أبو حفص الأثري
189 subscribers
126 photos
23 videos
29 files
86 links
Download Telegram
كتب صاحبنا أبو عبيدة الشامي سدده الله :

تعظيم الخلاف في ما له متعلق دنيوي كالخلاف في الحاكمية وجعلها رأس التوحيد في مقابل تهميش الخلافات العقدية التي ليس لها متعلق دنيوي فيما يظن بعض المغرورين كالخلاف في أسماء الله وصفاته بين المسلمين والجهمية نفثة شيطانية حركية إخوانية.
وهؤلاء هم من يحكمون بغير ما أنزل الله لأنهم يخالفون حكم الله في من كذبه ممن اعتقد دين الجهمية أو ابتدع في دين الله ما ليس منه ويطعنون على من يبينه للناس نصحا لله ولرسوله وللمؤمنين.
ملاحظة : الخلافات العقدية التي يظن القوم أنها تافهة وتعرقل مشروع الأمة، لها متعلق دنيوي وإن لم يشعروا. قال الله تعالى (وَمِنَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّا نَصَـٰرَىٰۤ أَخَذۡنَا مِیثَـٰقَهُمۡ فَنَسُوا۟ حَظࣰّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ فَأَغۡرَیۡنَا بَیۡنَهُمُ ٱلۡعَدَاوَةَ وَٱلۡبَغۡضَاۤءَ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ وَسَوۡفَ یُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ ببِمَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ)
[سورة المائدة ١٤]
أولئك تركوا شيئا من الدين مما شرعه الله فكان نتيجته إغراء العداوة بينهم والفشل فكيف بمن بدل دين الله وابتدع؛ فإن هذا من باب أولى!
لذلك فإن إقرار أهل الباطل والبدع والإلحاد في أسماء الله وصفاته على مخالفتهم للسنة أو مداهنتهم ومصانعتهم سبب حقيقي لوقوع العداوة والبغضاء والفرقة التي من أجلها يهونون هؤلاء الحمقى من كل خلاف لا يمس دنياهم ظانين أن إثارة هذه الخلافيات تعرقل مشروع الأمة وهم في الحقيقة هم سبب تأخر النصر بجهلهم واستكبارهم وعنادهم.
قال أحد الإخوة : [في عز غزو المغول وانتهاك الأمة كتب ابن تيمية ٣٠ مجلدا تفرقت بين الرد على ثلاث فرق (الجهمية الذين هم الاشاعرة - الفلاسفة الأرسطية - والشيعة) ما قال هناك أولويات، ولنتوحد ضد العدو المغولي أولا ، لا بل كان يعي أن منهج هؤلاء هو سبب انتكاسة وهزيمة وسبب تسلط العدو الخارجي، وأن ما يريدونه يأبى الإسلام أن يريده.]
قال ابن تيمية رحمه الله عن أسباب تسلط الكفار الخارجيين على ديار المسلمين :
فلما ظهر النفاق والبدع والفجور المخالف لدين الرسول سلطت عليهم الأعداء فخرجت الروم النصارى إلى الشام والجزيرة مرة بعدد مرة وأخذوا الثغور الشامية شيئا بعد شيء إلى أن أخذوا بيت المقدس في أواخر المائة الرابعة وبعد هذا بمدة حاصروا دمشق وكان أهل الشام بأسوأ حال بين الكفار النصارى والمنافقين الملاحدة؛ إلى أن تولى نور الدين الشهيد وقام بما قام به من أمر الإسلام وإظهاره والجهاد لأعدائه ثم استنجد به ملوك مصر بنو عبيد على النصارى فأنجدهم [وجرت فصول كثيرة إلى أن أخذت مصر من بني عبيد... فكان الإيمان بالرسول والجهاد عن دينه سببا لخير الدنيا والآخرة وبالعكس البدع والإلحاد ومخالفة ما جاء به سبب لشر الدنيا والآخرة. فلما ظهر في الشام ومصر والجزيرة الإلحاد والبدع سلط عليهم الكفار ولما أقاموا ما أقاموه من الإسلام وقهر الملحدين والمبتدعين نصرهم الله على الكفار؛ تحقيقا لقوله: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم} {تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} {يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم} {وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين} . وكذلك لما كان أهل المشرق قائمين بالإسلام كانوا منصورين على الكفار المشركين من الترك والهند والصين وغيرهم فلما ظهر منهم ما ظهر من البدع والإلحاد والفجور سلط عليهم الكفار قال تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا} {فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا} {ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا} {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا} {عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا} . وكان بعض المشايخ يقول: هولاكو - ملك الترك التتار الذي قهر الخليفة بالعراق وقتل ببغداد مقتلة عظيمة جدا يقال: قتل منهم ألف ألف وكذلك قتل بحلب دار الملك حينئذ كان بعض الشيوخ يقول هو - للمسلمين بمنزلة بخت نصر لبني إسرائيل. =
وكان من أسباب دخول هؤلاء ديار المسلمين ظهور الإلحاد والنفاق والبدع حتى أنه صنف الرازي كتابا في عبادة الكواكب والأصنام وعمل السحر سماه " السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم " ويقال: إنه صنفه لأم السلطان علاء الدين محمد بن لكش بن جلال الدين خوارزم شاه وكان من أعظم ملوك الأرض وكان للرازي به اتصال قوي حتى أنه وصى إليه على أولاده وصنف له كتابا سماه " الرسالة العلائية في الاختيارات السماوية ". وهذه الاختيارات لأهل الضلال بدل الاستخارة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين..
وأهل النجوم لهم اختيارات إذا أراد أحدهم أن يفعل فعلا أخذ طالعا سعيدا فعمل فيه ذلك العمل لينجح بزعمهم وقد صنف الناس كتبا في الرد عليهم وذكروا كثرة ما يقع من خلاف مقصودهم فيما يخبرون به ويأمرون به وكم يخبرون من خبر فيكون كذبا وكم يأمرون باختيار فيكون شرا والرازي صنف الاختيارات لهذا الملك وذكر فيه الاختيار لشرب الخمر وغير ذلك كما ذكر في " السر المكتوم " في عبادة الكواكب ودعوتها مع السجود لها والشرك بها ودعائها مثل ما يدعو الموحدون ربهم؛ بل أعظم والتقرب إليها بما يظن أنه مناسب لها من الكفر والفسوق والعصيان فذكر أنه يتقرب إلى الزهرة بفعل الفواحش وشرب الخمر والغناء ونحو ذلك مما حرمه الله ورسوله.
مجموع الفتاوى ١٣/ ١٧٨-١٨١
وقال: فلما ظهر بأرض المشرق بسبب مثل هذا الملك ونحوه ومثل هذا العالم ونحوه ما ظهر من الإلحاد والبدع سلط الله عليهم الترك المشركين الكفار فأبادوا هذا الملك وجرت له أمور فيها عبرة لمن يعتبر ويعلم تحقيق ما أخبر الله به في كتابه حيث يقول: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} أي أن القرآن حق وقال: {سأريكم آياتي فلا تستعجلون} وبسط هذا له موضع آخر. و " المقصود هنا " أن دولة بني أمية كان انقراضها بسبب هذا الجعد المعطل وغيره من الأسباب التي أوجبت إدبارها وفي آخر دولتهم ظهر الجهم بن صفوان بخراسان وقد قيل: إن أصله من ترمذ وأظهر قول المعطلة النفاة الجهمية. وقد قتل في بعض الحروب
الفتاوى ١٣/ ١٨٢

وقال ابن تيمية في رده على البكري :
وكان هذا وأمثاله في ناحية أخرى يدعون الأموات، ويسألونهم ويستجيرون بهم، ويتضرعون إليهم، وربما كان ما يفعلونه بالأموات أعظم، لأنهم إنما يقصدون الميت في ضرورة نزلت بهم فيدعونه دعاء المضطر، راجين قضاء حاجاتهم بدعائه أو الدعاء به أو الدعاء عند قبره، بخلاف عبادتهم لله ودعائهم إياه [فإنهم] يفعلونه في كثير من الأوقات على وجه العادة والتكلف، حتى إن العدو الخارج عن شريعة الإسلام [لما]قد دمشق خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف ضرهم، وقال بعض الشعراء:
يا خائفين من التتر ... لوذوا بقبر أبي عمر
أو قال:
عوذوا بقبر أبي عمر ... ينجيكم من الضرر
فقلت لهم: هؤلاء الذين تستغيثون بهم لو كانوا معكم في القتال لانهزموا، كما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد، فإنه كان قد قضى أن العسكر ينكسر لأسباب اقتضت ذلك، ولحكمة كانت لله -عز وجل- في ذلك.
ولهذا كان أهل المعرفة بالدين والمكاشفة لم يقاتلوا في هذه المرة لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله به ورسوله، ولما يحصل في ذلك من الشر والفساد وانتفاء النصرة المطلوبة في القتال، فلا يكون فيه ثواب الدنيا ولا ثواب الآخرة؛ لمن عرف هذا وهذا، وإن كان كثيراً من المقاتلين الذين اعتقدوا هذا قتالاً شرعياً أجروا على نياتهم.
فلما كان بعد ذلك جعلنا نأمر الناس بإخلاص الدين لله والاستغاثة به، وأنهم لا يستغيثون إلا إياه، لا يستغيثون بملك مقرّب ولا نبي مرسل، كما قال تعالى يوم بدر: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: ٩]، ورُوي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوم بدر يقول: "يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث"، وفي لفظ: "أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك".
فلما أصلح الناس أمورهم، وصدقوا في الاستغاثة بربهم؛ نصرهم على عدوهم نصراً عزيزاً؛ لم يتقدم نظيره، ولم تهزم التتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك أصلاً، لما صح من تحقيق توحيده طاعه رسوله ما لم يكن قبل ذلك، فإن الله ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.
الاستغاثة في الرد على البكري، صـ٤١٤

الخلاصة إن جهاد أهل البدع ورد صيالهم على السنة والشريعة جهاد شرعي بل هو من أعظم الجهاد وهو سبب حقيقي لتمكين الله عباده المؤمنين وليس تفرقة للمسلمين بل هو دعوة إلى الاعتصام بحبل الله ونبذ للتفرق عن دين الله، والذي يؤمن بحاكمية الله حقا فسيجد نفسه مضطرا للرد على ضلال أهل الزيغ والهوى بوصفهم سببا لتسلط الكفار الخارجيين وليس وصم من يفعل ذلك بالغلو وتفريق كلمة المسلمين والفت في عضد الأمة وإشغالها بمعارك تافهة.
فائدة عزيزة!!

قال ابن المبرد الحنبلي (ت٩٠٩هـ):
" الإمام الكبير الحافظ محمد بن أحمد بن عبدالهادي [١]، كان مُجانباً لهم -أي الأشاعرة- ، مُصارماً كشيخه ⁧ ابن تيمية⁩ ، وامتُحن وقُتِلَ [٢] في ذلك! "
_____
[١] صاحب الصارم المُنكي والمحرر .
[٢] ما ذكره ابن المبرد هنا عن مقتل العلامة ابن عبدالهادي على يد أهل البدع والأهواء، لم تذكره بقية المصادر التي فيها ترجمته رحمه الله، وأيضاً بين المؤلف والحافظ ابن عبدالهادي صلة قرابة، فهو (عم جده) كما ذكر ذلك في " تذكرة الحفاظ وتبصرة الأيقاظ " حيث قال (عم جدي!)، وهذا يدل على أن المؤلف من أعلم الناس به.
انظر:
جمع الجيوش والدساكر (٣٩٩)
وتذكرة الحفاظ وتبصرة الأيقاظ (١٩٩)
فَشُهُودُ العَبْدِ نَقْصَ حالِهِ إذا عَصى رَبَّهُ، وتَغَيُّرُ القُلُوبِ عَلَيْهِ، وجُفُولُها مِنهُ، وانْسِدادُ الأبْوابِ فِي وجْهِهِ، وتَوَعُّرُ المَسالِكِ عَلَيْهِ، وهَوانُهُ عَلى أهْلِ بَيْتِهِ وأوْلادِهِ وزَوْجَتِهِ وإخْوانِهِ. وتَطَلُّبُهُ ذَلِكَ حَتّى يَعْلَمَ مِن أيْنَ أُتِيَ؟ ووُقُوعُهُ عَلى السَّبَبِ المُوجِبِ لِذَلِكَ مِمّا يُقَوِّي إيمانَهُ، فَإنْ أقْلَعَ وباشَرَ الأسْبابَ الَّتِي تُفْضِي بِهِ إلى ضِدِّ هَذِهِ الحالِ، رَأى العِزَّ بَعْدَ الذُّلِّ، والغِنى بَعْدَ الفَقْرِ، والسُّرُورَ بَعْدَ الحُزْنِ، والأمْنَ بَعْدَ الخَوْفِ، والقُوَّةَ فِي قَلْبِهِ بَعْدَ ضَعْفِهِ ووَهَنِهِ ازْدادَ إيمانًا مَعَ إيمانِهِ، فَتَقْوى شَواهِدُ الإيمانِ فِي قَلْبِهِ وبَراهِينُهُ وأدِلَّتُهُ فِي حالِ مَعْصِيَتِهِ وطاعَتِهِ، فَهَذا مِنَ الَّذِينَ قالَ اللَّهُ فِيهِمْ ﴿لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أسْوَأ الَّذِي عَمِلُوا ويَجْزِيَهُمْ أجْرَهُمْ بِأحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الزمر ٣٥].

وصاحِبُ هَذا المَشْهَدِ مَتى تَبَصَّرَ فِيهِ، وأعْطاهُ حَقَّهُ: صارَ مِن أطِبّاءِ القُلُوبِ العالِمِينَ بِدائِها ودَوائِها، فَنَفَعَهُ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ، ونَفَعَ بِهِ مَن شاءَ مِن خَلْقِهِ، واللَّهُ أعْلَمُ.

- ابن القيم
قال ابن أبي عاصم في كتاب السنة:

بَابٌ
٦٠١- ثنا دحيم، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر، وعن أبي اليمان الهوزني، عن أبي أمامة الباهلي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب»
قال يزيد بن الأخنس: والله ما أولئك في أمتك يا رسول الله إلا مثل الذباب الأصهب في الذبان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإن الله تعالى وعدني سبعين ألفا، مع كل ألف سبعون ألفا، وزادني ثلاث حثيات».
٦٠٢- ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا، مع كل ألف سبعون ألفا، لا حساب عليهم ولا عذاب، وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل».
٦٠٣- ثنا سلمة، ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، وعن النضر بن أنس، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف» . فقال أبو بكر: زدنا يا رسول الله. قال: «وهكذا» وجمع يديه، فقال: زدنا يا رسول الله. فقال: «هكذا» وجمع يديه، فقال عمر: حسبك يا أبا بكر. فقال أبو بكر: دعنا يا عمر، ما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا. فقال عمر: إن الله تعالى إن شاء أن يدخلنا الجنة بكف واحد فعل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق عمر».


_ قلتُ: أحاديث الباب صحيحة الإسناد، وقد أخرجها أحمد في مسنده.
Forwarded from طلّاع أنجد
الأمن الحقيقي

الأمن والأمان الذي يُسعى له أوّلًا هو ما كان في الآخرة لا في الدنيا، فالأمن الدنيوي من المقاصد التابعة للغاية الأصلية من خلق الإنسان وهي أن يعرف الله بأسماءه وصفاته ويعبده وحده لا شريك له؛ ليأمن من النار ويدخل الجنة برحمة الله، فإذا أُنعم العبد بالأمن في الدنيا فقد يكون استدراجًا؛ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾ روى ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا ﴾ قال: رخاء الدنيا ويُسرها. وقال الطبري: "﴿فتحنا عليهم أبوابَ كل شيء﴾ يقول: بدلنا مكان البأساء الرخاء والسعة في العيش، ومكان الضراء الصحة والسلامة في الأبدان والأجسام، استدراجًا منَّا لهم".

وقد يكون ابتلاءً؛ قال تعالى: ﴿وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ قال الطبري: "﴿لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ يقول: لوسعنا عليهم في الرزق، وبسطناهم في الدنيا، ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ يقول: لنختبرهم فيه."
وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: «ابْتُلِينَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنَا، ثُمَّ ابْتُلِينَا بِالسَّرَّاءِ بَعْدَهُ فَلَمْ نَصْبِرْ».

وقد ينعم به الكافر في الدنيا ولا يذوقه المسلم فيها؛ قال تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ وقال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ فإذا فُتح على الكافر باب الأمن في الدنيا الفانية فإنه لن يامن في الآخرة الباقية؛ قال تعالى: ﴿الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون﴾ فمن آمن ولم يحمل ظلمًا أي: شركًا، جزاؤه في الآخرة الأمن، فيأمن من النار ويدخل الجنة برحمة الله.
وقال تعالى حاكيًا عن إبراهيم عليه السلام: ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون﴾

وتجد بعض الناس يسعى ليأمن هو وغيره في الدنيا مع أنه يعلم أنها ستفنى، ولا يسعى ليأمن هو وغيره في الآخرة مع أنه يعلم أنها ستبقى، وتراه يلهج بذكر نعمة الأمن والأمان مع علمه بأن كثيرًا من هؤلاء الذي نالوا هذه النعمة لو ماتوا على ما هم عليه لم يأمنوا في الآخرة، أو لم يأمنوا في أوّلها، وهذا غشٌّ لهم، نسأل الله العافية.
أثر الإيمان بالصفات الإلهية على رقة القلب..

قال أبو منصور معمر بن أحمد الصوفي: سمعت أبا محمد ‌عبد ‌الله ‌بن ‌إبراهيم ‌بن ‌عبد ‌الملك يقول: قصدت مجلس ‌علي ‌بن ‌سهل، فكان يتكلم في أهوال القيامة، فقرأ حديث ابن عباس في نزول الملائكة أهل سماء إلى الأرض، فيقول الخلق: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ولكن هو آت. فرأيت ‌علي ‌بن ‌سهل يكبر الله كلما قال: لا، ولكن هو آت، كأنه يشاهد الحق تعالى، ففزع قلبي قوله رحمه الله. [الصفات لابن المحب]

هو عليّ بن سهل بن محمد، أبو الحَسَن الإصبهانيّ الزّاهد، أحد أعلام الصوفية، صحب محمد بن يوسف البناء، وكان يكاتب الجنيد. وله شأن، رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرانيّ، (ت: 307 هـ). تاريخ الإسلام (7/ 120)

أقول: هذا أثر من آثار الإيمان بصفات الله عز وجل على القوم العابدين، ولهم في ذلك كثير، ومعلوم أن تأويلات أهل الكلام التي هي تحريفات في الحقيقة تذهب بهذا كله وتتأوله على أشياء لا تقع في القلب موقع ذكر رب العالمين {ولذكر الله أكبر}، فلو كان هذا الشخص يؤمن أن الذي سينزل أمر الله هل سيتأثر هذا التأثر، وأمر الله لم يزل نازلًا.

قال أسد بن موسى في الزهد: ثنا غسان بن برزين الطهوي عن سيار بن سلامة الرياحي عن أبي العالية الرياحي عن ابن عباس:
«إذا كان يوم القيامة اجتمعت الجن والإنس في صعيد واحد ثم ذكر حديثًا طويلًا قال في آخره: حتى يجيء ربك في ظلل من الغمام والملائكة صفوفًا».

فتأمل ذكره لهذا الخبر في الزهد، الكتاب المخصص لترقيق القلوب، وكذلك فعل ابن أبي الدنيا في الأهوال.

وقال الترمذي في جامعه: 3010 - حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال: حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري، قال: سمعت طلحة بن خراش، قال: سمعت جابر بن عبد الله، يقول: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: «يا جابر ما لي أراك منكسرا»؟ قلت: يا رسول الله استشهد أبي، وترك عيالا ودينا، قال: «أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك»؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: "ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحًا. فقال: يا عبدي تمنَّ علي أعطك. قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون" قال: وأنزلت هذه الآية: {ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتا}.

فتأمل قوله "فكلمه كفاحا"، هذا بحد ذاته تذوب عنده قلوب العابدين وتتشوق نفوسهم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو "اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك" ولولا عظيم هذا الأمر ما سأله النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن أهل الكلام يؤولون ذلك بتأويلات تُذهِب حقيقته.

فكانت تحريفاتهم سببًا في فقدان رقة القلب الحاصلة من الإيمان بهذه الأمور، وإذا فُقدت رقة القلب وقعت القسوة فكان لهم نصيب من قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه} [المائدة].

وإن مِن المُسلَّمات عند الكثير ممن يستهونون بحث الصفات وخلاف الناس فيه أمرين:

الأول: اعتقادهم أنه لا فرق بين العقيدة الصحيحة والعقيدة الفاسدة في أثرها على التصورات والسلوك، وهذا فاسد غاية.

الثاني: ظنهم أنه يمكن أن يُكتفى بالتقرير دون الرد والبيان، وهذا من أثر التجريدية التي أورثها النظر في الجهليات التي تُسمَّى عقليات، فيقع في أذهانهم تصورات مثالية، مثل وجود درس عقدي لا أحكام فيه على المخالفين، ووجود تخلية بدون تحلية وتحلية بدون تخلية، ووجود ترغيب بدون ترهيب وترهيب بدون ترغيب، وهكذا..

والواقع أن هذه الأمور متداخلة ولا توجد مجردة، لهذا تجد ابن القيم لمَّا صنف في وصف الجنة ملأ الكتاب بالرد على الجهمية.

والظن بأن الردود على المخالفين أو الأحكام عليهم عمليةٌ انتقاميةٌ محضةٌ وشفاءٌ لما في الصدور ولا رحمةَ فيها للمخالف ولا تنبيهَ له، هذا تصوُّر سطحي يكثر عادة في أصحاب الهشاشة النفسية، وهؤلاء يظنون أنهم يرحمون الناس ولكنهم يضرونهم.
Forwarded from حنبلي دمشقي
_ أنتم لا تثقون ببناتكم لذلك لا تدَعُونَهم يخرجون للجامعة أو للعمل
= نعم نحن لا نثق، ونعلم ما يجري في الجامعة والسوق، ورأينا نتائج ثقتكم ببناتكم كيف أصبحن من بعدكم.

_ لو أحسنتم تربية بناتكم لما أضرَّهن شيء ولوَثِقتُم بهن
= بل مِن حسن تربيتنا لهن.. ابعادُهُن عن مواطِنِ الريبة، ورأينا حسن تربيتكم كيف غدت بناتكم بها.

_ المرأة الصالحة لا يضرها شيء
= بل يضرها أدنىٰ شيء، تضرها النظرة والهمسة، ناهيك عن المزاحمة وكثرة المساس

_ أنتم تسعون لتجهيل المرأة
=نعم نحن نسعى لعدم تعليمها إلا ما تحتاجه، وغير ذلك هو مضرة لها، مُطيل للسانها، مُزعِج لأهلها،فماذا تفيدها الكيمياء؟ أو الجغرافيا؟ أو محاضرة عن حقوق المرأة مثلاً؟

_ المرأة لها هدف للحياة ولم تُخلَق لتخدم غيرها
=هدفها أن يكون لها بيت، وولد تحنو عليه، وهذه فطرتها التي فطرها الله عليها، ولن يتحقق ذلك إلا بزوج تخدِمه وتحسن تبعُّلها له، فالنتيجة أن الخدمة من أحد واجباتها التي عليها أداؤها لا ينفك ذلك عنها

_ ليست المرأة عبدة عندكم _أيها الرجال_
= على المرأة طاعة زوجها، ومن طاعته خِدمتُه، فإن أردتم تسمية هذه الخدمة عبودية فشأنكم، لا مُشاحَّة في الاصطلاح.

لا يأتي أحدٌ ويقول: "أرسلت بنتي للجامعة أو ذهبت أختي لسوق العمل ولم يحصل شيء" لأنه بذلك يثبت غباءه وبلاهته
بل يحصل أشياء وأنت لا تدري، وبنتك لا تخبرك بشيء ولا أختك

لأنها تعلم أنها إن أخبرتك فستمنعها

ولو حملتها على الكلام عن: كم شاب نظر إليها فأطال النظر، أو أسمعها كلاماً فلم تلتفت إليه، أو زاحمها في الحافلة، أو حاول الحديث معها، أو أو...... لرأيت صدق حديثي
وهذا يجري على الجميع، وخصوصاً الجامعات السورية، ولا أستثني امرأة دخلت هذا المستنقع أن يكون حصل لها أحد هذه الأمور.
وحتى سوق العمل فيه الأدهى والأمر، فمن بين زميل العمل الذي يحاول التقرب منها، إلى العميل الذي يغازلها، أو لا يبعد نظره عنها، إلى صاحب العمل الذي يستعبدها.
دواهٍ والله

ولكن لا تخف ثقتك في مكانها، وتربيتك آتت ثمارها
فهاهي لا تخبرك بما يحدث معها، وتظهر نفسها بمظهر الذي لم يُخدَش أبداً، وداخلها يتقطع كمداً إذ إنها تعلم بقرارة نفسها أنها لم تُخلق لهذا
وكثير من النساء مخدوعات بخطاب النسويين الإسلاميين الذين يحثوها على العمل، وعدم خدمة الزوج، ويخبرونها أن عليها حفظ مستقبلها حتى إذا طُلقت كان لها مالٌ تحفظ به نفسها، ولا كأن لها أهلاً تعود إليهم،أو أنه يجب أن تحقق ذاتها بإختراع وجوائز عالمية ووو.....
لذلك تجهدُنَّ يصبرن علىٰ كل هذا الإيذاء في العمل والدراسة ولا يشتكين مع أنهن في غاية الانزعاج منه.
ولو علمت زيف هذه الدعاوي، وأن الله خلقها للبيت لا للطريق، وأن خدمة الزوج ليست إهانة لها، بل هو واجب عليها، كما أن إطعامها وإكساءها واجبٌ على الزوج وليس إهانة له، لأبت أن تخرج للجامعة أو العمل حتى وإن أجبرها والداها.

ولكنهن لخفة عقولهن مخدوعات
Forwarded from قناة || أبي القاسم الحنبلي (محمد بن مصطفى)
لإِغاظة الشِّيعِيّ: أخبرهُ أنَّكَ تُحِبُّ أبا بكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ وأبي هُريرة.

ولإغاظةِ الجهميّ/الأشعريّ/ ..إلخ: أَخبرهُ أنَّكَ على عَقِيدةِ الصّحابة.

ولإغاطةِ الصّوفي: أخبرهُ أنَّ الصحابة كانوا لا يَفعلون مثل فعله.

قَالَ الحقّ سبحانه وتعالى: ﴿مُّحَمَّدࣱ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّاۤءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَاۤءُ بَیۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعࣰا سُجَّدࣰا یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰ⁠نࣰاۖ سِیمَاهُمۡ فِی وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَ ٰ⁠لِكَ مَثَلُهُمۡ فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِی ٱلۡإِنجِیلِ (كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ یُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِیَغِیظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ) وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمَۢا﴾ - [الفتح: ٢٩].

وقال حَسَّانَ بن ثَابِت رضي اللّٰه عنه وعنهم:
«إِن كانَ في الناسِ سَبّاقونَ بَعدَهُمُ.. فَكُلُّ سَبقٍ لِأَدنى سَبقِهِم تَبَعُ.»
إنّ العين تدمع، والقلبُ يحزن، ولا نقولُ إلّا ما يرضى ربُّنا "إنَّا لله وإنّا إليهِ راجعون"

والدي تُوفِّيَ
كتب أحد الإخوة ___

.
     لقد تشعبت المخالفة بين الإسلام وأحكامه وتشريعاته وتربيته، وبين الحضارة الغربية وثقافتها وتربيتها، حتى بلغت تفاصيل ربما يغفل عنها بعضهم؛ فتسري في الأمة ويقتنع بها فئام وينتحلها أقوام، ولا يشعرون بمخالفتها للتزكية الإيمانية.
فإن تعظيم الشريعة لإخفاء العمل، والحرص الإيماني على عمل السر، والبعد عن الشهرة، وتأكيد خمول الذكر، وعدم المبالاة بالمدح، وذم العلو في الأرض.

تقابلها ثقافة:
تفخيم الشخصية القوية، وتعظيم شأن الخطابة، وكثرة الحديث عن طرق إقناع الآخرين، وكلام طويل عن الجراءة على إظهار الرأي -أي رأي- وتكرار للحديث عن الثقة في النفس، والذكاء الاجتماعي، وتوسيع الحديث عن الخجل المَرَضِي، والإغراق في موضوع لغة الجسد، وكتب تطوير الذات، والكتب التي تتحدث عن الهيمنة على الآخرين، والتأثير عليهم، وإظهار التميز، وتكرار أسئلة من نحو:
ماذا يقول عنك الآخرون، كيف تكسب الأصدقاء، كيف تبهر مدير الموارد البشرية!
كل ذلك ضغط ضغطته على الناس، وهصر الأجيال في نمط واحد، وصهرهم في خلق محدد.
فكل شيء هناك يعلي من شأن قوة الشخصية، ويدعو للجاذبية!

     نعم، فالشريعة داعية إلى استكمال الفضائل، وليست تمنع تحسين المرء لأخلاقه، ولا تكميله لخصاله، لكن الخلل يدخل عند الإغراق في صناعة المعايير المادية، وتعظيم صفات الظهور في مقابل غيرها من الصفات.
ولقد يحمل ذلك من ليس له مثل هذه الصفات أن يتكلفها، ليكون من أهل الشهرة والإبداع الظاهري والإبهار للأنظار والتأثير، أو أن يعتزل فلا يجعل لنفسه دورًا، ولا لحياته معنى!

     وفي البخاري أنّ سعد بن أبي وقاص ﺭﺃﻯ ﻟﻪ فضلًا ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺩﻭﻧﻪ، ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ: «ﻫﻞ ﺗﻨﺼﺮﻭﻥ ﻭﺗﺮﺯﻗﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﻀﻌﻔﺎﺋﻜﻢ».
إنه سعد، أحد المبشرين بالجنة، والسابقين الأولين للإسلام، وأول من رمى بسهم في هدم الكفر وأهله، ومع ذلك يذكره النبي ﷺ بحقيقة إيمانية عالية، ويبين له أن جميع المسلمين لهم مشاركة في النصر!
وأنّ كل موحد له جهده في مشروع الدعوة وبناء الأمة!

فالضعيف والقوي، والفقير والغني، والعبد والشريف، والخامل الخفي والمبدع الشهير، والذكي ومن دونه، كل أولئك، لهم مكان في بناء الإصلاح!

     فحضارة الحقّ ليست تقوم على الأقوياء فحسب، ورحابة الطريق جمعت أبا بكر الصديق، والرجل الذي وقصته ناقته في الحج، ولا يعرف اسمه، وباب الجنة سيزدحم عليه العالم الشهير، والمدفوع بالأبواب في الدنيا!
والله المستعان.
Forwarded from جامع الكتب المصورة 📚
بلوغ_السعادة_من_أدلة_توحيد_العبادة_للشيخ_صلاح_بن_محمد_البدير.pdf
7.5 MB
بلوغ السعادة من أدلة توحيد العبادة
الشيخ صلاح بن محمد البدير
قال مسلم في صحيحه:
2102 حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا أبو خيثمة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : أتي بأبي قحافة، أو جاء عام الفتح، أو يوم الفتح ورأسه ولحيته مثل الثغام، أو الثغامة، فأمر، أو فأمر به إلى نسائه، قال : " غيروا هذا بشيء ".
وحدثني أبو الطاهر ، أخبرنا عبد الله بن وهب ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد".
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الكلام على لفظة "وجنبوه السواد" وقد أعلها بعض المعاصرين كالعدوي والعلوان.
رد أحد المشتغلين بالحديث على شيخه العدوي في تضعيفه لفظة "وجنبوه السواد" ____

كتب:
صحة لفظة : " وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ" أو "وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ".
ادَّعى جمع من المعاصرين منهم الشيخ سليمان العلوان ، وفضيلة الشيخ مصطفى العدوي وغيرهم ، ونشرت أبحاث كثيرة تدعي أنَّ لفظة : "وجنبوه السواد" أو "وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ". في صحيح مسلم ، لم تثبت لكونها شاذة أو مدرجة من كلام ابن جريج ، وعللوا ضعفها بتفرد ابن جريج بها ، وورود نفي لفظة "وجنبوه السواد" أو "وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ". عن أبي الزبير نفسه ، في رواية زهير بن معاوية ، قالوا ولو كانت ثابتة لما ورد الخضاب بالسواد عن عدد كثير من الصحابة والتابعين واتباعهم فلا يعقل ثبوت النهي عندهم ثم يخضبون بالسواد ، حتى ادعى البعض أنه مذهب جماهير الصحابة والتابعين ومن بعدهم . قالوا ولم يثبت في النهي عن الخضاب بالسواد حديث ، وكل أحاديث النهي عن الخضاب بالسواد ضعيفة لا تقوم حديثيا ولا تقوم بها حجة فقهية ، ومن ثم الأصل الإباحة فالأمر جائز بلا كرهة ، ولما رأيت أن قولهم في المسألة مرجوح ، ووجه صحته ضعيفٌ جدا ، لم يبن على تحقيق فقهي أو حديثي ، وقد انشغل بهم جمع من العامة ممن لا علم لهم بالحديث ولادراية ، ونصرة للحق وذبا عن سنة النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحببت أبين أخطأهم الكثيرة ليس في تضعيف اللفظة "وجنبوه السواد" أو "وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ".فحسب ، بل وفي تضعيفهم لروايات النهي عن الخضاب بالسواد عموما ، أو في نسبتهم القول بأن جماهير الصحابة والتابعين ومن بعدهم كانوا يخضبون بالسواد.
وإليك بيان صحة الأحاديث الواردة في النهي عن الصبغ بالسواد:
أولا:بيان صحة لفظة "وجنبوه السواد" أو "وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ".وعدم إدراجها.
* الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
قال الإمام مسلم (2102) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ».
أخرجه أحمد في مسنده (3/ 316) ، وأبو داود (420) ، والنسائي (5076) ، والكبرى (9294 ) ، وابن ماجه (3624) ، وأبو عوانة في مستخرجه (1556 ) و(9155 ) ، وعبد الرزاق في الصنف (20179). ، وابن أبي شيبة في المصنف (5052) ، وابن سعد في الطبقات (5/ 451 - 452) ، وأبو يعلى (1819) ، والطبري في تهذيب الأثار (905) و(906) و(907) ، ، والطبراني في الكبير (8324) و (8325) و (8326) والصغير (483). ، والأوسط 6/ 14 و 1/ 174 ، وابن حبان (5471) والبيهقي في سننه (14937) ، وفي الأداب (549) ، والشعب (5996) وفي «الدلائل» (5/ 95) . وابن بشران في الأمالي (947). والبغوي في شرح السنة (3179) أبو يعلى في مسنده (1819). والخطيب في تاريخ بغداد (4753). ، وفي الجامع لأخلاق الراوي (883) ، والطحاوى في المشكل (3683) ، والحاكم في المستدرك (3/ 244) ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4913 ) ، و(البغويّ) في "شرح السُّنَة" (3179) ، وابن عبد البر في الاستيعاب (1773) ، والذهبي في معجم الشيوخ (70). من طرق عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،به.
* والحديث رواه جماعة عن أبي الزبير بذكر لفظة "وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ" أو "وجنبوه السَّوَادَ"منهم : (ابن جريج، وأيوب السختياني، وحَيْوَةُ بْنُ مُسْلِمٍ ، وليث بن أبي سليم، والْمُغيرَة بن مُسلم السراج ، وحيوة بن شريح ، وأجلح ، ومَطَر الْوَرَّاق، وزهير في بعض الروايات). فهؤلاء ثمانية من الحفاظ نقلوا اللفظة بل نقل في تحفة الأحوزي (5/359) عن الليث بن سعد أنه رواه متابعا لابن جريج. فلعله وقف عليها في كتاب الخضاب لابن أبي عاصم حيث إنه ليس في يدي ، قلت : أما أنا لم أقف عليه وأخشى أن يكون وهما بإبداله مكان ليث ابن أبي سليم.
وتفرد أبو خيثمة زهير بن معاوية من بين هؤلاء بنفيها بل قال أَبُو دَاوُدَ الطيالسي (1860) حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ : أَحَدَّثَكَ جَابِرٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي قُحَافَةَ: «غَيِّرُوا، وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ» فَقَالَ: لَا
أخرجه أحمد (3/ 338) وأبو عوانة (8709) ، وابن الجعد (2228 ) ، وابن سعد في الطبقات (129) ، وتابعه وعزرة بن ثابت على عدم ذكر ذكر اللفظة وليس نفيها ، على أنه وردت روايات عن زهير نفسه بذكرها لكن الأكثر رووها عنه بدون ذكرها.
=وهذا حجة من قال من المعاصرين بإدراج اللفظة في صحيح مسلم ، أو من قال بشذوذها ، وهذا فيه ضعف فاللفظة صحيحة فقد نقلها أثبات حفاظ أحفظ لحديث أبي الزبير من زهير ومن في طبقته وهم أساتذة زهير وأعلم بحديث أبي الزبير منه من هؤلاء : (ابن جريج، وأيوب السختياني، وحَيْوَةُ بْنُ مُسْلِمٍ وليث بن أبي سليم، وحيوة بن شريح والْمُغيرَة بن مُسلم السراج ، وأجلح ، ومَطَر الْوَرَّاق).
وذلك أن الطبقة السابعة طبقة زهير وأبي عوانة وشعبة والليث أدركت أبا الزبير في أخر حياته وقد نسي وكذلك ابن عيينة من الثامنة تجد هذه الطبقة أسأت الرأي في أبي الزبير ، راجع كلام شعبة وسفيان وغيرهما فيه ، وزهير ولد عام مائة للهجرة وتوفي أبو الزبير قبل عام مائة وست وعشرين كما قال ابن المديني والبخاري فما أدرك زهير أبا الزبير إلا قرب وفاته وقد ناهز الثمانين كما قال الذهبي أما طبقة أيوب وابن جريج وليث بن أبي سليم فمتقدمة أدركت أبا الزبير في ريعانه فهم أعلم بحديث أبي الزبير ممن جاء بعدهم بل كانوا أعلم بحديث أبي الزبير من أبي الزبير نفسه.
وانظر لهذا الأثر يتبين لك صحة ما أقول:
قَالَ أَبُو عَوَانة كنا عند عَمْرو جلوسا ومعنا أيوب فحدث أَبُو الزبير بحديث فقلت لأيوب ما هذا قَالَ هُوَ لا يدري ما حدث ، أدري أنا. وفي رواية "فقلت لأيوب ما هذا؟ فقال: هو لا يدرى ما حدث أنا ادري".
انظر : الجرح والتعديل لا بن أبي حاتم (8/75) ، وابن عدي في الكامل (7/286) ، وإكمال تهذيب الكمال (10/227)، ومختصر الكامل (1/653).
فانظر تثبت أيوب وهو من الطبقة الخامسة من حديث أبي الزبير وعلم أيوب بحديث أبي الزبير من أبي الزبير نفسه ، وتصحيحه حديث أبي الزبير لأبي عوانة وهو ثقة ثبت من السابعة من طبقة زهير.
فهذه الزيادة " وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ" أو "وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ".الخلل فيها ليس من الرواة عن أبي الزبير حتى يحكم بشذوذها أو إدراجها فقاعدة الشذوذ أو الإدراج لا تنطبق هنا ، ولو حكمنا قاعدة الشذوذ لحكمنا لصحة اللفظة وضعفنا النفي الوارد في سؤال زهير لأبي الزبير لأنه هو الذي تفرد بالنفي وخالف ثمانية هم الأكثر والأوثق ، ومنهم من هو أعلم بحديث أبي الزبير منه ، وليس الأمر كذلك ، وإنما الأمر واضح حدث بها أبو الزبير في ريعانه فتناقلتها الطبقة العليا طبقة أيوب وليث وابن جريج وغيرهم ولما كبر ونسي وظهرت الطبقة المتأخرة في الأخذ عنه ، سألة زهير عن اللفظة لأن زهيرا يعلم أنه رواها ، وإلا فما علم زهير باللفظة ؟ حتى يسأله عنها وحديث زهير عن أبي الزبير وكذلك الليث بل وابن جريج ومن في هذه الطبقة في معظمه نسخ وكتب ، وليس سماعا كله ، بخلاف طبقة أيوب كلها سماع ، فمن يباري أيوب في روايته عن أبي الزبير. والعبرة هنا ليست بكثرة من نفاها من هذه الطبقة المتأخرة في الأخذ عنه ، حتى يقال اللفظة شاذة أو مدرجة لأن الخلل في أبي الزبير نفسه ، والطبقة المتقدمة في الأخذ عن أبي الزبير أثبت فيه وأعلم بحديثة من الطبقة المتأخرة في الأخذ عنه إذ أدركته في أخر حياته وقد أسن وكبر ناهز الثمانين. والنسيان في هذا السن أقرب.
ثانيا : حتى تكون مدرجة لا بد أن تكون في اللغة بصيغة الخبر كقوله "فجنَّبوه السواد" تكون جنب فعل ماض وواو الجماعة فاعل والهاء ضمير مفعول يعود على الصحابة ، وليس الأمر كذلك ولم ينقل أحد من الرواة ذلك ، بل هي بصيغة الأمر "وجنبِّوه السواد" أو "وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ".كما ورد في الروايات فهذا أسلوب إنشائي يحمل الأمر بالنهي وهو موجه للصحابة وابن جريج من طبقة تبع الأتباع فلا يمكن أن يوجه للصحابة خطاباً بصيغة الأمر وبينه وبين الصحابة مفاوز أكثر من قرن .
ثالثا : ولكى يصح الإدراج وتنسب لابن جريج لابد أن يتفرد باللفظة وهنا تابعه جماعة منهم (أيوب السختياني، وحَيْوَةُ بْنُ مُسْلِمٍ وليث بن أبي سليم، والْمُغيرَة بن مُسلم السراج ، وأجلح ، ومَطَر الْوَرَّاق وزهير نفسه في بعض الروايات). فكيف ينسب الإدراج له وقد رواها عن أبي الزبير هذا الجمع.
رابعا : ادعائهم تفرد ابن جريج بها دليل على قلة اطلاعهم إذ لو وقفوا على طرق الحديث لما قالوا ذلك.
خامسا : ادعاءهم أن ابن جريج كان يخضب بالسواد والراوي إذا فعل خلاف ما يروي دليل على ضعف ما روى .
قلت : هذا خطأ من وجهين الأول : نقل عن ابن جريج خلاف ما قالوا
قال ابن أبي الدنيا في العمر والشيب (3) - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: «رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. وَرَأَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. وَرَأَيْتُ أَبَا يَعْقُوبَ الْعَامِرِيَّ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ، وَرَأَيْتُ ابْنَ جُرَيْحٍ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. ثُمَّ تَرَكَ بَعْدُ، فَجَعَلَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ»