شعر ، كلمات اغاني سودانية ودوبيت
21.8K subscribers
63 photos
166 videos
50 files
40 links
وصف القناة : شعر ، كلمات الاغاني ودوبيت رابط القناة : https://t.me/Diwansha3r
Download Telegram
فى مدينة ام ضوابان كان (احمد المصطفى) يغنى
فى اغنية بنت النيل بشكلها الأول التى كتبها
(بشير عبد الرحمن) وفى تلك الجلسة كان (الجاغريو)
حاضرا فكتب مقاطعا مخلدا بها تلك الجلسة...
وذكر فيها كل الحاضرين حيث قال :
يااللابسه عفافك حله / لهجك للحنصل حل / ودحمد يازعيم الحله/ من ريدو كيف ننحل / شيخ ادريس قوم نتسل/ انا عقلى فارق وولى/ ريدي السببلنا عله / يالصديق ياودفع الله/ يالسهمك لينا مبادر / انا فكري نازل وسادر /فى الجيل مثالك نادر /دا الجنن عبد القادر / فقدنا الصواب ياشبابنا / يابوعبدة وين احبابنا...!!
كل الأسماء هذه كانت حضوراً وخلدات فى ذكرة الناس
كلهم من اهالى العيلفون...
ووحمد هو حمد مضوي شيخ قرية الدبيبه فى ذلك الزمان...
وشيخ ادريس هو الطيب المحسى وهو ايضا من اهالى
الدبيبة...
وودفع الله اسمه الحقيقى عباس دفع الله...
مقطع دا (الجنن عبد القادر) الذى اشتهر بين الناس
حتى صار مثلا لتوصيف بعض حالات الجنون...
كان مقصود به شخص عبد القادر مضوي...
فهو كان ياتى بافعال جنونيه وغريبه من الطرب الشديد
الذى ينتابه فهو كان ياكل اكواب الزجاج ويكسرها ويقوم
بتسديد طعنة سكين لنفسه وفى احايين كثيرة يقوم
باطلاق النار على نفسه...
وكان (عبد القادر مضوي ) يسبب كثيرا من المتاعب
بعد كل حفله وكان يرهق الجميع بالذهاب الى
المستشفى لمعالجته من حادث ارتكبه فى حق نفسه...
لذلك ظل مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بهذه الاغنية بل
أصبح ملمحها الابرز....!!
يا بنت النيل .. النيل
أحب النيل يا جميل
((ظبية المسالمة))
وفي الخمايل حالمة
وفيك يا ظالمة
يا ظالمة يا ظالمة
تجرحني ليه
وأنا كلّي جراح
لابد يوم ألقاك وأرتاح
آه .. أنا من عيونو الساحرة
آه .. أنا من ضفايرو السادلة
يتعبني تعب شديد
لو حلحلا
ليك من سحر الجنوب قسماتو
ومن طيب زهر الشمال نسماتو
أحبّو وأحب نوناتو
نوناتو الفي وجناتو
أحبّو واحب تقديرو
أحب رمّان صديرو
وسيف لحظو حين ما يديرو
أموت ما بعشق غيرو
*تيه في تيه رفل* *_عبيدعبد الرحمن_*
🍒🍒🍒🍒
كان شاعرنا يسكن في حي العرب بأمدرمان، وكان صديق طفولته وكهولته الشاعر الذي لا يقل عنه مكانة الشاعر سيد عبد العزيز.... وكم أحب عبيد سيد .. ولم لا وهو من كتب فيه قصيدة "حبيبي اكتب لي وانا أكتب ليك"... وذلك عندما تم نقل الشاعر سيد عبد العزيز بواسطة مرؤوسيه للعمل في مدينة الأبيض... وكان الكثيرون [وأنا منهم] يظنون أن هذه القصيدة الخالدة كتبت في فتاة... وأنها تجسد لوعة واشتياق لمحبوبة.... نعم إنها تجسد لوعة واشتياق ولكن لصديق يفتقد صديقه الحميم.
برع شعراء الحقيبة عموما في دقة الوصف ووسع الخيال وجزالة المفردة. والسبب في ذلك كما هو معلوم لديكم أن هذه الثلة من الشعراء الفطاحلة حفظوا القرآن في الخلاوى الأمر الذي غرس فيهم الفصاحة وجزالة الالفاظ ورصانة الكلمات... فضلا عن ذلك اطلع الكثير من شعراء الحقيبة على الشعر بكافة ألوانه فظهر تأثير الشعر العربي والأدب والبيان والبلاغة في شعر الحقيبة رغم ان معظم شعرهم صيغ باللغة الدارجة. دعونا على سبيل المثال نستشهد بقصيدة عبيد عبد الرحمن "آه من جور زماني" ونرى مدى تأثر شاعرنا بالشعر العربي، حيث يقول:
هوي يا الخالى نائم طرفك وطرفى واجب
إنت اللى مجنن وإنت اللي عاجب
لو أشكر جمالك لاشكرا ً لواجب
أبلج أفلج أدعج أزج مقرون حواجب
لو نظرنا إلى البيت الأخير لوجدنا كلمات عربية فصيحة بها خليط من علم البديع.... ولعل هذه الأبيات تذكرنا بوصف عنترة بن شداد لمحبوبته وابنة عمه عبلة حينما قال يخاطبها:
أغن مليح الدل أحور أكحل
أزج نقي الخد أبلج أدعج
له حاجب كالنون فوق جفونه
وثغر كزهر الأقحوان مفلج
وفي القصيدة موضوع هذه المقالة "قصيدة تيه في تيه رفل" نستطيع أن نستشف أيضا تأثر شاعرنا عبيد عبد الرحمن بالشعر العربي، وذلك بقوله:
ريدها إللى نحل
ناعس غير منام، أكحل غير كحل
زي شهد النحل وكالسحب الرحل
من تـُقل المرجرج كالخايض الوحل
البيتان الأخيران ايضا اشتملا على الفاظ وعبارات كانت تستعمل في الشعر العربي الجاهلي مثل تشبيه مشية المحبوبة بمرور السحاب في بطئه [طبعا يا جماعة العرب كانوا يفضلوا المرأة المكتنزة البطيئة في سيرها]، وكذلك اشتمل البيت الأخير على لفظة "المرجرج" وهي كلمة عربية فصيحة تطلق على الأرداف أو الصدر. وهنا نحس كأنما شاعرنا استدل أو اقتبس من الأعشى ومعلقته المشهورة التي مطلعها:
ودع هريرة أن الركب مرتحل
وهل تطيق وداعا أيها الرجل
حيث يقول الأعشى:
هركولة فنق درم مرافقها
كأن أخمصها بالشوك منتعل
كأن مشيتها من بيت جارتها
مر السحابة لا ريث ولا عجل
غراء فرعاء مصقول عوارضها
تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل
الأمثلة أعزائي وأحبائي كثر، وهناك الكثير بل الكثير الوارف من الأمثلة التي تدلل على تأثر شعراء الحقيبة الأفذاذ بالشعر والأدب العربي... فأرجو منكم أحبتي البحث في هذا الموضوع للاستزادة والتدقيق.
موضوع هذا المقال قصيدة عصماء من قصائد شاعرنا الفحل عبيد عبد الرحمن وهي قصيدة "تيه في تيه رفل". وقصة هذه القصيدة مثيرة تدعو إلى الدهشة والإعجاب. كتب عبيد هذه القصيدة بالضبط في عام 1928م في مدينة واد مدني. في ذلك الحين كان الشاعر يقيم مؤقتا في مدينة واد مدني فحضر إليه شاعر الحقيبة ابن مدينة مدني الشاعر محمد عبد الله [الأمي] ودعا عبيد ومجموعة من شعراء الحقيبة لحضور حفلة [لعبة] تقيمها سيدة لها بنت في غاية الجمال وكانت الأم معجبة جدا بجمال ابنتها وتفتخر بها. وأخبر الشاعر الأمي جميع شعراء الحقيبة بأن تلك الفتاة الغيداء سوف تحضر الحفل وترقص وطلب من الشعراء التباري بشعرهم في وصفها وهي تتهادى رقصا وتتمايل طربا. وقد حدث ما كان... في يوم الحفل حضرت الفتاة ونزلت لساحة الرقص [نزلت بدستورها ولخبطت كيان الحضور]... وفعلا كانت غاية في الجمال ولها قوام فتان... ما يهمنا في الموضوع أن كل الشعراء حضروا وتباروا في وصف هذه الغادة.... ووصفها شاعرنا عبيد بقصيدة "تيه في تيه رفل"... قال القصيدة ولم ينتظر الحكم لأنه كان على موعد هام في الخرطوم... فخرج من بيت العرس [بيت اللعبة] مسرعا مستقلا أقرب سيارة إلى الخرطوم.... الجدير بالذكر أن قصيدة عبيد عبد الرحمن كانت أجود قصيدة وتقريبا فازت بالجائزة ولكن شاعرنا لم ينتظر الجائزة ... لأنه يكتب من أجل الشعر ويطلب خلود شعره.... وفعلا تحقق له ما أراد وصار المطربون على مر الاجيال يتناقلون قصيدته ابتداءا من إبراهيم عبد الجليل ومرورا بعدة أجيال وصولا للمطرب القدير حمد الريح وأخيرا براعم نجوم الغد.
وفي نهاية هذا المقال الذي أرجو ألا يكون ثقيلا عليكم، أرفق لكم قصيدة "تيه في تيه رفل" مع أمنياتي العذبة لكم جميعا.
منظر شي بديع ما أحلى الغزل
بدر الكون على غصن البان نزل
تيه فى تيه رفل
نجم الليل زها والبدر احتفل
موفور النفل ... ساح نام فى الكفل
اسفل مرة وأعلا المرة الكان
منظر شي بديع ما أحلى الغزل
بدر الكون على غصن البان نزل
تيه فى تيه رفل
نجم الليل زها والبدر احتفل
موفور النفل ... ساح نام فى الكفل
اسفل مرة وأعلا المرة الكان سفل
اتهادى ورتل
خسف القمره بدرُه وللمبروع نتل
معدوم المثل .... كم أحيا وقتل
عام من حينه ساح شـَي فى شـَي حتل
كتفه الإنهدل
فى وصف المعاصم حار فكري انبدل
غايته نقول جدل .... نحكم بعدل
جيد إنسان وصيده متبادلين بدل
ريدها إللى نحل
ناعس غير منام
وأكحل غير كحل
زي شهد النحل.... كالسحب الرحل
من تـُقل المرجرج كالخايض الوحل
عمرى الإنسجل
وجدي إللي فى هواك مقرون الأجل
لى قلباً وجل ... يا ناعس المقل
يا ماحي الزجل يا بيت القصيد
ويا روح الزجل يا بيت القصيد
وإلى ان نلتقى مع شاعر اخر من الزمن الجميل
🌷🌷🌷🌷🌷🌷
مع تحياتى
سليمان محمد
اتكاءة على أنفاس الحنين (4)

بقلم الأستاذ / طارق كانديك

حلقات خاصة بالمجموعة ... (موثقة)

(حن يا قمر) و(الطريف الشايل سيف رمش جرّاح)
يقول شاعر العرب العظيم أبو الطيّب المتنبئ:
وعذلتُ أهل العشقِ حتى ذقته = فعجبتُ كيف يموت من لا يعشق
إن المتأمل في شعر أبي صلاح، لا يكاد يسكن له حرف، إلا وبادرته أخريات، يضطرمنّ اضطرام النار في جوفه، يسألن فضاءات معانيه الرحبة، وعباراته الشيقة، وعلى ذات المنوال الذي سلكتُه من قبل، وجدتني أحنُ الى القمر الذي دعاءه أبوصلاح ذات هيامٍ عجيب، فناداه متوسلاً شأن العاشقين طُراً:
حن يا قمر أوفى لي ميعادا ...... منامي خاصمني و لي عادا
غمضة اجفانى طال بعادا .........وسال دمعي البقـالى عادا
مستصحباً ذات الأدوات التي كانت مادة اتكاءتي السابقة، سهادُ بلا نهاية، ودمعٌ سخين، كل ذلك دون أن نستشعر لهذا التكرار من ملل، فهو هنا يبث شكواه من خصام منامه الى القمر، ذاك في أبسط دلائله أنه ينظر اليه وحيداً ذات هدؤ وسكينة، حتى إذا ما نامت الأعين، ظلت عيناه براقتان بنار الحب والنجوى، حتى أضحت الدموع عادةً تجري على تراتيبية حولت فكرة الدمع من فجائية تختطف النفس لحظة اهتياجٍ عظيم، الى عادةٍ من لوازم عوائده.
ثم إن هذا المعنى الذي ينصرف إلى شدة العشق واستحكام صبابته،تحدث عنه غير ما شاعرٍ من شعراء العرب النحارير،على اختلاف عشقهم ومن يعشقون، فأنظر الى الحلاج يقول:
قُلوبُ العاشِقينَ لَها عُيونٌ
تَرى ما لا يَراهُ الناظِرونا
وكثيرون غيره، غير أني تذكرتُ ما قرأته يوماً عن أن أستاذنا الكبير مبارك المغربي ذكرعن قول أبي صلاح :
قسم بمحيك البدري
غرامك منو ضاق صدري
حبيبي البي العلي تدري
أنه يجده قد جانبه الصواب ولم يستسيغه منه، بحجة أنه لا ينبغي للعاشق المحب أن يضيق صدره بالحب، ولكني-مع تقديري للأستاذ مبارك المغرب- أجد في هذا الشعر تعبيراً كبيراً عن تملك الغرام لبه حتى أعياه الأنين،ولقد عبّر أبو صلاح في غيرما قصيدة عن هذا المعنى ففي رائعته(الطريف الشايل سيف رمش جرّاح) يقول:
طرفـي مالك سـاهر وين منامك راح
شوقي اصبح زايد وجدي مالو براح
وحين ينعدم البراح وهو (المكان) ليتسع للوجد ،يماثل هذا المعنى –في ظني- ما أتاه في (غرامك بيهو ضاق صدري)،ولعله لا يمكن لأحد أن يصرف معنى (بيهو ضاق صدري) الى الغضب، فالمقام هنا مقام شكوى العاشقين،أو هكذا نظرتُ للأمر.
وعلى كل حال،لا يمكنك أن تعبُر على (الطريف الشايل سيف رمش جرّح) دون أن تستوقفك هذه القصيدة البتول، يقول فيها:
الطريف الشـايل سيف رمـش جـرّاح
خــافر در الفاطر والمسك والراح
طرفـي مالك سـاهر وين منامك راح
شوقي اصبح زايد وجدي مالو براح
فالطريف الذي حوى رمشاً عجيباً شببه أبو صلاح بالسيف فوق لمهامه الجمالية التي لا تخطئها عين الناظرين، فهو في مهمة أخرى خفراً يحرس در الفاطر اللامعات وعبيرها وأنفاسها المسكرة، أي قدرةٍ هذي التي جعلت من تأمله يقوده الى هناك، الى حيث يقف الحديث في غصةً في حلق المتكلمين أجمعين.
ثم يمضي في رحلة بهاء المعنى ولطافته فيقول:
يابلـيـبـل طيـبة ويالهـزار النـاح
ليك اصير متشكر لو تعيرني جناح
مستعيراً جناح البلبل يطوي به الفضاء برقاً خاطفاً اليها، ولقد شكى مرّ الشكوى من جمر أشواقه ولم ينسى أن يشير لأصل الأذى في شفاهٍ كالعنب،وصدرٍ تكوّر كالتفاح،حتى دعاه كل ذلك أن يطلب من النسيم أن يرجع اليه طالباًمنه(التني) والتني –بحسب ما بدأ لي هنا- أنه ينصرف الى تكرار المشاهدة إذ (التني) في القهوة هو الفنجان الذي يعقب (البِكرِي) وخلاصة طلبه أن يديم تكرار النظر اليها ففي ذلك شفاء لما به من علل الهيام وأذى البعاد وشدة النجوى.
هـبّ جمر اشواقي الملّتو الاصفاح
جـلّي صبري ودوّر في القـلوب لفّاح
اصل اذاي عنّـابة وطبي في التفاح
يالنسـيم الغصن المـن مـرورك ماح
صدّ ليـه واطلب من تنـيه سماح
لا أشك أن المتأمل لكل ذلك يحتويه الحنين وتسكره الصبابة، لاسيما إن أرخى سمعه لها بلحنها الجميل، ولا يفوتني أن أشير الى استحساني الكبير لاستخدام كلمة(صد) ليه، التي أتت على صيغة فعل الأمر، تأمر النسيم أن يرجع اليه، ولعلّي أعود الى شئٍ من التفصيل في مرةٍ أخرى، كما أنتظر ملاحظاتكم وتعليقاتكم لاسيما وبين ظهراني هذا المكان من نثق في قوله وراجحة وسلامة وجدانه.
قسيم الريد
كلمات مسعد حنفي
لحن وغناء الفنان خضر بشير
ـــــــــــــــــــــــــــ
قسيم الريد
لي جود بالطيف
يااخا البدر
............
ياالرشا المكحول بي لو تدري
من لهيب الشوق التهب صدري
يابعيد الليم دمعي منحدري
اما نوم عيني فاقده من بدري
.............
في هواك عمري يدني من قبري
باكي شاكي حزين جسمي صار مبري
فيك افوق ايوب بي عظيم صبري
وشوقي ليك ياملاك امر من الصبر
.............
طرفي دمعه هميل ينسكب يجري
ديمه ساهر يوت صاحي للفجر
تهوى تعذيبي وذلّتي وزجري
ياحبيبي كفاك والله طال هجري
.............
كيف يكون (يابنات) قلبي ليك خدري
وعيني لا تراك ياسمي القدر
نظرتك بتفوق ياب محي بدري
لذّة الدنيا وليلة القدر
.............
الدلال والتيه طبعك الفطري
ولحظك النعسان كاحل القطر
من جمال محياك وطيبك العطري
صار جمال تاجوج اصلو مامطري
.............
حسنك الفتان يوجب الشكر
ينعش الارواح يسلب الفكر
ماجمال يوسف شايع الذكر
زي جمالك ياصحوتي وسكري
.............
عقلي شاغله الريد والهوى العذري
ضل ياخلاّي اقبلوا عذري
ايه يفيد ياجميل حرصي او حذري
وجسمك الناعم للحرير يزري
ن التراث السودانى : قصائد ومعاني - قصيدة (ماهو الفافنوس ) التراثية- مناحة بنونة بت ألمك نمر-:

المصدر: مقال للأستاذ عبدالكريم الكابلي بصفحة الثقافة بجريدة الصحافة-

------------------------------------------------------

- ماهو الفافنوس -

هي أغنية تراثية وتندرج في أدبنا الموروث تحت باب الرثاء أو قل المناحة وهي من النواح الذي يرد في بعض البلاد العربية باسم النياحة. وكما هو معلوم فإنّ النواح أو الرثاء يحمل في مدلوله الإنطباعي ملامح الحزن الموجب للفجيعة والإنكسار ولكننا ومن خلال الإطلاع المتواضع على المشابه في بلاد عربية أخرى، وجدنا أنّ هذا الباب في أدبنا الشعبي تغلب عليه معاني الشجاعة والحكمة والتحدي والمديح المتعدد الجوانب والمرامي ولا غرو إذ أنّ المخاطب في تلك المناسبات وأشباهها هم الأحياء لا المتوفى في رسالة واضحة المعاني تتلخص في أنّ إنكاركم لذواتكم أثناء حياتكم وما قدمتم من خيّر الأعمال لن يقدر الموت على طمسه أو سلبه منكم فهو محفوظ لكم و . . (شكّار نفسه إبليس - والله ما يجيب يوم شكركم). وهذه المناحة قالتها بنونة بت (إبنة) ألمك نمر رأس قبيلة الجعليين بمنطقة شندي والمتمة وهو صاحب التاريخ المعروف مع إسماعيل بن محمد علي باشا، قالتها في أخيها عمارة الذي توفاه الله على فراش المرض وهي ميتة سهلة ما كانت تريدها لإخيها وهو الفارس المغوار. كانت تتمنى لو أنّه مات في ساحة الوغى وتوشح بدمائه. تقول بنونة:

ماهو الفافنوس ماهو الغليد البوص

ود المك عريس خيلا بجن عركوس

أحيّ علي سيفه البحد الروس

ما دايرالك الميته أم رمادا شح

دايراك يوم لقى بدميك تتوشّح

الميت مسولب والعجاج يكتح

أحيّ علي سيفه البسوي التح

إن وردن بجيك في أول الواردات

مرنا مو نشيط إن قبّلن شاردات

أسد بيشه المكرمد قمزاته متطابقات

وبرضع في ضرايع العنّز الفاردات

كوفيتك الخوده أم عصا بولاد

ودرعك في أم لهيب زي الشمس وقّاد

وسيفك من سقايته إستعجب الحدّاد

وقارحك غير شكال ما بقربه الشدّاد

يا جرعة عقود السم

يا مقنع بنات جعل العزاز من جم

الخيل عركسن ما قال عدادهن كم

فرتاق حافلن ملاي سروجهن دم

إنّها تنفي عن الممدوح أن يكون متل ذلك النبات الرخو (الفافنوس) الذي ينمو على ضفاف النبل ويسهل قطعه وربما كانت الكلمة نوبية قديمة شأنها شأن أكثرية المسميات المتصلة بالنيل. ثم نفت عنه كذلك أن يكون كالقناة أو القصبة الجوفاء التي يسهل كسرها ثم أثبتت أنّه إبن المك بلا نقصان وأنّه عريس خيل وهو تعبير متعامل به بين العرب في جزيرتهم وأحيانا يقولون (إنّه أخو خيل) كناية عن الفروسية. يقول ألشاعر المعروف أحمد بك شوقي في رثائه للثائر عمر المختار: (بطل البداوة لم يكن يغزو على تنك ولم يك يركب الأجواء – لكن أخو خيل حمى صهواتها فأدار من أعرافها الهيجاء) وعركوس كلمة عربية فصيحة تفسرها المعاجم بالكثرة والتجمع. وعركست الخيل أي تجمّعت. وتواصل بنونة رسم صورها الرائعة فتبدي أسفها على تلك الميتة السهلة التي يكون فيها البكاء والعويل وتذري فيها النسوة الرماد على رؤوسهن وهو التفسير الذي أرجّحه على سواه، إذ أنّ البعض قد ذهب إلى رؤية أخرى. ثم تذكر بأنّ الممدوح في كل المعارك في موقف الهجوم أو الورود والضمير هنا (إن وردن) للخيل فهو في المقدمة أمّا في موقف الفر فهو المتأخر المتباطيء على الدوام، أمّا بيشة الواردة في النص فهي المنطقة المعروفة الآن بهذا الإسم في الجزيرة العربية وكانت مأسدة عرفت بضراوة سباعها. ونجد بعض الكلمات التي تتسم بالوضوح كالكوفية والخوده وهي الخوذة وبولاد هي فولاذ وقد قلبت الفاء باء، وربما كانت هي الأصل، وأم لهيب من أسماء الحرب وفي آخر مرثيتها تشبّه الممدوح بجرعة السم المركّز وأنّه الستر لكل فتيات قبيلة الجعليين وهي القبيلة التي اشتهرت بالعزّة والفروسية والتصدي للظلم والضيم. وهذا شرح موجز لهذه الأغنية الرائعة التي يمكن الإسترسال المسهب في إيحاءآتها المتعددة ولكننا محكومون بأكثر من متطلب للإيجاز. فقط أود أن أشير إلى ما درجت على ألإشارة إليه في العديد من محاضراتي عن تراثنا الحبيب وهو أن نحفظ الحق وأن نشيد بالدور الإبداعي للجهة التي يصدر عنها ومنها مثل هذا الإبداع التربوي الرائد الرائع وذلك قبل مناداتنا بأن نتعامل معه بوصفه التراث الملك المشاع الذي صدر منا جميعا لنتعامل معه وبه جميعا إذ ما أحوجنا إلى هذه القيم التي تجمعنا فنلتقي في جمالياتها، بعيدا عن العصبية
(دمعي الاتشتت) كلمات "فاطمة خميس"
"فاطمة خميس" شاعرة ومغنية أمدرمانية توفيت في ثمانينيات القرن الماضي، عندما توفي والدها رثته بمناحة "يا دمعي الاتشتت وغلب اللقاط"، غناها "أبو داوود" ومن بعده العديد من الفنانين..
يا دمعي الاتشتت آآآه
دمعي الغلب اللقاط
***********
يا سيد ريدي وسيد روحي
أشكو ليك أنت مجروحي
يا سيد روحي رد لي روحي
***********
يا بر يا أبو البتول
يا جليس يا الساكن السور
فوق زولى أب ساساً محفور
***********
يا دمعي السرّ بلاني
الحبيب فات وخلاني
خلاني أشكو آلامي
***********
حبيبي يا الفراقك حار
أسير حبك أنا ليل ونهار
***********
يا دمعي الاتشتت آآآه
اتشتت وغلب اللقاط
ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺧﻤﻴﺲ ﺗﺰﻭﺟﺖ ﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ ” ﺩﻳﻤﺘﺮﻱ ﺍﻟﺒﺎﺯﺍﺭ ” ﻭ ﺩﻳﻤﺘﺮﻱ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻳﻮﻧﺎﻧﻲ ﻭ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺩﻯ ﺑﺎﻟﺴﺮﺍﺭﻱ ﻭ ﻟﻬﺎ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﺳﺮﺓ ﺍﻟﺰﺑﻴﺮ ﺣﻤﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺪﻧﻘﻼﻭﻳﺔ . ﺩﻳﻤﺘﺮﻱ ﻭ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺳﻜﻨﻮﺍ ﻓﻲ ﺑﺎﻧﺖ . ﻭ ﺩﻳﻤﺘﺮﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺍﻻﺳﻄﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭ ﺍﺧﺬ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻟﻠﺘﺴﺠﻴﻞ، ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻛﺘﺸﻒ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻛﺐ ﻋﺠﻠﺘﻪ ﻭ ﺷﺎﻫﺪ ﺻﺒﻴﺎ ﻳﻐﻨﻲ ﺑﺼﻮﺕ ﺟﻤﻴﻞ ﻭ ﻳﺤﻤﻞ ﻟﻤﺒﺎﺕ ﺍﻡ ﻣﻠﻴﻢ ﻭ ﻫﻲ ﻟﻤﺒﺔ ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﺐ ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ ﻭ ﻗﻴﻄﺎﻥ ﻳﺼﻨﻌﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﻜﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﺒﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺭﺩﺓ ﻭ ﺑﺎﻧﺖ، ﻓﺎﺳﺘﻤﻊ ﺍﻟﻴﻪ ﻭ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﻪ ﻭ ﺍﺧﺬﻩ ﻻﻫﻠﻪ . ﻭ ﺳﺎﻋﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻭ ﺳﺎﻋﺪﺗﻪ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺧﻤﻴﺲ ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﺮﺍﺕ، ﻭ ﺻﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﺷﻬﺮ ﻭ ﺍﺣﺴﻦ ﺍﻟﻤﻐﻨﻴﻴﻦ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻭﻝ ﻓﻨﺎﻥ ﻳﻐﺘﻨﻲ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﺪ ﺍﺳﻄﻮﺍﻧﺎﺗﻪ ، ﺍﻻ ﺍﻧﻪ ﺍﻧﻐﻤﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭ ﺻﺎﺭ ﻣﺪﻣﻨﺎ، ﻭ ﻛﺎﺕ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻋﺪﺓ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﻟﻌﻼﺟﻪ ﺍﻛﺒﺮﻫﺎ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻣﻴﺮﻏﻨﻲ ﺷﻜﺎﻙ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺘﻤﻌﺎ ﻭ ﻣﻌﺠﺒﺎ ﺑﺎﻏﻨﻴﺎﺗﻪ ﺧﺎﺻﺔ ” ﺗﻢ ﺩﻭﺭ ﻭ ﺍﺩﻭﺭ .”
ﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻻﻏﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻣﺘﻌﺘﻨﻲ ﻫﻲ ﺍﻏﻨﻴﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺧﻤﻴﺲ : ﻳﺎ ﺩﻣﻌﻲ ﺍﻻﺗﺸﺘﺖ ﻭ ﻏﻠﺐ ﺍﻟﻠﻘﺎﻁ , ﻭ ﺍﻻﻏﻨﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻨﺎﺣﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻮﺕ ﻭﺍﻟﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﻤﻠﺤﻨﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﻐﻨﻴﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺧﻤﻴﺲ

ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺧﻤﻴﺲ ﺳﺎﻋﺪﺕ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻐﻨﻴﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻤﻐﻨﻴﺎﺕ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﺠﺮﺩﺓ، ﻭ ﻟﻬﺎ ﺍﻏﺎﻧﻲ ﺍﺧﺮﻯ ﻭ ﺍﺷﻌﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﺘﻢ ﻧﺴﺒﺖ ﻵﺧﺮﻳﻦ . ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻻﻋﻼﻡ ﻓﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻧﻤﻴﺮﻱ ﺍﻥ ﺗﺤﺼﺮ ﻭ ﺗﻜﺮﻡ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻧﺘﻘﻠﻮﺍ ﻟﺠﻮﺍﺭ ﺭﺑﻬﻢ، ﻭ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﺑﻮ ﺳﺒﻴﺐ ﻟﻮﺣﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺑﺨﻂ ﺟﻤﻴﻞ ﺑﺎﻻﺳﻤﺎﺀ ﻣﺘﻀﻤﻨﺎ ﺍﺳﻢ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺧﻤﻴﺲ ﻭ ﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺧﻤﻴﺲ ﻣﺘﺤﺰﻣﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻏﺎﺿﺒﺔ ﻭ ﺳﺎﺋﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﻁ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺘﻠﻬﺎ؟ ﺍﺑﻮ ﺳﺒﻴﺐ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﺳﻤﻊ ﺑﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﺍﻋﻄﻰ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ، ﻭ ﻟﺤﺴﻦ ﺣﻈﻪ ﺍﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺗﺖ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺧﻤﻴﺲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻐﺎﺭﺓ، ﻭ ﺍﺿﺎﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﺳﻠﻂ ﺍﻟﻀﺆ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﻢ ﻓﺎﻃﻤﺔﺧﻤﻴﺲ .
” ﺍﻟﻤﻨﺎﺣﺔ ” ﻳﺎ ﺩﻣﻌﻲ ﺍﻻﺗﺸﺘﺖ
ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﻣﻌﺒﺮﺓ ﻭ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻭ ﺗﻌﻜﺲ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﻛﺎﺩ ﺍﻥ ﻳﻨﺪﺛﺮ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﻃﻤﻪ ﺧﻤﻴﺲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺣﺰﻧﻬﺎ ﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﻭ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ . ﺍﻻ ﺍﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﺪﺭﻙ ﻣﺴﺘﻨﺠﺪﻩ ﺑﺎﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺑﺮ ﺍﺑﻮ ﺍﻟﺒﺘﻮﻝ ﻭ ﺟﻠﻴﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻏﺮﺏ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻼﺯﻣﻴﻦ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺣﻔﺮ ﺍﻟﺠﻴﺮ ﻭﺗﻘﻮلها ﻓﻲ ﺭثاء ﻮﺍﻟﺪﻫﺎ .
نور العين تلك المرأة القوية التي صارعت كل الظروف وضحت بأنضر سنوات العمر لتقود السفينة والمهمة الصعبة التى تركها لها رفيق دربها الشاعر الراحل إسماعيل حسن.. وهي تحمل الأمانة وتحافظ عليها بكل نجاح وتفوق..
- (نور العين)، تلك المرأة المتفردة في أسلوبها والمحافظة على تقاليدها الموروثة حتى الآن؛ وهي ترى المتغيرات الاجتماعية والعولمة تزحف نحو العادات الأصيلة لتمحوها تحت ستار التطورات الجديدة في عالم اليوم..
- (نور العين)، تلك المرأة التى خصها رفيق دربها، وكتب فيها كل الغناء الجميل الذي أطرب كل الأجيال عندما استمع إليها يصدح به عمالقة الأغنية السودانية أحمد المصطفى، أبو داود، محمد وردي، عثمان حسين، إبراهيم الكاشف، سيد خليفة وغيرهم من الكبار.
-(ونور العين)، الأغنية التى رددها كل الشعب السوداني وأحبها لاصالة كلماتها ا لعميقة في المضامين والأبعاد خلدت مع السنوات وخلدت معها صاحبتها التي كتبت من أجلها؛ وهي رفيقة درب الشاعر الراحل المقيم إسماعيل حسن.
من وجهة نظري الشخصية انه لولا الفراق بين الشاعر ( اسماعيل حسن ) وزوجته ( فتحية ابراهيم حميدة ) لما كتب اسماعيل حسن ذاك الشعر الجميل فالحرمان فجر براكين عاطفة اسماعيل فسالت شعراً تحدث به الركبان كثيراً ومازالوا مثلما ما نفعل نحن الآن في هذا البوست
فهذا الكم الكثيف من الأغنيات التى أنتجها اسماعيل ووردي ( 25 أغنية ) كتبت منها ( 17 أغنية ) في فترة الفراق ويا ليته طال هذا الفراق لكنا استمتعنا بأغنيات أكثر من روائع اسماعيل ووردي ، فتلك المحنة جعلت قلب اسماعيل ينزف شعراً يحكي فيه لوعته وعتابه وخصامه وعذابه مع محبوبته فتارة نجده يستجدي محبوبته ويذكرها بأنه ما زال وفياً لحبه ( سؤال - بيني وبينك والايام - لوبهمسه - ما بنساك - صدفة - ذات الشامه - حبيناك من قلوبنا - نور العين - عودة - حنية ) الأغنيات التى كتبناها ما بين القوسين والتى حملت الكثير من اللوعة وبث الاشواق والاستجداء لعودة المحبوب.

نور العين
للشاعر ..اسماعيل حسن

قلبي الحابك ما خان لياليك
ما ناسي الماضي ماتقول ناسيك
ما بدل حبو ابدا ماتنكر ليك
لكن الأشواك والنار حواليك
يانور العين
يانور العين انت وينك وين

في اللون الأسمر ذوبت شبابي
وعشقت الجنة وفي الجنة عذابي
صابر وبتألم ولمر دا شرابي
ياحليل الراحو ياحليل احبابي
يا نور العين
يا نور العين انت وينك وين

الشعر الناعم بي عطرو اسرني
والوجه الناير بي نورو غمرني
عيونو النعسانة برموش تجرحني
خلتني متيم وين راحت مني
يا نور العين
يا نور العين انت وينك وين

انا والانغام والعود في ايدي
بحكيلو حكايتي ويعيد ترديدي
واشكيلو همسة أو عذب نشيدي
ياما الأوتار تفضحني من ريدي
يا نور العين
يا نور العين انت وينك وين
قصه حقيقيه تلاها الشاعر
والقصه تحكي بان الشاعر احب اخت صديقه ….
فتقدم للزواج منها …. فرفض اهل البنت الشاعر
وكانت الاسباب انه شاعر غزلي … وهذا من عيوب الزمن القديم .
وحرم الشاعر من الذهاب الي منزل صديقه

حرموني منك
أنا يا حبيب قلبي .. سائل دوام عنك
يا الحرموني شوفتك .. أنا في قلبي صورتك
كل ما ذكروا سيرتك
ازداد بي شجوني .. يجفو النوم عيوني
ويرحم قلبي حبك
يا المنعوك زيارتي .. هم شاعرين بحالتي
وجاهلين مكانتي
( لاكين ) التقاليد حجبت عني شخصك
منعونا التلاقي
( لاكين ) رغم ذلك .. ظلَّ هوانا باقي
أسأل طيف خيالك .. عن فرض اشتياقي
واسأل عن جمالك .. عن نار احتراقي
طبعاً يا ملاكي .. لو يرضيك هلاكي
أنا لا أعصى أمرك
حجبوك حيروني .. أبو ليك يذكروني
ليه يا حبيب أراهم .. زايدين في جفاهم
من شِدة قساهم ..مانعين التقاهم
برضي أقول .. برضي أقول
برضي اقول عساهم .. يسمحوا لي بوصلك
ولم يعرف لها شاعر حتي الساعة!!!!

المكان/ دار اتحاد الفنانين
الزمان/منتصف سبعينيات القرن الماضي
دخل ساعي البريد متابطا حزمة كبيرة من الرسائل وهو يسال عن الفنان الراحل سيد خليفة واستدل على مكان تواجده وذهب اليه وسلمه رسالة جاءت بالبريد وبعد ان انطلق الساعي بعيدا ليواصل عمله فتح الفنان الرسالة فكانت قصيدة( من انت يا حلم الصبا )
اعجب الفنان سيد خليفة بالنص ايما اعجاب ومن يومها ابتدا في تلحينها ووضع اللزمات الموسيقية لها وفكر في تسجيلها للازاعة الا ان عدم وجود شاعر تنسب له القصيدة وقف في طريق تسجيلها. وانتظر فترة طويلة من الزمن فقد يظهر الشاعر وتنتهي المشكلة الا ان اعجاب الفنان سيد خليفة بالاغنية لم يترك له مجال اكثر للانتظار واتفق مع صديقه الشاعر عبد المنعم يوسف على ان ينسب هذه القصيدة له الى ان يظهر كاتبها الحقيقي وبذلك يكون قد استطاع ان يتجاوز مشكلة اجازة النص والتسجيل وقد كان .واستطاع الفنان سيد خليفة ان يجيز النص ويسجل الاغنية الخالدة حلم الصبا هذا العمل الجميل المتكامل نصا ولحنا واداء
وقد حكى هذا الموضوع العازف الكبير الدكتور محمديه في جلسة فنية كانت في التلفزيون في احد الاعياد بحضور رائع من الراحل المقيم .
وقد طلب مقدم البرنامج المذيع المخضرم عمر الجزلي وهو الذي كان يدير اللقاء طلب من العازفين اختيار اغنية في خنام الحلقة واهدائها لاسرهم واصدقائهم بمناسبة العيد فاجمعوا ان يكون الاختيار من نصيب الاستاذ محمديه وقد اختار لهم هذه الاغنية فغناها الراحل كما لم يغني من قبل وخلاصة القول ان القصيدة ظلت مجهولة المصدر والشاعر الى هذا اليوم؟؟ وهاكم القصيدة وهي مهداء لجميع من يتذوقون الشعر الجميل .

من انت ياحلم الصبا من انت يا امل الشباب
من انت يا من رحت انشده ولكن لا اجاب
ارنو لصورتك الحبيبةبين اطياف الضباب
في الارض في الانهار في الشفق المنور في السحاب
*************
واحسها في خاطري نورا تدفق في انسياب
بالسحر بالمال بالانغام بالعطر المذاب
بالورد بالازهار بالكاس المتوج بالحباب
واكاد اسمع فب دمي صوتا تضمخ في شذاك
حتى متى ابقى على الدرب الطويل ولا اراك؟
من انت يا نفح المنى من انت يا نور الصباح
حتى متى ادعوك لهفان الجناح؟
***********
ابدا اسير مخيرا بين الروابي والبطاح
ويكاد يقتلني الظما وتكاد تسحقني الرياح
من وحي الهامي خلقتك رغم الام الحياه
يا صورة الحلم الذي قد شع في فلبي سناه
يا ومضة الامل الذي قد عشت عمري في رجاه
شفتاك من ورق الورود واه من تلك الشفاه
خداك من شفق المغيب واه من خديك اه
وعيناك يكمن فيهما ليل تسربل من دجاه
واكاد اسمعه يناديني اجل هذا نداه
واظل اهتف من دمي والوجد يخفق هل اراه؟
************
من مواليد عشرينيات القرن العشرين (المرجح 1922م)
من أبناء جنوب السودان - قبيلة الدينكا.
ترعرع بمدينة أم درمان حيث درس المرحلة الأولية بمدرسة الموردة/العباسية حيث زامل الشاعر الكبير مبارك المغربي ، و المرحلة المتوسطة بمدرسة أم درمان الأميرية .
سافر إلى مصر حيث دخل الكلية الحربية و تخرج ضابطآ ، و تزوج بمصرية.
أستشهد له إثنان من أبنائه : الأول في حرب يونيو 1967م و الثاني في حرب اكتوبر 1973م.
توفي بالقاهرة العام 1975م.
هو شاعر مجيد ثر المنتوج . كتب الشعر بالفصحى و العامية.
رغم عيشه الطويل بمصر فقد حافظ على كتابة الشعر بعامية الوسط السوداني أو ما يعرف أحيانآ بلغة أم درمان.
كان أثناء تواجده بمصر قبلة المبدعين السودانيين الذين كانوا يزورون مصر لأغراض فنية أو غيرها فيمدهم ببعض أشعاره الجميلة ، كما كان الحال عند تواجده بالسودان.
تغنى له العديد من المطربين الحديثين فيكون بذلك قد أثرى مكتبة الغناء السوداني بأسفار سيأتي ذكر بعض صفحاتها تاليآ :-
- المطرب ابراهيم الكاشف :
حبيبي أسمر .. أسمر جميل
و منها
أسمر جميل .. زايد وسامه
فوق الخدود عا####### شامه
و من العيون الله السلامه
- المطرب عبيد الطيب :
ياساير ياماشي و النظره ماشه وراك
وقف وقف .. و سوقني معاك.
- المطرب حسن عطية :
* الحجل بالرجل
* النيل الفاض
* عيوني عشقوا السهر
المطرب أحمد المصطفى :
* فارق لا تلم .. أنا أهوى الألم
* أنا أم درمان تأمل في ربوعي
و منها :
أنا إبن الشمال سكنتو قلبي .. على إبن الجنوب ضميت ضلوعي.
فيا سودان إذا ما النفس هانت ... إلخ
- المطرب عثمان حسين :
* أوراق الخريف
* يا ناس لا لا
- المطرب سيد خليفة :
* المامبو السوداني
* إزيكم .. كيفنكم
أنا لي زمان ما شفتكم.
* ياقماري أبني عشك قشه قشه
و منها :
كلمينا يا قماري سر المحنه
و كيف بتبني يا قماري القشه جنه.
رغم العواصف .. برضو واقف .. ما تصيبو رعشه.
المطرب عبد العزيز محمد داؤود :
* عذارى الحي
*يا حليلهم دوام نطراهم
* يا نديمآ عب من كاس الصبا
- المطرب عثمان الشفيع :
* أيامنا .. يا النسيت أيامنا
* داك الصباح
* أسمر أسمر يا جميل
* أنساني و أنا أنساك
- المطرب عبد الدافع عثمان :
*هبت نسايم الليل
- المطرب التاج مصطفى :
- محمد حسنين :
يا سهارى تعالوا شوفوا البي
الحبيبه كيف قست علي
- المطرب حمد الريح :
بين اليقظه و الأحلام
بين أجفان تقول للنام
أريت النوم يزورني اليوم
أنوم لو ليله في كل عام
و كما هو واضح فإن أشعاره الغنائية ذات صيت واضح و نجاح بين لتغني مطربين مبدعين بها ؛ و لتلحين بعضها من جانب ملحنين متمكنين مثل برعي محمد دفع الله و بشير عباس و عبد اللطيف خضر .
ولد الأمين برهان عام 1901 حفظ القرءان بالخلوة كأقرانه في ذلك الزمان والتحق بالكتاب .
ظهر عليه النبوغ المبكر وعرف بين الناس بالصوت العذب الطروب المجلجل ، فعند ظهوره كمغني هاوي لم يكن الوطن قد عرف المايكرفونات فكان الغناء يحتاج لأصوات قوية تستطيع أن توصل الطرب إلى أسماع الناس وهم في قمة الطرب والتعليقات والصياح
ساهم الأمين مساهمة فعالة في النهوض بفن الغناء السودانى قبل ظهور الميكروفونات و قبل انتشار الآلات الموسيقية و كان برهان ملحنا بجانب قدراته المميزة في الأداء
تغنى برهان للكثيرين من الشعراء منهم البنا و سيد و بطران و خليل فرح و غيرهم. يقول الشاعر سيد عبد العزيز انه تعرف إلى برهان قبل تعرفه بسرور. و يضيف أن الصداقة التي جمعت برهان بكرومة كانت السبب في العلاقة التي جمعت برهان بسيد.
برهان كانت صلته أقوى بالشاعر الكبيرعمر البنا الذي نظم له عدداً من القصائد و لحن معظمها ،بل أنه لحن له قصائد من شعراء حقيبة آخرين. و أهم هذه القصائد قصيدة “مرضان باكى فاقد” التي نظمها الشاعر محمد على عثمان بدرى و لحنها عمر البنا:
مرضان باكى فاقد فيكى علاج طبيبي
قالوا ترك سكونك يادار وين حبيبى
يا دار من بقاياك فوحي وجيبي طيبي
أو عاتق شميم النرجس من رطيبي
ما ردت سؤالي و أجابت دار حبيبي
سدت حلقي عبره نفسي متين تطيبي
أنا لي مدة طالت ما شاهدت قمري
ما شاهدت غصن اليانع فيه ثمري
أنا ماشفت محبوبى البيفداه عمري
أسكر من عيونه هي كأسات فيها خمري
. و نظم و لحن عمر البنا له أيضا اغنية “ياعينى وين تلقى المنام أحبابك جفونى” .وقد سافر الامين لمصر وسجل عدداً من الاسطوانات قبل اختراع الكاسيت ومن أغنياته أيضاً التي سجلها في اسطوانات:
( الجنان في الدنيا )وهي من كلمات سيد عبدالعزيز ولحن سرور و يرجح سيد انها من تلحين كرومة و هي مجارية لأغنية (زاد أذاي ياصاحى) وهى من كلمات عبيد عبدالرحمن وسجلها على الاسطوانات كرومه – (مرضان باكي فاقد) وهي من كلمات محمد عثمان بدري ولحن عمر البنا ولقد جاراها عبيد عبدالرحمن بأغنية ولهان هامي دمعي التي تغنى بها سرور وسجلها للإذاعة أولاد المأمون
(ياعينى وين تلقى المنام) وهى من كلمات وألحان عمر البنا ولقد شاركه عمر البنا وكرومه في الكورس عند التسجيل وهذه الأغنية جاراها عمر البنا نفسه بـ(أغنية طال وجدي بيك) والتي سجلها على الاسطوانات الفنان إبراهيم عبدالجليل وللإذاعة أولاد المأمون وبادي محمد الطيب
( عقلي انشغل بهواك) وهى من كلمات مصطفى بطران و تلحين الامين برهان و يقال لسرور وشاركه فى الكورس سرور وكرومه..
و لقد توفى الامين برهان شاباً حيث توفي و هو في 44 من عمره و كانت وفاته في 29 سبتمبر 1945 رحمه الله رحمة واسعة.
عبدالعزيز عبدالرحمن محمد العميري

بذات يوم باحدي حلقات زمان النغم باذاعة البيت السوداني الذي يقدمه عوض بابكر بالذكري العشرين ..


لقد كان والد العميري تاجراً بمدينة الابيض وكان يوجد بمحله صندوق بريد الابيض والوالده هي فاطمة عبدالحميد ابوسند الشهيرة بابي رووف .. اسرة العمير وتضم اخوانه (صلاح- شريف- احمد)والبنات (ست البنات- حميده- رقية - منيرة - اسماء- سعديه ) ..

دهشت وانا استمع الي العميري بنفسه يتحدث عن تاريخ مولده وذكر انه بعام 1954م ..عندما اشتد عوده جاء الي الخرطوم بعام 1968م ومكث بها ماشاء وذكر ايضا ان ملامح هذه الفترة لم تكن واضحة الي ان انضم الي كشوف دارسي معهد الموسيقي والمسرح بعام 1975-1979م .. وهنا ظهر ابداع العمير وتجلي لكل من حوله حينها .. وقد ذكر احد ابناء دفعته بالمعهد (السيرة) بالدلوكة الشهيرة له عند اقتران ابوعركي البخيت بالدكتورة عفاف الصادق ..

عندما شاع نباء وفاته ووصل مسامع الشاعر عثمان خالد كتب لنعي رفيقه وصديقه العميري بعض الابيات وفيها يظهر مدي الحزن الكامن بداخله لذلك اذ خاطبه بتربته بآسي لفراقه قبله :

دي عملتها كيف يا شقيق القلب مش وعدنا إنك ترثيني

مش كان الأوقع يا مجنون إنو يعزوكا وتنعيني

توقيت ما كان محسوب على بال ولا جاني خيالو وفي سنين

.....

مظلوم فارقت مسارح الناس.. مشيت لعوالم ترضيني

يا زول مجنون بالفن مسكون.. يا مفرح ومبكي وهاميني

كان العميري محبوبا لدي الاخيرين وكذلك حبه لهم .. ويذكر له انه كان يحب الفنانه مني الخير لفنها واقام لها ومعه اصدقائه تابين بالمسرحبعد مرور 40 يوم لرحيلها وحجز لها استدويو التلفزيون .. ووضع لها صورة كبيرة بالوسط وجاء بمساند ومفارش وجلس عليها هو والفنانه سمية حسن وتغنوا باغنيتها الجميلة (عيون المها) ذلك الدويتو الشهير وليتني اجده بيوم ما !!

ولقد كان احد رواد فن المسرح ومثل بالكثير من المسرحيات منها (احلام الزمان) اخراج/هاشم صديق والتي قدمت علي عدة مواسم لدي اخراجها مره اخري من قبل المبدع / يحي فضل الله .. وايضاً مسرحيه الكاتب / فضيلي جماع (المهدي في ضواحي الخرطوم) ومسرحيه اخري من تاليف صديقه الشاعر/خطاب حسن (التحدب)

وايضا برنامجه الشهير بالاذاعة (المحطة الاهلية) الذي شهد نجاحاً منقطع النظير بنسبة المشاهدين ..

ويرجع له الفضل في انشاء فرقة الاصدقاء المسرحية وان انفصل منها بعد زمن ليس بطويل منذ انشاءها ..

ويذكر ان الفنان حسن عطية كان احد معجبي العميري والذين يحبون الاستماع لاغانيه بصوته .. ولقد بادله الراحل ذلك الود ولقد قيل ان العميري كان يعتبر ان حسن عطية اعظم مطرب سمعه بحياته (هل تدري يانعسان) التي كان يرددها دوماً وحيدا او في جماعات .. تغني بالكثير لفنانيين اخرين منهم الجابري (رسالة) وللتاج مصطفي (انصاف) وللكاشف (رسائل) وايضا وردي وابوداؤود وعثمان الشفيع ..

العميري صاحب الخيال الجميل كتب ايضاً كثير من الاشعار التي ما تزل تشده كل قاري لها وتظهر مدي تعلقه بالاخر الممثل في الوطن :

قاعد اشوفك في التداخل بيني والحرف العنيد

وفي المــــــــــــــسافة الراقدة تضحك من بعيد

وفي مـــــــــلامح الشـــــــــــــــفع المليانة عيد

وابقى في لحظة النهـــــــــــــايات المــــــريحة

وأنس عالم حولي قاتم والألم جـواي سريحة

كتب وكتب حتي عشقة الحرف واصبح جزء من حياته ومن اجمل ماكتب من اشعار اقتطف لكم :

أكــــــــــــــــــون كضاب لو اترددت شان استقبلك جواي

ولو قاومت حد السيف بريقو يلخـــــــــــــــــــــبط الهدّاي

صحيح قبلك شراع الدهشة ما صفق ولا كان العِرق ودّاي

دي حتى الأغنيات قبلك حروف أبياتا كانت ســـــــــــــاي

واغنيته التي تغني بها الراحل المقيم / مصطفي سيد احمد (الممشي العريض):

كل خاطر كان بريدك

إلا ريدك كان رسول

الدهشة في كل الديار

وأنا زي عوايد الشعر فارس

شد خيل الكلمة ليل

مكتوب على ضهر البداية

القالوا آخرة بين إيديك

وسرحت يا مهون تهون

كان أجيك كان أصل يوم

لي حضورك كت بريدك

ومشتهيك ..

وايضا تغني له الفنان سيف الجامعة باثنتين (يانديدي)الشهيرة و(خلي بالك من زهورك) التي كتبت في بوستال لاحدي صديقاته المقربات :-

خلي بالك من زهورك ومن وطن باقيهو عندي

درسي لسه الجرح فاتح عـــــندما ضيّعت وردي

يوم وعدتك في النواصي الساكتة فاجأنا السكون

شدينا جسر العافية في جــــــــــــــــــسم الظنون

وحلبنا ضرع الكلمة دفّق منها المـــعنى الحنون

ياتو يوم ماكنا فيهو بنجري لي جــــهة الجنون

ياتو عطـــــــــــراً بق مـــــــــنك وياتو لــــــون

وكذلك الفنان المخضرم ابوعركي البخيت (عليه):

في نواحي الليل نشدك اقصي حته من السكون

وفي النهار والدنيا كاشفة ناس بتطلع

وفي النهار والدنيا كاشفة ناس بتطلع

وناس بتنزل وانتي ما بان ليك لون

وفي المسافة البتعصي علي العيون

تايه ندهـــتك ياعــــــلية ياعــــــلية
وكذلك الفنان عامر الجوهري (ياقمر) (ولي زمان الحب) وكذلك تحدث العامري بالتسجيل المرفق لكم عند التقاءه بالعميري .. وذكر انه صعب الحديث عن العميري ويحتاج الحديث عنه الي 4 او 5 حلقات وكان صديق لي لفترة طويلة وكنت اعزف له علي العود وكان لديه قدره عالية علي اختيار النص .. وانا غنيت ليه ياقمر - ولي زمان الحب ..

التقيت به بمدينه كوستي في منزل صديقنا عبدالله محمد صالح والعميري كان جاء مع صديقه يحي سيد احمد صاحب استوديو (فوتوكلوب) وايضاً معه صديقه مهلب علي مالك وقال ليه الزول دا بهرول نصت نهار .. ومنذ التقاءنا لم نفترق قرابه ال 17 سنة الي قبل يومين من تاريخ وفاته .. له الرحمة ..

لك الرحمه عبدالعزيز العميري وعذراً ان تاقزمت اقلامنا لتناولنا سيرتك العطرة فدوما اردد ما كتبته :

بكتب ليك لا بقدر أقاوم سنة القلم البدفق ..

لا بقيف وإنتي مشيتي معاي في البحر البساوم

في الجذر والقيف قدر ما حاولت أعود

انا

في عز المسافة تقيف فشلنا فشلنا دفق فينادولاب الفصول الصيف

تغني بالكثير من الاغاني خاصته واخري لفنانين اخرين بصوته المميز منها :

امنيات

طيفك عبر

عيون المها

ميل واعرض

الامان

سالب فؤادي

رسائل

زيدني في هجراني

اوع ترجي فجر بكرة

كان بدري عليك

لي زمن بنادي

ياقمر

الشرف الباذخ

انصاف

طيفك عبر

كان مكتوب لي في الازل

هل تدري

يانيل مره مره

ارض الطيبين

بطاقة

زمان الحب

ظبي السلم

لا تبكي

فلق الصباح

ياريت عرفتك من زمان

اسمك مين

امنه

بيني وبينك

زمانك والهوي

لو اعيش زول ليه قيمة

فيك رايح بالي

وغيرها من الاغاني لم تحد حظها من الانتشار او التسجيل بذاك الزمان .. ومازلنا نكتب .. ونكتب ..

الا رحم الله كل مبدعي بلادي والذين خطوا بحياتهم سيرة عطره لم تطول كثيرا والا لشهدنا براكين ابداع تلهب صفحة الارض بما تشاء ويطيب ..
في نهاية ستينات القرن الماضي، وتحديداً في عام 1969 والشاعر المغمور وقتها يستعد كطالب في المرحلة الثانوية لآداء إمتحانه للشهادة السودانية، في هدا الوقت تحديداً أمكن للمطرب الراحل محمد وردي أن يقرأ قصيدة بديعة منشورة لهدا الطالب في مجلة الاذاعة والتلفزيون والمسرح وقتها، قرأ وردي المقطع الأول من القصيدة ، ثم الثاني، وعندما وصل لمقطع في القصيدة يقول:- "صحيتي في نفسي الوجود ورجعتي لعيوني النهار" عاد مرة أخرى لقراءة مقاطع القصيدة بتمهل وإعجاب، هنا أحس الموسيقار محمد وردي وبحسه الموسيقي العالي بطعم الشعر المموسق يجري بين سطور ومقاطع القصيدة، في هده اللحظة قرر محمد تلحين وآداء هذه القصيدة التي عرفت فيما بعد باسم "من غير ميعاد" لشاعرها التيجاني سعيد.
لم تكن هناك سابق معرفة بين الشاعر والمطرب، بل أن الشاعر نفسه لم يكن معروفاً في الوسط الفني الذي كان يحتشد بأسماء كبار شعراء الأغنية العاطفية كمحمد يوسف موسى والحسين الحسن ومبارك المغربي وحسين بازرعة وإسماعيل حسن وإسحق الحلنقي وغيرهم، فلم يكن التيجاني نفسه وهو يكتب تلك القصيدة يتنبأ بأنها ستلحقه بقائمة كبار شعراء الأغنية العاطفية، بل لم يكن في الأساس يخطط أو يحلم بهذا الأمر!. تجلى ذلك أكثر ما تجلى عندما وقف أمام الفنان محمد وردي ذات أمسية بنادي الفنانين بأم درمان وبصحبته صديقه الشاعر المغمور وقتها أيضاً محجوب شريف، وعرفا نفسيهما لوردي الذي ألجمته المفاجأة فأخد التيجاني سعيد بالأحضان وضمه عليه طويلاً وداعبه قائلاً له ما يعني أنه لو كان يعلم بأنه صغير في عمره لهذه الدرجة لما حفل به وردي أو إهتم بأن يغني له، إلا أنها كانت دعابة ليس إلا، حيث تسنى لهما أن يلتقيا مرة أخرى بعد تلك القصيدة بأكثر من أربعة سنوات في قصيدة أخرى سحرت الناس برقتها وعدوبتها فدخلت قلوبهم بإسم "قلت أرحل"!.
يحكي الفنان الراحل محمد وردي عن الظروف التي لحن فيها أغنيته البديعة "مين غير ميعاد" قائلاً أنه وبمجرد أن قرأها في تلك المجلة ظل محتفظاً بذلك العدد لفترة طويلة تحت وسادته دون أن يجرؤ على الاقتراب منها مرة أخرى، ولكنه كان قد حفظها عن ظهر قلب، وظل هذا الأمر سائداً لفترة طويلة نسبياً. فقط كان يعود لقراءتها مرات متعددة دون أن يفكر في التخطيط لوضع أي مشروع لتلحينها، مؤكداً أنه قام بتلحين وتقديم بعض القصائد التي استلمها بعد حصوله على نص قصيدة التيجاني، وحول قدراته في التلحين صرح مرة خلال حوار صحفي بأن تلك القدرات قد تصل به درجة أن يلحن حتى مقالاً صحفياً مطولاً! وقال أن للحن أغنية من غير ميعاد قصة طريفة مفادها أنه كان في رحلة عودة من مدينة ود مدني، حيث كان في زيارة لأسرة زوجته الراحلة السيدة علوية رشيدي، وقد توقف بهم البص في إحدى الاستراحات على الطريق السفري بين مدني والخرطوم، وقال أنه اختار طاولة تبعد قليلاً عن زحمة الرواد وطلب كوباً من الشاي مع زجاجة عصير، في الأثناء قال أنه شاهد رجلاً كبيراً في عمره يحمل إبريقاً ويمر بجانبه للوضوء، وقال أنه سمع بعد قليل نحنحات للرجل وهو يتوضأ، وكانت تلك النحنحات مموسقة، وبحسه الموسيقي التقط محمد أولى مفاتيح اللحن، التي ظهرت من نحنحات الرجل كبير السن، وعلى الفور أكمل وردي الجملة الموسيقية، والتي جاءت فيما بعد كمقدمة موسيقية للحن أغنية "مين غير ميعاد" كأحد الأعمال الموسيقية الكبيرة التي أكدت على إبداع وردي وقدرته الموسيقية في بنائه لمشروعه الموسيقي الضخم لفترة السبعينات التي أنجب فيها روائعه الموسيقية الخمس " مين غير ميعاد.. بناديها .. جميلة ومستحيلة .. قلت أرحل .. الحزن القديم"!.

من غير ميعاد

كلمات:التجاني سعيد
لحن وغناء: محمد وردي ..

من غير ميعاد
واللقيا أجمل في الحقيقة بلا انتظار
صحّيتي في نفسي الوجود
ورجّعتي لعيوني النهار
كل الطيوب الحلوة يا مولاتي والجيد الرقيق
واللفتة والخصل اللي نامت فوق تسابيح الغريق
وخطاك والهدب المكحل وفتنة التوب الأنيق
في لحظة مرت كالظلال تعبر رؤاي إحساس عميق
فتحتي جرح الليل اسى من صمتي ما قادر أطيق
صحّيتي في نفسي الوجود
ورجّعتي لعيوني النهار
لو مرة بعدك يا زمان الغربة تجمعنا الصدف
أنا كيف اعود من طيبة أول نظرة للدار منكسف
وا ضيعة الوتر اللي ما غنيت معاهو ولا عزف
من صدفة عابرة بلا سلام قلبي الغريق في الهم نزف
ياريتني ما شفتك ربيع ولا كان يلازمني الأسف
صحّيتي في نفسي الوجود
ورجّعتي لعيوني النهار
ضاع الكلام ماتت حروف اللقيا قبال اهمسا
والله ما غابت محاسنك لحظة لا الجرح اتنسى
للّيلة ما وشوش نسيم في روضو وما غرد مسا
للّيلة ما سافر عبير في الطيب يغازل نرجسة
للّيلة يا حبي الكبير في حرقة لافيني الأسى
صحّيتي في نفسي الوجود
ورجّعتي لعيوني النهار..
عشان خاطر عيون
كلمات الأستاذ : عبدالوهاب هلاوي
الحان وآداء الفنان : زيدان إبراهيم
عشان خاطر عيون حلوين بشوف في رموشها ليل ونهار..
ولهفه تشيل مشاعرنا تقصر للخُطي المشوار..
نجيكم نحنا مشتاقين فراشات تسأل النوّار..
وخضرة قولنا عند اللقيا ياالسمحين تجف تحتار..
اغلطوا إنتوا يااحباب نجيكم نحن بالأعذار..
عشان خايفين تسيبونا عشان خايفين نعيش في ودار..
حزين قلباً بزوروا الحب ياريته لو مازار..
اغلطوا إنتوا ياالحلوين نجيكم نحن بالاعذار..
شلنا الريده يااحباب يباس ايامنا شلنا خضار..
إنتوا املنا إنتوا اهلنا في غربتنا إنتوا الدار..
وشراع الريد بعيد عدي ويتحدي الزمن لو جار.
صدفة



صدفة غريبة لقيتو الليلة

بعد غيابو ليالي طويلة



صدفة غريبة جانا الزاير

بثغرو الباسم وجهو الناير

بحنانو وعطفو وشوقو الظاهر

والامل القرب ليوم باكر

والنور الفجر دربي بشاير

بحب واماني وعاطفة نبيلة



لقيتو لسه الشوق في عينيو

حسيت بالرعشة في ايديهو

لو شفتو الخجل الكسا خديهو

والبسمة الحلوة ودلالو وتيهو

بيقولو عذابي شوية عليهو

ليالي تاني برضو قليلة



حبيبي حبو في الوجدان

تضمو ضلوعي بشوق وحنان

وطيفو معاي في كل مكان

يسقي فؤادي الهوى الوان

واطرب روحي بالالحان

وعشانو بشوف الدنيا جميلة
التوثيق للشاعر الكبير محمد بشير عتيق
أيام صفانا .. عتيق المعتق
هو شاعر غنائي سوداني، كتب أغاني الحقيبة، طور أسلوبه الشعري الخاص الذي سمي (فويق الحقيبة)، ربط فيه بين أغاني الحقيبة وما تلاها، تغنى بأغانيه عدد من الفنانين السودانيين ابتداء من حقبة" الحقيبة" ووصولا إلى الفنانين المعاصرين، اسماه النقاد(شاعر المدن كلها) لتجواله بين مدن السودان وكتابته عن جمالها.
ولد محمد بشير عتيق في حي أبوروف بمدينة أمدرمان في العام 1909م، تنحدر اسرته من قبيلة الدواليب، والده الأستاذ "بشير" كان معلما للغة العربية والقرآن الكريم، بيته كان مزارا للشعراء والادباء، فنشأ عتيق مولعا بالشعر والشعراء شغفا بقراءة كل ما وجد من كتب ودواوين شعر في مكتبة والده، كان يحفظ حوالي 20 الف بيت شعر عربي.انتقلت الاسرة لظروف عمل الوالد من مدينة امدرمان لمدينة الدويم،حيث عمل مدرسا في مدرسة الدويم الإبتدائية، عتيق كان وقتها لم يتجاوز الخمسة سنوات، اعتاد الذهاب مع والده للمدرسة والجلوس في الفصل كمستمع قبل بلوغه سن دخول المدرسة، درس في مدرسة الدويم الإبتدائية ثم مدرسة الكوة. توفي والده في عشرينات القرن الماضي، ليعود محمد بشير مع والدته إلى مدينة امدرمان ، ثم التحق بالمدرسة الصناعية في عطبرة التابعة لمصلحة السكة حديد ليتخرج منها في العام 1930 .
انجب ستة ابناء- بنتين واربعة اولاد- عمل عتيق بمصلحة السكة حديد حتى تقاعده في العام 1963م، مما اتاح له فرصة الترحال بين مدن وارياف السودان فكان لترحالة اثر واضح على ما كتب من شعر غنائي. كان مرهفاً، رقيقاً، مسكونا بالصور وحب الجمال، أغنيته الأولى (يا أماني جار بي زماني)، التي تغنى بها مغني الحقيبة النعيم ابو عشر عام 1924.
كان محمد بشير معجبا بالشاعر ابو صلاح وتبنى اسلوبه في اغاني الحقيبة في مرحلة من مراحل حياته، كان يحب زيارته واستشارته فيما يكتب من اغاني، وربطته صداقات واسعة مع عدد كبير من الشعراء والفنانين. على الرغم من ان مدينة امدرمان كانت مركز اغاني الحقيبة الا ان عتيق لم يكتفي بالتجوال بين بيوت شعرائها بل تجول بين مدن السودان كسلا، بورتسودان، ود مدني والقضارف،وغيرها، فالتقط مشاهد وصور وتفاصيل اثرت ما كتب من اغاني ، اسماه النقاد "شاعر المدن كلها". طور عتيق أسلوبه الشعري الخاص والذي سمي (فويق الحقيبة) حيث اضاف إلى شعر الحقيبة لمسة حداثية، كان شعره الغنائي يمتاز بالطرافة والخفة احيانا وطرق به موضوعات جعلت بعضه وكأنه مسرح للكوميديا، من امثلة تلك الاغاني “عيان سيادتك" والتي تقول: (عيان سيادتك.. قاصد عيادتك ..ولازم إرادتك.. وصار مستجيرك.. وما ليهو غيرك.. وماذا يضيرك.. بي قلبو إلفة..ولي روحو تلفا..نص حبة سلفة.. ولو فيها كلفة..آلامو تشفى.. وحرارتو تطف”. وغيرها من الاغاني التي لاقت حظا من الانتشار.
وجدت اشعاره اقبالا من الفنانين، تغنى له عبد الكريم كرومة بأكثر من خمس وعشرين أغنية، منها: يا ناعس الأجفان، أذكري أيام صفانا، هل تدري يا نعسان، أرجوك يا نسيم روح ليهو، ما بنسى ليلة كنا تايهين في سمر، ما اتأملت حسنك يا رشيق القد، في رونق الصبح البديع وغيرها من الأغاني
له ديوان شعر بعنوان أمنيات في أغنيات.
قال عنه الشاعر التجاني حاج موسى: (عتيق من رموز الحركة الابداعية المعاصرة في السودان، ولعله كان الاخير من جيل شعراء الحقيبة، و ظل لعقود من الزمان يكتب رقيق الأغنيات منذ مطلع العشرينات حتى بداية التسعينات)
توفي محمد بشير عتيق بعد معاناة من المرض في مستشفى السلاح الطبي بالخرطوم،عام 1992 عن عمر يناهز الثالثة والثمانين.
الشاعر محمد بشير عتيق عبقري المفردة الجميلة
أفراح تاج الختم
الشاعر المخضرم صاحب المفردات الآسرة والأسلوب الشعري السهل الممتنع الشاعر الرومانسي المرهف الممسك بتلابيب المفردة تأسرك كلماته الجميلة تغنى التي تغنى بها الفنانون جيلا بعد جيل، وتعامل مع عدد كبير من فناني الحقيبة على رأسهم كروان السودان كرومة في عدد من الأعمال الخالدة منها: أيام صفانا، ونعاس الأجفان، ومن أول نظرة وكذلك مع خضر بشير الأوصفوك وغيرها، ومع عبد الحميد يوسف ورمضان حسن وترباس. وعتيق مدرسة متفردة يتميز بالمواكبة وله لونية أقرب للموشحات، وقد مثل عتيق في السودان في ليبيا وحينها قال أحدهم إذا كان هذا هو شعركم الشعبي فلا فرق بينه وبين الشعر الفصيح، وأن دولة الشعر قد انتقلت إلى السودان.
سيرته الذاتية
ربما – لو كان (محمد) بيننا الآن، لأعيته الإجابة عن السؤال؟ إذ غادر شاطئ أبو روف برفقة أبيه إلى الدويم، التي نقل إليها وهو في الخامسة من عمره وهي سن لم تكن تسمح حينها بالالتحاق بالمدرسة، لكنه كان يذهب إليها بصحبة أبيه مستمعاً، فعاصر محمد أحمد محجوب وأحمد بشير العبادي.
الليلة في الكوة
لم يمكث الصبي كثيراً في الدويم، فهذا قدر أبناء الموظفين، ما إن يستقرون قليلاً حتى يرحلون مجدداً إلى منطقة أخرى.
ها هو الصبي الوسيم دقيق الملامح رقيقها، الآن في (الكوة)، وكأن الأقدار قيضت له أن ينتقل بين النيلين (الأزرق والأبيض)، ليُلهمانه – لاحقاً- القوافي المُترعات والأغنيات الباذخة.
الكوة كذلك كان مُستقراً (إلى حين)، عاماً واحداً فقط انفقه الصبي (محمد بشير عتيق) لكنه كان بحجم عقد من (الزمن الجميل)، حيث وضعته أقداره الرائعة زميلاً للتجاني الماحي والنصري حمزة، كما جعلت بيتهم قِبلة الشعراء والأدباء، أليس والده مدرساً للعربية وآدابها، أليس له مكتبة قل نظيرها في ذلك الزمان؟ أليس هو الابن الوحيد لوالده، لذلك كان عليه أن يخدم خُدّام الأدب والثقافة الذين في حضرة أبيه؟ أليس كل هذا وذاك يجعل الإنسان مُبدعاً؟
قلق دائم
في عشرينيات القرن المنصرم عاد الشاب محمد بشير عتيق إلى شاطئ أبي روف بصحبة والدته بعد رحيل أبيه، لكن قلقه الدائم وتوقه للسفر أخذه إلى مدينة الحديد والنار، فغادر إلى أتبرا ملتحقاً بمدرسة الصناعات، وتخرج فيها (برّاداً)، الأمر الذي أوجد له وظيفة في ذات المهنة بمصلحة السكة حديد، وظل رهين وظيفته تلك إلى أن تقاعد في العام 1963م.
ورغم بأس الحديد وصرامة من يشتغلون عليه، إلاّ أن (عتيق) كان مرهفاً، رقيقاً، حد أنه كان يحفظ عشرين ألف بيت شعر، قبل أن يبتدر نظمه بقصيدة ذائعة، فكانت أغنيته الأولى (يا أماني جار بي زماني) التي تغني بها مطرب من أبي عشر يُدعى (النعيم).
شاعر كل المدن
ربما جار زمان عتيق عليه، لكنه جاد عليه بالشعر أيضاً، ولأن مدينته أم درمان، كانت موئلاً للقريض، وموطناً لـ (الحقيبة)، تعرف بين ظهرانيها على ما لا يحصى من الشعراء والفنانين، فكان يعرض ما يكتب على الشاعر عمر البنا ويزور أبي صلاح في منزله طلباً لاستشارته، لكن عتيق لم يكتف بالمكوث في مسقط رأسه ولا التجوال بين منازل شعرائها ومبدعيها، بل تنقل بين مدن وأرياف كثيرة فزار كسلا، بورتسودان، مدني والقضارف، وقد عبر عن تلك المدن في الكثير من قصائده، فأصبح شاعر المدن كلها.
ما فيها كُلفة
واتسم عتيق بأسلوب شعري (فويق الحقيبة) قريب من الحداثة، وطرق به موضوعات جعلت بعضه وكأنه مسرح للكومديديا، “عيان سيادتك/ قاصد عيادتك/ ولازم إرادتك/ وصار مستجيرك/ وما ليهو غيرك/ وماذا يضيرك/ بي قلبو إلفة/ ولي روحو تلفا/ نص حبة سلفة/ ولو فيها كلفة/ آلامو تشفى/ وحرارتو تطف”.
أغنيات مترفة
فغنى له كرومة أكثر من خمس وعشرين أغنية، أشهرها: يا ناعس الأجفان، أذكري أيام صفانا، هل تدري يا نعسان، أرجوك يا نسيم روح ليهو، ما بنسى ليلة كنا تايهين في سمر، ما اتأملت حسنك يا رشيق القد، في رونق الصبح البديع. وتغنى له عثمان حسين، أولاد شمبات وأولاد الموردة، عبد الحميد يوسف، رمضان حسن خضر وحتى كمال ترباس.
هبة الشعر
لا يتسع (سفر) – مهما عظم – لكتابة سيرة الشاعر الفذ، وما نحاول أن نفعله هو (حفل صغير)، نُضيئ فيه جانباً من حياة رجل وهب نفسه للأغنيات العظيمة التي ظل يرويها من قلبه ودمه إلى أن رحل عنا وهو قد تجاوز الثمانين من عمره .