Isolation
11.9K subscribers
598 photos
13 links
Download Telegram
Horyon Lee
رغبة | إدواردو غاليانو

"عثر رجل على مصباح علاء الدين وهو يتسكع. بما أنه قارئ كبير عرفه الرجل وحكّه. ظهر الجني، انحنى باحترام، وقال: "شبيك لبيك، عبدك بين يديك. تمنَّ أمنية واحدة فقط". وبما أنه فتى جيد، قال الرجل، "أتمنى أن تعود أمي من الموت". عبس الجني. "أنا آسف يا معلمي، هذه الأمنية مستحيلة. هل يمكن أن تتمنى أمنية أخرى". بما أنه رجل جيد قال: "أتمنى أن يتوقف العالم عن إنفاق النقود لقتل الناس". بلع الجني ريقه: "آه.. ماذا قلت إنّ اسم أمك؟".
سلام الأشياء البريّة | ويندل بيري

"عندما ينمو اليأس من العالم بداخلي
وأستيقظ في الليل لأقل صوتِ
خوفًا مما قد تكون عليه حياتي وحياة أطفالي،
أذهب وأستلقي حيث البط
يسترح بجماله فوق الماء، ومالك الحزين يقتات.
لقد جئت إلى سلام الأشياء البريّة
التي لا ترهق حياتها بعواقب الحزن.
جئت إلى سكون الماء،
والشعور بنجوم النهار المطفأة فوقي
تنتظر مع ضوءها.
لبعض الوقت
أستكين في رحابة الكون،
وأكون حرًّا".
تعالي نتأمل الجلال | بختيار علي

"جليلة هذه النجمة التي
تسع كل ذا الضياء.
كبيرة قطرة الماء هذي
إذ تعرف، على صغرها،
أنها ابنة البحر.
عظيم ذا الشعاع الهائم منذ القدم في السماء
ولم ينس الشمس للآن.
جليل ذا الحقل الذي لو أثمر
لامتلأ بتفاح لا مرئي.
كبير ذا البرعم الذي لو نضج
لامتلأ بحديقة لا محكية.

تعالي صديقتي نتأمل الجلال
في وريقة عشب
ملآى بورد الزوابع
بأنفاس العواصف الحزينة
تعالي نتأمل جلال حمامة
طافح قلبها بالأحراج
بطلقات مباغتة
بتحليق مفاجئ

لكن الموت يا صديقتي
أعظم من كل شيء
وإذ تحين فرصتنا
كي نستحيل وردًا
كي نستحيل غمامًا
كي نستحيل ماءً
وإذ نكتظ بعطر العشق
بموسيقى النور
إذ نتخم بالجمال
يقف على رؤوسنا..
ينادي مثل أم حنون:
هلموا لأحضاني.. هلموا لأحضاني..
قد قضيَ الأمر!"
الجحيم للشعراء | بختيار علي

"الشعراء يدخلون الجحيم
كما يدخل القتلة واللصوص
كلهم، كلهم، للجنان!
نحن مثوانا الجحيم
وكل الذين لا يفقهون المواجع
طريقهم، يا للأسى، مفروش للجنان!
الفارون من الجحيم يحسبون النعيم في الجنان
لكن سعادتنا في الكتب التي
نقرأ معًا رمادها،
في تلكم الحروف المحروقة التي
أبدًا لا تستحيل لنا إلى كلمات.

لا، لا يذهب الشعراء للجحيم
الله يأخذهم إليها
ولم لا يفعل؟
لا الملائكة ولا البشر بقادرين
أن يقرأوا النار.
نحن فقط من يجيد
قراءة النار وكتابتها!

الشعراء يدخلون الجحيم
حيث ابتداء القصائد كلها
ما الإيقاع سوى النار
التي تضطرم في قلوبنا
ما الوزن سوى
أن نستعين باللهيب
كيلا نهوي إلى القاع.
والنار لولاها ما استطعنا
أن نرى حقيقتنا
وهيهات.. من أين لنا بالمرايا
سوى في الجحيم!

علينا أن ندخل الجحيم
لولاها لن تفتح أبواب أرواحنا
لولاها مادت بنا الجدران
هلمّي يا صديقتي إليها
فهناك صادق الكلمات
هلمّي إليها فأنني أرى الجنة من بعيد
صامتة خاوية
لا تصدح فيها قافية!".
كل شيء سهل جدًا | إيديا فيلارينو

"كل شيء سهل للغاية أسهل
بكثير، لكن، حتى في هذه الحال،
هناك لحظات
إما أنها أكبرُ مما أتحمّل
أو أني جاهلةٌ
ولا أعرفُ إن كان عليّ أن أبتسمَ للالتماعات
أو أن أبكيَ من الخوف
أو أن أبقى هنا بلا بكاء
وبلا ضحكٍ
في صمتٍ
متكفّلةً بحياتي
بطريقي
بوقتي".
مواجهة شريفة | يانيس ريتسوس

"تناقشا طوال الليل، تنازعا،
أمعنا في الشِّجار؛ حاولا بصراحة وانفعال
أن يجدَا حلًّا، انفصالًا ما،
تبادَلاَ الإهانات؛ وتأسّفا -برعونة- للوقت
الضّائع
وفي النهاية تعرَّيَا من ثيابهما ومكثَا
هكذا، رائعيْن، عاريَيْن،
مُذَلَّيْن، وجريحيْن.
كان النّهار يطلع.
انطلق من السّطح المجاور رفُّ طيور
مثل لاعب ورق يكشف أوراقه الرّابحة غِشًّا.
هكذا، بلا براهين، بلا مبرِّرات، بلا ضمانات،
طلع النّهار من وراء التِّلال
مع غطرسة الفعل القاسية".
الأغنية الصغيرة | أحمد شاملو

"أين أنتِ؟
في ساحة هذا العالم اللا منتهية

أين أنتِ؟
أنا واقف في أبعد مكانٍ في العالم:
جنبك.

أين أنتِ؟
في ساحةِ هذا العالمِ القذرة

أين أنتِ؟
أنا واقفة في أطهر مقام في العالم:
على شاطئ هذا النهر الكبيرِ الذي
يغنّي لك".
أنا وأنت | مريم حيدري

"طوبى لبرهةٍ نجلس فيها في الشرفةِ أنا وأنت
بنَقشينِ، بهيئتين، وبروحٍ واحدةٍ، أنا وأنت
زهوُ النباتِ وتغاريد الطّيور تمنحنا ماءَ الحياة
لمّا نطلّ على البستانِ أنا وأنت
تُقبل نجوم الأفلاك لتنظرنا
فنريها قمرَنا أنا وأنت
أنا وأنت نجتمع وجدًا دون أنا وأنت
جذلينِ وبعيدينِ عن الأباطيل المشوشةِ، أنا وأنت
ببغاوات الفلك تتناول السكّرَ جمعاء
في ذلك المقام الذي نضحك فيه أنا وأنت
والأعجب أننا، أنا وأنت، جالسين في نقطةٍ هنا
وفي اللحظة نفسها نقطن العراقَ وخُراسانَ، أنا وأنت
بصورة على هذه الأرض نسير وبأخرى
في الفردوس الخالد وفي حقل السكّر، أنا وأنت".
Couple at the Shore | Pablo Picasso
كل شيء ينتظر مجئيك | جمال ثريا

"حبيبتي، الآن أنا، في مدينة كبيرة فيكِ أفكر،
بيدي قلم أزرق فاتح، وفي جيبي علبتا سجائر،
حياتنا من أمام عيني تَمُر؛
خروجنا، وشربنا للماء، وقبلاتنا،
-تطفر من عيني الدموع عندما أتذكّر ضحكاتنا-
الأزهار، الأزهار، رويت الأزهار هذا الصباح.
وجه تلك الوردة واجم بدونكِ،
والنبتة التي كنتِ تراعينها وتروينها بالماء،
على النافذة حزينة هذه الأيام،
عادت خيوط الشمس إلى النافذة؛ كثيفة وفياضة.
أما الصحون، فهي على المائدة تعيسة،
والردهة مهجورة،
والمناشف في الحمام وحيدة،
لو ذكرتي المطبخ، فهو كارثي وقذر،
ومسحوق الغسيل هناك يقف، وسلة الخبز فارغة،
والمروحة متقطّعة الأنفاس،
والسجاجيد ردمها الغبار،
وملابسي في الخزانة متناثرة هنا وهناك،
والمصباح الأزرق الليلي فاتر للشغف.
الباب ينادي: افتحني واغلقني،
والستائر كالثعابين تغيّر جلدها،
أما المذياع فهو صامت،
والمقعد يغار من الكراسي،
والغرفة الصغيرة مهجورة ومُعتمة،
كل شيء ينتظر مجئيكِ كل شيء
وينتظر وطأة قدميكِ إلى الداخل،
ولمسة يديكِ،
ونظرة عينيكِ،
كل شيء سيعيد من جديد،
حُبّي الجمّ لكِ".
الضوء وأنا والورد والماء | سهراب سبهري

"لا غيم
لا ريح
أجلس عند الحوض:
دوران السمك، والضوء، وأنا، والورد، والماء
وطهارة عنقود الحياة
أمي تقطف الريحان
خبز وريحان وجبنة، وسماء بلا غيمة، وبتونيا مبللة
الفلاح قريب، بين ورود الباحة
كم يتغنج النور في وعاء النحاس!
السلم يأتي بالصباح
من أعلى الجدار إلى الأرض
كل شيء مختبئ خلف الابتسامة
في جدار الزمن كوة
يظهر من خلالها وجهي
توجد أشياء لا أعرفها
أعرف لو أنني قطفت نبتة سوف أموت
أحلق في الأعالي، أنا مفعم بالأجنحة والريش
إنني أرى في الظلام، أنا مفعم بالفوانيس
أنا مفعم بالنور وبالرمل
ومفعم بالحراشف والأشجار
مفعم بالطرق، بالجسور، بالأنهار
بالأمواج
مفعم بظلال ورقة في الماء
وكم وحيدة أعماقي".
كانت قصيدة حُبّ | جين هيرشفيلد

"كانت هذه يومًا ما قصيدة حُبّ
قبل أن تتصلّب مفاصلها، ويتسارع نفَسها،
قبل أن تجد نفسها جالسة،
مرتبكة وحائرة قليلًا،
فوق وقاء سيارة مركونة،
بينما يمر الناس جنبها دون أن يديروا رؤوسهم.
 
تتذكّر نفسها وهي ترتدي ملابسها كأنها تتهيأ لموعد استثنائي.
تتذكر اختيار هذا الحذاء،
هذا الوشاح أو الرباط.
 
كانت فيما مضى تشرب الجعة في الفطور،
وتحرك قدميها
في نهر جنبًا إلى جنب مع قدمَي آخر.
 
كانت فيما مضى تتظاهر بالخجل، ثم أصبحت خجلة حقًّا،
مطأطئة رأسها حتى سقط الشعر إلى الأمام،
فلا تعود العينان مرئيتين.
 
كانت تتكلم بشغف عن التاريخ، عن الفن.
كانت جميلة حينها، هذه القصيدة.
تحت ذقنها، لم تتهدل طيّة جلد.
خلف الركبتين، لا لبادة شحم صفراء.
ما كانت تعلمه في الصباح تبقى مؤمنة به في الليل.
ثقة غير مستحضرة كانت ترفع عينيها ووجنتيها.
 
الرغبة الشديدة لم تتضاءل.
لم تزل تفهم. حان الوقت لتتأمل قطة،
زراعة البنفسج الأفريقي أو الصبار الزهري.
 
أجل، إنها تقرر:
شجيرات صبار صغيرة عديدة، في زهريات زرقاء وحمراء الطلاء.
حين تجد نفسها
يقلقها الصمت المطبق وغير المألوف لحياتها الجديدة،
فسوف تلمسها -واحدة، ثم أخرى-
بإصبع واحد ممدود، كأنه لهب صغير".
لا أريد أن أموت | بوريس فيان

"لا أريد أن أموت
قبل أن أعرف
كلابَ المكسيك السوداء
التي تنام دون أن تحلم
وقردةَ المناطق الاستوائية
العاريةَ الضّارية
والعناكبَ الفضيَّة
في العشِّ المفخّخ بالفقاعات
لا أريد أن أموت
دون أن أعرف
ما إذا كان القمر
يقع تحت أجواء المالِ الزّائف
في زاوية حادّة
ما إذا كانت الشّمس باردة
وهل الفصولُ الأربعة
هي أربعةٌ فقط
دون أن أحاول
أن أرتدي لباسًا طويلًا
في الشوارع الكبرى
دون أن أحدّق
في نظرةِ البالوعة
دون أن أضعَ قضيبي
في أماكنَ غريبة
لا أريد أن أنتهي
دون أن أعرف الجذام
أو الأمراض السبعة
التي تصيبنا هناك
لا الخير يُؤذيني ولا الشرّ
لو كنتُ أعرف
أنّني سأنال الهديّةَ الأولى
هناك أيضًا
كلُّ ما أعرف وما أحبُّ
هو أنّني أعرفُ ما يعجبني
قاعُ البحر الأخضر
حيث جدائل الطّحالب
ترقص الفالس
على الرّمل المتماوج
عشبُ حزيران المشويّ
الأرضُ المشقوقة
رائحةُ الصنوبريات
وقبلاتُ هذه المرأة
على ما هي عليه
الجميلةُ ها هنا
أورسونتي، الـ"أورسولا"
لا أريد أن أموت
قبل أن يلبسَ فمي فمَها
ويدي جسدَها
والباقي تلبسه عيناي
لن أقول أكثرَ من ذلك
يجب أن أظلَّ موقّراً
لا أريد أن أموت
دون أن تُخترعَ
الورودُ الأبدية
واليوم ذو الساعتين
البحرُ فوق الجبل
والجبل تحتَ البحر
نهايةُ الألم
والأيّامُ بالألوان
وكلُّ الأطفال سعداء
والكثيرُ من الأشياء أيضًا
التي تنام في الجماجم
مهندسون عباقرة
اشتراكيّون مُهتمّون
مخطِّطون حَضَريون
مفكّرون متأمّلون
الكثير من الأشياء
للمشاهدة والإنصات
الكثيرُ من الوقت للانتظارِ
والبحثِ في الظلام
وأنا أرى النّهايةَ
وهي تحتشد وتنقادُ
بفمِها البذيء
تفتح لي ذراعيها
مثل ضفدعةٍ تنطُّ
لا أريد أن أموت
لا يا سيّدي لا يا سيّدتي
قبل أن أتذوَّق
ما يعذبُّني
لا أريد أن أموت
قبل أن أتذوَّق
طَعمَ الموت".
باقات أزهارٍ تذبل | فيديريكو غارثيا لوركا

"كأمواجٍ تراكزت على الماءِ، كلماتُكِ في قلبي. كطائرٍ يتلاطمُ في الرِّيحِ، قُبلتُكِ على شفتيَّ. ومثل ينابيعَ مفتوحة تُجابِهُ اللَّيلَ، عينايَ المُعتمتانِ على جسدكِ. تتلقَّفُني دوائرُكِ المتراكزةُ. فأدورُ، مثل زُحَل، حولَ حلقاتِ أحلامي. ليسَ كُلِّيَ يغرقُ، ولستُ أصعدُ. يا حُبِّي! أسفلَ الضِّفافِ، كانَ اللَّيلُ، مُخوِّضًا، قد تلاشى. وعلى نهديِّ لوليتا، باقاتُ أزهارٍ، مِن أجلِ الحُبِّ، تذبلُ. مِن أجلِ الحُبِّ، باقاتُ أزهارٍ تذبلُ. اللَّيلُ العاري يُغنِّي عبرَ جسورِ آذار. ولوليتا تغسلُ جسدَها في ماءٍ آسنٍ ونارَدِينْ. مِن أجلِ الحُبِّ، باقاتُ أزهارٍ تجوعُ. اللَّيلُ يانسونٌ، كُلُّهُ، وفضَّةٌ، يلمعُ فوقَ قرميد السُّطوحِ، فضَّةُ الجداولِ والمرايا. يانسونُ فخذيكِ البيضاوَيْنِ. مِن أجلِ الحُبِّ، باقاتُ أزهارٍ تموتُ".
Irina Bolshakova
سوناتا الشكوى الجميلة | فيديريكو غارثيا لوركا

"إياكِ أن تدعيني أفقد روعةَ عينيك
الماثلتين كعيني تمثال
أو الوقعَ الذي تضعه
وردةُ أنفاسك الفريدة
على خدّي ليلًا.
أخشى أن أكونَ على هذا الشاطئ
جذعًا بلا أغصان
وجلّ ما أخشاه
ألا يكونَ لي زهرةٌ أو لبابٌ
أو طين
لديدان يأسي.

إذا كنتِ كنزي المخبّأ
إذا كنتِ صليبي أو وجعي الطريّ
إذا كنتُ كلبًا وأنتِ صاحبي الأوحد
إياكِ أن تدعيني أفقد ما نلت
وزيّني أغصانَ نهرك
بأوراق خريفي المبعد".
ضحكتك تنقّي دمي | عبدالعزيز البرتاوي

"كجهاز غسيل كلى،
تنقّي ضحكتك دمي من كل أحزانه،
تذهب فيه عميقًا، وأنجو.
هذه المدينة صاخبة،
لكن ضحكك بروحي أصخب؛
فلا أبالي بها.
أيتها الآتية من بلاد الشمس
والضحك المتصل
والسهر المديد،
مدّي يديك،
أبايعك قمرًا أبديًا
في سماء روحي".
الشمس تشرقُ لي | صلاح فائق

"سئمتُ حياتي اليومية: تنظيف البيانو صباحًا، زيارة شجرة تين صديقة لي، إرسال باقة زهر الى مأتمٍ أو عرس. يغالبني نعاسٌ مفاجىء كلما أقومُ بهذا أو ذاك. طفلاً كنتُ، حين أخبرتني أمي، أنّ الشمس تشرقُ لي، وأن لا أسلّمَ نفسي للأحزان؛ فكل حزنٍ نشالٌ ما، قالت. لم أصدقها آنذاك، رأيتُ نصائحها بلا جدوى؛ لكنها تعودُ الآن، كل مرة، ولا تختفي. بقي ذهابي، بعد هذه الظهيرة، لأستلفّ بدلة جديدة؛ للقاءِ صديقتي في حانة".
يدُك الضئيلة حديثٌ طويل | أحمد الأمين

حارسُ البراويز

"أريدُ ساعةً إضافيّةً
أُهرّبُ فيها الأشياءَ من البراويز
ضحكةَ أمّي في الصّورة
فستانَها الأحمر
شرودَ أبي الدّائم
خوفَهُ الظاهرَ رغمَ الابتسامة
خوفُ الآباءِ ندبةٌ لا تُمحى.

أذكرُ أنّه في زمنٍ ما
كُنّا عائلة
وكانَ ثمّة فرحٌ رفيع
يجمعُ عيونَنا،
وأذكرُ أنّني قفزتُ في زمنٍ آخرَ
هكذا
كمن يقفزُ من برجٍ عالٍ
واثقًا أنّه لن يرتطم.

حفرةٌ منَ الوحدةِ والكلامِ القليل
هذا أنا يا أبي
وجهٌ شاحبٌ ينظرُ إلى صورة
أنا
حارسُ البراويزِ الذي لا يتعب
أنتظرُ رجوعَ لحظاتٍ زائلة".

فتاة القارّة البعيدة

"غدًا
ينتهي بكِ الأمرُ
في قارةٍ بعيدة
محيطان
وملايينُ الحيواتِ بيننا
غداً عندما تستلقينَ
تحتَ السّماء في الجهةِ المقابلة
سينقبضُ قلبي
وأفركُ رأسي محاولًا التذكُّر،
شكل شعرِكِ إذ يبلّلهُ الماء
وشكل عينيكِ بعد قبلةٍ طويلة،
سأقضي بقيّةَ يومي
قابضاً على رائحتكِ
بكلّ ما أملكُ من حُبّ.
كلُّ ذلكَ غدًا
عندما تختفينَ في القارّة البعيدة".

حزنٌ متوارث

"نرثُ كلَّ شيء
العيونَ والقامات
الخيبة والانكسار،
كلّ شيء.
أتذكرُ عينيك يا أبي
غيّر الوقتُ كلّ ملامحكَ
ولم يفعل شيئا في عينيكَ،
يرسو الحزنُ في العيون،
كخاتمٍ في قاع البحر
ورثتُ كل خواتمكَ،
ليسَ ثمّة تفسيرٌ آخر،
وإلّا من أينَ يأتي كلّ هذا الحزن؟".

حديثٌ طويل

"لا أعرفُ كيفَ يقولُ النّاس ما بهم. كيفَ يجدونَ مفرداتٍ على قياسهم. تعوّدتُ على السّكوت حتّى كادَ فمي يختفي. أمّي تقولُ إنّني لمْ أنطِق كلمةً حتّى بلغْتُ الرّابعة، وبعدها، تكلّمتُ دفعةً واحدة.
لا أعرفُ كيفَ أفسّرُ لكلّ هؤلاء، أنّني غيرُ راغبٍ في قول شيء. ليست لديَّ أقوال أخرى. كيف أشرح ذلك بلا عناء. الصمتُ أحلى يقولُ المستوحدونَ. الصّمتُ أحلى يقولُ الراحلونَ بلا كلمات أخيرة.
لا أريدُ أنْ أحكي. يدكِ الّتي تشدّين بها على أصابعي إذ نتصافح، لا تحتاجُ إلى الشرح. هكذا أفهم أكثر. أعرفُ كلَّ ما تريدينَ قولهُ في الثّواني القليلة الّتي تتشابكُ فيها أيدينا.
يدُكِ الضئيلةُ حديثٌ طويل".