نور
181 subscribers
183 photos
82 videos
30 files
92 links
قَبَسٌ مسطور، ونفثُ مصدور..

للنُصح، النقد، أو التنبيه :
@Enlight21bot
Download Telegram
ليأخذ أحدنا ورقةً وليخطَّ عليها بدَلٍّ كاتبًا أو راسمًا؛ أيطيب لنفسه بعد أن ينمِّق سطورها ويُحبِّرَ أقوالها ويُبرز مفاتنها وقسماتِها حتى لا تكون إلا غايةً في الجمال وذروةً في الفن.. أيطيب له بعدَ ذلك تقطيعها وإحراقها؟

فكيف بمَن حَبَّر كتابًا هو منهُ كالعضو من الجسد ثم يُحرِقُه ويُتلفُه؟ كذلك قيل عن أبي حيّان وأبي عمرو بن العلاء.. وقد عهدنا من أنفسنا إن وجدت كتابًا -لغيرها- ألّا تهنأ بخَطِّ المداد عليه بلهَ إتلافه!.. فكيف بها والكتاب من نحتها ونزفها؟

من المجنون فيهما؛ من أحرق كُتُبَ يدِهِ فأضاعها أم من بالغَ فيها فنُزِعت روحُهُ يومَ نُزِع مرَّتين؛ مرةً من جسدِه، وأخرى من كتبه!.

ما يرى التوحيديّ؟
«وممّا شحذَ العَزم على ذلكَ ورفع الحِجاب عنهُ، أنّي فقدتُ ولدًا نجيبًا، وصديقًا حبيبًا، وصاحِبًا قريبًا، وتابِعًا أديبًا، ورئيسًا مُثيبًا، فشقَّ عليَّ أن أدعها لقومٍ يتلاعبونَ بها، ويُدنِّسون عِرضي إذا نظروا فيها، ويشمَتون بسَهوي وغلَطي إذا تصفَّحوها، ويتراءَون نقصي وعيبي من أجلِها. ووجدتُني كأنّني ذُبالةٌ نُصِبت، تُضيءُ للنّاسِ وهيَ تحترِقُ، فقلتُ لا أحدَ يستحقُّ كُتُبي غير النّيران، فأطعمتُها إيّاها.»
أيُّ روحٍ له؟!

يولَدُ الإنسانُ مُحمّلًا بآمالٍ لا تسُعها الدُّنيا على امتدادِها؛ ولولاها لماتَ ساعةَ استهلّ [أول صرخة]، يحملها على ظهره كالطّود ويسير، وكلّما خطا اجتاز بابًا؛ والبابُ يضيق فيضطرُّه إلى إنقاص بعض حمله، فيضعُ بعضًا ويخطو فيُلفي بابًا آخرُ أضيق من سابقه فيضع. وما يزال وذلك؛ يضيق الباب فيضع حملًا ويضيق فيضع أملًا حتّى يكون آخرها أضيقها فما يسعُه أن يجاوزَه إلا بكفنِه.
وذاك الصبيُّ -كغيرِه من بني آدَم- يرى نفسه مركزًا للكون؛ فإن علِم شيئًا لسَعَته نفسُه وأزّته غرارتُه فانتفض يخبّر القاصي والداني أن قد علِم: سواءً في ذلك حروف الهجاء وقد حفظها أم الفاتحة وحتّى يرتقي ذرى العلوم ويسبر مجاهيلها؛ لا ترحمه نفسه، لا بدَّ من علم الجميع.. والخيرُ -والخيرُ يُرجى- إن كان في ذلك ما نفعَ غيرَه به فقصَّر طريقه.

هذا الغِرُّ الذي يطمح لما ليس له، يطمح لمن يكون له أذنًا منصتة فلا تنطِق، ونفسًا ملبِّيةً ذلولًا لا تكِلُّ؛ يجهل أنّ من حولَه بشرٌ مثله لهم ما له وعليهم ما عليه، وأنّ الحياة الدنيا إنَّما تقوم على علائق الناس وتواصلهم، وأنَّ لكلٍّ منهما حاجته وقدرته فقَلَّ أن تجِدَ من بين الناس من هو خالصٌ لغيرِه خُلوصَ الماء الصافي من الكَدَر والشائبة.. وأنّك لست بالأولِ فيها ولا الأخير، ولستَ بمن إن غابَ غابَ ضياؤها.. وتلك والله ممّا تسكّن العيش وتيسِّره.

صاحِ هذي قبورُنا تملأ الرُّحبَ
فأينَ القبورُ من عهدِ عاد

خفِّفِ الوطءَ ما أظنُّ أديمَ الأرضِ
إلا من هذهِ الأجساد

فإن عرفَ ذلك هانَ عليه مأتاه، وغاضَ في عينيه قدرُ ما أتاه.
Forwarded from نَفْسِيّاتٌ مَعْرفِيّة (إيمان حسباوي)
تشير دراسات حديثة من مجالات مختلفة كعلم النّفس وعلم الأعصاب والأنتربولوجيا إلى أنّ الطّرق التي يُعبّر بها عن المشاعر كالخوف والحزن والفرح تختلف باختلاف ألسنة المتحدّثين في اللّغات المختلفة، وأن الكلمة المعبّرة وإن كان لها نفس المعنى بين اللّغات، لا تعكس بالشّكل نفسه الحالة النفسية والمزاجية للمتحدثين بها(١)، والسّبب في هذا الاختلاف هو الثّقافة التي ينشأ فيها المرء.
قامت مجموعة من الباحثين بمعهد ماكس بلانك الألماني بدراسة شملت ٢٤٧٤ لغة، تتطرّق للسّؤال الذي ظلّ يطرحه علماء النّفس : "هل المشاعر عالميّة؟ أم أنّها تتغيّر بتغيّر الثّقافات؟" فوجدت على سبيل المثال أن الكلمات الدّالة على "المفاجأة" تُربط في بعض اللّغات بالخوف، بينما تُربط في أخرى بحالات السّرور والفرح؛ وأنه كلّما ازداد التّقارب الجغرافي للعائلات اللّغوية، زادت القواسم المشتركة بينها بسبب تلاقح الثّقافات والاحتكاك التاريخي الذي حدث إما لتجارة أو هجرة أو غزو، مما سمح لهذه الثقافات بالتّفاعل واستعارة المفاهيم العاطفية من بعضها البعض.

وجهُ أهمّية هذا الكلام - الذي ربما يبدو عاديا وبسيطا - أن إفساد ثقافة قوم يبدأ بإفساد لسانهم، وهذا ما قدّمه لك الأستاذ محمود شاكر في مقدمته "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا"(٢)، في شكل خلاصات حقيقٌ عليك أن تتمعّنها وتتأمّلها وتعيد فيها القراءة مرارًا، لأنّ ما يقوله الرّجلُ، هو خلاصاتُ دراساتٍ بُذلت فيها جهود مكثّفة كالتي ذكرت لك.
فلا يمكن للمرء أن يتلبس بالثّقافة الإسلامية ويحيا فيها، إلا من باب واحد ألا وهو التمكّن من اللّغة العربية، وتذكّرت أن كبار علماء النحو كسيبوَيْه وأبي علي، ذوَا أصل فارسي ! والأمر أنهما عكفا على اللُّغة فتسلّل إليهم ذلك الإحساس الخفيّ بها، لأن اللّغة تُذاق يا سادة وتُشم وتُسمع .. كما يعبّر محمود شاكر بعد أن فرغ من قراءة التّراث لمدة عشر سنين. والأمر غير قاصرٍ على الثّقافة وحسب = هب أنّ المعاني عالمية .. اللّغة - العربية خاصة - نفسُها لها خصائصٌ و"لها سحر خاص" (٣).

وأنت ترى كيف يقول العربي "يثلج الصدر" لأنه نشأ في الصحراء وتعود ريحها الحارة، أما الفرنسي فيقول "Cela réchauffe le cœur" = "هذا يدفئ القلب"..

(١) وهذا حاضر في لغتنا نفسها، فالقارئ للشّعر الجاهلي اليوم لا ينفعلُ لبيت أو قصيدة بنفس الشّكل الذي ينفعل له جاهلي أو عربي يمشي في الأسواق .. يعني لكي تفهم ينبغي أن تعيش في تلك الحقبة، وما من آلة زمنية تسافر بك إلى هناك إلا اللّغة، لكي تتتبّع أسلوب عيشهم وحياتهم وأعرافهم وعاداتهم، في الجاهلية وبعد الإسلام، وأهمّ شخصيات للدراسة في هذا الباب هم الذين عاشوا في العصريْن.
(٢) اقرأ من الصفحة ٢٦ إلى الصفحة ٣٣.
(٣) كما نبّه إلى ذلك الأستاذ محمد رشيد، اسمع كلامه في المجلس الخامس لشرحه كتاب دلائل الإعجاز، شيخ العمود، ابتداء من ١:٣٨:٤٤
خالص العزاء والمواساة للحبيب مدين الشدادي في جده.
أحسن الله عزاءكم وألهمكم الصبر وأثابكم عليه جزيل العطايا وعظيم الأجر؛ إنا لله وإنا إليه راجعون
نور
Photo
لم يَضِل الإنسانُ قطُّ كما ضل ضلاله اليوم.. نعم وجد الطعام و الشراب والمأوى والسفر والراحة والدواء والتعلُّم سهل المنال كما لم تكن في أيِّ سابقة، وتيسّرت له كل سبيل.. غير أنه في لُجَّة اعتراكه مع اليُسر الطاغي والوجدان والوفرة من كل شيء.. فقدَ نفسَه وضلّ طريقه؛ ثم هو لا يدري أين يبحث وعمَّ!

لا تغادر ذهني فاتحة كتاب ”ميراثُ الصمتِ والملكوت“ لعبدالله بن عبدالعزيز الهدلق:

["هل أتىٰ على الإنسانِ حينٌ من الدهرِ لم يكن شيئًا مذكورا"
هذا الذي لم يكُن شيئًا مذكورًا؛ وَيْحَه يُحِبُّ الذِّكر..]

هذا الاحتياج المطبوع به إلى الذِّكر هو ما يؤزُّهُ أزًّا، ما يُذكِّره بتيهه وقد أشبع كل حاجاته.. لكأنَّ كل حركاته وسكناته يبتغي بها شيئًا في نفوس الناس أو كما يرى آلان دو بوتون في ”قلق السعي إلى المكانة“.. غير أنَّ كُلًّا في واديه يلهث!.
فيضيق بين خيارين؛ إما القنوط، أو التماس من يسبغ عليك قيمةً ويهبك معنى؛ وهذا معدومٌ في حياة مادّية منكَّسة لا ترفع لها رأسًا ولا ترقب سماء، الكل فيها يدٌ سفلى تأخذ ولا تعطي.. ومن عرف الطريق إلى الواحد الأحد، من لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، من يراك أنت ويسمعك ويحوطك بنعمائه ورحمته فقد كُفي.

للفلسفة الوجوديّة بريقٌ أشبَه بلمعة السراب لحَرَّانٍ صادٍ أضاعته صحراء، مَن من الشباب لا يتلقاها اليوم، من ذا الذي لم يجرح صدره أسئلتها وقد أمست "موضة" لا يقف في طريقها شيء.. «ما المعنى؟» يا ما أيسر السؤال وأشقّ الإجابة!.

لم يأخذني كتابٌ هذا العام ككتاب؛ ”الإجابة القرآنية وأسئلتك الوجودية“ لمهاب السعيد، المتفرد في عصر التشابه، لا أعرف لمعاصرٍ أسلوبًا كأسلوبه، فيه من لمسة الطبيب وفكرة الفيلسوف وعاطفة الأديب.. لم أملك إلا أن أوصي به عسى أن يقع من أحد ما وقع مني. نفع الله به ونفعه بما ورائه.
العصر الأندلسي.pdf
1.6 MB
العصر الأندلسي.pdf
نور
العصر الأندلسي.pdf
في ذكرى سقوط غرناطة؛ الثاني من يناير ١٤٩٢م

تاريخ الأندلس من الفتح إلى السقوط في ٦٢ صفحة

من كتاب؛ التاريخ الإسلامي الوجيز، د. محمد سهيل طقوش
خِتام كتاب وطن الراشدين.pdf
258.4 KB
خِتام كتاب وطن الراشدين.pdf
نور
خِتام كتاب وطن الراشدين.pdf
لفتة جميلة عن حروب الاسترداد الإسبانيَّة؛ Chronica Prophetica

خِتام كتاب؛ وطن الراشدين، عمرو عبدالعزيز
ينتهي التاريخ المكتوب يوم يُسلِّم أبو عبدالله الصغير بن الأحمر مفاتيح غرناطة.. ويبدأ هناك تاريخٌ آخر من الثورات والمقاومة الفردية والجماعية، من صور التمسُّك بالدين والتستُّر من عيون محاكم التفتيش، ونقل اللغة والقرآن والشريعة والعادات من جيلٍ إلى جيل؛ بلا تخطيط ولا سلطة عليا.. بل كُلٌّ وما يهديه إليه قلبه..

كتبٌ كثيرة ضمَّت هذه الجوانب وغيرها، ولا غنى عن شربةٍ تعلِّل الظمآن..

https://youtu.be/90W2LbItzlE
﴿ وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ ﴾
سورة إبراهيم | الأية ٧
وأمَّا الشامُ فلا بواكيَ له،

لا تضنّوا بالدعاء، فهو أقل الواجب..
نور pinned Deleted message
Forwarded from قناة: محمد إلهامي (محمد إلهامي)
آمنت بالله وحده..

وصدق القائل، إن الألفاظ أوعية للتعبير عن المعاني الصغيرة التي نستطيع أن نحتويها ونفرغها في كلمات وحروف.. وأما المعاني العظيمة التي تغمرنا وتملأ علينا أذهاننا وضمائرنا فهي أكبر من الكلام.

ربما يكون السبب أيضا في انتشار الكتابة ووسائل الإعلام والمسلسلات والأفلام انتشارا هائلا.. إن هذا الانتشار جعل الكتاب يتنافسون في الكتابة، ومعهم فقدت الألفاظ معناها.. صار من الهين عليهم أن يستعملوا لفظ كبير وعظيم وهائل وخطير ورائع وليس له مثيل... إلى آخر هذه الألفاظ، حتى فقدت الألفاظ معناها.

فلما جاءت الأمور العظيمة حقا، الكبيرة حقا، المروعة حقا.. لم نعرف كيف يمكن أن نصفها!!

هذا الزلزال الذي ضرب الشام وجنوب تركيا وما نتج عنه من المشاهد هي بحق أكبر من القدرة على وصفها، فهي مُلْجِمَة مُسْكِتة، يحار المرء ماذا يمكن أن يُقال فيها.

صدق القائل: لا يوجد ملحدون في الخنادق.. وذلك كما قال تعالى {وإذا مسَّكم الضرّ في البحر ضلّ من تدعون إلا إياه}.. فالإلحاد والعصيان مواقف نفسية لا عقلية، وهما من نتائج الترف والأمن والبطر، عندئذ تسيطر على المرء شهوته ومطامعه فينسى نفسه ويطمح إلى أن يُلغي الإله لكي لا يقف شيء أمام رغباته ونزواته.

اقرأ الآية مرة أخرى: {وإذا مسَّكم الضرّ في البحر ضلّ من تدعون إلا إياه، فلمّا نجاكم إلى البرّ أعرضتم، وكان الإنسان كفورا}

{قل من يُنَجِّيكم من ظلمات البر والبحر، تدعونه تضرعا وخُفية، لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين * قل: الله ينجيكم منها، ومن كل كرب، ثم أنتم تشركون}

ولكي يستقيم الإنسان فإنه بحاجة إلى هذا التذكير الشديد، فالبلاء الذي يصيب المرء إنما هو كالعلاج له.. ولقد عرفتُ من نفسي أني كنت في البلاء وفي أعقابه أحسن مما كنتُ قبله! وما أظن أحدًا يجادل في أنه عند الخوف والشدة يكون أقرب إلى الله وأخلص من حاله في حال الأمن والدعة.

ولكن الله يقيم حجته على الناس.. ولا يزال الله يرسل بالآيات البينات فإذا بالآية نفسها تكون سببا في هداية قوم، وسببا في ضلال آخرين.. هؤلاء الملحدون الذين اختفوا من الخنادق والزلازل، ما زالوا يعبثون على القنوات ومواقع التواصل.. فهم يعيدون تفسير وتوظيف هذا المشهد العظيم فيما يخدم فجورهم.. لا يشغل الواحد منهم في خضم هذا الدرس العظيم إلا أن يتمسك بالباطل الذي هو فيه..

هذا الملحد لا يرى في الحادث الضخم إلا أن يسأل: لماذا يعاقب الله المسلمين؟ لماذا لا تضرب الزلازل إسرائيل؟ لماذا يعذب الله الأطفال؟... إلى آخر هذا كله!

وهذه الأسئلة هو لا يجهل إجابة المؤمنين عليها، ولكنه يثيرها للتشكيك وإثارة الغبار.. فلئن كان ملحدا صادقا مع نفسه، واثقا في إلحاده، لم يكن ليسأل هذه الأسئلة.. فالإلحاد عدم، والكون صدفة، والزلازل نتيجة تفاعلات، والتفاعلات عمياء وهي حتمية، والإنسان الذي خُلِق بالصدفة، مات بالصدفة كما خُلِق.. الإلحاد لديه إجابة واحدة على كل سؤال، إجابة تقول: الكون أعمى، بلا حكمة ولا هدف، تصرفاته مجرد تفاعلات.. ولا يستطيع الإلحاد تفسير المشاعر، لأنها أمر فوق المادة.. فالرحمة والرقة والخوف والقسوة كلها أمور بلا معنى.. فالكون أعمى!

وأما المؤمنون فيقولون: سبحان ربنا.. ربنا الحكيم العليم الرحمن الرحيم.. يرسل بالآيات تخويفا.. يبتلي عباده بالآيات، يرفع بها بعضهم ويضل بها بعضهم، لا يُسأل عما يفعل لكمال علمه ورحمته وحكمته وعدله، يعلم الغيب ويعلم ما في النفوس، وهو يصلح شأن عباده بما هو أنفع لهم، ثم هو يعقبهم بعد هذه الحياة القصيرة حياة أخرى كبيرة خالدة.. غمسة واحدة في جنته تنسي الأشقياء كل شقاء الدنيا، وغمسة واحدة في ناره تنسي المنعمين كل نعيم الدنيا.. سبحانه هو طبيب عباده يداويهم بما يصلحهم ولو كان شديدا عليهم، ويعاقب المجرمين، ويُذَكِّر الغافلين.. سبحانه! أمره نافذ! فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط!

هذا الزلزال، وهو الآية البينة الواحدة، ترى فيها بعينك كيف يفترق فيها الناس، فمنهم شقي وسعيد..

ترى من يحمد الله ويشكره ويصبر على مصيبته، فتسمع منه من ألفاظ الإيمان ما يغرس الإيمان ويثبته في نفوس الآمنين المطمئنين.. وترى من يتسخط ويغضب وربما تلفظ بالكلام الذي يورده المهالك ويخرجه من الملة.

ترى من هبوا لمساعدة الناس، على اختلاف العرق واللون واللغة، فبذلوا من مالهم ووقتهم وجهدهم ما استطاعوا.. وترى من يمنعون الإغاثة عن أهل الشمال السوري المحرر، أو ترى العنصريين الذين وجدوها فرصة ليعيدوا بث الكراهية في الأتراك ويرفعوا من جديد شعار: التخلص من "عبء" السوريين!!

كيف تنغلق القلوب الصماء السوداء عن رؤية الموعظة البلغية في الآية الرهيبة، فلا تخرج منها إلا بالمزيد من الخزايا والجرائم؟!
Forwarded from قناة: محمد إلهامي (محمد إلهامي)
ترى من دعتهم أنفسهم الطيبة للتبرع بالأموال والممتلكات ومدّ يد العون بما استطاعوا لإخوانهم.. وترى من وقفوا يترصدون المساعدات والمساعدين ليقطعوا عليهم الطريق، فيسلبونهم ما جمعوا، أو ينهبون الناجين بما استطاعوا الخروج به من المأساة!

الآية الواحدة نفسها، يجعلها الله سببا في هداية أناس ورفع درجاتهم، ويجعلها سببا في ضلال بعض الناس وارتكاسهم!!

ثم تبقى الموعظة..

إذا كان هذا هو هول زلزال استمر لدقيقة، فكيف هو الهول الأعظم حين تقوم القيامة؟

وإذا كان كل هذا العلم الذي راكمه البشر حتى اغتروا به وظنوا أنهم قادرون على مصير الأرض قد وقف قزما متضائلا متهلهلا أمام ظاهرة كونية واحدة.. فلماذا هذا الغرور؟

وإذا كان الإنسان لا يملك إذا نام أن يصحو حيا؟ ولا يملك أن يحمي نفسه من شيء.. أليس ينبغي أن يُخرج هذه الدنيا من قلبه، ويصدق في اللجوء إلى الله؟!

{قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم، أو من تحت أرجلكم، أو يلبسكم شيعا، ويذيق بعضكم بأس بعض، انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون}

{هو الذي يُسَيِّركم في البر والبحر، حتى إذا كنتم في الفُلْك وجَرَيْن بهم بريح طيبة وفرحوا بها، جاءتها ريحٌ عاصف، وجاءهم الموج من كل مكان، وظنوا أنهم أُحيط بهم، دَعَوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن الشاكرين * فلما أنجاهم إذا يبغون في الأرض بغير الحق. يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم، متاع الحياة الدنيا، ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون}