارات
يريد الله أن يرى ماذا نصنع
يريد أن يجزي الصابر
ويعاقب السّاخط
وما المواقف إلا ورقة امتحان
فإياك أن ترسب !
.
.
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
حديث المساء ١٢
الخير والشّر !
يُحكى أنّه بينما كانت سفينة في عرض البحر
إذ هبّت عليها عاصفة هوجاء فأغرقتها
ولم ينجُ من ركّابها إلا رجل
أخذتْ تتقاذفه الأمواج حتى ألقته على شاطىء جزيرة مهجورة
مرّتْ عدّة أيامٍ والرّجلُ يقتات مما يجني من ثمار
ويصطاد من أرانب وأسماك
ويشرب من جدولٍ صغيرٍ بنى بجواره كوخاً يقيه حرّ النهار وبرد الليل
وذات يوم أخذ الرّجلُ يتجوّل في الجزيرة ريثما ينضج طعامه
فسرتْ النّار إلى الكوخ وأحرقته
ولما عاد ووجد الكوخ كومة من رماد بدأ يصرخ ويقول :
لماذا يا رب ؟! حتى الكوخ الصغير الذي بنيته أخذته منّي !
ونام ليلته تلك جائعاً ساخطاً
وكم كانت دهشته عظيمة عندما استيقظ صبيحة اليوم التالي
ليرى سفينة تُنزل في الماء قارباً صغيراً لإنقاذه
وعندما أنقذوه سألهم : كيف عرفتم مكاني ؟!
فقالوا له : لقد رأينا الدّخان من بعيد
فعرفنا أنّ شخصاً يطلبُ النّجدة ، فأتينا وأنقذناك !
.
.
الدّرس الأوّل :
الإنسان في الغالب لا يعرف الخير من الشّر
أمور سيئة كثيرة حدثتْ لنا
ثم بعد زمن اكتشفنا أنّ كلّ الخير يكمن في أنّها حدثتْ
وأمور جيّدة كثيرة حدثتْ معنا
ثمّ بعد زمنٍ اكتشفنا أنّ كلّ الشرّ يكمن في أنّها حدثتْ
وقصّة موسى عليه السّلام مع الخضر تُرينا كم أنّ نظرة الإنسان قاصرة
وأنّه فعلاً لا يعرف الخير من الشّر
عندما ركب موسى والخضر عليهما السّلام سفينة الصيّادين الفقراء
قام الخضرُ بخرق السفينة
لا شيء أسوأ عند فقير من أن تُثقبَ سفينته التي هي سبب رزقه
هذا بمنظور البشر
ولكن لولا لطف الله لكان بإمكان الأمور السّيئة أن تكون أسوأ
كان وراءهم ملك يسلب السّفن
ولمّا مرّ عليهم ووجد سفينتهم مثقوبة تركها لهم ومضى في طريقه
بينما أكملوا هم رحلتهم إلى اليابسة
وأصلحوا سفينتهم واستمرّت الحياة !
أيّهما أسوأ ، ساعات قليلة من التّعب وتعود الأمور سيرتها الأولى
أم أن يأخذ الملكُ سفينتهم ويلقيهم في عرض البحر ؟!
يبتلي الله سبحانه بالصّغيرة ليُنجي من الكبيرة !
سبحانه حتى في قدره الصّعب رحمة !
وعندما قتل الخضر عليه السّلام الغلام
كان هذا بمنظور البشر قمّة الشّر والسّوء
هل يوجد أسوأ من أن يفقد الإنسان فلذة كبده
ويدفن بيديه قطعة من قلبه
ولكنّ الله رحيم
يكلِمُ الإنسان في الدّنيا ليداويه في الآخرة
فقد سبق بعلم الله سبحانه أنّ هذا الغلام لو كبر سيفتن أبويه عن دينهما
فأي قدرٍ أصعب ، أن يفقدا ولداً ويصبرا لألم الفقد ويربحا الجنّة
أم أن يخسرا الدّنيا والآخرة معاً
بإمكان الأمور السّيئة دوماً أن تكون أسوأ
وهذا الرّبُ من رحمته جعل في المؤلم من قدره رحمة !
.
.
الدّرس الثّاني :
لا يوجد إنسان لم يذق رغيف المصائب
هذه الدّنيا دار شقاءٍ ومكابدة
وقد جاء في كُتب السّير :
أن ذا القرنين عندما بلغ بابل مرض مرضاً شديداً
فعلم أنّه مرض الموت
وكان وحيد أمّه
فأرسل إليها كبشاً كبيراً وكتب إليها :
أمّاه، احفظي هذا الكبش عندكِ
فإذا أنا متُّ، فاذبحيه، واطبخيه
ثم نادي في النّاس :
من لم تصبه مصيبة فليأكل من طعامنا
ومن أصابته مصيبة فلا يقرب مائدتنا هذه
فلمّا بلغها خبر وفاته
حمدت الله واسترجعتْ ، وعمدتْ إلى تنفيذ وصيّته
ثمّ نادتْ في النّاس كما أمر
ودُهشتْ عندما لم يقرب طعامها أحد
ففهمت الرسالة التي أراد ابنها إيصالها لها
أنّه لا يوجد إنسان إلا وقد كُلِم
ولا عين إلا وقد بكتْ
فقالت : رحمك الله من ولد، لقد كنتَ واعظاً لي في حياتكَ ومماتك !
.
.
الدّرس الثّالث :
البيوت أسرار
والقصر الكبير ليس بالضرورة فيه مشاكل أقلّ من الكوخ الصّغير !
ولكن إذا لم يتحدّث النّاسُ عن مشاكلهم
فهذا لا يعني أنّه ليس لديهم مشاكل
جاءت امرأة إلى شيخٍ تريد الطلاق
فقال لها : ولمَ ؟
فقالتْ : لأنّ زوجي لا يُطاق
فقال لها : سأساعدكِ على نيل الطلاق بشرط
أن تطبخي لي طبخة تجمعين محتوياتها من البيوت !
فوافقت الزّوجة ، وعمدت إلى تنفيذ الشّرط على الفور
ذهبتْ إلى أوّل جارة وأخبرتها أنّها تريدُ قِدْراً للطبخ
وإلى الثانية تطلبُ حفنة أرزّ
وإلى الثالثة تطلب كوب زيت
وإلى الرّابعة تطلب كمشة صنوبر
وهكذا ظلّت تدور من بيتٍ إلى بيتٍ حتى جمعت مكوّنات الطبخة
وخلال خلال تجوالها بين البيوت
كانتْ تشرح للنسوة سبب هذا الطلب الغريب
وتقصّ عليهنّ بعض ما تلاقيه من زوجها
فكانت النساء يبادرن هُنّ الأخريات للحديث عن أخلاق أزواجهنّ
فعلمتْ مُراد الشّيخ
وأنّه أراد أن يقول لها : ما أنتِ إلا واحدة من النّاس !
كلّ البيوت فيها مشاكل
فعلمتْ أنّ هذه الحياة لا تكتمل
وأنّ الإنسان إذا نظر في مصائب الآخرين هانتْ عليه مصيبته
فأمسكتْ عليها زوجها وقررتْ أن تعيش !
.
.
الدّرس الرّابع :
أحياناً لا يكون في البلاء مفازة دنيويّة
قد يكون مجرّد امتحان
ولعلّ البلاءات كلّها اختبارات
يريد الله أن يرى ماذا نصنع
يريد أن يجزي الصابر
ويعاقب السّاخط
وما المواقف إلا ورقة امتحان
فإياك أن ترسب !
.
.
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "
💐
💐
حديثُ السّبت ٥٧
أسماءُ هذه الأيّام !
روى ابنُ الجوزيّ في أخبارِ الحمقى والمغفّلينَ قال :
كان عجلُ بن لجيمٍ من حمقى العربِ المشهورين، وحدثَ أنه كان في قومٍ تذاكروا أسماءَ أحصنتهم، ثم قالوا له : ما اسمُ حصانكَ ؟ فقال : ليس له اسم . فلمّا ألحّوا عليه بالسؤال، قام إلى حصانه وفقأ عينه، وقال لهم : سمّيتُه الأعور !
وقد ذكَرَ ابنُ الجوزيّ لعجلٍ بن لجيمٍ حماقاتٍ كثيرةٍ تكادُ تكون حماقة فقأ عينِ حصانه أقلّها حمقاً ! فلعلّ الرّجلَ أراد أن يُسجّلَ موقفَ احتجاجٍ حاد وكأنّه يسأل : لماذا يجب أن يكون للحصان اسم ؟!
على أيّةِ حالٍ لسنا اليومَ على موعدٍ مع أسماءِ الأحصنةِ وإنّما مع أسماءِ النّاس ! ومما لا ينتطحُ فيه عنزان أنّ من حقِّ الولد على أبويه أن يُسمّياه اسماً حسناً، وقد جاءَ رجلٌ إلى عمرَ بن الخطّابِ يشكو إليه عقوق ابنه، فاستدعى عمرُ الابن، ولما مثل بين يديه سأله : لماذا عققتَ أباكَ أما علمتَ أنّ له عليكَ حقوقاً ؟! فقال الابن : قد علمتُ يا أمير المؤمنين،ولكن أليسَ لي حقوق على أبي ؟! فقال له عمر : بلى ، حقكَ عليه أن يختار لكَ أُمّاً لا تُعيّر بها، واسماً حسناً، وأن يؤدّبكَ ويفقهكَ ! فقال الابن : أما أبي فقد اختار لي أمّاً أمة فأنا أُعيّرُ بها، وقد أسماني جُعلاً والجُعل حشرة تجمع براز الحيوانات وتحملها إلى جحرها، وقد أرسلني إلى المراعي منذ صغري فلا أحفظ قرآناً ولا أفقه حديثاً ! فقال عمرُ للأب : لقد عققته قبل أن يعقّكَ !
وبالعودة إلى الأسماء، اعتاد النّاسُ أن يخترعوا صلةً بين كلّ اسمٍ يطلقونه على أولادهم وبين القرآن الكريم ! معتقدين أنّ مجرّد ورود الاسم في القرآن محطّ بركة ! ناسين أنّ العبرة في الاسم تتأتى من السياق القرآنيّ الذي ورد فيه الاسم، وليس في مجرد الورود ! فقد ورد اسم فرعون صراحةً في القرآن، وورد ذكرُ النمرود وأبرهة ضمناً، ولا يقول عاقل باستحباب إطلاق هذه الأسماء على الأولاد لأنها وردت في القرآن، فاسم الشّخصيّة الوضيعة لا يرفع من شأنها ورودها في نصٍّ شريف !
أمّا إذا لم يكن الاسم قد ورد في القرآن مباشرة أو اشتقاقاً، فقد دأبَ النّاسُ على اختراع معنى ديني له ! يمكن للأب أن يسمي ابنه أو ابنته اسماً يراه حسناً دون محاولة إقناعنا أنّ له معنى دينياً، صرنا نسمع عن أسماء دارجة فنسأل عن معناها، فيجيبكَ الأبُ بزهو : الإبرة التي يُحاك بها ستار الكعبة ! بقي أن تسأل عن معنى اسم فيخبرك الأهل أنّ معناه السياج حول صخرة الصفا ! أو البلاطة الثالثة في المروة ! أو دولاب عربة المقعدين والمسنين في المسعى ! ومن يعش طويلاً سيرى من هذا كثيراً، وسيسأل عن معنى اسم جديد على مسمعه، فيخبره الأهل أنّه اسم الكيس الذي يوضع فيه القمح الذي يُنثر لحمام الحرم !
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطريّة
http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?n=27B5B04D-9A38-44F7-9584-EC9A8707FC23&d=20160305&writer=1
💐
حديثُ السّبت ٥٧
أسماءُ هذه الأيّام !
روى ابنُ الجوزيّ في أخبارِ الحمقى والمغفّلينَ قال :
كان عجلُ بن لجيمٍ من حمقى العربِ المشهورين، وحدثَ أنه كان في قومٍ تذاكروا أسماءَ أحصنتهم، ثم قالوا له : ما اسمُ حصانكَ ؟ فقال : ليس له اسم . فلمّا ألحّوا عليه بالسؤال، قام إلى حصانه وفقأ عينه، وقال لهم : سمّيتُه الأعور !
وقد ذكَرَ ابنُ الجوزيّ لعجلٍ بن لجيمٍ حماقاتٍ كثيرةٍ تكادُ تكون حماقة فقأ عينِ حصانه أقلّها حمقاً ! فلعلّ الرّجلَ أراد أن يُسجّلَ موقفَ احتجاجٍ حاد وكأنّه يسأل : لماذا يجب أن يكون للحصان اسم ؟!
على أيّةِ حالٍ لسنا اليومَ على موعدٍ مع أسماءِ الأحصنةِ وإنّما مع أسماءِ النّاس ! ومما لا ينتطحُ فيه عنزان أنّ من حقِّ الولد على أبويه أن يُسمّياه اسماً حسناً، وقد جاءَ رجلٌ إلى عمرَ بن الخطّابِ يشكو إليه عقوق ابنه، فاستدعى عمرُ الابن، ولما مثل بين يديه سأله : لماذا عققتَ أباكَ أما علمتَ أنّ له عليكَ حقوقاً ؟! فقال الابن : قد علمتُ يا أمير المؤمنين،ولكن أليسَ لي حقوق على أبي ؟! فقال له عمر : بلى ، حقكَ عليه أن يختار لكَ أُمّاً لا تُعيّر بها، واسماً حسناً، وأن يؤدّبكَ ويفقهكَ ! فقال الابن : أما أبي فقد اختار لي أمّاً أمة فأنا أُعيّرُ بها، وقد أسماني جُعلاً والجُعل حشرة تجمع براز الحيوانات وتحملها إلى جحرها، وقد أرسلني إلى المراعي منذ صغري فلا أحفظ قرآناً ولا أفقه حديثاً ! فقال عمرُ للأب : لقد عققته قبل أن يعقّكَ !
وبالعودة إلى الأسماء، اعتاد النّاسُ أن يخترعوا صلةً بين كلّ اسمٍ يطلقونه على أولادهم وبين القرآن الكريم ! معتقدين أنّ مجرّد ورود الاسم في القرآن محطّ بركة ! ناسين أنّ العبرة في الاسم تتأتى من السياق القرآنيّ الذي ورد فيه الاسم، وليس في مجرد الورود ! فقد ورد اسم فرعون صراحةً في القرآن، وورد ذكرُ النمرود وأبرهة ضمناً، ولا يقول عاقل باستحباب إطلاق هذه الأسماء على الأولاد لأنها وردت في القرآن، فاسم الشّخصيّة الوضيعة لا يرفع من شأنها ورودها في نصٍّ شريف !
أمّا إذا لم يكن الاسم قد ورد في القرآن مباشرة أو اشتقاقاً، فقد دأبَ النّاسُ على اختراع معنى ديني له ! يمكن للأب أن يسمي ابنه أو ابنته اسماً يراه حسناً دون محاولة إقناعنا أنّ له معنى دينياً، صرنا نسمع عن أسماء دارجة فنسأل عن معناها، فيجيبكَ الأبُ بزهو : الإبرة التي يُحاك بها ستار الكعبة ! بقي أن تسأل عن معنى اسم فيخبرك الأهل أنّ معناه السياج حول صخرة الصفا ! أو البلاطة الثالثة في المروة ! أو دولاب عربة المقعدين والمسنين في المسعى ! ومن يعش طويلاً سيرى من هذا كثيراً، وسيسأل عن معنى اسم جديد على مسمعه، فيخبره الأهل أنّه اسم الكيس الذي يوضع فيه القمح الذي يُنثر لحمام الحرم !
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطريّة
http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?n=27B5B04D-9A38-44F7-9584-EC9A8707FC23&d=20160305&writer=1
💐
💐
قسمة الله وقسمة النّاس !
حضر مجنون إلى مجلس إمام المسجد وكان عنده ضيوف , فأحضر الإمام تمراً, وطلب من المجنون أن يقسمه بين الحضور , فقال المجنون لإمام المسجد : أأقسمه كقسمةِ الناسِ أم كقسمةِ الله ؟!
فقال له الإمام : اقسمه كقسمةِ الناسِ.
فأخذ المجنون طبق التمر, وأعطى كل واحدٍ من الحضور ثلاث تمرات, ووضع بقية الطبق أمام الإمام.
عندها قال الإمام: أقسمه كقسمة الله !
فجمع المجنون التمر , وأعطى الأول تمرة, والثاني حفنة , والثالث لا شئ , والرابع ملأ حجره !
فضحك الحاضرون طويلاً ..
.
.
لقد أراد المجنون أن يقول لهم إن لله حكمة في كل شئ , وإن أجمل مافي الحياة التفاوت , لو أُعطي الناس كلهم المال لم يعد له قيمة ...
ولو أُعطي كلهم الصحة ما كان للصحة قيمة ..
ولو أعطي كلهم العلم ما كان للعلم قيمة ..
سرّ الحياة أن يُكمل الناس بعضهم , وأن لله حكمة لا ندركها بعقلنا القاصر , فحين يعطي الله المال له حكمة , وحين يمسكه له حكمة , وأنه ليس علينا أن نشتكي الله كما نشتكي موزع التمر إذا حرمنا !! لأن الله سبحانه وتعالى إذا أعطانا فقد أعطانا ماهو له , وإذا حرمنا فقد حرمنا مما ليس لنا أساساً !
ولو نظرنا إلى الحياة لوجدناها غير متساوية , لهذا نعتقد أن فيها إجحافاً, ولكن هنالك مبدأ أسمى من المساواة , هو العدل , والله عادل , لهذا وزع بالعدل لا بالمساواة , لأن المساواة تحمل في طياتها إجحافاً أحياناً, ومن أُعطي المال نحن لا نعرف ما الذي أُخذ منه في المقابل , ولنكن على يقين أن الله لو كشف لنا حُجب الغيب ما اخترنا لأنفسنا إلا ما اختاره سبحانه لنا , ولكننا ننظر إلى الدنيا كأنها كل شئ , وأنها المحطة الأخيرة لنيل النصيب والرزق , هناك آخرة , ستأتي لامحالة , وسنرى كيف تتحقق العدالة المطلقة , وأن العطاء الحقيقي هناك , والحرمان الحقيقي هناك.
المال لم يكن يوماً معياراً لحب الله للعبد, فقد أعطى المال والملك لمن أبغضهم وأحبهم , ولكنه لم يعطِ الهداية إلا لمن أحبّ, ولو كان المال دليلاً على محبة الله للناس لما ملك النمرود الأرض من مشارقها إلى مغاربها , ولما مضت الأشهر ولا يوقد في بيت النبيّ نار لطعام !!
أدهم شرقاوي / رواية " نبض "
💐
قسمة الله وقسمة النّاس !
حضر مجنون إلى مجلس إمام المسجد وكان عنده ضيوف , فأحضر الإمام تمراً, وطلب من المجنون أن يقسمه بين الحضور , فقال المجنون لإمام المسجد : أأقسمه كقسمةِ الناسِ أم كقسمةِ الله ؟!
فقال له الإمام : اقسمه كقسمةِ الناسِ.
فأخذ المجنون طبق التمر, وأعطى كل واحدٍ من الحضور ثلاث تمرات, ووضع بقية الطبق أمام الإمام.
عندها قال الإمام: أقسمه كقسمة الله !
فجمع المجنون التمر , وأعطى الأول تمرة, والثاني حفنة , والثالث لا شئ , والرابع ملأ حجره !
فضحك الحاضرون طويلاً ..
.
.
لقد أراد المجنون أن يقول لهم إن لله حكمة في كل شئ , وإن أجمل مافي الحياة التفاوت , لو أُعطي الناس كلهم المال لم يعد له قيمة ...
ولو أُعطي كلهم الصحة ما كان للصحة قيمة ..
ولو أعطي كلهم العلم ما كان للعلم قيمة ..
سرّ الحياة أن يُكمل الناس بعضهم , وأن لله حكمة لا ندركها بعقلنا القاصر , فحين يعطي الله المال له حكمة , وحين يمسكه له حكمة , وأنه ليس علينا أن نشتكي الله كما نشتكي موزع التمر إذا حرمنا !! لأن الله سبحانه وتعالى إذا أعطانا فقد أعطانا ماهو له , وإذا حرمنا فقد حرمنا مما ليس لنا أساساً !
ولو نظرنا إلى الحياة لوجدناها غير متساوية , لهذا نعتقد أن فيها إجحافاً, ولكن هنالك مبدأ أسمى من المساواة , هو العدل , والله عادل , لهذا وزع بالعدل لا بالمساواة , لأن المساواة تحمل في طياتها إجحافاً أحياناً, ومن أُعطي المال نحن لا نعرف ما الذي أُخذ منه في المقابل , ولنكن على يقين أن الله لو كشف لنا حُجب الغيب ما اخترنا لأنفسنا إلا ما اختاره سبحانه لنا , ولكننا ننظر إلى الدنيا كأنها كل شئ , وأنها المحطة الأخيرة لنيل النصيب والرزق , هناك آخرة , ستأتي لامحالة , وسنرى كيف تتحقق العدالة المطلقة , وأن العطاء الحقيقي هناك , والحرمان الحقيقي هناك.
المال لم يكن يوماً معياراً لحب الله للعبد, فقد أعطى المال والملك لمن أبغضهم وأحبهم , ولكنه لم يعطِ الهداية إلا لمن أحبّ, ولو كان المال دليلاً على محبة الله للناس لما ملك النمرود الأرض من مشارقها إلى مغاربها , ولما مضت الأشهر ولا يوقد في بيت النبيّ نار لطعام !!
أدهم شرقاوي / رواية " نبض "
💐