🟤 تفسير صفحة 110

وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)
14 - وكما أخذنا على اليهود عهدًا مؤكدًا موثقًا أخذنا على الذين زَكَّوْا أنفسهم بأنهم أتباع عيسى -عليه السلام-، فتركوا العمل بجزء مما ذُكِّرُوا به، كما فعل أسلافهم من اليهود، وألقينا بينهم الخصومة والكراهة الشديدة إلى يوم القيامة، فأصبحوا متقاتلين متناحرين يُكَفِّرُ بعضهم بعضًا، وسوف يخبرهم الله بما كانوا يصنعون، ويجازيهم عليه. ولما ذكر الله أهل الكتاب وما أخذ عليهم من العهود، ونقضهم لها، أمرهم بالإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال:

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)
15 - يا أهل الكتاب من اليهود أصحاب التوراة، والنصارى أصحاب الإنجيل، قد جاءكم رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - يبين لكم الكثير مما كنتم تكتمونه من الكتاب المنزل عليكم، ويتجاوز عن كثير من ذلك مما لا مصلحة فيه إلا افتضاحكم، قد جاءكم القرآن كتابًا من عند الله، وهو نور يُسْتضاء به، وكتاب مبين لكل ما يحتاج إليه الناس في شؤونهم الدنيوية والأخروية.

يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)
16 - يهدي الله بهذا الكتاب من اتبع ما يرضيه من الإيمان والعمل الصالح إلى طُرقِ السلامة من عذاب الله، وهي الطرق الموصلة إلى الجنة، ويخرجهم من ظلمات الكفر والمعصية إلى نور الإيمان والطاعة بإذنه، ويوفقهم إلى الطريق القويم المستقيم طريق الإسلام.

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)
17 - لقد كفر القائلون من النصارى بأن الله هو المسيح عيسى بن مريم، قل لهم -أيها الرسول-: من يقدر أن يمنع الله من إهلاك المسيح عيسى بن مريم ويهلك أمه، ويهلك من في الأرض كلهم إذا أراد إهلاكهم؟! وإذا لم يقدر أحد أن يمنعه من ذلك دل ذلك على أنه لا إله إلا الله، وأن الجميع: عيسى بن مريم وأمه وسائر الخلق هم خَلْقُ الله، ولله ملك السماوات والأرض وملك ما بينهما، يخلق ما يشاء، وممن شاء خلقه: عيسى -عليه السلام-؛ فهو عبده ورسوله، والله على كل شيء قدير.

🟢 مـنْ فَـوَائِـدِ الآيَـاتِ
• تَرْك العمل بمواثيق الله وعهوده قد يوجب وقوع العداوة وإشاعة البغضاء والتنافر والتقاتل بين المخالفين لأمر الله تعالى.
• الرد على النصارى القائلين بأن الله تعالى تجسد في المسيح -عليه السلام-، وبيان كفرهم وضلال قولهم.
• من أدلة بطلان ألوهية المسيح أن الله تعالى إن أراد أن يهلك المسيح وأمه -عليه السلام- وجميع أهل الأرض فلن يستطيع أحد رده، وهذا يثبت تفرده سبحانه بالأمر وأنه لا إله غيره.
• من أدلة بطلان ألوهية المسيح أن الله تعالى يُذَكِّر بكونه تعالى {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [المائدة: 17]، فهو يخلق من الأبوين، ويخلق من أم بلا أب كعيسى -عليه السلام-، ويخلق من الجماد كحية موسى -عليه السلام-، ويخلق من رجل بلا أنثى كحواء من آدم -عليه السلام-.
🟤 تفسير صفحة 111

وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)
18 - وادَّعى كل من اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه، قل -أيها الرسول- ردًّا عليهم: لماذا يعذبكم الله بالذنوب التي ترتكبونها؟! فلو كنتم أحباءه كما زعمتم لما عذبكم بالقتل والمسخ في الدنيا، وبالنار في الآخرة؛ لأنه لا يعذب من أحب، بل أنتم بشر كسائر البشر، مَنْ أحسن منهم جازاه بالجنة، ومن أساء عاقبه بالنار، فالله يغفر لمن يشاء بفضله، ويعذب من يشاء بعدله، ولله وحده ملك السماوات والأرض وملك ما بينهما، وإليه وحده المرجع.

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)
19 - يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى، قد جاءكم رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد انقطاع من الرسل وشدة الحاجة إلى إرساله؛ لئلا تقولوا معتذرين: ما جاءنا رسول يبشرنا بثواب الله، وينذرنا عقابه، فقد جاءكم محمد - صلى الله عليه وسلم - مبشرًا بثوابه ومنذرًا عقابه، والله على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء، ومن قدرته إرسال الرسل، وخَتْمهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20)
20 - واذكر -أيها الرسول- حين قال موسى لقومه بني إسرائيل: يا قوم، اذكروا بقلوبكم وألسنتكم نعمة الله عليكم حين جعل فيكم أنبياء يدعونكم إلى الهدى، وجعلكم ملوكًا تملكون أمر أنفسكم بعد أن كنتم مملوكين مُسْتعبدين، وأعطاكم من نعمه ما لم يعط أحدًا من العالَمِين في زمانكم.

يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21)
21 - قال موسى: يا قوم، ادخلوا الأرض المطهرة: (بيت المقدس وما حوله) التي وعدكم الله بدخولها وقتال مَن فيها من الكافرين، ولا تنهزموا أمام الجبارين، فيكون مآلكم الخسران في الدنيا والآخرة.

قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22)
22 - قال له قومه: يا موسى، إن في الأرض المقدسة قومًا أولي قوة وأولي بأس شديد، وهذا يمنعنا من دخولها، فلن ندخلها ما دام هؤلاء فيها؛ لأنه لا حول لنا ولا قوة بقتالهم، فإن يخرجوا منها فإنا داخلون فيها.

قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)
23 - قال رجلان من أصحاب موسى ممن يخشون الله ويخافون عقابه، أنعم الله عليهما بالتوفيق لطاعته، يحضَّان قومهما على امتثال أمر موسى -عليه السلام-: ادخلوا على الجبابرة باب المدينة، فإذا اقتحمتم الباب، ودخلتموه فإنكم -بإذن الله- ستغلبونهم وثوقًا بسُنَّة الله بترتيب النصر على اتخاذ الأسباب من الإيمان بالله واعداد الوسائل المادية، وعلى الله وحده اعتمدوا وتوكلوا إن كنتم مؤمنين حقًّا، فالإيمان يستلزم التوكل عليه سبحانه.

🟢 مـنْ فَـوَائِـدِ الآيَـاتِ
• تعذيب الله تعالى لكفرة بني إسرائيل بالمسخ وغيره يوجب إبطال دعواهم في كونهم أبناء الله وأحباءه.
• التوكل على الله تعالى والثقة به سبب لاستنزال النصر.
• جاءت الآيات لتحذر من الأخلاق الرديئة التي كانت عند بني إسرائيل.
• الخوف من الله سبب لنزول النعم على العبد، ومن أعظمها نعمة طاعته سبحانه.
🟤 تفسير صفحة 112

قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)
24 - قال قوم موسى من بني إسرائيل مُصِرِّينَ على مخالفة أمر نبيهم موسى -عليه السلام-: إنا لن ندخل المدينة ما دام الجبارون فيها، فاذهب أنت -يا موسى- وربك فقاتلا الجبارين، أما نحن فسنبقى مقيمين في مكاننا متخلفين عن القتال معكما.

قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25)
25 - قال موسى لربه: يا رب لا سلطان لي على أحد إلا على نفسي وأخي هارون، فافصل بيننا وبين القوم الخارجين عن طاعتك وطاعة رسولك.

قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)
26 - قال الله لنبيه موسى -عليه السلام-: إن الله حرَّم دخول الأرض المقدسة على بني إسرائيل مدة أربعين سنة، يضلون هذه المدة في الصحراء حيارى لا يهتدون، فلا تأسف -يا موسى- على القوم الخارجين عن طاعة الله، فإن ما يصيبهم من عقاب هو بسبب معاصيهم وذنوبهم.

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)
27 - واقصص -أيها الرسول- على هؤلاء. الحسدة الظالمين من اليهود خبر ابْنَي آدم، وهما قابيل وهابيل، بالصدق الذي لا مرية فيه، حين قَدمَا قُرْبانًا يتقرب به كل منهما إلى الله سبحانه، فَقَبِلَ الله القُرْبان الذي قدمه هابيل؛ لأنه من أهل التقوى، ولم يقبل قربان قابيل؛ لأنه ليس من أهل التقوى، فاستنكر قابيل قبول قُرْبان هابيل حسدًا، وقال: لأقتلنك يا هابيل، فقال هابيل: إنما يقبل الله قُرْبان من اتقاه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)
28 - لئن مَدَدتَّ يدك إليّ تقصد قتلي فلست مجازيك بمثل صنيعك، ذلك ليس جبنًا مني، ولكني أخاف الله رب المخلوقات.

إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)
29 - فقال له مرهبًا: إني أريد أن ترجع بإثم قتلي ظلمًا وعدوانًا إلى آثامك السابقة، فتكون من أصحاب النار الذين يدخلونها يوم القيامة، ذلك الجزاء جزاء المعتدين، وأنا لا أريد أن أرجع بإثم قتلك فأكون منهم.

فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)
30 - فزيَّنتْ لقابيل نفسُه الأمارة بالسوء قتلَ أخيه هابيل ظلمًا فقتله، فأصبح بسبب ذلك من الناقصين أنفسهم حظوظهم في دنياهم وأخراهم.

فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)
31 - فأرسل الله غرابًا يثير الأرض أمامه ليدفن فيها غرابًا ميتًا؛ ليعلمه كيف يستر بدن أخيه، فأصبح من المتحسرين.

🟢 مـنْ فَـوَائِـدِ الآيَـاتِ
• مخالفة الرسل توجب العقاب، كما وقع لبني إسرائيل؛ إذ عاقبهم الله تعالى بالتيه.
• قصة ابني آدم ظاهرها أن أول ذنب وقع في الأرض -في ظاهر القرآن- هو الحسد والبغي، والذي أدى به للظلم وسفك الدم الحرام الموجب للخسران.
• الندامة عاقبة مرتكبي المعاصي.
• أن من سَنَّ سُنَّة قبيحة أو أشاع قبيحًا وشجَّع عليه، فإن له مثل سيئات من اتبعه على ذلك.
🟤 تفسير صفحة 113

مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)
32 - من أجل قَتْل قابيل أخاه أعلمنا بني إسرائيل أن من قَتَل نفسًا بغير سبب من قِصاص أو إفساد في الأرض بالكفر أو الحِرابة، فكأنما قتل الناس جميعًا؛ لأنه لا فرق عنده بين البريء والجاني. ومن امتنع عن قتل نفس حرَّمها الله تعالى معتقدًا حرمة قتلها ولم يقتل؛ فكأنما أحيا الناس جميعًا؛ لأن صنيعه فيه سلامتهم جميعًا، ولقد جاءت رسلُنا إلى بني إسرائيل بالحجج الواضحة والبراهين الجلية، ومع هذا فإن كثيرًا منهم متجاوزون لحدود الله بارتكاب المعاصي، ومخالفة رسلهم.

إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)
33 - ما عاقبة الذين يحاربون الله ورسوله، ويبارزونه بالعداوة والإفساد في الأرض بالقتل وأخذ الأموال وقطع الطريق؛ إلا أن يُقْتَلُوا من غير صلب، أو يقتلوا مع الصلب على خشبة ونحوها، أو تقطع يد أحدهم اليمنى مع الرجل اليسرى، ثم إن عاد قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى، أو يغرَّبوا في البلاد؛ ذلك العقاب لهم فضيحة في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم.

إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)
34 - إلا الذين تابوا من هؤلاء المحاربين من قبل قدرتكم -يا أولي الأمر- عليهم، فاعلموا أن الله غفور لهم بعد التوبة، رحيم بهم، ومن رحمته بهم إسقاط العقاب عنهم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
35 - يا أيها الذين آمنوا، اتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، واطلبوا القرب منه بأداء ما أمركم به، والبعد عما نهاكم عنه، وجاهدوا الكفار ابتغاء مرضاته؛ لعلكم تنالون ما تطلبونه، وتُجَنَّبُون ما ترهبونه إذا قمتم بذلك.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36)
36 - إن الذين كفروا بالله وبرسله، لو قُدِّرَ أن لكل منهم ملك ما في الأرض جميعًا ومثله معه فقدموه ليفكوا أنفسهم من عذاب الله يوم القيامة، ما قُبِلَ منه ذلك الفداء، ولهم عذاب مُوجع.

🟢 مـنْ فَـوَائِـدِ الآيَـاتِ
• حرمة النفس البشرية، وأن من صانها وأحياها فكأنما فعل ذلك بجميع البشر، وأن من أتلف نفسًا بشرية أو آذاها من غير حق فكأنما فعل ذلك بالناس جميعًا.
• عقوبة الذين يحاربون الله ورسوله ممن يفسدون بالقتل وانتهاب الأموال وقطع الطرف هي: القتل بلا صلب، أو مع الصلب، أو قطع الأطراف من خلاف، أو بتغريبهم من البلاد؛ وهذا على حسب ما صدر منهم.
• توبة المفسدين من المحاربين وقاطعي الطريق قبل قدرة السلطان عليهم توجب العفو.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM

مِمَّا تَحْصُلُ بِهِ الْبَرَكَةَ فِي الْوَقْتِ وَالْعَمَرَّ.

﴿كِتَابِ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾

«كُلَّمَا تَدَبَّرَ الْإِنْسَانُ هَذَا الْقُرْانَ الْعَظِيمُ، وَتَذَكَّرَ بِمَا فِيهِ، فَإِنَّهُ تَحْصُلُ لَهُ بَرَكَتُهُ عَلَيْهِ فِي عُمْرِهِ وَفِي عَمَلِهِ وَفِي يَقِينِهِ وَفِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ.

وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَأْخُذَ شَاهِدًا عَلَى هَذَا فَانْظُرْ إِلَى أَعْمَارِ مَنْ سَبَقَنَا مِنْ سَلَفَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، كَيْفَ يَحْصُلُونَ عَلَى الْخَيْرِ الْكَثِيرِ الْعَظِيمِ؟

وَنَتَعَجَّبُ كَيْفَ يَكْتُبُونَ هَذَا الشَّيْءَ وَكَيْفَ يَعْمَلُونَ هَذَا الشَّيْءَ، فَضْلًا عَنْ الْأَعْدَادِ لَهُ، وَمَا يَسْبِقُهُ مِنْ تَهْيِئَةِ ابِدَانِهِمْ، وَقُلُوبُهُمْ، وَأَفْكَارُهُمْ كُلُّ هَذَا بِبَرَكَةِ هَذَا الْقُرْانَ الْعَظِيمُ.

فَعَلَيْك أَنْ تُشَدَّ يَدَيْك بِهِ وَإِنْ تَعَضَّ عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ وَإِنْ تَعْلَمُ إِنَّك مَتَى عَمِلَتْ بِهِ فِي مَا وَجَّهَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ تَدَبُّرِ ايَاتِهِ، وَتَذْكُرُهُ، فَإِنَّك سَتَنَالُ السَّعَادَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْاخِرَةِ؛ وَأَلَّذِي نَزَعَ الْبَرَكَةِ مِنْ عَلِمْنَا أَنَّنَا لَا نَعْمَلُ بِهِ وَلَا نَتَذَكَّرَ».

[التَّعْلِيقِ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْحَسَانِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِتَفْسِيرِ الْقُرْانِ (١٦)].
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#غريب_القرآن
#سورة_المائدة
#الجزء٦

*قال الإمام الطبري -رحمه اللّٰه-:*
"إني لأعجب ممن يقرأ القرآن ولا
يفهم معانيه، كيف يتلذذ بقراءته)

🍃🟡ليس إلزاميًا للفائدة و المساعدة على فهم معاني غريب القرآن


*———○◈غريب القرآن◈○———*
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابتَغوا إِلَيهِ الوَسيلَةَ وَجاهِدوا في سَبيلِهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ [المائدة: ٣٥]

🟢 *معنى : ﴿  وَابتَغوا إِلَيهِ الوَسيلَةَ﴾  ..... 🟢
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
١_ ﴿وَمِنَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّا نَصَـٰرَىٰۤ أَخَذۡنَا مِیثَـٰقَهُمۡ فَنَسُوا۟ حَظࣰّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ فَأَغۡرَیۡنَا بَیۡنَهُمُ ٱلۡعَدَاوَةَ وَٱلۡبَغۡضَاۤءَ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ ......... ﴾ [المائدة ١٤] فَأَغۡرَیۡنَا معناها :
Anonymous Quiz
13%
وتركنا
7%
ونزعنا
79%
وألقينا
٢_ ﴿یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ قَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَكُمۡ كَثِیرࣰا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَیَعۡفُوا۟ عَن كَثِیرࣲۚ قَدۡ جَاۤءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورࣱ وَكِتَـٰبࣱ مُّبِینࣱ﴾ [المائدة ١٥]
وَیَعۡفُوا۟ عَن كَثِیرࣲ تأويلها :
Anonymous Quiz
46%
ويغفر لكم كثيرًا من ذنوبكم
43%
ويتجاوز عن كثير من ذلك مما لا مصلحة فيه إلا افتضاحكم
10%
ويترك لكم كثيرًا من كتبكم
٣_ یَهۡدِی بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَ ٰ⁠نَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ وَیُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَیَهۡدِیهِمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰ⁠طࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ﴾ [المائدة ١٦] سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ أي :
Anonymous Quiz
6%
طُرقِ السلامة من عذاب الله
10%
الطرق الموصلة إلى الجنة
84%
طُرقِ السلامة من عذاب الله، وهي الطرق الموصلة إلى الجنة
٤_﴿وقَالَتِ ٱلۡیَهُودُ وٱلنَّصَـٰرَىٰ نَحۡنُ أَبۡنَـٰۤؤُا۟ ٱللَّهِ وَأَحِبَّـٰۤؤُهُۥۚ قُلۡ فَلِمَ یُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمۖ بَلۡ أَنتُم بَشَرࣱ مِّمَّنۡ خَلَقَۚ یَغۡفِرُ لِمَن یَشَاۤءُ ویُعَذِّبُ مَن یَشَاۤءُ.......﴾ [١٨]
" فلم یعذِّبكم " العذاب المقصود
Anonymous Quiz
10%
بالقتل والمسخ في الدنيا
16%
بالنار في الآخرة
74%
كلاهما
٥_ ﴿یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ قَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةࣲ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُوا۟ مَا جَاۤءَنَا مِنۢ بَشِیرࣲ وَلَا نَذِیرࣲۖ فَقَدۡ جَاۤءَكُم بَشِیرࣱ وَنَذِیرࣱۗ ........ ﴾ [المائدة ١٩] جَاۤءَكُمۡ الضمير هنا يعود على :
Anonymous Quiz
80%
اليهود والنصارى
8%
المؤمنين
12%
كفار قريش