الحمد لله .. وبعد،
تنبيه:
مع مرور الليالي وبدء الفتور المعتاد في العشر الوسطى حيث  ذهاب جذوة البدايات؛ ستجد أن نفسك تدعوك  كل ليلة من الليالي القادمة للراحة والكسل، وتدعوك الدنيا لمشاغلك تارة ولزينتها تارة ولهمومك تارة، ويدعوك هواك لشيء من اللذة العاجلة .. يجتمع عليك هؤلاء في ليال إذا ذهبت إحداهن فلن تعود إلا بسطور مكتوبة تشاهدها يومًا تكثر فيه الحسرات!

نصيحتي لك:
مهما بلغ بك الجهد وثقلت عليك الطاعة وتمنعت نفسك؛ لا تدع ليلة من هذه الليالي تمر إلا وقد أودعتها شيئًا من العمل؛ ركعات تركعها .. صفحات من كتاب الله ..  تسبيحات  .. صلوات على رسوله.

هذه أعمال مهما بدت يسيرة فلن نَقْدرها حق قد قدرها إلا ساعة تطاير الصحائف ورجفة القلوب وذهاب الأنفس حسرات.

المهم لا تدع ليلة تذهب سدى .. فوالله لن تعود .. فارحم نفسك من حسرة الفوات.
الحمد لله .. وبعد،
المشاهد مؤلمة جدًا ما بين قصف وتجويع وتشريد، قهر فوق قهر وعجز يدمي القلوب، يحدث هذا كله في شهر يعظمه المسلمون وهذا من جملة القهر وتمامه.

في شهر رمضان كل عام كان يكفي أحدنا أحزانه وهمومه لتقصيره وقسوة قلبه وإحساسه بالإخفاق؛ أما رمضان هذا فقد اجتمع على قلوبنا الحزنان والهمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فاللهم أنزل رجزك وغضبك وعذابك على أحفاد القردة وشردهم كل مشرد
الحمد لله .. وبعد،
ثمة أناس في هذه الليالي الشريفة لا يحسنون طول القيام وتكثير الركعات وتتابع الختمات؛ بيد أنهم يحسنون الانكسار لله عز وجل.
ينكسرون بذنوب تؤرقهم وتدمي قلوبهم لا يستطيعون منها الخلاص ..ينكسرون لقسوة يجدونها في قلوبهم وأنفسهم .. يحزنهم مرور اآيات تلو الآيات على مسامعهم دون تأثر وخشوع.
يشتهون صدق الاستقامة فتأبى عليهم أنفسهم إلا حسرات المعصية.

هم الآن يحيون في محاريب الانكسار وإن قلت أعمالهم؛ يسألون ربهم أن يخلصهم مرارة الذنب فيخرجون من رمضان بقلوب غير التي دخلوا بها.
يكابدون قسوة قلوبهم ويجاهدون الليل والنهار عسى الله أن يتوب عليهم؛ فلا تستقل لحظات الانكسار  والمسكنة فإن لها عند الله شأن.
أرجو من الإخوة والأخوات عدم وضع أية روابط أو قنوات أو إعلانات في التعليقات حتى لا أضطر لغلق التعليقات.
والسبب أني أحتاج مراجعة محتوى هذه القنوات قبل السماح بنشرها ومعرفة منهج الناشرين، وهذا للأسف غير متاح لي لضيق الوقت.
لذا رجاء الالتزام بهذا.
جزيتم خيرا
الحمد لله .. وبعد،
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله: هل من شيء نقوله؟ فقد بلغت القلوب الحناجر.
قال: نعم، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا.

فاللهم استر عوراتهم وآمن روعاتهم
الحمد لله .. وبعد،
تذكير!
النياحة وقت اشتداد الكرب بالمسلمين والهلع ليس من دين الله في شيء.
وفي مثل هذه المصائب الكبرى وما يحل بإخواننا من بلاء لا يعلمه إلا الله= الأصل إحسان الظن بالله؛ واستدعاء محكمات الاعتقاد الراسخة وتثبيت المؤمنين والاستغاثة بالله لتفريج الكرب.
ولا يعني هذا أننا غير مقصرين في نصرة المستضعفين؛ لكن اجتماع الخذلان مع ضعف معاني الاعتقاد وسوء الظن بالله أقبح من مجرد الخذلان.
الحمد لله .. وبعد،
تنبيه!
إذا ما انتصف الشهر؛ فإنما هو إعلان الرحيل والتأهب للمغيب؛ فإذا انقضت أيام شطره الثاني ولياليه= ذهبت أنفس المقصرين الصادقين عليه حسرات ولات ساعة مندم.

فاللهم إنا نعوذ بك من حسرة الفوات وغبن النهايات وحرمان التوفيق
الحمد لله .. وبعد،

لعل معنا إخوة وأخوات من غزة على هذه القناة .. والحقيقة أنا أصبحت إذا ما نشرت شيئًا على القناة أنشره على استحياء إذ الصمت مع العجز أبلغ من الكلام ولكون الحديث عن غير مصابهم قد يوهم أننا نسيناهم.

ولولا أن الدعوة إلى الله ونشر ما قد ينفع الناس في مواسم الطاعات من جملة الدين المستحب لما نشرت شيئًا؛ لكن أخشى أن يكون ذلك من مداخل الشيطان؛ لذلك أنشر على استحياء ولعله خير من السكوت.
والله المستعان
الحمد لله .. وبعد،
تذكير!
لا نزال نسعى في رحلة البحث عن قلوبنا ومجابهة تلك القسوة المهيمنة عليها؛ فلا تملوا ولا يحكملنكم استبطاء لذة العبادة على اليأس والقنوط.
لا تزال السوق منصوبة والثواب عند رب كريم ولو كانت البضاعة مزجاة.
فاللهم إنا نرجو ونؤمل
الحمد لله .. وبعد،
هذه الليالي الأربع المتبقية حتى دخول العشر، من أصعب الليالي عادة على كثير من الناس.
يعترينا فيها شيء من الملل والزهادة في الطاعة، بل وقد يصيب بعضنا شيء من الحنين للمعاصي التي ألفها وفارقها منذ بداية الشهر، وعادة الناس الكسل في أواسط الشهر وذهاب جذوة الحماس.

وهذا يحتاج إلى مداراة النفس وأخذها باللين؛ فلا بأس بشيء من المباح لكن احذر المعاصي .. قاتل هذه الليالي فقط فإذا دخلت العشر ستعود لنشاطك.

حافظ على الحد الأدنى من الأوراد لا تترك التراويح ولا القرآن ولو نقص وردك.

ثباتك هذه الليالي ومجاهدة نفسك= علامة صدق يجزيك الله بها، بل قد يوفق المرء لليلة القدر بمثل هذه المجاهدة.
مرة أخرى: احذر المعاصي.

ومما يعينك على هذا كله أن تعلم أن ثمة خلقًا يرقدون هذه الساعة في قبور مظلمة يشتهون ساعة واحدة من ساعات هذه الليالي التي نزهد فيها.
مرة أخرى: قاتل هذه الليالي!
الحمد لله .. وبعد،
من الحقائق الجوهرية التي يرسخها شهر رمضان في النفوس= أن الحياة بعيدًا عن القرآن ليست بحياة؛ وأن الذين يعيشون بدون أوراد مع كتاب الله هم في الحقيقة موتى لكنهم لا يشعرون بالموات.
حينما يعتكف القلب 🌿🌿

مما يحتاجه المسلم في سيره إلى الله؛ الزاد الروحي، لأن هذا الزاد هو قِرى الروح التي تستمد منه عند الشدائد والمحن مدد الصبر والثبات والعزم.

ومن أولى الأولويات أن يكون للداعية وطالب العلم نصيب مفروض من ذلك لا يتنازل عنه أبدًا، لأن هذا من أسباب الثبات أمام الفتن، وهو سر البركة والنفع والتأثير في الغير.
وتعظم قيمة هذا الزاد إذا كان في الأوقات الفاضلة والليالي الشريفة كشهر رمضان والعشر الأواخر منه تحديدًا، يقول الرافعي مبيّنًا أثر شهر رمضان على القلب والروح: "وعجيب أن هذا الشهر الذي يدخر فيه الجسم من قراه المعنوية فيودعها مصرف روحانيته، ليجد منها عند الشدائد مدد الصبر والثبات والعزم والجلد والخشونة".

وكان الصالحون يجعلون شهر رمضان والاعتكاف في العشر الأخيرة منه زادًا للعام كله، ومددًا روحيًا لهم.
وهذا وربي صنيع الموفقين .
فما أحوج القلب إلى تنقيته من أوضار الدنيا وأكدارها، ومما يعين على ذلك (أن يعتكف القلب)، فاذا اعتكف القلب صح واستنار، وأقبلت منح الله وهباته عليه، وأصبح محلًا قابلًا للأنوار والبركات ووفود الخيرات.

وهنا رسالة لطيفة بعنوان: (حينما يعتكف القلب) للدكتور عبدالرحمن العقل، سلّطت الضوء على بعض المعالم المعينة على اعتكاف القلب وخضوعه واستكانته، وبعض الإشارات والوقفات النافعة، جدير بمن حرص عليها وعمل بها أن ينال الثمار المرجوة من الاعتكاف، علمًا بأن هذه المعالم ليست خاصة في الاعتكاف بل في العبادات أجمع .

وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، وأعاننا في هذه العشر المباركة على طاعته ومرضاته، وسلك بنا سبيل أهله وخاصته .

وهذه الرسالة بين يديك 👇🏼👇🏼
السلام عليكم
أفكر في عمل بث هنا على القناة نتكلم فيه عن العشر الأواخر، هل ترونه مناسبًا أم الأفضل الاقتصار على تسجيل صوتي مختصر أنشره هنا؟
الحمد لله .. وبعد،

تذكر أنك تدخل هذه العشر وأنت مكروب بكربتين قاسيتين ..
أما الكربة الأولى: فهي كربتك وهمك لأحوال إخوانك المشردين اذين يكابدون القصف والجوع والفزع وأنت عاجز عن نصرتهم؛ بل وتخشى عقوبة الخذلان.
وأما الكربة الثانية: فهي كربتك في نفسك ودينك بدخول أشرف ليالي الدنيا بقلب تكسوه القسوة وعين جامدة تمر بها الآيات والمواعظ فلا تستجلب دمعًا ولا خشوعًا.
كربتان تكاد الجبال تخر لهما هدًا.

ثم تذكر أن الصلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم أحد أعظم أسباب تفريج الكربات بوعد من الله ورسوله، وهذه ليلة شريفة من ليالي الصلاة عليه اجتمع فيها الشرفان؛ شرف الجمعة وشرف رمضان.

فحري بنا ألا نغفل عن كربتنا في ديننا وإخواننا والصلاة على النبي المكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم.
Audio
السلام عليكم
بخصوص لقاء الاستعداد للعشر وجدت أن غالب التعليقات تحبذ نشر كلمة مسجلة؛ لذلك سأقتصر على نشر درس قديم قام أحد الإخوة جزاه الله خيرا بتنقيحه.
تناولت فيه شيئًا من طرق استثمار هذه الليالي الشريفة.

وسأفتح مجالًا لأسئلتكم في التعليقات، وسأرد عليها بتسجيل صوتي إذا لزم الأمر.

أرجو ممن ينتوي الاستماع أن يستمع للكلمة بتركيز.
الحمد لله .. وبعد،

سأذكر في هذا المنشور شيئًا مما يعين إن شاء الله على حسن التعامل مع العشر الأواخر؛ وأخاطب أولًا كل من يجد من نفسه حزنًا على حاله وقسوة قلبه وتقصيرًا فيما مضى؛ فاصبر على طول الكلام عسى أن تنتفع بشيء منه.

01- أعظم ما تستقبل به هذه العشر: تهيئة قلبك لرحمة الله مهما بلغ تقصيرك؛ فإن هذه الليالي موضع تنزل الرحمات؛ هكذا أرادها الله عز وجل وشرفها وفضلها .. وهي أعظم ليالي الدنيا على قول جماعة من الفقهاء - وفيها خلاف مشهور ما بينها وبين العشر من ذي الحجة - لكن فيها ليلة القدر وهي أفضل ليالي الدنيا بلا نزاع.

والأصل في أيام رمضان ولياليه أنها موضع تنزل للرحمات؛ فيها  تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتُصفد الشياطين كما وردت الأحاديث الصحاح، وكان الإمام أحمد يرى إعمال هذه الأحاديث على ظاهرها دون تأويل أو صرف لمعانيها .. فإن كان هذا في سائر الشهر متحققًا؛ فالعشر آكد.


02- أفضل ما تُصرف فيه تلك الليالي= إحياؤها بالطاعة.
ولعل الأظهر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم= ترك النوم فيها بالكلية، لحديث الصحيحين :أنه صلى الله عليه وسلم أحيا فيهن الليل.
وقيل المقصود إحياء معظم الليل لا جميعه؛ لحديث السنن عن أم عبد الله عائشة في نفي قيامه صلى الله عليه وسلم ليلة حتى الصباح؛ ولعل هذا يحمل على غير ليالي العشر، وقيل غير ذلك.
والذي يبدو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحيي الليل كله بلا نوم.
ومن نام شيئًا من الليل يسيرًا ليتقوى به على سائره، فلا بأس.

03- أفضله - أعني: إحياء الليل - وأعلاه= الصلاة والتهجد.
وأفضل الصلاة قيل: طول القنوت والقراءة، ولو مع تقليل الركعات، وبه قال الشافعية وطائفة من الأحناف، وهي رواية عند الحنابلة.
وقيل: بل أفضلها تكثير الركعات والسجود ولو مع تقليل القراءة؛ للأحاديث الواردة في فضل السجود، وهو المشهور في مذهب أحمد
وقيل: هما سواء، واختاره الشيخ تقي الدين.
ومذهب الجمهور أن صلاة الليل مثنى مثنى ولا حد لأكثرها، وبه قال الأئمة الأربعة..
وتجويز الزيادة على إحدى عشرة ركعة= مذهب عامة أهل العلم، بل والجمهور على أن التراويح عشرون ركعة سوى الوتر.
وخلاصة هذه المسألة أن للمرء صلاة ما شاء في هذه الليالي الشريفة؛ فلا يحرم نفسه وكل حسب حاله ولعل تكثير الركعات أفضل.
المهم حاول تقرأ بخشوع وتأنٍ وتفكر في القراءة ولا تهتم بالكم وركز على الكيف والتفكر والتدبر.

04- أعظم لياليها قيامًا= ليلة القدر، إذ هي خير من ألف شهر.
والجمهور على وقوعها في العشر..
وأوتار العشر أرجاها، والجماهير على كونها ليلةً مبهمة والخلاف قائم في أمر تحديدها بليلة بعينها.
وجمهرة الفقهاء على تنقلها للجمع بين الأحاديث حكاه ابن رشد .. وأرجاها: ليلة السابع والعشرون وبه قال جماعة من الصحابة، وهو مشهور مذهب أحمد، ونسبه ابن حجر للجمهور.
والقول باحتمال وقوعها في الليالي الزوجية= وجيه متصور وإليه ذهب جماعة من العلماء؛ خاصة مع اكتمال الشهر ثلاثين، قاله الشيخ تقي الدين وغيره.
وبالمناسبة هذا قول له وجاهة.
وخلاصة هذه المسألة: تنازع مناطات التحقيق وتداخل الأدلة وتصورها، ومن ثم نقول: إن قيام ليال العشر كافة دون تفريق وجيه جدًا أحوط فلا تفرط في ليلة واحدة، إذ إن التعويل على قول دون غيره لن يخلو من مجازفة غير مأمونة التبعات لمن صوب ناظرية وأقام نفسه ابتغاء إدراك تلكم الليلة الشريفة..

05- ثم بعد الصلاة، الذكر أفضل الأعمال، وأعلاه القرآن، قراءة وتدبرًا.
ومذهب الجماهير أن الترتيل والتدبر ولو مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة وكثرتها .. قاله ابن الجزري وغيره.
وإن قيل الأفضل في الأزمان الفاضلة تكثير الختمات اتجه أيضًا.
والختم مستحب وكذا الدعاء عند الختمة مستحب.
ونصيحتي لك في الليل تحديدًا اهتم بالتدبر والتفكر في معاني القرآن.

06- ثم بعد الذكر الدعاء، وأعلاه وأحسنه= سؤال الله العفو؛ وفيه حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في إدراك ليلة القدر كما عند أحمد: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني.
ومرد ذلك إلى أن الكريم إذا عفا لا يتبع عفوه غضب.
والدعاء للمستضعفين من أهلنا المشردين ومعايشة كربتهم من جملة الدين المأمور به إذ هو أصل من أصول موالاة المؤمنين.


07- ويُستحب ختم القرآن في الصلاة وغيرها والدعاء عند الختمة مشروع مستحب لا بدعة..
فأما خارج الصلاة فيُستحب للخاتم جمع أهله عند الدعاء تبركًا بالقرآن، ومنه فعل أنس - رضي الله عنه -.
وفي القيام يُستحب الدعاء عند الختمة، ومنه أثر الإمام أحمد، واستدلاله بفعل أهل مكة وبينهم سفيان بن عيينه ولم ينكر عليهم، وهذا من جملة فقه أحمد - رضي الله عنه -.
وأحسنه في ظني= الجمع بين دعاء الختمة في الصلاة الثنائية عند بلوغ سورة الناس، ثم الدعاء - دعاءً منفصلًا في الوتر - وهو منصوص رواية الإمام أحمد حين أمر بذلك المروزي وهو يصلي بهم.
ويرجى من ذلك إصابة شئ من بركة القرآن، والقول بالبدعية في ذلك= غلط.
08- والاعتكاف سنة مؤكدة، في المساجد فحسب ويُشرع للرجال والنساء، ولا يصح في غير المساجد عند الجمهور.
وأعلاه اعتكاف العشر كاملة.
ولا حد لأقله عند جمهرة الفقهاء، فمن عجز عن جميعه نوى اعتكاف ما تيسر له من ساعات ودقائق المكث في المسجد.. رجلًا كان أو امرأة..

09- ويُسن للحائض إحياء الليل بالذكر والتفكر والدعاء والتعبد لله بامتثال أمره في ترك الصلاة، إذ إنها بذلك مأمورة.
ولا يجوز للحائض مس المصحف بدون حائل اتفاقًا، حكاه ابن عبد البر عن فقهاء الأمصار.
أما تناوله بحائل فجوزه جماعة، وكذلك تصفح القرآن.

والقراءة للحائض منعها الجمهور، وقال بالجواز الإمام مالك واختاره شيخ الإسلام، وهو قول حسن لا حرج بإذن الله في العمل به، خاصة في هاته الليالي الفاضلة.

10-أما الصدقة فيشهد لها حديث الشيخين: عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
ومن ثم تأكد استحبابها في هذه الأيام المباركة.

تلك عشرة كاملة جمعت فيها ما يسره الله عسى الله أن ينفعني وإياكم بها..

وختامًا..
أعمال القربات كثيرة متنوعة، والنفس تقبل وتدبر، وكل يراعي حاله، ومن أُغلِق دونه باب فليدخل من غيره.
وكل خير في تلك الليالي من بر وصلة رحم وصدقة وإطعام ومعروف= مرجو فيه الثواب والمضاعفة.
والموفق من وفقه الله، والسعيد من استعد لما أمامه وأدرك فضيلة اللحظات والساعات وأودع عند ربه الحسنات.

أقول ما ذكرت وفق خلاصة فهمي فما كان فيه من صواب فالحمد لله، والخطأ فمن فهمي وتوهمي..
وأستغفر الله على الخطأ والتقصير.

وصلى الله على نبينا محمد
الحمد لله.. وبعد،

الحالة النفسية التي تدخل بها العشر لها أثر مهم في مدي الانتفاع بهذه الليالي بإذن الله..
أنا الحقيقة لا أعلم حالة هي أنفع للمرء من الدخول على الله هنا من باب الإنكسار المقترن بالإقرار التام والاعتراف بالذنب على أن يكون ذلك ممزوجًا بالطمع في رحمة الله!
أشتهي أن أسميه دخولًا على طريقة أبي بكر الوراق عند قول الله عز وجل: [ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ]
قال أبو بكر: لو سألني لقلت: غرني كرم الكريم.

كم هي آسرة تلك العبارة: غرني كرم الكريم!
أنت هاهنا تدخل منكسرًا من هذا الباب: يا سيدي! غرني كرم الكريم فاعف عني!
يذكرني هذا بأثر أخاذ قرأته حول قول الله عز وجل: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ]
قيل: مع الذين صدقوا في الاعتراف بالذنب ولم يعتذروا بالأعذار الكاذبة.

ونحن - أعني نفسي ومن كان حاله مثلي - إذ لم نصدق في صدق الاستقامة أرجو أن نصدق في الاعتراف بالذنب ومن ثم الدخول على الله في هذه الليالي الشريفة.

وليكن شعارنا هذه الليالي: غرني كرم الكريم .. وأعترف بذنبي ..  ثم ها أنا إتيه  وأطمع في كرمه ومغفرته.
بكل بساطة أنت مذنب مفرط ترجو رحمة الله= هذه الخلاصة!

بمعنى آخر:
ماضيك أفسدته المعاصي .. حاضرك ليس فيه عمل تعول عليه .. لكن عندك أمل عظيم في رحمة الله.
وهبك الله عز وجل هذا الأمل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم - والحديث في الصحيحين - لما فتح لك أبواب الجنة وأغلق دونك أبواب النار.

ركز جدًا في هذا المعنى، وتعامل مع القرآن والصيام والقيام والدعاء وسائر القربات بهذه النفسية.

إذن مدار هذه العشر يدور على هذه الحالة:
01 - مذنب مقر بكامل جرمة، يتوب ويستغفر ويخشى ذنوبه..
02 - مسكين فقير إلى ربه الرحيم .. يرجو رحمته في الآخرة وتفريج همه في الدنيا .. والزمن زمن رحمات والمشهد مشهد مغفرة .. إذن هنا رجاء بطعم اليقين.

طيب يقين رغم كل ذنوبي التي أعلمها وقلة بضاعتي؟
نعم؛ لأن الله لا يتعامل بقوانين البشر؛ وقوانين السماء بها من الرحمة ما لا يحصيه البشر ولا تحده الحدود ولا تحيط به الظنون.
في قانون السماء قتل رجل مئة نفس ثم غفر الله له بهجرة!
في قانون السماء امرأة تحترف الفاحشة غفر الله لها بسقيا كلب!

فقط يا أخي تب إلى الله وأصدق في نيتك ثم جاهد نفسك وألزمها العمل؛ فإنما هي ساعات وتنقضي.

تذكر أمر آخر:
أنت الآن لك حاجات في دينك ودنياك تريدها ولا يملك تحقيقها إلا الله .. وأبواب السماء تكاد تستقبل الدعوات في هذه العشر بصورة مبهرة ..

عبر عن حاجاتك هذه بالدعاء كيفما شئت، ولو لم تكن تحسن الترتيب وبلاغة الكلمات؛ فالعجمة المذمومة ها هنا عجمة القلب لا عجمة اللسان
الحمد لله .. وبعد،
  ليلتنا هذه واحدة من أظهر خمس ليالي يرى جماهير الفقهاء وأئمة الدين أن ليلة القدر تتنقل بينهن.
وتصور وقوع ليلة القدر الليلة وجيه جدًا ويتسق مع جمهرة النصوص التي أبانت عن ليالي وقوع ليلة القدر.
بل ورد في ليلتنا هذه حديث خاص كما عند الشيخين: وَإِنِّي أُريْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ وَإِنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي طِينٍ وَمَاءٍ ، فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ قَامَ إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ.

وما هي إلا سويعات قليلة تمر كالطيف ثم يقبل علينا الفجر، فلا تغبن نفسك الليلة.

وتذكر كم من ليلة كهذه ضاعت منك وفرطت فيها؛ أما يكفيك حسرات مضت حتى تجمع إليها حسرة جديدة بضياع ليلة تذهب إلى غير عودة.

قم وابذل نفسك لله؛ فإن الله أحصى المتعبدين هذه الليلة وعلمهم؛ فكن واحدًا منهم.