|| غيث الوحي ||
45.6K subscribers
36 photos
6 files
4 links
(صفات الله -عز وجل- هي أجمل شيءٍ في الوجود، علم ذلك من علمه، وجهله من جهله)
للتواصل @tawasul111_bot
Download Telegram
يفسر بعض المفسرين لفظ "المُلك" في القرآن عندما يكون في حق الله: بالتصرف والتدبير، وهذا يفتح بابا للتدبر، فالملك لا يعني الملكية فحسب، بل لله -كذلك- التدبير والتصرف "الكامل" في ملكه الذي يملكه، وليس ذاك لملوك الأرض، الذين قد يكونون ملوكا بالاسم ثم لا يملكون -في الحقيقة- كل ما يكون داخل ممالكهم، ولو ملكوه لا يكون لهم حق التصرف الكامل في كل أجزائه، ولو ملكوا حق التصرف ما استطاعوا أن يفعلوا كل ما أرادوه لنقص القدرات والموارد والمعلومات.

أما مُلك الله عز وجل للسموات والأرض، فلا يشبه مُلك البشر في شيء، ففيه ملكيته لكل ما فيهما، والتصرف الكامل والتدبير فيهما دون أن يغالبه أحد، وعلمه التام بكل ذرةٍ تحويهما، ثم القدرة الكاملة على كل شيء أراده فيهما، ولذلك فإن ذِكر المُلك في القرآن يأتي بعده كثيرا ذِكر القدرة المطلقة لله الملك عز وجل، فتأمل.

(قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلۡمُلكِ تُؤۡتِی ٱلمُلكَ مَن تَشَاۤءُ وَتَنزِعُ ٱلمُلكَ مِمَّن تَشَاۤءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاۤءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاۤءُۖ بِیَدِكَ ٱلۡخَیرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ)
[سورة آل عمران 26]

(وَلِلَّهِ مُلكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ)
[سورة آل عمران 189]

(وَلِلَّهِ مُلكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلأَرۡضِ وَمَا بَینَهُمَاۚ یَخلُقُ مَا یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ)
[سورة المائدة 17]

(أَلَمۡ تَعلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلأَرۡضِ یُعَذِّبُ مَن یَشَاۤءُ وَیَغفِرُ لِمَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ)
[سورة المائدة 40]

(لِلَّهِ مُلكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا فِیهِنَّۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرُۢ)
[سورة المائدة 120]

(لَهُۥ مُلكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۖ یُحۡیِۦ وَیُمِیتُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ)
[سورة الحديد 2]

(یُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلكُ وَلَهُ ٱلحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ)
[سورة التغابن 1]

(تَبَـٰرَكَ ٱلَّذِی بِیَدِهِ ٱلمُلكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ)
[سورة الملك 1]

فسبحان الملك الحق، القادر المتصرف في ملكه كيف يشاء!
لماذا يزداد المؤمنون إيمانا عند نزول البلاء بهم، واشتداده عليهم؟

ذكر هذا السؤال الشيخ أحمد في صفحته، داعيا للتأمل فيه، والتفكر في جوابه، فكتبت هذه المحاولة للجواب عنه:

أولا: لأنهم يعلمون أن طريقهم الذي يسيرون فيه هو طريقٌ لابد فيه من نزول البلاء بأصحابه، فقد مرَّ قبلهم أشرف الخلق من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين عبر ذلك الطريق، ونزل بهم كلهم من شدة البلاء ما يتيقن به المقتفي أثرهم بنزوله به لا محالة، فيظل يسير مترقبا منتظرا، حتى إذا اشتد به البلاء، ونزل به ما كان ينتظره، علم أنه ما أخطأ الطريق، وأنه قد لحق بالركب، فازداد إيمانا برؤيته لمعالم الطريق الذي لبث طويلا يرجو الاهتداء إليه.

ثانيا: أن البلاء عند نزوله بالمؤمن، واشتداده عليه، فإنه يستخرج منه عبودياتٍ لم يتعبد الله بها من قبل، ويهيئ له القيام بطاعاتٍ لا تتاح له في أي وقتٍ آخر، فالالتجاء إلى الله عند شدة الحاجة، والتضرع إليه أشد التضرع عند نزول البأس، وحسن الظن به عند انقطاع الأسباب، والخوف منه وحده عند تعدد دواعي الخوف، والصبر في سبيله عند طول الشدة، والإقبال عند إدبار أكثر الناس، كل ذلك يفتح له أبوابا من الرحمات الإلهية لا تُفتح لغيره، ولتذوق حلاوة عبودياتٍ لم يذقها من قبل، فيزداد بمجموع ذلك إيمانا ويقينا لا يحصل له دون حصول تلك الأسباب.

#الابتلاء
#العبودية
طوبى لأصحاب العقول، الذين جعلوا معيار تعظيمهم للأعمال والأيام والشعائر: هو ما يعظمه الله عز وجل، لا ما يعظمه البشر.

فإذا علموا عِظَم طاعةٍ عند خالقهم، التزموها ولو هجرها الناس، وإذا علموا عِظَم معصيةٍ في ميزانه، فروا منها وهابوها ولو تجاسر عليها الناس، وإذا علموا تفضيله لأيامٍ اختارها، ومحبته لمن أقبل فيها: أقبلوا بكليتهم ولو لم يكترث الناس.
تنوع الأعمال الصالحة نعمةٌ من الله، وسعةٌ للمؤمن، يتقرب إلى الله بما يتيسر له ويفتح الله عليه.

لكن اللبيب من يضع أعماله في الميزان، فيعرف فاضلها من مفضولها، ثم يختار أفضل أعماله ليقوم بها في أفضل الأوقات.

والأعمال الفاضلة معلومة، لا تخفى على أغلب الناس، لكنك لو سألتني أن أختار عملا واحدا، يناسب التركيز عليه في أزمنة المواسم ومضاعفة الأجور، لاخترت الذكر، ذلك أنه -على يسره- عظيمٌ جدا في ميزان الشريعة، ومن تأمل النصوص علم ذلك.

وأفضل الذكر: قراءة القرآن الكريم، وأعظمها وأكثرها خيرا وبركة وهدى: قراءته بتدبر.

فلا تدع أيام عمرك تفوت دون أن تلحق بركة تدبر القرآن الكريم، فلعلك إذا تدبرته أن تهتديَ بهديه، وتستبصرَ بنوره، ولعلك إذا تدبرته أن تلحقك رحمةٌ يصلح بها شأنك، وتُشفى بها أمراض قلبك، والله شكورٌ لا يضيع عمل المحسنين.

#عن_القرآن #التدبر
قال ابن رجب رحمه الله:

"وأمَّا نوافل عشر ذي الحجَّة، فأفضل من نوافل عشر رمضان، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة، تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره".

فتح الباري ٦/ ١١٤

#المواسم
إذا قرأت القرآن، فلا تمر على اسمٍ من أسماء الله الحسنى الواردة فيه دون أن تُرجعَ البصر، وتعيدَ النظر، وتتفكرَ في معنى ذلك الاسم، ومناسبته للآية التي ورد فيها، ثم تعود -إن شئت- لأحد التفاسير لتقرأ في معناه في تلك الآية، ولو كان مقرونا في الآية باسمٍ آخر من أسماء الله فتأمل في علاقة الاسمين ببعضهما، وأثر كل اسمٍ على الآخر، والمعنى الذي يظهر باقترانهما.

فذلك بابٌ كبيرٌ من أبواب معرفة الله عز وجل، فما أعظم وأجلّ أن تتعرف على الله من كلامه هو لا من كلام غيره.

خذ هنا مثلا هذه الآيات من سورة الحج، التي ورد فيها أربعة عشر اسما من أسماء الله الحسنى، كم هي المعارف والفوائد التي ستخرج بها لو لبثت وقتا تتدبر فيها؟

(لَیُدۡخِلَنَّهُم مُّدۡخَلࣰا یَرۡضَوۡنَهُۥۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِیمٌ حَلِیمࣱ ۝ ذَ ٰ⁠لِكَۖ وَمَنۡ عَاقَبَ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبَ بِهِۦ ثُمَّ بُغِیَ عَلَیۡهِ لَیَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورࣱ ۝ ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ یُولِجُ ٱلَّیۡلَ فِی ٱلنَّهَارِ وَیُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِی ٱلَّیۡلِ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرࣱ ۝ ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا یَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَـٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡكَبِیرُ ۝ أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَتُصۡبِحُ ٱلۡأَرۡضُ مُخۡضَرَّةًۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیرࣱ ۝ لَّهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ ۝ أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِی فِی ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦ وَیُمۡسِكُ ٱلسَّمَاۤءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ)

#الأسماء_الحسنى
(مَن كَانَ یَرجُوا لِقَاۤءَ ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لَـَٔاتࣲۚ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ العَلِیمُ)

كتب السعدي في تفسيره لهذه الآية، كلماتٍ تفيض عذوبةً، وتمتلئ شوقًا.

يقول: "يعني: يا أيها المحب لربه، المشتاق لقربه ولقائه، المسارع في مرضاته، أبشر بقرب لقاء الحبيب، فإنه آت، وكل آتٍ إنما هو قريب، فتزود للقائه، وسِرْ نحوه، مستصحبا الرجاء، مؤملا الوصول إليه، ولكن، ما كل من يَدَّعِي يُعْطَى بدعواه، ولا كل من تمنى يُعطى ما تمناه، فإن اللّه سميعٌ للأصوات، عليمٌ بالنيات، فمن كان صادقا في ذلك أناله ما يرجو، ومن كان كاذبا لم تنفعه دعواه، وهو العليم بمن يصلح لحبه ومن لا يصلح."
"الحمد لله"
أعظم كلمة حبٍ مرت على هذا الكون.
أعظم الدعاء ما تحرك فيه القلب مع اللسان، ومن أعمال القلب الجليلة عند الدعاء:

١. إظهار الافتقار إلى الله، وشدة الحاجة إليه، وأن تعترف وتقر أن الإجابة والقبول لا تكون إلا منه وحده، وأن تعلمَ أن الأبواب كلها مغلقةٌ إلا بابه، ثم تلتزم على ذلك الباب طرقا وإلحاحا، وتوسلا وتضرعا، حتى يُفتح لك، وتخاف خوف من يعلم يقينا أنه سيضل ويشقى ويهلك إن لم يُسمح له بالدخول.

٢. استحضار الحياء منه، والامتنان لواسع كرمه الذي لم تستحق شيئا منه بنفسك، وينتج ذلك من مطالعة تقصيرك الشديد في حقه طوال العام، وغفلتك عنه، وذنوبك التي اقترفتها دون أن تعظم قدره، ثم مطالعة إحسانه عليك إذ أوقفك بين يديه في أفضل الأيام، وأعانك وحملك لترفع يديك تتوسل إليه، وتسأله من فضله ورحمته، رغم كل ما بدر منك، فتسأله بعد هاتين المطالعتين سؤال من يعلم أنه لا يستحق شيئا، وأنه لو لولا فضل الله عليه وإمهاله حتى يرفع يده ليتوب، لاستحق أن يُلقى في النار.

٣. استحضار محبته عز وجل بين يدي دعائك، ويكون ذلك بوسائل كثيرة، منها: الثناء عليه بأسمائه وصفاته، والتفكر بشواهد كل اسمٍ في نفسك وفي هذا الكون، فكل صفاته صفات كمال، من أدام النظر فيه سيورثه ذلك حب من اتصف بها سبحانه، ومن وسائل استحضار المحبة: تذكر نعمته عليك، فيكون من دعائك: يارب، أنت الذي خلقتني وصورتني ورزقتني وعلمتني وهديتني، يارب أنت الذي مننت علي بكذا وكذا، وأنت الذي نجيتني يوم كذا، واستجبت دعائي يوم كذا، وهكذا تُعدد أنعامه التي لا تحصى عليك، حتى تستقر محبته في قلبك، فيكون دعاؤك حينئذٍ دعاء المحب لمحبوبه.

#أعمال_القلوب
من تأمل القرآن، وجد أن (طلب المغفرة) دعاءٌ أساسيٌ مركزي في مختلف السياقات القرآنية، يتعاقب على تكراره الأولون والآخرون، ويلهج بذكره الأنبياء والصالحون كما يفعل المذنبون والمقتصدون، ويأتي موضعه بعد الطاعة وفي أثنائها، كما يأتي بعد المعصية والرجوع منها.

فمن تأمل ذلك، كان ميزان القرآن ميزانا له، وجعل لهذا الدعاء العظيم -طلب المغفرة- حظا كبيرا في خلوته بين يدي مولاه.
يُشرع الإكثار من الذِكر عقيب الطاعات.

(فَإِذَا قَضَیۡتُم مَّنَـٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَاۤءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرࣰا)

(فَإِذَا قَضَیۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ قِیَـٰمࣰا وَقُعُودࣰا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡ)

(فَإِذَا قُضِیَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ)

(وَلِتُكۡمِلُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ)

(وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِینَ . فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانࣰاۖ فَإِذَاۤ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ)

ومن الذِكر الوارد في ختام الطاعات: الاستغفار.

(ثُمَّ أَفِیضُوا۟ مِنۡ حَیۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسۡتَغۡفِرُوا۟ ٱللَّهَ)

(كَانُوا۟ قَلِیلࣰا مِّنَ ٱلَّیۡلِ مَا یَهۡجَعُونَ ۝ وَبِٱلۡأَسۡحَارِ هُمۡ یَسۡتَغۡفِرُونَ)

وفي صحيح مسلم: عَنْ ثَوْبَانَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا.
(وَلَوۡ تَرَىٰۤ إِذۡ فَزِعُوا۟ فَلَا فَوۡتَ وَأُخِذُوا۟ مِن مَّكَانࣲ قَرِیبࣲ ۝ وَقَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِهِۦ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانِۭ بَعِیدࣲ ۝ وَقَدۡ كَفَرُوا۟ بِهِۦ مِن قَبۡلُۖ وَیَقۡذِفُونَ بِٱلۡغَیۡبِ مِن مَّكَانِۭ بَعِیدࣲ ۝ وَحِیلَ بَیۡنَهُمۡ وَبَیۡنَ مَا یَشۡتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشۡیَاعِهِم مِّن قَبۡلُۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ فِی شَكࣲّ مُّرِیبِۭ)

أيُّ كلامٍ هذا؟
وأيُّ وقعٍ يملكه على القلب؟
أيُّ تذكرة؟ وأيُّ علم؟ وأيُّ قوةٍ وقدرة؟
وأيُّ لغةٍ عزيزةٍ عاليةٍ هذه؟

#عن_القرآن
آهٍ من نظرةٍ للوراء تلك، التي يلتفتها المرء في آخر عمره، حسرةً وأسفًا.. على أشياءَ كانت أولى بالاهتمام، وعلى الوقت الذي لا يعود..
جُبر الإنسان على النقص، وجُبرت حياته على انتفاء الكمال، فكل قوةٍ يكتسبها تصطدم يوما بقوةٍ أكبر منها، وكل نعيمٍ يتنعم به لا يلبث أن ينغصه شيءٌ من نكد الدنيا، وكل علمٍ يتعلمه لا بد وأن يشوب أطرافه الخطأ والجهل، وكل إرادةٍ عاليةٍ يستصحبها تحدها قدرة جسده البشرية التي فطرها الله على النقص.

ولذلك فإنّ هذا الإنسان لا يعرف من الكمال إلا اسمه، ذلك أنه لم ير في حياته كمالا قط، فكيف يحيط بشيءٍ لا وجود له في حياته.

فعندما يستمع هذا الإنسان الناقص لصفات خالقه العظيم، تلك الصفات الكاملة مطلقة الكمال، فإنه يصعب عليه تصورها ولو أراد، فأنّى له أن يعلم حقيقة أن خالقه (على كل شيءٍ قدير) وهو لم يرَ في حياته قدرةً لا يحدها حد، ولا يعجزها شيء على الإطلاق.
وأنّى له أن يعلم حقيقة أنه (بكل شيءٍ عليم) وهو يرى كل شخصٍ مهما بلغ علمه وسلطانه لا بد وأن يخفى عليه شيء.
وقل مثل ذلك في رحمة الله التي بلغت كمالها حتى (وسعت كل شيء)..
وفي حكمته التي بلغت كمالها في كل خلقه وأمره وأفعاله وأقواله..
وفي كمال حلمه، وكمال غناه، وكمال إحاطته بخلقه، وكمال عزته، وكمال ملكه.. وفي كل صفاته التي بلغت أقصى الكمال المطلق الذي لا يشوبه مثقال ذرة من نقص.

فأنّى لنا أن نفهم حقيقة ذلك، لا والله لا نفعل، بل نؤمن به إيمان المصدق المعترف بنقص عقله عن الإحاطة بصفات الله الكاملة، وغاية ما يمكننا فعله في هذه الحياة: أن نستزيدَ -ما استطعنا- من معرفة الله العلي العظيم، وأن نفني أعمارنا في تعلم أسمائه الحسنى وصفاته الكاملة، حتى نقدم عليه وقد اقتربنا من بذل وسعنا في التعرف عليه، وتزودنا من نهل أكبر قدرٍ من هذا العلم الذي هو أشرف العلوم على الإطلاق.

#الأسماء_الحسنى
#العبودية
لربما تمنّى الإنسان يومًا لو يُترك سُدى، لربما ودَّ لو يكون نسيًا منسيا، لا له ولا عليه، لربما أراد الوصول لخط نهايةٍ ينتهي معه كل شيء... لكن هيهات هيهات، فالخطبُ جلل، والشأنُ عظيم، والوعدُ بوقوف العباد بين يدي الله قد قُطع، والحُكْمُ بانقسام الخلق لقسمين لا ثالث لهما قد قُضي، فلا معقبَ له، ولا مفرَّ منه..

#العبودية
(وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَیۡـࣰٔا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَـٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ)

(وَمِن رَّحۡمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُوا۟ فِیهِ وَلِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ)

(وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِ أَن یُرۡسِلَ ٱلرِّیَاحَ مُبَشِّرَ ٰ⁠تࣲ وَلِیُذِیقَكُم مِّن رَّحۡمَتِهِ وَلِتَجۡرِیَ ٱلۡفُلۡكُ بِأَمۡرِهِ وَلِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ)

(وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡبَحۡرَانِ هَـٰذَا عَذۡبࣱ فُرَاتࣱ سَاۤئغࣱ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجࣱ وَمِن كُلࣲّ تَأۡكُلُونَ لَحۡمࣰا طَرِیࣰّا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡیَةࣰ تَلۡبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِیهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ)

(ٱللَّهُ ٱلَّذِی سَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡبَحۡرَ لِتَجۡرِیَ ٱلۡفُلۡكُ فِیهِ بِأَمۡرِهِ وَلِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ)



▪️كثيرا ما تأتي "لعلكم تشكرون" في آخر آيات تعداد النعم التي أنعم بها الله على عباده، وفي ذلك فائدةٌ دقيقة:

وهي أنّ الله -تبارك وتعالى- لا يُذكِّرنا عند تعداد النعم بشكرها فحسب، بل يبيّن لنا أنّ من حكمة تسخيره لنا تلك النعم ابتداءً: أن "تعيننا" لنتذكّر بها خالقنا فنكون من الشاكرين له.

فكما يُقدِّر الله الذنبَ على عبده ليتوب منه فينال بذلك منزلة التائبين، وما كان ليبلغها دون وقوعه في ذلك الذنب، فإنه -سبحانه- يُنزل عليه نعمته ليشكرها فيبلغ بذلك منزلة الشاكرين، وما كان ليبلغها دون تلك النعمة.

فسبحان الله أرحم الراحمين.

#الشكر
يقول ابن القيم -رحمه الله- في تعليقه على هذه الآية {یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُوا۟ ٱلرَّسُولَ وَأُو۟لِی ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَـٰزَعۡتُمۡ فِی شَیۡءࣲ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۚ ذَ ٰ⁠لِكَ خَیۡرࣱ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِیلًا}:

"فانحصر الكمال الإنساني في هذه المراتب الأربعة:
١. العلم بما جاء به الرسول ﷺ.
٢. العمل به.
٣. بثه في الناس، ودعوتهم إليه.
٤. الصبر والجهاد في أدائه وتنفيذه".


📚 الرسالة التبوكية
من ألذِّ الجهاد: أن تخالفَ عاداتك المتأصلة فيك، وتخرجَ من طبعك الذي طالما ظننتَ أنك لا تستطيع تغييره، راضيا راغبا، طلبا لمرضاة الله عز وجل.

#التزكية
من أعظم نعم الله عليك، وأكثرها نفعا لك: أن يبتليك ببلاءٍ تنقطع معه كل أسباب الأرض لديك، ويزول معه كل رجاءٍ -دون رجائه- من نفسك، فتتوجه -حينئذٍ- بكُلِّيتك إليه، وتدعوه وقد سقط من عينك كل أحدٍ دونه، فيلهج لسانك حينها بدعاء المخلصين، ويتجرد القلب من حظوظ الشركاء مع الله، فلا يصبح رجاء ذلك القلب إلا من الله وحده، ولا خوفه إلا منه، ولا توكله إلا عليه، ولا طمعه إلا في رضاه وحده ولو سخط عليه البشر أجمعون.

فأيُّ فضلٍ -يسوقك الله إليه- أكبر من ذلك الفضل؟ وأيُّ نعمةٍ أكبر من رحمةٍ على صورة ابتلاء، يقدّرها عليك مولاك، فتسير بك -من حيث لا تشعر- إلى طريق النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين؟

وأيُّ حرمانٍ يُحرَمه من يُقدّر الله عليه بلاءً ليعينه فيرتفع به لتلك المنزلة العالية، فلا يزيده ذلك البلاء إلا تسخطا وتأففا، واعتراضا على ما فيه فوزه وفلاحه لو كان يعلم... ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

#الابتلاء
#الحكيم
مما يزيد من حبنا وتعظيمنا لرسولنا الكريم ﷺ:
التفكر في مقامه الشريف عند ربه -عز وجل-..

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "ما خَلَق الله تعالى وما ذرأ وما برأ نفسًا أكرم عليه من محمد ﷺ، وما سمعتُ الله تعالى أقسم بحياة أحدٍ غيره"، قال تعالى: (لعَمْرُكَ إنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتهِمْ يَعْمَهون).

#ﷺ
عندما أرى بعض من يسميهم الناس "بالبسطاء" هم أسرع الناس للبر والتقوى، وأكثرهم تعظيما لحرمات الله، وأسبقهم إلى المساجد وإلى الصفوف الأولى: أعلمُ أنَّ الشأنَ ليس بما يسميه الناس "ذكاءً" في معيارهم الدنيوي، بل الشأنُ بمن اختارهم الله ليكونوا ممن أنعم عليهم بالهداية والصلاح، بغض النظر عن مستوى تعليمهم الأكاديمي، وذكائهم الاجتماعي، وسرعة بديهتهم، ودرجة الـ"IQ" التي حازوها، وأولئك -الصالحون- هم "الأذكياء" في الحقيقة، الذين استطاعوا الوصول للجواب الصحيح في اختبار الحياة الأهم، أو "أولو الألباب" كما سماهم خالقهم العليم بهم.