أبو حفص الأثري

Forwarded from قناة || أبي عائشة سامي هوايري (سَاْمِيْ هُوَاْيِرِيْ)

وقد توسَّع بعض المتأخرين فأصبحوا يردُّون كثيرا من أقوال الصحابة، رضي اللّٰه عنهم والتابعين بأنها متلقاة من بني إسرائيل، ولا بينة لهم في ذلك، ولم يسبقهم إلى ذلك أحد من أئمة السنة المتقدمين، ولا أئمة الجرح والتعديل، ولسان حالهم أن الصحابة، رضي اللّٰه عنهم والتابعين قد نشروا كثيرا من أخبار بني إسرائيل في الأمة ولم يُنبهوا الناس عليها حتى جئنا نحن وبينَّاها للناس، وحذَّرنا منها.

- قال القاضي أبو يعلى في «إبطال التأويلات» وهو يتكلم عن هذه الشبهة: لا يجوز أن يُظن به ذلك؛ لأن فيه إلباسا في شرعنا، وهو أن يروي لهم ما يظنوه شرعا لنا، ويكون شرعا لغيرنا، ويجب أن نُنزه الصحابة، رضي اللّٰه عنهم عن ذلك.اهـ.

ثم أين أئمة السلف وعلماء السنة والآثار في سائر الأزمان عن مثل هذه الآثار المروية عن الصحابة، رضي اللّٰه عنهم والتابعين في أبواب السنة والاعتقاد لِم لم يبينوا ما فيها من مخالفات لنصوص الكتاب والسنة.

بل كيف جاز لهم روايتها في كتب السنة والاعتقاد والسكوت عنها؟ بل والاحتجاج بها على الجهمية المعطلة نفاة الصفات؟

يقول ابن تيمية، رحمه اللّٰه في «بيان تلبيس الجهمية» في إبطال هذه الفرية لي حق ابن عباس وهو يندرج في حق غيره من الصحابة، رضي اللّٰه عنهم:

وأيضا فعِلم ذلك لا يؤخذ بالرأي وإنما يُقال توقيفا، ولا يجوز أن يكون مستند ابن عباس، رضي اللّٰه عنهما أخبار أهل الكتاب الذي هو أحد الناهين لنا عن سؤالهم، ومع نهي النبي، صلى اللّٰه عليه وسلم عن تصديقهم أو تكذيبهم، فعلم أن ابن عباس إنما قاله توقيفا من النبي، صلى اللّٰه عليه وسلم ففي «صحيح البخاري»: عن ابن شهاب عن عبيد اللّٰه عن عبد اللّٰه، أن ابن عباس، رضي اللّٰه عنهما قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أُنزل على رؤوسكم أحدث الكتب عهدا بالرحمن، تقرؤونه محضا لم يُشب، وقد حدثتكم أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتب اللّٰه وغيَّروا، فكتبوا بأيديهم الكتب، وقالوا: هو من عند اللّٰه ليشتروا به ثمنا قليلا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، فلا واللّٰه ما رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أُنزل عليكم.

وفي «صحيح البخاري» عن أبي هريرة، رضي اللّٰه عنه قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويُفسرونها بالعربية لأهل الإسلام. فقال رسول اللّٰه، صلى اللّٰه عليه وسلم: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا باللّٰه وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم».

فمعلوم مع هذا أن ابن عباس، رضي اللّٰه عنهما لا يكون مستندا فيما يذكره من صفات الرب أنه يأخذ ذلك عن أهل الكتاب، فلم يبق إلا أن يكون أخذ من الصحابة، رضي اللّٰه عنهم الذين أخذوه من النبي، صلى اللّٰه عليه وسلم.اهـ.

وهنا رابط:

مقدمة تحقيق كتاب «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» للإمام أبي القاسم هبة اللّٰه اللالكائي، رحمه اللّٰه، لمن أراد مطالعتها!

110 views12:03