Forwarded from فريدريك نيتشه
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
فيلم : عندما بكى نيتشه/كاملاً Nietzsche Move
@bookiraqnow3
@bookiraqnow3
((العُلَمَّاء))
وكنت نائمًا فإذا نعجة تتقدم فتقضم الغار المعقود إكليلًا على رأسي، فكانت تعمل أنيابها فيه وتقول: لم يعد زارا من العلماء.
وذهبت بعد ذلك مزدرية متفاخرة، ذلك ما أخبرنيه أحد الأولاد.
أحب أن أستلقي على الأرض حيث يلعب الأطفال تحت الجدار المتهدم، وقد نبت في شقوقه العوسج والشقائق الحمراء، فإنني لم أزل عالمًا في عيون الصغار وفي عيون العوسج والشقائق الحمراء؛ لأنها طاهرة حتى في أذيتها.
أنا لم أعد عالمًا في نظر النعاج. تبارك حظي فهذا ما قُضي به عليَّ، والحقيقة هي أنني هجرت مسكن العلماء فخرجت منه جاذبًا بابه بعنف ورائي.
لقد جلست روحي الجائعة طويلًا إلى الخوان، وما أنا كالعلماء متطبع على المعرفة كمن اتَّخذ كسر القشور مهنة له، فأنا عاشق الحرية والسير في الهواء الطلق على الأرض الباردة، كما أفضل أن أتوسد جلود الثيران على افتراش أمجاد العلماء وألقابهم.
إن بي من الحماس ومن لهب الفكر ما يقطع عليَّ أنفاسي، فلا يسعني إلا الاندفاع إلى رحب الفضاء هاربًا من الغرف المكسوة بالغبار.
ولكن هؤلاء العلماء يتفيَّئون الظلال فلا يقتحمون السير على المسالك التي تلهبها حرارة الشمس، بل يكتفون بالاستكشاف كالمتفرجين يفتحون أشداقهم وينظرون إلى المارَّة في الشارع، هكذا يفتح العلماء أشداقهم وينتظرون اتِّقاد شرارة الفكر في أدمغة المفكرين، وإذا ما لمستهم بيدك تطاير الغبار ما حولهم كأنهم أكياس من الحنطة، ولكن لا يظننَّ أحد أن هذا الغبار المتطاير منهم هو دقيق السنابل الصفراء التي يتشح بها الصيف في زهوه.
👇
وكنت نائمًا فإذا نعجة تتقدم فتقضم الغار المعقود إكليلًا على رأسي، فكانت تعمل أنيابها فيه وتقول: لم يعد زارا من العلماء.
وذهبت بعد ذلك مزدرية متفاخرة، ذلك ما أخبرنيه أحد الأولاد.
أحب أن أستلقي على الأرض حيث يلعب الأطفال تحت الجدار المتهدم، وقد نبت في شقوقه العوسج والشقائق الحمراء، فإنني لم أزل عالمًا في عيون الصغار وفي عيون العوسج والشقائق الحمراء؛ لأنها طاهرة حتى في أذيتها.
أنا لم أعد عالمًا في نظر النعاج. تبارك حظي فهذا ما قُضي به عليَّ، والحقيقة هي أنني هجرت مسكن العلماء فخرجت منه جاذبًا بابه بعنف ورائي.
لقد جلست روحي الجائعة طويلًا إلى الخوان، وما أنا كالعلماء متطبع على المعرفة كمن اتَّخذ كسر القشور مهنة له، فأنا عاشق الحرية والسير في الهواء الطلق على الأرض الباردة، كما أفضل أن أتوسد جلود الثيران على افتراش أمجاد العلماء وألقابهم.
إن بي من الحماس ومن لهب الفكر ما يقطع عليَّ أنفاسي، فلا يسعني إلا الاندفاع إلى رحب الفضاء هاربًا من الغرف المكسوة بالغبار.
ولكن هؤلاء العلماء يتفيَّئون الظلال فلا يقتحمون السير على المسالك التي تلهبها حرارة الشمس، بل يكتفون بالاستكشاف كالمتفرجين يفتحون أشداقهم وينظرون إلى المارَّة في الشارع، هكذا يفتح العلماء أشداقهم وينتظرون اتِّقاد شرارة الفكر في أدمغة المفكرين، وإذا ما لمستهم بيدك تطاير الغبار ما حولهم كأنهم أكياس من الحنطة، ولكن لا يظننَّ أحد أن هذا الغبار المتطاير منهم هو دقيق السنابل الصفراء التي يتشح بها الصيف في زهوه.
👇
إذا ما تظاهر العلماء بالحكمة، فإن حقائقهم وأحكامهم تهزني برعشة البُرَداء؛ إذ تنتشر منها روائح المستنقعات، ولكَم أسمعتني حكمتهم نقيق الضفادع.
إن لهؤلاء العلماء مهارتهم ولأناملهم لَبَاقَتها، فليس من نسبة بين صراحتي وتعقيدهم، فأناملهم لا تني تغزل وتحيك ناسجة للعقل ما يستره؛ فهم كالساعات إذا ما أحكم ربط رقَّاصها دلت بضبط على سير الزمان وأسمعتك طقطقة خافتة. إنهم يعملون كحجر الرحى فيطحنون كل ما تلقي إليهم من حبوب، وكل منهم يراقب حركة أنامل الآخرين، وجميعهم يتلهون بالنكايات ويترصدون من يتعارج بعلومه، فهم أشبه بالعناكب في تلصصهم، ولكَم رأيتهم يستقطرون سمومهم بكل حذر ساترين أيديهم بقفازات من زجاج، ولهم مهارة خاصة بلعب النرد المزوَّر، ولكَم انحنوا فوقه والعرَق يتصبب من وجوههم.
لا صلة بيني وبين هؤلاء الناس؛ فإن فضائلهم تبعد عن فضائلي بأكثر مما تبعد عنها أكاذيبهم ونردهم المزور.
وما وُجدت مرة بينهم إلا وكنت فوقهم؛ لذلك أبغضني هؤلاء العلماء، فإنهم لا يطيقون أن يسمعوا بمرور أي كان فوق رءوسهم، ولذلك وضعوا الأخشاب فوق رءوسهم، وأهالوا فوقها التراب والأقذار ليخنقوا وقع أقدامي، ولم يزل حتى اليوم أكثرهم علمًا أقلَّهم إدراكًا لأقوالي.
لقد نصبوا بيني وبينهم حائلًا كل ما في الإنسان من ضعف وضلال، وهم يدعون هذا الحصن لمسكنهم بالسقف المستعار.
ولكني بالرغم من كل هذا لا أزال أمشي فوق رءوسهم وأنا أنشر أفكاري، ولو أنني مشيت على عيوبي فلن أزال ماشيًا فوق جباههم، ذلك لأنه لا مساواة بين البشر، وهذا ما يهتف به العدل، فما أريده أنا لا حق لهم بأن يتناولوه بإرادتهم.
هكذا تكلم زارادشت…
- من كتاب (هكذا تكلم زرادشت )
- فريدريك نيتشه
- العلماء
@Nietzsche1
@newphilosopher
إن لهؤلاء العلماء مهارتهم ولأناملهم لَبَاقَتها، فليس من نسبة بين صراحتي وتعقيدهم، فأناملهم لا تني تغزل وتحيك ناسجة للعقل ما يستره؛ فهم كالساعات إذا ما أحكم ربط رقَّاصها دلت بضبط على سير الزمان وأسمعتك طقطقة خافتة. إنهم يعملون كحجر الرحى فيطحنون كل ما تلقي إليهم من حبوب، وكل منهم يراقب حركة أنامل الآخرين، وجميعهم يتلهون بالنكايات ويترصدون من يتعارج بعلومه، فهم أشبه بالعناكب في تلصصهم، ولكَم رأيتهم يستقطرون سمومهم بكل حذر ساترين أيديهم بقفازات من زجاج، ولهم مهارة خاصة بلعب النرد المزوَّر، ولكَم انحنوا فوقه والعرَق يتصبب من وجوههم.
لا صلة بيني وبين هؤلاء الناس؛ فإن فضائلهم تبعد عن فضائلي بأكثر مما تبعد عنها أكاذيبهم ونردهم المزور.
وما وُجدت مرة بينهم إلا وكنت فوقهم؛ لذلك أبغضني هؤلاء العلماء، فإنهم لا يطيقون أن يسمعوا بمرور أي كان فوق رءوسهم، ولذلك وضعوا الأخشاب فوق رءوسهم، وأهالوا فوقها التراب والأقذار ليخنقوا وقع أقدامي، ولم يزل حتى اليوم أكثرهم علمًا أقلَّهم إدراكًا لأقوالي.
لقد نصبوا بيني وبينهم حائلًا كل ما في الإنسان من ضعف وضلال، وهم يدعون هذا الحصن لمسكنهم بالسقف المستعار.
ولكني بالرغم من كل هذا لا أزال أمشي فوق رءوسهم وأنا أنشر أفكاري، ولو أنني مشيت على عيوبي فلن أزال ماشيًا فوق جباههم، ذلك لأنه لا مساواة بين البشر، وهذا ما يهتف به العدل، فما أريده أنا لا حق لهم بأن يتناولوه بإرادتهم.
هكذا تكلم زارادشت…
- من كتاب (هكذا تكلم زرادشت )
- فريدريك نيتشه
- العلماء
@Nietzsche1
@newphilosopher
أنا غابة مظلمة، انا أشجار قاتمة في ليل حالك، ولكن من لا يخاف عتمتي، سيجد حقولاً من الورود تحت تلك الأشجار
- فريدريك نيتشه
- فريدريك نيتشه
▪أعمق الساعاتِ صمتًا !
ماذا جرى لي يا صحابي؟ لقد سادني الاضطراب؛ فأضعت هداي وأراني مندفعًا بالرغم مني إلى الرحيل والابتعاد عنكم وا أسفاه.
أجل، على زارا أن يعود إلى عزلته، غير أن الدُّب يرجع إلى مغارته كئيبًا حزينًا، ماذا جرى لي ومن تُرى يضطرني إلى الرحيل؟
إنها «هي» مولاتي الغاضبة، لقد كلمتني فأعلنت لي إرادتها، وما كنت ذكرت لكم اسمها حتى اليوم، هي أعمق ساعاتي صمتًا وهي نفسها مولاتي القاهرة، كلمتني أمس.
وسأقص عليكم ما جرى فلا أخفي عنكم شيئًا؛ كيلا يقسو قلبكم عليَّ وأنا أفاجئكم برحيلي عنكم.
أتعلمون ما هي خشية من يستسلم للكرى؟ إنه الذعر يستولي على الإنسان من رأسه إلى أخمص قدميه؛ لأن أحلامه لا تبتدئ ما لم تنسحب الأرض من تحته.
إنني أضرب لكم أمثالًا، فأصغوا إليَّ: أمس عند أعمق الساعات صمتًا خلت الأرض من تحتي وبدأت أحلامي.
وكان العقرب يدبُّ على ساعة حياتي في خفقانها، وما كنت سمعت من قبل مثل هذا السكوت يسود حولي ويروع قلبي.
وسمعتها «هي» تقول لي، ولا صوت لها: إنك تعرف هذا يا زارا.
فصحت مذعورًا عند سماعي هذه النجوى، وتصاعد الدم إلى رأسي.
فعادت هي تقول، ولا صوت لها: أنت تعرف هذا يا زارا، ولكنك لا تعلنه.
فانتفضت وأجبت بلهجة المتحدِّي: أجل إنني أعرف هذا، ولكنني لا أريد أن أعلن ما أعرف.
فقالت «هي» ولا صوت لها: أصحيح أنك لا تريد؟ لا تخفِ نفسك وراء هذا التحدي يا زارا.
فأخذت أبكي وأرتعش كالطفل قائلًا: ويلاه، أريد أن أُصرِّح، ولكن هل ذلك بإمكاني؟ أعفيني من هذه المهمة لأنها تفوق طاقتي.
فقالت، ولا صوت لها: وما أهميتك أنت يا زارا، قل كلمتك وتحطَّم.
فقلت: أهي كلمتي ما يهم، فمن أكون أنا؟ إنني أنتظر من هو أجدر مني بإعلانها، وما أنا أهل لأصطدم بالمنتظر فأنحطم عليه.
فقالت، ولا صوت لها: وما أهميتك أنت ما دمت لم تصل بعد إلى ما أريده من الاتضاع؟ وما أقسى ما يتشح الاتضاع به، وما أصلب جلده!
فقلت: لقد تحمَّل جَلَدُ اتضاعي كثيرًا، فأنا ساكن عند قاعدة ارتفاعي، ولم يدلني أحد بعد على ذراه العاليات، ولكنني تمكنت من سبر أغواري ومعرفتها.
فقالت، ولا صوت لها: أي زارا، أنت المعدُّ لنقل الجبال من مكان إلى مكان، أفما بوسعك أن تنقل أغوارك ومهاويك أيضًا؟
⬇️
ماذا جرى لي يا صحابي؟ لقد سادني الاضطراب؛ فأضعت هداي وأراني مندفعًا بالرغم مني إلى الرحيل والابتعاد عنكم وا أسفاه.
أجل، على زارا أن يعود إلى عزلته، غير أن الدُّب يرجع إلى مغارته كئيبًا حزينًا، ماذا جرى لي ومن تُرى يضطرني إلى الرحيل؟
إنها «هي» مولاتي الغاضبة، لقد كلمتني فأعلنت لي إرادتها، وما كنت ذكرت لكم اسمها حتى اليوم، هي أعمق ساعاتي صمتًا وهي نفسها مولاتي القاهرة، كلمتني أمس.
وسأقص عليكم ما جرى فلا أخفي عنكم شيئًا؛ كيلا يقسو قلبكم عليَّ وأنا أفاجئكم برحيلي عنكم.
أتعلمون ما هي خشية من يستسلم للكرى؟ إنه الذعر يستولي على الإنسان من رأسه إلى أخمص قدميه؛ لأن أحلامه لا تبتدئ ما لم تنسحب الأرض من تحته.
إنني أضرب لكم أمثالًا، فأصغوا إليَّ: أمس عند أعمق الساعات صمتًا خلت الأرض من تحتي وبدأت أحلامي.
وكان العقرب يدبُّ على ساعة حياتي في خفقانها، وما كنت سمعت من قبل مثل هذا السكوت يسود حولي ويروع قلبي.
وسمعتها «هي» تقول لي، ولا صوت لها: إنك تعرف هذا يا زارا.
فصحت مذعورًا عند سماعي هذه النجوى، وتصاعد الدم إلى رأسي.
فعادت هي تقول، ولا صوت لها: أنت تعرف هذا يا زارا، ولكنك لا تعلنه.
فانتفضت وأجبت بلهجة المتحدِّي: أجل إنني أعرف هذا، ولكنني لا أريد أن أعلن ما أعرف.
فقالت «هي» ولا صوت لها: أصحيح أنك لا تريد؟ لا تخفِ نفسك وراء هذا التحدي يا زارا.
فأخذت أبكي وأرتعش كالطفل قائلًا: ويلاه، أريد أن أُصرِّح، ولكن هل ذلك بإمكاني؟ أعفيني من هذه المهمة لأنها تفوق طاقتي.
فقالت، ولا صوت لها: وما أهميتك أنت يا زارا، قل كلمتك وتحطَّم.
فقلت: أهي كلمتي ما يهم، فمن أكون أنا؟ إنني أنتظر من هو أجدر مني بإعلانها، وما أنا أهل لأصطدم بالمنتظر فأنحطم عليه.
فقالت، ولا صوت لها: وما أهميتك أنت ما دمت لم تصل بعد إلى ما أريده من الاتضاع؟ وما أقسى ما يتشح الاتضاع به، وما أصلب جلده!
فقلت: لقد تحمَّل جَلَدُ اتضاعي كثيرًا، فأنا ساكن عند قاعدة ارتفاعي، ولم يدلني أحد بعد على ذراه العاليات، ولكنني تمكنت من سبر أغواري ومعرفتها.
فقالت، ولا صوت لها: أي زارا، أنت المعدُّ لنقل الجبال من مكان إلى مكان، أفما بوسعك أن تنقل أغوارك ومهاويك أيضًا؟
⬇️
فقلت: لم تنقل كلمتي الجبال بعد، فإن ما قلته لم يبلغ حتى آذان الناس، لقد أتيت إلى العالم غير أنني لم أتصل به بعد.
فقالت، ولا صوت لها: وما يدريك …؟ إن الندى يتساقط على العشب في أشد أوقات الليل سكوتًا.
فأجبت: لقد هزأ الناس بي عندما اكتشفت طريقي ومشيت عليها، والحق أن رجليَّ كانتا ترتجفان إذ ذاك، فقال لي الناس: لقد ضللت سبيلك يا زارا، بل أصبحت لا تعرف أن تنقل خطاك.
فقالت، ولا صوت لها: وأية أهمية لسخريتهم؟ لقد تخلَّصت من الطاعة يا زارا، فوجب عليك أن تأمر الآن، أفلا تعلم أن من يحتاج الجميع إليه بأكثر من احتياجهم إلى أي شيء إنما هو من يقضي في عظائم الأمور؟
إن القيام بالكبائر صعب، وأصعب من هذا أن يأمر الإنسان بها. إن ذنبك الذي لا يغتفر هو أنك ذو سلطان ولا تريد أن تتحكَّم.
قلت: ليس لي صوت الأسد لأُصدِر أوامري.
فقالت — كأنها تهمس همسًا: لا يثير العاصفة إلا الكلمات التي لا صوت لها. إن من يدير العالم إنما هي الأفكار التي تنتشر كأنها محمولة على أجنحة الحمام. عليك أن تسير يا زارا كأنك شبح لما سيكون يومًا في آتي الزمان، هكذا تندفع في سبيلك إلى الأمام وأنت تتولى الحكم.
فقلت: إن الخجل يتولاني.
فعادت تقول، ولا صوت لها: عليك أن تعود طفلًا فيذهب خجلك عنك. إن غرور الشباب لمَّا يزل مستوليًا عليك؛ لأنك بلغت الشباب متأخرًا، ولكن على من يريد الرجوع إلى طفولته أن يتغلب على شبيبته.
واستغرقت في تفكيري وأنا أرتجف، ثم عدت إلى تكرار كلمتي الأولى قائلًا: لا أريد، وعندئذ ارتفع حولي صوت قهقهة مزقت قلبي وصدَّعت أحشائي.
وقالت «هي» للمرة الأخيرة: أي زارا، إن أثمارك ناضجة، غير أنك لم تنضج أنت لأثمارك، فعليك إذن أن تعود إلى العزلة لتزيد في قساوتك لينًا.
وعاد الضحك يتعالى، فشعرت أنها انصرفت عني «هي» وعاد الصمت يسود بأعمق مما كان حولي، أما أنا فبقيت منطرحًا على الأرض سابحًا في عرقي.
والآن، وقد أعلنت لكم كل شيء أيها الصحاب، فهأنذا أعود إلى عزلتي وما أخفيت عنكم شيئًا. أرحل عنكم بعد أن علمتكم أن تعرفوا من هو أشد الناس تكتمًا، ومن يريد أن يكون كتومًا.
وا أسفاه، أيها الصحاب، إن لديَّ ما أقوله لكم أيضًا، ولديَّ ما أبذله، فلماذا لا أبذله الآن؟ ألعلني أصبحت شحيحًا؟
وما نطق زارا بهذا حتى أرهقه سلطان حزنه لاضطراره إلى الرحيل، فبكي منتحبًا وما تمكن أحد من تعزيته، ومع هذا ما أرخى الليل سدوله حتى ذهب زارا وحده تحت جنح الظلام متخليًا عن صحبه.
هكذا تكلم زرادشت..
▪ من كتاب: هكذا تكلم زرادشت
▪المؤلف: فريدريك نيتشه
▪أعمق الساعات صمتًا
@newphilosopher
@newphilosopher
فقالت، ولا صوت لها: وما يدريك …؟ إن الندى يتساقط على العشب في أشد أوقات الليل سكوتًا.
فأجبت: لقد هزأ الناس بي عندما اكتشفت طريقي ومشيت عليها، والحق أن رجليَّ كانتا ترتجفان إذ ذاك، فقال لي الناس: لقد ضللت سبيلك يا زارا، بل أصبحت لا تعرف أن تنقل خطاك.
فقالت، ولا صوت لها: وأية أهمية لسخريتهم؟ لقد تخلَّصت من الطاعة يا زارا، فوجب عليك أن تأمر الآن، أفلا تعلم أن من يحتاج الجميع إليه بأكثر من احتياجهم إلى أي شيء إنما هو من يقضي في عظائم الأمور؟
إن القيام بالكبائر صعب، وأصعب من هذا أن يأمر الإنسان بها. إن ذنبك الذي لا يغتفر هو أنك ذو سلطان ولا تريد أن تتحكَّم.
قلت: ليس لي صوت الأسد لأُصدِر أوامري.
فقالت — كأنها تهمس همسًا: لا يثير العاصفة إلا الكلمات التي لا صوت لها. إن من يدير العالم إنما هي الأفكار التي تنتشر كأنها محمولة على أجنحة الحمام. عليك أن تسير يا زارا كأنك شبح لما سيكون يومًا في آتي الزمان، هكذا تندفع في سبيلك إلى الأمام وأنت تتولى الحكم.
فقلت: إن الخجل يتولاني.
فعادت تقول، ولا صوت لها: عليك أن تعود طفلًا فيذهب خجلك عنك. إن غرور الشباب لمَّا يزل مستوليًا عليك؛ لأنك بلغت الشباب متأخرًا، ولكن على من يريد الرجوع إلى طفولته أن يتغلب على شبيبته.
واستغرقت في تفكيري وأنا أرتجف، ثم عدت إلى تكرار كلمتي الأولى قائلًا: لا أريد، وعندئذ ارتفع حولي صوت قهقهة مزقت قلبي وصدَّعت أحشائي.
وقالت «هي» للمرة الأخيرة: أي زارا، إن أثمارك ناضجة، غير أنك لم تنضج أنت لأثمارك، فعليك إذن أن تعود إلى العزلة لتزيد في قساوتك لينًا.
وعاد الضحك يتعالى، فشعرت أنها انصرفت عني «هي» وعاد الصمت يسود بأعمق مما كان حولي، أما أنا فبقيت منطرحًا على الأرض سابحًا في عرقي.
والآن، وقد أعلنت لكم كل شيء أيها الصحاب، فهأنذا أعود إلى عزلتي وما أخفيت عنكم شيئًا. أرحل عنكم بعد أن علمتكم أن تعرفوا من هو أشد الناس تكتمًا، ومن يريد أن يكون كتومًا.
وا أسفاه، أيها الصحاب، إن لديَّ ما أقوله لكم أيضًا، ولديَّ ما أبذله، فلماذا لا أبذله الآن؟ ألعلني أصبحت شحيحًا؟
وما نطق زارا بهذا حتى أرهقه سلطان حزنه لاضطراره إلى الرحيل، فبكي منتحبًا وما تمكن أحد من تعزيته، ومع هذا ما أرخى الليل سدوله حتى ذهب زارا وحده تحت جنح الظلام متخليًا عن صحبه.
هكذا تكلم زرادشت..
▪ من كتاب: هكذا تكلم زرادشت
▪المؤلف: فريدريك نيتشه
▪أعمق الساعات صمتًا
@newphilosopher
@newphilosopher
قنوات الثقافة العامة والإقتباسات والفلسفة.
▪@bookiraqnow قصَّة حبيبين
▪@heekmahh حكمة واقتباس
▪@Nietzsche1 فلسفة نيتشه
▪@Dostoyevsky_Kafka كافكا
▪@Mahmoud_Darwish درويش
▪@TNT_1000 روائع الأدب الساخر
▪@Newphilosopher الفلسفة
▪@bookiraqnow قصَّة حبيبين
▪@heekmahh حكمة واقتباس
▪@Nietzsche1 فلسفة نيتشه
▪@Dostoyevsky_Kafka كافكا
▪@Mahmoud_Darwish درويش
▪@TNT_1000 روائع الأدب الساخر
▪@Newphilosopher الفلسفة
قنوات الكتب الصوتية والألكترونية والمكتبات ..
▪@Arabickindle1 كتب الكندل
▪@economic_100 كتب الإقتصاد
▪@hindawi_books هنداوي للكتب
▪@ketab_nn كتب حسب الطلب
▪@ketab_nnn الكتب تسقي العقول
▪@kotobm7ramah0 كتب محرمة
▪@philosophybookss الفلسفة
▪@Islamicbookssss قرآنٌ وديّن
▪@bookiraqnow3 مخزن الكتب
▪@audiobooking1 كتب مسموعة
▪@Psychologybookss ع النفس
▪@Arabickindle1 كتب الكندل
▪@economic_100 كتب الإقتصاد
▪@hindawi_books هنداوي للكتب
▪@ketab_nn كتب حسب الطلب
▪@ketab_nnn الكتب تسقي العقول
▪@kotobm7ramah0 كتب محرمة
▪@philosophybookss الفلسفة
▪@Islamicbookssss قرآنٌ وديّن
▪@bookiraqnow3 مخزن الكتب
▪@audiobooking1 كتب مسموعة
▪@Psychologybookss ع النفس
كتب صوتّية بالإنكليزي
▪@Greatest_Audiobooks
مخزن الكتب الإنكليزية
▪@Greatest_Audiobookss
كتب إنكليزية
▪@Booksdana
▪@Greatest_Audiobooks
مخزن الكتب الإنكليزية
▪@Greatest_Audiobookss
كتب إنكليزية
▪@Booksdana
دوستيوفسكي: الله والشيطان يتقاتلون هناك، وميدان المعركة هو قلب الإنسان.
نيتشه: إن كان الله يتحكم بالشيطان فهو متواطئ، وإن كان لا يتحكم بالشيطان فإذا هو غير قادر على كل شيء.
دوستيوفسكي: اذا لم يكن هناك اله، فكل شيء مستباح !
نيتشه: إن الرب شماعة تعلقون عليها خطاياكم.
@Nietzsche1
نيتشه: إن كان الله يتحكم بالشيطان فهو متواطئ، وإن كان لا يتحكم بالشيطان فإذا هو غير قادر على كل شيء.
دوستيوفسكي: اذا لم يكن هناك اله، فكل شيء مستباح !
نيتشه: إن الرب شماعة تعلقون عليها خطاياكم.
@Nietzsche1