قناة الشيخ عبدالحميد الحَجُوري الزُّعكُري
15.3K subscribers
3.15K photos
3.55K videos
671 files
25.4K links
ينشر في القناة كل ما يخص الشيخ حفظه الله من فتاوى ومقالات ومحاضرات وخطب ونصائح ودروس وكتب.
للمزيد موقع الشيخ alzoukory.com
Download Telegram
🔸🔹🔸
🔹🔹
🔸

📚 #سلسلة_الفوائد_القيمة_

▪️للشيخ أبي محمد عبد الحميد  الزعكري حفظه الله

📢 مسجد الصحابة - بالغيضة - المهرة، اليمن حرسها الله.

🗓الإثنين 10 / جمادى الآخرة / 1447 هــ

🔰 فائدة مهمة بعنوان💢 👇

*🌴التذكار بتعريف الرافضة باختصار🌴*


⌚️ المدة الزمنية: 03:12


🔗 رابط الشيخ على قناة التلجرام

https://t.me/A_lzoukory
🔹🔸🔹🔸🔹🔸

🌍 الموقع الرسمي للشيخ حفظه الله تعالى :
https://alzoukory.com/

🔗 رابط حساب الشيخ على تويتر :
https://twitter.com/A_Alzoukory?s=08

⛓️رابط الشيخ  على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCK2Lx1fToSQco2hW3tdgzOg

🔗 رابط الشيخ على الفيسبوك
https://www.facebook.com/649918028352367

📲 للانضمام إلى مجموعة الصوتيات في واتساب للشيخ حفظه الله: https://chat.whatsapp.com/Cx6R86nq7sq5lBvAZkiVtc?mode=wwt

📱مشرف المجموعة للاستفسار على واتساب : +967771662116
﴿ الدر المكنون في بيان من لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾


8/جماد الآخرة/1447 هجرية

كتبه/فضيلة الشيخ الوالد
أبي محمد عبدالحميد بن يحيى الزُّعكري حفظه الله تعالى ورعاه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن اهتدى بهداه أما بعد: فمعرفة أسباب السلامة والعمل بها سبب للسلامة وقد جعل الله عز وجل أسبابًا قدرية وأسباب شرعية للسلامة من كثير من الشرور الدينية والدنيوية كما جعل أسبابًا قدرية وشرعية لحصول الشر و الضرر على البرية فحين خلق الله آدم عليه السلام جعل من أسباب سلامته في الجنة العلية التي قال عنها ﴿'إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (١١٨)''وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (١١٩)'﴾ [سورة طه]
عدم الأكل من الشجرة ومع ذلك وسوس إليه الشيطان فقال له ﴿يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ﴾
فاطاعه آدام واكل من الشجرة فكان ما كان وحصل ما حصل كما قال الله عز وجل ﴿'فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ أي استزلهما بسبب المعصية (عنها)عن الجنة ﴿فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ من الخير العظيم والنعيم المقيم في جنة النعيم وقال الله له ﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾ وسبب توبة الله عليه رجوعه إلى الله عز وجل بعد المعصية كما قال الله عز وجل ﴿'فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ وهي قوله ﴿'قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)'﴾ [سورة الأعراف]
﴿فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾
فمن سلك مسلك آدم عليه السلام سلمَ وغَنِمْ ومن سلك مسلك الشيطان خسر وهلك

ولما كانت السلامة المطلقة بدخول الجنة والرجوع إليها كما أن الخوف المطلق في الوقوع في النيران والله المستعان
جعل الله عز و جل أسباب شرعية بها العودة إلى الجنة العلية،
وأعمها وأطهرها الإيمان والإسلام والإحسان التي هى مراتب الدين بين الله عز وجل في كتابه بيانًا شافياً كافيأ لكل ذي بصيرة ولبَّ كما قال الله عز وجل ﴿'وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ وقد جاءت في القرآن الكريم عدة من الآيات قال الله عز وجل فيها ﴿أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ أي لا خوف على ما مضى من شأنهم ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ على ما يأتي وذلك لأنهم سلكوا مسلك السلامة ﴿'الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)'﴾ [سورة الأنعام]
فالأمن المطلق بالإيمان المطلق ومطلق الأمن بمطلق الإيمان وكلٌ حجيج نفسه وما ربك بظلام للعبيد.
وأسباب السلامة يحمد لله عز وجل مستطاعة من جميع المكلفين على حسب قواهم وأحوالهم كما قال الله عز وجل ﴿'لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾
وقال الله عز وجل ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾
وهذا من رحمة الله الرحمن الرحيم بعباده المكلفين.
وسأذكر أسباب السلامة من الخوف والحزن إن شاء الله مجملة ومفصلة لعل الله أن يوفق من شاء للعمل بها والله اعلم.

الأول: الإسلام فهو دين السلامة في الدنيا والآخرة لمن عمل به
الثاني: الإيمان وهو داخل في المعنى (الأول) ولكن لمزيد بيان أن المتعين على المكلف أصلاح الجنان واللسان والجوارح والأركان تقع الزيادة لا النقصان
الثالث: اتباع الكتاب والسنة فلا عمل بالإيمان والإسلام إلا بذلك
الرابع: الإيمان باليوم الآخر لأنه سبب العمل الصالح فيكرم المؤمن ويهان المجرم كمال قال الله عز وجل ﴿'وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٩)'﴾ [سورة البقرة]
الخامس: الإخلاص لله عز وجل في طاعته والبعد عن معصيته فقد ردَّ على اليهود والنصارى قولهم ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ﴾
بشرطية ذلك فقال ﴿'بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾
السابع:الإحسان بجميع أنواع مع الله عز وجل ومع خلقه
الثامن: العلم وذلك يؤخذ من قول الله عز وجل ﴿'الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فشرطه العلم كما قال الله عز وجل ﴿'فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ فكل سبيل خير مبدؤه من العلم ولذلك كان أول ما أُنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم ﴿' اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)'﴾ [سورة العلق]
التاسع: الإنفاق في سبيل الله عز وجل مع البعد عن المنّ والأذى لما يجر إليه من حبوط الأعمال.
العاشر : طاعة الله عز وجل بالأنفاق وغيره في السر والعلن.

الحادي عشر : إقامة الصلاة المفروضة التي هي أوجب ما يكون بعد الشهادتين
الثاني عشر: إيتا الزكاة المفروضة ومعنى هذا مع ما تقدمه القيام بحق الله عز وجل وحق الناس فالصلاة حق لله عز وجل والزكاة والنفقات حق للغير وقد جمع الله بينهما كثيرًا لهذا الغرض والله أعلم.
الثالث عشر: الجهاد في سبيل الله عز وجل وما يفضي إليه من الشهادة ونحوها فهي من أعظم أسباب السلامة من الخوف والحزن حتى أن الشهيد يسلم من فتان القبر كمال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كفى ببارقة السيوف على رؤسهم فتنة» أخرجه النسائي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
الرابع عشر:الإصلاح بجميع أنواعه إصلاح الظاهر والباطن والعمل ولايتم ذلك إلا بالإخلاص والمتابعة والمسارعة إلى الخيرات والمراقبة لله عز وجل
الخامس عشر: التقوى فهي مالك كل فضيلة فضيلة والبعد عن كل رذيلة
السادس عشر: العلم بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته والعمل بمقتضى ذلك فمن عرف الله حفظه الله ومن نسي الله عز وجل وجهله أنساه الله نفسه وخذله.
السابع عشر: الإستقامة على الدين والثبات عليه إذ أن الأعمال بالخواتيم وأسباب الإنحراف كثيرة فلابد من دفعها والبعد عنها.
الثامن عشر: الإيمان بالقرآن والسنة الصحيحة ويدخل فيها الإيمان بالمغيبات وما دلت عليه أخبار الآحاديث الصحيحة مع الإستسلام لله عز وجل بالتوحيد والإنقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله
التاسع عشر: أهل الإسلام جملة وذلك من إكرام الله عز وجل لأصحاب الأعراف
العشرُون: التحاب في الله ومن أجل دين الله عز وجل هذا إجمال ما صرحت به النصوص وأما التفصيل فهيى ما تقدم والله المستعان

الحادي والعشرون: وهذا ليس إلى المكلف ولكنه إلى الله عز وجل مما كان في تقديره لعلمه بأهل السعادة من أهل الشقاوة كما قال الله عز وجل ﴿'إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)'﴾ [سورة الأنبياء] أي عن النار
﴿'لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢)''لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣)'﴾ [سورة الأنبياء]
أي لا يخيفهم الهول العظيم حين يصبح الناس من الكفار في النار وبئس القرار والله أعلم.
الثاني والعشرون: وهو أساس كل ما تقدم تحقيق التوحيد الذي هو حق الله على العبد فلا قبول ولا صلاح لأي عمل إلا به
الثالث والعشرون: العقيدة الصحيحة في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره حلوه ومره وغير ذلك من المغيبات وأمور العقيدة،
الرابع والعشرون: محبة الصحابة رضي الله عنهم وسلامة الصدور تجاههم فإن بغضهم كفر، وفسوق وأجرام وهو داخل في تصحيح العقيدة ولكن ذكرته لأهميته فقد تنوع الطعن فيهم ومن المغنيات سلامة الصدور كما قال الله عز وجل ﴿'وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾
الخامس والعشرون: تحقيق السنة ظاهرًا وباطناً ما استطاع المكلف إلى ذلك سبيلاً فإن الإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام قال الله ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾

وذلك بالإخلاص والمتابعة والله أعلم
محاضرة قيمة جداً

بعنوان:*«الدر المكنون في بيان من لا خوف عليهم ولا هم يحزنون»*

7 / جمادى الآخرة / 1447 هجرية

*لفضيلة الشيخ*
*أبي محمد عبدالحميد بن يحيى الزُّعكري حفظه الله تعالى ورعاه*

نسأل الله أن ينفع بها

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليم كثيراً
﴿'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)'﴾ [سورة آل عمران]
﴿' يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)'﴾ [سورة النساء]
﴿'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠)''يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)'﴾ [سورة الأحزاب]
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة

عباد الله كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم « اللهم إني أعوذُ بكَ منَ الهمِّ والحزَنِ»
جمع في استعاذته بين هذين الأمرين لأن الحزن يكون في الغالب على ما مضى يحزن على فراق حبيبٍ أو صديقٍ أو فوات منفعةً أو نحو ذلك والهم يكون مما يأتي يهتم لما يتخوفه ومعلوم أن الحزن وكذلك الهم قد يكون على دنيويات وقد يكون على أُخرويات ولا سلامة من مصائب ومعائب إلا بتسليم الله عز وجل للعبد فإذا سلم الله عز وجل للعبد فهو السالم وإذا أصاب الله عز وجل للعبد فلا نجاة ولا سلامة،
«واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ ، ولو اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ»
هكذا يقول نبينا صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند الترمذي وغيره،
وهم الدنيا منقطع وحزن الدنيا منقطع مهما نالك من شأن الدنيا فهو منقطع والإشكال فيما يأتي في الآخرة بدءاً بالقبر وما فيه وانتهاءاً بالنار المحرقة التي من سلم منها فهو السالم من كل بلية ومن أصيب بها فهو المصاب بكل رزية ولذلك جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال«يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ.» رواه مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

ولعظيم الحال جعل الله عز وجل أسبابًا شرعية نتقي بها الخوف والحزن ذكرها في كتابه في سور عدة وذكرت في السنة في موطن أو مواطن هذا من حيث التصريح وأما من حيث الدخول في المعنى العام فالعمل بالكتاب والسنة والدعوة إلى الكتاب والسنة فيهم السلامة من الخوف والحزن كما أن البعد عن الكتاب والسنة علماً وعملاً من أسباب الوقوع في الخوف والحزن وهذا وعد الله سبحانه وتعالى يكرره ويقرره بكتابه العظيم ﴿أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
لا خوف عليهم مما يقدمو عليه ولا هم يحزنون على مفاتهم لأنهم ينتقلون إلى خير ويعيشون في الخير وإن فاتهم شيء من أمور الدنيا لا عبرة به وإلا فقد حزن النبي صلى الله عليه وسلم وحزن أصحابه وخاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بل بلغ الخوف كما قال الله عز وجل﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ ولكن لا عبرة بهذا الخوف لأن هذا الخوف من أسباب السلامة من خوف القيامة ومن أسباب السلامة من حزن القيامة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول حين مات ولد إبراهيم «وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ»

جاءه الحزن بسبب فراق ولده وهكذا الإنسان يحزن على موت قريب أو حبيب أو صديق أو فوات أمر لكن هذا حزن منقطع والأهم أن تسلم من الخوف المستمر ومن الحزن المستمر وكما أسلفت أن الله عز وجل ذكر جملًا في كتابه لعل الله أن يهيَّئ لنا المرور عليها وهي عبارة عن قريب من ستة عشر آية أولها قال الله عز وجل﴿'قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا
يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)') [سورة البقرة]
هذه أول آية في القرآن في هذا الباب من اتبع هدى الله القرآن والسنة والعلم الذي دعت إليه الرسل وأنزلت به الكتب علم وعمل سابق وبادر،
"ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون" مفهومه أن من لم يتبع الكتاب والسنة فهم في حال خوف وفي حال حزن
فلذلك ينبغي لك إن أردت الأمان المطلق الذي وعد الله عز وجل به أن تتبع هدى الله الذي أنزله على كتبه على رسله وأنزلت به كتبه وقد نسخ شرائع المتقدمين من الرسل وبقي الشأن إلى ما أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم وجاء به محمد صلى الله عليه وسلم ويدخل في هذا المعنى ابتداءً تحقيق التوحيد وإصلاح العقيدة والمحافظة على الفرائض ابتداءً بالصلاة وما يليها وهكذا يقول الله عز وجل﴿'إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)'﴾ [سورة البقرة]
انظر إلى هذه الآية وما تضمنت من الشروط من آمن بالله ربَّ وباليوم الآخر موعداً وعمل صالحاً عمل بالكتاب والسنة واجتنب ما يخالف الكتاب والسنة لهم أجرهم ثوابهم عند ربه سبحانه وتعالى يثابون ويرزقون في الدنيا بسبب ذلك الثواب وتدخر لهم الحسنات إلى يوم القيامة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وأعظم ذلك ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون،
الله أكبر في حياتهم يأمنون وعند موتهم يبشرون وفي قبورهم ينعمون وفي آخرتهم يكرمون لأنهم حققوا الإيمان بالله عز وجل وما يتعلق به من الإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره
هذه أمور يستطيعها العربي والعجمي والرجل والمرأة ويستطيعها الحر والعبد ويستطيعها طالب العلم وغير طالب العلم يستطيعها السقيم ويستطيعها المريض ويستطيعها المعافى،
أشياء يسيرة من أتى بها لا خوفٌ عليه ولا يحزن،
وأيضًا يخبر الله عز وجل أن اليهود والنصارى قالوا قوله كاذبة ﴿ 'وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١١١)'﴾ [سورة البقرة]
لا برهان له على أنه لا يدخل الجنة إلا يهودي أو نصراني بل البرهان أن اليهودي والنصراني بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم للنار وبإس القرار
بل كما قال صلى الله عليه وسلم «و الذي نفْسُ محمدٍ بيدِهِ ، لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمةِ ، لا يهودِيٌّ ، و لا نصرانِيٌّ ، ثُمَّ يموتُ ولم يؤمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به ، إلَّا كان من أصحابِ النارِ» رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
فرد الله عليهم دعواهم ﴿'بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢)'﴾ [سورة البقرة]
السلامة من الخوف والسلامة من الحزن لمن أسلم وجهه لله استسلم لله بالتوحيد وانقاد له بالطاعة وحصل منه البراءة من الشرك وأهله وهو محسن مع الله بتوحيده ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع سنته ومع المخنوقين بكف الأذى وبذل الندى وطلاقة الوجه محسن مراقب لله عز وجل في ليله ونهاره وسره وجهاره كما فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"
فمن اتصف بهذين الوصفين العظيمين الإستسلام لله عز وجل بالتوحيد والإحسان فيما أُمر به والبعد عن الشرك والتنديد، وما يؤدي إلى غضب رب العبيد سبحانه وتعالى يكون شأنه ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
وهذه الآية وما تقدم من مثيلها إنما ذكر فيها أشمل ما يكون من الأسباب وإلا عند التفصيل يدخل تحت قول الله عز وجل
﴿مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ جميع الدين بدءا بالتوحيد وإصلاح العقيدة وحسن العبادة وحسن المعاملة وجميع الشأن،
وأيضًا يقول الله سبحانه وتعالى﴿'الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤)'﴾ [سورة البقرة]
﴿'الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢)'﴾ [سورة البقرة]
هذه مسألة أيضًا من المهمات الإنفاق في أوجه الخيرات ولذلك ذُكر هذا الشأن في ثلاث آيات في سورة البقرة أن الإنفاق في سبيل الله في أوجه الخيرات الإنفاق بالزكوات والإنفاق بالمستحبات كله من أسباب السلامة من الخوف والحزن "الذين ينفقون أموالهم" التي أُخذت من الحل واستفادوها من الحل في سبيل الله في أوجه الخير، ولو على زوجه، ولو على ولده، ولو على أبيه وأمه، ولو على الفقير، ولو على الضيف، بشرط، ﴿لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى﴾
لا يمن على الغير، ولا يُؤذِي الغير، بسبب هذه النفقة،
لأن كثيراً من الناس إذا أعطاهم الله ربما منوا على الناس، مع أنها واجبات عليهم، ربما منى على من يتعين عليه النفقة فهذا يؤزر ولا يؤجر قد قال النبي صلى الله عليه وسلم «ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذ» رواه مسلم في الصحيح عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه
وأيضًا قال الله عز وجل﴿'وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦)'﴾ [سورة المدثر]
فالمنة لله أولاً فهو الذي أعطاك وهو الذي أسداك وهو الذي وفقك وأعانك وهو الذي يقبل منك سبحانه وتعالى فإذا أنفقت في أوجه الخير احمد لله على أن الله عز وجل وفقك لهذا وبالإنفاق تسلم من شرور كثيرة
"كلُّ امْرئٍ في ظِلِّ صدَقتِه" يوم القيامة،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم،
وأيضًا يقول الله عز وجل
﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾
ينفقون في أوجه الخير ينفقون على المحتاجين ينفقون على الفقراء والمساكين ينفقون لإعلاء كلمة الله ﴿ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
أين المتصدقون؟
أين المنفقون؟
أين المبادرون والعاملون بمثل هذه الآية العظيمة؟
سراً لا يُعلم بهم حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، وعلانيه مع إخلاصهم لله عز وجل يحصل لهم الخير العظيم،
﴿لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
أموال كثير من الناس ترديهم أموالهم ﴿'وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ (١١)'﴾ [سورة الليل]
وهذا الذي أنفق في وجه الخير سلِم من الخوف وسلم من الحزن لأنه اتخذ هذا المال سبيلاً إلى مرضاة الله عز وجل سبيلاً إلى جنة الله عز وجل سبيلاً إلى المكرمات وبعدًا عن أسباب المهانات وأيضًا قال الله عز وجل ﴿'إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧)'﴾ [سورة البقرة]
إن الذين آمنوا بالله ربَّ والإيمان بالله ربَّ يستلزم العلم
﴿'إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾
يدخل فيه العلم ابتداءً ولذلك فُسرت هذه السورة ﴿' وَالْعَصْرِ (١)''إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)''إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)'﴾ [سورة العصر]

"إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ"... أي عملوا بما علموا
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ...أي أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ...على طاعة الله عز وجل وعلى ما ينوبهم ويحل بهم، الذين آمنوا بالله عز وجل واستفادوا علماً وعملاً وبادروا إلى طاعة الله عز وجل وأفضل ذلك الصلاة بعد أوجب الواجبات وهي لا إله إلا الله والصلاة من التوحيد حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم«بينَ الرجلِ وبينَ الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ»أخرجه مسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه

قال النبي صلى الله عليه وسلم «العهدُ الذي بينَنا وبينَهم الصلاةُ، فمَن تركَها فقد كفرَ» أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه

﴿'إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧)'﴾ [سورة البقرة]
"وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ".. المفروضة وهي خمس صلوات في اليوم والليلة
"وَآتَوُا الزَّكَاةَ".. المكتوبة ماذا لهم؟ لهم أجرهم عند ربهم يوم القيامة ولهم ثوابهم أيضاً في دنياهم ربما ينمي الله لهم الخير ويفتح عليهم من الخير ويمن عليهم بالخير ﴿'إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨)'﴾ [سورة الحج]
ربما مكن لهم ﴿'وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾
يُحبهم «وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ»
إلى غير ذلك من المكرمات الذي ينالها من حافظ على الصلوات والزكوات وأوامر الله عز وجل الواجبات وبادر إلى المستحبات، ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
وهكذا يقول الله عز وجل ﴿'فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠)'﴾ [سورة آل عمران]

الشهادة والجهاد لإعلاء كلمة الله من أسباب السلامة من الخوف والحزن،
ويَدخل في ذلك الجهاد باللسان،
والدفاع عن السنة والقرآن
والدعوة إلى العمل بالإيمان
والإحسان يدخل في ذلك

فاسلك سبيل المجاهدين لإعلاء كلمة الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «جاهِدوا المشرِكينَ بأموالِكُم وأنفسِكُم وألسنتِكُم» أخرجه النووي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ،
والجهاد أنواع جهاد النفس وهو أعظم الجهاد والمجاهد من جاهد نفسه في الله عز وجل
جهاد الشيطان وهو تابع لجهاد النفس فإذا لم يقع جهاد النفس وجهاد الشيطان ربما فترَّ الإنسان عن غير ذلك من الجهاد
ثم جهاد المنافقين وجهاد أهل البدع والطاعنين في دين ربّ العالمين وجهاد الكافرين إن تعين باللسان باللسان وإن تعين بالسنان بالسنان،
فرحين الشهداء فرحوا حين أدخلوا الجنة،
ومن ذلك ما حصل لعبد الله بن حرام حين كلمه الله كفاحاً، فقال: يا عبدي! تمن علي أعطك، قال: يا رب! تحييني فأقتل فيك ثانية، فقال الرب سبحانه: إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب! أبلغ عنا نبيك أن قد لقيناك فرضيت عنا ورضينا عنك
﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾
وهم على طريقهم على طريقهم بالاستقامة على طريقهم بالجهاد على طريقهم بالدعوة على طريقهم بالعلم على طريقهم بالعمل ﴿أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
لا من مات على الاستقامة والجهاد ولا من عاش ويبقى وما زال ثابتاً على الاستقامة والجهاد،
نعم عباد الله فينبغي للمسلمين أن يفرحوا وأن يستبشروا بالخير العظيم الذي يهبه الله عز وجل للمتقين ويهبُه الله للمجاهدين ويهبُه الله للشهداء والصديقين واليبادر إلى الأعمال التي تقربه من ربّ العالمين،
وهكذا يقول الله عز وجل ﴿'إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)'﴾ [سورة البقرة]
وقد تقدم مثيلها في سورة البقرة وما كررها الله عز وجل إلا لتقرير معناها وأن الإيمان بالله والعمل الصالح والإيمان باليوم الآخر،
من أسباب الرفعة
ومن أسباب السعادة
ومن أسباب السلامة من الخوف والحزن،
وهي من أسباب البشارات العظيمات التي ينالها المؤمنون والمسلمون في حياتهم الدنيا وفي الآخرة أعظم وأوفر ما كان
وهكذا يقول الله عز وجل ﴿'وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۖ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨)'﴾ [سورة الأنعام]
وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم فمن آمن بالله وآمن برسُل الله وأصلح لا يكفي أن تقول أنا مؤمن ثم تسلك سُبل الفساد كما هو حال كثير من الأمة الآن يقول( لا إله إلا الله)
وقد سلك مسلك المشركين يقول (لا إله إلا الله محمد رسول الله ) وقد سلك مسلك المنافقين يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وقد سلك مسلك الكافرين ذاك بطعنه في الصحابة وبتكذيبه للقرآن وبطعنه في أم المؤمنين،
وذاك بعبادة القبور وصرف حق الله لها،
وذاك بترك الصلاة،
وذاك بالطعن في القرآن ورد السنة إلى غير ذلك،
والشرط أنه من آمن وأصلح أصلح ظاهره بالعبادات الظاهرة، وأصلح باطنه بالاعتقادات الصحيحة، فمن فعل ذلك﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
وانظروا إلى هذه الشروط العظيمة، وهذه المؤكدات الجسيمة لعلم الله، أنه سيكون في الأمة من يدعي الإيمان بالله، بل يدعي الولاية لله، بل يدعي الإيمان برسول الله والمتابع له، وهو على غير هداه، فاشترط عليهم الإيمان، وهو العلم النافع، والعمل الصالح، والإنقياد، وأصلح ظاهره وباطنه بالعقائد الصحيحة، وبالأفعال الصحيحة، فهنا "لا خوفٌ
عليهم ولا هم يحزنون" أما أن ترى عابد قبر يقول لك (أنا مؤمن) هذا ما هو مؤمن،
وهكذا ساب للصحابة متعرض لهم مكفر لهم أو طاعن في أم المؤمنين أو ناكر للسنة،
سنة النبي عليه الصلاة والسلام ويقول (أنا مؤمن) ما هو مؤمن لأنه وإن نطق بالإيمان لم يقع منه الإصلاح نعم،
وهكذا يقول الله عز وجل﴿'يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ۙ فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥)'﴾ [سورة الأعراف]

اتقى.. التقوى بفعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور فمن اتقى الله عز وجل بفعل المأمورات ابتداءً من التوحيد وما دون التوحيد إلى إزالة الأذى عن الطريق نعم "فمن اتقى وأصلح" أيضًا الإصلاح على ما تقدم بيانه إصلاح الظاهر، وإصلاح الباطل إصلاح الأعمال، وإصلاح الأقوال فهنا "لاخوفٌ عليهم ولا هم يحزنون" كما قال الله عز وجل﴿'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠)''يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)'﴾ [سورة الأحزاب]

فالإيمان والتقوى مع الإصلاح من أعظم أسباب السلامة من الحزن ومن الخوف فما على المسلم إلا أن يتقي الله عز وجل ويبادر ويعمل بهذه الأمور اليسيرة في شأنها العظيمة في بركتها أعمال غير مكلفة قال الله عز وجل﴿'لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾
لا يكلف الله نفسه إلا ما أتاها فبادر واعمل وشمر وسارع تجد بركة هذه الأعمال ويقول الله عز وجل أيضًا ﴿'أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ۚ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٤٩)'﴾ [سورة الأعراف]
هؤلاء أصحاب الأعراف أصحاب إيمان أصحاب إسلام وإن كان عندهم نوع قصور انظروا إلى عظيم بركة الإسلام والإيمان أصحاب الأعراف قومٌ حبسوا بين الجنة وبين النار والسبب تساوت حسناتهم وسيئاتهم فلم يدخلوا النار ولم يدخلوا الجنة وعند ذلك تفضل الله عز وجل عليهم وأكرمهم وخاطب أهل النار ﴿أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ﴾
زعمتم ذلك ثم خاطب أصحاب الأعراف ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾
لأن من دخل الجنة ينعم لا يبأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه وكما قال صلى الله عليه وسلم« ينادى مُنادٍ : إنَّ لكم أن تَصِحُّوا فلا تسقَموا أبدًا ، و إنَّ لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا ، و إنَّ لكم أن تشِبُّوا فلا تهرَموا أبدًا ، و أنَّ لكم أن تنعَموا فلا تبْأسوا أبدًا»أخرجه مسلم، والترمذي ، وأحمد باختلاف يسير.عن أبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنهما
يزيل الله عز وجل أسباب الحزن وأسباب الخوف حين دخول المؤمنين الجنة ﴿'وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (٤٧)'﴾ [سورة الحجر]
وهكذا من أوضح وأشهر الآيات ما قاله الله عز وجل في (سورة يونس) ﴿'أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)'الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)'﴾ [سورة يونس]
هذه الآية يحفظها الكثير الكثير من المسلمين بل ربما يدعي هذه الولاية من ليس من أهلها وهنا ربنا عز وجل يقول﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾

بدآ ببشارتهم وثنى باشتراط صفاتهم ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾
ولذلك قال الشيخ الإسلام وغيره (من كان لله تقيا كان لله وليا) فلا يصل الرجل وكذا المرأة إلى ولاية الله سبحانه وتعالى إلا بتقواه والإيمان به الإيمان به وبأسمائه وبصفاته وبأفعاله وبجميع ما يكون منه تعالى الإيمان بأنه على عرشه استوى وأنه ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل وأنه يرضى ويغضب ويسخط كما يليق بي جلاله وأنه عالٍ على خلقه وأنه موصوف بالوجه العظيم ﴿'وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)'﴾ [سورة الرحمن]
وموصوف بيديه العظيمتين وموصوف بكذلك القبض والبسط والأخذ والإعطى وموصوف بأنه "فعال لما يريد" لابد من تحقيق هذا الباب العظيم باب الإيمان بالأسماء والصفات وأن أسماءه غير داخلة تحت حصر معلوم لنا وأن صفاته كذلك ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾

﴿'لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣)''وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)'﴾ [سورة الإخلاص]
ومع إيمانهم يتقون الله عز وجل يراقبونه في السراء والضراء وفي الشدة والرخاء ويعملون بأمره وينتهون عن نهيه وزجره،
فهذا أعظم سبيل من أسباب السلامة أن تكون لله ولياً وجميع المسلمين أولياء الله بين مستقل ومستكثر فالولاية تزيد وتنقص،
وهكذا قيل في أهل السنة أهل السنة ماذا ﴿فُسَّاق أهل السنة أولياء الله وعباد أهل البدعة أعداء الله﴾
نعم وهكذا يقول الله سبحانه وتعالى في بيان الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴿ 'وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١)'﴾ [سورة الزمر]
وينجي الله.. من العذاب من الخزي من المهانة من الذل من جميع الشرور،
كما قال الله عز وجل ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾

من الذي ينجو من الخوف والحزن والسوء ﴿ 'وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾
يكرّر التقوى في أسباب السلامة من الحزن والخوف لأن التقوى إذا أفردت شملت أعمال البِر وشملت ترك المحظورات أما إذا قُرنت بالبر فالتقوى ترك المحظور والبِر فعل المأمور وهنا ذكر الله عز وجل التقوى مجرده عن البِر فأخبر الله أنه ينجي الذين اتقوا بفعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور "لا يمسهم سوء ولا هم يحزنون"
وهكذا يقول الله عز وجل﴿'إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)''نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١)'﴾ [سورة فصلت]
هذه البشارة حين قبض روح المؤمن وأيضًا لا يمنع أنها حين بعث المؤمن ،
إن الذين قالوا ربنا الله.. آمنوا بالله ربَّ بأسمائه وصفاته وأفعاله وأفردوه بالعبادة وحققوا توحيده وآمنوا بكتبه ورسله وآمنوا بجميع ما كان من أمره ونهيه إلى غير ذلك "قالوا ربنا الله"... ليس قولاً مجرداً ولكن بالقول والفعل مع الإعتقاد وإلا لما انتفعوا بها كما قال الله عز وجل على المنافقين ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾
هم قالوا محمد رسول الله قال الله كاذبون لماذا؟ لأنهم لم يعتقدوا بالقلب فهنا حين يقول الله عز وجل ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ﴾
آمنوا بالله ربَّ بالقول وبالفعل وبالإعتقال ولم يكن قولاً مجردا "ثم استقاموا" ثبتوا على الإيمان وعلى الإسلام وعلى السنة ثبتوا وعملوا لأن كثير من الناس يقول آمنت بالله ويذهب إلى غير طاعة الله بل ربما يذهب إلى الشركيات ربما يذهب إلى الكبائر والذنوب ربما يتحمل العظائم لكن شرطها الله عز وجل بما تقدم ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ عند موتهم كما في حديث الاحتضار وكذلك لا يمنع أن لا يكون في الآخرة ﴿أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا﴾
بالفضل العظيم والخير العميم ومنه الجنة ﴿الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾
فهي أعظم ما وعد الله عز وجل به المتقين ﴿'لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣)'﴾ [سورة الواقعة]

﴿'لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (٣٥)'﴾ [سورة ق]
وأعظمه النظر إلى وجه الله عز وجل﴿'لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ هي النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى،
وهكذا يقول الله سبحانه وتعالى ﴿'يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨)'الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩)'﴾ [سورة الزخرف]

من أسباب السلامة من الخوف والحزن هو الإسلام الإستسلام لله بالتوحيد والإنقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك الإسلام الذي هو دين الله في الأرض والسماء ﴿'إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾
الإسلام: الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم«- قد أفلح من أسلَم و رُزِقَ كفافًا ، و قَنَّعَه اللهُ بما آتاه»أخرجه مسلم عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما
الإسلام الذي قال الله عز وجل ﴿'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾
الإسلام الذي قال الله عز وجل ﴿'وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)'﴾ [سورة آل عمران]
﴿'الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩)'﴾ [سورة الزخرف]
آمنوا بالقرآن وما تضمنه القرآن من باب الأسماء والصفات ومن باب المغيبات ومن باب فضائل الصحابة ومن باب الأوامر ومن باب النواهي "آمنوا بآياتنا" ولم يكن الإيمان مجرد عن الفعل "وكانوا مسلمين" كانوا مستسلمين وعاملين ومنقادين فدخلوا في هذه البشارة العظيمة من الرب سبحانه وتعالى،
وهكذا قال الله عز وجل﴿'إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣)'﴾ [سورة الأحقاف]
كرر الله عز وجل هذه الآية لأهمية الإيمان بالله عز وجل وأهمية الاستقامة والثبات على ذلك ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقول" يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب" هذا مجموع ما ذُكر في القرآن من هذه الآيات التي فيها التصريح بالسلامة من الخوف والسلامة من الحزن وأما ما يدل على هذا المعنى فجميع آيات القرآن التي فيها الوعد للمؤمنين بالخير العظيم دالة على هذا المعنى والله عز وجل له الحجة البالغة والحجة الدامغة حيث يبين أسباب سعادة المسلمين بما هو نصاً وبما هو ظاهراً وبما هو غير ذلك من البيان وهكذا جاء في السنة عدة أحاديث وكلها دالة على معنى واحد ما تضمنه حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في صحيح أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال«إنَّ مِن عبادِ اللهِ لَأُناسًا ما هم بأنبياءَ ولا شُهداءَ، يغبِطُهم الأنبياءُ والشُّهداءُ يومَ القيامةِ بمكانِهم مِن اللهِ تعالى، قالوا: يا رسولَ اللهِ، تُخبِرُنا مَن هم؟ قال: هم قومٌ تحابُّوا برُوحِ اللهِ على غيرِ أرحامٍ بَيْنَهم، ولا أموالٍ يتعاطَوْنَها، فواللهِ إنَّ وجوهَهم لَنُورٌ، وإنَّهم على نُورٍ، لا يخافونَ إذا خاف النَّاسُ، ولا يحزَنونَ إذا حزِن النَّاسُ، وقرَأ هذه الآيةَ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]

عباد الله إن هذه الصفة العظيمة التحاب في الله من أعظم أسباب سعادة المسلمين في دنياهم وأخراهم ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم «ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مِمَّا سِواهُما، وأنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ، وأنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ؛ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى في النارِ»أخرجه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه

سعادة في الدنيا وحلاوة في الدنيا يجدها من كان محبًا لله عز وجل ومحبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان محبًا للمؤمنين يحبهم لطاعتهم لله عز وجل وإذا أبغض بسبب معصية الله عز وجل وهكذا يكره أن يعود في الكفر بعد أن انقذه الله منه كما يكره أن يقذف بالنار،
وهؤلاء قوم تحابوا بنور الله من غير أنساب بينهم لا أب ولا أخ ولا ابن عم ولا ابن خال ولا أرحام وإنما تحبوا جمعهم الكتاب والسنة والمحبة فيهما وهنيئا لمن سلك هذا المسلك العظيم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه "المتحبون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي" أو كما قال صلى الله عليه وسلم هذه كلمة مختصرة عن هذه الأمور العظيمة التي هي من أسباب السلامة من الخوف والحزن وهي مجملة في أركان الإيمان وفي أركان الإسلام وفي ركن الإحسان التي تضمنه حديث عمر رضي الله عنه الذي افتتح به الإمام مسلم صحيحه الإيمان: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"
من حقق هذا (لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون)
الإسلام: "أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا"
من حقق هذا (لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون)
الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"
من حقق هذا والتزم الطاعات والمبرات (لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون)
وما ذكر من أمور غير ما تضمنه الحديث فهو داخل في الحديث إما في معناه وإما في مبناه سواء الإيمان أو التقوى أو الإصلاح أو الإحسان أو الاستسلام أو الإنفاق أو إقام الصلاة أو إيتاء الزكاة أو الاستقامة والثبات وغير ذلك بما ذكر وأشكر الله عز وجل الذي أعانني ويسر هذه الكلمة

وأسأل الله عز وجل أن ينفع بها من سمعها من عباده أو من يقرأها "إن شاء الله" إنه ولي ذلك والقادر عليه وجزا الله أخانا الشيخ المبارك صادق القاضي خير الجزاء على حسن الاستقبال والترحاب والإعداد لمثل هذا الجمع الطيب المبارك
وجزا الله جميع الحاضرين خيرا على حسن الاستماع وحسن الإنصات ومرحبًا كذلك
بضيفنا الآخ العزيز محسن الجعشني الداعي إلى الله الذي رزقه الله عز وجل ما رزقه من أسلوب يفيد به من شاء الله عز وجل من عباده ولعله أن يتم ما لم نُشير إليه.
وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك،

✍🏻 *فرغها/ يونـس القـاضي غفر الله له ولوالديه*