مؤسسة البراق للإنتاج الإعلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

{ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا }

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ».
قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ» أخرجه البخاري برقم (3456).
وفي رواية ( فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ فَقَالَ: «وَمَنِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ» البخاري برقم (719).
ذكر في الرواية الأولى اتباع اليهود والنصارى .
وذكر في الأخرى اتباع الروم وفارس .
فقيل اتباع اليهود والنصارى في انحرافتهم الدينية .
واتباع فارس والروم في انحرافتهم السياسية .

ولذا أولى القرآن الكريم اهتماماً بالغاً بذكر انحرافات اليهود والنصارى لنعرف انحرافتهم فلا نقع فيما وقعوا فيه .

▪️ومن ذلك :
أن سيدنا موسى عليه السلام لما غاب عن قومه اتباع فريق منهم السامري .
وأنكر عليهم فريق آخر , وكادت الأمور أن تشتعل إلى اقتتال داخلي .
وكاد سيدنا هارون عليه السلام أن يُقتل { إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي}.
هنا اختار سيدنا هارون أن يهدأ الوضع لئلا يصل الافتراق إلى الاقتتال .
حتى يرجع سيدنا موسى عليه السلام , ويحل لهم الاشكال .
ويبدو أن هذا الرأي في ظاهره الصواب والصحة .
ولكن رجع سيدنا موسى عليه السلام { وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ}.
طرح سيدنا هارون عليه السلام وجهة نظره قائلا { يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } خشيت التفرقة بين بني إسرائيل .

لكنه رأي لم يوافقه عليه سيدنا موسى عليه السلام.

فما خشي سيدنا هارون من وقوعه وهو الفرقة الشديدة .
ها هو سيدنا موسى يأمر بها في أشدّ مظاهرها , وهو أن يقوم الذين لم يتخذوا العجل بقتل الذين اتخذوا العجل .
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }.
قال الأستاذ القدير سيد قطب رحمه الله في تفسير الآية :
( اقتلوا أنفسكم. ليقتل الطائع منكم العاصي. ليطهره ويطهر نفسه.. هكذا وردت الروايات عن تلك الكفارة العنيفة.. وإنه لتكليف مرهق شاق، أن يقتل الأخ أخاه، فكأنما يقتل نفسه برضاه. ولكنه كذلك كان تربية لتلك الطبيعة المنهارة الخوارة، التي لا تتماسك عن شر، ولا تتناهى عن نكر. ولو تناهوا عن المنكر في غيبة نبيهم ما عبدوا العجل. وإذ لم يتناهوا بالكلام فليتناهوا بالحسام وليؤدوا الضريبة الفادحة الثقيلة التي تنفعهم وتربيهم!. ) اهـ في ظلال القرآن (1/ 71)

هنا الدرس .
قد يظن شخص أن الإصلاح والتوفيق والترقيع هو الحلّ لمشكلة ما .
لكن النهي عن المنكر وقول الحق المرّ هو الحل , وإذا لم نقف ذلك الموقف , فإن الكفارة مع الأيام ستكون باهضة ثقيلة فادحة .
والذين يسعون إلى خلافة على منهاج النبوة لا بد أن يكونوا أكثر استيعاباً , لدروس الثقل الأكبر القرآن الكريم .
ليقيموا الخلافة على منهاج النبوة على وفق تعاليم القرآن العظيم .
ويقولوا الحق مهمها كان مرّا.

والله المستعان.
يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أردنا إلا إحسانا وتوفيقا .
ألوية الناصر صلاح الدين لواء التوحيد

3.3K views20:44