قناة د. محمد سرور النجار
23.4K subscribers
1.2K photos
802 videos
328 files
1.33K links
Download Telegram
هذه التغريدة للشيخ أحمد الخليل من أعجب ما أنت راء إذ كيف يصح المقارنة بين متن وشرحه، فلو قارن بين الزاد وغيره من المتون لكان الأمر مقبولا أما بين متن وشرحه الذي يبين مجمله ويشرح مشكله ويذكر قيوده، فهذا والله ما لا يُفهم!!!
من دقيق ما من الله سبحانه علي من فهم السيرة العطرة ،بعد قراءة جل ما تحت يدي من مصادرها وتدريسها، وصياغتها كخطب منبرية لاستخلاص العظة والعبرة.
أن وكد أهل الباطل في كل عصر =سلوك كافة الطرق التي توقف -او على الأقل-تعيق أهل الحق وتبطئ مسيرتهم ،فقد تعالت صيحات القرشيين،مستهزئين برسول الله تارة ،أو مفترين عليه أخرى ،أو صابين عليه وعلى أصحابه الكرام شتى أنواع الأذى ،فقط كي يزرعوا اليأس في قلوبهم وتتسلل جرثومة الإحباط،فيقعدوا عن اكتساب المساحات الجديدة بحجة أنه لا فائدة .
ولكن ذلك لم يحصل فالملاحظ أنه كلما ازداد الضغط زاد العمل والبناء الداخلي والخارجي،فيفاجأ أهل الظلم بارتفاع البناء فيصيبهم الجنون ويسعون في زيادة الضغوط وصب العذاب واستنفاذ وسائل الانتقام،ولكن البنائين يضعون اللبنة تلو الأخرى ،في غفلة أو وعي من خصومهم ،هنا يفاجأ المجرمونن باكتمال البناء، وييأسون من تدميره،فيسلمون لأصحابه الأرض ويتفاوضون على إمكانية المرور من جانبه بسلام.
فلا ييأس أهل الحق من بناء صروح جديدة واكتساب مساحات متعددة .
حتى يضيق الخناق على الطغاة فيتمنون موافقة أهل الحق على بناء خيمة صغيرة تستر عورتهم وتستقبل غفوتهم ،فيصفعهم جواب الطامحين:نعم لا بأس بخيمة خارج النطاق فإن أردناها يوما فلا حق لكم فيها.
لا نريد الآن إلا أن يرابط الكل على ثغره باذلا أقصى ما يستطيع معاونا في سد ثغرات غيره قدر المستطاع.
#نفسيات_لا_تنكسر
(تلك هي أقوال الأئمة رضي الله عنهم،في الأمر بالتمسك بالحديث،والنهي عن تقليدهم دون بصيرة،وهي من الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلا ولا تأويلا،وعليه فإن كل من تمسك بما ثبت من السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة،لا يكون مباينا لمذهبهم،ولا خارجا عن طريقتهم ،بل هو متبع لهم جميعا،ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها،وليس كذلك من ترك السنة الثابتة لمجرد مخالفتها لقولهم،بل هو بذلك عاص لهم،ومخالف لأقوالهم المتقدمة،والله عز ئقوجل يقول:(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)
الألباني الإمام عليه سحائب المغفرة والرضوان.
وقد كان العلماء الكبار ،أمثال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ،يقدرون الشيخ الألباني ويعترفون بعلمه وفذاذته،ويقدرون له جهده وتفوقه لا سيما تحقيقاته الحديثية الماتعة التي تدل على فهم دقيق وعلم عميق؛ولذا انتدبه الشيخ محمد بن إبراهيم لتدريس مادة الحديث بالجامعة الإسلامية.
رحم الله الإمام وأعلى درجته في المهديين.
ورد خبر يصف فيه ابن أبي دؤاد بعض الأنبياء بما لا يليق بهم،فعلق الشيخ الألباني بقوله:
قلت:لكن الخبر لا يصح إلى ابن أبي دؤاد القاضي بما ذكر عنه،والله يحب الإنصاف،وهو القائل:(ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا)
(مختصر العلو ٢٠٨)
وأخرج من المخطوطات الفقهية والحديثية،ما لو اجتمعت مؤسسة على أن تأتي بمثلها لما استطاعت،وله اطلاع على كلام الفقهاء من كافة المذاهب،ما لو اطلع على عشره طالب علم لصار إماما يشار إليه،صاحب ملكة واقتدار.
رحم الله العلامة الإمام ناصر الدين الألباني.
ومن له اطلاع على كتب الشيخ ومسلكه العلمي وتطوره،يكاد يجزم بأنه -رحمه الله -كان يعظم المذاهب،وأئمتها،ويستشهد بكلامهم كثيرا في كتاباته،وهو مسلك عملي خالف به بعض مقولاته الأولية،وهو بمثابة رجوع عن تلك المقولات،والإنصاف يقتضي،أن يرد المتشابه من كلام أمثال الإمام إلى المحكم،والمجمل إلى المفصل،وأن ينظر إلى ما استقر عليه بأخرة.
وقد ذكر أسبابه لتخريج كتاب منار السبيل،فقال:وقد كان الباعث على تخريج أحاديث هذا الكتاب أمور منها:
١-أن كتاب منار السبيل ،هو من أمهات كتب المذهب الحنبلي.
٢-لا يوجد بين يدي أهل العلم وطلابه،كتاب مطبوع في تخريج كتاب في الفقه الحنبلي كما للمذاهب الأخرى.
٣-حتى يكون ذلك عونا لطلاب العلم والفقه عامة والحنابلة منهم خاصة؛لأنهم من وجهة نظر الشيخ أقرب للسنة.
فهل كان الشيخ يرسخ للتعصب المذهبي وإحياء المذاهب التي ذمها؟!
إن اجتزأت عبارة أو جملة وجعلتها منهجا ثابتا لشخص فقد ظلمته،بل افتريت عليه.
رحم الله العلامة الإمام الألباني.
وقد عاصر الشيخ أئمة كبار،لم نر منهم إلا الصدع بكلمة الحق حتى في وجوه الطغاة،فما بالهم قد كتموا ضعف الشيخ الفقهي،بل كانوا يشيدون به وباجتهاده جمله،حتى أتى من تخطاهم وحكم على الشيخ بالضعف الفقهي هكذا بإطلاق؟!
وقد شهد له الأكابر الأكارم السادة العلماء بقوة أدواته وتمكنه،حتى جاء من أزرى برأيهم ودرايتهم به ،وخبرتهم بالشيخ ،ليزعم ،أنه ضعيف الأدوات هكذا ضربة لازب،فأي جرأة تلك وإن زعم صاحبها ،أن مبعثه حب العلم والغيرة على مقام الأئمة،وعظمة التراث(الذي أفنى الشيخ عمره في إخراجه وإبرازه للناس)؟!!!
وهل يقال لمن له آلاف الأقوال ،مستشهدا عليها ،بأصول الأدلة المعروفة من كتاب وسنة وإجماع وقياس وأقوال الصحابة،إلى غير ذلك،مع استشهاده بكلام أئمة المذاهب المختلفة،هل يقال لمثله،إن خالف أو شذ حتى في مائة مسأله :أنه كثر شذوذه؟!
فأين حتى خمسون مسألة من تلك الشذوذات المزعومة؟!
رحم الله العلامة الإمام الشيخ الألباني.

وأي دعوى أعرض من تلك التي يزعم صاحبها:أن منهج الشيخ ناصر -رحمه الله أضر بالأمة كثيرا؟!
هكذا بإجمال ودون أية تفصيل،وأنا أتساءل:هل ما يعنيه المتكلم ،هو دعوته لاتباع الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة؟!
أم أنك تقصد منهجه في الرد على المبتدعة الذين رفضوا الأخذ بحديث الآحاد؟!
أم منهجه في اعتبار أصول الأدلة المجمع عليها؟!
أم منهجه في دعوته إلى اعتبار لغة العرب كأداة من أدوات الاجتهاد لا غنى عنها؟!
أم منهجه في تعظيم التراث،وإكبار أئمة الأمة وعلمائها؟!
رحم الله العلامة الإمام وطيب ثراه.
ليس الشيخ الألباني بالكامل،وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم،ولا أعلم أن الشيخ ناصر دعا لتقليده في الفقه،وإن كانت طريقته التي اختطها لنفسه ليست بدعا،فقد خطها من هو فوقه وأرسخ منه،ولازالت الأمة تعرف لهم فضلهم وتعتد بخلافهم.
رحم الله العلامة الإمام وجزاه عما قدم خير الجزاء.

من أعجب ما أنت راء،أن كثيرا ممن يتقحمون الكلام على الكبار،لا تتحمل نفوسهم ،الذب تدينا عمن انتقدوه بشئ من الغلو،فما بالك لو طالهم هم النقد المباشر؟!

قال الله تعالى:(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً).
ومن القول الحسن=اللين والرفق في عرض أقوال المخالف وردها،وألا تكون الحدة والعنف منهجا مطردا في الرد،والمناقشة،وإنما تقدر بقدرها في الموضع الذي تصلح فيه،وليست تصلح في كل موضع،فضلا عن أن تكون منهجا مطردا لمن تصدر البلاغ عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى:(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً).
ومن القول الحسن=اللين والرفق في عرض أقوال المخالف وردها،وألا تكون الحدة والعنف منهجا مطردا في الرد،والمناقشة،وإنما تقدر بقدرها في الموضع الذي تصلح فيه،وليست تصلح في كل موضع،فضلا عن أن تكون منهجا مطردا لمن تصدر البلاغ عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
فلقد كان المفتون يفتون بحل أشياء لا يقدمون عليها قط،تورعا منها وحذرا من الشبهة فيها.
أبو حامد الغزالي
العمرُ وحدَه كفيلٌ، بأن يُفْقدَك الشغفَ، والتجربةُ تلدُ لك كلّ يومٍ ابناً لولاها لظننتَه لقيطاً لا تربطُك به رابطة، ستصلُ حتماً إلى القناعةِ، بأنه لاشيءَ يستحقّ، وستصرخ يوماً: من يأخذ الأموال َ والأعراضَ ويعيد لي البراءةَ القديمة؟
كثير ممن يتشدق بمعرفته المتينة لعلوم الاعتقاد وإجادته لها، لا فهم له ولا قدرة على الشرح إلا لما هو تقريري سهل المأخذ، أما ما كان منها ردا وتفنيدا ونقدا للمخالف فعلمه به إما ضعيف أو منعدم، ومن الطبيعي أن يسعى من هذا حاله لسد الخلل الذي اعتراه في تلك الأبواب، ولكنه بدلا من ذلك يحط من قدر هذا الجانب من الاعتقاد ويتهم متعاطيه بشتى التهم، ولو تأمل صاحبنا في طريقة القرآن لوجد أن الرد على المخالفين وتفنيد حججهم الباطلة أكثر بكثير من مجرد التقرير.
ولا بأس من استخدام ودراسة بعض العلوم التي لا يتوصل إلى فهم لغة الخصم وطريقته إلا بها من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كالمنطق وفهم قوانين المتكلمين ومآخذ الفلاسفة، بل والسياسة والاجتماع وعوائد الناس، والفكر الغربي لنقده ومعرفة الداخل على الأمة منه فيحذر شره ويستفاد من حقائقه ومعطياته، فالحكمة ضالة المؤمن.
ودراسة العلوم الفكرية والأيديولجيات الحديثة من أوجب ما يتحتم معرفته على المتخصص في العقيدة لأن معظم التخريب الجاري لأبواب الاعتقاد من هذه الناحية، فصار التصدر له من فروض الكفايات التي هي في غاية الأهمية لحفظ بيضة الدين وهوية الأمة، وليست ثمة علم يحتاج إلى التوسع في علوم الشريعة من فقه وتفسير ولغة وأصول فقه وحديث كعلم الاعتقاد، بل وكذلك علم السلوك والتزكية، فالمتصدر لباب الردود مالم يكن له اهتمام بأوراده فإنه يخشى عليه، والثبات بيد الله وحده، وهو الموفق والمستعان، أما أولئك الذين رضوا من الغنيمة بالإياب، فليس لهم إلا أن يسعوا لسد نقصهم، أو العون لمن هم أقوم بالأمر أو السكوت وعدم التشغيب،.
والله من وراء القصد.
أقسى شيء في استقرار الحياة الأسرية أن تتحول الأنثى إلى رجل، رأسا برأس، وكلمة بكلمة، فتصير مسخا لا هي أنثى خالصة ولا رجل حقيقي، ومثلها لا يتحملها رجل، فالأنثى الحقيقية للرجل هي الماء مقابل النار، والسكينة عند حلول العاصفة، والدواء الشافي عند قلق الأدواء المؤذية، هي الرحمة عند هبوب عواصف العذاب، والنعيم في مواجهة موجات الشقاء.
أما أن تجابه زوجها مجابهة أمن الدولة وتدقق تدقيق القضاة، وتحاسب محاسبة الشريك الشحيح، فأي زنزانة تلك التي يحيا بها الرجل؟!
وأي نفس قد تتسع لذلك مع ما يلاقيه من محن الدنيا وإيذائها؟!
فرحم الله امرأة تأست بخديجة الحنونة الماجدة، وبعائشة الودودة الشفيقة العاقلة.
فالرجل طفل تسكنه الكلمة الطيبة، ويطفيء ناره البسمة الرقيقة، ويعلي همته ويزيد عطاءه التقدير والحنو!
ورضي الله عن امرأة جعلت زوجها يهوى بيته فيكون له كالماء العذب البارد على الظمأ الشديد.
ولا بارك الإله أنثى حولت بيتها لآلة تعذيب وجلسات تحقيق تحت سياط اللوم والتقريع والعتاب، فنفر زوجها وتمنى أن لو فك أسره وانطلق من محبسه بعيدا بعيدا كي يشعر بالطمأنينة والنجاة.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا وبيوتنا قرة أعين إنك جواد كريم.
العقل= أول ما يُبحث في المرأة عنه، فإن رأيتَ لها عقلا، فأقدم ولا تفوتها، فما بعده أهون.
(و حد العقل عند المرأة= أن ترى ما يحب فتأتيه، وما يكره فتترك، وتبث حسناته، وتكتم سيئاته، وتسكت إذا غضب، وتقدره، وتخفض صوتها عنده ،وتنكسر بين يديه، وتكرم أهله، وتستكثر قليله وتستعظم كثيره، وتقيل عثراته،وتكون له زوجة وصديقة وأما، والنظافة والتدبير والنظام من علامات العقل الأكيدة، ويعرف ذلك من أمها وقريباتها فإن المرأة في الغالب تشبههن).
وكم من الكتب التي قد حذرونا منها في بداية الطلب لأنها بزعمهم "كتب ضلالة"،فلما وعينا إذا هي في أعلى درجات الفهم والاستقامة والإصلاح وسلامة المنهج،وقوة الحجة ،تقرؤها اليوم لتعض أصابع الندم على ما فاتك من هذا الخير وتلك الدرر.
#تفقهوا_قبل_أن_تسودوا
#اتخذ_الناس_رؤوسا_جهالا
الراحة كل الراحة في قتل الطمع فيما في أيدي الناس،والزهد في الرياسة،والفرار من الشهرة.
ولئن خُيّرت بين كل الوظائف والمهن لاخترت أن أكون محفظا لكتاب الله -جل وعلا-فما أشرفها من مهنة،وأعزها من كرامة.
أثناء سيرك في لهيب هذه الحياة المحرق، لا تجعل من حولك يجرفك كثيرا عما يحسن بك أن تكون فيه، كما أنه عند المناقشة في الحقوق لا تسمح لأحد أن يجرفك عن محل النزاع؛ لأن الدخول في بنيات الطريق هوى النفوس العاطلة؛ لما فيه من تضييع الحقوق، وإهدار الطاقات، فإن تمحضت الحقوق لأصحابها كان هناك متسعٌ للأخذ والرد.
الحاقد والحاسد سيلتمس لك دوماً الحفر، والالتفات إليه أو حتى ملاحظته، فإن التفت فهو دليل نقص التجربة، وهو أيضا من أعظم أسباب ضعف السير.
أما عني فأخبرك-أيها المستنصح-عن تجربتي الطويلة: فإنني قد ضيعت كثيرا من الجهد والوقت والمال، وقصرت كثيرا في الطريق؛ لأجل ما لا يستحق ومن لا يستحق، حياء أحيانا وحبا للنفع في كل وقت.
لا تعط جهدك من لا يدفعك ويقدره ولا لما لا فائدة فيه في طريقك الطويل اللافح.
احفظ جهدك وطاقتك ووفر عقلك، بل وإياك إن كنت ذَا مال أن تضعه في يد أحد وإن زعم الأمانة والإخلاص، فإنه إن ناله أقبل عليه إقبال الخنزير على النجاسة، وتركك متندماً قد ضربتك الحسرات، ونالت من سيرك الكثير.
ولا أعدني مبالغا إن نصحتك بأنه ربما كان ولدك وزوجك من لصوص الطريق، فاعطهم ما طلبه الشارع منك إحسانا، لكن إياك أن تركن للصوصيتهم، فأمامك طريق لا تبلغ نهايته إلا بشق الأنفس.
وبعد الجهد في المقارعة والمعارك الكثيرة، ما أشد ندمي اليوم على تلك اللحظات، وغالي الأوقات التي هلكت في تلك المعارك الجانبية، ولو توفرت تلك الطاقات، لتغير الحال، وطابت النفوس، ولتم كثير من البنيان.
تعود أن تقول: لا، دون حرج، فإنك حين تسقط لن تجد ممن احترقت لأجلهم سوى مصمصة الشفاه، ومع ذلك فإنك وإن جهدت لن تبلغ مأرب كل أحد، فإنك إن تعطلت وتأخرت وضيعت ما يجب عليك، فلن تجد إلا نشوة النفوس المريضة، وزهو الأرواح العليلة؛ لأنك صرت إلى ذاك الطريق الخاطئ.
لا أيؤسك بقدر تنبيهي لك عائدا بالنصح لذاتي: أرجوك، قف هنا واقطع ذاك النزيف، فإنه إن زاد ستزهق نفسك وتنفلت روحك والعمر يا صاحبي أثمن، والجنة تحتاج كثيراً من الاستدراك والتوبة.
ولسان الذكر الذي تسال الله أن يجعله لك في طريقه بطالون ولصوص وأهل ديانة رقيقة وورع كاذب.
أرشدني الله وإياك لصلاح الدنيا والآخرة.
والحمد لله على كل حال.
ومن أخطاء كثير ممن يخوض لجة طلب العلم= قعوده كلية عن الكسب ؛انتظاراً لعطاء أو تفرغاً تاما للطلب، وهو من الأخطاء التي توقع بعد ذلك في الهم وترك الطلب وشغل القلب بالدنيا، وربما طلبها من غير بابها، ولو كان له باب يكتسب منه ويدخر لوقت حاجة لكان أصون لعرضه، وأعون له على الإكمال والبعد عن منة الخلق.
فقد كان زيد بن مسلمة يغرس في أرضه،فقال له عمر رضي الله عنه:أصبت استغن عن الناس ..يكن أصوب لدينك،وأكرم لك عليهم كما قال صاحبكم أحيحة:
فلن أزال على الزوراء أعمرها***إن الكريم على الإخوان ذو مال.
وانتظار عطاء الناس يذل ويصغر وقد يقتل بعد ذلك بالمن، ورحم الله السري السقطي إذ يقول:آه على لقمة ليس عليّ لله فيها تبعة ،ولا لمخلوق فيها منة.
والتفرغ التام للطلب ربما كان مدخلا للفراغ وعدم القدرة على ضبط الوقت وتنظيمه، فيضيع الإنتاج ويترهل العطاء.
ولا يخفى أن كثيرا من الأئمة كابن المبارك الإمام الفحل كان يتكسب ليكفي نفسه وغيره من فحولة أهل العلم؛ حتى تصان وجوههم، وتقوى كلمة الحق عندهم؛ حيث لا منة لأحد عليهم.
وكم رأيت من نبهاء، تفرغوا فلما كبر سنهم وكثر عيالهم أصابهم الغم والهم وسعوا للتكسب فضيعوا كثيرا مما حصلوه في فورة الشباب .
فالحقيقة الصارخة= أننا نحيا في مجتمعات لا تقدر طالب العلم قدره فلا يُكفَى، ومع ذلك ربما رأوْا سعيه للرزق وكف وجهه عن منة الخلق منقصةً وعيباً، فلا ينبغي للطالب أن يلتفت لذلك، وليجعل عمله في الطلب والدعوة وبث العلم خالصا، ولتكن يده هي العليا، فليس هناك أثقل في الميزان من طلب العلم وبثه لمن صلحت نيته، والله وحده المسئول أن يثبتنا على طلب العلم وبثه، وأن يصلح نياتنا، ولا يجعل لأحد من خلقه علينا منة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
د محمد شعبان النجار
ومن مزالق الفهم والعلم= أن تتلقى النصيحة وأنت تفتش عن قلب صاحبها، فلعلك تجد مبررا لزيادة عيوبك وكثافة أخطائك، فتستطيع ببساطة شديدة، أن تلقي ذلك دبر أُذنك وتحت قدمك بحجة أن الناصح حقود وحسود، وكان الأولى أن تتحسس قلبك وتعلم أن ردّك للنصيحة هو انعكاس للكبر الذي ملأك، والتعالي والزهو الذي أتخم روحك، وعلمك بقلبك أصدق من علمك ببواطن الناس، فلعل الناصح صادق يريد لك الخير، ويبحث عن نجاتك، وإن قسا أحيانا، فلا يلام الجراح في إعمال مبضعه، وإن جار أحيانا، فإن استئصال المرض يذهب بكل تلك الآلام مع الوقت.
وكم يستفيد العاقل من عدوه، لكن السفهاء يخسرون الأحبة والأصدقاء لأن نفوسهم المريضة لا تحتمل تمحيص النصح وإن أتى من وديد مصافٍ، وبعض الناس يعكس ما في داخله على الناس، فإن كان حقودا متعاليا عتلا، فكل الناس كذلك، فهو يعاملهم بما استقر في قلبه وانطبعت عليه نفسه.
والعاقل دائم الرقي بنفسه، فهو يأخذ النصيحة أخذ المرء الماء البارد على الظمأ الشديد، فينظر إن كان فيه ما عابه الناس تدارك وأصلح، وإن كان معافىً حمد وشكر ، ولا يمكن أن ينقطع العاقل عن رقي ذاته والاعتناء بقلبه والترقي في مراقي الهداية والخير إلا بالموت، ولا ينبغي أبدا أن يكون لك سقف تقف عنده في تهذيب نفسك وتزكية روحك وترقية ذاتك.
وكم ممن رأيتهم قليلي العيوب لكنهم يرفضون النصح ويعادون الناصحين، فلازلت أراهم في سفول وأرى عقولهم ونفوسهم قد لوثت، أما أولئك المتواضعون الأذكياء فقد رأيت فيهم نقصا وخللا سدوه وصوبوه بالاستجابة للنصيحة والشكر للناصح فلم يزدهم ذلك إلا علوا وفضلا.
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم النصيحة من أعظم أركان هذا الدين العظيم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو العمود الأعظم لخيرية هذه الأمة هو من النصيحة المباركة.
وقد أصبحنا نرى الكبر الذي يدفع صاحبه إلى ادعاء ما لم يستطعه الاولون والآخرون، وهو سبب مباشر للنفور من النصيحة ومقاطعة وازدراء الناصحين!
باختصار يا بني لو أنه كلما نصحك ناصح اتهمته وجعلته حاسدا وحاقدا، فأنت تحتاج إلى مراجعة وربما الطبيب النفسي كان حلا لك ناجعا والسلام.
د محمد شعبان النجار.
يقول إمام الحرمين رحمه الله:-(أجمعوا أنه لا يحل لكل من شدا شيئاً من العلم أن يفتي، وإنما تحل لمن استجمع أوصافاً، وحاصلها ترجع إلى ما شرطه القاضي الباقلاني، بأن يكون عالماً بأصول الفقه، عالماً بآيات الأحكام، محيطاً بالسنن النبوية صحيحها وسقيمها، ذا دراية في اللغة العربية، محيطا بمذاهب السلف، ثم يشترط بعد ذلك أن يكون ورعاً في دينه).
قلت: فآلة الاجتهاد كما ترى يا رعاك الله، ليست هينة سهلة المأخذ، فما ذكروه يستغرق كل فن منه بضعة أعوام، لمن كان مجتهداً في التحصيل غير ملتفت .
ودائما ما أوصي شداة العلم بتحصيل أصوله التي لا وصول لمبتغاهم منه دونها، فاللغة أصل أصول تلك الملكة، وعلى شادي الاجتهاد أن يستزيد منها كل يوم ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ولا أعني بذلك النحو والصرف، بل هو شئ وراء ذلك بكثير، بحيث يتمرس بكلام العرب ويعرف كيف يركبون الكلام، وما هي دلالة كلامهم وكيف كانوا يتصرفون في التراكيب والدلالات.
فما اُتِيَ من أُتِيَ من إساءة لفهم دلالات النصوص ومحادة لله ورسوله إلا من العجمة.
وأصول الفقه بعد، من أعظم آلات ضبط الفكر واستقامة المنهج، ولما كان الاجتهاد يتناول أصالة الفروع فلابد له من إحاطة وفهم لآيات وأحاديث الأحكام بمداركها ومآخذ أهل العلم في النظر إليها، وأصول الحديث والتي بها يتبين صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من سقيمه، فلا يبني أحكامه على الضعيف ولا يقيس على نص لم يثبت.
وليس أقوم للفهم وأضبط للمنهج = من معرفة كلام صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فهم أهل التلقي الصحيح لسلامة؛ ألسنتهم وتمام لغتهم، ومعاصرتهم للتنزيل ومعرفتهم بأحوال سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
ولا يستغني شادي التفقه وراغب الاجتهاد أبدا عن معرفة واقع الناس والاطلاع على أعرافهم، وإلا خبط خبط عشواء وضرب في عماء.
ولابد أن يحيط ولو إحاطة تصورية سديدة بمسائل العلوم التي سيفتي فيها كالطب والكيمياء والفيزياء مثلا عن طريق سؤال أهلها ليتمكن من الحكم الذي هو فرع عن تصور الشئ.
وبعد ذلك كله يحتاج إلى ديانة وورع وإنابة وتعلق بجناب الحق سبحانه، فيأذن الله جل وعلا أن يكون التوفيق حليفه.
فها أنت ترى كم هي شاقة تحتاج إلى تفرغ وبذل وصدق، وإلا كانت الأمور فوضى لا خطام لها ولا زمام، فتلك الأصول يجب التمرس فيها وإتقانها ومعاودة النظر فيها، والمقصود الفهم والضبط لأصول العلم وكلياته، ومن المغالطات أن توضع كثرة القراءة كأمر مستقل؛ لأنها قد تكون مشوشة للفكر مضيعة للفهم وسببا للاختلاط وعدم الضبط.
ولابد من بذل للوسع، ونهم، وضبط ، وفهم طويل، وحفظ، وقوة لآلة الفكر والنظر، وإقبال بالكلية على العلم بحيث لا يكون له هم إلا النظر فيه، ومن انشغل بأمور الدنيا والمناكفات والخصومات وأكثر التنقل فدونه وهذا الباب خرط القتاد وكما بين السماء والارض، وهو في ذلك كله لا يستغني عن توفيق الله ومدده وتعلق القلب به سبحانه، فلا حول ولا قوة الا به.
وإلا كان المتصدر للاجتهاد آثما وإن أصاب في بعض الجزئيات؛ إذ لم يملك الآلة التي بها يستطيع الخوض في لجة ذلك البحر المترامي الأطراف، والذي يغرق فيه من لم يمتلك قواعد السباحة مع جسم رشيق مدرب خشية الغرق وإغراق من أراد إنقاذه من الغرق.
فلو أن رجلا لم يدرس الطب مثلا، ولم يتمكن من قواعده وممارسته، فلا يشك أنه إن أراد أن يطب فسيعطب ويقتل، وهو بذلك آثم أشد الإثم إذ الحفاظ على النفس من أوجب الواجبات.
والحفاظ على دين الناس ورعاية جنابه ومراعاة حدوده أوجب من الحفاظ على أنفس الناس، فأي إثم أشد من الاستهانة بهذا الباب والتجرؤ عليه،والقول على الله بغير علم.
قال الله تعالى( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ )
وما ذكرته آنفاً هي أصول لا يُتسامح مع المتصدر في التفريط بها،وهذا لا يمنع أن بعض المتأخرين توسع في تلك الشروط توسعا قد يفضي إلى تعطيله غالبا، ولا يخلو عصر من العصور من قائم لله بحجة مستجمع لآلات الاجتهاد والذي به يحفظ دين الأمة، وهو من تمام وعد الله سبحانه،(إنَّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)
#لمحات_في_الاجتهاد
د محمد شعبان النجار
تحسسوا إخوانَكم، وتفقدوهم فمجردُ السؤالِ أحيانا يَكُونُ حياةً لقومٍ كادت تُسْحَقَ أرواحُهُم تحتَ وطأةِ الدنيا الكالحةِ، وكآبة المواقفِ الباهتةِ، وتفقدوا أحوالَهم قبلَ أن يسألوا، فليست أخوةً على وجهِ الحقيقةِ تلك التي تنتظرُ السقوطَ؛ كي ترفع صاحبَه وتأخذُ بيدِيه، فكم من كلمةٍ لطيفةٍ رفيقةٍ أحيتْ وقوَّتْ وساعدت على مواصلةِ المسير بعد انقطاعٍ، وكم من إهمالٍ أودى إلى مهاوٍ سحيقةٍ، وكان بمثابةِ القتلِ العمدِ، الذي يبوء صاحبه بأعظمِ الإثمِ، بينما من أحياها كان له أعظمُ الأجرِ وكأنه أحيا الناسَ جميعا.