أدهم شرقاوي
16.5K subscribers
732 photos
78 videos
26 links
"قس بن ساعدة"
عربي يمارس حقه الطبيعي في الكلام

Twitter:
twitter.com/adhamsharkawi

Instagram:
instagram.com/bin.saeeda

Facebook:
facebook.com/adham.sharkawi.page
Download Telegram
السَّلامُ عليكَ يا صاحبي ١

السّلام عليكَ يا صاحبي،

نأتْ بنا الدنيا، وصيَّرتنا كُلاً في بلد،
لقد استكثرتْ عليَّ أن أتنفسَ هواءً مرَّ من قبل برئتيك،
وأشمَّ نسمةً سبق ولفحتك فجاءتني محملةً برائحتك،
ألا وإن المحبين يتعزون بالروائح!
ومن قبل قال يعقوب عليه السّلام: إني لأجدُ ريح يوسف!
فيا يوسفي الوسيم، والعذب، والرقيق،
ليتَ لي قوةً لكنتُ أبقيتُكَ معي، ووفرتُ عليَّ وعليكَ عناء الفِراق!
لو كان الأمر بيدي ما تركتهم يطرحونك أرضاً،
فكل أرضٍ أنتَ لستَ فيها أنا فيها غريب!

ولو كان الأمر بيدي حين ألقوكَ في جُبِّ السَّفر،
لكنتُ سبقتُ السيارة إليكَ،
وألقيتُ دلوي وانتشلتُكَ،
ولم أكن لأبيعك بثمنٍ بخسٍ!
كل الدنيا ثمنٌ بخسٌ لكَ يا صاحبي!

كنتُ سأنتشلك،
وآخذك إلى صدري وأقول لكَ:
لا بأس أنا هنا!
وأجفف روحك المبتلة بماء الفراق،
وآخذك إليَّ وأقول لكَ:
أنا إخوتك كلهم،
نيابةً عن إخوتك الذين تركوكَ!
أنا أمكَ التي تشتاقها،
أنا أبوكَ المكلوم على فقدكَ،
أنا كل هؤلاء معاً، لأني أحبكَ أكثر منهم معاً!

لو كان الأمرُ بيدي، ما تركتهم يُغلقون عليكَ الأبواب،
وما سمحتُ لهم أن يتهموكَ فأنت عندي فوق التهمة!
أنتَ الذي لا تروبني بشأنك رائبة،
لو كان الأمر بيدي لواسيتُكَ في السجن،
الغربة سجن يا صاحبي، واللهِ سجن!
ولكنتُ سنابلكَ الخُضر كلها وما مسّكَ معي من يباس!

يا صاحبي،
صدقني حين أخبركَ أنه يكفي أن يرحلَ شخصٌ واحد عنكَ،
حتى تستوحش من نفسكَ،
وتشعرُ بفراغ مهول كأنك ثقب أسود،
لو ابتلعتَ كوكباً كاملاً فلن تسدَّ جوعك!
ثمة جوع لا يسده إلا شخص واحد،
وأنا جائع إليكَ!

والسّلام لقلبكَ

أدهم شرقاوي
كُلُّ أرضٍ لستَ فيها أنا فيها غريب 💔
‏.
‏⁧ #السلام_عليك_يا_صاحبي
السلام عليك يا صاحبي ٢

السّلام عليك يا صاحبي،

تسألني: ما أجمل شعور في الدنيا؟
فأقول لكَ: أن تشعرَ أنكَ لا تهون!
أن تشعر أنكَ بمأمن ولو أخطأت،
وأنك مفهوم ولو خانتك مفرداتك،
وأنك لا تُستبدل ولو كنتَ في مزاجٍ سيءٍ،
وأنك لا تُغادَرُ ولو شعرتَ أنت برغبةٍ في أن تغادر نفسكَ!

يا صاحبي،
لا شيء أجمل من أن تعرف أن خاطرك سيُشترى على الدوام،
وأن دمعتكَ ستُمسح مهما كان الظرف،
وأن يدكَ لن تُتركَ مهما بدا الوضع شائكاً!

يا صاحبي،
لا شيء أجمل من أن تعثر على الشخص الذي
يقول لكَ: أنتَ عندي أولاً!
تأتي قبل الجميع، وقبل نفسي أيضاً،
ثم تجده لا يقول فحسب، وإنما يتصرف على هذا الأساس أيضاً!
يضع راحتك قبل راحته،
وسعادتك قبل سعادته،
ولو علم أن أمراً فيه سعادتك وحزنه،
لاختار أن تسعد ولو كان سيحزن!

يا صاحبي،
لا تحسبني أُبالغ،
هؤلاء نادرون ولكنهم موجودون!
لا تحسَبني أُحدثكَ عن مستحيلات العرب الثلاثة:
الغول والعنقاء والخل الوفي،
فإن لم تعثر على هذا الشخص،
فحاول أن تكونه أنتَ!

والسّلام لقلبكَ

أدهم شرقاوي
على خُطى الرَّسول ﷺ ٨٦
قتلوه قتلهم الله

يقولُ جابر بن عبد الله: خرجنا في سفر، فأصابَ رجُلاً منا حَجَرٌ فشجَّه في رأسه. ثم احتلمَ، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رُخصةً في التيمم؟
فقالوا: ما نجدُ لكَ رخصةً وأنتَ تقدرُ على الماء!
فاغتسلَ، فماتَ!
فلما قدمنا على النبيّ صلى الله عليه وسلم أُخبرَ بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شفاء العِيِّ السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصب على جرحه خِرقةً، ثم يمسحُ عليها، ويغسلُ سائر جسده!

فتوى بغير علم أدَّتْ إلى مقتل إنسان وما أكثر الفتوى بغير علم في أيامنا، حتى صرتَ تجد أن الناس يعتقدون أنه من العيب أن يقولوا لا نعلم!

سُئل الإمام الشَّعبي عن مسألةٍ، فقال: لا أعلم
فقيل له: أما تستحي أن تقول لا أعلمُ، وأنتَ فقيه العراق؟
فقال: إن الملائكة لم تستحِ حين قالتْ: "قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا"

وصعد فقيه المنبر، فسُئل عن مسألة، فقال: لا أعلم
فقال له رجل من الحضور: هذه المنابر يرتقيها من يعلم
فقال له: إنما ارتقيتُ على قدر علمي، ولو ارتقيتُ على قدر جهلي لبلغتُ السَّماء!

وجاء رجل من العراق إلى المدينة يسأل الإمام مالك في المدينة عن قضايا فقهية، فأجابه الإمام عن بعضها، وسكتَ عن بعضها!
فقال له الرجل: ماذا أقول لأهل العراق يا مالك؟
فقال له: قل لهم إن مالكاً لا يعلم!

مالك أفقه المسلمين في زمانه لا يجد حرجاً أن يقول لا أعلم، والشعبي الذي يقول عنه محمد بن سيرين: قدمتُ الكوفة وللشعبي يومئذٍ حلقة عظيمة والصحابة يومئذ كثير! لم يجد حرجاً أن يقول لا أعلم!
أما نحن فكلنا مفتون، الطبيب يُفتي، والميكانيكي يُفتي، والنساء في الصباحيات يفتين في مسائل لو عُرضت لعمر بن الخطاب لجمع لها فقهاء الصحابة!

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
تسألني: ما أجمل شعور في الدنيا؟
‏فأقول لكَ: أن تشعرَ أنكَ لا تهون!
‏أن تشعر أنكَ بمأمن ولو أخطأت،
‏وأنك مفهوم ولو خانتك مفرداتك،
‏وأنك لا تُستبدل ولو كنتَ في مزاجٍ سيءٍ،
‏وأنك لا تُغادَرُ ولو شعرتَ أنت برغبةٍ في أن تغادر نفسكَ!
‏ .
‏⁧ #السلام_عليك_يا_صاحبي
‏"يا الله
‏لم يمل القلبُ من الدُّعاء
‏ولكنه يتلهّف لدهشة الإجابة" ❤️
‏"وإني مدينٌ للذين جبروا خاطري يومًا
‏سواءً كانوا قاصدين
‏أو بمحضِ الصُّدفة" ❤️
السلام عليك يا صاحبي ٦

السّلام عليكَ يا صاحبي،

يُرسلُ الله تعالى لنا الهدايا بطريقةٍ لا نفهمها،
هذا لأنَّ فكرنا قاصر، ونظرتنا محدودة،
تأتينا المِنحةُ على شكلِ مِحنةٍ،
والعطاءُ في هيئةِ منعٍ،
والجبرُ في هيئةِ كسرٍ،
ولكن متى استقامَ لكَ الفهمُ علمتَ أنَّ الله أرحم بكَ منكَ،
وأنَّ ربَّ الخير لا يأتي إلا بخير!

قال عبد الله بن عباسٍ لتلميذه عطاء بن أبي رباح:
ألا أُريكَ امرأةً من أهل الجَنَّة؟!
فقال: بلى!
قال: هذه المرأة أتَتِ النبيَّ ﷺ فقالت: يا رسول الله، إني أُصرَعُ، وإني أتكشَّفُ، فادعُ اللهَ لي!
فقال النبيُّ ﷺ: إن شئتِ صبرتِ ولكِ الجَنَّة، وإن شئتِ دعوتُ اللهَ أن يُعافيكِ!
فقالتْ: بل أصبر، ولكني أتكشَّفُ، فادعُ اللهَ ليَ أن لا أتكشَّف!
فدعا لها ﷺ.

المرضُ إحدى هدايا اللهِ يا صاحبي!
وإنه يبتليكَ به ليغفرَ لكَ ذنوباً، لم تكُن لتبلغَ غفرانها بطاعتكَ،
ويبتليكَ به ليُرققَ قلبكَ، فلا شيء أنفع للقلب من لحظة ضعفٍ، تُريه الدنيا على حقيقتها!
ويبتليكَ به ليُقربكَ، فرُبَّ منزلةٍ في الجنةِ خُلقتَ لها، وعباداتكَ أقل من أن تبلغها، فيُصيبُكَ ليرفعك، ويبتليكَ به لأنه رآكَ تبتعدُ عنه، فأرادَ أن يُعيدكَ إليه،
تخيَّلْ روعة المشهد، أن يغارَ الله على قلبكَ!

والسّلام لقلبكَ

أدهم شرقاوي
🌸

السلام عليك يا صاحبي ٥

السّلام عليكَ يا صاحبي،

أكثرُ النَّاسِ عطاءً لشيءٍ هم الذين حُرموا منه،
إنهم يُعطون ببذخٍ لأنهم يعرفون أكثر من غيرهم مرارة الحِرمان!
أو لعلَّ الذي يُعطيكَ أراد أن يُعوِّضَ نفسه ما فقد،
ولعلَّ الذي أحبَّكَ بجنونٍ أرادَ أن يقول لكَ:
لقد تمنيتُ أن يُحبني أحدٌ مثلما أحببتُكَ!

يا صاحبي،
ليس كل من واساكَ خالياً من الحُزن،
لعلَّه عرف معنى أن يحزن المرءُ ولا يجد أحداً يواسيه!
ولا كل من أعطاكَ ثريٌّ،
لعلَّه عرفَ جيداً معنى أن يحتاجَ المرءُ ولا يجد!
ولا كُل من ربتَ على كتفكَ ليس له هَمٌّ،
لعله أراد أن يدعو بطريقةٍ أخرى، فيقول صامتاً وهو يُطبطبُ عليكَ:
ها أنا أربتُ على أكتاف الناس فاربِتْ على كتفي يا الله!

هذا الحياة قاسية يا صاحبي،
وكلُّ إنسان يخوضُ معركةً لا يدري بها أحد،
خلف الضحكات المُدوِّية جروح غائرة،
ووراء صور النِعمة حرمان قاتل،
حتى الكتابات عن الحُب هي في أحيانٍ كثيرة شوقٌ لحبيب مُنتظر،
يحدثُ أن يكتبَ الناسُ عما يفقدونه أكثر مما يجدونه،
فمُرَّ هيِّناً، وإياكَ أن لا ترى من الناس إلا الذي ترى!

والسّلام لقلبكَ

أدهم شرقاوي


🌸
🌸

على خُطى الرَّسول ﷺ ٨٧
ربِّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين

قالت عائشة يوماً للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، عبد الله بن جدعان كان في الجاهلية يصلْ الرَّحم، ويُطعم المسكين، فهل ذاك نافعة؟
فقال لها: لا ينفعه، إنه لم يقُلْ يوماً: ربِّ اغفِرْ لي خطيئتي يوم الدين!

مما أُبتلي به المسلمون هذه الأيام أنه إذا ماتَ الكافر وكان مخترعاً شهيراً، أو محسناً معروفاً، أو طيباً رحيماً، قالوا: الدين للهِ، والله أعلمُ بما في قلبه، وإن لم يكن مثله من أهل الجنة فمن عساه يكون! وربما قالوا جملتهم المعهودة: له ما له، وعليه ما عليه!

وإذا مات العالم والفقيه من المسلمين، قالوا: أليسَ هذا الذي أفتى يوماً بكذا وكذا؟!
يبحثون للكافر عن أحسن عملٍ عمله في الدنيا، وللمسلم عن أقبح عملٍ عمله!

بدايةً علينا أن نتأدب مع الله، فلا نقطع لأحدٍ بجنةٍ أو بنارٍ، فأمر الناس جميعاً إلى الله، إن شاءَ أدخلهم الجنة رحمةً منه، وإن شاء أدخلهم النار عدلاً منه!

ولكن من الفهم السقيم أن نخلط بين الأعمال الحسنة التي يقوم بها الإنسان، وبين عقيدته ودينه الفاسدين!
صحيح أن غير المسلمين ليسوا سواءً، تماماً كما أن المسلمين ليسوا سواءً، ولكن أن نعتقد أن النجاة من النار تكون بدواء يخترعه طبيب، أو بدار أيتام يفتحها ثري، فنترك الدين جانباً على اعتبار أن الدين المعاملة فهذا تسخيف وتستطيح لقضية التوحيد التي لأجلها خلق الله الخلق، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب، وكانت الجنة والنار!

نعم نعترف بفضل الكافر إن كان له فضل، ونشيد بعمله الإنساني، فهذا من العدل الذي أُمرنا به، أما أن نجعل هذا ثمناً لدخوله الجنة، فهذا من فساد الاعتقاد، والجنة لا يُقطع لها للطائع من المسلمين حتى يُقطع بها للمحسن من الكافرين!

إن الخير الذي يقوم به غير المسلم هو من الفطرة التي فطر الله تعالى عليها الناس، وإنَّ الله أعدل من أن يعلم أن في قلب عبدٍ من عباده خيراً ويتركه يموت على غير الإسلام!

يقول الحسن البصري: دخلتُ على بعض المجوس وهو يجود بنفسه عند الموت، وكان منزله بإزاء منزلي، وكان حسن الجوار، حسن السيرة، حسن الخُلق، فرجوتُ الله تعالى أن يوفقه عند الموت، ويميته على الإسلام.
فقلتُ له: ما تجد، وكيف حالك؟
فقال: قلبٌ عليل ولا صحة لي، وبدن سقيم ولا قوة لي، وقبر موحش ولا أنيس لي، وسفر بعيد ولا زاد لي، وصراط دقيق ولا جواز لي، ونار حامية ولا بدن لي، وجنة عالية ولا نصيب لي، ورب عادل ولا حجة لي!
فقلتُ: ألا تُسلم لتسلمَ؟!
فقال: يا شيخ إن المفتاح بيد الفتَّاح، والقفل هنا وأشار إلى صدره، وغُشي عليه!
فقلتُ: إلهي وسيدي ومولاي، إن كان سبقَ لهذا المجوسي عندك حسنة فعجِّل لها إليه قبل فراق روحه من الدنيا.
فأفاق من غشيته، وفتح عينيه، ثم قال: يا شيخ إن الفتَّاح أرسل المفتاح، أمددْ يُمناك، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله! ثم خرجتْ روحه.

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية


🌸
🌸

السلام عليك يا صاحبي ٧


السّلام عليكَ يا صاحبي،

إني أُعيذكَ أن تستطيلَ البلاء فتتسخطَ،
أو أن تستبعدَ الفرجَ فتيأسَ،
فتكون كالذين يعبدون الله على حرفٍ،
إذا رأوا من الله ما يُحبون رضوا،
وإن رأوا ما يكرهون سخطوا!

يا صاحبي كُلّ شيءٍ يجري بقدر الله،
وبتوقيتٍ معلوم لا نُدرك حكمته،
لو استخرجَ اليتيمان كنزهما قبل أن يبلغا أشدهما،
لضاع المال وما انتفعا به!
في كل تأخيره خيرة نحن لا نعلمها!

هذه الدنيا دار امتحان يا صاحبي،
والله ناظرٌ إلى قلبكَ،
فإذا نزلَ بكَ ما تكره،
أو تأخر عنكَ ما تُحب،
فلا يكُن في قلبك إلا الرضا،
فلا شيء أبغض إلى الله من أن يرى سخطاً من عبده على قدره!

أحياناً تتأخر الأمنيات يا صاحبي،
لأنكَ لم تنضج بعد لتحافظ عليها،
وتتأخر لأن تسليماً في قلبكَ لم يكتمل بعد،
وتتأخر بذنبٍ أنت مقيم عليه، فيريدُ الله منكَ أن تعطيه أولاً ليعطيك ثانياً!
وتتأخر لأنكَ لم تأخذ بما يكفي من السبب،
وقد لا تأتي أبداً، لأن الخير في أن لا تأتي،
فأحسِنْ الظن بالله!

والسّلام لقلبكَ

أدهم شرقاوي

🌸
🌸

السلام عليك يا صاحبي ٨

السّلام عليك يا صاحبي،

كانت جدتي رحمها الله تمسحُ على رأسي حتى أنام،
وكانت كل ليلةٍ تروي لي حكاية ماتعة،
فحدثتني ذات ليلةٍ عن رجلٍ قصد صديقاً له ليستدين منه،
فاعتذر منه صديقه لأنه في ضيقٍ أيضا،ً
ولكنه أرشده إلى رجلٍ آخر وقال له: اذهبْ إليه،
فستجد ضالتك عنده!
ذهب الصديقُ إلى بيت الرجل ليستدين منه فوجده
يداوي شاةً مريضة،
فقال في نفسه: يا له من بخيل، على كثرة غنمه،
لم يُفرِّط في شاةٍ مريضة، فكيف سيعطيني؟!
فعادَ إلى صاحبه وأخبره بالأمر،
فقال له صاحبه: عُدْ إليه فإنه لن يَرُدَّك!
فعاد إليه مجدداً، فسمعه يأمر أولاده أن يلتقطوا
كل حبةِ قمحٍ تقعُ منهم في الطريق أثناء ذهابهم إلى الطاحونة!
فقال في نفسه: إن رجلاً لا يُفرِّطُ في حبات قمحٍ لهُوَ
رجل بخيل ولن يعطيني!
فعاد إلى صديقه مرَّةً أخرى، وحدّثه بما سمعَ،
ولكنّ الصديق طلبَ منه أن يرجع إلى الرجل،
ويسأله فإنّه لا يردُّ سائلاً!
فعاد إليه في المرة الثالثة،
فسمعه يطلبُ من بناته أن يخفضوا ضوء المصباح
كي يحافظوا على الزيت فيه أطول فترةٍ ممكنةٍ!
وبينما هو يحدثُ نفسه ويقول: واللهِ ما يزداد هذا الرجل
في عيني إلا بخلاً،
إذ فتح الرجل باب بيته فوجده ماثلاً أمامه،
فسأله: ما الذي أتى بك؟
فقال له: سأصدقُك القول فإني لا أكذب، أنا رجلٌ نزلتْ بي حاجة،
فقصدتُ صديقي، فإذا هو يشكو مما منه أشكو،
فأرشدني إليكَ لتعينني!
وهذه ثالث مرةٍ آتي إليك، في الأول رأيتُك تداوي شاةً مريضة،
فقلتُ إنك تفعلُ هذا رغم كثرة غنمك، فهذا يدل على أنك بخيل!
وفي الثانية سمعتك توصي أولادكَ بالتقاط حبات القمح
التي تسقط في الطريق إلى الطاحونة،
فقلتُ هذه حالك والقمح لديك كثير، إنك حتمًا بخيل!
وها أنتَ توصي بناتك أن يخفضوا ضوء المصباح ليوفروا زيته،
فازددتُ يقيناً أنك بخيل!
ابتسم الرجلُ وقال لضيفه: أما الشاة فكانت قوية،
وقد شربنا لبنها دهراً، فأين الوفاء إذ نتركها حين مرضتْ!
وأما القمحُ فأوصيتُ أولادي أن يجمعوا ما يسقطُ منه
ليتعلموا احترام النعمة، ولأن الإنسان لا يعرفُ في أي طعامه تكون البركة!
وأما وصيتي لبناتي بخفض ضوء المصباح حفاظاً على الزيت،
فإني أعلمهنَّ الحرص والتدبير، وأنا رجل ميسور،
وهُنَّ مغادرات عما قليل إلى بيوت أزواجهنَّ وقد يكون أحدهم فقيراً،
فأردتُ أن أعدهنَّ للحياة!
اعتذر الرجلُ من صاحب البيت على سوء ظنِّه،
فقال له: لا عليكَ، والآن سلني حاجتكَ،
فسأله حاجته، فأعطاه، ومضى في سبيله!

يا صاحبي،
تعلمتُ باكراً من هذه القصة أن بعض النُّبل لا يُدركُ بسهولة،
وأن لا أحكم على كل شيءٍ من بعيد،
وأن بعض الناس ينظرون أبعد بكثيرٍ مما ينظرُ بقية الناس!
تخيَّلْ هذا الوفاء يا صاحبي،
إنه لم يُفرِّط بشاةٍ كان لها معه ماضٍ جميل!
أفترى أن مثل هذا يُفرِّطُ بالناس؟!

يا صاحبي،
إن الأمور الصغيرة تخبرك عن الأمور الكبيرة ،
أشياء بسيطة، تفاصيل قد لا تحسبها مهمة،
ولكنك لو تأملتَ فيها جيداً، لو نظرتَ إليها بعين الفراسة،
لوفَّرتَ على نفسكَ عناد معرفة الناس عن قرب!

والسّلام لقلبكَ

أدهم شرقاوي


🌸
- أدهم شرقاوي
من كتاب: #رسائل_من_القرآن
‏"اللهمَّ زُحَامَ الجَنَّةِ
‏مَعَ مَنْ نُحِبُّ" ❤️
#السلام_عليك_يا_صاحبي ٩

السّلام عليكَ يا صاحبي،

لا تحسبنَّ الفراق هيناً،
فلو كان كذلك ما سُمي العام الذي ماتت به خديجة عام الحُزن،
لا يطيقُ المرء فقد أحبابه ولو كان نبياً!
ثم إنه لم يكُن حزنَ عامٍ وانقضى،
بقيَ النبيُّ ﷺ يَذكرها حتى آخر عمره،
البعض سيبقون ينقصونكَ إلى الأبد!

نحن من لحم ودم يا صاحبي،
"واللهمَّ لا تُؤاخذني فيما لا أملك"
قالها النبي ﷺ قاصداً قلبه،
فتعزَّ بمن هو أهل للعزاء!

وحيدٌ أنتَ هذه الليلة يا صاحبي،
وحيدٌ كبيت مهجور غادره قاطنوه،
كمحطة قطارٍ قديمة،
كشجرة في رأس جبلٍ لا يجلس تحتها أحد!
تتوضأُ، وتُصلي ركعتين، وتضعُ يدكَ على صدركَ،
وتقول: قلبي يا الله!
فلا يخطرُ على بالكَ إلا قول ربك ﴿قُلْنَا لَا تَخَفْ﴾
فتترك كلّ شيء بيد الله، وأنت تعلم أن ما أخذه منك فلحكمة،
وأنه أرحم بك منك،
وأن كل أقدار الله خير ولو أوجعتكَ!

تحاملْ على نفسكَ يا صاحبي واُثبُتْ،
أنتَ لا تملكُ رفاهية الانحناء!
فلعلكَ ثباتٌ لغيركَ وأنت لا تدري،
ربما أراد كثيرون أن ينحنوا،
ولكنهم لما رأوكَ ثابتاً ثبتوا!
تذكر أولئك الذين يرون فيكَ كتفاً وسنداً،
والذين ينظرون إليك بعين الإجلال،
والذين حمّلوك أمانة أرواحهم في أقدس طريق في هذه الحياة،
تذكّر كلّ هذا يهن الأمر عليك،
وإن كان والله لا يهون!

والسّلام لقلبكَ

أدهم شرقاوي
- أدهم شرقاوي
من كتاب: #رسائل_من_القرآن