مُغترب
Video
كان حزنُ آدم يتَغيَّر مع تَغيُّر المدن، يتألقُ كالأحجارِ الكريمةِ في ليلِ بغداد، يغدو نِداءاتِ طيرٍ وحشيَّ في سماءِ مدينةٍ أَفريقية، يستجدي كفقير بوذيًّ ثمنَ تذكرةٍ في شوارعِ أثينا، ولم يَبخل بخيوطِ حِبرهِ الرقيقة على كوفيةِ فلسطينيًّ مُقاتل، وحين استقرَ بهِ المقامُ في الشام، زارَتهُ كلُّ الخماراتِ والمقاهي والصيدليات، وكان له تاريخٌ من الحزن. في مقهى الروضةِ عاشَ غربتَهُ بالطولِ خَمرًا، وبالعرضِ دخانًا، وانحنى عودهُ في الثلاثين تحت وطأةِ الهَمّ، وأخيرًا فَقدَ الأمل، سَحَابَ خيوطُهُ مِن الدنيا، ووضع حدًا لحياتهِ ليبقى حيًا.
وأَدركتُ لاحِقًا أَنَّنِي أَهوى تَجمِيع الأَشياء لِتتثَاقَل عَليَّ دُفعةً واحِدَة، فمَثلاً أَهوى المُطالعَة ولا أُطَالِع إِلا بعدَ أَن أَجِد فَوضَى العنَاوين حَولي لألتهمهَا جَميعهَا فِي آنٍ واحِد ثُمَّ أَهرُب مِنهَا لِتَتكَاثَر، وأَهوى الفِكرة ولا أُفَكِر إِلا فِي أَقصَى لَحظَاتِي تَعبًا حِينَ تَنسَال عَليَّ سُيوف الأَفكَار جَميعهَا فِي آنٍ واحِد، وأَهوى البَحِث والاستكشَاف ولا أَستكشِف إِلا فِي أَكثَر لَحظَاتِي ضُعفًا وحَاجةً لِلرَاحَة المُطلقَة، فَأهوى الأَصدقَاء وكُلمَا ازدَاد عددهم نَفرتُ مِنهُم وعُدت لدَائرتِي الصُغرَى لأَسمَع حَسيس السَلامِ للحظَاتٍ مَعدُودة حَتَى يتسَنَى لِي وضِع القِنَاع الأَكثَر تَجَهُمًا فِي العَالَم، فتَارةً أَهوى الكِتَابة فأَكتُب آلاف المقَالات فِي شتَى المَواضِيع لأَعُود بَعدهَا شَاتم قَلمِي كَونَهُ أَفشَى بأَسرارِ الفُؤادِ للملأ فأُقاطعهُ لأَيامٍ واعِد نَفسِي العَودَة القَريبَة فَلا أَعُود إِلا فِي اللّحظَة الأَقسَى عَلَى فُؤادي لأُعَاود الكرَّة مرّةً بعدَ أُخرَى، وكَونِي أَهوى فمِن المُحتمِ عَليَّ أَن أَهوى الهَاوية فأستدرجُهَا بشِتَى الوسَائِل وأَحسُّ نَفسِي عَلَى النزُولِ إِلَى قَاعهَا والكِتَابَة عَنهَا ولَهَا، فَكَيفَ لِي أَن لا أَهواهَا وهِي الهَاوية الوحيدَة لمآسِي الرُّوح الضَعيفَة؟
وبَعدَ كُلّ مُحتمَات الهَوى أَعودُ قَانِطَة مُتوسلَّة أَن أَسمَعَ حَسيسًا لرُوحِي المُغتربَة عَنِي، أَن أَتمكَن مِن تَدثيرهَا بِكَلمَاتِي التّي لطَالمَا أَدارَت لِي ظَهرهَا كُلمَا احتجتهَا وكَأنَّهَا تَقُول: "دَعِ كَلمَاتك المُنمقَة وشَأنهَا، دَعهَا تَحيا بِخرَابهَا.."
لِنذهَب إِيابًا إِلَى سُؤالٍ غَريب: "مَتَى يَعِي الإِنسَان أَنَّهُ كُلّ شَيء دُونَ الكَلِمَات؟"
وبَعدَ كُلّ مُحتمَات الهَوى أَعودُ قَانِطَة مُتوسلَّة أَن أَسمَعَ حَسيسًا لرُوحِي المُغتربَة عَنِي، أَن أَتمكَن مِن تَدثيرهَا بِكَلمَاتِي التّي لطَالمَا أَدارَت لِي ظَهرهَا كُلمَا احتجتهَا وكَأنَّهَا تَقُول: "دَعِ كَلمَاتك المُنمقَة وشَأنهَا، دَعهَا تَحيا بِخرَابهَا.."
لِنذهَب إِيابًا إِلَى سُؤالٍ غَريب: "مَتَى يَعِي الإِنسَان أَنَّهُ كُلّ شَيء دُونَ الكَلِمَات؟"
رُحتُ أُفكِرُ فينَا، تَآكلت رُوحِي الذكريَات.. كيفَ لِكمٍ هَائِل من الذكريَات أَن يَخترِق عَينُ العَقل؟ وكَيفَ لَه أَن يُعيد يَومًا أَبيَض صَافٍ بلطخَاتِ الفُراق، كَيفَ مَسَه مَا كُنا نَتواعَد عَلَى قَتلِه بسِلاحِ الهَوى؟
وهَل تَترَمَّم الرُّوح بَعدَ حُدُوث كُلّ مَا تَخشَاه؟ وهَل تُشفَى بدواءِ النِسيَان أَم أَنَّهَا تُشقَى بدَاء النِسيَان؟
هَل يَتخمَّر الجَسَد بانتِظَارٍ فَانٍ يُفنِي؟ أَم أَنَّهُ يَبقَى فِي طَي اختِراعِ جَسَد قَد لامَس رُوح المَحبُوب؟
هَل تُسمَع الرُّوح بعدَ أَن أَخرستهَا أَرضُ الفُراقِ القَاحُلَة عَطشًا؟ هَل يَبقَى مِنا شَيء أَم نَبقَى مُعلَقَين كَالعَادة بخِمَارِ الذكريات الذّي يُخفَى خَلفَه قَاتِل النَّفس المَريضَة؟
وهَل تَترَمَّم الرُّوح بَعدَ حُدُوث كُلّ مَا تَخشَاه؟ وهَل تُشفَى بدواءِ النِسيَان أَم أَنَّهَا تُشقَى بدَاء النِسيَان؟
هَل يَتخمَّر الجَسَد بانتِظَارٍ فَانٍ يُفنِي؟ أَم أَنَّهُ يَبقَى فِي طَي اختِراعِ جَسَد قَد لامَس رُوح المَحبُوب؟
هَل تُسمَع الرُّوح بعدَ أَن أَخرستهَا أَرضُ الفُراقِ القَاحُلَة عَطشًا؟ هَل يَبقَى مِنا شَيء أَم نَبقَى مُعلَقَين كَالعَادة بخِمَارِ الذكريات الذّي يُخفَى خَلفَه قَاتِل النَّفس المَريضَة؟
لهنا وانتهت مليت اجمل بيك
والتابوت اعرفه ما يغيره الصاج
كالوا مو عدل بالك تضل وياه
لا كتلهم يخبل عواجه التاج
عيوبك ردت اضمهن حاولت ما فاد
يطلع بالوجه ما ينضم الإحراج
چيله وبالشجر وكت الغروب تثور
"طيور ظنوني منك" هاج يتبع هاج
بلايه سلاح تكتل سكتتة الخسران
هدوء المنهزم يترس الغرفة إزعاج
ترى بس علمودك جنت مثل الماي
وإلا بالصدك گلبي اقسى من العاج
اخسرتني واني اعز خشبة عند غرگان!
الچرف عنه بعيد وتعب كد ما فاج
سهم وبخطوة اوصل لا تظن مغلوب
انا الضحكة الطويلة البعد الاستنتاج
-مصطفى العويدي
والتابوت اعرفه ما يغيره الصاج
كالوا مو عدل بالك تضل وياه
لا كتلهم يخبل عواجه التاج
عيوبك ردت اضمهن حاولت ما فاد
يطلع بالوجه ما ينضم الإحراج
چيله وبالشجر وكت الغروب تثور
"طيور ظنوني منك" هاج يتبع هاج
بلايه سلاح تكتل سكتتة الخسران
هدوء المنهزم يترس الغرفة إزعاج
ترى بس علمودك جنت مثل الماي
وإلا بالصدك گلبي اقسى من العاج
اخسرتني واني اعز خشبة عند غرگان!
الچرف عنه بعيد وتعب كد ما فاج
سهم وبخطوة اوصل لا تظن مغلوب
انا الضحكة الطويلة البعد الاستنتاج
-مصطفى العويدي
ما جاي انام وكلبي تعبان
وزعلان احس من كلشي زعلان
تطفى الشموع ودمعي سهران
ميت احس والليل دفان
يا كلبي ما الك نيه تهيد؟
تكلب بالرسايل تقرأ وتعيد
بعيد ذاك كلش بعيد
لا يعتني ولا يوصل يريد..
وزعلان احس من كلشي زعلان
تطفى الشموع ودمعي سهران
ميت احس والليل دفان
يا كلبي ما الك نيه تهيد؟
تكلب بالرسايل تقرأ وتعيد
بعيد ذاك كلش بعيد
لا يعتني ولا يوصل يريد..
مُغترب
مشكلة لما غصة بداخلك وتخذلك حتى الدموع
تَرَى الجَميع يَشتعل حَولك وأَنتَ معهم ولَكنَّك سَاكِن لأنَّك بائِس لا تُجيد لُغَة النواح والبكَاء، تَشعُر بأَنَّك قَوي بشَكلٍ ضَعيف بَينمَا الجَميع يَصفك بالعَاقل. هُنَا المَعضلَة والاحترَاق الفَوريّ، هُنَا تَعرف بأَنَّ الدموع التّي لَم تَذرفهَا تَحولَت لبنزينًا حَارقًا يَحرُق كُلّ الكَلمات التّي أكَلتهَا عَمدًا. تَكتَشِف سَخَافتك المَرَضيَّة التّي لَم تُلاحظهَا لافتتَانِك بدَورِ القَوي السَاذج، تَقِف حَائِر اليَدين بشبه ابتِسَامة جَليديّة مُخيفَة مُرعِبَة، يَديك تَشمَل أَيدي الجَميع إِلا يَديك، لا تُعَانق إِلا الغُبَار وكُلما ظَهرَت نَفسك رَاجيةً العِنَاق كُلمَا تَراجعتَ وكَأنَّهَا عَدوتك الخَبيثَة. هُنَا تَهدَأ رُوحك بالصَمت القَادح بالصُراخ وتَسير وحدك دُونهَا كَونهَا يئسَت مِن مُحاولاتك البائِسَة لِقمعهَا. تَقِف أَمَامهَا قَائِلاً ومَا السخَافة إِلا أَنَّنِي ضَحيتُ برُوحِي لدَورٍ لَيسَ بدَوري ولقلوبٍ لا تُشبهُ قَلبِي. تَسكُت تَضمَحِل تَستَكين تَصرُخ أَخيرًا ولَكن بِلُغةِ الصَمت لِتَسلُك طَريقًا جَديدًا مَليئًا بالمَنطق الغَابِر.
وهذا الصبح طر وانه واعي
وليلي خلصته بنواعي
ياگلبي حزنك ماله داعي
ياگلبي بسك من الحزن كافي
تسهرله وهوه غافي
نايم الجنت اطلعله حافي
المهم خلي ينام نوم العوافي
وليلي خلصته بنواعي
ياگلبي حزنك ماله داعي
ياگلبي بسك من الحزن كافي
تسهرله وهوه غافي
نايم الجنت اطلعله حافي
المهم خلي ينام نوم العوافي