كن جميلا ترى الوجود جميلا
2.09K subscribers
6.65K photos
1.37K videos
550 files
2.57K links
فلتشرق من عينيك البراقتين كن مشرقاً بذاتك كالشمس
فلا تكن قمراً،ولا نجماً يحتاج غيره ليضيء
Download Telegram
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الَّليلةُ السادسة

الرَزّاق الكَـريم..
رفـعَ الشيخُ أَكُفـًّا حانيةً قال:
يـا ربّ.. تستفيقُ المُـنى النّائية.. إذا قـال العَبد:
يـا رزّاق يـا كَـريم!

تتَدلـّى الأفضالُ قـابَ قوسين أو أدنَـى إذا نـادى القَـلـبُ:
يـا الله يا كَـريم!

كُل العُمـْر لا يكفـي ارتـواء مـِن الرزّاق الكـريم!

كَـم فقيـر بـِلَحظة ٍمنك أضْـحى عَـن جميع الورى لـه استغناء!

أيُها المُنطفئون بالشّك..
قسماً بـالله.. مـا ظنّ أحـدٌ بالله ظنـّاً؛ ‏إلا أعطاه الله على ظنه..
فلا تَتلعثم في دعائك!

قُـل:
يا كريم لك أتَيت..
أحملُ في يَدي قافلةً مـِن الأمنيات؛ وأنتَ أكرمُ الأكرمين!

قُـل:
يا رزاق لك أتيت..
عكـّازي يقيني، وأحلامٌ كـادتْ تبلُغ آخِـر الرّمَق..
وأنت الرزّاق الكَـريم!

قُـل:
يا الله لك أتيت..
والفَقر يجثو على جَيـبي..
وقَلبي كلـّه قَلـقٌ؛ يـا مَـن بيده خَـزائن كُـل شُيء!

قُـل:
يا رب لك أتيت..
بلا زواجٍ، ولا مـال، ٍولا عملٍ، ولا سَـعة.. فهل تردّ يدي!

هبـني عطـاءً يَـزيحُ الغَيـم عَـن أُفقـي!

تنهـّد الشيخ.. ثُم قـال:
رَمضان زمنُ قوةِ المـِحراب..
وما أوسَـع العطـَاء لأهل المُناجاة.

تَـداعى التلاميذُ للمُناجاة..
فقدْ لامَست حوائجهم..
وقال تلميـذ:
الّلهمَ إنك تَعلم أنَ جـِرار الأحلام مَسكوبة.. مـَكسورة العُنـُق!

نظَـرَ الشيـخ بعين المُربّـي.. وقَـال:
أنـصتوا يا حبّات القلب..
إنّ الإنفاقَ يسوقُ الأرزاق..
تصدّق ولو بالقليل لحوائجك..
ثمّ اسأل الله؛ يـا رزّاق يـا كَـريم!

استَنزلوا رحمةَ الله؛ بالبَذل..
والبَـذلُ أوسَع مـِن صدقـة اليَـد!

اقْـرض الله قَرضاً حسَناً ولو كـان قليلاً؛ يُطْلـِق لك أمانيك!

ابسُطْ؛ يـُبسَطْ لـك..
وإنْ مَنعـْتَ؛ مُـنِعـتْ!


قال تلميذ:
والله يا سيدي إنـّي لأتصدّق!

ردّ الشَيـخ..
لقَد ‏قَـال مَيمون بن مهران:
‏إنّـي أتصـَدّق؛ وأجدُ مالـي يَـزداد.. ‏فتَصدّق صاحبه مثله ثُم جاءَه قائلاً: ‏تصدّقتُ فوجدتُ مالي يَنقُص..
‏فقال: ‏أنـا أُعامله بيقين؛ وأنتَ تُـجَرِّبـه!

يـا بُني..
ّ ‏{فما ظنّكم بربّ العَالمين}..
إنّ (أحَبّ مَا يُطاع الله به؛ الثّقة به)!

رتـِّب فُـؤادك..
قـِفْ على باب َالرّجَـا..
واقرَع؛ تُجَـب..
إنّ الدُعـاء عَطـاء!

يـا بُنيّ..
رمَـضانُ ميلادُ مقام..
ومـيلادُ حُلم..
ومـيلاد المُستحيل..
نعوذُ بالله مـِن الفُتـور فـي وقـت الغَنائم!

تَمْتمَ تلميذ.. فانتبَه له الشيخ فقال:
كأنّ فـي فَمك كلامًا؟

قـال:
يـا سيـّدي..
لا عملَ.. فلا زواج.. ودَمـِي صـارَ شلاّل فِتنة!


قال الشيخ:
سَيُلقي الرزّاق في عُـمرك نَـدى الإجابة؛ لو رابطـْت!

قال التلميذ:
إنّي مُـرابطٌ على ما تقول..
فَـدُلـّني!

قال الشيخ:
صـادِق الذِّكـْر بعدَ الفَـجر حتى الشُـروق في رمَـضان؛ فهو البدايـات..
ذاكَ زمـنُ توزيع الأرزاق..
فلا تَغفل عنه!

والزَمْ دُعـاء الأسحار بـ:
يـا رزّاق يـا كَـريم!

قُـل له:
هَـاكَ قلبي عابداً يرجو وصالك..
بـي ظمأُ الدُنـى..
فهبَني يـا الله مـِن فيـض عَـطائـك!

يـا بُني ّ..
مَن يملكُ أنْ يَصِف قَـداسة الأسماء.. استنْطِقْ خَيرها.. فلا أنتَ أنت.. ولا الميلادُ لَـه حَـد!

خُـذ نفْسَك نحو الرزّاق..
فَهُناك ما فَـوق الأسباب..
هُنـاك؛ مـا فوقَ المنتهى..
هُنـاك الفُقر؛ يُنفى!

فإنْ وَسْوسَ لكَ الشيطانُ بالفَـقر؛ فقُـل له:
{لنْ تستطيعَ مَعي صبَرا}!

ثمّ أسندْ دُعاءك بالتـَقوى..
فإنّ مَـن عامَل الله في أمـْرِه بالطاعة عامَله الله في سُؤله بالإعانة!

أمَـا سمعتَ..
{مَـن يتّقِ اللهَ يَجعل له مَخرجاً ويرزُقه من حيثُ لا يَحتسب}!

التّقوى مفتاحُ خَـزائن الرزْق..
ومـا تَبني الشَهوات؛ إلا جُدران الحـِرمان للعَـبدِ..
فهو أسيرها!

يَـا بُنيّ..
يُصبحُ الدعـاء أنفاسَ أُمنيةٍ بالـذُنوب..
إنّ الذُنوب (صَـريرُ ريـحٍ بها الآمـال تُقـتَلع)!

لا تلتفتْ للذَنب؛ كَـي يَستوي لك الرِزق.

تُـبَحّ الحـناجـِر وربـّي ولا يصلُ الدُعَـاء؛ إذا كان بالمَعاصي خَليط.

ثمّ الـزِمْ الدُعاء بـ:
يـا رزّاق يا كَـريم.. صُبّ عَلينا الخَـير صبـّاً صبـّاً.. ولا تجعلْ عَيشي كَـدّاً كَـدّا!

ذاكَ دُعـاءٌ..
تُمطَر الخَـزائن به كأنـّها سُحُب..
ذاكَ دعـاءٌ؛ مَـَا تَبتـّلَ به مُسلمٌ تَبَتـُّلاً فتَركَـه الله مَخذولًا!

يـا رزّاق يـا كَـريم..
كُـل اسمٍ؛ يشعلُ لـك مـِليون أُمنيةٍ وأُمـْنية!

تَـركُض لك الدُروب وأسبابها؛ لو أعـَذْتَ الحنايـا من الشَـّك، ورابَطْتّ على اليَقين بالرزّاق!


يـا ولـَدي..
إنّ الله لا يرتضي صوتاً به وهَـن!

قَـال تلميذ:
سُـبحانه في تَـدبيره..
ما حـِكمةُ الفَـقر؟

قال الشيخ:
لو شَـاء الله؛ لجَعلكم أغنياءَ لا فقيرَ فيكم..
ولو شَـاء الله؛ لجَعلكم فُـقراء لا غَنِيّ فيكم..
ولكـن ابتَـلى بَـعضكم ببعض؛ لينظُـر كيفَ تعملون!
كـانَ الرجل لَـيقتصد بِـنَفقَـته؛ حتى يأكـل مـِن بـُرِّه المائـة والمائتين.
واليَـوم.. يتّسع لنفسه؛ حتى لا يَكفيه ما يـكفي المائـة والمائتين.

وكانَ أحدهم يقول:
إنـّي لأستحي أنْ ألقى الله وفي ميزاني نِصف رغيف؛ وأنـا أُقـدِرُ أن أتصَدّق برغيف.

وها هو " أُوَيس " يُسمَـعُ في مُناجاته يقول:
الّلهُم إنـّي أعتذرُ لك مـن كُـل كَـبِدٍ جَـائعـة!

نحـنُ نرتجـفُ قَلقـاً علـَى أموالنا..
ونَنسى؛ أنّ الصَـدقَـة ودائـع الله.. وَودائـع الله لا تَضيع!

أنفق ثم اسنـدْ سُؤلك للرزّاق الكَـريم..
وقُـل:
وعلـى الله كُـل الأحـوال المُبعثـرة..
اجعَـلْ لنا يا كريم عـندَك الزيـادة..
ارزُقنا الحُسنى وزيـادة..
الّلهـُمّ يا رزاق حولنا مـِن النقص إلـى الـزِّيـادة!


🔹 د.كِفَاح أَبو هَنّوْد🔹
@MAISON88
Forwarded from فلسفات شرقية
▫️

#عقيدة_وحدة_الوجود

••• ومما يترتب على القول بوحدة الوجود
• تجویز عبادة کل شیء موجود في هذا الكون
• وأن كل الذين يعبدون غير الله من الأوثان والأصنام والأحجار والأشجار مؤمنون حقا

••• قال ابن أبي العز الحنفي في كتاب شرح الطحاوية (25/1) :
ومن فروع هذا التوحيد [ يعني : توحيد الاتحادية ] :
•• أن فرعون وقومه کاملو الإيمان ، عارفون بالله على الحقيقة
•• ومن فروعه : أن عُبَّاد الأصنام على الحق والصواب ، وأنهم إنما عبدوا الله لا غيره ،
•• ومن فروعه : أنه لا فرق في التحريم والتحليل بين
• الأم والأخت والأجنبية
• ولا فرق بين الماء والخمر
• والزنا والنكاح
• والكل من عين واحدة ، لا بل هو العين الواحدة ،
•• ومن فروعه : آن الأنبياء ضيقوا على الناس

تعالى الله عما يقولون علوا كبير

📚مقالات الفرق / أ.د.ناصر عبد الله القفاري
............
http://t.me/Easternphilosophies

▫️
Forwarded from فلسفات شرقية
▫️

أهل البدع

عن مالك بن أنس أن رجلا أتاه يقول : إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر ، قال : لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة
قال : وأي فتنة في هذا ؟! إنها هي أميال أزيدها ، قال : وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صل الله عليه وسلم ، إني سمعت الله يقول :(( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)) النور

••• قال الإمام الشاطبي :
وهذه الفتنة التي ذكرها مالك - رحمه الله - تفسير الآية هي شأن أهل البدع وقاعدتهم التي يؤسسون عليها بنيانهم ، فإنهم يرون أن ما ذكره الله في كتابه وماسنَّه نبيه صل الله عليه وسلم دون ما اهتدوا إليه بعقولهم
الاعتصام (174/1)
............
http://t.me/Easternphilosophies

▫️
📚 أقسام الفضائل الواردة في الصوم

يمكن تقسيم الفضائل الواردة في الصوم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: فضائل تتعلق بصوم الفريضة، كما جاء في الصحيحين ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).‏الثاني:فضائل تتعلق بصوم التطوع، كما جاء في الصحيحين(من صام يوما في سبيل الله بعّد الله وجهه عن النار سبعين خريفا).
الثالث:فضائل تشمل صيام الفرض والنافلة، كما جاء في الصحيحين(كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل:إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)
‏إن فاتك ترويض نفسك على العبادة قبل رمضان، وأعيَتك قسوة قلبك وإقفار مدامعك، فلا تلوي على اليأس والقنوط، وعليك بالاطّراح بين يدي الكريم الرحيم، مُحسناً به الظن ومُستيقناً باللطف والمَنّ.
@MAISON88
‏قال ابنُ رجَب رحمه الله

اعلَمْ أنَّ المؤمنَ يجتَمعُ له في شَهر رمضَان جهادَان لنَفْسِه:
جهادٌ بالنَّهار على الصِّيام،
وجهادٌ باللَّيل على القِيام؛

فمَن جمعَ بينَ هذَيْن الجهادَيْن، ووَفَّى بحُقُوقهما، وصَبَر عليهما،
وفَّى أجرَه بغَير حسَابٍ .

📔لطائف المعارف (ص:١٧١)
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الَّليلةُ السَــابعة

- الحَـييُّ السِّتـِّير..

قال الشيَخ:
إن لم تَصُم الخَطيئة في العُـروق؛ تَظلّ الروح مُفطِرة.. يضيقُ أثر الطَاعة، ويخنقها القلب إنّ كان مُعتِما!

يا مَـن قُلت {لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ}؛ فجعلتَ العفوَ له سِتراً.. فكان الأجـرُ؛ {فأنبَتنا عليه}..
انفُض عن قُلوبنا؛ ما علِق بها من غَيب الغواية ومما عَلِمت.

قال تلميذ:
مـن أينَ.. (مِن أينَ إنْ لم يَرأب اللهُ العُـيوب تُـرأبُ)؟

قال الشيخ:
ذاكَ سـِتره..
أكانت تبلُغ المَراكب مراسيها؛ لو نـزَع سـِتره؟!

قال التلميذ:
لا والله ولا أضاءَت الحَسنات في المَقابر؛ لو كـشِف سـِتره!

قال الشيخ:
فقُل.. الَلهُم جـِئتك بالقليل ممّا سَلـِم من سَعيي وأنت السِتّير..
فاغزل لي منه يوم القيامة مَلجأ!

أبنائي..
غيبُ كُل امرئ في صَدره؛ والله بـه عليم..
نحن عُـراةٌ في سـَفر الآخرة مع الحَسنات المتعبة..
عُـراةٌ في رحلةٍ أحوالها مُبهَمة..
فاستُرنا يـا مولاي بالقَـبول..
وجنِّبنا فُـضوح الُدنيا.. وفضوح الآخـرة..
جنّبنا خَـيبة الذَنب وخيَـبة الفُـضوح!

بل يَـا ربّ..
جنـّبنا كُـل خيـرٍ فيه فتنة الفُضـوح!

سترك يا مولاي غاية المنى..
يـا جَميل الصُحبة..
نسألك سِتراً لا تَرفعه الفـِتن..
وثباتـاً لا تَهُـزّه المـِحن..
وعَزيمة لا َيهـزّها الوهـن!

يـا أبنائي..
لولا سـِترُه؛ ما أحبّنا أحَـد..
لـذا؛ ترى العارفين بالله لا يَغُرّهُـم المَـديح..
تمتَـدّ في صلواتهم تعويذةُ الخَـوف؛ أنْ لا يُرفعَ عنهم السِـتر!

قال تلميذ:
سُبحانه سمـّى نفسه السِتـّير وليس السَاتـِر..
فترى الاسم يستُـر عَـوراتنا..
يحنو على سَوءاتنا..
فلا يُكدّر صورتنا نقصٌ ولا خَلل!

قال الشيخ:
السـتـّير.. والستـّير برحمته (يُغيـّر ولا يُعَـيـِّر)..
يَلُـمّ بِستره السَرائر، وعُمـْراً أرخَـى فـِتنته..
ويَجعل السـِّتر أصْـلاً؛ فيُنسي الناس مَـا مَـضى.

واللهُ وحده مَن يعلم..
كـمْ أوصَدنـا الظَـلام على الخُـطى!


ولولا سـِترُ الله..
لاحتَشدت السَرائر على الَملامح؛ وفاحَـت روائحنا!

يا رَحمة الله إذ يَسترنـا؛ فنَـنتشي مـن الشَرف!
فما أشَـدّ جَهلنا؛ إذ ننسى أنَـه لولا فضله ما أتتْ الحَسنة..
ولولا سـِترُه؛ مادامت الطاعة!

الله سـتـّـير حَـيِـيٌّ يحـب السـّتـر..
فتَـقرّبوا إليه بالسّتر!

قال تلميذ:
مـا فهمتُ يـا سيّدي!

قال الشيخ:
يَـا ولَـدي..
كان في المَدينة قومٌ لا عُيوب لهم، تكلّموا في عيوب الناس؛ فصارَت لهم عُـيوب!

وكان قومٌ لهم عيوبٌ سكتوا عن عُيوب الناس؛ فنَسي الناسُ عيوبهم!

لذا قال النّخعيّ:
( إنـّي لأرى الشيء أكرههُ، فما يَمنعني أنْ أتكلّم في أهله؛ إﻻ مخافةَ أن أُبتلى بمثله) !

قال تلميذ:
كيف نبلُـغ هذا الأدَب؟

قال الشيخ:
إنّ دوام المُزاولات تعطي الكَمالات..
و(إذا صَحّ للعبدّ بالله التعَلُـّق؛ تمّ له بكمالاتِ الله التَخلـّق)!

لو ابتُليت بمعصيةٍ؛ فاستُرها بالتوبة ولا تجاهر..
فإنّ السَيئة لا تكـون في عَـلانيتها؛ إلا وقد سبقَتها زلاّتٌ في خَـلواتها!

وحَسْبُ الخَفايا؛ أنّها تَطلب علانيتها يوم القيامة..
فيكشفُ الله منها ما كـان مَستوراً!

لـِذا..
لات َـحقرنَّ الصَغائر إذا طَـرقتْ بابـك..
وَوالله لو أرادَ اللهُ بعبدٍ فضيحةً؛ أخرجَـه من تحتِ كَنفه، فَتبدو للناس عورات ما كانوا يَعلمونها!

واستـُر حَسنتك، وتصَـدّق دون ضَـجيج المَـنِّ والأذى..
واحفظْ وديعَـة السـِّر بينكَ وبين الله، ولا تُعرِّضها للـرِّياء..
فإنّ التَـحدُّث بها؛ يَهتك سترها!

يَـا وَلدي..
ما القَبولُ؛ إلا خَبيئة الآخـرة!

تَحمل الملائكةُ في الألواح الحَسنات الصامتة..
تلك التي يُـغرَف لها الأجـر غـرفـًا.

ألا تَشتهي صدقةً..
يُجمع لك بها أطـراف الأجـر؛ فتَـثقُـل بها الكَفّـة!

يَـا ولـدي..
والله إنّ خَفق النِّعال خلفَ قلوب الرّجال في المجالس؛ يهتَـزّ له الإخـلاص.. فحاذر شهرة الحسنات

ثُـمّ استُروا أوجَاعَكم..
فزَكريّا في وصْفِ القُرآن.. لَم يَزِد على أن؛ {نادَى ربَّه نداءً خَفيًّا}..

همَس فيه بأرَقٍ؛ خَبّأه في كلِّ سنوات عُمره..
{وكانَت امْرَأتي عاقِراً}!


لقدْ كان الهَمْس ليلاً..
في مكانٍ قَصيٍّ عن سَمعِ النّاس، وفُضول النّاس!

هَمْس بِحاجَتِه الفِطرية؛ لِمـَن بيدهِ مَقاليد الأمـر، ومفاتيح الفَـرَج!

{فَهبْ لي من لدُنك وليّاً}..
هَمَس بها لله وحده؛ دون أن يَهتِك سِتر ما بينه وبين زوجِه!

بلْ قدّم في أول الدُّعاء؛ ضَعفه.. فهو الذي؛ {وَهَن العَظم} منه {واشتَعل الرَّأسُ شَيبا}..
كأنّما يعتَذر عن زوجته، ويَحمل العِبء عنها!

ثم ها هو يَصف ضَعفه..
ويسأل ربّه مَخرجاً؛ لا ينقض العَلاقة العَتيقة!

سَتَر النّقص؛ فأشرقتْ لـه الأُمنية، وأتمّ اللهُ له الأمرَ على أجمَـلِ ما يكون..
إذْ جاءه يَحيى {بَرّاً بوالِديه}!

كلاهما.. فقدْ استحقّ الزَّوجان بـرّ الولد؛ لبرٍّ خفيٍّ بينَهما!
وبثَّ الشّكوى لربِّه..
فجاءَته البُشرى؛ {لَم نَجعل له مِن قبلُ سَميّا}!

إذْ لا يَليق بموقِفه الذي ليس له مثيل؛ إلا طفل ليسَ له مَثيل!

السّتر سنُـن الأتقياء..
وعَـادات الأبـرار!

قال تلميذ:
مَـا أرقَـى هذا المقـام!


قال الشيخ:
يَـا ولَـدي..
إنْ لم تَستطع أنْ تُنافس الصَالحين في أعمَـالهم؛ فنافـِس المُذنبين فـي استغفارِهم.

الزم الدعاء:
يَـا ستـّير..
‏أتوسَـّل إليكَ أنْ لا يَبـيت قَلبـي فـي العَـراء..
أنْ لا تبـيت صَحائفـي دون ستْـرك!

قُـل..
يـا ستّيـر..
سَتـرك لو هُـزّت الصَـحائف؛ وانسكَـب المَخبوءُ فينا!

قَـال تلميذ:
يـا ستـّير..
هَبني ستـْراً فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض لا فضيحةَ بعدَه!

قال الشَيخ:
يَـا بُنـيّ..
إنّ للاسم بَـركـةً تَستدعـي بَـركَـات خفيـّة..
فاشْـهد مـِيثاق الفَضْـل؛ إذ يَـعقِد اللهُ لِعُـمْرك بـه مَـواهِبَ جَلـِيـّة!


🔹 د.كِفَاح أَبو هَنّوْد🔹
@MAISON88
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الَّليلةُ الثَامنـة

- الحَـيّ القَـيّوم ..

الليلةَ ؛ سنَفترشُ النّعيم .. فمَوعدنا مع اسمٍ؛ هو (فاتحةُ الغَـيث)!

اسـمٌ..
فَـوق أنْ تُـدركه الأكوان؛ لاشتماله على جَميع الصفات!

اسمٌ..
يورق معـه الأمَـل؛ والإجابة لا تنضَـب!

فكُـن في الدعـاء يقين الاسم..
حينها؛ ينتهي غبَش الحياة، وتبلُغ المَـرفأ!

قال تلميذ:
ما يَقيـن الاسم؟

قال الشيخ:
إنّ القلوب إذا صفَتْ رأتْ.. كما قال عُمَـر..
يا ولدي (جَـرِّد النَفْـس من رَغائبها؛ يَصْفُ لها غَيْـبها)!

أمـا بلغكَ قول حارثـةَ إذ قال:
كأنـّي أرى عَـرش ربي بارزاً!

كَـان الشيخ وهو يتكلّم؛ كأنـّه يَـرى..
وكانَ إيماننا بِجانبه؛ ضَـريراً مُقعداً!

كَـان صوته يَعبُـر إلينا..
فيَـهزّ جـِذع الطـِّين فينا!

رفَـع صوته قائلاً:
كُـل الحُضور فناءٌ دون الحـَيّ القيـّوم..
فهو بـدؤكَ والخـِتام.

نحـن لا نُعطي أعمارنـَا مَزيداً من الأيام..
لكنـّنا بالله الحَـيّ؛ نعطيها مَزيداً من مَـدد الحياة.



تلك حياةٌ مُزدحمة بالبَـقاء..
فسابـِق الأعمارَ وقُـل:
يَـا حَــيّ!

انظُـر إلى ابن تَيمية، وابن القيـّم، وماَلـك، والشَـافعي، والبُـخاري، وسواهـم..
مَن طَـوى أكفانهم؛ وسكبَ في أعمارهم ما لا يَنطفـئ؟!
أليسَ هُو الحَـيّ؟

يَـا ولَـدي..
إنّما الحَـيُّ هناك مَـن كـان حيًّـا بالله هُنا..
ومَـن جعلَ الحـيَّ مَنبع وجـوده؛ دامَـت له الحيـاة!

نحنُ غروبُ البقاء، ومَعنى الرّثاء دون الحَـيّ..
فإذا أربَكك الفَناء؛ فقُـل:
يـَا حـَيّ!

مَـا مَـاتَ يا ولَـدي من اتصَّل!

قال تلميذ:
وما معنى القَـيـّوم؟

قال الشَيخ:
كُـل قيامٍ بالله؛ هُو هَـرولة..
كُـل قيامٍ بالله يعني؛ طَـي المسافـَات.

هُـو مَـن قامت به السَماوات والأرض.. ألا يقومُ به شَأنك؟!

فإذا تَسوّرتْ الصّعاب أسوارَ عُـمرك؛ قُـل:
يـا حـَيّ يَـا قيـّوم..
دبـّر لـي مَخرجًا!

رُبّ تدبيرٍ يُـساق إليك بالدعاء؛ خيْـرٌ مـِن ألفِ تَخطيط.

(والمَعرفة تُوجِب السّكينة)!

قل: يـا حي قيـّوم..
أرْهَقنا أُفول الأُمنيات..
يامن قامَـت بـك الأرض والسَـماوات!

هل تأملتم مـا دلالة هذه الأسماء؟
ألا تَـراها تقتلعُ خَـوفك، وتوقِف نزيف يأسَك، وتقـول لـك:
ربـُّك مَن قامت به السماوات.. فاسأله أمرك!

وصـّى بها ابن تَيميةَ فقال:
فإذا ناجَـى العبدُ ربـّه في السّحَر واستغاثَ بـه وقال:
يـا حَـيّ يـا قَيـوم..
لا إله إلا أنتَ برحمتك أستغيث؛ أعطـَاه اللهُ من التّمكين ما لا يَعلمه إلا الله!

وعلم تلميذه ابن القيم قائلاً: مَـن واظَـب على: (يا حـَيّ يا قيـّوم لا إله إلا أنت) كُـل يوم..
أحيا الله بها قلبه!

يا بني..
إنما توقَـد نَار القَلق في ديـار المنُقطعـين عنه..
اخـرُج مـن عَـتمة المَـوت؛ وقُـل:
يَـا حَــيّ!

أغلـِقْ بوابات الاغتراب عَـن الله؛ وقُـل:
يـا حَـيُّ يـا قيـّوم..
أصلـِح لي شَـأني!



قال التلميذ:
يَـرتَـديني والله عَـدم عجيب..
كـأنّ خُيوطه يأسٌ، وكـأنّ رُوحـي يبَـاس في يبَـاس!

قال الشيخ: لَـقِّـنْ كُـل يَـباسٍ فيكَ؛ يـَا حَـيّ يـَا قيّـوم.

يا ولدي.. مـِن يقينِ الوِرْد؛ يُوقَـد لَـك غَيـاث المُسَتغيـثين.

كُـل ذَبولٍ مُهيَّأٌ للانطفاء؛ أوقـِده بالدُعـاء..
أوقـِده بـ: يـا حـَيّ يا قيوم!

اظـفَر بإرث نبـِيّك كامـِلاً؛ وَقـُل مثله:
يـا حَـيّ يـا قيـَّوم برحمَـتك أستَـغيث!

لَـمْ يغفُ ليلَـه؛ حتَـى مـَرّ به غَيْـب الوَعـد، ورأى مَصارع القَـوم تَـلوح بين يديـه!

سقَـط الرّداء عَـن كَـتفيه..
فما جثَـا عَـن رُكبتـيه..
وظَـلّ يلهَـج بـالنـِّداء: يـا حَـيّ يـا قيـَّوم
يا بني..
إنَّ (ذكـرُ اللِّسان؛ نتائجهُ الأُجُور.. وذكرُ القلوبِ؛ نتائجهُ الحُضُور)..
حُضور الإجابـة!

قال التلميذ:
فكيفَ نَصـِل إليه؟

ابتسَم الشيخ:
الطَـريق إليه حـجابٌ عن قلبك تـرفعه.

يـا وَلـدي..
عندما تنوي البَـدء؛ تظـهر لك خارطة الطَريق..
و(إنّما أنتَ ما مِلْـتَ إليه)..
والقلبُ إذا آنَـس صُحبة الأسماء الحُسنى؛ لا يـأنس بسواها!

الأسماء الحسُنى؛ طَـريق الكَـرامة..
والكَـرامـة؛ أرضٌ لا تطَؤها أقدامُ التـّائهين!

مدّ لك البساط.. فلا تتأخر..
فإنه لا كفَـّارة لمن أدرك بساط الفضْل؛ ولم يطَـأه..
لا كفَـّارة للمُتـَأخرين!

واذكر الموعد.. {وعَنت الوُجوه للحَـيّ القيـّوم، وقَـد خابَ مَن حمَل ظُلماً}.

فطُـوبى..
لمن تَـرك شَـهوةً حاضرةً؛ لموعـدٍ غائِب لم يرَه!

طُـوبى له..
إذا عنَت الوُجوه؛ وكَـان ثَـوبه طاهـراً.

قال التلميذ: عَـلِّمني يـا مَـولاي كيفَ أحيا!

قال الشيخ:
متَى ما دنوتَ منه؛ لم تُخطئك العنايـة..
من أذِن لروحك أنْ تَصطحب نفحةً منه؛ فقد أذِن لـك بالوصـول إليه!

قال التلميذ:
الّلهُم هذا حـال قلبي.. ثم صمت..
تهدج صوته فقد كانت الكلمات في فم التلميذ نشيجًا..
وكانت عيونه؛ تَفيض!

فقال الشيخ:
هذا شوقٌ ينهـَمر..
(وفي الَليلةِ الظَلماء؛ يَشتعلُ الشَـوق)!
تَعلـّم يَـا حَـيّ يَـا قيـّوم..
فإنّها تَـقي قلبك من كثيرٍ من الحـزن.

وقُـل:
حَـيَّ على الدُعـاء..
حَـيَّ على الأمَـل!

رُبّ ليلةٍ..
تدني سـِرب فَـرح!

وقُـل:
الَلهُم حيـاةً من اسمِك الحَـيّ!

تأمّل في حياة الصَحابة والسَلف والعُلماء والشُـهداء..
كأنّهم أُشربوا بركـة الوقت..
فصار عُمرهم وقتـاً لا غروب فيه..

وكأنّ الفَناء؛ أغلَـق أبوابه، وصار الخُلد سواقي أعمارهم!

تهشّ يَد البقاء عنهم الغياب..
ويتَجلّون في كُـل زمَـان!

يَـا بُنيّ..
حياتك تُشبه دُعاءك لو تأمّلتْ.. فالزم سؤلك ولا تيأس!

ثُم قال الشيخ:
والله مَن رأى الجنّة؛ لم يَستبعد الطَـريق!


فهَاج الشَوق بين التلاميذ..
ونـادى تلميذ:
ومـَن رآهَـا؟

قال الشيخ:
مَن قرّب الله خُطى قلبه..
مَـن أحيا الله له قلبه!

غـِب في لُـجّة السّحر؛ فإنّها تُـقَرِّب..
والله أنجَـح مَـا طَـلبتَ به..
ومن وجد الله وجد الجنة!

فَقُـل:
يَـا حَـيّ يَـا قيّـوم..
أصْلـِح لـي شأنـي كُلّـه..
ولا تكـِلني إلـى نَفْسـي طَـرفةَ عَيْـن!


🔹 د.كِفَاح أَبو هَنّوْد🔹
@MAISON88
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
Forwarded from فلسفات شرقية
4_6048835221594311525.pdf
197.6 KB
▫️

العمل النفسي بين الأشواق والأشواك
الدكتور يوسف مسلم اختصاصي العلاج النفسي

هذه مقالة عن اقتحام قطاع العلاج النفسي، مع نقص التدريب، وأثر العلاج النفسي على المعالجين)
••• لم يسبق - على حد علمي- أن تنامي الشوق للعمل في قطاع الخدمات النفسية في العالم العربي، كما حصل في العقدين الماضيين
•• فقد شهد القطاع النفسي تضخمة كبيرة في عدد الساعين لدراسته أو العمل فيه، ولم يكن نصف أولئك الذين أصبحوا متصدرين للاستشارات والمساعدة حتى ممن درس في الأقسام الأكاديمية المتخصصة في تخريج المختصين في المجال النفسي
• بل لقد دخل في هذا الميدان عدد كبير من غير المتخصصين - بغض النظر عن شکل تقديم الخدمة النفسية
.........
http://t.me/Easternphilosophies

▫️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ التَـاسِعـة

- التَّــوّاب ..

هذا الاسم تُرمم به القُلوب..
فكيفَ هي أرواحكم الَّليلة؟

قال تلميذ:
رُوحي من ظمإ البِعاد مُحترقة..
يا سيّدي..
رحم اللهُ مَن وجد مَـلاذَه...!

قال الشيخ:
ارفع ثوبَك عن الذنبِ تكن صفيًّا!

رمَضان صَومعةُ المؤمن..
يكفّ فيها لسانه وبصره.

فإذا تخلّى؛ صَفـا..
ومَن صَفا؛ تجَـلّى!

انظر كيف تركُض اليوم جَوارحنا في الفتنة.. يُجلبُ الشَيطان بالزّلل عَلينا..
ماذا بقيَ من حُروف إمامَتنا للأُمة إنْ أكلتْ الشَهوات قُوانا!

يا ولدي أنتُم حطبُ التَغيير..
والذنوب نـارٌ؛ لا تُبقي منكم ولا تَـذر.

مَـن للمآذن يَرفعها؛ إن غَرقِتْ أصواتنا في طِينها؟

يا ولدي..
سمى نفسه التـّوّابَ؛ وليسَ التَائـِب..
لأنّه يَظَلُ يَـزرعك في ضِفاف الأَوْبَـةِ؛ حتى لا يغيبَ مَطلعُك!

هُو التَـّوّاب..
فَلملمْ طُيوفك، ولا تُقَـدِّم تَبريـرك..
وقُـل:
خُـذني مـن نفسي إليك..
خُـذني منّي إليكَ يـا الله..

أنت شوَق الأُمّة؛ فمَن ضَـيَّعكْ!

أنتَ ترتيلةُ البَدء للمعركة..
فانفضُ عنكَ اشتهاءَ المَـعاصـي لا تُقعدك..
لا تَقم في تـِيه بني إسرائيل؛ فأنتَ راية طالَ انتِظارها!

اشَتدّ صوتُ الشيخ وهو يقول:
يا أُمـّةً ثكلَت دينها يومَ استباحت شهوةَ الذَنب..
أرثيكِ إذ صَار الرِّبـا مُباحًا، والفتنةُ احتمالاً، والشّك في الله حَـلالاً ... والمحدثات قربات!

أرثيكِ يا أُمـةً..
كُـنتِ أنتِ زمَـن المُستحيل، وكان خَـطوكِ صَداهُ فتحٌ مُبين!

رَبّـاهُ يـا تَـوّاب..
تَلاشتْ مَلامحنا؛ يومَ نبتتْ أغـلال الذُنوب في مَرافقنا!

يَـا ربّ..
كُـل لُغتـنا مَـلأى بتأويـلِ الحَـرام..
تُـبْ عَلينا مـن تِيهنا..
فالباطـِن كُـله صار زبَـدًا.

قال تلميذ:
يَـا خَـفِيّ الُلطف..
أدرِك ما أوشَك مـِن قَلبـي وخَـطوي أنْ يَـضيع!

قال الشَيخ:
أُعيذُ قلبكَ يا ولدي مِن ذَنبٍ يُكَـدّره.. أُعيذُ قلبكَ مِن يأسٍ تمَلـّكَه.

أقبِل على الله..
وقُل للذَنبِ:
دَعْ قلبي إنّي مَلَلتك قَيدًا.

أَعـِذْ صَحيفتـي مـِن إثمـي والهَـوى
يا تواب هَـذي خطايَـاي فـي المـِحـْرابِ تَغْـتَسِـلُ!

يَـا أبنائــي..
كُل دقيقةٍ في المَعصية؛ هـي جـِراح الآخـرة..
وما الدار الآخرةُ؛ إلا رايـات..
ويُبعث الناسُ تحتَ راياتـِهم..
فَـأيِّ الرايـات فـي الحَـشر راياتـك؟!

مَخطوطة على الرَاياتِ؛ أحزانُ الآخرةِ وَأفراحـها..
فلا تَسمع يوم القيامة إلا أنينَ القَوافـِل من حمْلها؛ أو صوت السَّبـق فـي حَسنـاتِ أبرارهـا!

يَـا قَـوم..
إن ضِفاف الفـِردوس لا تُـدرَك؛ حتى للهِ الذُنوب تُـتْرَك.

ارمِ خَطايـاك في محرابهِ..
وقُـل:
هَـذا أنـا.. لا أُحصـي ذَنبـي عَـدَدًا..
إنـّي مُحتـاجٌ إليكْ..
إنـّي أشتَهي؛ كُلّما دعوتُ القلبَ أنْ يُطيع.

إنـّي مُحتَـاجٌ إليـْك..
وأشتهي أنْ تَـتوب عليَّ؛ كَـي أتـوب!

ابكِ بين يديه..
إن أثمَن الدَمع؛ مـا فـي التَوبـةِ انتَـثر.

قال التلميذ:
يَـا رب..
هبْـني حَـالاً كَـحال الصَالحين..
وَدمعًا كَـدمع الُمخبـتين!

قال الشيخ:
أولئكَ مَن تسلّقوا المسافات إلى المَقامات..
أولئك مَن تَوضّؤوا بالغـَيمات؛ وما قبلوا طـِيـن الأرض لَهُـم طَريقـًا!

التَوبـةُ..
عزيمةُ القَلـب للأُمّـة..
التَوبـةُ..
ليست بكاءُ العاجزين بل هي قوةُ الاستعداد في الأمة
التَـوبـةُ..
مَسـارُ العَـودة..
ومَـن تهجـّى البدايات؛ أدركَ خارطـة الطَـريق!

يَـا ولـدي..
اقرأ مَدامعنا اليَـوم.. دمعةً دمعةً..
اقرأ عَواصمنا؛ صفحةً صفحةً..
اقرأ كيفَ عقـَرتْ خَطايـانـا خيلَ التـّغيـير!

يَـا قَـوم..
لا ينتهي الَليلُ؛ إلا على بَـاب الصَحوة..
ولا صَحوةَ للأُمـّة؛ دونَ التَوبـة عَـن هذا الغِياب الطَويل!

يَـا ولـدي..
إنْ أوقـَدوا لكَ في الَمعصية نارَ الفِتـنة؛ فأوقـِد فـي الطاعَـة نَـارَ الهُـدى!

يُسَعِّـرون لكَ الشَهوات؛ حتى يتهَجـّوك وَهماً..
حتى تَغدو هباءً منثوراً!

رمَـضـانُ مواسـم الـذَاكـرة للأُمـّة.. مَواسم سُورة التَوبة..
تبَوح لكَ بأسرارها..
تبوحُ لكَ؛ بمن تعثـّروا بالتأخـّر فتَخلّفوا.

كَـم مرةً أنتَ تأخّرتَ عن الله؟
فقُـل:
الَلهُم تُـبْ عليَّ لأَتُـوب!

يَـا ولَـدي..
تُقاسُ المَسافات في الآخـرةِ بالفَضائل، فَيُـبعثُ الناسُ وبينهم مَسافاتٌ تسمّـى؛ مَقامـات..
فيُقالُ؛ سبقَ فُـلانٌ بِخطوة..
فإذا بها في مَقياسِ الآخرة ممـّا لا تُدركه الأعمـار.. فتب عن تأخرك في المقامات!

يَـا ولـدي..
ستظَـلّ الحياةُ تَعرض عليكَ فِتـنتها لـوناً بعدَ لَـون، وتتَرفـّق بـكَ وهـي تُغريك بما لَديها مِـن زَوال.. فَتشبّث باللهِ.. وقُـل:
(يَـا تَـوّاب.. أسألـك ألا ينطفئَ نَبْضي إلاّ مُطمئناً؛ وفي موضعٍ تُحبّ أنْ ترانـي فيه).

أعـوذُ بـك مـن سُـوء المُنقَلب في النـِّيـّات، والخـطوات، والعـزائم، وما سبَـقَ لنا مـن الحسنَـات!

أنتَ عند الله كلمةٌ طيبةٌ؛ فـلا تأذَن للشيطان أن يَغتال جَذرَك!
صمَتَ الشيخُ..
فَـزفرتْ قُـلوب التلاميذ؛ حتى تَـرى وُجوه الفِتية تَموجُ بالدَّمـْع مَـوجًـا!

قال الشيخ:
إذا امتلأَ القَلـبُ.. ذَرفَـت العيْـنُ؛ وفي المِـحراب مُتـّسعٌ لِكَـثيرٍ مـن الحـزن..
(فإنّ أعبَـد النَـاس رجـلٌ اقترفَ ذنباً، فكلّما ذكَـر ذنبه احتقَرَ عمَله وانكَسرَ لِربـه)..
فلا التـوبـة تُنسيه..
ولا الَـرجـاءُ يُطغيـه!

يا أبنائي.. التَوبـةُ سَـلامَـة..
والـرحمةُ غَـنيمة..
والسَلامَـة تُطلَب قبلَ الغَنيمة!

لـِذا..
كان الصَالحون إذا فَقـدوا آمَالـهم؛ تفقّدوا أعمالهم..
ومَـن استبطأَ رِزقه؛ فليُـكثـِر من الاستغفار!

قال التلميذُ وقد طَأطأ رأسَه:
أُوَاعِـدُ ألـفَ ليـلٍ؛ فَـلا أجـِده إلاّ تَـوّابـًا..
وكُلـّما فتقَ الذنبُ ثَـوبـي؛ وجدتُ عند اللهِ رَتْـقـًا!

قال الشيخ:
(حَـذارِ بَـأنْ نَستَـسيغ الخَطـايـا)..
ويهدأُ في قَلبنا الوَجـل؛ ألا إنّما الأهواءُ مَسالك المأثَـم..
فاحْـذَر فِتـنة التَـّبرير يا فَتى!

لِتـَكن عَينـك علـى الّلحظـة الغائبة..
على لحظةٍ ورَاء الزَمن..
علـى لحظةٍ تنكشفُ فيهـا الحُجـُب؛ ويُقـال لـك:
رَبـِح البَيعُ يـا فَتى!

الَتوبَـة عَتـبةُ النَّصْـر..
وأُمـَةٌ لا تَعـرِف مِمـّا تَـتـوب؛ كيفَ لها لِمَـدارج المَـجد أن تَـؤوب؟!

تفَـقّدوا سُـورةَ التَوبَـة؛ فإنّها الكاشـِفة..
ولرُبّما مَـا كَـانَ يَـومـاً نِفاقـًا؛ صـِرنا نُمارسهُ اليَـوم إيماناً!

ثم قَـام الشيخُ؛ وقـال:
قُـومُـوا لـِسُورة التَـوبَـةِ فاعرضوا توبتكم عليها يَـرحَمكم الله!


🔹 د.كِفَاح أَبو هَنّوْد🔹
@MAISON88