كن جميلا ترى الوجود جميلا
2.07K subscribers
6.63K photos
1.36K videos
548 files
2.56K links
فلتشرق من عينيك البراقتين كن مشرقاً بذاتك كالشمس
فلا تكن قمراً،ولا نجماً يحتاج غيره ليضيء
Download Telegram
‏قال ابنُ رجَب رحمه الله

اعلَمْ أنَّ المؤمنَ يجتَمعُ له في شَهر رمضَان جهادَان لنَفْسِه:
جهادٌ بالنَّهار على الصِّيام،
وجهادٌ باللَّيل على القِيام؛

فمَن جمعَ بينَ هذَيْن الجهادَيْن، ووَفَّى بحُقُوقهما، وصَبَر عليهما،
وفَّى أجرَه بغَير حسَابٍ .

📔لطائف المعارف (ص:١٧١)
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الَّليلةُ السَــابعة

- الحَـييُّ السِّتـِّير..

قال الشيَخ:
إن لم تَصُم الخَطيئة في العُـروق؛ تَظلّ الروح مُفطِرة.. يضيقُ أثر الطَاعة، ويخنقها القلب إنّ كان مُعتِما!

يا مَـن قُلت {لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ}؛ فجعلتَ العفوَ له سِتراً.. فكان الأجـرُ؛ {فأنبَتنا عليه}..
انفُض عن قُلوبنا؛ ما علِق بها من غَيب الغواية ومما عَلِمت.

قال تلميذ:
مـن أينَ.. (مِن أينَ إنْ لم يَرأب اللهُ العُـيوب تُـرأبُ)؟

قال الشيخ:
ذاكَ سـِتره..
أكانت تبلُغ المَراكب مراسيها؛ لو نـزَع سـِتره؟!

قال التلميذ:
لا والله ولا أضاءَت الحَسنات في المَقابر؛ لو كـشِف سـِتره!

قال الشيخ:
فقُل.. الَلهُم جـِئتك بالقليل ممّا سَلـِم من سَعيي وأنت السِتّير..
فاغزل لي منه يوم القيامة مَلجأ!

أبنائي..
غيبُ كُل امرئ في صَدره؛ والله بـه عليم..
نحن عُـراةٌ في سـَفر الآخرة مع الحَسنات المتعبة..
عُـراةٌ في رحلةٍ أحوالها مُبهَمة..
فاستُرنا يـا مولاي بالقَـبول..
وجنِّبنا فُـضوح الُدنيا.. وفضوح الآخـرة..
جنّبنا خَـيبة الذَنب وخيَـبة الفُـضوح!

بل يَـا ربّ..
جنـّبنا كُـل خيـرٍ فيه فتنة الفُضـوح!

سترك يا مولاي غاية المنى..
يـا جَميل الصُحبة..
نسألك سِتراً لا تَرفعه الفـِتن..
وثباتـاً لا تَهُـزّه المـِحن..
وعَزيمة لا َيهـزّها الوهـن!

يـا أبنائي..
لولا سـِترُه؛ ما أحبّنا أحَـد..
لـذا؛ ترى العارفين بالله لا يَغُرّهُـم المَـديح..
تمتَـدّ في صلواتهم تعويذةُ الخَـوف؛ أنْ لا يُرفعَ عنهم السِـتر!

قال تلميذ:
سُبحانه سمـّى نفسه السِتـّير وليس السَاتـِر..
فترى الاسم يستُـر عَـوراتنا..
يحنو على سَوءاتنا..
فلا يُكدّر صورتنا نقصٌ ولا خَلل!

قال الشيخ:
السـتـّير.. والستـّير برحمته (يُغيـّر ولا يُعَـيـِّر)..
يَلُـمّ بِستره السَرائر، وعُمـْراً أرخَـى فـِتنته..
ويَجعل السـِّتر أصْـلاً؛ فيُنسي الناس مَـا مَـضى.

واللهُ وحده مَن يعلم..
كـمْ أوصَدنـا الظَـلام على الخُـطى!


ولولا سـِترُ الله..
لاحتَشدت السَرائر على الَملامح؛ وفاحَـت روائحنا!

يا رَحمة الله إذ يَسترنـا؛ فنَـنتشي مـن الشَرف!
فما أشَـدّ جَهلنا؛ إذ ننسى أنَـه لولا فضله ما أتتْ الحَسنة..
ولولا سـِترُه؛ مادامت الطاعة!

الله سـتـّـير حَـيِـيٌّ يحـب السـّتـر..
فتَـقرّبوا إليه بالسّتر!

قال تلميذ:
مـا فهمتُ يـا سيّدي!

قال الشيخ:
يَـا ولَـدي..
كان في المَدينة قومٌ لا عُيوب لهم، تكلّموا في عيوب الناس؛ فصارَت لهم عُـيوب!

وكان قومٌ لهم عيوبٌ سكتوا عن عُيوب الناس؛ فنَسي الناسُ عيوبهم!

لذا قال النّخعيّ:
( إنـّي لأرى الشيء أكرههُ، فما يَمنعني أنْ أتكلّم في أهله؛ إﻻ مخافةَ أن أُبتلى بمثله) !

قال تلميذ:
كيف نبلُـغ هذا الأدَب؟

قال الشيخ:
إنّ دوام المُزاولات تعطي الكَمالات..
و(إذا صَحّ للعبدّ بالله التعَلُـّق؛ تمّ له بكمالاتِ الله التَخلـّق)!

لو ابتُليت بمعصيةٍ؛ فاستُرها بالتوبة ولا تجاهر..
فإنّ السَيئة لا تكـون في عَـلانيتها؛ إلا وقد سبقَتها زلاّتٌ في خَـلواتها!

وحَسْبُ الخَفايا؛ أنّها تَطلب علانيتها يوم القيامة..
فيكشفُ الله منها ما كـان مَستوراً!

لـِذا..
لات َـحقرنَّ الصَغائر إذا طَـرقتْ بابـك..
وَوالله لو أرادَ اللهُ بعبدٍ فضيحةً؛ أخرجَـه من تحتِ كَنفه، فَتبدو للناس عورات ما كانوا يَعلمونها!

واستـُر حَسنتك، وتصَـدّق دون ضَـجيج المَـنِّ والأذى..
واحفظْ وديعَـة السـِّر بينكَ وبين الله، ولا تُعرِّضها للـرِّياء..
فإنّ التَـحدُّث بها؛ يَهتك سترها!

يَـا وَلدي..
ما القَبولُ؛ إلا خَبيئة الآخـرة!

تَحمل الملائكةُ في الألواح الحَسنات الصامتة..
تلك التي يُـغرَف لها الأجـر غـرفـًا.

ألا تَشتهي صدقةً..
يُجمع لك بها أطـراف الأجـر؛ فتَـثقُـل بها الكَفّـة!

يَـا ولـدي..
والله إنّ خَفق النِّعال خلفَ قلوب الرّجال في المجالس؛ يهتَـزّ له الإخـلاص.. فحاذر شهرة الحسنات

ثُـمّ استُروا أوجَاعَكم..
فزَكريّا في وصْفِ القُرآن.. لَم يَزِد على أن؛ {نادَى ربَّه نداءً خَفيًّا}..

همَس فيه بأرَقٍ؛ خَبّأه في كلِّ سنوات عُمره..
{وكانَت امْرَأتي عاقِراً}!


لقدْ كان الهَمْس ليلاً..
في مكانٍ قَصيٍّ عن سَمعِ النّاس، وفُضول النّاس!

هَمْس بِحاجَتِه الفِطرية؛ لِمـَن بيدهِ مَقاليد الأمـر، ومفاتيح الفَـرَج!

{فَهبْ لي من لدُنك وليّاً}..
هَمَس بها لله وحده؛ دون أن يَهتِك سِتر ما بينه وبين زوجِه!

بلْ قدّم في أول الدُّعاء؛ ضَعفه.. فهو الذي؛ {وَهَن العَظم} منه {واشتَعل الرَّأسُ شَيبا}..
كأنّما يعتَذر عن زوجته، ويَحمل العِبء عنها!

ثم ها هو يَصف ضَعفه..
ويسأل ربّه مَخرجاً؛ لا ينقض العَلاقة العَتيقة!

سَتَر النّقص؛ فأشرقتْ لـه الأُمنية، وأتمّ اللهُ له الأمرَ على أجمَـلِ ما يكون..
إذْ جاءه يَحيى {بَرّاً بوالِديه}!

كلاهما.. فقدْ استحقّ الزَّوجان بـرّ الولد؛ لبرٍّ خفيٍّ بينَهما!
وبثَّ الشّكوى لربِّه..
فجاءَته البُشرى؛ {لَم نَجعل له مِن قبلُ سَميّا}!

إذْ لا يَليق بموقِفه الذي ليس له مثيل؛ إلا طفل ليسَ له مَثيل!

السّتر سنُـن الأتقياء..
وعَـادات الأبـرار!

قال تلميذ:
مَـا أرقَـى هذا المقـام!


قال الشيخ:
يَـا ولَـدي..
إنْ لم تَستطع أنْ تُنافس الصَالحين في أعمَـالهم؛ فنافـِس المُذنبين فـي استغفارِهم.

الزم الدعاء:
يَـا ستـّير..
‏أتوسَـّل إليكَ أنْ لا يَبـيت قَلبـي فـي العَـراء..
أنْ لا تبـيت صَحائفـي دون ستْـرك!

قُـل..
يـا ستّيـر..
سَتـرك لو هُـزّت الصَـحائف؛ وانسكَـب المَخبوءُ فينا!

قَـال تلميذ:
يـا ستـّير..
هَبني ستـْراً فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض لا فضيحةَ بعدَه!

قال الشَيخ:
يَـا بُنـيّ..
إنّ للاسم بَـركـةً تَستدعـي بَـركَـات خفيـّة..
فاشْـهد مـِيثاق الفَضْـل؛ إذ يَـعقِد اللهُ لِعُـمْرك بـه مَـواهِبَ جَلـِيـّة!


🔹 د.كِفَاح أَبو هَنّوْد🔹
@MAISON88
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الَّليلةُ الثَامنـة

- الحَـيّ القَـيّوم ..

الليلةَ ؛ سنَفترشُ النّعيم .. فمَوعدنا مع اسمٍ؛ هو (فاتحةُ الغَـيث)!

اسـمٌ..
فَـوق أنْ تُـدركه الأكوان؛ لاشتماله على جَميع الصفات!

اسمٌ..
يورق معـه الأمَـل؛ والإجابة لا تنضَـب!

فكُـن في الدعـاء يقين الاسم..
حينها؛ ينتهي غبَش الحياة، وتبلُغ المَـرفأ!

قال تلميذ:
ما يَقيـن الاسم؟

قال الشيخ:
إنّ القلوب إذا صفَتْ رأتْ.. كما قال عُمَـر..
يا ولدي (جَـرِّد النَفْـس من رَغائبها؛ يَصْفُ لها غَيْـبها)!

أمـا بلغكَ قول حارثـةَ إذ قال:
كأنـّي أرى عَـرش ربي بارزاً!

كَـان الشيخ وهو يتكلّم؛ كأنـّه يَـرى..
وكانَ إيماننا بِجانبه؛ ضَـريراً مُقعداً!

كَـان صوته يَعبُـر إلينا..
فيَـهزّ جـِذع الطـِّين فينا!

رفَـع صوته قائلاً:
كُـل الحُضور فناءٌ دون الحـَيّ القيـّوم..
فهو بـدؤكَ والخـِتام.

نحـن لا نُعطي أعمارنـَا مَزيداً من الأيام..
لكنـّنا بالله الحَـيّ؛ نعطيها مَزيداً من مَـدد الحياة.



تلك حياةٌ مُزدحمة بالبَـقاء..
فسابـِق الأعمارَ وقُـل:
يَـا حَــيّ!

انظُـر إلى ابن تَيمية، وابن القيـّم، وماَلـك، والشَـافعي، والبُـخاري، وسواهـم..
مَن طَـوى أكفانهم؛ وسكبَ في أعمارهم ما لا يَنطفـئ؟!
أليسَ هُو الحَـيّ؟

يَـا ولَـدي..
إنّما الحَـيُّ هناك مَـن كـان حيًّـا بالله هُنا..
ومَـن جعلَ الحـيَّ مَنبع وجـوده؛ دامَـت له الحيـاة!

نحنُ غروبُ البقاء، ومَعنى الرّثاء دون الحَـيّ..
فإذا أربَكك الفَناء؛ فقُـل:
يـَا حـَيّ!

مَـا مَـاتَ يا ولَـدي من اتصَّل!

قال تلميذ:
وما معنى القَـيـّوم؟

قال الشَيخ:
كُـل قيامٍ بالله؛ هُو هَـرولة..
كُـل قيامٍ بالله يعني؛ طَـي المسافـَات.

هُـو مَـن قامت به السَماوات والأرض.. ألا يقومُ به شَأنك؟!

فإذا تَسوّرتْ الصّعاب أسوارَ عُـمرك؛ قُـل:
يـا حـَيّ يَـا قيـّوم..
دبـّر لـي مَخرجًا!

رُبّ تدبيرٍ يُـساق إليك بالدعاء؛ خيْـرٌ مـِن ألفِ تَخطيط.

(والمَعرفة تُوجِب السّكينة)!

قل: يـا حي قيـّوم..
أرْهَقنا أُفول الأُمنيات..
يامن قامَـت بـك الأرض والسَـماوات!

هل تأملتم مـا دلالة هذه الأسماء؟
ألا تَـراها تقتلعُ خَـوفك، وتوقِف نزيف يأسَك، وتقـول لـك:
ربـُّك مَن قامت به السماوات.. فاسأله أمرك!

وصـّى بها ابن تَيميةَ فقال:
فإذا ناجَـى العبدُ ربـّه في السّحَر واستغاثَ بـه وقال:
يـا حَـيّ يـا قَيـوم..
لا إله إلا أنتَ برحمتك أستغيث؛ أعطـَاه اللهُ من التّمكين ما لا يَعلمه إلا الله!

وعلم تلميذه ابن القيم قائلاً: مَـن واظَـب على: (يا حـَيّ يا قيـّوم لا إله إلا أنت) كُـل يوم..
أحيا الله بها قلبه!

يا بني..
إنما توقَـد نَار القَلق في ديـار المنُقطعـين عنه..
اخـرُج مـن عَـتمة المَـوت؛ وقُـل:
يَـا حَــيّ!

أغلـِقْ بوابات الاغتراب عَـن الله؛ وقُـل:
يـا حَـيُّ يـا قيـّوم..
أصلـِح لي شَـأني!



قال التلميذ:
يَـرتَـديني والله عَـدم عجيب..
كـأنّ خُيوطه يأسٌ، وكـأنّ رُوحـي يبَـاس في يبَـاس!

قال الشيخ: لَـقِّـنْ كُـل يَـباسٍ فيكَ؛ يـَا حَـيّ يـَا قيّـوم.

يا ولدي.. مـِن يقينِ الوِرْد؛ يُوقَـد لَـك غَيـاث المُسَتغيـثين.

كُـل ذَبولٍ مُهيَّأٌ للانطفاء؛ أوقـِده بالدُعـاء..
أوقـِده بـ: يـا حـَيّ يا قيوم!

اظـفَر بإرث نبـِيّك كامـِلاً؛ وَقـُل مثله:
يـا حَـيّ يـا قيـَّوم برحمَـتك أستَـغيث!

لَـمْ يغفُ ليلَـه؛ حتَـى مـَرّ به غَيْـب الوَعـد، ورأى مَصارع القَـوم تَـلوح بين يديـه!

سقَـط الرّداء عَـن كَـتفيه..
فما جثَـا عَـن رُكبتـيه..
وظَـلّ يلهَـج بـالنـِّداء: يـا حَـيّ يـا قيـَّوم
يا بني..
إنَّ (ذكـرُ اللِّسان؛ نتائجهُ الأُجُور.. وذكرُ القلوبِ؛ نتائجهُ الحُضُور)..
حُضور الإجابـة!

قال التلميذ:
فكيفَ نَصـِل إليه؟

ابتسَم الشيخ:
الطَـريق إليه حـجابٌ عن قلبك تـرفعه.

يـا وَلـدي..
عندما تنوي البَـدء؛ تظـهر لك خارطة الطَريق..
و(إنّما أنتَ ما مِلْـتَ إليه)..
والقلبُ إذا آنَـس صُحبة الأسماء الحُسنى؛ لا يـأنس بسواها!

الأسماء الحسُنى؛ طَـريق الكَـرامة..
والكَـرامـة؛ أرضٌ لا تطَؤها أقدامُ التـّائهين!

مدّ لك البساط.. فلا تتأخر..
فإنه لا كفَـّارة لمن أدرك بساط الفضْل؛ ولم يطَـأه..
لا كفَـّارة للمُتـَأخرين!

واذكر الموعد.. {وعَنت الوُجوه للحَـيّ القيـّوم، وقَـد خابَ مَن حمَل ظُلماً}.

فطُـوبى..
لمن تَـرك شَـهوةً حاضرةً؛ لموعـدٍ غائِب لم يرَه!

طُـوبى له..
إذا عنَت الوُجوه؛ وكَـان ثَـوبه طاهـراً.

قال التلميذ: عَـلِّمني يـا مَـولاي كيفَ أحيا!

قال الشيخ:
متَى ما دنوتَ منه؛ لم تُخطئك العنايـة..
من أذِن لروحك أنْ تَصطحب نفحةً منه؛ فقد أذِن لـك بالوصـول إليه!

قال التلميذ:
الّلهُم هذا حـال قلبي.. ثم صمت..
تهدج صوته فقد كانت الكلمات في فم التلميذ نشيجًا..
وكانت عيونه؛ تَفيض!

فقال الشيخ:
هذا شوقٌ ينهـَمر..
(وفي الَليلةِ الظَلماء؛ يَشتعلُ الشَـوق)!
تَعلـّم يَـا حَـيّ يَـا قيـّوم..
فإنّها تَـقي قلبك من كثيرٍ من الحـزن.

وقُـل:
حَـيَّ على الدُعـاء..
حَـيَّ على الأمَـل!

رُبّ ليلةٍ..
تدني سـِرب فَـرح!

وقُـل:
الَلهُم حيـاةً من اسمِك الحَـيّ!

تأمّل في حياة الصَحابة والسَلف والعُلماء والشُـهداء..
كأنّهم أُشربوا بركـة الوقت..
فصار عُمرهم وقتـاً لا غروب فيه..

وكأنّ الفَناء؛ أغلَـق أبوابه، وصار الخُلد سواقي أعمارهم!

تهشّ يَد البقاء عنهم الغياب..
ويتَجلّون في كُـل زمَـان!

يَـا بُنيّ..
حياتك تُشبه دُعاءك لو تأمّلتْ.. فالزم سؤلك ولا تيأس!

ثُم قال الشيخ:
والله مَن رأى الجنّة؛ لم يَستبعد الطَـريق!


فهَاج الشَوق بين التلاميذ..
ونـادى تلميذ:
ومـَن رآهَـا؟

قال الشيخ:
مَن قرّب الله خُطى قلبه..
مَـن أحيا الله له قلبه!

غـِب في لُـجّة السّحر؛ فإنّها تُـقَرِّب..
والله أنجَـح مَـا طَـلبتَ به..
ومن وجد الله وجد الجنة!

فَقُـل:
يَـا حَـيّ يَـا قيّـوم..
أصْلـِح لـي شأنـي كُلّـه..
ولا تكـِلني إلـى نَفْسـي طَـرفةَ عَيْـن!


🔹 د.كِفَاح أَبو هَنّوْد🔹
@MAISON88
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
Forwarded from فلسفات شرقية
4_6048835221594311525.pdf
197.6 KB
▫️

العمل النفسي بين الأشواق والأشواك
الدكتور يوسف مسلم اختصاصي العلاج النفسي

هذه مقالة عن اقتحام قطاع العلاج النفسي، مع نقص التدريب، وأثر العلاج النفسي على المعالجين)
••• لم يسبق - على حد علمي- أن تنامي الشوق للعمل في قطاع الخدمات النفسية في العالم العربي، كما حصل في العقدين الماضيين
•• فقد شهد القطاع النفسي تضخمة كبيرة في عدد الساعين لدراسته أو العمل فيه، ولم يكن نصف أولئك الذين أصبحوا متصدرين للاستشارات والمساعدة حتى ممن درس في الأقسام الأكاديمية المتخصصة في تخريج المختصين في المجال النفسي
• بل لقد دخل في هذا الميدان عدد كبير من غير المتخصصين - بغض النظر عن شکل تقديم الخدمة النفسية
.........
http://t.me/Easternphilosophies

▫️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ التَـاسِعـة

- التَّــوّاب ..

هذا الاسم تُرمم به القُلوب..
فكيفَ هي أرواحكم الَّليلة؟

قال تلميذ:
رُوحي من ظمإ البِعاد مُحترقة..
يا سيّدي..
رحم اللهُ مَن وجد مَـلاذَه...!

قال الشيخ:
ارفع ثوبَك عن الذنبِ تكن صفيًّا!

رمَضان صَومعةُ المؤمن..
يكفّ فيها لسانه وبصره.

فإذا تخلّى؛ صَفـا..
ومَن صَفا؛ تجَـلّى!

انظر كيف تركُض اليوم جَوارحنا في الفتنة.. يُجلبُ الشَيطان بالزّلل عَلينا..
ماذا بقيَ من حُروف إمامَتنا للأُمة إنْ أكلتْ الشَهوات قُوانا!

يا ولدي أنتُم حطبُ التَغيير..
والذنوب نـارٌ؛ لا تُبقي منكم ولا تَـذر.

مَـن للمآذن يَرفعها؛ إن غَرقِتْ أصواتنا في طِينها؟

يا ولدي..
سمى نفسه التـّوّابَ؛ وليسَ التَائـِب..
لأنّه يَظَلُ يَـزرعك في ضِفاف الأَوْبَـةِ؛ حتى لا يغيبَ مَطلعُك!

هُو التَـّوّاب..
فَلملمْ طُيوفك، ولا تُقَـدِّم تَبريـرك..
وقُـل:
خُـذني مـن نفسي إليك..
خُـذني منّي إليكَ يـا الله..

أنت شوَق الأُمّة؛ فمَن ضَـيَّعكْ!

أنتَ ترتيلةُ البَدء للمعركة..
فانفضُ عنكَ اشتهاءَ المَـعاصـي لا تُقعدك..
لا تَقم في تـِيه بني إسرائيل؛ فأنتَ راية طالَ انتِظارها!

اشَتدّ صوتُ الشيخ وهو يقول:
يا أُمـّةً ثكلَت دينها يومَ استباحت شهوةَ الذَنب..
أرثيكِ إذ صَار الرِّبـا مُباحًا، والفتنةُ احتمالاً، والشّك في الله حَـلالاً ... والمحدثات قربات!

أرثيكِ يا أُمـةً..
كُـنتِ أنتِ زمَـن المُستحيل، وكان خَـطوكِ صَداهُ فتحٌ مُبين!

رَبّـاهُ يـا تَـوّاب..
تَلاشتْ مَلامحنا؛ يومَ نبتتْ أغـلال الذُنوب في مَرافقنا!

يَـا ربّ..
كُـل لُغتـنا مَـلأى بتأويـلِ الحَـرام..
تُـبْ عَلينا مـن تِيهنا..
فالباطـِن كُـله صار زبَـدًا.

قال تلميذ:
يَـا خَـفِيّ الُلطف..
أدرِك ما أوشَك مـِن قَلبـي وخَـطوي أنْ يَـضيع!

قال الشَيخ:
أُعيذُ قلبكَ يا ولدي مِن ذَنبٍ يُكَـدّره.. أُعيذُ قلبكَ مِن يأسٍ تمَلـّكَه.

أقبِل على الله..
وقُل للذَنبِ:
دَعْ قلبي إنّي مَلَلتك قَيدًا.

أَعـِذْ صَحيفتـي مـِن إثمـي والهَـوى
يا تواب هَـذي خطايَـاي فـي المـِحـْرابِ تَغْـتَسِـلُ!

يَـا أبنائــي..
كُل دقيقةٍ في المَعصية؛ هـي جـِراح الآخـرة..
وما الدار الآخرةُ؛ إلا رايـات..
ويُبعث الناسُ تحتَ راياتـِهم..
فَـأيِّ الرايـات فـي الحَـشر راياتـك؟!

مَخطوطة على الرَاياتِ؛ أحزانُ الآخرةِ وَأفراحـها..
فلا تَسمع يوم القيامة إلا أنينَ القَوافـِل من حمْلها؛ أو صوت السَّبـق فـي حَسنـاتِ أبرارهـا!

يَـا قَـوم..
إن ضِفاف الفـِردوس لا تُـدرَك؛ حتى للهِ الذُنوب تُـتْرَك.

ارمِ خَطايـاك في محرابهِ..
وقُـل:
هَـذا أنـا.. لا أُحصـي ذَنبـي عَـدَدًا..
إنـّي مُحتـاجٌ إليكْ..
إنـّي أشتَهي؛ كُلّما دعوتُ القلبَ أنْ يُطيع.

إنـّي مُحتَـاجٌ إليـْك..
وأشتهي أنْ تَـتوب عليَّ؛ كَـي أتـوب!

ابكِ بين يديه..
إن أثمَن الدَمع؛ مـا فـي التَوبـةِ انتَـثر.

قال التلميذ:
يَـا رب..
هبْـني حَـالاً كَـحال الصَالحين..
وَدمعًا كَـدمع الُمخبـتين!

قال الشيخ:
أولئكَ مَن تسلّقوا المسافات إلى المَقامات..
أولئك مَن تَوضّؤوا بالغـَيمات؛ وما قبلوا طـِيـن الأرض لَهُـم طَريقـًا!

التَوبـةُ..
عزيمةُ القَلـب للأُمّـة..
التَوبـةُ..
ليست بكاءُ العاجزين بل هي قوةُ الاستعداد في الأمة
التَـوبـةُ..
مَسـارُ العَـودة..
ومَـن تهجـّى البدايات؛ أدركَ خارطـة الطَـريق!

يَـا ولـدي..
اقرأ مَدامعنا اليَـوم.. دمعةً دمعةً..
اقرأ عَواصمنا؛ صفحةً صفحةً..
اقرأ كيفَ عقـَرتْ خَطايـانـا خيلَ التـّغيـير!

يَـا قَـوم..
لا ينتهي الَليلُ؛ إلا على بَـاب الصَحوة..
ولا صَحوةَ للأُمـّة؛ دونَ التَوبـة عَـن هذا الغِياب الطَويل!

يَـا ولـدي..
إنْ أوقـَدوا لكَ في الَمعصية نارَ الفِتـنة؛ فأوقـِد فـي الطاعَـة نَـارَ الهُـدى!

يُسَعِّـرون لكَ الشَهوات؛ حتى يتهَجـّوك وَهماً..
حتى تَغدو هباءً منثوراً!

رمَـضـانُ مواسـم الـذَاكـرة للأُمـّة.. مَواسم سُورة التَوبة..
تبَوح لكَ بأسرارها..
تبوحُ لكَ؛ بمن تعثـّروا بالتأخـّر فتَخلّفوا.

كَـم مرةً أنتَ تأخّرتَ عن الله؟
فقُـل:
الَلهُم تُـبْ عليَّ لأَتُـوب!

يَـا ولَـدي..
تُقاسُ المَسافات في الآخـرةِ بالفَضائل، فَيُـبعثُ الناسُ وبينهم مَسافاتٌ تسمّـى؛ مَقامـات..
فيُقالُ؛ سبقَ فُـلانٌ بِخطوة..
فإذا بها في مَقياسِ الآخرة ممـّا لا تُدركه الأعمـار.. فتب عن تأخرك في المقامات!

يَـا ولـدي..
ستظَـلّ الحياةُ تَعرض عليكَ فِتـنتها لـوناً بعدَ لَـون، وتتَرفـّق بـكَ وهـي تُغريك بما لَديها مِـن زَوال.. فَتشبّث باللهِ.. وقُـل:
(يَـا تَـوّاب.. أسألـك ألا ينطفئَ نَبْضي إلاّ مُطمئناً؛ وفي موضعٍ تُحبّ أنْ ترانـي فيه).

أعـوذُ بـك مـن سُـوء المُنقَلب في النـِّيـّات، والخـطوات، والعـزائم، وما سبَـقَ لنا مـن الحسنَـات!

أنتَ عند الله كلمةٌ طيبةٌ؛ فـلا تأذَن للشيطان أن يَغتال جَذرَك!
صمَتَ الشيخُ..
فَـزفرتْ قُـلوب التلاميذ؛ حتى تَـرى وُجوه الفِتية تَموجُ بالدَّمـْع مَـوجًـا!

قال الشيخ:
إذا امتلأَ القَلـبُ.. ذَرفَـت العيْـنُ؛ وفي المِـحراب مُتـّسعٌ لِكَـثيرٍ مـن الحـزن..
(فإنّ أعبَـد النَـاس رجـلٌ اقترفَ ذنباً، فكلّما ذكَـر ذنبه احتقَرَ عمَله وانكَسرَ لِربـه)..
فلا التـوبـة تُنسيه..
ولا الَـرجـاءُ يُطغيـه!

يا أبنائي.. التَوبـةُ سَـلامَـة..
والـرحمةُ غَـنيمة..
والسَلامَـة تُطلَب قبلَ الغَنيمة!

لـِذا..
كان الصَالحون إذا فَقـدوا آمَالـهم؛ تفقّدوا أعمالهم..
ومَـن استبطأَ رِزقه؛ فليُـكثـِر من الاستغفار!

قال التلميذُ وقد طَأطأ رأسَه:
أُوَاعِـدُ ألـفَ ليـلٍ؛ فَـلا أجـِده إلاّ تَـوّابـًا..
وكُلـّما فتقَ الذنبُ ثَـوبـي؛ وجدتُ عند اللهِ رَتْـقـًا!

قال الشيخ:
(حَـذارِ بَـأنْ نَستَـسيغ الخَطـايـا)..
ويهدأُ في قَلبنا الوَجـل؛ ألا إنّما الأهواءُ مَسالك المأثَـم..
فاحْـذَر فِتـنة التَـّبرير يا فَتى!

لِتـَكن عَينـك علـى الّلحظـة الغائبة..
على لحظةٍ ورَاء الزَمن..
علـى لحظةٍ تنكشفُ فيهـا الحُجـُب؛ ويُقـال لـك:
رَبـِح البَيعُ يـا فَتى!

الَتوبَـة عَتـبةُ النَّصْـر..
وأُمـَةٌ لا تَعـرِف مِمـّا تَـتـوب؛ كيفَ لها لِمَـدارج المَـجد أن تَـؤوب؟!

تفَـقّدوا سُـورةَ التَوبَـة؛ فإنّها الكاشـِفة..
ولرُبّما مَـا كَـانَ يَـومـاً نِفاقـًا؛ صـِرنا نُمارسهُ اليَـوم إيماناً!

ثم قَـام الشيخُ؛ وقـال:
قُـومُـوا لـِسُورة التَـوبَـةِ فاعرضوا توبتكم عليها يَـرحَمكم الله!


🔹 د.كِفَاح أَبو هَنّوْد🔹
@MAISON88
Forwarded from فلسفات شرقية
▫️

كذب المنجمون ولو صدقوا

• قال الشاعر :
اقرؤوا التاريخَ إذ فيه العِبَر....
ضلَّ قومٌ ليس يَدْرُون الخَبَر

•• فالتاريخ يُكرِّر نفسَه - وإنْ على صُوَر متجدِّدة،
ومآسي الماضي هي عِبَرُ المستقبَل، وسُنن اللهِ لا تتغيَّر ولا تتبدَّل.

••• خرج الخليفة المعتصم للرد على ملك الروم توفيل بن ميخائيل لما اجتاح الأخير حصن زبطرة ومدينة ملطية، وعاث الروم فسادا وقتلا وتدميرا في أراضي المسلمين، ومارسوا أبشع أنواع التعذيب على من وقع في أيديهم من الأسرى

•• وانتشرت الرواية الشهيرة عن تلك المرأة العربية التي حينما أُعْتَدَى عليها، صاحت مستنجدةً .. وامعتصماه !!

□■ فزعم المنجمون وحذروا مدعيين أن ...
في كتبهم إن خرج المعتصم إلى الروم فلن يعود سالمًا ولن يكتب له النصر
□ إلا أن المعتصم ضرب بكلامهم عرض الحائط وكان مُصِرًا على الثأر وإستعادة كرامة وهيبة المسلمين فخرج لمحاربة الروم
□ ولم يكترث لتلك الشائعات، فلما فتح ما فتح، وانتصر على الروم انتصارًا عظيمًا وكان ذلك في شهر رمضان 223 هجريًا ..
••• انصرف سالمًا إلى بغداد

¤ فعبر حينها الشاعر الكبير "أبو تمام" ...
عن سخريته من المنجمين وعن ذلك النصر المبين المتمثل في فتح عمورية في أبياته الخالدة التي استهلها بقوله:

السيفُ أصدق إنبـاءً مـن الكتـبِ * في حدّه الحد بيـن الجـدِ واللعـبِ
بيض الصفائحِ لا سودُ الصحائفِ * في متونهـن جـلاء الشـك والريـبِ
والعلمُ في شهـبِ الأرمـاحِ لامعـةً * بين الخميسينِ لا في السبعةِ الشُهـبِ
أين الرواية؟ أم أين النجـوم؟ * ومـاصاغوه من زخرفٍ فيها ومن كذبِ
.......
http://t.me/Easternphilosophies

▫️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ العاشرة

- الواسـِع العَـليم ..

(كُـلّ ضِيقٍ بالله يتّسـع)..
وكُـل ضيقٍ يَـفسحه الدُعـاء..
فإنْ مَنحك البَـوح؛ فقد مَنحك الشِّفـاء!

نثَـر الشَيخ كَلماته؛ فكأنّ في يقينه وحـيَ النُبوة.. ثُم قال:
ولكلِّ حالٍ عند الله تَحويلاً..
حَـوِّلْ نَظر قلبكِ مـن الأشيـاء؛ إلى ربِّ الأشيـاء.

اخلَـعْ نَعليك.. واخلَع حَولَـكْ..
واخْلَع مِن نفْسِك الأنـَا.. وقُل:
جِئتك بالفَقر يـا واسـع الغِنى.. فإنّ {اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
لكنْ المُوقنين فـي خِضمّ الدُعـاء؛ قَـليل!

يَجمع لكَ الله في سورة طَـه {وَسِع كُل شَيءٍ عِلماً}، و {زِدْني عـِلْماً}..
فتعَـلّم كيفَ تقـولُ:
يـا واسـِع زِدْنـي!

مَـا يليـق بـالواسـِع إلا الدُعـاء بـِ: زِدنـي!

هُـنا..
سـِلال الغَيب تنْثُـر فَضلها.

هُـنا الواسـِع..
لمَن قَـرع الأبواب؛ فنادى زِدنـي مـِن فَضـل ما لدَيـك.

رَبـك يُعَـلِّمك كيفَ تسأل.. فَقُـل:
أعـوذ بالله مِن سُؤلٍ بِلا أمَـل!

قُـل:
يـا مُهـَيئَ الأسباب..
يا مَـن بيده مَفاتيح الأبواب..
يـا واسـِع؛ وَسـِّع لنَـا مـخـارج الفَـرج!

قال تلميذ:
أمَـا ترى يا سيّدي الحال..
نَحْـن ُنُـراوغ الجُـوع؛ بالظَّمأ.. ولا شَـيء فـي الأُفـق!

قال الشيخ:
كَـان الصَالحـون يُـوصُـون بعضهم بالقَـول:
يـا أهـل الأكـدار؛ أَدرِكـُوا الأسحَـار!

يـا ولَـدي..
فَيضُ الله هَـل ينْضـب؟!

إذا نَـزلتَ الإجابة..
رأيتَ الفَـرَج ينبلجُ مـن أضيقِ الحِـلَق.

واللهِ..
(لو رِزقـُكَ فـي أقصَى الصـِّين مَـوجود؛ فَجـوادُك مُـعَدٌّ ومَسروج).

فخَلـّص يَقينـك ممـّا عَلـِق بـه؛ يُنجَـز لَـك المَـوعَـود!

فتعلّم حينها معنى الواسـِع العَـليم.

قُـل:
يـا واسع يـا علـيم..
ولا تشغلك الأسبابُ؛ فعلَـى الله وَهـْنُ الأسبـاب، ومَـشقّة الطَـريق!

إذا مَـا أرادَ الله إتمام حاجـة..
أتَـتك على وشَـك وأنتَ مُقيم!

إذا ما أراد الله إتمام حاجَـة..
تَفْـنى الأَميال وتَـأتيك!

تَـجِفّ في عُـمْرك سُنبلةٌ؛ وتُبَـعثِر الريحُ حُبوبها.. فإذا الـوادي سَنابـل بالبـُذور المخفيـّة..
فَـتُدرك حينها معنى؛ الواسـِع العَـليم!

قُـل:
يـَا واســِع..
ودَعْ القلـب يتّسع في مَداها.

يَـا واســِع..
وَدعْ الخـيال يَـتمَـلاّهـا.

يتّسع القَـلب..
ويتّسع الدّرب..
ويتّسع الفَـرَج!

قُــل:
يَـا واسـِع..
فَـيتّسِع الـرِّزقُ؛ حتَـى تثـور فيه بركـة {إنَّ هَذا لـَرِزقَنا مالَـه مِن نفَـاد}.

يَـا ولَـدي..
مَـن يفَتَـتح عُـمره بالأسمـاء؛ تبلُغـه المَـواهب!

يَـا ولَـدي..
هَـل تَدري ماذا تَفْعَـل بنـا الأسمـاء؟
إنّها تُعَلِّمنا السُّكون إلى الله..
تُعلِّمنا حُـرية الـرُوح مـِن الاضطراب!

تُعلّمنا..
وَفـْرة المتاح؛ لَـو مَـدَدنـا أيدينـا بـالـدُعـاء!

وقَـد قَـال الله؛ {نُـوَلـِّه مَـا تَـولـّى}..
فانظُـر في قلبك ماذا تَولّيت!

قال تلميذٌ مِن آخر المَجلس:
والله إنَهم ليَضيِّقـون حُظوظنا بالظُـلم.

قال الشيخ:
اشْكُ للهِ.. وقُـل:
(لَئـِن أخـّروا حُظوظـي؛ فاجعَل يـا مَـولاي حظـّي منك واسعـاً).

لا تُشغل قلبك بالهَـمّ على ما فَـات.. فيُشغلك الشَيطان عَـن الاستعـداد لمـا هُـو آت!

قال التلميذ:
أوّاه مـِن غبَـش القـلوب..
أوّاه!

ردّ الشيخ:
يَـا ولـدي..
( َـن يُكـرَم الغَـرسُ ؛ حتَـى تُكـرَمَ البُقع ) !

قَدِّم قلبكَ مَجلساً في الدُعاء..
فَـاللهُ بالأسْماء يَختبرُ إيمانَك!

إنّ (المطايا كَـثيرة.. لكـنْ الإنـاخَـةُ ثَـقيلة)..
فلا تتَعثـّر بالشَّـكِّ فـي الـوصـول إليـه؛ وهـو يقـول لَـك: {وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}!

على قَـدر السُؤال؛ يكـون العطَـاء.. {وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}!

ارفَـع سَقْف مُناجاتك يقيناً؛ بـأنّ الله الواسـِع المعطي..
ستَـرى الكَـون يَنهمـِر!

قَـال تلميذ كأنّه يفترشُ الرُؤى:
سُـبحانَـه.. وهَـل حَـدٌّ لِمـَا يُـعطـي.. وهَـل حَـدٌّ لِمـَا يُنعـِم؟

ابتسَم الشيخُ.. وقَـال:
افْـرحَ بـِرَبـِّك، وَهُـزِّ حـِبال الوَصـل؛ وقُـل:
اخـْرِجنا مـِن حالِ الاضطرار؛ إلى سعَـة الفَضـل..
{إنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}!

يَـا ولَـدي..
مَن عرفَ الله بفَضله؛ أحسَـن الظَـنّ بـه..
وما وردَت صِفةُ الواسـِع؛ إلاّ ومَـعها وعَـدُ الفَضـل..
فَتَـنبّه!

ومـِن يقينِ الآيـات قُـل:
يَـا ربّ البَشائـِر..
هَبْـنا مـِن واسـِع فَضْلك..
أنت العليم وكاشف الأسـرار..
ارزُقنا بُشـرى؛ {فاستَجـابَ لَهُـم}.

ارزُقنا سَعـةً في طَـاقتنا؛ نحملُ بها أمانـةَ التَكاليـف..
فلا نضيـقُ؛ فَـنُستَبدَل!

ارزُقنا سعـةً؛ تُخرجنا من كُـل ضيـقٍ ضاقتْ حيلتنا عَـن الخَـلاص مـنه.
ارزُقنا سعَـةَ الأوقات؛ حتى تتّسع الساعَـات.. فَيجـري فيها ما لا يجري فـي آمـادٍ مـِن أعمـار النـَّاس.

يَـا واسـِع..
وَسْـع علـى أهـل غَــزةَ فـي أرزاقـها.. وسـعّ مَـخارجهم!

الَّلهُـمَ إنَـا على بُسـط الاسترخاء..
وَهُـم فـي شـِدّةِ الابتلاء!

قَـال تلميذ:
والله مَا الحيـاةُ؛ إلا دُعـاءنَـا!

فيَـا واسـِع يَـا عَـليم..
إنـّا نسألكُ مـِن أنفُسنا مَـا لا نملك إلا بـِك!

قَـال الشيخ:
إنّـي مُخبركـم بأَمْـرٍ؛ فأحسـِنوا فيـه..
ما حمل أحَـدٌ هَـمّ الآخـرةِ؛ إلا وسـّعها اللهُ عَليـه!

يَـا أبنائـي..
{فَلّلهِ الأسمـاءُ الحُسنَـى فادعُـوه بهـا}.

طَـهِّرْ صَـوتَـك..
ثُـمَّ ادعُ بـِما شِئْت!


🔹 د.كِفَاح أَبو هَنّوْد🔹
@MAISON88
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ الحَاديـة عَشـر

- العالِم العَلاّم العَليم ..

‏اسمٌ تُفتح منه دُروب الوَصل..
والعُمر به مِنَـح..
هو دَهشة الأجور..
ومنه كُتِب للعلماء؛ مُتـون القَبـول!

قَـد قالها ابن حنبل:
إنّما يُعطي العَليم مـن خَزائن العِلم؛ مَن أحبـَّه!

عَـليمٌ؛ يُحـب العُلماء..
فكَـان دُعـاء السَلف فـي قُنـوت الصُـبح:
‏الّلهُـمّ لا تُعقنا عَـن العلـم بعائـِق، ولا تمنعنا عنه بمانِع.

ويـا عليـم..
لـُمَّ شتَـات قُلوبنا على علمّ نافـع ننجو به!

قال تلميذ:
سُبحان مَـن وصَف نفسه بكلّ مَـراتب العِلم.

قال الشيخ:
بلَـغ ابنُ الجَوزيّ السِّتِّـين فقـال: (ما بلغتُ ما أملت
فَسـألت الله تَطويل عُـمري في العِلم، فإنّما أطلُـب من القـادر على تجاوز العادات).

فبلَغ تسعةً وثمانين عامـاً..
فما كانت خلوته إلا عـِلماً..
وما كان تَسبيحه إلا تأليفـًا!

ومَن أدّى حَـقّ العلم؛ فُتح لـه مـن أبـواب الفَهـم مـا لا يُفتـح لغيـره.

قال التلميذ:
وَما حَـقّ العلم؟

قال الشيخ:
الـزُّهد في موائـِد الحُكـّام!

فإنّ الُلـقمة قَـد تكون بـِديـنِ الرَجـُل..
أتَدرون مَن العالـِم؟

العالِمُ مَن كـَان لسانه مـن وراء قلبه.. يخشى الفَتوى؛ لأنّها توقيعٌ عَـن الله!

وعلى ضِفاف القيامة..
يتصَدّع الذين تألّوا على الله!

يَطوف ابنُ المقرئ المشـرق والمغـرب أربَـع مرّات طلباً للعلم.

تنتعلُ البشرية خَطوته معرفةً..
ومِن شُقوق قدَميه؛ يَنبُت لنا علـماً..
وهو يقول: (ما أؤثر على ثوابِ طَلب العلم شيئاً.. ومَن بانَ له عِظَم المطلوب؛ بَـذل له كُـل مَرغـوب)!

يَـا ولـدي..
العلمُ لا يعدُلـه عند الله شيئاً؛ لمن صحّت له النِيـّة!

يأخُـذ ابنُ اسحاق عِلمه عن ألفٍ وسبعمائةِ شيـخٍ فما يكِلّ..
أولئك الصَاعدون إلى الفردوس؛ ما مَلـُّوا ولا تَعِبوا.

يبلُغ أحدهم الثَمانين؛ ولا زالت يَـده مَغموسة في حِبر الكتابة..
ويَحمل الواحـد كُتبه فتَبلُغ حِمل أربعين جمَلاً.
كان ذلك علمهم وكان ذاك معنى (الراسخون في العلم)..
أولئك قَـومٌ..
لا تغتالُ الشُبهات إيمانهم..
وليس ثمَـّة شَكٌّ علـى الإيمـان المسقي بالعلم يُـجتـَرأ!

سَـار الخطيبُ بمجلداته على ظهـره من إيران إلى حَـلب؛ حتى امتلأتْ بالعَـرَق.

وكُـتُبه في مخطوطات بغـداد؛ لازال أثَـر العَـرق فيها..
لا شِبـر في جسـده؛ إلا فوقـه أثـر..
ذاك العَـرق؛ قطَـراتٌ يُحبـّها الله!

ويُقيم البزّاز في الحَبس والأغْـلال في يده؛ فيتعلّم لغة الرُوم..
يَلُـفّ وجَعه على كَـدرٍ؛ ويأبى الاستسلام..
قَـد آمَـن؛ أنّ القُرب لله عِلم!

كَـان أحدهم يحـرص على التكلّم في العلم في احتضاره..
فتلك شهـادة الحُـب!

تلك أعمارٌ ما نالها الصَـّدأ.. سقطتْ أصابعهم في بَـردِ الكتابة؛ فاحتسبوها شهادة الأعضـاء!

ويـوم القيامة..
يوزن مـِداد العلماء؛ بدمـاء الشُهـداء!

يحصّل الواحد منهم عُـلوم الشريعة؛ وما بلغَ سبعةَ عشر عاماً!

شَبـابٌ..
لا يعتزلون العَزيمة مـِن مشقـّة الطَـريـق!

قال تلميذ:
يَـا سيـّدي..
نحـنُ اليَـوم بيَن عُلماء الحُكـّام؛ أو جَهـل العَـوام!

قال الشيخ:
صدقت و(لا يُـروّج الباطل؛ إلا في الأزمان والأمكنة الخالية مـِن العـِلم).

احـذروا العابـد الجاهـل، والعالم الفاسـق.. فإنّ فيهما فتنةً لكُـلّ مَـفتون!

العلماء ورثةُ الأنبياء..
(وَالعَالِمُ عِندَ الـعَوامِ اليوم؛ مَنْ صَعِدَ المِنْبَر).. أو اعتلى قناةً فضائية!

قال التلميذ:
يَـا غُـربة الدين اليوم!

قال الشيخ:
الدُّنو من الجاهلين؛ فتنة.

الجاهل يتوهّم العلم؛ وما هو إلا ضرَيـر لا يَـرى!

ولا يُسمـّى العالم عالماً؛ حتى يعلمَ ما تكون به النَجاة..
وبعض عُلماء اليوم؛ صاروا للأُمـّة مَهلكة!

قال التلميذ:
كيف يُـنال العلم؟

قال الشيخ:
لا يُنال العلمُ؛ إلا بالصِّدق في النيـّات..
وإذا عَمـِل العالـِم بالعلم؛ استوتْ له قُـلوب الخَـلق!

كان ابنُ تَيمية إذا أُشكلت عليه المسألة؛ يمضي إلى مسجدٍ مهجور من مساجـد دمشق، فيمرّغ وَجهه في تُراب المسجد، ويدعو:
يا معلّـم إبراهيمَ علّمني..
ويا مفهّم سليمان فهّمني!

يَكتُـب العالم منهم مائة وثلاثين مُصنّفًا؛ تظـَلُّ الأمّـة تقتاتُ عليها، وليس في بيته؛ إلا ثوبٌ خَلقٌ.

وجَـاع الجيلاني؛ حتى صافَـح المَـوت..
وكان يَـرى نفسه؛ يُـزاحـِم على ميراثِ النُّبوة!

عُـلماء..
أوقَـدوا البَصيرة للأُمّـة..
فما فُتـِنوا ولا زَاغـوا.

يَـا أبنائـي..
تأتي فـِتَنٌ على الأُمـّةِ لا يُنـجيهم منها إلا العِلـم!

فِتَـنٌ..
فـي أمواجها؛ تُـمحى بها ملَامـح الحَـلال والحَـرام، وتُبَـدَّل الأفكـار تَبديلاً.

ومَا اشتَـدّ العبَثُ فينا..
إلاّ حيـنَ غَـابـت فَـريضةُ العِلـم.. وعَبدنـا اللهَ بـِحيـَاةٍ لا عِلـمَ فيهـا !


🔹 د.كِفَاح أَبو هَنّوْد🔹
@MAISON88
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ الثَانية عَشـر

- النُّــــــور..

(تقول الفِتن؛ قَـد أصَبته..
ويقـول الدُعاء: بـي نجَـا).

وَمـَن ألهمَـك الدُعاء كتَب لـك النَّجـاة..
والمبصـِر مَـن يَـرى..
ولا يَـرى إلا مَـن صفَـا..
ومن صَـفا؛ صُفـّي لـَه!

كُـل يَـدٍ رفَعت كَفّهـا للسَمـاء؛ لا شَيء في عُمرها مُستحيل!

فلا تُنصت لمن يعبَث بِـيَقينك..
وقُـل:
أعَـوذُ بنورِ وجهِكَ الكـريمِ الذي أضاءَتْ له السماواتُ وأشرقتْ لهُ الظلمات أن يَنـزِل بي غضبك، أو يَـحلّ عليّ سَخَطك!

إنَّ الله هو النُّور..
وإنْ خَـلا المـَرء مـن نـوره؛ استوحش من ذاته!

كان قلـب الشَيخ وهو يتكلّم؛ ينبضُ بحرقـةِ الأنفاس..
وتَغشاه مهـابـة الأسمـاء..
وكـان سـِرّه؛ فـي يَقينه!

نظَـر إلى الجَمْـع؛ وقـال:
نور الله.. وما نور الله؟
نُور الله إذا بلغَك؛ أبصَـرتَ أنَّ التَـلاقِي على الذُنـوب أوّل الفـِراق!

فترى المؤمن إنْ أصابَـه الذَنب ارتجَـف..
رباه.. ما الذي أسقَطني مـِن عينك..
أَقُـلتَ {هـَذا فـِراق بيني وبَـينك}!

نُـور الله إذا بلغَك..
أبصَـرتَ بوادرَ الفـِتنِ؛ قبلَ ظُـهورِها..
فتقطعُ أسبابَهـا؛ قَـبل بوادرِهـا!

نُـور الله إذا بلغَك..
صَار الذنب في قلبك تَعـبًا..
وعلى قَـدر الاجتهاد؛ تَعلو الرُتَـب.

النُـور من الله مَـدد..
والعَطـايـا علـى قَـدر الاستعـداد..
(وعلَـى قَـدر الطَلـب؛ يـأتِي المدد)..
{يَهدي الله لنُوره مَن يشَاء}!

النُــور..
أنْ يكون شـِعـارك:
بقـيَ القَليـل؛ وتَفنـى المَواسـِم..
فلا تكن ممن يخـرُج مـن عَتمة القبـورِ يصيـح: {انظُرونا نَقتبس مـن نوركـم}..
فَـلا تسمَع إلا حسرة: {قيلَ ارجعُـوا وراءكَـم فالـتمِسوا نُـوراً}..
وهَيهـات هَيهـات!

النُــور..
أن لا تتعثـّر الخطوات في جموع الحائـرين؛ إذْ (النُـور منجاةٌ من العَـثرات)!

النُــور..
تكـرار الاستخارة؛ حتَى يستبينَ في عُمـرك الفَـرض من النَّـفْل.. فلا تَـرتبك وتَـتوه ألفَ مـرَة!

يَـا أبنائـي..
إنّ (نصفَ الحَـقّ؛ أشَـدّ إضلالاً من باطـلٍ بَيـّن).

النُــور..
تهيئةُ الزَاد قبل رَحيل القافلة؛ إذا نَـادي المنادي؛ سنَرَحل تَـوًّا!

النُــور..
أنْ تَـرى الكَـون أسباباً للإجـابـة.. ولو لم يكن بين يديك إلا الثَـرى!

أهل النُـور..
مـَن باعوا مـا شانَهم؛ لإصلاح شأنِـهم..
قوم انتَبهوا من رقـدات الأغْمار..
وانتهبَوا للحظات الأعمـار..
وما رأوا العُمر؛ إلا غنيمةً تُغتَـرف!

النُــور..
أنْ تلمح الثَـواب في الحسنة خيالاً.. كأنَـه حوريـةٌ تشتـاقُ ثوابهـا.

وتلمح العذاب في الشَـهوة؛ كأنَـّه لهيبٌ ينتظـر حُطامه..
ولا تَـرى الفتن؛ إلا مَراقي، كُلّما غَلبتَ واحدةً قيل لـك:
مَـا بقي على مقعد صـدق؛ إلا بضع فِتـَن..
فتَشبـّث!

النُــور..
أنْ ترى الغَـيب ودائع..
فأودِع غيبك ما شئت..
إنّ الودائع مُستردّات!

وأهل النُـور..
مَـن ملأوا مراكـب الآخرة؛ متاعاً من سوق العزائـم..
فلمّا هبـّْت ريـاح الرحيل؛ أسفرتْ الجنّة لأهل المغانم!

نُـور الله إذا بلغَ قلبك..
تَـرى الحُـور نُـوراً..
والولدان لؤلؤاً مَنثوراً.. والحَسنات قَـد وُزنت لـك نعيمـاً!

ثُم إذا رأيَت المزيد في حَواشي المخبوء عنك يتجلّى؛ كلّما تحركْـتَ على الكثبان سَيـرًا.

ورأيت معنى: {دانية ظِلالها} حتَـى رُويت مـن مـاء الكَـوثر ريـّا!

فاعلَـم حينها..
أنَ الله قد قَـذف فـي قلبك من نُـوره نُـورًا..
{فَـخُذ ما آتيتكَ وكُـن من الشاكـرين}!

إنَ القُـلوب إذا صفتْ رأتْ!

قال تلميذ:
طوبى لمن تَغلغل النُور في بصيرته.

قال الشيخ:
إذا ألقـى الله في فؤادك نوراً؛ فلا مشقّة في العَتمة..
وإذا ألقـى اللهُ فـي فُـؤادك نُـوره؛ (فقُـل للظـُلمات: مَـا تشائين فافعَـلي).

إنَما يتعثّر في الظلمات؛ مَن لم يُجعَـل له نُـورًا..
فقُـل: الّلهمّ أرنـا بركَـةَ الأسماء!

يَـا ولَـدي..
مَـن ركـن ظَـهره لغيـر رُكـن الله سقَـطْ..
فقُـل:
أعـوذ بنور وجهك من كَشف ستْـرك!

(وإذا وجدتَ في قلبك ظلمةً بعد المعصية؛ فاحـمد الله..
فلولا النُور؛ ما استَوحش قلبك مـن دخول الظُلمة).

قال تلميذ:
وما نفعلُ بالشهوات؛ إذا همَست همسـَاً خفيـّا؟

قال الشيخ:
لا يُـبتلى بحبّ الشهوات؛ إلا مَـن خَـاض في ذنُـوب الخلوات!

ويَحَـك..
تتَضلـّع من إبريق الفتنة؛ ثُـم ترجو ثباتًا.. ثُم ترجو نُـورًا!

(حـرامٌ على قلـبٍ أنْ يدخله النُّور؛ وفيه شَـيءٌ ممّا يكـره الله)!

ومَـا أنتَ..
إلا خيَـارات قَلبـِك.

جاهـِد كل ما يسلبك حَـال: {يسعى نُورهم بينَ أيديهم}!

تأمَـل آية النُـور؛ كيف اكتمل الإنـاء {الزجاجةُ كأنها كوكبٌ دُريّ}..
فأسفـَر النُـور..
فلا يكُـن قلبك اعوِجاج الإناء..
فيتَشتّت النُــور!

تعبـّد بسورة النُـور..
{ولَيستعفـِف}!

يَـا ولَـدي..
ماجَـت الفتن؛ إذ غَـاب عنّـا: { ُل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم}..
تلك أحكامٌ؛ يُـراد لها أنْ تغيب كَـي نَغـيب!
المصابيح للُأمـّة؛ يسـرج الله لهم أنوارهم.. فاسمَعوا عَـنّي:
رابَـط أحَـد العُـلماء في ثُـغور الشَـام مُعَلـِّماً، ثُم نَوى العُزلة للعبادة، فحدّث بذلك طلابه، فجاءَه تلميذه في اليوم التالي يقول لَـه: قَد رأيتُ النَبي ﷺ وعَن يمينه أبي بكر، وعن يساره عُمـَر، وأنت تسيـر بين أيديهم، ولك قناديلٌ معلّقة في المسجد النَبوي؛ ينطفئ بعضها في إثر بعض.. فلمّا جَزع لذلك أبو بكر وهمّ بإصلاحها.. أوقَفه النَبي ﷺ وقال: دعه إنّه يُطفئ مصابيحه بـِيده!

أنـِر الزاوية التي أنت فيها..
ولا يسلبنّك الشيطان قـِنديلك!

وكُـن زيتونةً الأمـّة؛ يكَـادُ نورهـا يُضيئ {ولو لمْ تمْسَسه نـار}.. وَقُـل:
الَلهُـمّ اجعلنـي نُـوراً..
واجعَلنـي {نـُوراً على نُـور}!


🔹 د.كِفَاح أَبو هَنّوْد🔹
@MAISON88