📚من عبق السيرة النبوية📚
134 subscribers
76 photos
3 videos
3 files
490 links
دراسة لسيرة رسول الـلّـهﷺ وأصحابه
وآل بـيـتـه رضـوان الـلـه عـلـيـهـم أجـمـعـيـن.

رابط القناة: @AlshblAlHidri2
_ _ _ _ _ _ _ _ _
بداية إنشاء القناة :

الثلاثاء_١٠_محرم_١٤٤١هـ

الموافق:📌 9-9-2019 | 06:30Am
Download Telegram
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٤٥ أنا النبيُّ لا كَذِب! كانت غزوة حُنين علامةً فارقةً بين غزوات النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فالمسيرُ قصير، والعدوُّ قليل عدداً وعِتاداً، فبدتْ يومذاك النتيجة مضمونة، والخصم لُقمة سائغة، والنصر مجرَّد وقت! كلُّ الأسباب مُهيَّأة…
على منهاج النُّبُوَّة ٤٦
لو رأيتني وأنا أستمعُ لقراءتك!

كانتْ ليلة ظلماء، لا قمر في كبد السماء يُبدِّد شيئاً من عتمتها، ولم تكُن المُدن قد عرفتْ الإنارة بعد، ولكن قمراً من لحم ودم كان يَسيرُ في طُرقات المدينة، فسمعَ أبا موسى الأشعري يقرأ القرآن في داره، فأُعجبَ بصوته، فوقف يسمع تلاوته. فلما انتهى أبو موسى من التلاوة أكملَ طريقَه…
وفي الصباح لَقِيَه، فقال له: يا أبا موسى لو رأيتني وأنا أستمعُ لقراءتك البارحة، لقد أُوتيتَ مزماراً من مزامير آل داود!
فقال له أبو موسى: يا رسول الله، لو علمتُ بمكانك لحبَّرته لك تحبيراً!

وقفَ يسمعُ القرآن وهو الذي تلقَّاه من جبريل مباشرة، فَحُفِرَ في قلبه كنقشٍ لا يُمحى ولا يزول، ثم في الصباح يُثني على أبي موسى، يُخبره عن عذوبة صوته، وعن أنه أوتيَ مزماراً من مزامير آل داود، داود عليه السلام تحديداً، ذاكَ الذي كان إذا سبَّح سبَّحتْ معه الجبال والطيور بأمر خالقها "يا جبال أوِّبي معه والطير"!

الثناء على قدرات الآخرين من أدب الأنبياء، أما رأيتَ موسى عليه السلام من قبل قد قال: "وأخي هارون هو أفصحُ مني لساناً"!
ونكران مزايا الآخرين، واعتبار الإنسان نفسه فلتة عصره، ووحيد زمانه هو خُلق إبليس، أما رأيتَ أنه قد قال من قبل "أنا خيرٌ منه"!
إذا استمعتَ إلى مُحاضرةٍ وأعجبتكَ وأثَّرتْ فيك فمن النُبل لو أثنيتَ على المُحاضر، فالناس مهما بلغوا من التفوق والنجاح يُسعدهم أن يسمعوا كلام الثناء!
إذا رأيتَ موظفاً عندك قد عملَ عملاً ناجحاً فأثنِ عليه، من العيبِ أن لا نرى إلا الأخطاء، فنكون كالذباب الذي لا يقعُ إلا على قذارة، وما أجمل أن نكون كالنحل لا يقفُ إلا على الزَّهر!
إذا دُعيتَ إلى مأدُبة، ورأيتَ كل شيءٍ مُرتباً، ووجدتَ الطعام شهياً، فاشكُرْ صاحب البيت على حُسن ضيافته، وأخبره أن يشكر زوجته نيابةً عنكَ، فهي الجندي المجهول الذي لم تره ولكنك رأيتَ حُسن صنيعه!
وأنبل من هذا كله أن تُثني على الذين يملكون مهارة من جنس مهارتك ونبوغك، فلو كنتَ كاتباً وقرأتَ كتاباً لغيرك أثنِ عليه!
وإذا كنتَ موظفاً ناجحاً، ورأيتَ زميلاً لك قد أبدع في فكرةٍ أثنِ عليه، وشجِّعه، إن الأمم إنما تنهضُ بالتلاحم لا بالتناحر، ودع عنكَ أخلاق الضرائر التي تُريد كل واحدة منهنَّ أن تحظى بقلب زوجها، كُن شريكاً وداعماً ولا تكن ضُرَّة!

إذا زرتِ جارةً لكِ وأعجبكِ ترتيبُ بيتها فامدحي في ترتيبها، وإذا أهدتْ إليكِ جارةٌ طبقاً من طعام ووجدتِه لذيذاً فأخبريها أنها طاهية ماهرة، جميعنا نحتاج أن نسمع كلام الثناء على الأشياء الجيدة التي نفعلها!
وقمة النُبل أن نُثني على مزايا الأخرين في غيابهم، لماذا علينا دوماً أن ننتف ريش الغائبين، ونتحدث عن سلبياتهم، للناس مزايا أيضاً فلنتحدَّثْ عنها، وعندما تحدَّثَ موسى عليه السلام عن مزايا أخيه إنما تحدَّثَ بها مع الله وهو أعلم بهارون عليه السلام من موسى، فكيف بكَ إذ تتحدَّث عن صفات جميلة لشخص عند شخص لا يعرفه!

أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٤٦ لو رأيتني وأنا أستمعُ لقراءتك! كانتْ ليلة ظلماء، لا قمر في كبد السماء يُبدِّد شيئاً من عتمتها، ولم تكُن المُدن قد عرفتْ الإنارة بعد، ولكن قمراً من لحم ودم كان يَسيرُ في طُرقات المدينة، فسمعَ أبا موسى الأشعري يقرأ القرآن في داره،…
على منهاج النُّبُوَّة ٤٧
إنكَ امرؤٌ فيكَ جاهلية!

اختلفَ بلال بن أبي رباح وأبو ذرٍّ حول أمرٍ من أمور الدنيا، فغضب أبو ذرٍّ من بلال، وقال له: يا ابنَ السوداء! فجاء بلال إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأخبره بما حدث بينه وبين صاحبه، فاستدعى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أبا ذرٍّ على جناح السُّرعة، وقال له: يا أبا ذر أعيَّرْتَه بأمه؟! إنكَ امرؤٌ فيكَ جاهلية!

والمعنى أن تعيير الناس بأحسابهم وأنسابهم من أخلاق الجاهلية التي كانتْ مُتفشِّية في العرب، وبهذا المعنى تُقسم الجاهلية إلى قسمين:
قسم زماني انتهى بمجيء الإسلام
قسم سلوكي باقٍ في الناس حتى يرِث الله الأرض ومن عليها! والإنسان يكون على قرب من
الجاهليين بمقدار ما فيه من أخلاقهم!

السبب في أنَّ الناس أبيض وأسود وأحمر وأسمر
وأصفر هو أصل الخلقة في أبينا آدم عليه السلام، فالله تعالى قد خلقه من قبضة تراب قبضها من شتى أنحاء الأرض، فجاء أبناؤه كَلَوْنِ تراب الأرض، مختلفٌ ألوانها، والذي يعتقد أنه أرقى من الآخرين لمجرد أن لون بشرته مختلف هو إنسان متخلِّفٌ من ناحية علمية، وفيه جاهلية من ناحية دينية!

الذي يعملُ في مهنةٍ شريفة ليس بالضرورة شريفاً، والذي يعملُ في مهنة وضيعة ليس بالضرورة وضيعاً، بعض الأطباء لا يستحقون أن يكونوا بشراً أساساً، وبعضهم كأنهم ملائكة في صورة بشرية! وبعض أصحاب المهن كذابون غشاشون، وبعضهم عنده من الأخلاق والأمانة والصدق والوفاء أكثر مما عند أهل الطبقات المُخملية، وتصنيف الناس بحسب مِهنهم ورواتبهم عقلية جاهلية!

حُبُّ الوطن شيء، والدفاع عن الأخطاء التي ترتكبها حكومة الوطن شيء آخر، الأول فطرة وإيمان، وقد كانتْ مكة أحب بقاع الأرض إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال يوم غادرها والحزن يعتصره: واللهِ إنكِ لأحب البلاد إليَّ ولولا أنَّ قومكِ أخرجوني ما خرجتُ! أما الثانية فجاهلية عمياء، ودفاع عن الباطل، وقد قال الشاعر قُريط بن أُنيف يصفُ حالة التحزُّب الأعمى للقبيلة:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهاناً!

نعم نحبُّ أهالينا، ونُساعدهم وننصرهم، ولكن عندما يكونون على حق، ولكن التحزُّب للقريب والصديق وهو ظالم، فهذا من أخلاق الجاهلية، وإن الإسلام جاء ليُعلِّمنا أن الحقَّ هو الذي يُنصر بغض النظر عن صاحبه، والباطل هو الذي يُعادى بغض النظر عن صاحبه، وقد أبدَلَنا الله خيراً من الجاهلية، هذا الدين الحنيف السمح، والعيب أن نُسلم ونتخلَّق بأخلاق الجاهلية!

أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٤٧ إنكَ امرؤٌ فيكَ جاهلية! اختلفَ بلال بن أبي رباح وأبو ذرٍّ حول أمرٍ من أمور الدنيا، فغضب أبو ذرٍّ من بلال، وقال له: يا ابنَ السوداء! فجاء بلال إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأخبره بما حدث بينه وبين صاحبه، فاستدعى النبيُّ صلَّى…
على منهاج النُّبُوَّة ٤٨
حتى تلقوني على الحوض!

ولَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلاً على بعض أمور المُسلمين، فقامَ رجلٌ من الأنصار فقال: يا رسول الله، ألا تستعملني كما استعملتَ فُلاناً.
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنكم ستلقون بعدي أثرةً، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض!

ومن لطيف ما قرأتُ، سارَ بشرُ الحافي في طريقٍ ومعه رجلٌ، فعطِشَ هذا الرجل، فقال لبشرٍ: دعنا نشربُ من هذا البئر!
فقال له بشر: اِصبرْ حتى نصل إلى البئر الأخرى، فلما وصلا إليها، قال له مجدداً: اِصبرْ إلى البئر الأخرى، فما زال يُعلِّله ويُصبِّره حتى وصلا إلى حيث يُريدان، فقال له بشر: هكذا تنقطع الدنيا، بالصبر!

أما بيت القصيد فهو: اصبروا حتى تلقوني على الحوض!
ولعلَّ هذا أبلغ ما قيل في التَّثبيت في تاريخ البشرية، وما أحلاه من تصبير، وما أغلاه من تثبيت، فضعْها دوماً نُصب عينيك، تأمَّلْها كلما لاحتْ لك معصية، وتذكَّرْ أن الدنيا إنما تنقطع بالصبر، والأيام كلها ستنجلي بحلوها ومرها، ولا يبقى فيها إلا أجر الطاعة أو إثم المعصية!

إذا ضاقتِ الحال الاقتصادية بك، وارتشى الناس من حولك، فاقبضْ أنتَ على جمرِ دينك، وتخيَّل النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لكَ: اصبرْ حتى تلقاني على الحوض!
إذا نزلَ بكَ مرضٌ عُضالٌ، تذكَّرْ أن أنَّاتِ المريض مع الرضى بقدرِ الله تعدل تسبيح الذاكرين، وأنها مُجرد أيام ستمضي، وتخيَّل النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لك: اصبرْ حتى تلقاني على الحوض!

إذا خُلِعَ الحجابُ من حولكِ، وكثُرَ التبرجُ طمعاً في العريس تارةً، وإظهار الجمال تارةً أخرى، فلا تفقدي إيمانك، العريسُ رزقٌ، وكل إنسان سيأخذُ رزقه رغماً عن هذا العالم، فتمسَّكي بحجابك، وتزيَّني بعفتكِ، وتخيَّلي النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لكِ: اصبري حتى تلقيني على الحوض!
إذا ظلمكم الأقربون، وهجركم المُحبون، وقيل فيكم ما ليس فيكم، فتذكَّروا أن الناس قد قالوا عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: كذاب، وساحر، ومجنون!
فأين نحن منه كي نسلمَ من الناس، عزوا أنفسكم أنكم المظلومين لا الظالمين، والمُفترى عليهم لا المُفترين، وكلَّما ضاقتْ، تخيَّلوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لكم: اصبروا حتى تلقوني على الحوض!

أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٤٨ حتى تلقوني على الحوض! ولَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلاً على بعض أمور المُسلمين، فقامَ رجلٌ من الأنصار فقال: يا رسول الله، ألا تستعملني كما استعملتَ فُلاناً. فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنكم ستلقون بعدي أثرةً،…
على منهاج النُّبُوَّة ٤٩
جمرة من نار!

رأى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم خاتماً من ذهبٍ في يدِ رجُلٍ من الأنصار، فنزعَه من يده، ثم طرحه أرضاً وقال: "يعمدُ أحدكم إلى جمرةٍ من نارٍ فيجعلها في يده"!
فقِيل للرجلِ بعد أن مضى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: خُذْ خاتمكَ انتَفِعْ به!
فقال: لا واللهِ لا آخذه أبداً وقد طرحه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم!

درسٌ عظيمٌ من دروسِ الدعوةِ إلى الله تعالى، يُقابله درسٌ عظيمٌ في الاتِّباع!
قارِنوا بين موقف النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع الأعرابي الذي جاء من الباديةِ وبَالَ في المسجد، فنهرَه الصحابة، فأمرَهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يترفَّقوا به، ولا يرفعوا أصواتهم في وجهه، وبين موقفه من الأنصاري الذي اتَّخذ خاتماً من ذهب!

إنَّ الفارق بين التصرُّفين ليس بسبب التفاوتِ بين الفعلين، ولا يُستنتج من الموقفين أنَّ التبوُّلَ في المسجد أمرٌ يسير، وأنَّ خاتمَ الذهب للرجال كبيرةٌ من الكبائر، وإن كان مُحرَّماً بلا خلاف! وإنما الفارق بسبب الشخص الذي ارتكبَ المُخالفة، فالأول أعرابيٌّ جاهلٌ، جاء من البادية لا يعلم من هذا الدين شيئاً، وتصرَّفَ بسبب عادته ومألوفه، أما الثاني فمن أهلِ المدينة، ومن الصحابة، وقد عَلِمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن الرِّفق بالأعرابي لحداثةِ إسلامِهِ أصلحُ لحالِه، وأن الحزم َمع الأنصاري لنيله شرف الصحبة، ومُعايشةِ أهل الإيمان أصلحُ لحالِه!

صحيح أن الرفقَ مطلوب مع الجميع، وقد كان عليه السَّلام رفيقاً بأصحابه، ولكنها حادثة مُفردة، أراد فيها أن يُعلِّمنا أن العتب على قدر المحبة، واللوم على قدر الإيمان والسَّابقة، وأن الناس لا يُعالجون بدواء واحد!

هذا درس الدعوة، أما درس الاتِّباع فهو امتناع الأنصاري عن أخذِ الخاتم وبيعه بعد أن طرحه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من يده، مع أن الحُرمة في لبس الخاتم وليس في بيعه، ولكنه كره لعظيم إيمانه أن يلتقطَ خاتمه وقد رماه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

يا لحُلو الاتباع، وجمال الانصياع والتسليم لأمر النُّبُوَّة!
لقد كرهَ أن يأخذَ خاتماً ألقاه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع أن أخذه حلال كما تقدَّم، فهل كرهنا نحن ما ألقاه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أخلاق وتصرفات وهي حرام!
لقد طرحَ الرِّبا أرضاً وهو حرام فهل تركناه، وقلنا سمعاً وطاعة فإن الحلال يُشبع وإن قلَّ، وإن الحرام لا يكفي وإن كثُر!
لقد طرحَ قطعَ الرَّحم، فهل وصلْنَا أرحامنا، وتغاضينا مرةً وتجاهلنا مرةً كي يستمر الود، لأن هذا خُلق الأنبياء وقد "أسرَّها يوسف في نفسه ولم يُبدها لهم"!
لقد طرحَ عقوق الآباء والأمهات، فهل بَرَرْناهم، وتذكَّرنا أن الوالد أوسط أبواب الجنة، وأن أحق الناس بحُسن الصحبة الأم، وقد قِيل للحسن البصري: أيختصم المرءُ مع أبويه؟ فقال: ولا مع أحذيتهما!
لقد طرحَ الإساءة إلى الجار، فهل كُنَّا خير جيرانٍ لجيراننا وتذكَّرنا أنَّ جبريل عليه السلام ما زال يُوصي النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالجار حتى ظنَّ أنه سيُورِّثه!
ما سُمِيَ الإسلام إسلاماً إلا لأنه مشتقٌّ من الاستسلام لأمر الله وأمر رسوله، فهل قُلنا سمعنا وأطعنا؟!

أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٤٩ جمرة من نار! رأى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم خاتماً من ذهبٍ في يدِ رجُلٍ من الأنصار، فنزعَه من يده، ثم طرحه أرضاً وقال: "يعمدُ أحدكم إلى جمرةٍ من نارٍ فيجعلها في يده"! فقِيل للرجلِ بعد أن مضى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: خُذْ…
على منهاج النُّبُوَّة ٥٠
وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ!

جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله، أيُّ الصَّدقة أعظمُ أجراً؟
فقال له: أن تتصدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ، تخشى الفقرَ وتأملُ الغنى، ولا تُمْهِلْ حتى إذا بلغت الحُلقوم، قُلتَ: لفُلانٍ كذا، ولفُلانٍ كذا، وقد كان لفُلان!

اِشبعوا من العباداتِ وأنتم في كاملِ الصحةِ والعافيةِ قبل أن يُحالَ بينكم وبينها!
تلذَّذوا بالسجود وأنتم أقوياء، ضعوا جِباهكم الشابة على الأرضِ له، قبل أن يجلسَ أحدُكم على كرسيٍّ ولا يستطيع من السجود أكثر من أن يحني رأسه إلى الأمام قليلاً! صحيح أن السُّجودين يقبلهما الله، ولعلَّ ساجداً على كُرسيه، قد سجدَ قلبه وكل عضو فيه، ولكنَّ العبادة في حال القوة أحب إلى الله، فالمرض يكسرُ الإنسان، ويُقرِّبه إلى الله بالفطرة، أما القوي الذي يختار أن يسجد فكأنه جاء يقول لربه: سجدَ لكَ هذا الرأسُ على ما فيه من مشاغل، وخشعَ لك هذا القلبُ على ما فيه من أهواء!

تلذَّذوا بالحج وأنتم أقوياء، طُوفوا على أقدامكم، واسعوا بين الصفا والمروة، واَسرِعوا الخُطى حيث أسرعتْ أمنا هاجر خُطاها، وارجموا بأيديكم، قبل أن يجلسَ أحدكم على كرسي مُدولب يُطاف به حول الكعبة، ويُسعى به بين الصفا والمروة، ويُوكِّل فلاناً وفلاناً ليرجُم مكانه! صحيحٌ أن اللهَ يقبلُ العبادةَ من العبد على حسب قُدرته، وربما طائفٌ على كرسي وكل أعضائه تطوف حُباً وخِشيةً، ولكن لذة العبادة عن قوة، وأن يُؤدِّيها المرءُ بنفسه لا يعدِلُها شيء!

اِشبعوا من الصِّيام وأنتم أقوياء، قبل أن يُباغتَكُم العُمْر والضغط والسكري وقرحة المعدة فتدفعون الكفَّارات وتتمنَّون أن يرجعَ بكم العُمر لتصوموا حتى النوافل! صحيحٌ أن الله يقبل من المُسلم الكفارة رحمة منه، ولكن أن يُحال بين العبد والطاعة دون أن يشبعَ منها في شبابه وقوته شعورٌ مُوجعٌ جداً، مُخطئٌ من يعتقد أن المُسنَّ الثريَّ ارتاح واستراح والكفارة لا تُكلِّفه شيئاً، واللهِ إن في قلوب المُسلمين المرضى الذين حُرموا الصوم حرقة!

تلذَّذوا بالصَّدقة وأنتم أقوياء، ألف راتب لو شئت أن تُنفقه لما كفاك، مُتطلبات الحياة كثيرة، وكمالياتها أكثر، وكل شيء يذهب وتبقى الصَّدقة، عوِّد نفسك أن تقتطعَ من راتبك ولو شيئاً يسيراً، وسمِّه مال الصدقة كما تقتطع من راتبك وتُسميه مال الكهرباء، ومال فاتورة الهاتف، ومال البقالة! لا تكن جامع مالٍ، يأخُذه الورثة بعدكَ وتُحاسب عليه وحدكَ! لا تنتظر لحظة العجز والنوم على فراش آخر العمر، حيث لم يعد المال يلزمك كثيراً ثم تقول اعطوا فُلاناً وفُلاناً، صحيحٌ أن الله يقبل الصَّدقة على أيِّ حال ولكن شتَّان بين من يتصدَّق رغم أنه يحتاج هذا المال لشيءٍ من الكماليات وبين من وصل إلى آخر العمر ثم استفاقَ على نفسه!

أدهم شرقاوي
قال الحبيب احمد بن حسن العطاس رضي الله عنه :

اهل البيت سجيتهم وطبيعتهم التخلق بالاخلاق الحسنه والاعمال الصالحه وإن خرج أحد منهم عن ذالك *فبسبب المجالسه والمجانسه لغيرهم*
وإذا رجعوا إلى مواطنهم ظهرت فيهم خصوصياتهم

أهل الوداد ❤️
يقول الشيخ ابن العربي :

فلا تعدل بأهل البــيت خلقا
فأهل البيت هم أهل السيادة
فبغضــــهم من الإنسان خسر
حقيـــقي وحبــــهم عـــــبادة

أهل الوداد ❤️
*تحبي ان تكوني قريبه من الزهراء*🌺

اشربي من منهجها
من حبها
من زهدها
من برها
من تربيتها لابناءها

خذي نصيب تشربي تشربي من حياة فاطمه الزهراء
حتى تشربي من يدها يوم القيامه
لان من تشرب من يد فاطمه
هي تشرب من يد سيدنا محمد ﷺ

*الحبيب محمد السقاف*
Forwarded from ملتقى أشبال الشافعية (الشبل الحيدري)
قال إمام أهل السنة والجماعة في عصره الإمام سعد الدين الفتازاني - رحمه الله - :
من الجهلة من يجعل كلَّ أمر لم يكن في زمن الصحابة بدعةً مذمومة ؛
وإن لم يقم دليلٌ علىٰ قبحه ، تمسكا بقوله ﷺ : " إياكم ومُحْدَثاتِ الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" .
ولا يَعلمون أن المراد بذلك هو أن يُجعلَ في الدين ما ليس منه .
أي ما خالف الدين ولم يگن له أصلا في الدين.

قلت : لأن لفظ (گل) من الألفاظ التي تدل على العموم ولكن يُراد بها الخصوص.

قال الإمام الحافظ النووي الشافعي أن (كل) هنا في الحديث عام يُراد بها الخصوص.

منقول
‏من عمر بن الخطاب
‏إلى عمرو بن العاص :

‏بلغني أنك تجلس في مجلس الحكم متكئاً
‏فاجلس متواضعا بين الناس وإلّا عزلتك
‏.

‏ ⁧ #⁩
.
‏"بسم الله الرحمن الرحيم
‏من محمد عبد الله ورسوله
‏إلى هرقل عظيم الروم
‏:
‏سلام على من اتبع الهدى: أما بعد
‏فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت عليك إثم الأريسيِّين
‏"قُلْ يَا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بَيْنَنَا وبينكم"

‏⁩
وائل بن حجر الحضرمي، سليل ملوك اليمن،
قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم معلنًا إسلامه،
وكان صلى الله عليه وسلم قد قال لأصحابه قبل وصول وائل:
«يأتيكم بقية أبناء الملوك»!

فلما أتى وائل رحّب به النبي صلى الله عليه وسلم وأدناه،
ثم أعطاه أرضًا نظير ما ترك خلفه من المُلك والزعامة، وأرسل معه معاوية ابن أبي سفيان ليدله على الأرض،
وكان معاوية وقتها من شدة فقره لا ينتعل حذاءً !
فقال معاوية لوائل :
أردفني على الناقة خلفك !!

فقال وائل :
ليس شحًا بالناقة ولكنك لست رديف الملوك !!

فقال معاوية :
إذن أعطني نعلك !

فقال له وائل :
ليس شحًا بالنعل، ولكنك لستَ ممن ينتعل أحذية الملوك !
ولكن امشِ في ظل الناقة !!

ثم أخذ الزمن يدور، وآلت الخلافة إلى معاوية،
وجاء وائل إلى الشام وقد جاوز الثمانين، ودخل على معاوية، وكان جالسًا على كرسي الملك، فنزل وأجلس وائلًا مكانه،
ثم ذكّره بالذي كان بينهما فيما مضى، وأمر له بمالٍ،
فقال وائل : أعطه من هو أحق به مني،
ولكني وددتُ بعد ما رأيت من حلمك لو رجع بنا الزمان لأحملك يومها بين يديّ !

لا غنى يدوم ولا فقر يبقى
اقتصد في علاقاتك وتعاملاتك فالدنيا تدور لتقف بك يوما عند نفس الحدث
وكن محسنا وحليما حتى مع من اساءوا اليك.

المصادر:

#البداية والنهاية
#التاريخ الكبير للبخاري
#البدر المنير
#صحيح ابن حبان
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٥٠ وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ! جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله، أيُّ الصَّدقة أعظمُ أجراً؟ فقال له: أن تتصدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ، تخشى الفقرَ وتأملُ الغنى، ولا تُمْهِلْ حتى إذا بلغت الحُلقوم، قُلتَ: لفُلانٍ كذا،…
على منهاج النُّبُوَّة ٥١
فقالوا: مُراءٍ!

لمَّا نزلتْ آية الصَّدقة، اجتهدَ الصحابةُ في الإنفاق، فجاءَ رجلٌ فتصدَّقَ بشيءٍ كثير.
فقال بعض الناس: هذا مُراءٍ!
وجاءَ رجلٌ آخر فتصدَّقَ بصاعٍ.
فقال بعض الناس: إنَّ الله غنيٌّ عن صاعِ هذا!
فنزلَ قولُ اللهِ تعالى: "الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخرَ الله منهم ولهم عذابٌ أليم"!

يبدو أنَّ بعض الأشياء لا تتغيَّر على ظهرِ هذا الكوكب، في كلِّ مجتمعٍ سنجدُ فئةً لا عمل لها إلا التَّنظير الفارغ، والدُّخول في نوايا الناس، عيَّنوا أنفسهم قُضاةً على خلق الله، وجلسوا يُصدرون الأحكام، ويُوزِّعون الناس على الجَنة والنار، وهؤلاء لو أردتَ أن تنتقدَهم فإنك تحتار من أين تبدأ!

الشابُّ الذي يرتادُ المساجد عندهم مُعقَّد، والذي لا يذهب إلى المساجد مُنحلّ!
الفتاةُ التي تلتزمُ الحجاب الشرعي عندهم جاهلة بالموضة و"دافنة نفسها"، والفتاة التي لا تتحجَّب عندهم لا تعرف الله!
الذي يُقيم موائد الإفطار عندهم شخصٌ يُحبُّ الظهور، والذي لا يُقيمها بخيل!
الذي يقضي وقتاً طويلاً في بيتِه مع عائلتِه عندهم مُنطوٍ وغير اجتماعي، والذي يخرجُ كثيراً مُهملٌ لبيته!
التي تصنعُ الحلويات في منزلها عندهم بخيلة، والتي تشتري الحلويات من المحلات عندهم مُبذرة!
هكذا هم يبحثون في كل فضيلةٍ عن رذيلة هي في أنفسهم!
إذا استمعَ الشابُ لكلامِ أبويه قالوا ضعيف الشخصية!
إذا التزمتْ الفتاةُ بيتها قالوا "دقة قديمة"!
إذا عملَ أحدٌ بوظيفتين ليكفي نفسه ويستغني عن أمثالهم قالوا: أكلتْهُ الدنيا!
إذا بكى إمام في الصلاة قالوا: مُمثلٌ بارع!

أمثال هؤلاء على الإنسان أن يهربَ منهم ومن مجالسِهم كما يهربُ من الطاعونِ والجربِ والجُذامِ، لأن حالهم كحالِ جحا وابنه مع الناس!
ركبَ جحا وابنه حماراً لهما، فقالوا: يا للحمار المسكين يركبه اثنان!
أنزلَ جحا ابنه وبقيَ هو راكباً، فقالوا: يا للأب القاسي، يركبُ ويتركُ ابنه يمشي!
نزل جحا وأركبَ ابنه، فقالوا: يا للولد العاق يركبُ ويتركُ أباه يمشي!
فقررا أخيراً أن يمشيا ويجرا الحمار، فقالوا: مجنونان معهما حمار ويمشيان!

أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٥١ فقالوا: مُراءٍ! لمَّا نزلتْ آية الصَّدقة، اجتهدَ الصحابةُ في الإنفاق، فجاءَ رجلٌ فتصدَّقَ بشيءٍ كثير. فقال بعض الناس: هذا مُراءٍ! وجاءَ رجلٌ آخر فتصدَّقَ بصاعٍ. فقال بعض الناس: إنَّ الله غنيٌّ عن صاعِ هذا! فنزلَ قولُ اللهِ تعالى:…
على منهاج النُّبُوَّة ٥٢
فإنَّ لهم ذِمَّةً ورَحِماً!

لو رأيْتَهُ يوم حاصرَ الأحزابُ المدينةَ، وضاقتْ على المُسلمين هذه الأرض بما رحُبتْ، وصاروا بين فكَّيْ كماشة: أعداءُ الخارجِ الذين توحَّدوا ضدهم، وعدوُّ الداخلِ الذي ينقُضُ عهدَه في كل مرةٍ! كيف كان يُبشِّر أصحابه بفتحِ بلاد فارس والروم، لقُلْتَ أية ثقةٍ باللهِ يملكُها هذا النبي، ثم انهزمَ الأحزاب، ودارَ الزمان، وفُتِحَتْ بلاد فارس والروم، "وما ينطِقُ عن الهوى"!

وعن الفتوحِ التي لن يشهدَها، قال لأصحابه: "إنكم ستفتحون مصرَ، وهي أرضٌ يُسمَّى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسِنوا إلى أهلها، فإنَّ لهم ذِمَّةً ورَحِماً، وفي روايةٍ أخرى ذِمَّةً وصِهراً!

وأما الذِمَّةُ فهي الحُرمةُ والحقُ، وأما الرَّحِمُ الذي قصدَه فَلِكَوْنِ هاجر أُم إسماعيل عليه السَّلام من مِصر، وأما الصِّهر فَلِكَوْنِ زوجته مارية من هناك!

وٱنظُرْ لهذه العقيدة التي يُرسيها، إنه يجعل المؤمنين من عهدِ آدم عليه السلام حتى قيام السَّاعة عائلة واحدة! لأجل هاجر يُسمِّي بلداً كاملاً رحماً ويأمرُ بِصِلَتِهِ، ولأجل مارية يجعلُ ملايين الناس أَصْهُرة ويأمرُ بإكرامِهم! ولأجلِ عينٍ ألفُ عينٍ تكرمُ!

ثم يأتيك من يقول: الإسلامُ امتهنَ المرأةَ وسلبَها حقوقها! وهل على الأرض دين يُكرمُ بلداً كاملاً لأجل امرأة واحدة! ولكن صحَّ قولُ القائل: من لا يرى من الغِربال فهو أعمى!

فإن كان قد أوصى أن يُكرَمَ أهل بلدٍ لأجلِ أنَّ زوجته منه، فهل أكرمْنا نحن أهالي زوجاتنا فقط اقتداءً بسُنته، وعملاً بوفائه وحُسن أخلاقه!
الحماةُ أمٌّ ثانيةٌ، والحمى أبٌ ثانٍ، وإكرامُهما وبِرُّهما خُلُقٌ رفيع، والإحسانُ إليهما من حُسن العهدِ، وحُسنُ العهد من الإيمانِ كما قالَ سيدُنا!


أما عن الزوجة، فٱنظُرْ لقيمتِها من خلال هذه الحادثة:

حجَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقصرَ الصلاةَ في مِنى، ثم حجَّ أبو بكرٍ فقصرَ الصلاةَ أيضاً، ثم حجَّ عُمر فقصرَ الصلاةَ كذلك، ولما حجَّ عُثمان بالناسِ أتمَّ الصلاة، فلمَّا سُئِل عن ذلك قال: يا أيُّها الناس لما قدمتُ تأهلتُ بها، وإني سمعتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: "إذا تأهَّلَ الرجل ببلدةٍ فإنه يُصلي بها صلاة المقيم"!
وعلَّق الشنقيطي في أضواءِ البيان على هذا الحديث قائلاً: إذا تزوَّج المُسافرُ ببلدٍ، أو مرَّ على بلدٍ فيه زوجته أتمَّ صلاتَه، لأن الزوجة في حُكم الوطن!
وهذا مذهب مالكٍ، وأبي حنيفة، وأحمد، وبه قال ابن عباس!
هل يوجد دين على الأرض غير الإسلام الزوجةُ فيه وطن!

أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٥٢ فإنَّ لهم ذِمَّةً ورَحِماً! لو رأيْتَهُ يوم حاصرَ الأحزابُ المدينةَ، وضاقتْ على المُسلمين هذه الأرض بما رحُبتْ، وصاروا بين فكَّيْ كماشة: أعداءُ الخارجِ الذين توحَّدوا ضدهم، وعدوُّ الداخلِ الذي ينقُضُ عهدَه في كل مرةٍ! كيف كان يُبشِّر…
على منهاج النُّبُوَّة ٥٣
وإنما لكل امرئٍ ما نوى!

خطبَ رجلٌ من قريشٍ امرأةً من مكة يُقال لها أم قيس كانت قد أسلمتْ وهاجرتْ، فوافقتْ على الخطبة واشترطتْ عليه أن يُهاجرَ إلى المدينة، فهاجرَ إليها لا يُريدُ إلا أم قيس، فكان أهل المدينة يُلقبونه بمُهاجر أم قيس!

وهذه القصة هي سبب حديث النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الشهير: "إنَّما الأعمالُ بالنياتِ وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانتْ هجرتُهُ إلى اللهِ ورسولِهِ فهجرتُهُ إلى اللهِ ورسولِهِ، ومن كانتْ هجرتُهُ لدُنيا يُصيبُها أو امرأةٍ ينكِحُها فهجرتُهُ إلى ما هاجَرَ إليه"!

لتكون العبادة مقبولة عند الله فلا بُدَّ أن يتحققَ فيها شرطان، فإن غابَ أحدهما صارتْ عبادةً باطلة، وهما: إخلاصُ النيةِ لله تعالى ومُوافقةُ العبادةِ للشَّرع. بمعنى من صلَّى الظُهر خمس ركعات وهو في نيته ينوي أن يتقرَّبَ إلى الله لم تُقبلْ صلاته فرغم صلاح النية إلا أن الصلاةَ هذه بركعاتها الخمس مُخالِفةٌ للشريعة! ومن تصدَّقَ على إنسان يُريدُ أن يُرِيَ الناس أنه مُتصدق لم تُقبل صدقته، فهذا وإن وافق عمله ضوابط الشريعة إلا أن نيته ليستْ خالصة، وعليه قِسْ كل العبادات والأعمال!

وهنا بيت القصيد: لكل امرئٍ ما نوى!
حتى الملائكة لا تعلم النوايا، وحده الله سبحانه يرانا من الداخل، وحده يعلمُ الغايةَ من وراء الفعل، ونحن لم نُؤْمرْ بأكثر من أن نحكمَ على الناسِ بالظاهرِ ونتركَ السرائرَ لربِّ السرائرِ!
يذهبُ اثنان إلى المسجد للصلاة، أحدهما يُريدُ وجه الله، والآخر يُريدُ أن يراه الرَّجل الذي ينوي بعد أيام أن يخطبَ ابنته، ولكلِّ امرئٍ ما نوى!
يذهبُ اثنان إلى زيارة مريض، أحدهما يُريدُ وجه الله، لا مصلحة له ولا غاية، والآخر يُريدُ ثمن هذه الزيارة، واسطة إن كان مُتنفِّذاً، وصدقة إن كان غنياً، ولكلِّ امرئٍ ما نوى!

يعزمُ اثنان أقاربهما على مائدةِ طعام، أحدهما يُريدُ صلةَ الرَّحم، وتأليفَ القلوب، وجمعَ العائلة، والآخر يُريدُ أن يتفاخرَ ببيته وماله، اشتركا في الفعل واختلفا في النية، ولكل امرئٍ ما نوى!

ومن قبل هذا بآلاف السنوات، أرادتْ زُليخة يُوسف عليه السلام لنفسها، فاستعصمَ، ثم فرَّ يجري نحو الباب ليهربَ بعفته ودينه، وقامتْ هي تجري وراءه تُريدُ أن تُرجعَه إليها، لقد "استبقا الباب" كلٌّ يجري إليه، ولكن لكل واحد منهم نيته، أحدهما يهربُ من المعصية، والآخر يركضُ إليها، فتذكر دوماً، النوايا مناطُ الأعمالِ، ولكل امرئٍ ما نوى!

أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٥٣ وإنما لكل امرئٍ ما نوى! خطبَ رجلٌ من قريشٍ امرأةً من مكة يُقال لها أم قيس كانت قد أسلمتْ وهاجرتْ، فوافقتْ على الخطبة واشترطتْ عليه أن يُهاجرَ إلى المدينة، فهاجرَ إليها لا يُريدُ إلا أم قيس، فكان أهل المدينة يُلقبونه بمُهاجر أم قيس!…
على منهاج النُّبُوَّة ٥٤
اِرمِ فداكَ أبي وأمي!

كان سعد بن أبي وقاص من أرمى الصحابةِ بالقوسِ، ولمّا كان يوم غزوة أُحُد، رأى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلاً من المُشركين قد أثخنَ بالمُسلمين، وقتلَ منهم، فتناولَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم سهماً من كِنانته، وأعطاه لسعدٍ وقال له: اِرمِ فداكَ أبي وأمي!
فأخذ سعدٌ السَّهم، ووضعه في قوسه، ورمى به الرَّجُلَ المشركَ، فأصابه قُربَ قلبه فسقطَ ميتاً، فجعلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يضحكُ حتى بدتْ نواجذه!

يُعلمنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن نأخذَ بالأسباب، فيوم أُحُدٍ لبسَ درعين لا درعاً واحداً، رغم أنه أكثر أهل الأرض يقيناً أن هذه الدروع لن تحميه من الموت لو أنَّ الله سُبحانه قدَّر له أن يموتَ يومها، ولكنه كان يأخذ بالأسباب كأنها كل شيء، ويعتمدُ على الله كأن الأسباب لا شيء!

وٱنظُرْ إليه كيف يأخذُ سهماً من كنانته ويُعطيه سعداً، لم يجلسْ يومها في خيمته، بل كان في قلبِ المعركة، وهذه رسالةٌ عظيمةٌ لكل قائدٍ في مجاله، للمُديرِ في شركته أن اِنزلْ إلى الأرض، وتابعْ أمورك بنفسك عن قُرب!
للوزير أن لا تعرف عن الناس ما يصلك من تقاريرِ معاونيكَ فقط، شاهِدْ كيف تجري الأُمور بنفسك، التقِ مع الناس واسمعْ منهم!
للآباء أن ينزلوا من أبراجهم العاجية قليلاً، ساعِدْ زوجتك في المطبخ، حُلَّ لولدٍ فرضاً، اروِ لبنتٍ قصةً، علِّمْ طفلاً سورةً من القرآن، الأبُ ليس جامع َمالٍ فقط، وما يحتاجه الأولاد أكثر من مسكنٍ ورغيفٍ، ثمة فرق شاسع بين التربيةِ والإعالةِ!

درسٌ نبويٌّ آخر، لقد أعطى السَّهم لسعدٍ لِمَا يعرفه عنه من مهارةٍ في الرَّمي، حتى في خِضَمِّ المعركةِ كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يضعُ الرجل المناسب في المكان المناسب، السَّهمُ لأفضل رامٍ، وقيادةُ الجُند لحمزة أفضل من يعرفُ شؤون الحرب من الصَّحابة، هذه الأُمَّة لن تستعيدَ مجدَها حتى تضع الرجل المناسب في المكان المناسب!

التشجيعُ والتحفيزُ يُخرجُ أفضل ما في الناس، تماماً كما أن الانتقاد الفارغ واللوم الدائم يُصيبهم بالإحباط، ويقتلُ فيهم مهاراتِهم ومبادراتِهم للإبداع!
اِرمِ فداك أبي وأمي! كلمةٌ تقولها العربُ للتحبُّبِ والتشجيعِ والتقرُّبِ، ورغم أن الوقت وقت حرب، والمعركة على أشُدِّها، لم ينسَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يشجِّعَ أصحابه، فلِينُوا، وشجِّعوا، وحفِّزوا، يُعطيكم الآخرون أقصى قدراتهم!


أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٥٤ اِرمِ فداكَ أبي وأمي! كان سعد بن أبي وقاص من أرمى الصحابةِ بالقوسِ، ولمّا كان يوم غزوة أُحُد، رأى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلاً من المُشركين قد أثخنَ بالمُسلمين، وقتلَ منهم، فتناولَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم سهماً من…
على منهاج النُّبُوَّة ٥٥
فأين دِرْعُكَ؟

غالى النَّاسُ في المُهور في خلافة عُمر بن الخطاب، فأرادَ أن يضعَ حداً للأمر، فصَعِدَ المنبر، ثم خطبَ الناس، وأخبرهم أنه يُريدُ تحديد المُهور، فقامتْ الشفاء بنت عبد الله وقالتْ له: لا يحِلُّ لكَ يا أمير المؤمنين، فإن الله قال: "وإنْ أردتم استبدال زوجٍ مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً" فكيف تُريدُ أن تُحدِّدَه أنتَ؟!
فقال عُمر: أصابتْ امرأةٌ وأخطأ عُمر!

الشَّاهدُ في الحديث أنَّ المهر مهما كان مُرتفعاً فهو ليس حراماً، ولكن المُغالاة في المُهور بخلاف السُّنة النبوية الشريفة، وهذا الذي دفعَ عُمر إلى مُحاولة تحديده، لأنه يعلمُ بفطنتِهِ السياسيةِ، وحِنكتِهِ الاجتماعية، أثر المُغالاة في المُهور على زواجِ الشباب، وبالتالي العواقب الوخيمة على الأفراد والأُمَّة بسبب تأخُّر الشباب والبنات في الزواج!

عندما خطبَ عليٌّ بن أبي طالب فاطمة من النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ووافقَ عليه الصلاة والسَّلام على هذه الخطبة، قال لعلي: أعطِها شيئاً!
فقال علي: ما عندي من شيء!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فأينَ درعكَ؟
قال: هي عندي!
فقال له: فأعطِها إياه!

هذا هو مهر بنتُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلُّم، وسيدةُ نساء أهل الجنة، دِرع!

وما يفعله الناسُ اليوم من المُغالاة في المُهور، وتكليفِ الخاطب فوق ما يُِطيقُ ليس من سُنة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في شيء، ويعتقِدُ الأهلُ خطأً أن رفع المهر هو رفعٌ من قيمة البنت، وهو في الحقيقة فوقَ أنه بخلاف هدي النُّبُوَّة، فهو تسليع للبنات ونوع من التجارة بهنَّ!

وعندما زفَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فاطمة إلى علي، بعثَ معها ثوباً، ووسادةً من جلد محشوة بالليف، ورحى لتطحن حبوبها، وقربةً لتستقي بها الماء، وجرَّتين واحدة للماء وواحدة للخل!

وٱنظُرْ لفعلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في زواجِ ابنته، فهو لم يُيَسِّرْ المهر على عليٍّ فحسب حين الخطبة، وإنما شاركَ في جِهازها لما يعلمُ من فقر صِهره!
لهذا فإنَّ مساهمة الأهل في جهاز ابنتهم اتِّباعٌ للسُّنة المُطهرة، وإرساءٌ لمبدأ التكافل والتراحم بين الناس، وهو من المعروف الذي يُثمر عند الصهر إذا كان أصيلاً، وكم من الأزواج صبروا على زوجاتهم كُرمى لعين أهاليهنَّ لما رأوا فيهم من حُسن الخُلق وتيسير أمر الزواج، فالخاطب هو في أغلب الأحوال شابٌّ في مُقتبل العمر، حديثُ عهدٍ بوظيفة، ويله مساعدة أهلهِ، وويله تأمين أمور زواجه، فإن كان الأهلُ في حالةٍ ميسورةٍ فالسُّنة المُساهمة، وإن لم يُساهموا فعلى الأقل أن لا يتطلَّبوا!

أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٥٥ فأين دِرْعُكَ؟ غالى النَّاسُ في المُهور في خلافة عُمر بن الخطاب، فأرادَ أن يضعَ حداً للأمر، فصَعِدَ المنبر، ثم خطبَ الناس، وأخبرهم أنه يُريدُ تحديد المُهور، فقامتْ الشفاء بنت عبد الله وقالتْ له: لا يحِلُّ لكَ يا أمير المؤمنين، فإن…
على منهاج النُّبُوَّة ٥٦
فإني أتكشَّفُ!

قال عبد الله بن عباسٍ لتلميذه عطاء بن أبي رباح: ألا أُريكَ امرأةً من أهل الجَنَّة؟!
فقال: بلى!
قال: هذه المرأة أتَتِ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: يا رسول الله، إني أُصرَعُ، وإني أتكشَّفُ، فادعُ اللهَ لي!
فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إن شئتِ صبرتِ ولكِ الجَنَّة، وإن شئتِ دعوتُ اللهَ أن يُعافيكِ!
فقالتْ: بل أصبر، ولكني أتكشَّفُ! فادعُ اللهَ ليَ أن لا أتكشَّف!
فدعا لها.

كانتْ المرأةُ تُعاني من نوبات الصَّرع، فإذا أصابتْهَا النوبة سقطتْ أرضاً، ربما وهي في لحظةِ غيابِ وعيٍ سقطَ حجابها عن رأسها أو انكشف شيء من عورتها، فجاءتْ إلى طبيبِ القلوبِ والأبدانِ تسأله الدُّعاء، فخيَّرَها بين الشفاء فوراً، وبين أن تصبرَ والعوض الجنة، فاختارتْ الجنَّة على الفور!
وهذه حادثةٌ مخصوصةٌ بهذه المرأة، فليس للمريض أن يقعدَ في بيته ولا يطلب الشفاء عند الأطباء احتساباً للأجر، فالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم تداوى وأمرَ بالتدواي، ولكنه عرضٌ لا يُفوَّتْ، وكانتْ المرأة حاذقة فعلاً، فاختارتْ الحياة الباقية، على الحياةِ الفانيةِ التي سيزول نعيمها أو شقاؤها بالموت!

ولكني أتكشَّف! هنا مربط الفرس
لقد هانَ على المرأة نوبات الصَّرع ولكنه لم يَهُنْ عليها أن يسقطَ حجابها عن رأسها أو أن تنكشفَ عورتها، فما بال نساء المسلمين قد زهدنَ بالحجاب فسرَّحنَ شعورهن للناظرين من غير صرع! وكشفنَ الرقابَ والسواعدَ من غير مسٍّ، ولبسنَ ما تعرفون جميعاً اتباعاً للموضة، لماذا هانتْ المرأة على نفسِها عند هذا الحد؟!
هذا بالنسبة إلى غيرِ المُحجبات، أما عن حجاب التبرُّج فحدِّث ولا حرج!
الحجابُ ليس تغطية للشعر فقط، فأنتِ لستِ طباخة تخافُ أن يسقطَ شيء من شعرها في الطعام، ولستِ طبيبة وضعتْ قبعةً على رأسها في غرفة العمليات كضرورةٍ من ضروراتِ التعقيم، حتى صرنا لا نجد فرقاً بين المُحجبة وغير المُحجبة في اللباس إلا قطعة القماش التي تُغطي بها شعرها!

الحجابُ لباسٌ ساترٌ للجسد لا يَصِف ولا يَشِف وأي شرط يسقطُ فهذا ليس حجاباً، إنها عبادة هوى، تُشبه أن يُصلي المرءُ الظهرَ ثلاث ركعات! العباداتُ تكون وفق ما جاء به الشرع، أما تغطيةُ الشعرِ برقبةٍ مكشوفةٍ، أو بنطلونٍ ضيقٍ، أو كنزةٍ تُظهر المفاتن أكثر مما تسترها فهذا حجاب موضة وليس حجاب التزام!
أما عن عُطور بعض المُحجبات ومساحيق التجميل فحدِّث ولا حرج!
اتقوا الله في أنفسِكُن، وفي الشباب، وفي هذا الدين الذي تحمِلْنَه فإنكنَّ قُدوات، وتخيلنَ لو أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رأى إحداكُنَّ في حجاب الموضة هذا فماذا سيقول لها؟!

أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٥٦ فإني أتكشَّفُ! قال عبد الله بن عباسٍ لتلميذه عطاء بن أبي رباح: ألا أُريكَ امرأةً من أهل الجَنَّة؟! فقال: بلى! قال: هذه المرأة أتَتِ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: يا رسول الله، إني أُصرَعُ، وإني أتكشَّفُ، فادعُ اللهَ لي!…
على منهاج النُّبُوَّة ٥٧
ما لكِ يا أم السَّائب؟!

دخلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أمِّ السَّائب في مرضِها فقال: ما لكِ يا أُمَّ السَّائب تُزفزفين/تتحركين حركةً شديدة؟!
فقالت: الحُمى، لا بارك الله فيها!
فقال: لا تسُبِّي الحُمى فإنها تُذهِبُ خطايا بني آدم كما يُذهِبُ الكيرُ خبث الحديد!

ودخل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أعرابيٍّ يعوده، فقال له: لا بأس، طهور إن شاء الله.
فقال متعجباً: طهور! كلا بل هيَ حُمَّى تفور، على شيخ كبير، تُزيره القبور
فقال له: فنِعمَ إذاً!

إنَّ الله سُبحانه وتعالى من رحمته يبتلي المسلمَ بالمرضِ لأحدِ أسبابٍ ثلاثة:
الأول: أنه يُريدُ أن أن يُكفِّرَ عنه خطاياه التي عملها حتى يُقدمه عليه نقياً مستحقاً برحمته دخول الجنة بلا سابقة حساب ولا عذاب!

الثاني: أنه يراه قد ابتعدَ عنه، فيَبتليه بالمرضِ ليُرققَ قلبه ويُعيده إليه، فإن الإنسان إذا مرضَ انكسرَ وآبَ حينها يرفعُ عنه ما هو فيه، وللهِ المثل الأعلى ألا ترى أنَّ الراعي إذا شردتْ إحدى أغنامه عن القطيع رشقها بالحجارة فإذا عادتْ إليه أمسكَ الرَّجم عنها؟!

الثالث: أنَّ الله سُبحانه قد يكون خلقَ لعبدِه المُسلم مرتبةً عاليةً في الجنةِ لا يبلُغها بعمله في الدنيا فيبتليه بالمرض ليرفع درجته ويستحقَّ ما خُلق له!

أحسِنوا الظنَّ باللهِ، وآمنوا إيماناً لا يُخامره شكٌّ أن اللهَ سُبحانه غنيٌّ عن عذابنا، وأنه أرحم بنا من أمهاتنا، فتأدَّبوا في بلائكم، توجَّعوا بالحمد، وزيِّنوا الأنين بالاستغفار وابحثوا في أنفسكم عن أحد الأسباب الثلاثة!

إن كان لكَ ذنوبٌ ولا أحد منا إلا وله فقُلْ يا ربِّ لكَ الحمد إذ تُطهِّرني مما اقترفتُه، فإن بعض الدواء مُرْ!

وإن كنتَ ابتعدتَ بعد قُربٍ، فقل يا رب لكَ الحمدُ، ابتعدتُ عنك فلم تزهدْ بي وتُريدني أن أرجع، ها قد عدتُ!

وإن لم يكُن لك لا هذا ولا ذاك، ورأيتَ المرض أكبر من خطاياك وابتعادك، فقل له لك الحمد ربي، ظني بكَ أنكَ قد خلقتني لمرتبةٍ في الجنة لم يبلُغها عملي فأردتَ أن تجبرَ تقصيري لأنالَها!

أدهم شرقاوي
📚من عبق السيرة النبوية📚
على منهاج النُّبُوَّة ٥٧ ما لكِ يا أم السَّائب؟! دخلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أمِّ السَّائب في مرضِها فقال: ما لكِ يا أُمَّ السَّائب تُزفزفين/تتحركين حركةً شديدة؟! فقالت: الحُمى، لا بارك الله فيها! فقال: لا تسُبِّي الحُمى فإنها تُذهِبُ خطايا بني…
على منهاج النُّبُوَّة ٥٨
نافقَ حنظلة!

خرجَ حنظلة بن الربيع من بيته ضَجِراً، فلَقِيَهُ أبو بكر الصديق في الطريق وسأله: كيف أنتَ يا حنظلة؟
فقال: نافقَ حنظلة!
فقال له أبو بكر: سُبحان الله، ما تقول؟
قال: نكونُ عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُذكرنا بالجنة والنار كأننا نراها رأي العين، فإذا خرجنا من عنده عافسْنَا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً!
فقال أبو بكر: فواللهِ إنَّا لنلقى مثل هذا!
فانطلقا حتى إذا أتيا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال له حنظلة: نافقَ حنظلة يا رسول الله!
فقال له: وما ذاك؟
قال: نكون عندكَ تُذكرنا بالجنة والنار كأننا نراها رأي العين، فإذا خرجْنا من عندك عافسْنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي لصافحتْكُم الملائكة في الطرقات، لكن يا حنظلة ساعة وساعة!

تفقَّدْ قلبكَ، راقبْ دوماً مِقدارَ الإيمان والخشية فيه، تعظيمَه لحُرُماتِ الله، رأفتَه ورقتَه على خلق الله، انصياعَه للحق، حبه للدين وأهله، وكراهيتَه للكُفر وأهله، ما خرجَ حنظلة من بيته ضَجِراً إلا لأنه تفقَّدَ قلبَه فلم يجدْهُ ذاك القلب الذي يجدُهُ عند النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم! يعزُّ على المُؤمن أن يتراجعَ في الطريق إلى الله، يُؤلمه النوم كل الليل بعد أن كان يقوم منه شيئاً، ويحزُّ في قلبه أن تفوتَه صلاة الفجر في المسجد وقد كان من أهلها، يُزعجه أنه لم يعد سابقاً للخيراتِ كما كان!
تفقَّدْ قلبَكَ ولا تركنْ إلى ماضيك المشرق في الطاعة، فكم من قدمٍ زلَّتْ بعد رسوخِها، وكم من جبهةٍ فترتْ بعد طول سجود، فإن العبرة بالخواتيم!

ساعةٌ وساعة أي أن المُسلم يستحيلُ أن يبقى على وتيرةٍ واحدةٍ من العبادة، ثمة حياة عليها أن تمضي قدماً، هناك وظيفة وأكل عيش، وهناك زوجة وأولاد، وهناك أقارب وأصدقاء وجيران، وزيارات ومناسبات وهذا شيء طبيعي ومفهوم، هذا هو معنى ساعة وساعة
وإنها لا تعني أن تكون ساعة لربك وساعة لشيطانك!
ساعةٌ في المسجد وساعةٌ في الملهى الليلي، وساعةٌ بثوبِ الصلاة وساعةٌ متبرجة متعطرة، ساعةٌ تتصدَّقُ وساعةٌ تأكل الربا، ساعةٌ مع صُحبةٍ صالحةٍ وساعةٌ مع صُحبةٍ فاسدةٍ!
ساعةٌ وساعة تعني أن لا تكون في عبادة ولكنك في المُباح لا في الحرام! وحتى المُباح الذي تحتسبه عند الله هو عبادة، فزيارةُ القريبِ بنية صلة الرحم عبادة، وتحصيلُ الرزقِ بنية أكلِ الحلال والكفِّ عن سؤال الناس عبادة، هذا الدين العظيم جعل اللقمة التي يرفعُها الرجلُ إلى فمِ امرأتِه صدقة!

أدهم شرقاوي