#السلام_عليك_يا_صاحبي ٢٩
السّلام عليكَ يا صاحبي،
ها أنتَ مُنهكٌ مرَّةً أخرى ولا تكادُ تقوى على حمل نفسِك،
ولكن عليكَ أن تُكملَ المهمَّة،
فلا يُسمحُ للجنود بالاستلقاء أثناء المعركة وإن أنهكهم التَّعب!
تحاملْ على نفسِكَ يا صاحبي،
نحن لا نتوقف حين نتعب،
وإنما حين ننتهي،
وإنَّ لكَ ثغراً قد أوكل الله سبحانه لكَ حمايته،
فَسُدَّ ثغركَ ولو بقطعٍ من لحمِكَ،
وإياك أن يُؤتى الإسلام من قِبلك!
لا شكَّ أنكَ تعرفُ من أين استقيتُ نصيحتي هذه،
أنتَ قصصتها عليَّ يوماً وأنتَ تربتُ على قلبي،
والأيام دُول،
والتربيت على القلب كالجروح قِصَاص،
واحدة بواحدة يا صاحبي!
حدَّثتني عن سالمٍ مولى أبي حُذيفة،
العذبُ الرقيق حافظُ القرآن،
أوكلوه ثغراً في المعركة،
وخافوا أن لا يكون له جَلَدُ المقاتلين،
فالرجل صاحب قرآن، فقال لهم: بئسَ حاملُ القرآن أنا إن أوتيتم من قِبلي!
عليكَ أن تسير ولو نازفاً يا صاحبي،
لا عليكَ كيف ستصل،
لا يهمُّ إن وصلتَ أنيقاً أو ممزقاً،
المهم أن تصل، إن بلوغ الغايات ترميم للروح،
ثم حتى وإن لم تصل،
فليكُنْ عزاؤك لنفسك أن الموت على طريق الحق تأدية للأمانة،
وهذا بحد ذاته وصول!
نحن نُسأل عن الأسباب يا صاحبي لا عن النتائج،
ويوم القيامة يؤتى بنبيٍّ لم يُؤمن به أحد!
تخيَّل هذا المشهد، وتعزَّ به، نبي لم يقتنع بدعواه أحد!
جولة مريرة ستنقضي وستخرجُ منها معافىً بإذن الله،
تنظرُ إلى آثار الندوب تتحسسها،
وتبتسمُ مستشعراً رحمة هذا الرَّب الذي لجأتَ إليه فكفاكَ ما نزلَ بكَ!
والسّلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
السّلام عليكَ يا صاحبي،
ها أنتَ مُنهكٌ مرَّةً أخرى ولا تكادُ تقوى على حمل نفسِك،
ولكن عليكَ أن تُكملَ المهمَّة،
فلا يُسمحُ للجنود بالاستلقاء أثناء المعركة وإن أنهكهم التَّعب!
تحاملْ على نفسِكَ يا صاحبي،
نحن لا نتوقف حين نتعب،
وإنما حين ننتهي،
وإنَّ لكَ ثغراً قد أوكل الله سبحانه لكَ حمايته،
فَسُدَّ ثغركَ ولو بقطعٍ من لحمِكَ،
وإياك أن يُؤتى الإسلام من قِبلك!
لا شكَّ أنكَ تعرفُ من أين استقيتُ نصيحتي هذه،
أنتَ قصصتها عليَّ يوماً وأنتَ تربتُ على قلبي،
والأيام دُول،
والتربيت على القلب كالجروح قِصَاص،
واحدة بواحدة يا صاحبي!
حدَّثتني عن سالمٍ مولى أبي حُذيفة،
العذبُ الرقيق حافظُ القرآن،
أوكلوه ثغراً في المعركة،
وخافوا أن لا يكون له جَلَدُ المقاتلين،
فالرجل صاحب قرآن، فقال لهم: بئسَ حاملُ القرآن أنا إن أوتيتم من قِبلي!
عليكَ أن تسير ولو نازفاً يا صاحبي،
لا عليكَ كيف ستصل،
لا يهمُّ إن وصلتَ أنيقاً أو ممزقاً،
المهم أن تصل، إن بلوغ الغايات ترميم للروح،
ثم حتى وإن لم تصل،
فليكُنْ عزاؤك لنفسك أن الموت على طريق الحق تأدية للأمانة،
وهذا بحد ذاته وصول!
نحن نُسأل عن الأسباب يا صاحبي لا عن النتائج،
ويوم القيامة يؤتى بنبيٍّ لم يُؤمن به أحد!
تخيَّل هذا المشهد، وتعزَّ به، نبي لم يقتنع بدعواه أحد!
جولة مريرة ستنقضي وستخرجُ منها معافىً بإذن الله،
تنظرُ إلى آثار الندوب تتحسسها،
وتبتسمُ مستشعراً رحمة هذا الرَّب الذي لجأتَ إليه فكفاكَ ما نزلَ بكَ!
والسّلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
على خُطى الرَّسول ﷺ ٩٨
خشيتُ أن يقذفَ في قلوبكما شراً
روى المباركفوري في كتابه سيرة الإمام البخاري قال:
ركبَ الإمام البخاري سفينة وكان معه ألف دينار، فجاء إليه رجل من أهل السَّفينة وأظهر له الحب والمودة وأخذ يتقرب منه ويجالسه، ولما رأى البخاري منه هذا التودد حدَّثه عن الدنانير التي معه. وفي اليوم التالي قام هذا الرجل من نومه يبكي ويمزق ثيابه ويلطم وجهه، فاجتمع عليه ركاب السفينة يسألونه عن سبب فعله هذا، فأخبرهم أنه لديه صرة فيها ألف دينار وقد سُرقت منه، وهو يريد بهذا أن يأخذ مال البخاري!
فأخذ الناس يبحثون في السفينة معه، وعندها أخرج البخاري صرة دنانيره وألقاها في البحر دون أن يراه أحد، وهكذا فاتت على هذا المخادع فرصة لسرقة الدنانير!
في وقتٍ لاحق جاء الرجل إلى البخاري وسأله: ماذا فعلتَ بالدنانير؟
فقال له: ألقيتها في البحر
فقال: كيف صبرتَ على ضياع هذا المال منك؟
فقال له البخاري: أفنيتُ عمري أجمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفَ الناس صدقي وأمانتي، ولو أبقيتُ الدنانير معي لصدَّقكَ الناس في دعواك، واتهموني في أمانتي، وثقتي وعدالتي أثمن من دنانيري!
هذا الفهم للاهتمام بالسُّمعة الحسنة للإنسان بين الناس، استقاه البخاري من حادثة يعرفها جيداً حدثت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان معتكفاً في المسجد، فجاءت إليه أمنا صفيّة فحادثته، فلما أرادت أن ترجع إلى بيتها، قام معها ليوصلها، ومرَّ رجلان فرأياه، فأسرعا الخُطى، فقال لها: على رسلكما، هذه صفية بنت حُيي!
فقالا: سبحان الله يا رسول الله! أي وهل أنتَ موضع شك
فقال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيتُ أن يقذف في قلوبكما شراً!
يُعلمنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يحرص المرءُ على سُمعته، وأن لا يجعل نفسه موضع شُبهة عند الناس، فبرغم أنه المُرسل المعصوم الذي مدحه ربه تعالى في القرآن بقوله: "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ" إلا أنه يعرف الطبيعة البشرية جيداً! فإذا كان هو بنبوته واصطفائه حرص على سمعته، فكيف بمن هم دونه، وجميعنا دونه!
كان أحد التجار جالساً في دكانه وعنده زبائن، فدخل عليه رجل وقال له: أين الدراهم الخمسة التي وضعتها عندك أمانة.
ففتح كيس نقوده، وأخرج خمسة دراهم وقال له: تفضّل هذه دراهمك!
أخذها الرجل ومضى، ولكنه بعد قليل عاد وقال له: يرحمكَ الله كنتُ قد وضعتُ الدراهم أمانة عند رجل حسبته أنتَ، فلما لقيته تذكرته، وعرفتُ أنه ليس لي عندك دراهم، فلِمَ أعطيتني ما ليس لي؟!
فقال له: أنا تاجر، والتاجر سُمعة، ولو قلتُ لكَ ليس لكَ عندي شيء لكان الناس فيَّ فريقين، فريق كذَّبني، وفريق شكَّ فيَّ، وما كنتُ لأريق سمعتي لأجل خمسة دراهم!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
خشيتُ أن يقذفَ في قلوبكما شراً
روى المباركفوري في كتابه سيرة الإمام البخاري قال:
ركبَ الإمام البخاري سفينة وكان معه ألف دينار، فجاء إليه رجل من أهل السَّفينة وأظهر له الحب والمودة وأخذ يتقرب منه ويجالسه، ولما رأى البخاري منه هذا التودد حدَّثه عن الدنانير التي معه. وفي اليوم التالي قام هذا الرجل من نومه يبكي ويمزق ثيابه ويلطم وجهه، فاجتمع عليه ركاب السفينة يسألونه عن سبب فعله هذا، فأخبرهم أنه لديه صرة فيها ألف دينار وقد سُرقت منه، وهو يريد بهذا أن يأخذ مال البخاري!
فأخذ الناس يبحثون في السفينة معه، وعندها أخرج البخاري صرة دنانيره وألقاها في البحر دون أن يراه أحد، وهكذا فاتت على هذا المخادع فرصة لسرقة الدنانير!
في وقتٍ لاحق جاء الرجل إلى البخاري وسأله: ماذا فعلتَ بالدنانير؟
فقال له: ألقيتها في البحر
فقال: كيف صبرتَ على ضياع هذا المال منك؟
فقال له البخاري: أفنيتُ عمري أجمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفَ الناس صدقي وأمانتي، ولو أبقيتُ الدنانير معي لصدَّقكَ الناس في دعواك، واتهموني في أمانتي، وثقتي وعدالتي أثمن من دنانيري!
هذا الفهم للاهتمام بالسُّمعة الحسنة للإنسان بين الناس، استقاه البخاري من حادثة يعرفها جيداً حدثت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان معتكفاً في المسجد، فجاءت إليه أمنا صفيّة فحادثته، فلما أرادت أن ترجع إلى بيتها، قام معها ليوصلها، ومرَّ رجلان فرأياه، فأسرعا الخُطى، فقال لها: على رسلكما، هذه صفية بنت حُيي!
فقالا: سبحان الله يا رسول الله! أي وهل أنتَ موضع شك
فقال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيتُ أن يقذف في قلوبكما شراً!
يُعلمنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يحرص المرءُ على سُمعته، وأن لا يجعل نفسه موضع شُبهة عند الناس، فبرغم أنه المُرسل المعصوم الذي مدحه ربه تعالى في القرآن بقوله: "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ" إلا أنه يعرف الطبيعة البشرية جيداً! فإذا كان هو بنبوته واصطفائه حرص على سمعته، فكيف بمن هم دونه، وجميعنا دونه!
كان أحد التجار جالساً في دكانه وعنده زبائن، فدخل عليه رجل وقال له: أين الدراهم الخمسة التي وضعتها عندك أمانة.
ففتح كيس نقوده، وأخرج خمسة دراهم وقال له: تفضّل هذه دراهمك!
أخذها الرجل ومضى، ولكنه بعد قليل عاد وقال له: يرحمكَ الله كنتُ قد وضعتُ الدراهم أمانة عند رجل حسبته أنتَ، فلما لقيته تذكرته، وعرفتُ أنه ليس لي عندك دراهم، فلِمَ أعطيتني ما ليس لي؟!
فقال له: أنا تاجر، والتاجر سُمعة، ولو قلتُ لكَ ليس لكَ عندي شيء لكان الناس فيَّ فريقين، فريق كذَّبني، وفريق شكَّ فيَّ، وما كنتُ لأريق سمعتي لأجل خمسة دراهم!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
السلام عليك يا صاحبي ٣٠
السّلام عليكَ يا صاحبي،
يشهدُ اللهُ أنكَ عندي لا تهون،
وأنَّه آلمني أن كلماتي آلمتكَ،
وإن لم أكُنْ قاصداً،
هكذا أنا أتأذى من ألمٍ أُسببه لكَ أكثر من ألمٍ تُسببه لي!
وإني في كلِّ نزالاتي معكَ لم أكن أبحثُ عن نصرٍ،
يتساوى عندي معكَ النصرُ والهزيمة، إلى هذه الدرجة كنتَ دوماً أنا!
تعرفُ جيداً كم أوجعتني وإن لم تكُنْ قاصداً،
أو مسلوب الإرادة لا تملك من أمرك شيئاً،
ولكن لا تنسَ أنه لا يُقارن الفعل بردة الفعل!
ورغم هذا آتيكَ لأُطيّبَ خاطركَ،
فإنَّ كسر عظمةٍ في جسدي أقل ألماً في قلبي من كسر خاطرك!
أرأيتَ من قبل شخصاً نهشه السرطان يعود من أصابته نزلة برد!
يحدث أن يُفضفض المرءُ يا صاحبي،
وما على الذبيح من سبيل إن انتفضَ وأصابكَ شيءٌ من دمه!
وما على الذي اشتعلَ البركان في قلبه من مؤاخذة إن نفث ما إن كتمه سيحرقه،
وعلامَ يغضبُ من أوقد البركان إن أصابه شرر؟!
الزجاج يا صاحبي لا يُصبح جارحاً إلا إذا انكسر!
يا صاحبي لم أمدَّ يدي إليكَ يوماً من شفقة،
ولا أعطيتك كتفي لتتكىء عن صدقة،
كنتُ دوماً آتيكَ من تلقاء قلبي،
تماماً كما أكتب إليك الآن من تلقاء قلبي،
أتحاملُ على نفسي،
وأتناسى كل الذي أنا فيه، كي لا تنام أنتَ حزيناً!
يا صاحبي،
يحدث أن تجتمع على المرء الأشياء دفعةً واحدة،
لا حبيبه له، ولا صديقه يُؤتمن، ولا عدوه يغفل عنه،
فيجد نفسه وحيداً عليه أن يواجه هذا العالم،
وهو يبحث عن باب الخروج من هذا الكوكب ولا يجد!
والسّلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
السّلام عليكَ يا صاحبي،
يشهدُ اللهُ أنكَ عندي لا تهون،
وأنَّه آلمني أن كلماتي آلمتكَ،
وإن لم أكُنْ قاصداً،
هكذا أنا أتأذى من ألمٍ أُسببه لكَ أكثر من ألمٍ تُسببه لي!
وإني في كلِّ نزالاتي معكَ لم أكن أبحثُ عن نصرٍ،
يتساوى عندي معكَ النصرُ والهزيمة، إلى هذه الدرجة كنتَ دوماً أنا!
تعرفُ جيداً كم أوجعتني وإن لم تكُنْ قاصداً،
أو مسلوب الإرادة لا تملك من أمرك شيئاً،
ولكن لا تنسَ أنه لا يُقارن الفعل بردة الفعل!
ورغم هذا آتيكَ لأُطيّبَ خاطركَ،
فإنَّ كسر عظمةٍ في جسدي أقل ألماً في قلبي من كسر خاطرك!
أرأيتَ من قبل شخصاً نهشه السرطان يعود من أصابته نزلة برد!
يحدث أن يُفضفض المرءُ يا صاحبي،
وما على الذبيح من سبيل إن انتفضَ وأصابكَ شيءٌ من دمه!
وما على الذي اشتعلَ البركان في قلبه من مؤاخذة إن نفث ما إن كتمه سيحرقه،
وعلامَ يغضبُ من أوقد البركان إن أصابه شرر؟!
الزجاج يا صاحبي لا يُصبح جارحاً إلا إذا انكسر!
يا صاحبي لم أمدَّ يدي إليكَ يوماً من شفقة،
ولا أعطيتك كتفي لتتكىء عن صدقة،
كنتُ دوماً آتيكَ من تلقاء قلبي،
تماماً كما أكتب إليك الآن من تلقاء قلبي،
أتحاملُ على نفسي،
وأتناسى كل الذي أنا فيه، كي لا تنام أنتَ حزيناً!
يا صاحبي،
يحدث أن تجتمع على المرء الأشياء دفعةً واحدة،
لا حبيبه له، ولا صديقه يُؤتمن، ولا عدوه يغفل عنه،
فيجد نفسه وحيداً عليه أن يواجه هذا العالم،
وهو يبحث عن باب الخروج من هذا الكوكب ولا يجد!
والسّلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
#السلام_عليك_يا_صاحبي ٣١
السّلام عليكَ يا صاحبي،
تسألني: لِمَ كانت الصَّفعة موجعةً هذه المرَّة رغم أن من عادة الدنيا أن تصفعني؟!
فأجيبكَ: لعلَّ ما أوجعكَ ليست الصَّفعة وإنما يدُ الصَّافعِ!
يعزُّ على المرءِ يا صاحبي أن يُصفعَ باليدِ التي طالما قبَّلها!
أو لعلَّه التوقيتُ يا صاحبي،
أحياناً تمرُّ بالإنسان عاصفةٌ فلا تُحرِّكُ فيه شعرةً،
وأحياناً تخدشه نسمة!
أو لعلَّها الأحزانُ قد تراكمتْ يا صاحبي،
فالإنسان عندما يحزن يستدعي كل أحزانه السَّابقة كأنَّ حزناً واحداً لا يكفيه!
الجرحُ يا صاحبي يستدعي جرحاً مماثلاً،
والخيبة تستدعي خيبةً تشبهها،
لهذا أنتَ لم تكُنْ أمام خيبةٍ واحدة،
لقد كنتَ واقفاً أمام خيباتك كلها ولكنك لا تعلم!
أو لعلَّها الغربة يا صاحبي،
لا شيء يجعلُ المرءَ هشّاً مثل أن يكون وحده،
يشعرُ أنه في جهة وهذا الكوكب كله في جهة أخرى
وعليه أن يواجهه، وهو لا يريد أن يواجه،
وإنما ينظرُ يميناً وشمالاً،
يبحثُ في هذا الكوكب عن باب ليغادر ويقفله خلفه!
والسّلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
السّلام عليكَ يا صاحبي،
تسألني: لِمَ كانت الصَّفعة موجعةً هذه المرَّة رغم أن من عادة الدنيا أن تصفعني؟!
فأجيبكَ: لعلَّ ما أوجعكَ ليست الصَّفعة وإنما يدُ الصَّافعِ!
يعزُّ على المرءِ يا صاحبي أن يُصفعَ باليدِ التي طالما قبَّلها!
أو لعلَّه التوقيتُ يا صاحبي،
أحياناً تمرُّ بالإنسان عاصفةٌ فلا تُحرِّكُ فيه شعرةً،
وأحياناً تخدشه نسمة!
أو لعلَّها الأحزانُ قد تراكمتْ يا صاحبي،
فالإنسان عندما يحزن يستدعي كل أحزانه السَّابقة كأنَّ حزناً واحداً لا يكفيه!
الجرحُ يا صاحبي يستدعي جرحاً مماثلاً،
والخيبة تستدعي خيبةً تشبهها،
لهذا أنتَ لم تكُنْ أمام خيبةٍ واحدة،
لقد كنتَ واقفاً أمام خيباتك كلها ولكنك لا تعلم!
أو لعلَّها الغربة يا صاحبي،
لا شيء يجعلُ المرءَ هشّاً مثل أن يكون وحده،
يشعرُ أنه في جهة وهذا الكوكب كله في جهة أخرى
وعليه أن يواجهه، وهو لا يريد أن يواجه،
وإنما ينظرُ يميناً وشمالاً،
يبحثُ في هذا الكوكب عن باب ليغادر ويقفله خلفه!
والسّلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
على خُطى الرَّسول ﷺ ٩٩
لا تُعينوا عليه الشيطان
أُتيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم برجلٍ قد شرب الخمر، فقال: اضربوه.
فضربه الصحابة حدَّ شارب الخمر.
فلما انصرفَ قال له بعضهم: أخزاك الله!
فقال لهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا، لا تُعينوا عليه الشيطان، ولكن قولوا: اللهمَّ اغفر له، اللهمَّ ارحمه!
كان لعمر بن الخطاب صديقٌ حسنُ الخُلق والسيرة، ذهبَ إلى الشَّام فيمن ذهب إليها بعد فتحها، ثم ما لبثَ أن انقلبتْ أحواله، وزيَّن له الشيطان أعماله، فأقبل على شرب الخمر حتى عُرف ذلك عنه.
وحدثَ أن جاء رجلٌ من الشام، فأخذ عمر يسأله عن الناس والحُحكم وسير الأمور، وكان ممن سأل عنهم صاحبه هذا
فقال الرجل: ذاك أخو الشيطان، إنه قارف الكبائر حتى وقع في الخمر!
فكتب إليه عمر يقول: من عمر بن الخطاب إلى فلان، سلامٌ عليكَ فإني أحمدُ إليك الله، "غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ"
ثم قال لأصحابه: ادعوا لأخيكم أن يُقبل بقلبه، ويتوب الله عليه.
فلما بلغَ كتابُ عمر الرَّجُلَ، جعلَ يقرأه ويردده، ويقول: غافر الذّنب، قابل التَّوب، شديد العقاب، وقد حذَّرني عقوبته، ووعدني أن يغفر لي، فلم يزل يرددها على نفسه، حتى بكى، وتاب، وأحسن التوبة.
فلما بلغ عمر بن الخطاب خبره قال: هكذا فاصنعوا، وإذا رأيتم أخاً لكم زلَّ زلة فسددوه، وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعواناً للشيطان عليه!
بهذه الشَّريعة جاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم، بالسماحة والإشفاق، باللين والرحمة، بالأخذ بيد الناس إلى الله لا بالوقوف بينهم وبينه!
ما أرسل الله تعالى الأنبياء إلا للعصاة من خلقه، ولو كانوا مؤمنين ما احتاجوا إلى الأنبياء أساساً!
أرسلهم وملأ قلوبهم رحمة على خلقه، فإذا عاد أحد من الناس إلى الله فرحوا بعودته، وإذا ضلَّ إنسان ومات على ضلالة حزنوا لإنسان هلكَ على هذه الشاكلة!
زار النبيُّ صلى الله عليه وسلم يهودياً، فوجد له ابناً مريضاً، فجعل يعرض الإسلام عليه، والصبيُّ ينظر إلى أبيه.
فقال له الأب: أطِعْ أبا القاسم
فأسلم الصبيُّ، وخَرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمدُ لله الذي أنقذه من النار!
كم مرة انتكس صديق لنا فأخذنا بيده، وقلنا له: هذا ليس أنتَ، أنتَ الذي أعرفه يمشي في طريق الله، فوعظناه وذكرناه باللين والرحمة! فإن عاد فالحمد لله وإن لم يعد، فقد اُعذرنا إلى الله وقمنا بواجبنا تجاه صديقنا!
هل قمنا في الثلث الأخير من الليل وتوضأنا، وصلينا ركعتين وقلنا: اللهم فلاناً صديقنا، كان يمشي إليك ثم انتكس فأعده إلى طريقك؟!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
لا تُعينوا عليه الشيطان
أُتيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم برجلٍ قد شرب الخمر، فقال: اضربوه.
فضربه الصحابة حدَّ شارب الخمر.
فلما انصرفَ قال له بعضهم: أخزاك الله!
فقال لهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا، لا تُعينوا عليه الشيطان، ولكن قولوا: اللهمَّ اغفر له، اللهمَّ ارحمه!
كان لعمر بن الخطاب صديقٌ حسنُ الخُلق والسيرة، ذهبَ إلى الشَّام فيمن ذهب إليها بعد فتحها، ثم ما لبثَ أن انقلبتْ أحواله، وزيَّن له الشيطان أعماله، فأقبل على شرب الخمر حتى عُرف ذلك عنه.
وحدثَ أن جاء رجلٌ من الشام، فأخذ عمر يسأله عن الناس والحُحكم وسير الأمور، وكان ممن سأل عنهم صاحبه هذا
فقال الرجل: ذاك أخو الشيطان، إنه قارف الكبائر حتى وقع في الخمر!
فكتب إليه عمر يقول: من عمر بن الخطاب إلى فلان، سلامٌ عليكَ فإني أحمدُ إليك الله، "غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ"
ثم قال لأصحابه: ادعوا لأخيكم أن يُقبل بقلبه، ويتوب الله عليه.
فلما بلغَ كتابُ عمر الرَّجُلَ، جعلَ يقرأه ويردده، ويقول: غافر الذّنب، قابل التَّوب، شديد العقاب، وقد حذَّرني عقوبته، ووعدني أن يغفر لي، فلم يزل يرددها على نفسه، حتى بكى، وتاب، وأحسن التوبة.
فلما بلغ عمر بن الخطاب خبره قال: هكذا فاصنعوا، وإذا رأيتم أخاً لكم زلَّ زلة فسددوه، وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعواناً للشيطان عليه!
بهذه الشَّريعة جاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم، بالسماحة والإشفاق، باللين والرحمة، بالأخذ بيد الناس إلى الله لا بالوقوف بينهم وبينه!
ما أرسل الله تعالى الأنبياء إلا للعصاة من خلقه، ولو كانوا مؤمنين ما احتاجوا إلى الأنبياء أساساً!
أرسلهم وملأ قلوبهم رحمة على خلقه، فإذا عاد أحد من الناس إلى الله فرحوا بعودته، وإذا ضلَّ إنسان ومات على ضلالة حزنوا لإنسان هلكَ على هذه الشاكلة!
زار النبيُّ صلى الله عليه وسلم يهودياً، فوجد له ابناً مريضاً، فجعل يعرض الإسلام عليه، والصبيُّ ينظر إلى أبيه.
فقال له الأب: أطِعْ أبا القاسم
فأسلم الصبيُّ، وخَرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمدُ لله الذي أنقذه من النار!
كم مرة انتكس صديق لنا فأخذنا بيده، وقلنا له: هذا ليس أنتَ، أنتَ الذي أعرفه يمشي في طريق الله، فوعظناه وذكرناه باللين والرحمة! فإن عاد فالحمد لله وإن لم يعد، فقد اُعذرنا إلى الله وقمنا بواجبنا تجاه صديقنا!
هل قمنا في الثلث الأخير من الليل وتوضأنا، وصلينا ركعتين وقلنا: اللهم فلاناً صديقنا، كان يمشي إليك ثم انتكس فأعده إلى طريقك؟!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
#السلام_عليك_يا_صاحبي ٣٢
السّلام عليكَ يا صاحبي،
تقول لي: لقد خذلني الأصدقاء!
فأقولُ لكَ: الأصدقاء لا يَخذِلون،
كُلُّ ما في الأمر أنك تطلقُ لفظ الصَّديق على كُلِّ عابرٍ!
النَّاسُ هم الناس يا صاحبي في كُلِّ عصر،
أما قرأتَ صحيح البخاري وعرفتَ كيف أن النَّبي ﷺ قال:
النَّاسُ كإبل المئة لا تكادُ تجدُ فيها راحلة!
لقد نصحنا الأعرابُ فقالوا: أَكْثِرْ معارفكَ وقللْ أصدقاءكَ،
ولكننا ما انتصحنا!
فتعلمْ أن تتخفف يا صاحبي،
الكثير من الناس مجرد حمولة زائدة!
كُنْ انتقائياً،
احتفظْ بالنُّخبة،
فالمواقف غربال الناس!
الذي مسحَ دمعتكَ بيده،
لا يُشبه ذاك الذي قال لكَ لا تبكِ!
والذي جاءك في لحظة انكسارك،
فشدَّ على يدك وقال لك أنا بجانبك،
لا يُشبه الذي قال لك إن احتجتَ شيئاً فكلمني!
والذي عندما سُئلتَ عن حالك،
فقلتَ أنا بخير،
فعرفَ من انكسار صوتك، ومن حزن نظراتك،
أنك لستَ بخير،
يختلفُ كثيراً عن الذي صدَّق أنك فعلاً بخير!
والسّلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
السّلام عليكَ يا صاحبي،
تقول لي: لقد خذلني الأصدقاء!
فأقولُ لكَ: الأصدقاء لا يَخذِلون،
كُلُّ ما في الأمر أنك تطلقُ لفظ الصَّديق على كُلِّ عابرٍ!
النَّاسُ هم الناس يا صاحبي في كُلِّ عصر،
أما قرأتَ صحيح البخاري وعرفتَ كيف أن النَّبي ﷺ قال:
النَّاسُ كإبل المئة لا تكادُ تجدُ فيها راحلة!
لقد نصحنا الأعرابُ فقالوا: أَكْثِرْ معارفكَ وقللْ أصدقاءكَ،
ولكننا ما انتصحنا!
فتعلمْ أن تتخفف يا صاحبي،
الكثير من الناس مجرد حمولة زائدة!
كُنْ انتقائياً،
احتفظْ بالنُّخبة،
فالمواقف غربال الناس!
الذي مسحَ دمعتكَ بيده،
لا يُشبه ذاك الذي قال لكَ لا تبكِ!
والذي جاءك في لحظة انكسارك،
فشدَّ على يدك وقال لك أنا بجانبك،
لا يُشبه الذي قال لك إن احتجتَ شيئاً فكلمني!
والذي عندما سُئلتَ عن حالك،
فقلتَ أنا بخير،
فعرفَ من انكسار صوتك، ومن حزن نظراتك،
أنك لستَ بخير،
يختلفُ كثيراً عن الذي صدَّق أنك فعلاً بخير!
والسّلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
"وددتُ لو مَسَحَ رسولُ الله ﷺ على صدري
ودعا لي وقال: إنَّمَا هي دُنيا، والمُلتقى الجنة بإذنِ الله، فلا تحزن" ❤️
ودعا لي وقال: إنَّمَا هي دُنيا، والمُلتقى الجنة بإذنِ الله، فلا تحزن" ❤️
صَعدَ إلى السَّماءِ السَّابعةِ
ووصلَ إلى سِدرةِ المُنتهى
ثم عادَ إلى الأرضِ يحلبُ شاته ويخصفُ نعله
ويأكلُ مع المسَاكين في صَحنٍ واحدٍ
كان كبيراً قبل أن يصعد
وظلَّ كبيراً بعد أن نزل
كبيراً دون تكبُّر
عظيماً دون تعاظُم
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ❤
.
#حديث_الصباح
ووصلَ إلى سِدرةِ المُنتهى
ثم عادَ إلى الأرضِ يحلبُ شاته ويخصفُ نعله
ويأكلُ مع المسَاكين في صَحنٍ واحدٍ
كان كبيراً قبل أن يصعد
وظلَّ كبيراً بعد أن نزل
كبيراً دون تكبُّر
عظيماً دون تعاظُم
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ❤
.
#حديث_الصباح
السّلام عليكَ يا صاحبي ٣٣
تسألني: كيف حالك؟
يا لمشقَّةِ السُّؤال!
العالم حولي صاخب ومزدحم،
وأنا وحيد!
لا أعرفُ كيف أشرح لكَ هذه المتناقضة،
ولكن صدقني يحدثُ أن يكون المرءُ وحيداً وهو في زحام!
يحدث يا صاحبي أن تكون كفزَّاعةِ الحقل،
تُؤدي مهمتها بجدارةٍ،
تُخيف العصافير فلا يقربوا المحصول،
ولكنها من الداخل تنزُّ ألماً،
وتتمنى لو أن عصفوراً جريئاً يُدرك أنها ما اختارت هذه المهمة،
فيلقي عليها التحية!
يحدثُ يا صاحبي أن تُسلمكَ طائرة إلى طائرة،
ومطار إلى مطار،
ولكنك تشعرُ أنك لم تُسافر،
صدِّقني يمكنُ للمرءِ أن يبقى عالقاً في مكان ما مهما ارتحل عنه!
يا صاحبي،
تعبتُ من الأشياء التي اختارتني،
واشتقتُ إلى الأشياء التي اخترتها،
اشتقتُ إلى قبلةٍ أطبعها على يد أمي،
وإلى امرأةٍ أفتحُ ذراعيَّ وأقول لها تعالي،
إلى شعور الأمان الذي تحدثه فيك امرأة تداعبُ شعرك بأصابعها!
يا صاحبي،
لا أعرف كيف أخبرُكَ أن الرِّجال كلما صاروا أكثر خطورة،
صاروا أكثر حناناً وشغفاً،
ولكن صدقني إنَّ الأمر كذلك!
قالوا قبلنا يا صاحبي:
مشيناها خطىً كُتِبَت عليْنا
ومن كُتبت عليهِ خطىً مشاها
وإنني أسيرُ في دربٍ كُتب لي،
لن أتراجع، ولن ألين،
فلستُ بالذي يعيش بلا قضية،
ولكني وحيد وأشتاق!
والسلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
تسألني: كيف حالك؟
يا لمشقَّةِ السُّؤال!
العالم حولي صاخب ومزدحم،
وأنا وحيد!
لا أعرفُ كيف أشرح لكَ هذه المتناقضة،
ولكن صدقني يحدثُ أن يكون المرءُ وحيداً وهو في زحام!
يحدث يا صاحبي أن تكون كفزَّاعةِ الحقل،
تُؤدي مهمتها بجدارةٍ،
تُخيف العصافير فلا يقربوا المحصول،
ولكنها من الداخل تنزُّ ألماً،
وتتمنى لو أن عصفوراً جريئاً يُدرك أنها ما اختارت هذه المهمة،
فيلقي عليها التحية!
يحدثُ يا صاحبي أن تُسلمكَ طائرة إلى طائرة،
ومطار إلى مطار،
ولكنك تشعرُ أنك لم تُسافر،
صدِّقني يمكنُ للمرءِ أن يبقى عالقاً في مكان ما مهما ارتحل عنه!
يا صاحبي،
تعبتُ من الأشياء التي اختارتني،
واشتقتُ إلى الأشياء التي اخترتها،
اشتقتُ إلى قبلةٍ أطبعها على يد أمي،
وإلى امرأةٍ أفتحُ ذراعيَّ وأقول لها تعالي،
إلى شعور الأمان الذي تحدثه فيك امرأة تداعبُ شعرك بأصابعها!
يا صاحبي،
لا أعرف كيف أخبرُكَ أن الرِّجال كلما صاروا أكثر خطورة،
صاروا أكثر حناناً وشغفاً،
ولكن صدقني إنَّ الأمر كذلك!
قالوا قبلنا يا صاحبي:
مشيناها خطىً كُتِبَت عليْنا
ومن كُتبت عليهِ خطىً مشاها
وإنني أسيرُ في دربٍ كُتب لي،
لن أتراجع، ولن ألين،
فلستُ بالذي يعيش بلا قضية،
ولكني وحيد وأشتاق!
والسلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
السلام عليك يا صاحبي ٣٤
السّلام عليك يا صاحبي،
أعلمُ أنكَ مُتعبٌ يا صاحبي،
وأنَّ ما فيكَ يكفيكَ،
وأنَّ آخر ما ينقصكَ حمل جديد،
فأنتَ تنوءُ تحت حملكَ القديم!
وأعلمُ أنكَ ربما حدَّثتَ نفسكَ قائلاً:
ماذا على المُتْعَب لو أنه أفلتَ يده؟
لا يا صاحبي،
إنَّ إفلاتَ اليد في أول الطريق خَيَار،
ولكنه في المنتصف جريمة!
ثم قِفْ هُنيهة،
وراجع حديثنا القديم،
حديثكَ أنتَ أعني: إن اللهَ لا يضعُ ثمراً على غصن لا يستطيع حمله،
وأنه سبحانه يختار أخلص جنده لأنقى معاركه،
وأن دماً كثيراً نفرَ من الشرايين لتبقى راية هذا الدِّين خفَّاقة،
ومن أراد أن يقتدي فليقتدِ بالذي ماتَ فقد أَمِنَ الفتنة!
تعرفُ أكثر مني لماذا العبادة في الهرج كهجرة إلى النبي ﷺ،
وتعرف أكثر مني أنه قد عاد غريباً كما بدأَ،
وأن "طوبى لكَ" تطرقُ بابكَ، فلا تُفلِتْ يدكَ!
أو لعلَّكَ ما حدَّثتَ نفسك بشيءٍ من هذا،
ولعلني يا صاحبي أردتُ أن أُثبِّتَ نفسي،
فألبستُ الكلام ثوب تثبيتك،
أعرفكَ جيداً، أعرفُ كيف تكون عند حسن الظنِّ دوماً،
وكيف تشتدُّ حين نقول أنك ستضعف،
وكيف تلين حين نظن أنك ستنتقم،
ليتَ لي شيئاً من اتزانك،
فلا تقُل بعد هذا أني لم أَربِتْ على قلبك!
يا صاحبي،
إنما المرءُ بإخوانه كما تقول،
فهذا قلبي تحت قدميكَ فانتعِلْ هنيئاً،
وهذا كتفي فاتّكئ مريئاً،
والسّلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
السّلام عليك يا صاحبي،
أعلمُ أنكَ مُتعبٌ يا صاحبي،
وأنَّ ما فيكَ يكفيكَ،
وأنَّ آخر ما ينقصكَ حمل جديد،
فأنتَ تنوءُ تحت حملكَ القديم!
وأعلمُ أنكَ ربما حدَّثتَ نفسكَ قائلاً:
ماذا على المُتْعَب لو أنه أفلتَ يده؟
لا يا صاحبي،
إنَّ إفلاتَ اليد في أول الطريق خَيَار،
ولكنه في المنتصف جريمة!
ثم قِفْ هُنيهة،
وراجع حديثنا القديم،
حديثكَ أنتَ أعني: إن اللهَ لا يضعُ ثمراً على غصن لا يستطيع حمله،
وأنه سبحانه يختار أخلص جنده لأنقى معاركه،
وأن دماً كثيراً نفرَ من الشرايين لتبقى راية هذا الدِّين خفَّاقة،
ومن أراد أن يقتدي فليقتدِ بالذي ماتَ فقد أَمِنَ الفتنة!
تعرفُ أكثر مني لماذا العبادة في الهرج كهجرة إلى النبي ﷺ،
وتعرف أكثر مني أنه قد عاد غريباً كما بدأَ،
وأن "طوبى لكَ" تطرقُ بابكَ، فلا تُفلِتْ يدكَ!
أو لعلَّكَ ما حدَّثتَ نفسك بشيءٍ من هذا،
ولعلني يا صاحبي أردتُ أن أُثبِّتَ نفسي،
فألبستُ الكلام ثوب تثبيتك،
أعرفكَ جيداً، أعرفُ كيف تكون عند حسن الظنِّ دوماً،
وكيف تشتدُّ حين نقول أنك ستضعف،
وكيف تلين حين نظن أنك ستنتقم،
ليتَ لي شيئاً من اتزانك،
فلا تقُل بعد هذا أني لم أَربِتْ على قلبك!
يا صاحبي،
إنما المرءُ بإخوانه كما تقول،
فهذا قلبي تحت قدميكَ فانتعِلْ هنيئاً،
وهذا كتفي فاتّكئ مريئاً،
والسّلام لقلبكَ
أدهم شرقاوي
على خُطى الرَّسول ﷺ ١٠٠
أَتَزَوَّجتَ
يقول جابر بن عبد الله: كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ، فأبطأ بي جَملي، فمررتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: جابر
قلتُ: نعم
فقال: ما شأنك؟
فقلتُ: أبطأ بي جملي، فتخلفتُ
فنزل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن راحلته، وجعل يدفع جملي بيده، ثم قال لي: إِركَبْ!
فركبتُ، فقال لي: أتزوجتَ؟
قلتُ: نعم
قال: بكرٍ أم ثيِّباً؟ والثيب التي سبقَ لها الزواج من قبل فهي إما مُطلقة أو أرملة.
قلتُ: بل ثيباً
فقال: أفلا جارية تُلاعبها وتلاعبك، وتُضاحكها وتُضاحكك
فقلتُ: إنَّ أبي ماتَ وتركَ سبع بناتٍ، وإني كرهتُ أن أجيئهنَّ بمثلهنَّ، فأحببتُ أن أتزوج امرأةً تجمعهنَّ وتمشطهنَّ وتقوم عليهنَّ.
فقال: باركَ اللهُ لكَ
ثم قال لي: أتبعُ جَملك؟!
فقلتُ: نعم
فاشتراه مني بأوقية من فضة.
ثم وصل النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قبلي، ووصلتُ في المساء، فجئنا إلى المسجد، فوجدته بباب المسجد، فقال لي: الآن قدمتَ؟
قلتُ: نعم
فقال: دَعْ جملكَ وادخُلْ فصَلِّ ركعتين
فدخلتُ، فصليتُ، وأمرَ بلالاً فوزنَ لي أوقية من فضة، فأخذتها، فلما انصرفتُ، نادى عليَّ وقال: خُذْ جملكَ ولكَ ثمنه!
يُعلمنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم درساً بليغاً من دروس الحياة، وهو أن نفسية البنت البكر، الصغيرة في السِّن أنفع للزواج، لأنَّ فيها إقبالاً على الحياة والزواج ليسا في المرأة الثيب التي عادة ما أن يكون لها أولاد فهي مشغولة بهم، أو مكلومة من الحياة من طلاق سبقته حياة عسيرة، وضرر قد يدفع الزوج الجديد ثمنه!
ويُعلمنا جابر درساً بليغ أيضاً، وهو أن يُقدِّر كل إنسان ظروفه، ويتصرف على هذا الأساس، وقد أحسنَ إذ تزوج امرأة ثيباً، لأنه لو أحضرَ إلى البيت فتاةً صغيرة بعمر أخواته اللواتي يقوم على تربيتهن لضعنَ، ولفرَّط في هذه الأمانة، وأكثر ما أعجبُ منه أن الرجل إذ ماتت زوجته، أو حصل بينهما طلاق سعى للزواج بفتاة بعمر بناته وهُنَّ معه، وهذا إن لم يكن حراماً بلا شك، إلا أنه ليس فيه شيء من فقه الحياة!
ثم انظروا إلى جبر الخواطر، جابر رجل فقير، وقد تزوَّج، وقد أراد النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يُعينه ببعض المال، بالمقابل أراد أن يحفظ له كرامته، فاشترى منه الجمل، ثم أعطاه ثمنه، وأعاده إليه، يوجد ألف طريقة لمساعدة الناس دون جرح كراماتهم، فتخيروا طُرق العطاء!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
أَتَزَوَّجتَ
يقول جابر بن عبد الله: كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ، فأبطأ بي جَملي، فمررتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: جابر
قلتُ: نعم
فقال: ما شأنك؟
فقلتُ: أبطأ بي جملي، فتخلفتُ
فنزل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن راحلته، وجعل يدفع جملي بيده، ثم قال لي: إِركَبْ!
فركبتُ، فقال لي: أتزوجتَ؟
قلتُ: نعم
قال: بكرٍ أم ثيِّباً؟ والثيب التي سبقَ لها الزواج من قبل فهي إما مُطلقة أو أرملة.
قلتُ: بل ثيباً
فقال: أفلا جارية تُلاعبها وتلاعبك، وتُضاحكها وتُضاحكك
فقلتُ: إنَّ أبي ماتَ وتركَ سبع بناتٍ، وإني كرهتُ أن أجيئهنَّ بمثلهنَّ، فأحببتُ أن أتزوج امرأةً تجمعهنَّ وتمشطهنَّ وتقوم عليهنَّ.
فقال: باركَ اللهُ لكَ
ثم قال لي: أتبعُ جَملك؟!
فقلتُ: نعم
فاشتراه مني بأوقية من فضة.
ثم وصل النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قبلي، ووصلتُ في المساء، فجئنا إلى المسجد، فوجدته بباب المسجد، فقال لي: الآن قدمتَ؟
قلتُ: نعم
فقال: دَعْ جملكَ وادخُلْ فصَلِّ ركعتين
فدخلتُ، فصليتُ، وأمرَ بلالاً فوزنَ لي أوقية من فضة، فأخذتها، فلما انصرفتُ، نادى عليَّ وقال: خُذْ جملكَ ولكَ ثمنه!
يُعلمنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم درساً بليغاً من دروس الحياة، وهو أن نفسية البنت البكر، الصغيرة في السِّن أنفع للزواج، لأنَّ فيها إقبالاً على الحياة والزواج ليسا في المرأة الثيب التي عادة ما أن يكون لها أولاد فهي مشغولة بهم، أو مكلومة من الحياة من طلاق سبقته حياة عسيرة، وضرر قد يدفع الزوج الجديد ثمنه!
ويُعلمنا جابر درساً بليغ أيضاً، وهو أن يُقدِّر كل إنسان ظروفه، ويتصرف على هذا الأساس، وقد أحسنَ إذ تزوج امرأة ثيباً، لأنه لو أحضرَ إلى البيت فتاةً صغيرة بعمر أخواته اللواتي يقوم على تربيتهن لضعنَ، ولفرَّط في هذه الأمانة، وأكثر ما أعجبُ منه أن الرجل إذ ماتت زوجته، أو حصل بينهما طلاق سعى للزواج بفتاة بعمر بناته وهُنَّ معه، وهذا إن لم يكن حراماً بلا شك، إلا أنه ليس فيه شيء من فقه الحياة!
ثم انظروا إلى جبر الخواطر، جابر رجل فقير، وقد تزوَّج، وقد أراد النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يُعينه ببعض المال، بالمقابل أراد أن يحفظ له كرامته، فاشترى منه الجمل، ثم أعطاه ثمنه، وأعاده إليه، يوجد ألف طريقة لمساعدة الناس دون جرح كراماتهم، فتخيروا طُرق العطاء!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية