دروب الخير 🕋

يا أهل الليل، والسحور ـ ناجوا الحقَّ في هذه الساعات المباركات؛ فإنه قريب مجيب للدعوات، فإنَّ الأمة المرحومة المبتلية في ضيق وبلاء، عسى أن يستجيب لنا ولكم الدعوات، فيكون بعد العسر يسرٌ، وبعد الضيق فرجٌ، وبعد الحزن بشرى ـ وما ذلك على الله ببعيد وعزيز، اللّهمَّ استجب، اللّهمَّ؛ آمينَ آمين، يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين، يا أجود الجوادين ـ يا لطيف يا واسع يا عليم، يا الله، آمينَ آمين.
5- أكل الطعام في السحور متأخراً يعينك ويقويك على صيام نهارك، والعبادة فيه، ولا يشغلك الجوع عن عبادتك وإنابتك إلى ربك ـ عزَّ وجلَّ ـ من حيث عدم الطاقة على الجوع والعطش في طول النهار وحره، أو الانشغال بجوع البطن وانتظار الفطور، وهذا يضعف الفكر والقلب بعظيم التوجه إلى الله ـ جلَّ جلالُهُ، وعمَّ فضله ونواله.
6- إن الله ـ عزَّ وجلَّ، والملائكة يصلون على المتسحرين؛ كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «السُّحُورُ أَكْلَةٌ بَرَكَةٌ، فَلا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ» رواه أحمد.
7- وقد يتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك، أو يجتمع معه على الأكل من المتسحرين في سبيل الله تعالى؛ وعدَّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إطعام الطعام من الدرجات؛ كما قال أكمل الرسل ـ صلّى الله عليه وسلّم: «اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَفْشُوا السَّلامَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ»، رواه الترمذي.
- "أي إخوتي": سُئل مفتي الحنابلة في بغداد، ومجدد المذهب الحنبلي في القرن الخامس الهجري؛ الشيخ عبد القادر الجيلاني ـ قدّس الله روحه ـ بم أوصلك الله، قال: بإطعام الطعام، والتواضع، وسلامة الصدر؛ قالوا: إن الكرم هو الأساس، والتواضع يتم للسائر إلى الله به الغراس، فإذا تم له هذان الأمران، سلم صدره من العلائق، وزال عن طريقه إلى الله كل عائق.
"أي سادة": إذا حصل هذا؛ جمع الله لعبده الصائم القائم بين صلاة الليل، مع السحور، وصلاة الفجر العظيمة بجماعة؛ لقوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}، وكما قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ»، رواه مسلم.
فيحصل للصائم المغفرة بصيامه، لقوله ـ عليه الصَّلاة والسَّلام: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري، وقيام رمضان، لقوله ـ عليه الصلاة والسلام: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه، فبين القيام والصيام منازل قرب إلى مليك مقتدر.
"أي سادة"، بشراكم؛ فقد قال أكمل الرسل ـ صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ»، وقال ـ عليه الصّلاة والسّلام: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، أي: عزيمةً وسرورا، وهي صلاة التراويح؛ والجمع بينهنَّ ـ منازل ومعارج لأهل القلوب بالله ـ عزَّ وجلَّ.
وفقنا الله وإيّاكم لهذه المقامات العلية، وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام والدعوات، ورحمنا الله بأمة الإسلام، ورحم الله أمة الإسلام بنا، آمينَ آمينَ آمين، والحمد لله ربِّ العالمين.

81 viewsنور النبي ﷺ, 21:52