عشاء:
وحضرنا عشاءا فخما في بيت أخينا الكريم الأستاذ جعفر مسعود الحسني، ومعنا أحبة لنا صافية قلوبهم، سالمة ألسنتهم من الجراح، مكرمين لجلسائهم، وممن لم يسبق التعريف به من بينهم:
الأستاذ زاهد حسبن الندوي، وقد عرف بحفظه لقصائد طويلة للشعراء المتغزلين المعروفين وإنشاده لها إنشادا يأخذ بمجامع القلوب.
والأخ شبير أحمد الندوي بن الحاج عبد الرزاق، مدير فرع دار العلوم في لكنؤ، وهو من أقرب زملائنا إلينا، من ذوي الأخلاق الفاضلة المتصفين بالرفق والأناة والتسامح.
والأخ محمد صابر حسين الندوي، وهو زميلي في دار العلوم، عرف بجده واجتهاده، معني بالتدريس والدعوة، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.
والأخ الدكتور شمس الدين الندوي، عالم أديب، لين الجانب، متودد.
والأخ محمد يوسف البوفالي الندوي، وكان أميرا للدعوة والتبليغ أيام طلبنا في دار العلوم، وهو خطيب مصقع، أوتي من البيان حظا كبيرا، عارف بدقائق اللغتين العربية والأردية، ومتمكن من تعليم اللغة والآداب، وقد أجمع تلاميذه وأصحابه على الثناء عليه وتقدير جهوده، وهو من أعز زملائنا، أنس الأصدقاء الأوفياء، وإلف المحبين المشتاقين.
وقُدِّم إلينا طعام لذيذ وفير، تناولناه متجاذبين أطراف الحديث الممتعة وعائدين بأنفسنا إلى ذكرياتنا القديمة في لكنؤ، ومن عجب الأيام أن تموت المآلف والمطايب، ولا تبقى إلا أسماء ونعوت توعز إليها إيعازا، وشكرنا الأخ جعفرا على هذه المائدة السخية، وقد عرف بجمعه بين العقل والنظر، والقلب والحس، من بيت مكرمة وعز أرومة، ذو حلم راجح، وفكر صائب، شيمته البذل والجود، وما قلت في فضله من شيء لأمدحه أو أشكره إلا وفضله فوق ما قلت.
أمسية علمية وأدبية:
وعقد الطلاب في قاعة السليمانية أمسية علمية وأدبية، تحدث فيها الدكتور عطاء الرحمن الصديقي الندوي عن تاريخ ندوة العلماء، ورسالتها، وأهميتها في العصر الحاضر، وألقى الأخ محمد يوسف البوفالي كلمة فيها توجيه للطلاب، ونصح لهم، وأكدت في كلمتي على إنهاض الهمم والطموحات، وإعمال العقل والفكر، والسعي والاجتهاد، واستلفت أنظارهم إلى مجالات ومواضيع في التفسير والحديث والفقه تتطلب من يقوم لها ويشمر لها عن ساق الجد.
وألقى الأستاذ زاهد حسين قصائد غزلية لبعض شعراء الأردية فسبى القلوب واستأسر الأفئدة، وختم الحفل بكلام مؤثر بليغ من قبل فضيلة الأستاذ محمد خالد الندوي.
وحمدت الله تعالى على أنه وضع حبي في قلوب طلبة دار العلوم، واستعذت بالله من أن تغلبني نفسي، ويسيِّرني شيطاني، وأعطي نفسي شهواتها وأتبعها لذاتها، وحسبي الله مغيث الأنام من مستغاث.
وحضرنا عشاءا فخما في بيت أخينا الكريم الأستاذ جعفر مسعود الحسني، ومعنا أحبة لنا صافية قلوبهم، سالمة ألسنتهم من الجراح، مكرمين لجلسائهم، وممن لم يسبق التعريف به من بينهم:
الأستاذ زاهد حسبن الندوي، وقد عرف بحفظه لقصائد طويلة للشعراء المتغزلين المعروفين وإنشاده لها إنشادا يأخذ بمجامع القلوب.
والأخ شبير أحمد الندوي بن الحاج عبد الرزاق، مدير فرع دار العلوم في لكنؤ، وهو من أقرب زملائنا إلينا، من ذوي الأخلاق الفاضلة المتصفين بالرفق والأناة والتسامح.
والأخ محمد صابر حسين الندوي، وهو زميلي في دار العلوم، عرف بجده واجتهاده، معني بالتدريس والدعوة، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.
والأخ الدكتور شمس الدين الندوي، عالم أديب، لين الجانب، متودد.
والأخ محمد يوسف البوفالي الندوي، وكان أميرا للدعوة والتبليغ أيام طلبنا في دار العلوم، وهو خطيب مصقع، أوتي من البيان حظا كبيرا، عارف بدقائق اللغتين العربية والأردية، ومتمكن من تعليم اللغة والآداب، وقد أجمع تلاميذه وأصحابه على الثناء عليه وتقدير جهوده، وهو من أعز زملائنا، أنس الأصدقاء الأوفياء، وإلف المحبين المشتاقين.
وقُدِّم إلينا طعام لذيذ وفير، تناولناه متجاذبين أطراف الحديث الممتعة وعائدين بأنفسنا إلى ذكرياتنا القديمة في لكنؤ، ومن عجب الأيام أن تموت المآلف والمطايب، ولا تبقى إلا أسماء ونعوت توعز إليها إيعازا، وشكرنا الأخ جعفرا على هذه المائدة السخية، وقد عرف بجمعه بين العقل والنظر، والقلب والحس، من بيت مكرمة وعز أرومة، ذو حلم راجح، وفكر صائب، شيمته البذل والجود، وما قلت في فضله من شيء لأمدحه أو أشكره إلا وفضله فوق ما قلت.
أمسية علمية وأدبية:
وعقد الطلاب في قاعة السليمانية أمسية علمية وأدبية، تحدث فيها الدكتور عطاء الرحمن الصديقي الندوي عن تاريخ ندوة العلماء، ورسالتها، وأهميتها في العصر الحاضر، وألقى الأخ محمد يوسف البوفالي كلمة فيها توجيه للطلاب، ونصح لهم، وأكدت في كلمتي على إنهاض الهمم والطموحات، وإعمال العقل والفكر، والسعي والاجتهاد، واستلفت أنظارهم إلى مجالات ومواضيع في التفسير والحديث والفقه تتطلب من يقوم لها ويشمر لها عن ساق الجد.
وألقى الأستاذ زاهد حسين قصائد غزلية لبعض شعراء الأردية فسبى القلوب واستأسر الأفئدة، وختم الحفل بكلام مؤثر بليغ من قبل فضيلة الأستاذ محمد خالد الندوي.
وحمدت الله تعالى على أنه وضع حبي في قلوب طلبة دار العلوم، واستعذت بالله من أن تغلبني نفسي، ويسيِّرني شيطاني، وأعطي نفسي شهواتها وأتبعها لذاتها، وحسبي الله مغيث الأنام من مستغاث.
بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة الهند
(13)
يوم الخميس 28 ذو الحجة سنة 1440
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
سماع على الشيخ محمد يحيى الندوي:
وسمعنا بعد الفجر كتاب الإيمان من صحيح مسلم إلى الحديث رقم 99 على الشيخ محمد يحيى الندوي بقراءة الشيخ عبد الله التوم، ومعنا من حضر المجلس السابق، وحمدنا ربنا جل وعلا على هذا السماع العالي.
لقاء مع أصحابي:
وزرت مع الشيخ عبد الله التوم والأخ زيد أصحابي في فندق هيلتون الساعة الثامنة صباحا وأفطرت معهم، وأعدت لهم ذكر إنعام الله عليهم إذ وفقهم في هذا الوقت القصير لزيارة المدن والقرى المتنائية الأطراف، والمدارس والمراكز العلمية المنتشرة فيها، ولقاء العلماء والمشايخ، وتحصيل السماعات والإجازات، ومعرفة الهند وأهلها عن كثب، وسألتهم عن انطباعاتهم تجاه هذه الرحلة، فأبدوا سرورهم البالغ، وشكروا لي سعيي، أسأل الله تعالى أن يتقبل عنا صالح أعمالنا ويتجاوز عن سيئاتنا.
تدريس لطلاب الدراسات العليا:
ودرست لطلاب السنتين الأولى والثانية من الدراسات العليا ساعة، شرحت لهم في درسي منهج صحيح الإمام البخاري، ومزاياه، وأنه على الذروة العليا من الصحة، قال البخاري: "ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحيح حتى لا يطول"، ولم يدخل فيه إلا ما توفرت فيه تلك الصفات، ولم يترك إلا ما تقاصر عن تلك الصفات، وهي خمس:
الأولى كون أحاديثه متصلة الأسانيد، ومن شرطه في الأعلام المعروفين بالتحديث أن لايخرج لهم إلا من طريق أصحابهم الذين عرفوا بطول الملازمة، فمثلا يخرج حديث الزهري عن مالك، وابن عيينة، وعقيل، ويونس، وشعيب بن أبي حمزة، ومعمر، وحديث مالك عن عبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وحديث ابن عيينة عن علي بن المديني، والحميدي، وقد يخرج من طريق غيرهم لأسباب تقتضي ذلك.
وإذا كان الراوي مدلسا لم يخرج له إلا إذا صرح بالسماع أو روى عنه من عرف بالتشديد في أمر التدليس، فمثلا لا يقبل عنعنة قتادة إلا إذا جاء مصرحا بالسماع في الحديث الذي اعتمده، أو فيما أورد له من متابعة، أو برواية شعبة عنه، فشعبة لم يرو شيئا من أحاديث قتادة المدلسة، ولم يخرج أيضًا شيئا من حديث أبي إسحاق السبيعي عن أنس بن مالك، وجابر بن سمرة، وجرير بن عبد الله البجلي، ورافع بن خديج، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، والمغيرة بن شعبة.
وإذا ثبت عدم سماع الرجل من معاصره الراوي عنه تجنب إخراج حديثه، فلم يخرج لحسن البصري عن علي وأبي هريرة وأبي بكرة الثقفي وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ممن عاصرهم ولقيهم، لما تقرر من عدم أخذه عنهم، وكذلك لم يرو لأبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود لما علم من أنه لم يسمع من أبيه شيئا، وإنما روى عنه ما أخذه عن أصحابه.
الثانية اتصاف رواته بالصدق والأمانة، ومنهم من يعبر عن ذلك بالعدالة أو الاستقامة، ومؤدى جميع هذه الكلمات واحد، فلم يخرج في كتابه لأحد اتهم بالكذب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أو عرف عنه كثرة الكذب في أحاديث الناس، فمن كانت عادته الكذب على الناس لم يؤمن عليه أن يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
وتجنب إخراج أحاديث المبتدعة الذين استحلوا الكذب، ولكن إذا كان المبتدع معلوم الصدق وخبره بنفسه أخرج له، و وإذا لم يخبره بنفسه لم يخرج له إلا من طريق ثقات أصحابه، وشدد في الأمر تشديدا.
وتجنب أيضًا إخراج أحاديث الصالحين الذين استحلوا الكذب في الحديث أو رووا عن المستحلين أو عرفوا بالغفلة في ذلك، وهم الذين تسمى أحاديثهم بالمناكير.
الثالثة: اتصاف رواته بالضبط والإتقان، واشترط البخاري أن يكونوا على أعلى درجة في ذلك، وهم أمثال إبراهيم النخعي، والزهري وهشام بن عروة ومنصور بن المعتمر والأعمش ومحمد بن سيرين وقتادة، وأيوب السختياني وعبد الله بن عون، وسفيان الثوري ومالك وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وعلي بن المديني والحميدي ومسدد.
الرابعة: نزاهة أسانيد الكتاب من الشذوذ، ومعنى ذلك أن الثقات لهم أخطاء وأوهام، فيقارن البخاري بين أحاديثهم مقارنة دقيقة يقف بها على أوهامهم وأخطائهم، فيتجنبها، وقلما سلم الأخباريون والمؤرخون من الأخبار الشاذة وتناقل الأوهام والأخطاء.
الخامسة: براءة أسانيده ومتونه من علة أي سبب خفي يقدح في الصحة، فقد يكون في حديث سليم الظاهر ما يقدح في صحته، وهذا علم جليل، لم يتمكن منه إلا القليل، ومنهم الإمامان العبقريان البخاري ومسلم.
رحلة الهند
(13)
يوم الخميس 28 ذو الحجة سنة 1440
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
سماع على الشيخ محمد يحيى الندوي:
وسمعنا بعد الفجر كتاب الإيمان من صحيح مسلم إلى الحديث رقم 99 على الشيخ محمد يحيى الندوي بقراءة الشيخ عبد الله التوم، ومعنا من حضر المجلس السابق، وحمدنا ربنا جل وعلا على هذا السماع العالي.
لقاء مع أصحابي:
وزرت مع الشيخ عبد الله التوم والأخ زيد أصحابي في فندق هيلتون الساعة الثامنة صباحا وأفطرت معهم، وأعدت لهم ذكر إنعام الله عليهم إذ وفقهم في هذا الوقت القصير لزيارة المدن والقرى المتنائية الأطراف، والمدارس والمراكز العلمية المنتشرة فيها، ولقاء العلماء والمشايخ، وتحصيل السماعات والإجازات، ومعرفة الهند وأهلها عن كثب، وسألتهم عن انطباعاتهم تجاه هذه الرحلة، فأبدوا سرورهم البالغ، وشكروا لي سعيي، أسأل الله تعالى أن يتقبل عنا صالح أعمالنا ويتجاوز عن سيئاتنا.
تدريس لطلاب الدراسات العليا:
ودرست لطلاب السنتين الأولى والثانية من الدراسات العليا ساعة، شرحت لهم في درسي منهج صحيح الإمام البخاري، ومزاياه، وأنه على الذروة العليا من الصحة، قال البخاري: "ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحيح حتى لا يطول"، ولم يدخل فيه إلا ما توفرت فيه تلك الصفات، ولم يترك إلا ما تقاصر عن تلك الصفات، وهي خمس:
الأولى كون أحاديثه متصلة الأسانيد، ومن شرطه في الأعلام المعروفين بالتحديث أن لايخرج لهم إلا من طريق أصحابهم الذين عرفوا بطول الملازمة، فمثلا يخرج حديث الزهري عن مالك، وابن عيينة، وعقيل، ويونس، وشعيب بن أبي حمزة، ومعمر، وحديث مالك عن عبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وحديث ابن عيينة عن علي بن المديني، والحميدي، وقد يخرج من طريق غيرهم لأسباب تقتضي ذلك.
وإذا كان الراوي مدلسا لم يخرج له إلا إذا صرح بالسماع أو روى عنه من عرف بالتشديد في أمر التدليس، فمثلا لا يقبل عنعنة قتادة إلا إذا جاء مصرحا بالسماع في الحديث الذي اعتمده، أو فيما أورد له من متابعة، أو برواية شعبة عنه، فشعبة لم يرو شيئا من أحاديث قتادة المدلسة، ولم يخرج أيضًا شيئا من حديث أبي إسحاق السبيعي عن أنس بن مالك، وجابر بن سمرة، وجرير بن عبد الله البجلي، ورافع بن خديج، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، والمغيرة بن شعبة.
وإذا ثبت عدم سماع الرجل من معاصره الراوي عنه تجنب إخراج حديثه، فلم يخرج لحسن البصري عن علي وأبي هريرة وأبي بكرة الثقفي وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ممن عاصرهم ولقيهم، لما تقرر من عدم أخذه عنهم، وكذلك لم يرو لأبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود لما علم من أنه لم يسمع من أبيه شيئا، وإنما روى عنه ما أخذه عن أصحابه.
الثانية اتصاف رواته بالصدق والأمانة، ومنهم من يعبر عن ذلك بالعدالة أو الاستقامة، ومؤدى جميع هذه الكلمات واحد، فلم يخرج في كتابه لأحد اتهم بالكذب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أو عرف عنه كثرة الكذب في أحاديث الناس، فمن كانت عادته الكذب على الناس لم يؤمن عليه أن يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
وتجنب إخراج أحاديث المبتدعة الذين استحلوا الكذب، ولكن إذا كان المبتدع معلوم الصدق وخبره بنفسه أخرج له، و وإذا لم يخبره بنفسه لم يخرج له إلا من طريق ثقات أصحابه، وشدد في الأمر تشديدا.
وتجنب أيضًا إخراج أحاديث الصالحين الذين استحلوا الكذب في الحديث أو رووا عن المستحلين أو عرفوا بالغفلة في ذلك، وهم الذين تسمى أحاديثهم بالمناكير.
الثالثة: اتصاف رواته بالضبط والإتقان، واشترط البخاري أن يكونوا على أعلى درجة في ذلك، وهم أمثال إبراهيم النخعي، والزهري وهشام بن عروة ومنصور بن المعتمر والأعمش ومحمد بن سيرين وقتادة، وأيوب السختياني وعبد الله بن عون، وسفيان الثوري ومالك وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وعلي بن المديني والحميدي ومسدد.
الرابعة: نزاهة أسانيد الكتاب من الشذوذ، ومعنى ذلك أن الثقات لهم أخطاء وأوهام، فيقارن البخاري بين أحاديثهم مقارنة دقيقة يقف بها على أوهامهم وأخطائهم، فيتجنبها، وقلما سلم الأخباريون والمؤرخون من الأخبار الشاذة وتناقل الأوهام والأخطاء.
الخامسة: براءة أسانيده ومتونه من علة أي سبب خفي يقدح في الصحة، فقد يكون في حديث سليم الظاهر ما يقدح في صحته، وهذا علم جليل، لم يتمكن منه إلا القليل، ومنهم الإمامان العبقريان البخاري ومسلم.
محاضرة في المدرسة النظامية الفرنجي محلية:
ووافيت مع الأستاذ مشير حسن الصديقي، والأخ ظفر الدين الندوي إلى المدرسة النظامية الفرنجي محلية، واستقبلنا فيها رئيسها الشيخ خالد رشيد الفرنجي محلي، وهو أحد علماء فرنجي محل، متخرج من دار العلوم لندوة العلماء، ومعروف في الأوساط العلمية والاجتماعية بنشاطاته وأعماله، وأخوه الأكبر طارق رشيد من تلاميذي النجباء، مقيم في إنكلترا.
ولقد سعدت هنا بلقاء غير واحد من العلماء، وبعضهم تلاميذي، منهم الأخ نعيم الرحمن الندوي مدير المدرسة، وهو رجل عالم أديب، ذو خلق متين، متواضع.
وسررت برؤية الطالبات ومعلماتهن في عدد كبير، وشكرت الشيخ خالد على إتاحته الفرص لهن لاكتساب العلم، وأكدت في خطابي على أهمية تعليم النساء، وذكرت لهم تاريخ مدرسة فرنجي محل التي أنشأها أولاد قطب الدين السهالوي رحمه الله تعالى، وعلى رأسهم الشيخ نظام الدين اللكهنوي، وكان من كبار علمائها العلامة الأوحد عبد الحي الفرنجي محلي، وألقيت الضوء على مزايا منهاجها التعليمي ومقرراتها الدراسية.
وكان موضوع محاضرتي "كيف يستفيد المتخرجون في المدارس الإسلامية من الجامعات الغربية"، فبدأت كلمتي بالسؤال: لماذا لا نعكس العنوان ونقول: كيف يستفيد المتخرجون في الجامعات الغربية من المدارس الإسلامية؟ وذكرتهم بتاريخ المدارس الرائع ذي الأمجاد والمحاسن، وأعربت عن أسفي على تدهور وضعه ومستواه، وأشرت عليهم كيف يستفيدون من الجامعات الغربية.
ثم أكرموني بمنحي وساما معنونا باسم العلامة عبد الحي الفرنجي محلي، فسررت بهذا التقدير، وشكرت الله عز وجل على نعمه المتزايدة.
احتفال بصدور كتاب:
ولقيت الأخ الكريم ضياء الدين القاسمي الندوي، وهو من زملائي في دار العلوم، منعوت بالاعتدال والحكمة، والعقل والرشد، والبعد عن الأوهام والخرافات، آت للأمور وهو يبصرها، وهو خطيب بارع، ذائع الصيت، وله مجموعة خطب مطبوعة، وهو أخ خفيف الروح، أعطيه مكنون التصافي.
ولقيت ابن أخته الأستاذ ضياء الحق الخيرآبادي، تخرج في دار العلوم بديوبند سنة 1998م، واختص بالعالم الكبير والمحقق البحاثة الشيخ إعجاز أحمد الأعظمي، وبذ معاصريه في الكتابة والتأليف، وله صفاء باطن وخلق ظاهر.
وقد قاما بطباعة كتاب "الشخصيات التي أدين لها في تكويني الشخصي" بالأردية لصديقنا الفاضل وزير أحمد الأعظمي الندوي، وتم الاحتفال بصدوره على يد فضيلة شيخنا الجليل محمد الرابع الحسني الندوي، وتكرم شيخنا كذلك بالاحتفال ببعض مؤلفاتي، وأثنى علينا ثناء فيه لنا مفخرة.
زيارة للشيخ عبد العزيز الندوي:
وزرنا فضيلة الشيخ عبد العزيز الندوي البتكلي نائب مدير دار العلوم، وقد رجع من أداء الحج قريبا، وهو من أكبر الشارحين لفكرة ندوة العلماء وأهدافها، مسهب في الحديث، لا يعرف تعبا ولا نصبا، ولا يتبرم أحد بصحبته لكثرة طرائفه ونوادره وإنشاده الأبيات الشعرية البليغة في محالها الملائمة.
ووافيت مع الأستاذ مشير حسن الصديقي، والأخ ظفر الدين الندوي إلى المدرسة النظامية الفرنجي محلية، واستقبلنا فيها رئيسها الشيخ خالد رشيد الفرنجي محلي، وهو أحد علماء فرنجي محل، متخرج من دار العلوم لندوة العلماء، ومعروف في الأوساط العلمية والاجتماعية بنشاطاته وأعماله، وأخوه الأكبر طارق رشيد من تلاميذي النجباء، مقيم في إنكلترا.
ولقد سعدت هنا بلقاء غير واحد من العلماء، وبعضهم تلاميذي، منهم الأخ نعيم الرحمن الندوي مدير المدرسة، وهو رجل عالم أديب، ذو خلق متين، متواضع.
وسررت برؤية الطالبات ومعلماتهن في عدد كبير، وشكرت الشيخ خالد على إتاحته الفرص لهن لاكتساب العلم، وأكدت في خطابي على أهمية تعليم النساء، وذكرت لهم تاريخ مدرسة فرنجي محل التي أنشأها أولاد قطب الدين السهالوي رحمه الله تعالى، وعلى رأسهم الشيخ نظام الدين اللكهنوي، وكان من كبار علمائها العلامة الأوحد عبد الحي الفرنجي محلي، وألقيت الضوء على مزايا منهاجها التعليمي ومقرراتها الدراسية.
وكان موضوع محاضرتي "كيف يستفيد المتخرجون في المدارس الإسلامية من الجامعات الغربية"، فبدأت كلمتي بالسؤال: لماذا لا نعكس العنوان ونقول: كيف يستفيد المتخرجون في الجامعات الغربية من المدارس الإسلامية؟ وذكرتهم بتاريخ المدارس الرائع ذي الأمجاد والمحاسن، وأعربت عن أسفي على تدهور وضعه ومستواه، وأشرت عليهم كيف يستفيدون من الجامعات الغربية.
ثم أكرموني بمنحي وساما معنونا باسم العلامة عبد الحي الفرنجي محلي، فسررت بهذا التقدير، وشكرت الله عز وجل على نعمه المتزايدة.
احتفال بصدور كتاب:
ولقيت الأخ الكريم ضياء الدين القاسمي الندوي، وهو من زملائي في دار العلوم، منعوت بالاعتدال والحكمة، والعقل والرشد، والبعد عن الأوهام والخرافات، آت للأمور وهو يبصرها، وهو خطيب بارع، ذائع الصيت، وله مجموعة خطب مطبوعة، وهو أخ خفيف الروح، أعطيه مكنون التصافي.
ولقيت ابن أخته الأستاذ ضياء الحق الخيرآبادي، تخرج في دار العلوم بديوبند سنة 1998م، واختص بالعالم الكبير والمحقق البحاثة الشيخ إعجاز أحمد الأعظمي، وبذ معاصريه في الكتابة والتأليف، وله صفاء باطن وخلق ظاهر.
وقد قاما بطباعة كتاب "الشخصيات التي أدين لها في تكويني الشخصي" بالأردية لصديقنا الفاضل وزير أحمد الأعظمي الندوي، وتم الاحتفال بصدوره على يد فضيلة شيخنا الجليل محمد الرابع الحسني الندوي، وتكرم شيخنا كذلك بالاحتفال ببعض مؤلفاتي، وأثنى علينا ثناء فيه لنا مفخرة.
زيارة للشيخ عبد العزيز الندوي:
وزرنا فضيلة الشيخ عبد العزيز الندوي البتكلي نائب مدير دار العلوم، وقد رجع من أداء الحج قريبا، وهو من أكبر الشارحين لفكرة ندوة العلماء وأهدافها، مسهب في الحديث، لا يعرف تعبا ولا نصبا، ولا يتبرم أحد بصحبته لكثرة طرائفه ونوادره وإنشاده الأبيات الشعرية البليغة في محالها الملائمة.
زيارة لشيخنا محمد برهان الدين السنبهلي:
وزرت مع صديقي العزيز عبد الحي الندوي شيخنا الجليل محمد برهان الدين السنبهلي، وهو طريح الفراش منذ سنين، صبور شكور، محب لتلاميذه وأصحابه، لا يغتاب أحدا ولا يؤذيه، وهو الشيخ المفسر الفقيه الكبير محمد برهان الدين السنبهلي بن الشيخ المقرئ الطبيب الحافظ حميد الدين القاسمي، ولد في شهر ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلاث مائة وألف في سنبهل من الهند، وأخذ اللغة الأردية والفارسية وتحفيظ القرآن الكريم والتجويد والقراءة من أبيه، وتعلم في بعض مدارس قريته، ثم التحق بدار العلوم بديوبند، وتخرج فيها سنة سبع وسبعين وثلاث مائة وألف، وسمع الأبواب الأولى من (صحيح البخاري) على شيخ الإسلام حسين أحمد المدني، وأكمل (الصحيح) على الشيخ فخر الدين، و(صحيح مسلم) و(سنن الترمذي) على الشيخ إبراهيم البلياوي، و(حجة الله البالغة)، و(الحديث المسلسل بالأسودين) وشيئا من (مشكاة المصابيح) على الشيخ المقرئ محمد طيب القاسمي، و(سنن أبي داود) على الشيخ فخر الحسن، و(سنن النسائي) على الشيخ بشير أحمد خان، و(مشكاة المصابيح) على الشيخ جليل أحمد الكيرانوي، و(موطأ الإمام مالك) برواية محمد بن الحسن الشيباني على الشيخ ظهور أحمد العثماني، وشك في أخذ رواية يحيى بن يحيى عنه، و(شرح معاني الآثار للطحاوي) على السيد حسن، و(شمائل الترمذي) على الشيخ عبد الأحد، و(هداية الفقه) على الشيخ حبيب أحمد الإسرائيلي السنبهلي، والجزأين الأخيرين من (الهداية) على الشيخ معراج الحق، وأجازه العلامة المحدث محمد زكريا الكاندهلوي بعد أن قرأ عليه الرسائل الثلاث (الفضل المبين) و(الدر الثمين) و(النوادر من أحاديث سيد الأوائل والأواخر) كما أجازه الشيخ محمد طيب القاسمي، والشيخ ظهور أحمد العثماني، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ السيد فخر الحسن، والشيخ بشير أحمد، والشيخ محمد جليل الكيرانوي، والشيح السيد حسن والشيخ عبد الأحد الديوبنديان، وقام بالتدريس في المدرسة العالية العربية في فتحبوري من دهلي لمدة عشر سنوات، ثم انضم إلى هيئة التدريس في دار العلوم لندوة العلماء سنة تسعين وثلاث مائة وألف.
لقاء مع الأستاذ نعمان الدين السنبهلي:
وسررت برؤية الأخ الكريم نعمان الدين السنبهلي، وهو الأستاذ الكبير والكاتب القدير محمد نعمان الدين بن شيخنا محمد برهان الدين السنبهلي الندوي، خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وهو من معاصري في دار العلوم، وكانت له عناية كبيرة باللغة العربية وآدابها، وكان معروفا بين الطلاب في الخطابة والكتابة، وهو متحل بأخلاق فاضلة من التواضع وإكرام الناس والأدب الجم، وتمام حلية فضل المرء أدبه.
وأهدى إلي بعض مؤلفاته، منها:
صيد القلم: مجموعة مختارة من كتابات المؤلف المنشورة عبر أكثر من ربع قرن في مجلة الصحوة الإسلامية التي رأس تحريرها منذ صدور عددها الأول سنة 1409هـ، في نحو تسمائة صفحة، يقول في مقدمته: "فإني إذ أقدم هذه المجموعة المنتقاة من كتاباتي المتواضعة إلى القراء الأفاضل، لا أدعي أنها "منتج قيم" أو "إضافة ثرة" إلى الحركة القلمية أو الساحة الأدبية، وأن محتويات هذه المجموعة تتسم بالغزارة الغزيرة والجدة والطرافة والإبداع في الموضوعات المطروحة في صفحات الكتاب، لا أدعي ذلك البتة، ولكن أرجو فقط أنها – محتويات الكتاب – ربما ترضي حاجات نفوس بعض طلاب اللغة العربية، وشباب الصحوة الإسلامية، ورجال الجركة الإسلامية العالمية وتحظى بشيء من القبول لديهم، ولعلها تزودهم بمعلومات أو خواطر أو أفكار قد تنفعها في مسيرتهم المباركة إن شاء الله".
صدى القلم: مقالات مختارة في الفكر والدعوة والأدب، يقول في مقدمته: "يسرني أن أقدم إلى قراء العربية الأفاضل مجموعة جديدة من مقالاتي، التي منها ما نشرت في مجلة "النصيحة"، ومنها ما تنشر لأول مرة في هذه المجموعة، وتربط بين محتويات هذه المجموعة المتنوعة رابطة وحدة "رابطة التمني"، تمني عودة مجد الإسلام وعز المسلمين من جديد، وتمني عودة ازدهار العربية، وسيادة أهلها "العرب" من جديد، وذلك حلم المسلمين جميعا في مشارق الأرض ومغاربها".
عندليب الهند العربي محمد واضح رشيد الحسني اللندوي رجع إلى ربه: قدم له والده شيخنا الجليل محمد برهان الدين السنبهلي، يقول المؤلف في التعريف به: "هذه انطباعات متواضعة عن أستاذنا الجليل فقيد العلم والأدب والنبل والإنسانية الشيخ محمد واضح رشيد الحسني الندوي، كتبتها وفاء ببعض واجب الفقيد علي، وتحدثت فيها عن جوانب مشرقة من حياة الفقيد الغالي رحمه الله تعالى".
وزرت مع صديقي العزيز عبد الحي الندوي شيخنا الجليل محمد برهان الدين السنبهلي، وهو طريح الفراش منذ سنين، صبور شكور، محب لتلاميذه وأصحابه، لا يغتاب أحدا ولا يؤذيه، وهو الشيخ المفسر الفقيه الكبير محمد برهان الدين السنبهلي بن الشيخ المقرئ الطبيب الحافظ حميد الدين القاسمي، ولد في شهر ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلاث مائة وألف في سنبهل من الهند، وأخذ اللغة الأردية والفارسية وتحفيظ القرآن الكريم والتجويد والقراءة من أبيه، وتعلم في بعض مدارس قريته، ثم التحق بدار العلوم بديوبند، وتخرج فيها سنة سبع وسبعين وثلاث مائة وألف، وسمع الأبواب الأولى من (صحيح البخاري) على شيخ الإسلام حسين أحمد المدني، وأكمل (الصحيح) على الشيخ فخر الدين، و(صحيح مسلم) و(سنن الترمذي) على الشيخ إبراهيم البلياوي، و(حجة الله البالغة)، و(الحديث المسلسل بالأسودين) وشيئا من (مشكاة المصابيح) على الشيخ المقرئ محمد طيب القاسمي، و(سنن أبي داود) على الشيخ فخر الحسن، و(سنن النسائي) على الشيخ بشير أحمد خان، و(مشكاة المصابيح) على الشيخ جليل أحمد الكيرانوي، و(موطأ الإمام مالك) برواية محمد بن الحسن الشيباني على الشيخ ظهور أحمد العثماني، وشك في أخذ رواية يحيى بن يحيى عنه، و(شرح معاني الآثار للطحاوي) على السيد حسن، و(شمائل الترمذي) على الشيخ عبد الأحد، و(هداية الفقه) على الشيخ حبيب أحمد الإسرائيلي السنبهلي، والجزأين الأخيرين من (الهداية) على الشيخ معراج الحق، وأجازه العلامة المحدث محمد زكريا الكاندهلوي بعد أن قرأ عليه الرسائل الثلاث (الفضل المبين) و(الدر الثمين) و(النوادر من أحاديث سيد الأوائل والأواخر) كما أجازه الشيخ محمد طيب القاسمي، والشيخ ظهور أحمد العثماني، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ السيد فخر الحسن، والشيخ بشير أحمد، والشيخ محمد جليل الكيرانوي، والشيح السيد حسن والشيخ عبد الأحد الديوبنديان، وقام بالتدريس في المدرسة العالية العربية في فتحبوري من دهلي لمدة عشر سنوات، ثم انضم إلى هيئة التدريس في دار العلوم لندوة العلماء سنة تسعين وثلاث مائة وألف.
لقاء مع الأستاذ نعمان الدين السنبهلي:
وسررت برؤية الأخ الكريم نعمان الدين السنبهلي، وهو الأستاذ الكبير والكاتب القدير محمد نعمان الدين بن شيخنا محمد برهان الدين السنبهلي الندوي، خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وهو من معاصري في دار العلوم، وكانت له عناية كبيرة باللغة العربية وآدابها، وكان معروفا بين الطلاب في الخطابة والكتابة، وهو متحل بأخلاق فاضلة من التواضع وإكرام الناس والأدب الجم، وتمام حلية فضل المرء أدبه.
وأهدى إلي بعض مؤلفاته، منها:
صيد القلم: مجموعة مختارة من كتابات المؤلف المنشورة عبر أكثر من ربع قرن في مجلة الصحوة الإسلامية التي رأس تحريرها منذ صدور عددها الأول سنة 1409هـ، في نحو تسمائة صفحة، يقول في مقدمته: "فإني إذ أقدم هذه المجموعة المنتقاة من كتاباتي المتواضعة إلى القراء الأفاضل، لا أدعي أنها "منتج قيم" أو "إضافة ثرة" إلى الحركة القلمية أو الساحة الأدبية، وأن محتويات هذه المجموعة تتسم بالغزارة الغزيرة والجدة والطرافة والإبداع في الموضوعات المطروحة في صفحات الكتاب، لا أدعي ذلك البتة، ولكن أرجو فقط أنها – محتويات الكتاب – ربما ترضي حاجات نفوس بعض طلاب اللغة العربية، وشباب الصحوة الإسلامية، ورجال الجركة الإسلامية العالمية وتحظى بشيء من القبول لديهم، ولعلها تزودهم بمعلومات أو خواطر أو أفكار قد تنفعها في مسيرتهم المباركة إن شاء الله".
صدى القلم: مقالات مختارة في الفكر والدعوة والأدب، يقول في مقدمته: "يسرني أن أقدم إلى قراء العربية الأفاضل مجموعة جديدة من مقالاتي، التي منها ما نشرت في مجلة "النصيحة"، ومنها ما تنشر لأول مرة في هذه المجموعة، وتربط بين محتويات هذه المجموعة المتنوعة رابطة وحدة "رابطة التمني"، تمني عودة مجد الإسلام وعز المسلمين من جديد، وتمني عودة ازدهار العربية، وسيادة أهلها "العرب" من جديد، وذلك حلم المسلمين جميعا في مشارق الأرض ومغاربها".
عندليب الهند العربي محمد واضح رشيد الحسني اللندوي رجع إلى ربه: قدم له والده شيخنا الجليل محمد برهان الدين السنبهلي، يقول المؤلف في التعريف به: "هذه انطباعات متواضعة عن أستاذنا الجليل فقيد العلم والأدب والنبل والإنسانية الشيخ محمد واضح رشيد الحسني الندوي، كتبتها وفاء ببعض واجب الفقيد علي، وتحدثت فيها عن جوانب مشرقة من حياة الفقيد الغالي رحمه الله تعالى".
ديوان الوفاء وسجل الصفاء في وصف حركة ندوة العلماء عبر استيحاء حروفها الغراء، قدم له الشيخ الدكتور القاضي محمد الصادق المغلس المراني من أعلام علماء اليمن الميمون، يقول المؤلف: "إن ندوة العلماء حركة عالمية تعليمية إصلاحية تربوية، معروفة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، بأهدافها الجليلة ومنجزاتها العظيمة، وسماتها البارزة، التي تميزها عن كثير من شقيقاتها – من دور التعليم والتربية – مع الاعتراف بفضلها ومكانتها وخدماتها التي تذكر فتشكر. أما هذه الصفحات، فقد ألقيت فيها الضوء على أهداف ندوة العلماء، وخصائصها وإنجازاتها بأسلوب جديد، لا أزعم أنه أسلوب مبتكر أو غير مسبوق إليه، ولكنني أظن أنه أسلوب يستعمل لأول مرة في بيان مقاصد الندوة ومزاياها".
زيارة لشيخنا محمد نذر الحفيظ الندوي:
ثم زرنا شيخنا الأستاذ محمد نذر الحفيظ الندوي، وهو من شيوخنا المحبين لنا والساعين في إفادة الطلاب، قلما يوجد له نظير في النصح للناس، وكلما زرت ندوة العلماء احتفى بي احتفاء كبيرا، وهو عالم أديب، وحكيم حذر، غير ممض رأيه في هوى.
في مجلس شيخنا محمد الرابع الحسني الندوي:
وتعشينا مع شيخنا محمد الرابع الحسني الندوي، وحضرت مجلسه بعد العشاء، ومجلسه أنيس الربع مخضر الجناب، سابق المجالس بخصائص الأخلاق والآداب.
كلمة في مؤتمر أم المؤمنين عائشة:
وقد خطط بعض الأشقياء المفسدين إصدار فيلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها طعنا فيها ونيلا من كرامتها، لا بارك الله فيه، فقامت بعض المنظمات بالرد على هذا الماكر الخبيث تحت رئاسة فضيلة الشيخ عبد الولي الفاروقي عن طريق عقد مؤتمر عن أم المؤمنين رضي الله عنها، ودعيت إليه، فلما حضرته سمعت خطاب الشيخ عبد العلي الفاروقي، والشيخ عبد العليم الفاروقي يستثيران الحماس ويبعثان الحمية والغيرة في النفوس، وألقيت كلمة قصيرة عن فضل الصديقة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وأرضاها ورفع درجاتها وضاعف من كرامتها.
زيارة لشيخنا محمد نذر الحفيظ الندوي:
ثم زرنا شيخنا الأستاذ محمد نذر الحفيظ الندوي، وهو من شيوخنا المحبين لنا والساعين في إفادة الطلاب، قلما يوجد له نظير في النصح للناس، وكلما زرت ندوة العلماء احتفى بي احتفاء كبيرا، وهو عالم أديب، وحكيم حذر، غير ممض رأيه في هوى.
في مجلس شيخنا محمد الرابع الحسني الندوي:
وتعشينا مع شيخنا محمد الرابع الحسني الندوي، وحضرت مجلسه بعد العشاء، ومجلسه أنيس الربع مخضر الجناب، سابق المجالس بخصائص الأخلاق والآداب.
كلمة في مؤتمر أم المؤمنين عائشة:
وقد خطط بعض الأشقياء المفسدين إصدار فيلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها طعنا فيها ونيلا من كرامتها، لا بارك الله فيه، فقامت بعض المنظمات بالرد على هذا الماكر الخبيث تحت رئاسة فضيلة الشيخ عبد الولي الفاروقي عن طريق عقد مؤتمر عن أم المؤمنين رضي الله عنها، ودعيت إليه، فلما حضرته سمعت خطاب الشيخ عبد العلي الفاروقي، والشيخ عبد العليم الفاروقي يستثيران الحماس ويبعثان الحمية والغيرة في النفوس، وألقيت كلمة قصيرة عن فضل الصديقة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وأرضاها ورفع درجاتها وضاعف من كرامتها.
بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة الهند
(14)
يوم الجمعة 29 ذو الحجة سنة 1440
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
سماع على الشيخ محمد يحيى الندوي:
وسمعنا عليه الأوائل السنبلية بكاملها بقراءة الشيخ عبد الله التوم، وأسمعت صاحبنا الشيخ تركي الفضلي المسلسل بالأولية عليه، واستجزت الشيخ له ولصاحبنا الدكتور أبي زيد الأمركي، وانبسط الشيخ معي في الحديث عن العلم والكتب انبساطا، وقل من يشبهه اطلاعا على مصادر الحديث المطبوعة والمخطوطة.
سماع على شيخنا محمد الرابع الحسني:
حضرناه في الساعة الحادية عشرة وسمعنا عليه سنده، وأوائل الكتب الستة والموطأ ومسند الإمام أحمد بقراءة الشيخ عبد الله التوم، وممن سمع عليه في هذا المجلس الأستاذ محمد وثيق الندوي، والأستاذ محمد خالد الكوندوي، وابن أخي حمزة، وابن أختي عبيدة، وأعطانا أسانيده المطبوعة موقعا عليها، وقد استأسر قلوبنا بصلاحه، وصفاء طينته، وطيب حديثه، وحكمته وحصافة رأيه، وهو كريم السجايا، وافر النفع، لا ناقص النعمى ولا جامد العقل.
صلاة الجمعة:
وصلينا الجمعة في جامع دار العلوم، واستمعنا إلى خطبة شيخنا سعيد الرحمن الأعظمي الندوي، وتذكرت خطبه أيام كنا طلابا في دار العلوم إذ كان يتفجر حماسا وقوة، وتمتلئ كلماته نصحا وتوجيها، يأتي بالمعاني المقدودة من الصخور الصماء في الألفاظ المصوغة من سلاسة الماء.
في منزل الأخ ظفر الدين الندوي:
والأخ ظفر الدين الندوي من تلاميذي، تخرج في دار العلوم، ثم اشتغل بحقل الدعوة والتربية في تبوك بالمملكة العربية السعودية خمسا وعشرين سنة، وله علاقة وطيدة بكثير من علماء المملكة ودعاتها، وانضم أخيرا إلى هيئة التدريس بدار العلوم، مع اشتغال بالتجارة، واتصال بأهل العلم والفضل.
دعانا إلى مأدبة الغداء، فحضرنا منزله، ودخلناه وكأننا في بيت من بيوت الخليج العربي يفوح شذى وطيبا، ويجذب ناظريك إليه بفرشه وسجاجيده، وقدم إلينا طعام وفير شهي: لحم ومرق وخبز وأرز، وحلوى، وكان هذا المجلس من أطيب مجالسنا في لكنؤ.
والأخ ظفر الدين من المرتبطين بجماعة الدعوة والتبليغ، ومقرب إلى مشايخها، مقبول في الأوساط العلمية والدعوية والاجتماعية في لكنؤ من أجل حرصه على التعاون على الخير والنصح للناس، ولعل أعظم خلاله أنه إذا خنس الرجال تقدم وكفى.
مع شيخنا سعيد الرحمن الأعظمي الندوي:
وحضرنا بعد العصر منزل شيخنا سعيد الرحمن الأعظمي الندوي، وتناولنا معه الشأي، وأهدى إلي كتابه الذي صدر حديثا، والذي يشتمل على رسائل وجهها إليه العلامة أبو الحسن علي الندوي رحمه الله تعالى، ونعمنا بصحبته، وانتفعنا بحديثه.
مدرسة الحرم:
وقصدنا قبيل المغرب صحبة الأستاذين الكريمين محمد وثيق الندوي ومحمد خالد الندوي مدرسة الحرم لصاحبها الشيخ محمد نجيب الندوي الواقعة في بعض ضواحي لكنؤ، ووصلنا إليها بعد الساعة السابعة، وصلينا المغرب في مسجدها جماعة، وأسست المدرسة قبل سنتين، وتطورت خلال هذه المدة القصيرة تطورا كبيرا، قضيت منه العجب، والمدرسة تعنى بتعليم المتخرجين من الكليات والجامعات العصرية العلوم الإسلامية، ووقعت فكرة المدرسة مني كل موقع.
وألقيت كلمة حول موضوع "دور المدارس الإسلامية في الأوضاع المتغيرة"، وتحدثت عنه بتفصيل وإسهاب، وأجبت عن الأسئلة التي وجهت إلي، واستلفت الأنظار إلى أن الجيل الناشئ رجالا ونساء قد انقطعت صلته بالعلماء أو تكاد تنقطع، فالعلماء منزوون لا يعرفون مشكلات الشباب وقضاياهم، فيداووها، وهل يمكن وصف الدواء قبل تشخيص الداء؟ وهم منعزلون عن العالم المثقف عزلة فكرية ومادية، وأعربت عن رغبتي في أن تعد نظمنا التعليمية جيل المستقبل الذي يقود إنسان عصره، وتخرِّج علماء كراما واثقين بأنفسهم متوكلين على مولاهم، شجعانا، عزيزة نفوسهم ومرفوعة رؤوسهم.
وأخيرا تناولنا هنا عشاءا لذيذا رافعين عنا حجاب التكلف، والأخ نجيب زين الشبان، ذو أنس ووداد، وتصاف في السر والإعلان، من ذوي الهمم العالية، مجد مجتهد، لا يعرف كللا، ثابت على الدرب، أدعو الله تعالى أن يوفقه كل التوفيق في سعيه.
رحلة الهند
(14)
يوم الجمعة 29 ذو الحجة سنة 1440
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
سماع على الشيخ محمد يحيى الندوي:
وسمعنا عليه الأوائل السنبلية بكاملها بقراءة الشيخ عبد الله التوم، وأسمعت صاحبنا الشيخ تركي الفضلي المسلسل بالأولية عليه، واستجزت الشيخ له ولصاحبنا الدكتور أبي زيد الأمركي، وانبسط الشيخ معي في الحديث عن العلم والكتب انبساطا، وقل من يشبهه اطلاعا على مصادر الحديث المطبوعة والمخطوطة.
سماع على شيخنا محمد الرابع الحسني:
حضرناه في الساعة الحادية عشرة وسمعنا عليه سنده، وأوائل الكتب الستة والموطأ ومسند الإمام أحمد بقراءة الشيخ عبد الله التوم، وممن سمع عليه في هذا المجلس الأستاذ محمد وثيق الندوي، والأستاذ محمد خالد الكوندوي، وابن أخي حمزة، وابن أختي عبيدة، وأعطانا أسانيده المطبوعة موقعا عليها، وقد استأسر قلوبنا بصلاحه، وصفاء طينته، وطيب حديثه، وحكمته وحصافة رأيه، وهو كريم السجايا، وافر النفع، لا ناقص النعمى ولا جامد العقل.
صلاة الجمعة:
وصلينا الجمعة في جامع دار العلوم، واستمعنا إلى خطبة شيخنا سعيد الرحمن الأعظمي الندوي، وتذكرت خطبه أيام كنا طلابا في دار العلوم إذ كان يتفجر حماسا وقوة، وتمتلئ كلماته نصحا وتوجيها، يأتي بالمعاني المقدودة من الصخور الصماء في الألفاظ المصوغة من سلاسة الماء.
في منزل الأخ ظفر الدين الندوي:
والأخ ظفر الدين الندوي من تلاميذي، تخرج في دار العلوم، ثم اشتغل بحقل الدعوة والتربية في تبوك بالمملكة العربية السعودية خمسا وعشرين سنة، وله علاقة وطيدة بكثير من علماء المملكة ودعاتها، وانضم أخيرا إلى هيئة التدريس بدار العلوم، مع اشتغال بالتجارة، واتصال بأهل العلم والفضل.
دعانا إلى مأدبة الغداء، فحضرنا منزله، ودخلناه وكأننا في بيت من بيوت الخليج العربي يفوح شذى وطيبا، ويجذب ناظريك إليه بفرشه وسجاجيده، وقدم إلينا طعام وفير شهي: لحم ومرق وخبز وأرز، وحلوى، وكان هذا المجلس من أطيب مجالسنا في لكنؤ.
والأخ ظفر الدين من المرتبطين بجماعة الدعوة والتبليغ، ومقرب إلى مشايخها، مقبول في الأوساط العلمية والدعوية والاجتماعية في لكنؤ من أجل حرصه على التعاون على الخير والنصح للناس، ولعل أعظم خلاله أنه إذا خنس الرجال تقدم وكفى.
مع شيخنا سعيد الرحمن الأعظمي الندوي:
وحضرنا بعد العصر منزل شيخنا سعيد الرحمن الأعظمي الندوي، وتناولنا معه الشأي، وأهدى إلي كتابه الذي صدر حديثا، والذي يشتمل على رسائل وجهها إليه العلامة أبو الحسن علي الندوي رحمه الله تعالى، ونعمنا بصحبته، وانتفعنا بحديثه.
مدرسة الحرم:
وقصدنا قبيل المغرب صحبة الأستاذين الكريمين محمد وثيق الندوي ومحمد خالد الندوي مدرسة الحرم لصاحبها الشيخ محمد نجيب الندوي الواقعة في بعض ضواحي لكنؤ، ووصلنا إليها بعد الساعة السابعة، وصلينا المغرب في مسجدها جماعة، وأسست المدرسة قبل سنتين، وتطورت خلال هذه المدة القصيرة تطورا كبيرا، قضيت منه العجب، والمدرسة تعنى بتعليم المتخرجين من الكليات والجامعات العصرية العلوم الإسلامية، ووقعت فكرة المدرسة مني كل موقع.
وألقيت كلمة حول موضوع "دور المدارس الإسلامية في الأوضاع المتغيرة"، وتحدثت عنه بتفصيل وإسهاب، وأجبت عن الأسئلة التي وجهت إلي، واستلفت الأنظار إلى أن الجيل الناشئ رجالا ونساء قد انقطعت صلته بالعلماء أو تكاد تنقطع، فالعلماء منزوون لا يعرفون مشكلات الشباب وقضاياهم، فيداووها، وهل يمكن وصف الدواء قبل تشخيص الداء؟ وهم منعزلون عن العالم المثقف عزلة فكرية ومادية، وأعربت عن رغبتي في أن تعد نظمنا التعليمية جيل المستقبل الذي يقود إنسان عصره، وتخرِّج علماء كراما واثقين بأنفسهم متوكلين على مولاهم، شجعانا، عزيزة نفوسهم ومرفوعة رؤوسهم.
وأخيرا تناولنا هنا عشاءا لذيذا رافعين عنا حجاب التكلف، والأخ نجيب زين الشبان، ذو أنس ووداد، وتصاف في السر والإعلان، من ذوي الهمم العالية، مجد مجتهد، لا يعرف كللا، ثابت على الدرب، أدعو الله تعالى أن يوفقه كل التوفيق في سعيه.
بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة الهند
(15)
يوم السبت 30 ذو الحجة سنة 1440
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
الشيخ عبد العليم الفاروقي:
وشرفني فضيلة الشيخ عبد العليم الفاروقي بالزيارة في الساعة السادسة والنصف، وأهدى إلي بعض الكتب، ورغب في أن يزورني في بريطانيا، وهو ابن إمام أهل السنة في لكنؤ العلامة عبد الشكور اللكنوي رحمه الله تعالى، ونشيط في الدفاع عن السنة ومحاربة بدع التشيع في غير لين ولا هوادة، وهو خطيب مصقع، وله قبول في لكنؤ وعامة بلاد الهند.
وأروي عن العلامة عبد الشكور اللكنوي بواسطة شيخنا عبد الحميد السواتي رحمه الله تعالى.
مدرسة أم المؤمنين عائشة للبنات:
وزرت في الساعة الثامنة مع الأستاذ محمد وثيق الندوي والأستاذ الشريف محمود حسن الحسني مدرسة أم المؤمنين عائشة للبنات لصاحبها الشيخ محمد عرفان اللكنوي بجوار دار العلوم لندوة العلماء، وألقيت كلمة أمام الطالبات أسمعتهن فيها المسلسل بالأولية وأجزتهن إجازة عامة، وحثثتهن على إعمال العقل والفكر والجد في الطلب.
مدرسة مظهر الإسلام:
ووصلنا حوالي الساعة الثامة والنصف إلى مدرسة مظهر الإسلام، ومديرها هو العالم الشريف عمار بن محمد بن عبد العلي بن عبد الحي الحسني، حفظ القرآن عن ظهر الغيب، ودرس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وتخرج في دار العلوم لندوة العلماء، وقد صليت خلفه التراويح في مسجد رائي بريلي أيام شيخنا أبي الحسن الندوي، والشيخ عمار عالم شجاع، ذو خلق وأدب، وود وكرم، وقد عرف بحسن إدارته للمدرسة وتطوير مستوى طلابها والاهتمام بشؤونهم.
وألقيت هنا كلمة حثثت فيها الطلاب على إدراك قيمة العلوم التي يسعون في سبيل تحصيلها، وأن يملأوا رؤوسهم بالعلم وقلوبهم بالإيمان، وأن يستقيموا على الدرب استقامة غير متزحزحين ولا متزلزلين.
جامعة المؤمنات:
وحضرنا الساعة التاسعة والنصف جامعة المؤمنات الإسلامية، والتي أسسها الشيخ العالم المرحوم محمد رضوان الندوي في 21 من ذي القعدة سنة 1413ه، وقد ألقيت فيها كلمة قبل سنوات، لقينا المسؤولين بالجامعة وتجولوا بنا في مبانيها وأقسامها، وذكروا لنا أن عدد الطالبات فيها نحو خمسمائة وألف طالبة، وأكثرهن من المقيمات في الجامعة.
وألقيت فيها كلمة، سردت للطالبات تاريخ النساء العالمات الزاهر، وحثثتهن على طلب العلم والجد فيه، وأسمعتهن المسلسل بالأولية، وأجزت لهن إجازة عامة.
معهد دار العلوم:
ووصلنا الساعة الحادية عشرة والنصف إلى معهد دار العلوم بسكروري، حيث استقبلنا الأخ الكريم شبير أحمد الندوي مديره والأستاذ زاهد حسين وغيرهما من الأساتذة والعاملين فيه.
وألقيت فيه كلمة رغبت فيها الطلاب في الإخلاص لله تعالى، وإدراك قيمة العلم الذي يطلبونه وأن لا يشعروا بشيء من مركب النقص، وأجبت عن أسئلة علمية وفكرية وجهها إلي الطلاب.
لقاء مع شيخنا سلمان الحسيني الندوي:
وزرنا بعد صلاة الظهر شيخنا سلمان الحسيني الندوي في منزله، وهو من شيوخي الذين لهم فضل علي في تكويني العلمي، وقد بلغ في العلوم مبلغا كبير، وله تفسير للقرآن الكريم بالأردية يتميز على غيره من كتب التفسير في بيان مقاصد كتاب الله تعالى، وحل الآيات المشكلة.
تحية وداع على شيخنا محمد الرابع الحسني:
وحضرنا منزل شيخنا محمد الرابع الحسني الندوي في خاتون منزل لأسلم عليه قبل خروجي من لكنؤ، فسر كثيرا برؤيتي، وقدم إلي بعض الهدايا، وهو إمام حليم حكيم، وندوة العلماء إذ قلدته أمورها، فكأنما تبعت هدي موفق ثبت البصيرة، هاد بالمحجة، مستجلب لها اجتهاد نصيحة، دافن الضغائن، مميت الأحقاد، عاف عن المتهورين والسفهاء، والعفو خير خلائق الأمجاد.
رحلة الهند
(15)
يوم السبت 30 ذو الحجة سنة 1440
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
الشيخ عبد العليم الفاروقي:
وشرفني فضيلة الشيخ عبد العليم الفاروقي بالزيارة في الساعة السادسة والنصف، وأهدى إلي بعض الكتب، ورغب في أن يزورني في بريطانيا، وهو ابن إمام أهل السنة في لكنؤ العلامة عبد الشكور اللكنوي رحمه الله تعالى، ونشيط في الدفاع عن السنة ومحاربة بدع التشيع في غير لين ولا هوادة، وهو خطيب مصقع، وله قبول في لكنؤ وعامة بلاد الهند.
وأروي عن العلامة عبد الشكور اللكنوي بواسطة شيخنا عبد الحميد السواتي رحمه الله تعالى.
مدرسة أم المؤمنين عائشة للبنات:
وزرت في الساعة الثامنة مع الأستاذ محمد وثيق الندوي والأستاذ الشريف محمود حسن الحسني مدرسة أم المؤمنين عائشة للبنات لصاحبها الشيخ محمد عرفان اللكنوي بجوار دار العلوم لندوة العلماء، وألقيت كلمة أمام الطالبات أسمعتهن فيها المسلسل بالأولية وأجزتهن إجازة عامة، وحثثتهن على إعمال العقل والفكر والجد في الطلب.
مدرسة مظهر الإسلام:
ووصلنا حوالي الساعة الثامة والنصف إلى مدرسة مظهر الإسلام، ومديرها هو العالم الشريف عمار بن محمد بن عبد العلي بن عبد الحي الحسني، حفظ القرآن عن ظهر الغيب، ودرس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وتخرج في دار العلوم لندوة العلماء، وقد صليت خلفه التراويح في مسجد رائي بريلي أيام شيخنا أبي الحسن الندوي، والشيخ عمار عالم شجاع، ذو خلق وأدب، وود وكرم، وقد عرف بحسن إدارته للمدرسة وتطوير مستوى طلابها والاهتمام بشؤونهم.
وألقيت هنا كلمة حثثت فيها الطلاب على إدراك قيمة العلوم التي يسعون في سبيل تحصيلها، وأن يملأوا رؤوسهم بالعلم وقلوبهم بالإيمان، وأن يستقيموا على الدرب استقامة غير متزحزحين ولا متزلزلين.
جامعة المؤمنات:
وحضرنا الساعة التاسعة والنصف جامعة المؤمنات الإسلامية، والتي أسسها الشيخ العالم المرحوم محمد رضوان الندوي في 21 من ذي القعدة سنة 1413ه، وقد ألقيت فيها كلمة قبل سنوات، لقينا المسؤولين بالجامعة وتجولوا بنا في مبانيها وأقسامها، وذكروا لنا أن عدد الطالبات فيها نحو خمسمائة وألف طالبة، وأكثرهن من المقيمات في الجامعة.
وألقيت فيها كلمة، سردت للطالبات تاريخ النساء العالمات الزاهر، وحثثتهن على طلب العلم والجد فيه، وأسمعتهن المسلسل بالأولية، وأجزت لهن إجازة عامة.
معهد دار العلوم:
ووصلنا الساعة الحادية عشرة والنصف إلى معهد دار العلوم بسكروري، حيث استقبلنا الأخ الكريم شبير أحمد الندوي مديره والأستاذ زاهد حسين وغيرهما من الأساتذة والعاملين فيه.
وألقيت فيه كلمة رغبت فيها الطلاب في الإخلاص لله تعالى، وإدراك قيمة العلم الذي يطلبونه وأن لا يشعروا بشيء من مركب النقص، وأجبت عن أسئلة علمية وفكرية وجهها إلي الطلاب.
لقاء مع شيخنا سلمان الحسيني الندوي:
وزرنا بعد صلاة الظهر شيخنا سلمان الحسيني الندوي في منزله، وهو من شيوخي الذين لهم فضل علي في تكويني العلمي، وقد بلغ في العلوم مبلغا كبير، وله تفسير للقرآن الكريم بالأردية يتميز على غيره من كتب التفسير في بيان مقاصد كتاب الله تعالى، وحل الآيات المشكلة.
تحية وداع على شيخنا محمد الرابع الحسني:
وحضرنا منزل شيخنا محمد الرابع الحسني الندوي في خاتون منزل لأسلم عليه قبل خروجي من لكنؤ، فسر كثيرا برؤيتي، وقدم إلي بعض الهدايا، وهو إمام حليم حكيم، وندوة العلماء إذ قلدته أمورها، فكأنما تبعت هدي موفق ثبت البصيرة، هاد بالمحجة، مستجلب لها اجتهاد نصيحة، دافن الضغائن، مميت الأحقاد، عاف عن المتهورين والسفهاء، والعفو خير خلائق الأمجاد.
خروج إلى رائي بريلي:
وودعت ندوة العلماء والأخوين الكريمين الأستاذ محمد وثيق الندوي، والأستاذ محمد خالد الندوي، وحمزة، وعبيدة، ناويا أن أعود إليها كلما سنحت لي الفرصة، وخرجنا بالسيارة إلى رائي بريلي، ومعي الأخ عبد الرزاق الندوي، والأخ سلمان البجنوري الندوي، والأخ العزيز سعيد بن حمزة الحسني الندوي، وهو من طلاب السنة الثانية من الدراسات العليا في دار العلوم لندوة العلماء، وقد درس علي قديما شيئا من اللغة الإنكليزية، ويحبني محبة شديدة، وأبادله كذلك محبة مثلها، وأدعو الله تعالى أن يبارك في علمه وينفع به.
ومنذ أن وصلت إلى لكنؤ لم أتمكن من مرافقة الأخ جعفر مسعود الحسني إلا اختطافا، وكان قد راح يوم الخميس إلى رائي بريلي، ورجع ليلة السبت، فرغب في أن يقضي وقتا معي عازما على أن يرافقني إلى رائي بريلي، ففرحت جدا على تكرمه، وليس هذا بأول أفضاله علي، وهو من السابقين على قدم العلا، والمباعدين عن الدنايا، والآبين للضيم، شكر الله سعيه ورفعه مقاما عاليا.
وتحادثنا في الطريق عن أشياء، وأهم ما تعلمت منه أن شيخنا محمد الرابع الحسني الندوي أثنى على أخيه شيخنا محمد واضح رشيد الندوي رحمه الله تعالى ثناءا عاطرا وحسن معاشرته، وأنه كان يختلف معه في الرأي أحيانا، ولكنه – رغم طول التلازم بيتهما - لم يعهد منه مخالفة أو منازعة ومشاقة، ومن يرتاب في أنه فضل كبير ومنقبة مثلى تذكر ولا تنسى.
جامعة أم المؤمنين عائشة:
ووصلنا إلى جامعة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في بلدة رائي بريلي الساعة الخامسة والنصف، ورحب بنا مديرها الأستاذ معاذ الحسني الندوي وغيره من الأساتذة والموظفين ترحيبا حارا، وألقيت فيها كلمة للطالبات.
إلى مدينة إله آباد:
وخرجت بعد الساعة السابعة إلى مدينة إله آباد، ومعي الأخ محمد سلمان البجنوري الندوي، تخرج من دار العلوم لندوة العلماء سنة 2015، ولقد خدم شيخنا الجليل برهان الدين السنبهلي خدمة كبيرة في الحل والترحال، ورافقه في عمرته، وهو الآن من كبار معلمي مدرسة مظهر الإسلام فرع ندوة العلماء في لكنؤ، يدرس فيها مواد شتى، وقد أنشأ مركزا يعلم فيه طالبات جامعة لكنؤ اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وهو عالم نبيل، ذو خلق أصيل، فيه أدب وتواضع، ورافقني في السفر، ولنعم الرفيق هو.
الأخ محمود كريم:
ووصلنا إلى إله آباد الساعة التاسعة والنصف، واستقبلنا الأخ محمود كريم خارج بيته وأنزلني منزلا مباركا، وهو أحد أسباط العالم الرباني الشيخ محمد وصي الله الفتحفوري رحمه الله تعالى، حفظ القرآن الكريم في دار العلوم لندوة العلماء، وأخذ بها بعض العلوم، وإنما قدمتُ إلى إله آباد هذه القدمة تلبية لدعوته، وتنبئك وجاهته عن أصل معدنه، ذو حلم راجح، وعقل كبير، وشرف وسؤدد، وصادفت منه خلائق لم تدن من ذم، وألفيته مهذب الخصال وحميد الفعال.
واتصل بي هنا الأخ الأجل العالم الشيخ سعيد بن الشيخ الرباني قمر الزمان الندوي من البحرين يرحب بي في مولده ومنشئه ترحيبا، وهو من خريجي دار العلوم لندوة العلماء ومن أسباط الشاه وصي الله الفتحفوري رحمه الله تعالى، وهو من العلماء الكبار والدعاة المعروفين.
وودعت ندوة العلماء والأخوين الكريمين الأستاذ محمد وثيق الندوي، والأستاذ محمد خالد الندوي، وحمزة، وعبيدة، ناويا أن أعود إليها كلما سنحت لي الفرصة، وخرجنا بالسيارة إلى رائي بريلي، ومعي الأخ عبد الرزاق الندوي، والأخ سلمان البجنوري الندوي، والأخ العزيز سعيد بن حمزة الحسني الندوي، وهو من طلاب السنة الثانية من الدراسات العليا في دار العلوم لندوة العلماء، وقد درس علي قديما شيئا من اللغة الإنكليزية، ويحبني محبة شديدة، وأبادله كذلك محبة مثلها، وأدعو الله تعالى أن يبارك في علمه وينفع به.
ومنذ أن وصلت إلى لكنؤ لم أتمكن من مرافقة الأخ جعفر مسعود الحسني إلا اختطافا، وكان قد راح يوم الخميس إلى رائي بريلي، ورجع ليلة السبت، فرغب في أن يقضي وقتا معي عازما على أن يرافقني إلى رائي بريلي، ففرحت جدا على تكرمه، وليس هذا بأول أفضاله علي، وهو من السابقين على قدم العلا، والمباعدين عن الدنايا، والآبين للضيم، شكر الله سعيه ورفعه مقاما عاليا.
وتحادثنا في الطريق عن أشياء، وأهم ما تعلمت منه أن شيخنا محمد الرابع الحسني الندوي أثنى على أخيه شيخنا محمد واضح رشيد الندوي رحمه الله تعالى ثناءا عاطرا وحسن معاشرته، وأنه كان يختلف معه في الرأي أحيانا، ولكنه – رغم طول التلازم بيتهما - لم يعهد منه مخالفة أو منازعة ومشاقة، ومن يرتاب في أنه فضل كبير ومنقبة مثلى تذكر ولا تنسى.
جامعة أم المؤمنين عائشة:
ووصلنا إلى جامعة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في بلدة رائي بريلي الساعة الخامسة والنصف، ورحب بنا مديرها الأستاذ معاذ الحسني الندوي وغيره من الأساتذة والموظفين ترحيبا حارا، وألقيت فيها كلمة للطالبات.
إلى مدينة إله آباد:
وخرجت بعد الساعة السابعة إلى مدينة إله آباد، ومعي الأخ محمد سلمان البجنوري الندوي، تخرج من دار العلوم لندوة العلماء سنة 2015، ولقد خدم شيخنا الجليل برهان الدين السنبهلي خدمة كبيرة في الحل والترحال، ورافقه في عمرته، وهو الآن من كبار معلمي مدرسة مظهر الإسلام فرع ندوة العلماء في لكنؤ، يدرس فيها مواد شتى، وقد أنشأ مركزا يعلم فيه طالبات جامعة لكنؤ اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وهو عالم نبيل، ذو خلق أصيل، فيه أدب وتواضع، ورافقني في السفر، ولنعم الرفيق هو.
الأخ محمود كريم:
ووصلنا إلى إله آباد الساعة التاسعة والنصف، واستقبلنا الأخ محمود كريم خارج بيته وأنزلني منزلا مباركا، وهو أحد أسباط العالم الرباني الشيخ محمد وصي الله الفتحفوري رحمه الله تعالى، حفظ القرآن الكريم في دار العلوم لندوة العلماء، وأخذ بها بعض العلوم، وإنما قدمتُ إلى إله آباد هذه القدمة تلبية لدعوته، وتنبئك وجاهته عن أصل معدنه، ذو حلم راجح، وعقل كبير، وشرف وسؤدد، وصادفت منه خلائق لم تدن من ذم، وألفيته مهذب الخصال وحميد الفعال.
واتصل بي هنا الأخ الأجل العالم الشيخ سعيد بن الشيخ الرباني قمر الزمان الندوي من البحرين يرحب بي في مولده ومنشئه ترحيبا، وهو من خريجي دار العلوم لندوة العلماء ومن أسباط الشاه وصي الله الفتحفوري رحمه الله تعالى، وهو من العلماء الكبار والدعاة المعروفين.
بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة الهند
(16)
يوم الأحد غرة محرم الحرام سنة 1441
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
لقاء مع العلماء والشيوخ:
سعدت في إله آباد بمشامة عدد كبير من العلماء والمشايخ من أسباط الشاه ولي الله الفتحفوري وغيرهم، منهم صديقنا الفاضل الشيخ كمال أحمد الندوي، وزميلي في الدراسة الشيخ محبوب الندوي بن العالم الرباني قمر الزمان الندوي، والشيخ أحمد مكين، والشيخ أحمد متين، والشيخ محمد أمين، والشيخ سلمان بن الشيخ عمار، والشيخ المفتي محمد عرفان، والمفتي محمد ضياء الدين القاسمي، والشيخ محمد صهيب، والدكتور حسيب الدين الندوي، والشيخ عزير أحمد، والدكتور محمود حسن غازي، والشيخ المفتي رئيس أحمد القاسمي، وآخرون.
وهم إخوة كرام، وخلائط أُلاَّف، مقبلون على العلم والعمل، والتعليم والدعوة، غُرٌّ محجَّلون، طلقة وجوههم، سهلة جوانبهم، يؤمل من وفائهم، ويؤمن من جفائهم، مسلولة سخائم صدورهم، وطاهرة نفوسهم من ضغن أو دغل، استفدت من مناقشاتهم، وتعلمت من أسئلتهم، وعجبت من حسن أدبهم، ولطف معاشرتهم، وأشكر الأخ محمود كريم على إتاحة هذه الفرصة لي، وهو محمود الفعل وكريم الأصل، سديد المنطق، وله رأي صارم كالنصل، وهو ممن يلتئم به الشعب، ويجتمع به الشمل.
قراءة على الشيخ قمر الزمان:
وزرت صباح اليوم مع الإخوان الكرام محبوب الندوي وكمال أحمد الندوي ومحمد سلمان الندوي، فضيلة الشيخ قمر الزمان، ومعرفتي به قديمة، سلمت عليه وقبلت يمينه، ورحب بي في منزله، وقرأت عليه المسلسل بالأولية، وثلاثة أحاديث من أوائل صحيح البخاري، وفرحت جدا بالقراءة على هذا العالم الرباني من تلاميذ العالم المصلح الشيخ وصي الله الفتحفوري.
وهو الشيخ العالم قمر الزمان بن سلطان أحمد الإله آبادي، ولد سنة اثنتين وستين وثلاث مائة وألف تقريبا، يروي عن صهره العلامة الكبير المربي الجليل الشاه وصي الله الفتحبوري رحمه الله وعن الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي رحمه الله، وسمع المسلسلات على الشيخ المحدث محمد زكريا الكاندهلوي رحمه الله، أجاز لي قديما يوم الأربعاء سابع عشر شعبان سنة ثمان عشرة وأربع مائة وألف حين زيارته لبريطانيا، وله مؤلفات نافعة، وهو معني بالتدريس والتربية والإرشاد والتسليك.
محاضرة:
وألقيت اليوم محاضرة في قصر محبوبة في وسط المدينة حول موضوع "دور الأقليات في النظام الديمقراطي"، وكانت القاعة مكتظة بالحضور العلماء والطلاب والمثقفين، ومن بينهم نساء وراء حجاب.
بدأ الحفل بتلاوة آي من كتاب الله تعالى، ثم قام أخوان فاضلان بتعريفي وأثنيا علي بما لست له أهلا، وأسأل الله تعالى أن يحفظني من الاغترار بالنفس وأن أكون أضحوكة للشيطان، ثم بدأت حديثي:
ذكرت أولا اشتهار هذه المدينة بإنتاجها الغزير للجودة العالية من الجوافة، وبأكبر الإله آبادي الشاعر الشهير الجامع بين الشعر والصلاح والتقوى، وبهجرة الشاه وصي الله الفتحفوري إليها، ونشره العلم والصلاح فيها وفي غيرها من المدن والقرى، وهجرة الشيخ الجليل محمد أحمد البرتابكرهي إليها، وذكرت زياراتي للمدينة لا سيما للاستفادة من الأخير، رحمهم الله جميعا، ورجوعي إليهم بعد هذه السنين الطويلة أجدد ما تغير لي وأخلق من مودة وإخاء.
وقلت:
1- إن الديمقراطية في طبيعتها نظام غير ديني إن لم يكن نظاما معارضا للدين ومعاديا للشرائع السماوية، وإن المسلمين أمة دينية، فالتوفيق بين هذا النظام وبين هذه الأمة يتطلب حكمة كبيرة تسالم بينهما من دون تحريفهما أو تشويههما أو طغيان بعضهما على بعض.
2- من الصعب جدا إدراك مكمن القوة في النظام الديمقراطي، فالأعضاء المنتخبون، والوزراء، والجيش، ومصانع القرارات، والشركات كلها تتشاطر القوة، بل إن الساسة المنتخبين هم أضعف مقومات هذا النظام.
3- ينبغي للمسلمين أن لا يبرزوا على الساحة السياسية كمسلمين، بل كمواطنين يهمهم ما يهم غيرهم من مواطني البلاد، فلا يشاركوا في الانتخابات على أساس قضايا إسلامية، ولكن يجب عليهم أن يسترعوا الانتباه إلى قضايا قومية وشعبية ووطنية تتشارك فيها الجاليات كلها.
4- وأن لا تسلط احتجاجاتهم ومظاهراتهم الضوء على شيء مما يتصل بالإسلام والمسلمين محليا أو دوليا، بل يجب عليهم أن يطالبوا بما ييسر الحياة للشعب بأسره تيسيرا.
5- وأن يفوقوا غيرهم في التعليم وأداء دورهم في تطوير البلاد ومرافقها وهيئاتها الاجتماعية والتعليمية والثقافية، حتى يعتمد عليهم رقي الوطن وتقدمه، وينظر إليهم الشعب كله بعين الإجلال والتقدير.
6- وأن يقيموا هيئات إغاثة وصناديق مالية لدعم المحتاجين من الشعب على اختلاف دياناتهم وانتماءاتهم، فيكونوا أيادي معطية لا أيادي مستعطية.
رحلة الهند
(16)
يوم الأحد غرة محرم الحرام سنة 1441
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
لقاء مع العلماء والشيوخ:
سعدت في إله آباد بمشامة عدد كبير من العلماء والمشايخ من أسباط الشاه ولي الله الفتحفوري وغيرهم، منهم صديقنا الفاضل الشيخ كمال أحمد الندوي، وزميلي في الدراسة الشيخ محبوب الندوي بن العالم الرباني قمر الزمان الندوي، والشيخ أحمد مكين، والشيخ أحمد متين، والشيخ محمد أمين، والشيخ سلمان بن الشيخ عمار، والشيخ المفتي محمد عرفان، والمفتي محمد ضياء الدين القاسمي، والشيخ محمد صهيب، والدكتور حسيب الدين الندوي، والشيخ عزير أحمد، والدكتور محمود حسن غازي، والشيخ المفتي رئيس أحمد القاسمي، وآخرون.
وهم إخوة كرام، وخلائط أُلاَّف، مقبلون على العلم والعمل، والتعليم والدعوة، غُرٌّ محجَّلون، طلقة وجوههم، سهلة جوانبهم، يؤمل من وفائهم، ويؤمن من جفائهم، مسلولة سخائم صدورهم، وطاهرة نفوسهم من ضغن أو دغل، استفدت من مناقشاتهم، وتعلمت من أسئلتهم، وعجبت من حسن أدبهم، ولطف معاشرتهم، وأشكر الأخ محمود كريم على إتاحة هذه الفرصة لي، وهو محمود الفعل وكريم الأصل، سديد المنطق، وله رأي صارم كالنصل، وهو ممن يلتئم به الشعب، ويجتمع به الشمل.
قراءة على الشيخ قمر الزمان:
وزرت صباح اليوم مع الإخوان الكرام محبوب الندوي وكمال أحمد الندوي ومحمد سلمان الندوي، فضيلة الشيخ قمر الزمان، ومعرفتي به قديمة، سلمت عليه وقبلت يمينه، ورحب بي في منزله، وقرأت عليه المسلسل بالأولية، وثلاثة أحاديث من أوائل صحيح البخاري، وفرحت جدا بالقراءة على هذا العالم الرباني من تلاميذ العالم المصلح الشيخ وصي الله الفتحفوري.
وهو الشيخ العالم قمر الزمان بن سلطان أحمد الإله آبادي، ولد سنة اثنتين وستين وثلاث مائة وألف تقريبا، يروي عن صهره العلامة الكبير المربي الجليل الشاه وصي الله الفتحبوري رحمه الله وعن الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي رحمه الله، وسمع المسلسلات على الشيخ المحدث محمد زكريا الكاندهلوي رحمه الله، أجاز لي قديما يوم الأربعاء سابع عشر شعبان سنة ثمان عشرة وأربع مائة وألف حين زيارته لبريطانيا، وله مؤلفات نافعة، وهو معني بالتدريس والتربية والإرشاد والتسليك.
محاضرة:
وألقيت اليوم محاضرة في قصر محبوبة في وسط المدينة حول موضوع "دور الأقليات في النظام الديمقراطي"، وكانت القاعة مكتظة بالحضور العلماء والطلاب والمثقفين، ومن بينهم نساء وراء حجاب.
بدأ الحفل بتلاوة آي من كتاب الله تعالى، ثم قام أخوان فاضلان بتعريفي وأثنيا علي بما لست له أهلا، وأسأل الله تعالى أن يحفظني من الاغترار بالنفس وأن أكون أضحوكة للشيطان، ثم بدأت حديثي:
ذكرت أولا اشتهار هذه المدينة بإنتاجها الغزير للجودة العالية من الجوافة، وبأكبر الإله آبادي الشاعر الشهير الجامع بين الشعر والصلاح والتقوى، وبهجرة الشاه وصي الله الفتحفوري إليها، ونشره العلم والصلاح فيها وفي غيرها من المدن والقرى، وهجرة الشيخ الجليل محمد أحمد البرتابكرهي إليها، وذكرت زياراتي للمدينة لا سيما للاستفادة من الأخير، رحمهم الله جميعا، ورجوعي إليهم بعد هذه السنين الطويلة أجدد ما تغير لي وأخلق من مودة وإخاء.
وقلت:
1- إن الديمقراطية في طبيعتها نظام غير ديني إن لم يكن نظاما معارضا للدين ومعاديا للشرائع السماوية، وإن المسلمين أمة دينية، فالتوفيق بين هذا النظام وبين هذه الأمة يتطلب حكمة كبيرة تسالم بينهما من دون تحريفهما أو تشويههما أو طغيان بعضهما على بعض.
2- من الصعب جدا إدراك مكمن القوة في النظام الديمقراطي، فالأعضاء المنتخبون، والوزراء، والجيش، ومصانع القرارات، والشركات كلها تتشاطر القوة، بل إن الساسة المنتخبين هم أضعف مقومات هذا النظام.
3- ينبغي للمسلمين أن لا يبرزوا على الساحة السياسية كمسلمين، بل كمواطنين يهمهم ما يهم غيرهم من مواطني البلاد، فلا يشاركوا في الانتخابات على أساس قضايا إسلامية، ولكن يجب عليهم أن يسترعوا الانتباه إلى قضايا قومية وشعبية ووطنية تتشارك فيها الجاليات كلها.
4- وأن لا تسلط احتجاجاتهم ومظاهراتهم الضوء على شيء مما يتصل بالإسلام والمسلمين محليا أو دوليا، بل يجب عليهم أن يطالبوا بما ييسر الحياة للشعب بأسره تيسيرا.
5- وأن يفوقوا غيرهم في التعليم وأداء دورهم في تطوير البلاد ومرافقها وهيئاتها الاجتماعية والتعليمية والثقافية، حتى يعتمد عليهم رقي الوطن وتقدمه، وينظر إليهم الشعب كله بعين الإجلال والتقدير.
6- وأن يقيموا هيئات إغاثة وصناديق مالية لدعم المحتاجين من الشعب على اختلاف دياناتهم وانتماءاتهم، فيكونوا أيادي معطية لا أيادي مستعطية.
7- وأن لا ينسوا دورهم الحقيقي وهو دعوة جيرانهم وعامة المواطنين إلى عبادة الله وخوف اليوم الآخر، وأن يعلموا أن ما أعد الله من ذخر لعباده الصالحين أفضل من الدنيا وما فيها بمرات، وستخرب الدنيا غدا ويذهب أهلها جميعا، وتطوى أرضها وسماؤها، وأن يتوكلوا على ربهم فهو الرجاء لهم والسند، وليس معه بهم حاجة إلى أحد.
8- وأن لا ييأسوا، وأن يعلموا أن الأحوال لا تتغير وأن الأمم لا تتقدم بالأحلام والأماني، فلا بد من السعي، وأن يتقدم العلماء ويصلحوا أنفسهم حتى يتأهلوا للقيادة ويهدوا قومهم إلى السعادة والنجاة، فقد شكا الإسلام من علمائه، وهم غير مكترثين مما رأوا من بكائه، وأكثرهم مستقبح لصواب من يخالفه، ومغتر به ومستحسن لأخطائه، فمن إذن نرجوه في ديننا ومن نثق برأيه فينا.
واستمع الجميع إلى الخطاب، واستمرت المناقشات طويلا، وختم الحفل بدعاء أخينا الكريم الشيخ محبوب الندوي، روى فيه عن الإمام أحمد بن عبد السرهندي الإمام قوله: ثبت أن القضاء يرد بالدعاء، ولم يرد قط أن القضاء يرد بالسيف والقتال. قلت: هذا كلام يحتاج إلى شرح وبيان حتى لا يحمل على غير محمله.
زيارة خانقاه الشيخ وصي الله الفتحفوري:
وصلينا الظهر في مسجد وصية العلوم، ثم زرنا خانقاه الشيخ وصي الله الفتحفوري، وحجرته ومكتبته وآثاره، وهي لم تهمل بعد رحيله، ولم تخل من عامريها، ولم توحش مرابعها، وأثنيت على أوليائه الوارثين له والمواصلين لأعماله، والأصل يسقي دائما فرعه، وتثمر الأكمام من مائه، فليطلب الناس الحكمة من أهلها، والنور يجلو لون ظلمائه.
وداع:
تغدينا في منزل الأخ محمود كريم، وتناولنا أحاديث تتصل بالقضايا والمشاكل المتجددة التي تواجه المسلمين، وأن الناس عامة يرون للدنيا قدرا أكبر مما جعله الله لها، والدهر رواغ بأبنائه يغرهم منه بحلوائه، ومن يجهل الدنيا إلى ما تصير، وكل شيء منها صغير وحقير.
وتحدثت إليهم عن تفكك أواصر الأسرة في الغرب، وتفشي الفواحش الظاهرة والباطنة فيه، وأن ذلك داء قد سرى فينا وغزانا في عقر دارنا، فالواجب على علمائنا، أن لا يتغاضوا عنه، بل المفروض عليهم أن يستعدوا لمواجهته.
وودعت الشيوخ الأخ أحمد الندوي، والمفتي محمد عرفان، وأحمد مكين، وأحمد متين، ومحمد أمين والأخ محمد سلمان الندوي، والأخ الحبيب محمود كريم شاكرا له ولأهله.
ولو كنت أحسد أو أنافس معشرا من المعاشر أو قاطني بلد لحسدت ونافست أهل المدينة التي استوطنها وليَّان صالحان من أولياء الله تعالى، وهما من خيرة المشايخ والعلماء الربانيين المتأخرين، فجزاهم الله خير الجزاء.
8- وأن لا ييأسوا، وأن يعلموا أن الأحوال لا تتغير وأن الأمم لا تتقدم بالأحلام والأماني، فلا بد من السعي، وأن يتقدم العلماء ويصلحوا أنفسهم حتى يتأهلوا للقيادة ويهدوا قومهم إلى السعادة والنجاة، فقد شكا الإسلام من علمائه، وهم غير مكترثين مما رأوا من بكائه، وأكثرهم مستقبح لصواب من يخالفه، ومغتر به ومستحسن لأخطائه، فمن إذن نرجوه في ديننا ومن نثق برأيه فينا.
واستمع الجميع إلى الخطاب، واستمرت المناقشات طويلا، وختم الحفل بدعاء أخينا الكريم الشيخ محبوب الندوي، روى فيه عن الإمام أحمد بن عبد السرهندي الإمام قوله: ثبت أن القضاء يرد بالدعاء، ولم يرد قط أن القضاء يرد بالسيف والقتال. قلت: هذا كلام يحتاج إلى شرح وبيان حتى لا يحمل على غير محمله.
زيارة خانقاه الشيخ وصي الله الفتحفوري:
وصلينا الظهر في مسجد وصية العلوم، ثم زرنا خانقاه الشيخ وصي الله الفتحفوري، وحجرته ومكتبته وآثاره، وهي لم تهمل بعد رحيله، ولم تخل من عامريها، ولم توحش مرابعها، وأثنيت على أوليائه الوارثين له والمواصلين لأعماله، والأصل يسقي دائما فرعه، وتثمر الأكمام من مائه، فليطلب الناس الحكمة من أهلها، والنور يجلو لون ظلمائه.
وداع:
تغدينا في منزل الأخ محمود كريم، وتناولنا أحاديث تتصل بالقضايا والمشاكل المتجددة التي تواجه المسلمين، وأن الناس عامة يرون للدنيا قدرا أكبر مما جعله الله لها، والدهر رواغ بأبنائه يغرهم منه بحلوائه، ومن يجهل الدنيا إلى ما تصير، وكل شيء منها صغير وحقير.
وتحدثت إليهم عن تفكك أواصر الأسرة في الغرب، وتفشي الفواحش الظاهرة والباطنة فيه، وأن ذلك داء قد سرى فينا وغزانا في عقر دارنا، فالواجب على علمائنا، أن لا يتغاضوا عنه، بل المفروض عليهم أن يستعدوا لمواجهته.
وودعت الشيوخ الأخ أحمد الندوي، والمفتي محمد عرفان، وأحمد مكين، وأحمد متين، ومحمد أمين والأخ محمد سلمان الندوي، والأخ الحبيب محمود كريم شاكرا له ولأهله.
ولو كنت أحسد أو أنافس معشرا من المعاشر أو قاطني بلد لحسدت ونافست أهل المدينة التي استوطنها وليَّان صالحان من أولياء الله تعالى، وهما من خيرة المشايخ والعلماء الربانيين المتأخرين، فجزاهم الله خير الجزاء.
بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة الهند
(17)
يوم الاثنين 2 محرم الحرام سنة 1441
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
إصلاح ذات البين:
وكلما زرت قريتي فوجئت بوجود منازعات ومشاقات بين بعض الأقربين والجيران، وقد يكون منشؤها أمرا تافها عاديا لو تغاضوا عنه لما جر إلى عقبى سيئة ومغبة فاسدة، وقد سعيت صباح اليوم إزالة كراهية من نفوس بعض ذوي الأرحام وجمعهم على المحبة، وأوصيتهم بالشكر على نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، والصبر على ما يسوءهم من محن وبلايا، والإعراض والتولي عن المعتدين العائثين في الأرض فسادا.
خطاب للطالبات:
وزرت اليوم أكبر أخواتي سلمى في قرية لدرهي، وأختي الصغرى صائمة الفلاحية في قرية معروف فور، وبها مدرسة كبيرة للطالبين والطالبات إلى مستوى العالمية يختلفون إليها من القرية نفسها والقرى المجاورة راكبي حافلات وسيارات، وسألني مديرها الأستاذ عبد الله أن أسدي إلى الطالبات نصائح وتوجيهات، فألقيت كلمة قصيرة ذكرتهن فيها بفضل الله عليهن إذ وفرت المدرسة لهن فرصة الدراسة الفريدة، وكانت هذه الإمكانية معدومة هنا قبل عقدين من الزمان، وأكدت أن لا فرق بين عقول النساء وعقول الرجال، فإن اجتهدن فقن الرجال في علوم الدين كما سبقت النساء هذه الأيام الرجال في العلوم الدنيوية، وسردت لهن أمثلة من تاريخ الإسلام الزاهر للنساء اللاتي تلمذ لهن الرجال ودانوا لهن بالفضل والإحسان.
وسألت المدير أن ينسق للبنات تعليم مرحلة الاختصاص في القرآن الكريم، والحديث، والفقه، والأدب العربي، حتى يتخرجن مفسرات ومحدثات وفقيهات ومفتيات، وينبغي أن يحقق هذا الاقتراح بحكمة في بيئة لا ينقصها الطاعنون والمثبطون للهمم والعزائم.
مدرسة رياض العلوم:
وزرت مع أهلي وبناتي بيت الأخوين الكريمين الشيخين أبي بكر وعثمان ابني الحافظ محمد عمر الواقع في محيط مدرسة رياض العلوم بكوريني، وهما من أقرباء زوجي، واستقبلني الشيخ عثمان محتفيا بي، وحدثني عن المدرسة وتطورها وتوسعتها لمشاريعها البنائية والتعليمية.
ومديرها شيخي عبد الرحيم المظاهري، وهو العالم الشيخ عبد الرحيم بن الشيخ الرباني المربي الجليل عبد الحليم القاسمي، ولد في الخامس من أبريل سنة ثلاث وخمسين وتسع مائة وألف، وحفظ القرآن الكريم في ضياء العلوم بماني كلان، ودرس اللغة الفارسية إلى الصف الثالث من العربية في وصية العلوم بإله آباد، ثم رحل إلى سهارنفور والتحق بمظاهر العلوم، وأخذ صحيح البخاري وتفسير البيضاوي من شيخنا محمد يونس الجونفوري، والموطأ وصحيح مسلم وسنن أبي داود وشمائل الترمذي من الشيخ عاقل، وسنن الترمذي من المفتي محمد مظفر، وسنن النسائي من المفتي يحيى، وتخرج منها سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة وألف، درّس في ضياء العلوم بماني كلان سنتين، ثم تحول إلى مدرسة رياض العلوم بكوريني، وعين نائبًا لمدير المدرسة، وأصبح مديرًا لها بعد وفاة أبيه الشيخ عبد الحليم، وهو إداري بارع، أخذت عنه الميزان والمنشعب في علم التصريف، ونحو مير في علم النحو، وپنج گنج في علم التصريف.
وهي من أكبر المدارس في منطقتنا، ملأت القرى المجاورة حفاظًا ومقرئين وعلماء، ولها بركات وخيرات ظاهرة، غير أن في بعض علمائها تشددا غير مرضي في مسائل جزئية، قد يؤدي إلى تفرقة بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإثارة الخلافات بين ذوي الاتجاهات والمذاهب المختلفة، ويا ليت علماءنا قدموا الدين على المذهب، وطبقوا قول الله تعالى "إنما المؤمنون إخوة"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".
قد أغفلنا الحرب الحقيقية التي تواجه الإسلام، وهي حرب أفظع وأنكى من حروب عهدناها في تاريخنا الطويل، إنها عقول ماكرة مدعومة بعقول شريرة وقوى مالية تساندت للنيل من هذا الدين على خطط محكمة ومنهج مدبر، نحن هازلون وأعداؤنا جادون، نحن نائمون وخصومنا ساهرون، يحاربوننا صفا واحدا، وقد فرقت بيننا خلافات في الرأي ومطامع في الدنيا تفريقا.
رحلة الهند
(17)
يوم الاثنين 2 محرم الحرام سنة 1441
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
إصلاح ذات البين:
وكلما زرت قريتي فوجئت بوجود منازعات ومشاقات بين بعض الأقربين والجيران، وقد يكون منشؤها أمرا تافها عاديا لو تغاضوا عنه لما جر إلى عقبى سيئة ومغبة فاسدة، وقد سعيت صباح اليوم إزالة كراهية من نفوس بعض ذوي الأرحام وجمعهم على المحبة، وأوصيتهم بالشكر على نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، والصبر على ما يسوءهم من محن وبلايا، والإعراض والتولي عن المعتدين العائثين في الأرض فسادا.
خطاب للطالبات:
وزرت اليوم أكبر أخواتي سلمى في قرية لدرهي، وأختي الصغرى صائمة الفلاحية في قرية معروف فور، وبها مدرسة كبيرة للطالبين والطالبات إلى مستوى العالمية يختلفون إليها من القرية نفسها والقرى المجاورة راكبي حافلات وسيارات، وسألني مديرها الأستاذ عبد الله أن أسدي إلى الطالبات نصائح وتوجيهات، فألقيت كلمة قصيرة ذكرتهن فيها بفضل الله عليهن إذ وفرت المدرسة لهن فرصة الدراسة الفريدة، وكانت هذه الإمكانية معدومة هنا قبل عقدين من الزمان، وأكدت أن لا فرق بين عقول النساء وعقول الرجال، فإن اجتهدن فقن الرجال في علوم الدين كما سبقت النساء هذه الأيام الرجال في العلوم الدنيوية، وسردت لهن أمثلة من تاريخ الإسلام الزاهر للنساء اللاتي تلمذ لهن الرجال ودانوا لهن بالفضل والإحسان.
وسألت المدير أن ينسق للبنات تعليم مرحلة الاختصاص في القرآن الكريم، والحديث، والفقه، والأدب العربي، حتى يتخرجن مفسرات ومحدثات وفقيهات ومفتيات، وينبغي أن يحقق هذا الاقتراح بحكمة في بيئة لا ينقصها الطاعنون والمثبطون للهمم والعزائم.
مدرسة رياض العلوم:
وزرت مع أهلي وبناتي بيت الأخوين الكريمين الشيخين أبي بكر وعثمان ابني الحافظ محمد عمر الواقع في محيط مدرسة رياض العلوم بكوريني، وهما من أقرباء زوجي، واستقبلني الشيخ عثمان محتفيا بي، وحدثني عن المدرسة وتطورها وتوسعتها لمشاريعها البنائية والتعليمية.
ومديرها شيخي عبد الرحيم المظاهري، وهو العالم الشيخ عبد الرحيم بن الشيخ الرباني المربي الجليل عبد الحليم القاسمي، ولد في الخامس من أبريل سنة ثلاث وخمسين وتسع مائة وألف، وحفظ القرآن الكريم في ضياء العلوم بماني كلان، ودرس اللغة الفارسية إلى الصف الثالث من العربية في وصية العلوم بإله آباد، ثم رحل إلى سهارنفور والتحق بمظاهر العلوم، وأخذ صحيح البخاري وتفسير البيضاوي من شيخنا محمد يونس الجونفوري، والموطأ وصحيح مسلم وسنن أبي داود وشمائل الترمذي من الشيخ عاقل، وسنن الترمذي من المفتي محمد مظفر، وسنن النسائي من المفتي يحيى، وتخرج منها سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة وألف، درّس في ضياء العلوم بماني كلان سنتين، ثم تحول إلى مدرسة رياض العلوم بكوريني، وعين نائبًا لمدير المدرسة، وأصبح مديرًا لها بعد وفاة أبيه الشيخ عبد الحليم، وهو إداري بارع، أخذت عنه الميزان والمنشعب في علم التصريف، ونحو مير في علم النحو، وپنج گنج في علم التصريف.
وهي من أكبر المدارس في منطقتنا، ملأت القرى المجاورة حفاظًا ومقرئين وعلماء، ولها بركات وخيرات ظاهرة، غير أن في بعض علمائها تشددا غير مرضي في مسائل جزئية، قد يؤدي إلى تفرقة بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإثارة الخلافات بين ذوي الاتجاهات والمذاهب المختلفة، ويا ليت علماءنا قدموا الدين على المذهب، وطبقوا قول الله تعالى "إنما المؤمنون إخوة"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".
قد أغفلنا الحرب الحقيقية التي تواجه الإسلام، وهي حرب أفظع وأنكى من حروب عهدناها في تاريخنا الطويل، إنها عقول ماكرة مدعومة بعقول شريرة وقوى مالية تساندت للنيل من هذا الدين على خطط محكمة ومنهج مدبر، نحن هازلون وأعداؤنا جادون، نحن نائمون وخصومنا ساهرون، يحاربوننا صفا واحدا، وقد فرقت بيننا خلافات في الرأي ومطامع في الدنيا تفريقا.
ماني كلان:
وزرنا بعض الأقربين في قرية ماني كلان، وهي قرية كبيرة فيها مدارس وجوامع، نشأ فيها علماء كبار، ولعل أشهرهم الشيخ الكبير العلامة ماجد علي المانوي الجونفوري من أصحاب العالم الرباني رشيد أحمد الكنكوهي، وفيها مدرسة ضياء العلوم التي درست فيها اللغة الفارسية، على شيخينا عبد العلي وعبد الحي.
والأول هو العالم الأديب علامة اللغة الفارسية الشيخ عبد العلي بن الحافظ أحمد الله بن محمد عيسى بن إلهي بخش بن حسرة بن جمعي بن سالم المانوي الجونفوري، أحد الأذكياء الشجعان الأقوياء، وهو زميل شيخنا المحدث محمد يونس الجونفوري، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وألف في ماني كلان، والتحق بمدرسة ضياء العلوم بماني كلان ودرس اللغة الفارسية وأتقنها، وأخذ كلستان وبوستان للشيخ السعدي من الشيخ رحيم الدين الفيض آبادي، وأخذ اللغة العربية وسائر المقررات من الشيخ عبد الحليم الجونفوري والشيخ ضياء الدين وغيرهما، ثم التحق بمظاهر العلوم في سهارنفور، وأخذ المسلسلات وصحيح البخاري عن محمد زكريا الكاندهلوي، وصحيح مسلم عن الشيخ منظور أحمد، وسائر كتب الحديث من شيوخها، وتم تعيينه بعد تخرجه سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وألف مدرسًا في مدرسة ضياء العلوم بماني كلان، وأخيرًا أصبح مديرًا لها، قرأت عليه الرسائل الأولى للغة الفارسية، وگلستان وبوستان للشيخ سعدي، ويوسف زليخا للشيخ العارف الجامي، وكان يقدمني على زملائي، وله فضل كبير في تعليمي وتربيتي.
والثاني هو الشيخ العالم عبد الحي بن محمد حامد بن مهدي خان الخطاط القاسمي، من قرية لبري في جونفور، الهند، ولد في فبراير سنة تسع وأربعين وتسعمائة وألف، ودرس في مدرسة الشاه وصي الله الفتحفوري بإله آباد ست سنوات، ودرس في مدرسة ضياء العلوم بماني كلان، وتخرج في دار العلوم بديوبند، وأخذ بها صحيح البخاري من الشيخ فخر الدين، وسنن الترمذي من فخر الحسن، وصحيح مسلم والموطأ برواية يحيى من الشيخ شريف، وسنن أبي داود من الشيخ عبد الأحد، وسنن النسائي من الشيخ البهاري، والموطأ برواية محمد من الشيخ نعيم، وسنن ابن ماجه من نصير أحمد خان، وجوّد الخط على رضا حسين النقوي في إله آباد، ثم على الشيخ أنوار من ماني خرد، وبرع في الخط وفاق الأقران، درّس في ضياء العلوم وغيرها من المدارس، وأخيرًا استقر في مدرسة رياض العلوم مدرّسا وإداريًّا، قرأت عليه كتاب (مالابد منه) في الفقه باللغة الفارسية للشيخ ثناء الله الباني بتي رحمه الله، وكتاب أخلاق محسني وكتاب أنوار سهيلي باللغة الفارسية، وسمعت منه قصصا ممتعة كثيرة، وأخذت عنه الخط لفترة قصيرة ولم أعتن به، وأجازني إجازة عامة.
مدرسة الصالحات:
وتحدثت بعد المغرب مع المشرفين على مدرسة الصالحات الواقعة في قريتي عن سبل تطويرها، وسألتهم أن يعنوا برفع مستواها، حتى تتخرج منها طالبات ذوات كفاءات عالية في اللغات والعلوم، ويبذذن خريجي المدارس الأخرى وحريجاتها، وإن السبق في العلم مما يستحسن فيه التنافس، وألفت لجنة من ثلاثة رجال ينظرون في الأمر ويأتوا بمقترحات تطبق الفكرة تطبيقا.
وزرنا بعض الأقربين في قرية ماني كلان، وهي قرية كبيرة فيها مدارس وجوامع، نشأ فيها علماء كبار، ولعل أشهرهم الشيخ الكبير العلامة ماجد علي المانوي الجونفوري من أصحاب العالم الرباني رشيد أحمد الكنكوهي، وفيها مدرسة ضياء العلوم التي درست فيها اللغة الفارسية، على شيخينا عبد العلي وعبد الحي.
والأول هو العالم الأديب علامة اللغة الفارسية الشيخ عبد العلي بن الحافظ أحمد الله بن محمد عيسى بن إلهي بخش بن حسرة بن جمعي بن سالم المانوي الجونفوري، أحد الأذكياء الشجعان الأقوياء، وهو زميل شيخنا المحدث محمد يونس الجونفوري، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وألف في ماني كلان، والتحق بمدرسة ضياء العلوم بماني كلان ودرس اللغة الفارسية وأتقنها، وأخذ كلستان وبوستان للشيخ السعدي من الشيخ رحيم الدين الفيض آبادي، وأخذ اللغة العربية وسائر المقررات من الشيخ عبد الحليم الجونفوري والشيخ ضياء الدين وغيرهما، ثم التحق بمظاهر العلوم في سهارنفور، وأخذ المسلسلات وصحيح البخاري عن محمد زكريا الكاندهلوي، وصحيح مسلم عن الشيخ منظور أحمد، وسائر كتب الحديث من شيوخها، وتم تعيينه بعد تخرجه سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وألف مدرسًا في مدرسة ضياء العلوم بماني كلان، وأخيرًا أصبح مديرًا لها، قرأت عليه الرسائل الأولى للغة الفارسية، وگلستان وبوستان للشيخ سعدي، ويوسف زليخا للشيخ العارف الجامي، وكان يقدمني على زملائي، وله فضل كبير في تعليمي وتربيتي.
والثاني هو الشيخ العالم عبد الحي بن محمد حامد بن مهدي خان الخطاط القاسمي، من قرية لبري في جونفور، الهند، ولد في فبراير سنة تسع وأربعين وتسعمائة وألف، ودرس في مدرسة الشاه وصي الله الفتحفوري بإله آباد ست سنوات، ودرس في مدرسة ضياء العلوم بماني كلان، وتخرج في دار العلوم بديوبند، وأخذ بها صحيح البخاري من الشيخ فخر الدين، وسنن الترمذي من فخر الحسن، وصحيح مسلم والموطأ برواية يحيى من الشيخ شريف، وسنن أبي داود من الشيخ عبد الأحد، وسنن النسائي من الشيخ البهاري، والموطأ برواية محمد من الشيخ نعيم، وسنن ابن ماجه من نصير أحمد خان، وجوّد الخط على رضا حسين النقوي في إله آباد، ثم على الشيخ أنوار من ماني خرد، وبرع في الخط وفاق الأقران، درّس في ضياء العلوم وغيرها من المدارس، وأخيرًا استقر في مدرسة رياض العلوم مدرّسا وإداريًّا، قرأت عليه كتاب (مالابد منه) في الفقه باللغة الفارسية للشيخ ثناء الله الباني بتي رحمه الله، وكتاب أخلاق محسني وكتاب أنوار سهيلي باللغة الفارسية، وسمعت منه قصصا ممتعة كثيرة، وأخذت عنه الخط لفترة قصيرة ولم أعتن به، وأجازني إجازة عامة.
مدرسة الصالحات:
وتحدثت بعد المغرب مع المشرفين على مدرسة الصالحات الواقعة في قريتي عن سبل تطويرها، وسألتهم أن يعنوا برفع مستواها، حتى تتخرج منها طالبات ذوات كفاءات عالية في اللغات والعلوم، ويبذذن خريجي المدارس الأخرى وحريجاتها، وإن السبق في العلم مما يستحسن فيه التنافس، وألفت لجنة من ثلاثة رجال ينظرون في الأمر ويأتوا بمقترحات تطبق الفكرة تطبيقا.
بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة الهند
(18)
يوم الثلاثاء 3 محرم الحرام سنة 1441
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
تقسيم المواريث:
زارني بعض رجال القرية أن أساعده في تقسيم المواريث بين أقربيه رجالا ونساء حسب الشريعة الإسلامية، وتفهمت القضية وكأن بعضهم يزهد في التقسيم العادل ويلح على تأجيله ما وجد إليه سبيلا، وإن تقسيم المواريث من الأمور التي قل من يطبق حكم الله تعالى فيها، وما أكثر من يظلم النساء سالبا حقوقهن في الإرث وغاصبا لها غصبا، ولبئس وزر العصاة الآثمين، ولنعم أجر البررة المتقين، ولا كرم أعلى بصاحبه من التقوى، فلا يغبطن العالمون فتى منغمسا في المعصية والفجور، ولا يخالُّنَّ إلا المتقين.
جماعة الدعوة والتبليغ:
وزرت صباح اليوم أختي أسماء في القرية المجاورة، فوافاني أخو زوجته الشيخ شميم أحمد، وهو من النشطاء في مجال الدعوة والتبليغ، وقد رجع قريبا من مركز نظام الدين الواقع في دهلي، وقص علي أخبارا سارة عن الاجتماعات الدعوية الحاشدة وخروج الناس في سبيل الله زرافات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وأعرب عن أسفه على بعض أولئك الذين يبالغون في تكبير الخلاف بين أهل الدعوة ويهوون الإشاعات.
المدارس الإسلامية العصرية:
وزارني صباح اليوم بعض العلماء، وقد أسس مدرسة جامعة بين الدراسات الدينية والعلوم والفنون العصرية، وذلك جهد مبارك إن عنوا بالمشروع العناية اللائقة به.
ومما يخشى عليه في مثل هذه المشاريع التعليمية إتباع الدين للدنيا، وأن تستعبدنا الأهواء، وتصير الدنيا أكبر همنا، ولقد رأينا رجالا أكفاء معظمين للدنيا، ومحقرين للدين وأهله، وناصبين لأنفسهم أماني يفنى العمر من قبل أن تفنى، وقال تعالى: "وللآخرة خير لك من الأولى".
تطوير مدرسة الصالحات:
وعقدت اليوم اجتماعا مع المسؤولين عن مدرسة الصالحات، وقررنا تطوير هيئتها الإدارية والتمويلية، وهيكلها التدريسي، ونظامها التعليمي، التمست منهم أن يرقُّوها إلى أن تصبح أفضل مدرسة لتعليم البنات مستوى مؤكدا أن المدرسة أمانة بأيديهم، وأنهم مسترعون هذه الأمانة، فليرعوها بأحسن ما يرعون.
ملأ قلوب المسلمين بالرجاء:
وزارني اليوم بعض من وصف وضع المسلمين في الهند بالتدهور المشين، وأنذر بالأخطار المهددة للبلاد، ولا أنكر صوابه في بعض مقالته، ولكن ينبغي لنا أن لا ننسى أن الكون يحكمه ربنا، وإنه لن يخذل أولياءه المؤمنين به، فإذا أناب المسلمون إليه في ظروف حالكة قاتمة أنار لهم السبيل وكتب لهم النصر، وهو القائل: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء"، و"نريد أن نمن على الذين استضعفوا ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين".
رحلة الهند
(18)
يوم الثلاثاء 3 محرم الحرام سنة 1441
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
تقسيم المواريث:
زارني بعض رجال القرية أن أساعده في تقسيم المواريث بين أقربيه رجالا ونساء حسب الشريعة الإسلامية، وتفهمت القضية وكأن بعضهم يزهد في التقسيم العادل ويلح على تأجيله ما وجد إليه سبيلا، وإن تقسيم المواريث من الأمور التي قل من يطبق حكم الله تعالى فيها، وما أكثر من يظلم النساء سالبا حقوقهن في الإرث وغاصبا لها غصبا، ولبئس وزر العصاة الآثمين، ولنعم أجر البررة المتقين، ولا كرم أعلى بصاحبه من التقوى، فلا يغبطن العالمون فتى منغمسا في المعصية والفجور، ولا يخالُّنَّ إلا المتقين.
جماعة الدعوة والتبليغ:
وزرت صباح اليوم أختي أسماء في القرية المجاورة، فوافاني أخو زوجته الشيخ شميم أحمد، وهو من النشطاء في مجال الدعوة والتبليغ، وقد رجع قريبا من مركز نظام الدين الواقع في دهلي، وقص علي أخبارا سارة عن الاجتماعات الدعوية الحاشدة وخروج الناس في سبيل الله زرافات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وأعرب عن أسفه على بعض أولئك الذين يبالغون في تكبير الخلاف بين أهل الدعوة ويهوون الإشاعات.
المدارس الإسلامية العصرية:
وزارني صباح اليوم بعض العلماء، وقد أسس مدرسة جامعة بين الدراسات الدينية والعلوم والفنون العصرية، وذلك جهد مبارك إن عنوا بالمشروع العناية اللائقة به.
ومما يخشى عليه في مثل هذه المشاريع التعليمية إتباع الدين للدنيا، وأن تستعبدنا الأهواء، وتصير الدنيا أكبر همنا، ولقد رأينا رجالا أكفاء معظمين للدنيا، ومحقرين للدين وأهله، وناصبين لأنفسهم أماني يفنى العمر من قبل أن تفنى، وقال تعالى: "وللآخرة خير لك من الأولى".
تطوير مدرسة الصالحات:
وعقدت اليوم اجتماعا مع المسؤولين عن مدرسة الصالحات، وقررنا تطوير هيئتها الإدارية والتمويلية، وهيكلها التدريسي، ونظامها التعليمي، التمست منهم أن يرقُّوها إلى أن تصبح أفضل مدرسة لتعليم البنات مستوى مؤكدا أن المدرسة أمانة بأيديهم، وأنهم مسترعون هذه الأمانة، فليرعوها بأحسن ما يرعون.
ملأ قلوب المسلمين بالرجاء:
وزارني اليوم بعض من وصف وضع المسلمين في الهند بالتدهور المشين، وأنذر بالأخطار المهددة للبلاد، ولا أنكر صوابه في بعض مقالته، ولكن ينبغي لنا أن لا ننسى أن الكون يحكمه ربنا، وإنه لن يخذل أولياءه المؤمنين به، فإذا أناب المسلمون إليه في ظروف حالكة قاتمة أنار لهم السبيل وكتب لهم النصر، وهو القائل: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء"، و"نريد أن نمن على الذين استضعفوا ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين".
بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة الهند
(19)
يوم الأربعاء 4 محرم الحرام سنة 1441
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
في مدرسة الصالحات:
اجتمعت مع معلمات مدرسة الصالحات في الساعة العاشرة صباحا، وذكرتهن بخطورة مسؤوليتهن، وعلو درجتهن، وعظم أجرهن، وسألتهن أن يحضرن دروسهن تحضيرا تاما، ولا يقصرن في مطالعة الكتب والمصادر، ويقررن المسائل على الطالبات يفسرنها لهن تفسيرا فلا يبقى لهم غموض ولا إبهام، ويحملنهن على السؤال عن جميع ما أشكل عليهن، ويلاطفنهن في الجواب، ويترفقن معهن، ويشجعنهن وينرن لهن السبل.
ثم درَّست علم الصرف لطالبات السنتين الأولى والثانية، والموطأ لطالبات السنتين الأخيرتين من العالمية، ووجهت إليهن أسئلة دل ردهن عليها على حسن تفهمهن وقدرتهن العقلية، وتوسمت فيهن حرصا شديدا على تكسب العلم والمعرفة، يا ليت الناس عنوا بتعليم بناتهم وأخواتهم عنايتهم بتعليم أبنائهم وإخوتهم.
الجامعة الحسينية:
وخرجت في الساعة الواحدة مع الأخ عبد الحي القاسمي وأخي محمد مزمل الندوي لزيارة الجامعة الحسينية، وهي الواقعة في المسجد الأثري العتيق المسمى "لال دروازه" أي الباب الأحمر في مدينة جونفور، شيدته راجى بيبي (الأميرة رضية) حرم السلطان محمود بن السلطان إبراهيم الشرقي لشيخها الصوفي الصالح السيد علي داود المهاجر من مكة المكرمة إلى جونفور رحمه الله تعالى في القرن التاسع الهجري إبان عهد السلطنة الشرقية اللامع، وكان المسجد تحفه من الجوانب المختلفة مبان تستعمل كمدارس وزوايا، يزدحم فيها الطلاب والمريدون يقصدونها من كافة أنحاء الهند وخارجها.
وخرب المسجد ومدارسه وزواياه على مر الأزمان المتطاولة، حتى زارها الشيخ توفيق أحمد القاسمي سنة 1971م، فعزم على عمارته وإعادته إلى مجده، وواجه صعوبات ومشاكل، ولكنه صبر وصمد، وقام بترميم مبنى المسجد وإصلاحه، وإنشاء مدرسة بجانبه سماها باسم شيخ الإسلام حسين أحمد المدني، وهي مدرسة كبيرة في أرض ذات مساحة واسعة، فيها مكتبة وفصول دراسية ودور للإقامة ومرافق أخرى، ويدرس فيها الآن سبعمائة طالب أو أكثر.
وصلنا إلى المدرسة الساعة الثانية إلا الربع، واستقبلنا الشيخ توفيق أحمد استقبالا حارا، وحكى لي تاريخ المدرسة، ثم صلينا الظهر في مسجد لال دروازه، ورأيت فوق المنبر على يمين الداخل قاعة للنساء يصلين فيها ويقمن حلقا للذكر والتعليم، وتلك ظاهرة عامة في المساجد القديمة إذ يوجد فيها جناح للنساء مختص بهن.
وألقيت كلمة على الطلاب، ذكرتهم فيها بتاريخ جونفور الزاهر السياسي والعلمي، وأوصيتهم بالجد في الطلب، والتفقه في المسائل، والتوسعة على عامة المسلمين، والتقريب بين الجماعات المختلفة، والإحسان إلى غير المسلمين، ونفعهم، واحتمال الأذى والصبر في سبيل الله تعالى.
وسألني الشيخ توفيق أحمد أن آذن للطلاب بمصافحتي، فهم أشد ما يكونون حرصا عليها، واستغرق ذلك وقتا طويلا، وجال بي الشيخ أقسام الجامعة وشعبها، وتناولنا معه ومع غيره من الشيوخ الشاي، ثم أراني جامع جونفور إذ بنى فيه مدرستين: مدرسة للبنات، ومدرسة للبنين، وكذلك أراني دارا للأيتام راقية جدا، والشيخ – رغم كبر سنه وأمراضه – مثال للعزم والطموح والمصابرة والمثابرة، راسما للناس الطريق، ومعبدا لهم الجادة.
الشقاق:
ولقد يسوءني جدا كثرة الشقاقات بين ذوي الأرحام، وأستغرب أن يغضب بعض الناس لأمر عادي غضبا شديدا يهيجهم على قطع الصلة والسب والشتم والاعتداء، وعلماؤهم لا يختلفون في ذلك عن جهالهم، وإذا أمرتهم بالصبر وكشفت لهم عن مضار الشقاق، ومنافع المودة والوفاق لم يصغوا إلى مقالتي، ملحين على الشراسة وسوء الخلق والتعادي والتباغض.
ومن هنا تبين لي أن تثقيف الناس صعب للغاية، ولا يتحقق بكلمة أو كلمتين، بل يتطلب برنامجا كاملا وشاملا للتربية مستضيئا من سير الأنبياء والمرسلين وسائر الصالحين الأبرار والمتقين الأخيار، اللهم قوِّ إيماننا، وأصلح أعمالنا، وزكِّ نفوسنا، وحسِّن أخلاقنا.
رحلة الهند
(19)
يوم الأربعاء 4 محرم الحرام سنة 1441
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
في مدرسة الصالحات:
اجتمعت مع معلمات مدرسة الصالحات في الساعة العاشرة صباحا، وذكرتهن بخطورة مسؤوليتهن، وعلو درجتهن، وعظم أجرهن، وسألتهن أن يحضرن دروسهن تحضيرا تاما، ولا يقصرن في مطالعة الكتب والمصادر، ويقررن المسائل على الطالبات يفسرنها لهن تفسيرا فلا يبقى لهم غموض ولا إبهام، ويحملنهن على السؤال عن جميع ما أشكل عليهن، ويلاطفنهن في الجواب، ويترفقن معهن، ويشجعنهن وينرن لهن السبل.
ثم درَّست علم الصرف لطالبات السنتين الأولى والثانية، والموطأ لطالبات السنتين الأخيرتين من العالمية، ووجهت إليهن أسئلة دل ردهن عليها على حسن تفهمهن وقدرتهن العقلية، وتوسمت فيهن حرصا شديدا على تكسب العلم والمعرفة، يا ليت الناس عنوا بتعليم بناتهم وأخواتهم عنايتهم بتعليم أبنائهم وإخوتهم.
الجامعة الحسينية:
وخرجت في الساعة الواحدة مع الأخ عبد الحي القاسمي وأخي محمد مزمل الندوي لزيارة الجامعة الحسينية، وهي الواقعة في المسجد الأثري العتيق المسمى "لال دروازه" أي الباب الأحمر في مدينة جونفور، شيدته راجى بيبي (الأميرة رضية) حرم السلطان محمود بن السلطان إبراهيم الشرقي لشيخها الصوفي الصالح السيد علي داود المهاجر من مكة المكرمة إلى جونفور رحمه الله تعالى في القرن التاسع الهجري إبان عهد السلطنة الشرقية اللامع، وكان المسجد تحفه من الجوانب المختلفة مبان تستعمل كمدارس وزوايا، يزدحم فيها الطلاب والمريدون يقصدونها من كافة أنحاء الهند وخارجها.
وخرب المسجد ومدارسه وزواياه على مر الأزمان المتطاولة، حتى زارها الشيخ توفيق أحمد القاسمي سنة 1971م، فعزم على عمارته وإعادته إلى مجده، وواجه صعوبات ومشاكل، ولكنه صبر وصمد، وقام بترميم مبنى المسجد وإصلاحه، وإنشاء مدرسة بجانبه سماها باسم شيخ الإسلام حسين أحمد المدني، وهي مدرسة كبيرة في أرض ذات مساحة واسعة، فيها مكتبة وفصول دراسية ودور للإقامة ومرافق أخرى، ويدرس فيها الآن سبعمائة طالب أو أكثر.
وصلنا إلى المدرسة الساعة الثانية إلا الربع، واستقبلنا الشيخ توفيق أحمد استقبالا حارا، وحكى لي تاريخ المدرسة، ثم صلينا الظهر في مسجد لال دروازه، ورأيت فوق المنبر على يمين الداخل قاعة للنساء يصلين فيها ويقمن حلقا للذكر والتعليم، وتلك ظاهرة عامة في المساجد القديمة إذ يوجد فيها جناح للنساء مختص بهن.
وألقيت كلمة على الطلاب، ذكرتهم فيها بتاريخ جونفور الزاهر السياسي والعلمي، وأوصيتهم بالجد في الطلب، والتفقه في المسائل، والتوسعة على عامة المسلمين، والتقريب بين الجماعات المختلفة، والإحسان إلى غير المسلمين، ونفعهم، واحتمال الأذى والصبر في سبيل الله تعالى.
وسألني الشيخ توفيق أحمد أن آذن للطلاب بمصافحتي، فهم أشد ما يكونون حرصا عليها، واستغرق ذلك وقتا طويلا، وجال بي الشيخ أقسام الجامعة وشعبها، وتناولنا معه ومع غيره من الشيوخ الشاي، ثم أراني جامع جونفور إذ بنى فيه مدرستين: مدرسة للبنات، ومدرسة للبنين، وكذلك أراني دارا للأيتام راقية جدا، والشيخ – رغم كبر سنه وأمراضه – مثال للعزم والطموح والمصابرة والمثابرة، راسما للناس الطريق، ومعبدا لهم الجادة.
الشقاق:
ولقد يسوءني جدا كثرة الشقاقات بين ذوي الأرحام، وأستغرب أن يغضب بعض الناس لأمر عادي غضبا شديدا يهيجهم على قطع الصلة والسب والشتم والاعتداء، وعلماؤهم لا يختلفون في ذلك عن جهالهم، وإذا أمرتهم بالصبر وكشفت لهم عن مضار الشقاق، ومنافع المودة والوفاق لم يصغوا إلى مقالتي، ملحين على الشراسة وسوء الخلق والتعادي والتباغض.
ومن هنا تبين لي أن تثقيف الناس صعب للغاية، ولا يتحقق بكلمة أو كلمتين، بل يتطلب برنامجا كاملا وشاملا للتربية مستضيئا من سير الأنبياء والمرسلين وسائر الصالحين الأبرار والمتقين الأخيار، اللهم قوِّ إيماننا، وأصلح أعمالنا، وزكِّ نفوسنا، وحسِّن أخلاقنا.
بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة الهند
(20)
يوم الخميس 5 محرم الحرام سنة 1441
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
زيارة الأقربين في القرى المجاورة:
وزرت مع أهلي وبناتي أقربائي في القرى المجاورة، ومن بينهم ابن خالتي محمد أرشد من قرية شتارة بأعظمكراه، يمتع بالغنى والثروة، من رجال الأعمال في العين من الإمارات العربية المتحدة، وقد رجع من رحلة الحج، فأكلت عنده من تمور المدينة المنورة وشربت من ماء زمزم المبارك، وقص علينا أحاديث من تجاربه في الحج، منها عدم انتظام كثير من الناس لاسيما عند رمي الجمار، وذكر أنه كان موفقا في أداء المناسك من دون خطأ ولا كلفة.
ولاقينا بعض أقربينا في قرية شوكيه عند بيت شيخنا الجليل محمد يونس الجونفوري، فوافيت بيته، ولكن لم أجد فيه أحدا من الرجال، وتذكرت من قدرة الله تعالى كيف أنشأ من هذه القرية الصغيرة محدثا كبيرا ومحققا عظيما دان له بالفضل والتقدم العرب والعجم، واتفقوا على سبقه وجلالته، رحمه الله رحمة واسعة.
وزرنا في قرية أسرهته ابن عمتي محمد سفيان بن أخلاق، وهو الذي رافقني لما قدمت إلى لكنؤ سنة 1978 للالتحاق بدار العلوم لندوة العلماء، وهو مثقف ثقافة عصرية، وهو مع ذلك رجل متدين صالح معتدل غير متشدد، وقد بايع بعض الشيوخ المتصوفة، ويواظب على الصلوات، والأوراد، ولم أجد عنده من البدع ما قد تفشى لدى المتصوفة المتأخرين.
وسررت برؤية زميلي القديم محمد معظم في الدراسة في جونفور، وهو من أثرياء القرية وأشرافها، وبيته بيت علم، وانبسط لي انبساطا كبيرا، وكلما زرت قريته سعيت في لقائه.
معهد مولانا آزاد:
وهو المعهد التعليمي المنسوب إلى مولانا أبي الكلام آزاد في قرية أسرهته قرب شاه كنج، ومبناه ومبنى مسجدها من أروع المباني، لا يمر بهما مار إلا وقف وأجال فيهما النظر معجبا بهما في دهشة واستغراب، يجمع هذا المعهد بين المناهج الدراسية المختلفة، ويغلبه منهاج العلامة عبد الحميد الفراهي رحمه الله تعالى، درست فيه ثلاث سنوات، ثم التحقت بدار العلوم لندوة العلماء، ولم أر مدرسة مثله في تدريس قواعد النحو والصرف وتدريب الطلاب عليها، وفي مقرراتنا في هذا المعهد كتب ليس لها إلا نسخة واحدة في مكتبته، فكنا ننسخها كل يوم ثم ندرسها، ما أصعب العلم مصعدا! وما أسهل الجهل موردا! وكانت ذاكرتي في ذلك الوقت أنشط ما يكون، كلما تعلمت مسألة في النحو أو الصرف اختزنتها في ذاكرتي، وكلمات مرت بي كلمة فصيحة أو عبارة بليغة حفظتها فلا تنفلت مني، فكم من ملح أجاج صار عذبا فراتا، وكم من مضايق وعرة أصبحت سبلا فجاجا، ولله الحمد والمنة.
ومن بين شيوخي به الذين لهم علي فضل كبير الشيخ شميم أحمد الإصلاحي، والشيخ عبد القدوس الإصلاحي:
الأول هو الشيخ العلامة الأديب شميم أحمد بن عبد العفار الإصلاحي أحد الأذكياء، ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة وألف في كوسي من أعمال أعظمكراه الهند، وتخرج من مدرسة الإصلاح بسرائي مير سنة سبع وخمسين وثلاث مائة وألف، وكان يملك ذوقًا رفيعًا للآداب الأردية والفارسية والعربية، وكان يقرض الشعر بالأردية والفارسية، وكان ناقدا بصيرا، درّس في مدرسة الإصلاح والمعهد التعليمي لمولانا آزاد، أخذت منه دروساً في النحو، وقرأت عليه منثورات من أدب العرب لشيخنا الأستاذ محمد الرابع الحسني الندوي، وأبوابًا من ديوان الحماسة، توفي في سنة ست عشرة وأربع مائة وألف.
والثاني هو العالم النحوي الكبير والأديب البارع والمعلم الفذ الشيخ عبد القدوس بن عبد الوهاب الإصلاحي، وأمه مجيد النساء، ولد سنة ست وستين وثلاث مائة وألف في قرية "أوسيا" ذات الأغلبية المسلمة في زمانية من مديرية غازيفور، وكان أبوه من الصالحين، فعني بتربيته تربية دينية، وبعد الانتهاء من الدراسة الابتدائية ألحقه بمدرسة الإصلاح في سرائي مير حيث قضى إحدى عشرة سنة في الدراسة، وتخرج منها سنة ست وثمانين وثلاث مائة وألف، ومن كبار شيوخه الشيخ شبلي المتكلم، والشيخ داود أكبر الإصلاحي، والشيخ إظهار الدين الإصلاحي، والشيخ محمد أيوب الإصلاحي، والشيخ احتشام الدين الإصلاحي، وتم تعيينه في شوال سنة سبع وثمانين كمدرس في معهد مولانا آزاد التعليمي، قرأت عليه كتاب قواعد اللغة العربية في النحو للمؤلفين: حنفي بك ناصف، ومحمد بك دياب، ومصطفي طموم، ومحمود افندي عمر، وسلطان بك محمد، وكتاب كليلة ودمنة، وباب الأدب والمراثي من ديوان الحماسة، وأخذت منه دروسا في الإنشاء والكتابة، وله علي فضل كبير في التعليم والتربية، ولم أر مثله في التدريب على النحو وتطبيق مسائله بحيث تترسخ القواعد في الذهن وتثبت في الفكر ثباتا.
مدرسة قبا الدولية:
وزرنا في جانبها مدرسة قبا الدولية، وهي مدرسة تجمع بين العلوم العصرية واللغة العربية والعلوم الدينية، وقد زرتها عدة مرات وألقيت فيها كلمات.
رحلة الهند
(20)
يوم الخميس 5 محرم الحرام سنة 1441
بقلم: محمد أكرم الندوي
أوكسفورد
زيارة الأقربين في القرى المجاورة:
وزرت مع أهلي وبناتي أقربائي في القرى المجاورة، ومن بينهم ابن خالتي محمد أرشد من قرية شتارة بأعظمكراه، يمتع بالغنى والثروة، من رجال الأعمال في العين من الإمارات العربية المتحدة، وقد رجع من رحلة الحج، فأكلت عنده من تمور المدينة المنورة وشربت من ماء زمزم المبارك، وقص علينا أحاديث من تجاربه في الحج، منها عدم انتظام كثير من الناس لاسيما عند رمي الجمار، وذكر أنه كان موفقا في أداء المناسك من دون خطأ ولا كلفة.
ولاقينا بعض أقربينا في قرية شوكيه عند بيت شيخنا الجليل محمد يونس الجونفوري، فوافيت بيته، ولكن لم أجد فيه أحدا من الرجال، وتذكرت من قدرة الله تعالى كيف أنشأ من هذه القرية الصغيرة محدثا كبيرا ومحققا عظيما دان له بالفضل والتقدم العرب والعجم، واتفقوا على سبقه وجلالته، رحمه الله رحمة واسعة.
وزرنا في قرية أسرهته ابن عمتي محمد سفيان بن أخلاق، وهو الذي رافقني لما قدمت إلى لكنؤ سنة 1978 للالتحاق بدار العلوم لندوة العلماء، وهو مثقف ثقافة عصرية، وهو مع ذلك رجل متدين صالح معتدل غير متشدد، وقد بايع بعض الشيوخ المتصوفة، ويواظب على الصلوات، والأوراد، ولم أجد عنده من البدع ما قد تفشى لدى المتصوفة المتأخرين.
وسررت برؤية زميلي القديم محمد معظم في الدراسة في جونفور، وهو من أثرياء القرية وأشرافها، وبيته بيت علم، وانبسط لي انبساطا كبيرا، وكلما زرت قريته سعيت في لقائه.
معهد مولانا آزاد:
وهو المعهد التعليمي المنسوب إلى مولانا أبي الكلام آزاد في قرية أسرهته قرب شاه كنج، ومبناه ومبنى مسجدها من أروع المباني، لا يمر بهما مار إلا وقف وأجال فيهما النظر معجبا بهما في دهشة واستغراب، يجمع هذا المعهد بين المناهج الدراسية المختلفة، ويغلبه منهاج العلامة عبد الحميد الفراهي رحمه الله تعالى، درست فيه ثلاث سنوات، ثم التحقت بدار العلوم لندوة العلماء، ولم أر مدرسة مثله في تدريس قواعد النحو والصرف وتدريب الطلاب عليها، وفي مقرراتنا في هذا المعهد كتب ليس لها إلا نسخة واحدة في مكتبته، فكنا ننسخها كل يوم ثم ندرسها، ما أصعب العلم مصعدا! وما أسهل الجهل موردا! وكانت ذاكرتي في ذلك الوقت أنشط ما يكون، كلما تعلمت مسألة في النحو أو الصرف اختزنتها في ذاكرتي، وكلمات مرت بي كلمة فصيحة أو عبارة بليغة حفظتها فلا تنفلت مني، فكم من ملح أجاج صار عذبا فراتا، وكم من مضايق وعرة أصبحت سبلا فجاجا، ولله الحمد والمنة.
ومن بين شيوخي به الذين لهم علي فضل كبير الشيخ شميم أحمد الإصلاحي، والشيخ عبد القدوس الإصلاحي:
الأول هو الشيخ العلامة الأديب شميم أحمد بن عبد العفار الإصلاحي أحد الأذكياء، ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة وألف في كوسي من أعمال أعظمكراه الهند، وتخرج من مدرسة الإصلاح بسرائي مير سنة سبع وخمسين وثلاث مائة وألف، وكان يملك ذوقًا رفيعًا للآداب الأردية والفارسية والعربية، وكان يقرض الشعر بالأردية والفارسية، وكان ناقدا بصيرا، درّس في مدرسة الإصلاح والمعهد التعليمي لمولانا آزاد، أخذت منه دروساً في النحو، وقرأت عليه منثورات من أدب العرب لشيخنا الأستاذ محمد الرابع الحسني الندوي، وأبوابًا من ديوان الحماسة، توفي في سنة ست عشرة وأربع مائة وألف.
والثاني هو العالم النحوي الكبير والأديب البارع والمعلم الفذ الشيخ عبد القدوس بن عبد الوهاب الإصلاحي، وأمه مجيد النساء، ولد سنة ست وستين وثلاث مائة وألف في قرية "أوسيا" ذات الأغلبية المسلمة في زمانية من مديرية غازيفور، وكان أبوه من الصالحين، فعني بتربيته تربية دينية، وبعد الانتهاء من الدراسة الابتدائية ألحقه بمدرسة الإصلاح في سرائي مير حيث قضى إحدى عشرة سنة في الدراسة، وتخرج منها سنة ست وثمانين وثلاث مائة وألف، ومن كبار شيوخه الشيخ شبلي المتكلم، والشيخ داود أكبر الإصلاحي، والشيخ إظهار الدين الإصلاحي، والشيخ محمد أيوب الإصلاحي، والشيخ احتشام الدين الإصلاحي، وتم تعيينه في شوال سنة سبع وثمانين كمدرس في معهد مولانا آزاد التعليمي، قرأت عليه كتاب قواعد اللغة العربية في النحو للمؤلفين: حنفي بك ناصف، ومحمد بك دياب، ومصطفي طموم، ومحمود افندي عمر، وسلطان بك محمد، وكتاب كليلة ودمنة، وباب الأدب والمراثي من ديوان الحماسة، وأخذت منه دروسا في الإنشاء والكتابة، وله علي فضل كبير في التعليم والتربية، ولم أر مثله في التدريب على النحو وتطبيق مسائله بحيث تترسخ القواعد في الذهن وتثبت في الفكر ثباتا.
مدرسة قبا الدولية:
وزرنا في جانبها مدرسة قبا الدولية، وهي مدرسة تجمع بين العلوم العصرية واللغة العربية والعلوم الدينية، وقد زرتها عدة مرات وألقيت فيها كلمات.
وصاحبها أبرار أحمد الندوي في الثلاثينات من عمره، جاد مجتهد، طموح وذو همة عالية، وكانت زوجته سلمى بنت الحافظ عمر من كوريني تنتظرنا لأن زوجتي عمتها، وهذه أول مرة عرفت بهذه الصلة بيني وبين الأخ أبرار أحمد الندوي.
وأشركوني في احتفالهم بيوم المعلمين، ألقت فيه الطالبات كلماتهن حول مواضيع مختلفة، وقدمن أناشيد، وحوارات باللغة الإنكليزية والأردية، وعجبت من سعي المدرسة لتدريب طلابها على هذه اللغة الدولية، وتثقيف ألسنتهم، وتعليمهم الأخلاق الفاضلة والآداب العالية، وتربيتهم تربية حسنة، وألقيت كلمة شجعت فيها الطلاب على تكسب العلوم والفنون، وأشدت بفضل المدرسة وتميزها على غيرها من المدارس في هذه المنطقة.
ومنحوني وساما تكريما لي جزاهم الله خيرا، ووزعت الجوائز على الطالبات الناجحات، ووقع البرنامج من قلوب أهلي وبناتي وسائر الحضور موقعا جميلا بالغا.
وأشركوني في احتفالهم بيوم المعلمين، ألقت فيه الطالبات كلماتهن حول مواضيع مختلفة، وقدمن أناشيد، وحوارات باللغة الإنكليزية والأردية، وعجبت من سعي المدرسة لتدريب طلابها على هذه اللغة الدولية، وتثقيف ألسنتهم، وتعليمهم الأخلاق الفاضلة والآداب العالية، وتربيتهم تربية حسنة، وألقيت كلمة شجعت فيها الطلاب على تكسب العلوم والفنون، وأشدت بفضل المدرسة وتميزها على غيرها من المدارس في هذه المنطقة.
ومنحوني وساما تكريما لي جزاهم الله خيرا، ووزعت الجوائز على الطالبات الناجحات، ووقع البرنامج من قلوب أهلي وبناتي وسائر الحضور موقعا جميلا بالغا.