يقول الدكتور ميشيل غريب الأستاذ في كلية الحقوق والإعلام بالجامعة اللبنانية وهو يتحدث عن عن بدايات تفكيره في اعتناق الإسلام : كنت أشاهد من النافذة مئذنة جامع رفيعة ينطلق من أعلاها صوت المؤذن الرخيم، يدور بنفسه حولها فينصت جميع من في الحي، بما فيهم والدتي وجدتي برهبة وخشوع.
ويقول المخرج السينمائي البريطاني روكس انجرام : كان على رجل عربي مهيب أن يقف على مئذنة ويؤذن للصلاة، لتصويره في شريط سينمائي لي، وبينما كان ذلك، والمصورون يصورون المنظر وأنا أقف جانباً أرقب ذلك كله، كان صوته في ارتفاعه وانخفاضه ينفذ إلى أعماق قلبي، اعتنقت الإسلام بعد سماع هذا الذكر الحكيم، صوت الحق لا إله إلا الله محمد رسول الله.
ويقول المخرج السينمائي البريطاني روكس انجرام : كان على رجل عربي مهيب أن يقف على مئذنة ويؤذن للصلاة، لتصويره في شريط سينمائي لي، وبينما كان ذلك، والمصورون يصورون المنظر وأنا أقف جانباً أرقب ذلك كله، كان صوته في ارتفاعه وانخفاضه ينفذ إلى أعماق قلبي، اعتنقت الإسلام بعد سماع هذا الذكر الحكيم، صوت الحق لا إله إلا الله محمد رسول الله.
في عام 1324 هـ /1906م وصلت الأنباء إلى معظم حواضر العالم الإسلامي بأن الشعب الياباني بعد انتصاره على روسيا في 1905م سيعقد مؤتمرًا كبيرا للمقارنة بين الأديان المختلفة من أجل اختيار أفضلها وأصلحها، حتى يصبح الدين الرسمي للإمبراطورية، فاهتمّت عدد من الصحف في أنحاء العالم الإسلامي بهذا الخبر، وكان ممن سمع به وجذب اهتمامه الشيخ علي أحمد الجرجاوي فكتب في صحيفة الإرشاد يدعو شيخ الأزهر وعلماء الإسلام لتشكيل وفد للمشاركة في هذا المؤتمر الذي يمكنهم من خلاله إقناع الشعب الياباني وإمبراطوره بالإسلام، وهذا من شأنه - إذا حدث - أن يؤدي إلى قيام حلف إسلامي قوي يجمع اليابان وربما الصين أيضا مع السلطنة العثمانية فيعود للإسلام مجده القديم، وعندما لم يجد استجابة لدعوته أعلن عزمه على السفر بنفسه لأداء هذا المهمة، وبالفعل كتب ذلك في آخر عدد من صحيفته بتاريخ 5 جماد الآخر 1324هـ، وبدأ في إعداد نفسه للسفر، فعاد إلى بلدته القرعان في مركز جرجا بمصر ، وباع خمسة أفدنة من أرضه لينفق منها على رحلته، واستقل الباخرة من ميناء الإسكندرية قاصدًا اليابان، وغاب أكثر من شهرين، وقد عاد بعد هذه الزيارة بأخبار وحقائق قام بنشرها في كتاب بعنوان ( الرحلة اليابانية ) ، وصدرت طبعته الأولى سنة 1325هـ على نفقته الخاصة، ويُعد من أطرف كتب الرحلات في القرن العشرين، كما أنه أول كتاب في العالم العربي يكتبه صاحبه عن اليابان التي تصاعد اهتمام العالم الإسلامي بها عقب انتصارها في حربها مع روسيا، ولكن من خلال زيارة واقعية لها، ويذكر الجرجاوي أن اليابانيين بعد انتصارهم على روسيا، رأوا أن معتقداتهم الأصلية لا تتفق مع عقلهم الباهر، فاقترح عليهم الكونت كاتسورة رئيس الوزراء إرسال خطابات إلى كل من الدولة العثمانية، وفرنسا، وانجلترا، وإيطاليا وأمريكا، ليرسلوا إليهم العلماء والفلاسفة والمشرعين ليجتمعوا في مؤتمر يتحدث فيه أهل كل دين عن قواعد دينهم وفلسفته، ثم يختار اليابانيون بعد ذلك ما يناسبهم من هذه الأديان، فأرسلت إليهم هذه الدول بمندوبين عنها حيث أرسلت الدول العثمانية وفدًا إسلاميًا، في حين أرسلت بقية الدول وفودًا مسيحية من كل المذاهب المسيحية، وقد بدأت أولى جلسات المؤتمر في السادس من المحرم 1324هـ / الأول من 1906م والذي أنتهى دون الاستقرار على دين بعينه إذ أن كل مجموعة من اليابانيين استحسنت دينًا دون الاتفاق على واحد منها، وأن غالبية من حضروا المؤتمر من اليابانيين وجدوا في أنفسهم ميلاً للإسلام الذي أحسن علماؤه بيان ما فيه من قواعد ومبادئ يتفق معها العقل والمنطق.
واشترك بعد ذلك مع ثلاثة من الدعاة وهم سليمان الصيني من الصين ومخلص محمود من روسيا، وحسين عبدالمنعم من الهند، في تأسيس جمعية في طوكيو للدَّعوة الإسلاميَّة، وأسلم على أيديهم اثنا عشر ألف ياباني.
يقول الأستاذ عبد الودود شلبي رحمه الله : هذا الرجل لو ظل في اليابان لاعتنق معظم أهلها الإسلام.
واشترك بعد ذلك مع ثلاثة من الدعاة وهم سليمان الصيني من الصين ومخلص محمود من روسيا، وحسين عبدالمنعم من الهند، في تأسيس جمعية في طوكيو للدَّعوة الإسلاميَّة، وأسلم على أيديهم اثنا عشر ألف ياباني.
يقول الأستاذ عبد الودود شلبي رحمه الله : هذا الرجل لو ظل في اليابان لاعتنق معظم أهلها الإسلام.
كان الشاعر نصر بن أحمد بن نصر البصري المشهور بـ( الخبزأرزيّ ) أمّياً لا يتهجَّى ولا يكتب، وكان يخبز خُبزَ الأرُز بمِربَد البصرة في دكان، وكان ينشد أشعار الغَزَل والناس يزدحمون عليه ويعجبون به، وحضر إليه يوم عيدٍ ابن لَنكك وغيره، فقعدوا عنده وهو يخبز على طابقه فزاد في الوقود ودخّن عليهم، فنهض الجماعة، فقال الخبز أرزي لابن لنكك: متى أراك يا أبا الحسين؟ فقال: إذا اتسخت ثيابي، لأنه سوّدها بالدخان وكانت جُدداً في يوم عيدٍ، ثم إن ابن لنكك كتب إليه:
لنصرٍ في فؤادي فَرطُ حُبٍ
أنِيف به على كل الصِّحابِ
أتيناه فبخَّـرنـا بـخـوراً
من السَعَف المدخّن للثياب
فقمتُ مبادراً وظننتُ أنـي
أرادَ بذاك طردي أو ذهابي
فقال : متى أراك أبا حسـينٍ ؟
فقلتُ له : إذا اتسخت ثيابـي
فكتب إليه الخبزأرزي الجواب إملاءً:
منحتُ أبا الحسينِ صميمَ ودي
فداعبني بألفاظٍ عِذابِ
أتى وثيابُهُ كقـتـيرِ شَـيبٍ
فعُدنَ له كَرَيعانِ الشـبـابِ
وبُغضي للمشيبِ أعَدَّ عنـدي
سواداً لونه لون الخضـاب
ظننتُ جُلوسَه عندي لِعُـرسٍ
فجدت له بتمسيك الـثـيابِ
فقلتُ: متى أراك أبا حسـين؟
فجاوبَني : إذا اتسخت ثيابـي
فإن كان التقزّزُ فـيه خـيرٌ
فلِم يُكنى الوَصِيُّ أبا تـرابِ ؟
لنصرٍ في فؤادي فَرطُ حُبٍ
أنِيف به على كل الصِّحابِ
أتيناه فبخَّـرنـا بـخـوراً
من السَعَف المدخّن للثياب
فقمتُ مبادراً وظننتُ أنـي
أرادَ بذاك طردي أو ذهابي
فقال : متى أراك أبا حسـينٍ ؟
فقلتُ له : إذا اتسخت ثيابـي
فكتب إليه الخبزأرزي الجواب إملاءً:
منحتُ أبا الحسينِ صميمَ ودي
فداعبني بألفاظٍ عِذابِ
أتى وثيابُهُ كقـتـيرِ شَـيبٍ
فعُدنَ له كَرَيعانِ الشـبـابِ
وبُغضي للمشيبِ أعَدَّ عنـدي
سواداً لونه لون الخضـاب
ظننتُ جُلوسَه عندي لِعُـرسٍ
فجدت له بتمسيك الـثـيابِ
فقلتُ: متى أراك أبا حسـين؟
فجاوبَني : إذا اتسخت ثيابـي
فإن كان التقزّزُ فـيه خـيرٌ
فلِم يُكنى الوَصِيُّ أبا تـرابِ ؟
كان لنا جار كبيرٌ في السن يُكثر من قول لا إله إلا الله في طريقه وجلوسه وقيامه وقعوده وفي كل أحواله،فأصابته جلطة أفقدته النطق والحركة،إلاّ لا إله إلاّ الله،لا يستطيع النطق بغيرها،فكنا نختبره أطفالاً فنَسلّم عليه ونسأله عن حاله، فلا يجيبنا إلاّ بلا إله إلاّ الله، لا يزال يكررها حتى مات بعد سنوات طويلة،فسبحان من حفظها عليه.
تذكرت هذا الجار وأنا أقرأ هذه القصة :
ذكر ابن بشكوال في الصلة 1/148 في ترجمته لإبراهيم بن محمد الحضرمي المعروف بابن الشرفي والمتوفى سنة 396هـ أنه كان صاحب الشرطة والمواريث والصلاة الخطبة بالمسجد الجامع بقرطبة وأنه كان معتنياً بالعِلم،ومن أهل الرواية والدراية،أصابه فالج فمنعه من الكلام والحركة ،فكان لا يتلفظ إلا بلفظة واحدة( لا إله إلا الله ) ولا يكتب إلاّ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ،حُرم الكلام الكتابة،وكان من أقدر الناس عليهما،فأصبح موعظة للناس.
تذكرت هذا الجار وأنا أقرأ هذه القصة :
ذكر ابن بشكوال في الصلة 1/148 في ترجمته لإبراهيم بن محمد الحضرمي المعروف بابن الشرفي والمتوفى سنة 396هـ أنه كان صاحب الشرطة والمواريث والصلاة الخطبة بالمسجد الجامع بقرطبة وأنه كان معتنياً بالعِلم،ومن أهل الرواية والدراية،أصابه فالج فمنعه من الكلام والحركة ،فكان لا يتلفظ إلا بلفظة واحدة( لا إله إلا الله ) ولا يكتب إلاّ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ،حُرم الكلام الكتابة،وكان من أقدر الناس عليهما،فأصبح موعظة للناس.
كان الخليفة المستعصم بالله آخر الخلفاء العباسيين متدينًا، متمسكًا بالسنة كأبيه وجده، ولكنه لم يكن مثلهما في التيقظ والحزم، وعلو الهمة، وكان للمستنصر أخ يعرف بالخفاجي يزيد عليه في الشجاعة والشهامة، كان يقول: إن ملكني الله الأمر لأعبرن بالجيوش نهر جيحون، وأنتزع البلاد من التتار وأستأصلهم، فلما توفي المستنصر لم يرَ الدويدار والشرابي والكبار تقليد الخفاجي الأمر، وخافوا منه، وآثروا المستعصم للينه وانقياده؛ ليكون لهم الأمر فأقاموه، ثم ركن المستعصم إلى وزيره مؤيد الدين العلقمي الرافضي، فأهلك الحرث والنسل، ولعب بالخليفة كيف أراد، وباطن التتار، وناصحهم، وأطمعهم في المجيء إلى العراق، وأخذ بغداد، وقطع الدولة العباسية، ليقيم خليفة من آل علي، وصار إذا جاء خبر منهم كتمه عن الخليفة ويطالع بأخبار الخليفة التتار إلى أن حصل ما حصل
يقول أحد الطفيليين موصياً أصحابه : إذا دخلتم عرسا فلا تلتفتوا إلى الملاهي وتخيروا المجالس، وإن كان العرس شديد الزحام فليمض أحدكم ولا ينظر في عيون الناس ليظن أهل الرجل أنه من أهل المرأة وأهل المرأة أنه من أهل الرجل، وإن كان البواب فظاً وقحاً فليبدأ به فليأمره ولينهه من غير عنف ولكن بين النصيحة والإدلال.
كان الشاعر اللبناني سعيد عقل عدواً من أعداء اللغة العربية، حيث دعاه عداءه للغة العربية إلى حد اتخاذ إجراءات عملية لتغيير اللغة العربية تغييراً جذرياً ،فأنشأ لها حروفاً عربية جديدة هي نفسها الحروف اللاتينية مع بعض الإضافات التي تعالج أمر الحروف العربية غير الموجودة في اللاتينية مثل " الخاء والضاد والصاد والغين " وغيرها ،وتمادى سعيد عقل في جرأته فطبع عدداً من الكتب بهذه اللغة الجديدة التي تقوم على العامية اللبنانية والحروف اللاتينية المعدّلة، وأنشأ سعيد عقل بعد ذلك مسابقة لها جوائز مالية لمن يكتب بهذه الطريقة الجديدة، وظل سعيد عقل يمضي في محاولاته غير عابئ بشيء، فيدعو إليها وينشئ المؤسسات التي تتبناها، ثم قامت الحرب الأهلية في لبنان سنة 1975 ،فجاءت معها بشرور كثيرة، ولكنها حققت خيراً واحداً هو أنها قضت على محاولة سعيد عقل قضاءً نهائياً ،لأن الناس الذين كانت تسيل دماؤهم على الأسفلت لم يكن لديهم وقت أو استعداد للاستماع لدعوة سعيد عقل ضد اللغة العربية أو التجاوب مع مشروعه في خلق لغة جديدة.
أخذ صاحب الشرطة رجلا في ريبة،فقال أصلحك الله : احفظ فيَّ الأبوَّة،وقال:
أنا الذي لا تنزل الدهر قِدرَهَ
وإن نزلت فسوف تعودُ
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء نارهِ
فمنهم قيامٌ حولها وقعود
فأمر بتركه،ثم أُخبر أنه أباه باقلّاني،فقال : لو لم نتركه إلاّ لأدبه وحسن تخلّصه من الكذب لكان فعلنا سداداً
أنا الذي لا تنزل الدهر قِدرَهَ
وإن نزلت فسوف تعودُ
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء نارهِ
فمنهم قيامٌ حولها وقعود
فأمر بتركه،ثم أُخبر أنه أباه باقلّاني،فقال : لو لم نتركه إلاّ لأدبه وحسن تخلّصه من الكذب لكان فعلنا سداداً
يروى أن غاندي كان يجري ليلحق بالقطار، وقد بدأ القطار بالتحرك، فسقطت إحدى فردتيّ حذائه عندما كان يصعد القطار ،فما كان منه إلاّ أن رمى بالفردة الأخرى بجوار الفردة الأولى على سكة القطار، فتعجّب من حوله من صنيعه وقيل له : لماذا رميت الفردة الثانية وأصبحت حافي القدمين؟
قال : أحببتُ للفقير الذي سيجد الحذاء أن يستفيد منه فيجد فردتيّ الحذاء، فلو وجد فردة واحدة لما استفاد منها
قال : أحببتُ للفقير الذي سيجد الحذاء أن يستفيد منه فيجد فردتيّ الحذاء، فلو وجد فردة واحدة لما استفاد منها
يا طالب الرزق في الدنيا بحيلتهِ
بطوف من بلد يسعى إلى بلدِ
يبغي الزيادة والأزاق قد قُسمت
بين الخلائق لم تنقص ولم تزدِ
ضيعت عمرك فيما ليس تدركه
وطال عمرك في جهدٍ وفي نكدِ
لو طرت بين السماء والأرض مجتهداً
في شربة الماء فوق الرزق لم تجدِ
أقْصِر عَناكَ فإن الرزق منقسمٌ
يأتي ولو أنه في جبهة الأسدِ
بطوف من بلد يسعى إلى بلدِ
يبغي الزيادة والأزاق قد قُسمت
بين الخلائق لم تنقص ولم تزدِ
ضيعت عمرك فيما ليس تدركه
وطال عمرك في جهدٍ وفي نكدِ
لو طرت بين السماء والأرض مجتهداً
في شربة الماء فوق الرزق لم تجدِ
أقْصِر عَناكَ فإن الرزق منقسمٌ
يأتي ولو أنه في جبهة الأسدِ
طلبت إحدى المدارس الدينية بمصر محاضراً ،فأرسلوا لهم محاضراً اسمه محمد السمالوطي،وكان يعمل في مصنع حلويات يملكه رجل أجنبي،فلمّا ذهب المُحاضر في الموعد المعيّن فوجئ بأن الطلاب كتبوا على السبورة : إن محاضرنا اليوم هو فضيلة الأستاذ الشيخ محمد السمالوطي،فشعر بالخجل،وجلس بين المستمعين وهم لا يعرفونه،ووقف الطلاب قلقين لتأخر الشيخ المحاضر،فقام السمالوطي نفسه وقال لهم : إذا كان المحاضر قد تأخر عن الموعد لعذر طارئ فليقم أحدنا ويتكلم بما فتح الله عليه،فاقترحوا أن يتقدم هو،فتقدم وألقى محاضرة بطلاقة ولباقة لفتت إليه الأنظار ،حتى نسوا الشيخ السمالوطي،وبعد مُضي حوالي الساعة على حديثه أخبرهم أنه هو السمالوطي،وأنه فوجئ بما كتبوا،وإنه إنما هو عامل في مصنع حلويات وليس فضيلة الشيخ .
قال المروذي : شكت امرأة إلى أبي عبدالله أحمد بن حنبل أنها مستوحشة في بيت وحدها، فكتب لها رقعة بخطه : ( بسم الله، وفاتحة الكتاب والمعوذتين، وآية الكرسي ) .
قال : وكتب أبو عبدالله من الحمى : ( بسم الله الرحمن الرحيم، وبالله ومحمد رسول الله، يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم، وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين، اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل اشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك ) .
الآداب الشرعية 3/455
قال : وكتب أبو عبدالله من الحمى : ( بسم الله الرحمن الرحيم، وبالله ومحمد رسول الله، يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم، وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين، اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل اشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك ) .
الآداب الشرعية 3/455
كيف عالج الإسلام الفقر
ألق عن عينيك هذا المنظار السحري الذي صنعه الأدب والفن؛ ثم أنظر إلى الحياة في شتى مظاهرها تجدها معركة هائلة على القوت لا تنقطع ولا تفتُر. وهذه المعركة التي لا ندرك لها طولاً في الدهر، ولا عرضاً في الكون، لا تنفك رحاها تلفظ على جنباتها قتلى وجرحى؛ وأولئك هم الذين خذلهم الضعف فماتوا شهداء، أو عاشوا فقراء، أما الموت فلا حيلة لأحد فيه؛ وأما الفقر فهو الداء العياء الذي خامر الإنسانية منذ طبعها الله على القدرة والعجز، وبرأها على الكمال والنقص. وهذا الداء كان وما زال موضوع الطب الاجتماعي يخفف بُرَحاءه بالمُرقد، ويكفكف غلواءه بالتمائم؛ ولكن دواءه الناجع ظل من وراء إمكانه حتى وصفه الله في دينه، وطبقه في شرعه، فانحسمت العدوى وانكشفت البلوى وبرئت العلة. فإذا رأيت في وطن الإسلام طرائد للفقر وفرائس للجوع فصدِّق الله وكذِّب نفسك. إن ما ترى لم يعد ذلك الوطن الذي أشرق بنور الله وتعطر بريح الجنة، إنما هو طلل ترَّحل عنه أهله، ومريض فرط فيه أساته، ومسلمون انطمست فيهم معاني القرآن فتعبدوا بألفاظه، وحاكمون أعضلت بهم أصول الحكم فاكتفوا بصوره. فلو كان للإسلام رأي في الحكومة وسلطان على الأمة لكان الوطن كله أسرة، والناس جميعهم إخوة، تجد فيهم الفقير ولا تجد المحروم، وترى بينهم الضعيف ولا ترى المظلوم؛ لأن شريعة الله جعلت بين الغني والفقير سبباً هو البر، وأنشأت بين القوي والضعيف نسباً هو الرحمة!
عالج الإسلام الفقر علاج من يعلم أنه أصل كل داء ومصدر كل شر. وقد أوشك هذا العلاج أن يكون بعد توحيد الله أرفع أركان الإسلام شأناً، وأكثر أوامره ذكراً، وأوفر مقاصده عناية. ولو رحت تستقصي ما نزل من الآيات وورد من الأحاديث في الصدقات والبر، لحسبت أن رسالة الإسلام لم يبعث بها الله محمداً آخر الدهر إلا لتنقذ الإنسانية من غوائل الفقر وجرائر الجوع. وحسبك أن تعلم أن آي الصيام في الكتاب أربع، وآي الحج بضع عشرة، وآي الصلاة لا تبلغ الثلاثين؛ أما آي الزكاة والصدقات فإنها تُربى على الخمسين.
كأنما أختار الله لكفاح الفقر أشح البلاد طبيعة وأشد الأمم فقراً ليصرعه في أمنع حصونه وأوسع ميادينه! فإن الفقر إذا أنهزم في قفار الحجاز كانت هزيمته في ريف مصر وسواد العراق أسرع وأسهل. ثم أختار الله رسوله فقيراً ليكون أظهر لقوته، كما أختاره أمِّياً ليكون أبلغ لحجته.
كانت جزيرة العرب إبَّان الدعوة العظمى مثلاً محزناً لما يجنيه الفقر على بني الإنسان من تَضْرية الغرائز، وتمزيق العلائق، ومعاناة الغزو، ومكابدة الحرمان، وقتل الأولاد، وفحش الربا، وأكل السُّحت، وتطفيف الكيل، وعنت الكبراء، وإثراء الأغنياء، وفقد الأمن، وانحطاط المرء إلى الدرك الأسفل من حياة البهيم. فلما أرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق كان معجزته الكبرى هذا الكتاب المحكم الذي جعل هذه الأشلاء الدامية جسماً شديد الأسْر عارم القوة، ونسخ هذه النظم الفاسدة بدستور متين القواعد خالد الحكمة؛ ثم كانت بوادر الإصلاح الإلهي أن قلَّم أظفار الفقر، وأَسا كلوم الفقراء، وقطع جرائر البؤس، فألف بين القلوب، وآخى بين الناس، وساوى بين الأجناس، وعصم النفوس من القتل الحرام، وطهر الأموال من الربا الفاحش؛ ثم عالج الداء الأزلي نفسه بما لو أخذ به المصلحون لوقاهم شرور هذه الحرب التي أمضَّت حياة الناس، وكفاهم أخطاء هذه المذاهب التي قوضت بناء المجتمع: عالجه بالسفارة بين الغني والفقير على أساس الاعتراف بحق التملك، والاحتفاظ بحرية التصرف، فلا يدفعُ مالك عن ملكه، ولا يعارَض حر في إرادته، إنما جعل للفقير في مال الغني حقاً معلوماً لا يكمل دينه إلا بأدائه، ذلك الحق هو الركن الثالث من الأركان الخمسة التي بُني عليها الإسلام، فلا هو فرع ولا ناقلة ولا فضلة. وليست الزكاة بالقدر الذي يخفي أثره في حياة الفقير، فهي ربع العشر في المال، وما يُقَدر بنحو ذلك في غيره. فإذا جُبيت الزكاة بالأمانة على حسابها المقدَّر، ووُزعت بالعدالة على نظامها المفروض، شفت النفوس من الحقد، وأنقذت المجتمع من البؤس، فلا تجد سائلاً في شارع، ولا جائعاً في بيت، ولا جاهلاً في عمل.
ولم يقف الإسلام في علاج الفقر عند فرض الزكاة، وإنما شرع للبر في العبادات والمعاملات موارد لا يأسن لها مَعين ولا ينقطع عنها رافد:
يحنث الرجل في يمينه فيكفر بإطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة.
ويقسم ألا يفعل شيئاً، ثم يرى أن فعله خير من تركه فيكفر بإطعام المساكين ثم يفعله.
ويظاهِر من زوجه ثم يبدو له أن يعود، فيطعم ستين مسكيناً أو يحرر رقبة.
ويرمي فيقتل نفساً من غير عمد، فيطعم أو يعتق فضلاً عن أداء الدية.
ويعجز عن صوم رمضان، لسَقَم أو هَرم، فيفطِر ويطعم كل يوم مسكيناً.
ويفطِر عامداً في رمضان من غير علة، فيطعم ستين فقيراً أو يفك رقبة.
ويخل الحاج بشرط من شروط الحج فيكفر عنه بِذَبحٍ يقدمه للمساكين.
ويتجرد عن المخيط فإذا لبس شيئاً منه لزمته الفدية.
ألق عن عينيك هذا المنظار السحري الذي صنعه الأدب والفن؛ ثم أنظر إلى الحياة في شتى مظاهرها تجدها معركة هائلة على القوت لا تنقطع ولا تفتُر. وهذه المعركة التي لا ندرك لها طولاً في الدهر، ولا عرضاً في الكون، لا تنفك رحاها تلفظ على جنباتها قتلى وجرحى؛ وأولئك هم الذين خذلهم الضعف فماتوا شهداء، أو عاشوا فقراء، أما الموت فلا حيلة لأحد فيه؛ وأما الفقر فهو الداء العياء الذي خامر الإنسانية منذ طبعها الله على القدرة والعجز، وبرأها على الكمال والنقص. وهذا الداء كان وما زال موضوع الطب الاجتماعي يخفف بُرَحاءه بالمُرقد، ويكفكف غلواءه بالتمائم؛ ولكن دواءه الناجع ظل من وراء إمكانه حتى وصفه الله في دينه، وطبقه في شرعه، فانحسمت العدوى وانكشفت البلوى وبرئت العلة. فإذا رأيت في وطن الإسلام طرائد للفقر وفرائس للجوع فصدِّق الله وكذِّب نفسك. إن ما ترى لم يعد ذلك الوطن الذي أشرق بنور الله وتعطر بريح الجنة، إنما هو طلل ترَّحل عنه أهله، ومريض فرط فيه أساته، ومسلمون انطمست فيهم معاني القرآن فتعبدوا بألفاظه، وحاكمون أعضلت بهم أصول الحكم فاكتفوا بصوره. فلو كان للإسلام رأي في الحكومة وسلطان على الأمة لكان الوطن كله أسرة، والناس جميعهم إخوة، تجد فيهم الفقير ولا تجد المحروم، وترى بينهم الضعيف ولا ترى المظلوم؛ لأن شريعة الله جعلت بين الغني والفقير سبباً هو البر، وأنشأت بين القوي والضعيف نسباً هو الرحمة!
عالج الإسلام الفقر علاج من يعلم أنه أصل كل داء ومصدر كل شر. وقد أوشك هذا العلاج أن يكون بعد توحيد الله أرفع أركان الإسلام شأناً، وأكثر أوامره ذكراً، وأوفر مقاصده عناية. ولو رحت تستقصي ما نزل من الآيات وورد من الأحاديث في الصدقات والبر، لحسبت أن رسالة الإسلام لم يبعث بها الله محمداً آخر الدهر إلا لتنقذ الإنسانية من غوائل الفقر وجرائر الجوع. وحسبك أن تعلم أن آي الصيام في الكتاب أربع، وآي الحج بضع عشرة، وآي الصلاة لا تبلغ الثلاثين؛ أما آي الزكاة والصدقات فإنها تُربى على الخمسين.
كأنما أختار الله لكفاح الفقر أشح البلاد طبيعة وأشد الأمم فقراً ليصرعه في أمنع حصونه وأوسع ميادينه! فإن الفقر إذا أنهزم في قفار الحجاز كانت هزيمته في ريف مصر وسواد العراق أسرع وأسهل. ثم أختار الله رسوله فقيراً ليكون أظهر لقوته، كما أختاره أمِّياً ليكون أبلغ لحجته.
كانت جزيرة العرب إبَّان الدعوة العظمى مثلاً محزناً لما يجنيه الفقر على بني الإنسان من تَضْرية الغرائز، وتمزيق العلائق، ومعاناة الغزو، ومكابدة الحرمان، وقتل الأولاد، وفحش الربا، وأكل السُّحت، وتطفيف الكيل، وعنت الكبراء، وإثراء الأغنياء، وفقد الأمن، وانحطاط المرء إلى الدرك الأسفل من حياة البهيم. فلما أرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق كان معجزته الكبرى هذا الكتاب المحكم الذي جعل هذه الأشلاء الدامية جسماً شديد الأسْر عارم القوة، ونسخ هذه النظم الفاسدة بدستور متين القواعد خالد الحكمة؛ ثم كانت بوادر الإصلاح الإلهي أن قلَّم أظفار الفقر، وأَسا كلوم الفقراء، وقطع جرائر البؤس، فألف بين القلوب، وآخى بين الناس، وساوى بين الأجناس، وعصم النفوس من القتل الحرام، وطهر الأموال من الربا الفاحش؛ ثم عالج الداء الأزلي نفسه بما لو أخذ به المصلحون لوقاهم شرور هذه الحرب التي أمضَّت حياة الناس، وكفاهم أخطاء هذه المذاهب التي قوضت بناء المجتمع: عالجه بالسفارة بين الغني والفقير على أساس الاعتراف بحق التملك، والاحتفاظ بحرية التصرف، فلا يدفعُ مالك عن ملكه، ولا يعارَض حر في إرادته، إنما جعل للفقير في مال الغني حقاً معلوماً لا يكمل دينه إلا بأدائه، ذلك الحق هو الركن الثالث من الأركان الخمسة التي بُني عليها الإسلام، فلا هو فرع ولا ناقلة ولا فضلة. وليست الزكاة بالقدر الذي يخفي أثره في حياة الفقير، فهي ربع العشر في المال، وما يُقَدر بنحو ذلك في غيره. فإذا جُبيت الزكاة بالأمانة على حسابها المقدَّر، ووُزعت بالعدالة على نظامها المفروض، شفت النفوس من الحقد، وأنقذت المجتمع من البؤس، فلا تجد سائلاً في شارع، ولا جائعاً في بيت، ولا جاهلاً في عمل.
ولم يقف الإسلام في علاج الفقر عند فرض الزكاة، وإنما شرع للبر في العبادات والمعاملات موارد لا يأسن لها مَعين ولا ينقطع عنها رافد:
يحنث الرجل في يمينه فيكفر بإطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة.
ويقسم ألا يفعل شيئاً، ثم يرى أن فعله خير من تركه فيكفر بإطعام المساكين ثم يفعله.
ويظاهِر من زوجه ثم يبدو له أن يعود، فيطعم ستين مسكيناً أو يحرر رقبة.
ويرمي فيقتل نفساً من غير عمد، فيطعم أو يعتق فضلاً عن أداء الدية.
ويعجز عن صوم رمضان، لسَقَم أو هَرم، فيفطِر ويطعم كل يوم مسكيناً.
ويفطِر عامداً في رمضان من غير علة، فيطعم ستين فقيراً أو يفك رقبة.
ويخل الحاج بشرط من شروط الحج فيكفر عنه بِذَبحٍ يقدمه للمساكين.
ويتجرد عن المخيط فإذا لبس شيئاً منه لزمته الفدية.
ويُرزق الرجل غلاماً فيعُّق عنه بذبيحة يطعمها الفقراء يوم أسبوعه.
ويقبل عيد الصوم أو عيد الحج فيجب على الأغنياء أن يرفهوا عن الفقراء بزكاة الفطر أو بلحوم الأضاحي.
وينذر المسلم لله نذراً فيوجب الدين عليه أن يفي به براً بالفقراء وعوناً للمساكين.
ويعجز الرجل عن تكاليف العيش فيوجب الدين على من يرثه بعد موته أن ينفق عليه! فينفق الابن على الأب، والأب على الأبن، والأخ على الأخ، والزوج على الزوج، عملاً بالقاعدة الإسلامية الحكيمة: (الغُرم بالغُنم). ولقد رأى الفاروق عمر بن الخطاب يهودياً لا يقدر على شيء، فوقف به ثم قال له: ما أنصفناك أيها الذمي! أخذنا منك الجزية في قوتّك، فيجب أن لا نضيعك في ضعفك. ثم أجرى عليه من بيت المال ما يمسك نفسه.
وجاءت الشريعة بالوصية لمن حضره الموت: يوصى بثلث ماله لوجوه البر فضلاً عن الوصية للوالدين والأقربين.
ونوهت السُّنة بالصدقة الجارية، فكان بركة من بركات الرسول الكريم على المرضى والزَّمْنَي وذوي الخصاصة وأبناء السبيل وطلاب العلم وحجاج البيت، بما يوقف عليهم أولو الفضل والسعة من المستشفيات والملاجئ والخانات والزوايا والأربطة والمدارس والمساجد والمكاتب. وكفى شهيداً على أثر (الصدقة الجارية) في علاج الفقر وإشاعة البر، أن تحصى الأوقاف في الأقطار الإسلامية؛ ثم ننظر فيما حبست عليه من وسائل الإصلاح ووجوه الخير؛ ثم نحكم على ما قدمت لذوي الحاجات والعاهات من إحسان لا يغبُّ وإسعاف لا يغيب.
كل أولئك إلى ما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله من الحث على الإنفاق في سبيل الله، والترغيب فيما عند الله من حسن المثوبة، بفنون من القول الرائع والتشبيه المحكم.
كذلك عالج الإسلام الفقر من طريق آخر غير طريق الزكاة والصدقات والكفارة: عالجه من طريق الكسر من حِدة الشهوة، والكف من سَورة الطموح، والغضّ من إشراف الطمع؛ فرغَّب الغنى في الزهد، وأمر الواجد بالقناعة، ومدح الفقير بالتعفف.
ذلك ما عالج به الإسلام داء الفقر الذي أعيا الإنسانية منذ الدهر الأول. وهو على إحاطته وبساطته ونجوعه ينهض وحده دليلاً على أفَن الذين يقولون إن دستور القرآن لا يأتلف مع المدنية، وشريعة نابليون أصلح للناس من شريعة الله، ونظام مَرْكس أجدى على العالم من نظام محمد.
فلو أن كل مسلم أدى حق الله في ماله، ثم استفاد لأريحية طبعه وكرم نفسه، فأعطى من فضل، وواسى من كفاف، وآثر من قلة؛ ثم قيض الله لهذا كله من ولاة الأمر من يجمعه على أكمل حال، ويدبره على أفضل وجه، ويوزعه على أعدل قسمة، لكان ذلك عَسِيَّاً أن يُقر السلام في الأرض، ويُشيع الوئام في الناس، فتهدأ ضلوع الحاقد، وترقأ دموع البائس، ويسكن جوف الفقير، ويذهب خوف الغني، ويتذوق الناس في ظلال الرخاء، سعادة الأرض ونعيم السماء.
أحمد حسن الزيات
ويقبل عيد الصوم أو عيد الحج فيجب على الأغنياء أن يرفهوا عن الفقراء بزكاة الفطر أو بلحوم الأضاحي.
وينذر المسلم لله نذراً فيوجب الدين عليه أن يفي به براً بالفقراء وعوناً للمساكين.
ويعجز الرجل عن تكاليف العيش فيوجب الدين على من يرثه بعد موته أن ينفق عليه! فينفق الابن على الأب، والأب على الأبن، والأخ على الأخ، والزوج على الزوج، عملاً بالقاعدة الإسلامية الحكيمة: (الغُرم بالغُنم). ولقد رأى الفاروق عمر بن الخطاب يهودياً لا يقدر على شيء، فوقف به ثم قال له: ما أنصفناك أيها الذمي! أخذنا منك الجزية في قوتّك، فيجب أن لا نضيعك في ضعفك. ثم أجرى عليه من بيت المال ما يمسك نفسه.
وجاءت الشريعة بالوصية لمن حضره الموت: يوصى بثلث ماله لوجوه البر فضلاً عن الوصية للوالدين والأقربين.
ونوهت السُّنة بالصدقة الجارية، فكان بركة من بركات الرسول الكريم على المرضى والزَّمْنَي وذوي الخصاصة وأبناء السبيل وطلاب العلم وحجاج البيت، بما يوقف عليهم أولو الفضل والسعة من المستشفيات والملاجئ والخانات والزوايا والأربطة والمدارس والمساجد والمكاتب. وكفى شهيداً على أثر (الصدقة الجارية) في علاج الفقر وإشاعة البر، أن تحصى الأوقاف في الأقطار الإسلامية؛ ثم ننظر فيما حبست عليه من وسائل الإصلاح ووجوه الخير؛ ثم نحكم على ما قدمت لذوي الحاجات والعاهات من إحسان لا يغبُّ وإسعاف لا يغيب.
كل أولئك إلى ما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله من الحث على الإنفاق في سبيل الله، والترغيب فيما عند الله من حسن المثوبة، بفنون من القول الرائع والتشبيه المحكم.
كذلك عالج الإسلام الفقر من طريق آخر غير طريق الزكاة والصدقات والكفارة: عالجه من طريق الكسر من حِدة الشهوة، والكف من سَورة الطموح، والغضّ من إشراف الطمع؛ فرغَّب الغنى في الزهد، وأمر الواجد بالقناعة، ومدح الفقير بالتعفف.
ذلك ما عالج به الإسلام داء الفقر الذي أعيا الإنسانية منذ الدهر الأول. وهو على إحاطته وبساطته ونجوعه ينهض وحده دليلاً على أفَن الذين يقولون إن دستور القرآن لا يأتلف مع المدنية، وشريعة نابليون أصلح للناس من شريعة الله، ونظام مَرْكس أجدى على العالم من نظام محمد.
فلو أن كل مسلم أدى حق الله في ماله، ثم استفاد لأريحية طبعه وكرم نفسه، فأعطى من فضل، وواسى من كفاف، وآثر من قلة؛ ثم قيض الله لهذا كله من ولاة الأمر من يجمعه على أكمل حال، ويدبره على أفضل وجه، ويوزعه على أعدل قسمة، لكان ذلك عَسِيَّاً أن يُقر السلام في الأرض، ويُشيع الوئام في الناس، فتهدأ ضلوع الحاقد، وترقأ دموع البائس، ويسكن جوف الفقير، ويذهب خوف الغني، ويتذوق الناس في ظلال الرخاء، سعادة الأرض ونعيم السماء.
أحمد حسن الزيات
دخل ابن ماسويه المتطبب على الخليفة المتوكل، فقال المتوكل لخادم له : خذ بول فلان في قارورة وائت به إلى ابن ماسويه، فأتى به
فلما نظر إليه قال :هذا بول بغل لا محالة
فقال له المتوكل : كيف علمت أنه بول بغل؟
قال ابن ماسويه أحضر لي صاحبه حتى أراه ويتبين كذبي من صدقي
فقال المتوكل : هاتوا الغلام ،فلما مثل بين يديه قال له ابن ماسويه : أيش أكلت البارحة ؟
قال خبز شعير ،وماء قراح
فقال ابن ماسويه :هذا والله طعام حماري اليوم .
فلما نظر إليه قال :هذا بول بغل لا محالة
فقال له المتوكل : كيف علمت أنه بول بغل؟
قال ابن ماسويه أحضر لي صاحبه حتى أراه ويتبين كذبي من صدقي
فقال المتوكل : هاتوا الغلام ،فلما مثل بين يديه قال له ابن ماسويه : أيش أكلت البارحة ؟
قال خبز شعير ،وماء قراح
فقال ابن ماسويه :هذا والله طعام حماري اليوم .
حلّ الشتاء فوافتنا الزرازيرُ
لعلّها لغدٍ يُرجى تباشيرُ
يا حسنها في جموعٍ لا عِداد لها
تطيرُ مُعرضةً عنها المقاديرُ
يا ليتَ أحلامها أحلام عالمنا
فإن أحلامنا قتلٌ وتدميرُ
كان السلام لنا أُنساً نُداعبهُ
فاليوم يُؤنسنا قصفٌ وتصفيرُ
كُنّا نصيد الزرازير التي ذُعِرت
فاليوم ترثي لنا تلك الزرازيرُ
ما أعجب المرء يرضى قتل إخوته
كأنّما شافعٌ تلك المعاذيرُ
ويفخر اليوم بالحرب التي اندلعت
كأنما الحرب إنقاذٌ وتعميرُ
أحمد زكي أبو شادي
لعلّها لغدٍ يُرجى تباشيرُ
يا حسنها في جموعٍ لا عِداد لها
تطيرُ مُعرضةً عنها المقاديرُ
يا ليتَ أحلامها أحلام عالمنا
فإن أحلامنا قتلٌ وتدميرُ
كان السلام لنا أُنساً نُداعبهُ
فاليوم يُؤنسنا قصفٌ وتصفيرُ
كُنّا نصيد الزرازير التي ذُعِرت
فاليوم ترثي لنا تلك الزرازيرُ
ما أعجب المرء يرضى قتل إخوته
كأنّما شافعٌ تلك المعاذيرُ
ويفخر اليوم بالحرب التي اندلعت
كأنما الحرب إنقاذٌ وتعميرُ
أحمد زكي أبو شادي
ثورة على الحضارة
ذَرَعْتُم الجوَّ: أشبارًا وأميالاَ
وجُبْتم البحر: أعماقًا وأطوالاَ
فهل نَقَصْتم همومَ العيش خردلة
أو زدتمو في نعيم العيش مثقالا؟
صرعى الهواء وصرعى الماء قد كثروا
وراكب الخيل جرّ الذيل مختالا
العيسُ ألْيَنُ ظهرًا من مراكب إنْ
جَّنْبنَ هولاً، فقد قرَّبن أهوالا
تسنمَ القوم غَرْبَ الجو وانطلقوا
كأن للقوم في الأفلاك آمَالا
أقسمتُ، لو دنت الأفلاك طائعةً
فنالها المرءُ، لم يقنعْ بما نالا
أني أرى الناسَ ما زادوا رفاهيةً
في العيش، زادوه تعقيدًا وإشكالا
كم هان أمرٌ فقلَّدناه طائفةً
من الحواشي وحمَّلنَاه أثقالا
تجاوَزَ العُرفُ والعادات حدَّهُمَا
فأصبحا في رقاب الناس أغلالا
يا طالما حدَّثني النفسُ قائلةً:
أنحن أنْعَمُ أم أجدادُنا بالا؟
كانت حياتهمو تُضْفي بساطتُها
عليهمو من هدوء البال سربالا
كم للمحاكم أحكامٌ يقومُ بها
في البدو فيصَلُهُ، والقول ما قالا
لا الحقُّ ضاع إذا ما عَيَّ مِدْرَهُهُ
ولا ترقُّبُ يوم الفصل قد طالا
قدَّرتُمُ الوقت تقديرَ الشحيح به
فكدتمو تمْلأُون الليلَ أعمالا
أتْخَمتُم الوقتَ بالأعمال، ويحكمو
هلا أضفتم إلى الآجال آجالا!
تحضر النَّاس حتى ما لمكرُمة
قُدسٌ لديهم، ولكن قدسوا المالا
في كل مملكةٍ حربٌ منظمة
تضم جيشين: مُلاَّكا وعمالا
يد السياسة بالأخلاق قد عبثت
وقوَّض العلم صرح الدين فانهالا
البدو أكرمُ أخلاقًا، وأحسبَهُم
لله أكثرَ تقديسًا وإجلالا
قالوا: تألق نُور العلم. قلت لهم:
بل ناره أصبحت تزداد إشعالا!
عهدُ الحسام بفضل العلم قد دَرَست
آثارُهُ وزمانُ الرمح قد دالا
يا رُبَّ حربٍ بغير العلم ما اتَّقَدتْ
ورُبُّ جيشٍ بغير العلم ما صالا
في الماء والجو آلات مسخرَّة
تصوِّر الموت ألوانًا وأشكالا
لنا جرائمُ لم يسبقْ بها زمنٌ
باتت تُزلزل ركنَ الأمن زلزالا
كم وضَّحَ العلمُ منهاجًا لمختلِسٍ
وبات يحمي من القانون مغتالا
ابنُ الحضارة جسمٌ دون عاطفةٍ
يكاد يحسَبُهُ رائيهِ تَمثالا
وبرقُها خُلَّبٌ، يغريك بارقُةُ
حتى إذا شِمتَهُ، ألفيتَهُ آلا
رسالةُ الغرب لا كانت رسالتهُ
كم سامنا باسمها خسفًا وإذلالا
وصوَّرتْهُ لعين الشرق أمثلةً
عليا، وصوَّرنا الرحمن أمثالا
تغزو الحضارة أقوامًا لتُسعدهُمْ
والزَّنُج أسعدُ من أربابها حالا
هي الطبيعة، ما برَّ الأنامُ بها
أمَّا؛ وبرت بهم من قبل أنجالا
هل تَشْهَرون عليها الحرب ويحكمو
وكم طوت قبل هذا الجيل أجيالا؟
عودوا إلى حجرها إن شئتموا رغدًا
كما نشأتُمْ بهذا الحجر أطفالا
صوتُ الهزار وصوت العود أيُّهما
أشجاهُما أثرًا في النفس فعالا؟
أقسمتُ، ما نظرت عيني بحاضرةٍ
كالرَّمل أصفرَ، أو كالماء سلسالا
إذا نظرتُ إليكم من ذرَا جبل
لاحت قصوركم والشَّماءُ أطلالا
يا ربَّ قصرٍ له شمس الضحى طنُفٌ
بين العيون وبين الشمس قد حالا
يسودُّ ساكنه لو كان منطلقًا
كالذئْب يسكن أحْراَجًا وأدغالا
قودوا البخارَ وسوقوا الكهرباء؛ فما
زلتمْ بأسرار هذا الكون جُهَّالا
لكم حياةٌ وموتٌ كان سرُّهما
من عهد آدَمَ مستورًا، وما زالا!
محمود غنيم
ذَرَعْتُم الجوَّ: أشبارًا وأميالاَ
وجُبْتم البحر: أعماقًا وأطوالاَ
فهل نَقَصْتم همومَ العيش خردلة
أو زدتمو في نعيم العيش مثقالا؟
صرعى الهواء وصرعى الماء قد كثروا
وراكب الخيل جرّ الذيل مختالا
العيسُ ألْيَنُ ظهرًا من مراكب إنْ
جَّنْبنَ هولاً، فقد قرَّبن أهوالا
تسنمَ القوم غَرْبَ الجو وانطلقوا
كأن للقوم في الأفلاك آمَالا
أقسمتُ، لو دنت الأفلاك طائعةً
فنالها المرءُ، لم يقنعْ بما نالا
أني أرى الناسَ ما زادوا رفاهيةً
في العيش، زادوه تعقيدًا وإشكالا
كم هان أمرٌ فقلَّدناه طائفةً
من الحواشي وحمَّلنَاه أثقالا
تجاوَزَ العُرفُ والعادات حدَّهُمَا
فأصبحا في رقاب الناس أغلالا
يا طالما حدَّثني النفسُ قائلةً:
أنحن أنْعَمُ أم أجدادُنا بالا؟
كانت حياتهمو تُضْفي بساطتُها
عليهمو من هدوء البال سربالا
كم للمحاكم أحكامٌ يقومُ بها
في البدو فيصَلُهُ، والقول ما قالا
لا الحقُّ ضاع إذا ما عَيَّ مِدْرَهُهُ
ولا ترقُّبُ يوم الفصل قد طالا
قدَّرتُمُ الوقت تقديرَ الشحيح به
فكدتمو تمْلأُون الليلَ أعمالا
أتْخَمتُم الوقتَ بالأعمال، ويحكمو
هلا أضفتم إلى الآجال آجالا!
تحضر النَّاس حتى ما لمكرُمة
قُدسٌ لديهم، ولكن قدسوا المالا
في كل مملكةٍ حربٌ منظمة
تضم جيشين: مُلاَّكا وعمالا
يد السياسة بالأخلاق قد عبثت
وقوَّض العلم صرح الدين فانهالا
البدو أكرمُ أخلاقًا، وأحسبَهُم
لله أكثرَ تقديسًا وإجلالا
قالوا: تألق نُور العلم. قلت لهم:
بل ناره أصبحت تزداد إشعالا!
عهدُ الحسام بفضل العلم قد دَرَست
آثارُهُ وزمانُ الرمح قد دالا
يا رُبَّ حربٍ بغير العلم ما اتَّقَدتْ
ورُبُّ جيشٍ بغير العلم ما صالا
في الماء والجو آلات مسخرَّة
تصوِّر الموت ألوانًا وأشكالا
لنا جرائمُ لم يسبقْ بها زمنٌ
باتت تُزلزل ركنَ الأمن زلزالا
كم وضَّحَ العلمُ منهاجًا لمختلِسٍ
وبات يحمي من القانون مغتالا
ابنُ الحضارة جسمٌ دون عاطفةٍ
يكاد يحسَبُهُ رائيهِ تَمثالا
وبرقُها خُلَّبٌ، يغريك بارقُةُ
حتى إذا شِمتَهُ، ألفيتَهُ آلا
رسالةُ الغرب لا كانت رسالتهُ
كم سامنا باسمها خسفًا وإذلالا
وصوَّرتْهُ لعين الشرق أمثلةً
عليا، وصوَّرنا الرحمن أمثالا
تغزو الحضارة أقوامًا لتُسعدهُمْ
والزَّنُج أسعدُ من أربابها حالا
هي الطبيعة، ما برَّ الأنامُ بها
أمَّا؛ وبرت بهم من قبل أنجالا
هل تَشْهَرون عليها الحرب ويحكمو
وكم طوت قبل هذا الجيل أجيالا؟
عودوا إلى حجرها إن شئتموا رغدًا
كما نشأتُمْ بهذا الحجر أطفالا
صوتُ الهزار وصوت العود أيُّهما
أشجاهُما أثرًا في النفس فعالا؟
أقسمتُ، ما نظرت عيني بحاضرةٍ
كالرَّمل أصفرَ، أو كالماء سلسالا
إذا نظرتُ إليكم من ذرَا جبل
لاحت قصوركم والشَّماءُ أطلالا
يا ربَّ قصرٍ له شمس الضحى طنُفٌ
بين العيون وبين الشمس قد حالا
يسودُّ ساكنه لو كان منطلقًا
كالذئْب يسكن أحْراَجًا وأدغالا
قودوا البخارَ وسوقوا الكهرباء؛ فما
زلتمْ بأسرار هذا الكون جُهَّالا
لكم حياةٌ وموتٌ كان سرُّهما
من عهد آدَمَ مستورًا، وما زالا!
محمود غنيم
قصة العنجليّة :
يقول الدكتور عبدالعزيز الخويطر رحمه الله :
في الماضي عندما يقعد قوم على مائدة مضيف لهم، يحرص كبير المدعوّين على أن يمسكوا عن الطعام في مرحلة يكفي ما بقي منه دفعتين أخريين، فيكف عن الأكل ويحمد الله، ويشكر المضيف، فيتبعه من كانوا على الطعام.
ثم تأتي دفعة أخرى تأخذ قسطها ثم من بين من حضر من يمسك عن الطعام بعد أن يأخذوا نصف ما تركه السابقون، وتأتي بعد هؤلاء الدفعة الثالثة، وهم من عملوا على الطبخ وتقديم الأكل والقهوة، أي العاملون عليها.
وفي يوم من الأيام نزل ركب على رجل في البادية وكان عددهم أكثر مما يمكن أن يقدّمه لهم، فرحّب بهم، وأكثر من ذلك، فلمّا أصبح الأكل مُعدّاً دعاهم إليه، وقال لهم وهو يرحب بهم :
حيّاكم الله، فإذا اكتفيتم ففي الشراع الآخر " عنجليّة " .
فلم يوغل القوم في الطعام الذي أمامهم، ولمسوه لمساً ،أملاً في "العنجليّة" التي لابد أنها أدسم، وكان الوقت شتاءً ،وكان البرد قارساً ،فلمّا ذهبوا إلى الشراع الذي أشار إليه المضيف، وجدوا ناراً بطول الشخص، وكانت هذه هي " العنجليّة " التي قصدها الرجل، أليست النار فاكهة الشتاء، فالرجل لم يكذب، وأخرج نفسه بطريقة ذكية من الحرج وإشعار الضيوف بقلّة الأكل عنده، أما القوم فلم يكن بإمكان من لم يشبع منهم أن يعود إلى سفرة الأكل الأولى، لأن فريقاً آخر قد جلس مكانهم .
@aboreem2007
يقول الدكتور عبدالعزيز الخويطر رحمه الله :
في الماضي عندما يقعد قوم على مائدة مضيف لهم، يحرص كبير المدعوّين على أن يمسكوا عن الطعام في مرحلة يكفي ما بقي منه دفعتين أخريين، فيكف عن الأكل ويحمد الله، ويشكر المضيف، فيتبعه من كانوا على الطعام.
ثم تأتي دفعة أخرى تأخذ قسطها ثم من بين من حضر من يمسك عن الطعام بعد أن يأخذوا نصف ما تركه السابقون، وتأتي بعد هؤلاء الدفعة الثالثة، وهم من عملوا على الطبخ وتقديم الأكل والقهوة، أي العاملون عليها.
وفي يوم من الأيام نزل ركب على رجل في البادية وكان عددهم أكثر مما يمكن أن يقدّمه لهم، فرحّب بهم، وأكثر من ذلك، فلمّا أصبح الأكل مُعدّاً دعاهم إليه، وقال لهم وهو يرحب بهم :
حيّاكم الله، فإذا اكتفيتم ففي الشراع الآخر " عنجليّة " .
فلم يوغل القوم في الطعام الذي أمامهم، ولمسوه لمساً ،أملاً في "العنجليّة" التي لابد أنها أدسم، وكان الوقت شتاءً ،وكان البرد قارساً ،فلمّا ذهبوا إلى الشراع الذي أشار إليه المضيف، وجدوا ناراً بطول الشخص، وكانت هذه هي " العنجليّة " التي قصدها الرجل، أليست النار فاكهة الشتاء، فالرجل لم يكذب، وأخرج نفسه بطريقة ذكية من الحرج وإشعار الضيوف بقلّة الأكل عنده، أما القوم فلم يكن بإمكان من لم يشبع منهم أن يعود إلى سفرة الأكل الأولى، لأن فريقاً آخر قد جلس مكانهم .
@aboreem2007